رسالة في حجية الظن

رسالة في حجية الظن

المؤلف:


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢١

بسم الله الرّحمن الرّحيم ومنه سبحانه الاستعانة للتتميم

وبعد فهذه رسالة فى حجيّة الظن وهذه المسألة من المهام ولم يتفق عنوانها الّا فى قرب من هذه الايّام وقد اعيى وعورها قرائح الاعلام واعقم عياصها انظار ذوى الافهام وكم زلت وازلت فيها ثوابت الاقدام والطّاهر انّه لم يتفق فى العلوم النقليّة ما كان مقامه هذا المقام وكانها صارت فنا مخصوصا بتتالى الكلام فلا بدّ فيها من تمام الاهتمام والاهتمام التمام باتمام النقض والابرام واكمال تعميق النّظر فى باب المرام وعلى الله التوكّل وبه الاعتصام عن سخائف الاوهام وينبغى رسم مقدّمات ينجلى بها عن وجهة المقصود غياهب الظّلام الاولى فى المقصود بالحجيّة ويبتنى الكلام فيه على الكلام فى الاحكام الوضعيّة فنقول انّه قد اختلف تارة فى اصل ثبوت الاحكام الوضعيّة واخرى فى امور من حيث كونها من الاحكام الوضعيّة فجرى جماعة على رجوع الاحكام المشار اليها الى الاحكام الخمسة كالسّيّد الداماد فى السّبع الشداد بل جعله مختار المحصّلين والعلّامة السّبزوارى والعلّامة الخوانسارى وهو المنصرح من الشّهيد فى الذكرى وصاحب المعالم فى بعض كلماته والسّيّد الصّدر بل حكى الاخير استقرار راى المحصّلين عليه وجرى جماعة اخرى على كونها احكاما مستقلة بذاتها كالعلّامة فى النّهاية والتّهذيب والشّهيدين فى القواعد والتمهيد وهو يلوح من صاحب المعالم فى بعض آخر من كلماته وينصرح من الفاضل التّونى وهو ظاهر الحاجبيين وصرّح شيخنا البهائى فى الزّبدة بانّها ليست احكاما اصلا قال والوضعى ليس بحكم بل مستلزم له وصرح فى التعليقات بانها علامات والحق ثبوتها مستقلة بذاتها على ما حرّرناه فى الاصول إلّا انها قليل المصداق حيث ان المدار فيها على استعمال اللّفظ فى كلام الله سبحانه او نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله او بعض اوصياء نبيّه سلام الله عليهم اجمعين فى معنى مخترع كالنجاسة بناء على استعمالها فى المعنى المخترع والّا فلا يكون من الاحكام الوضعيّة ومن هذا الاشكال من صاحب المدارك والفاضل الخوانساري فى تعليقات الرّوضة والسّيّد السّند العلى فى الرّياض تبعا للمقدّس نقلا فى دلالة فى قوله سبحانه انّما المشركون نجس على نجاسة الكفّار بالمعنى المعروف نظرا الى انّ النّجاسة بمعنى القذارة ولم يثبّت تطرق الحقيقة الشّرعية عليها وعلى ذلك المنوال قال الطّهارة بناء على عدم الاستعمال فى المعنى اللّغوى ولا فى عدم النّجاسة كما هو مقتضى الاستدلال باصالة الطهارة فيما اشتبه حكمه الشّرعى طهارة ونجاسة بل الاستعمال فى معنى وجودىّ مخترع كما جرى عليه فى الذخيرة ولذا انكر اصالة الطّهارة بتقريب ان كلا من الطّهارة والنّجاسة حكم وجودىّ لا بدّ ان يثبّت من الشارع

١

بالدليل ويرشد الى ذلك جعل الطهارة شرطا للصّلاة ابعد اطلاق الشرط على الامر العدمى إلّا ان يكون من قبيل اطلاق الشرط على اباحة الماء او المكان بناء على كون الامر من باب ممانعة الغصب لا اشتراط الاباحة ويرشد الى ذلك الاستقراء فى الاخبار فى ابواب الطهارة والنجاسة كما ياتى ويمكن ان يقال انه يكفى فى اختراع المعنى فى الطهارة استعمالها فى عدم النجاسة ولا حاجة فى الاستعمال فى المعنى المخترع الى الاستعمال فى معنى وجودىّ والدليل على استعمال النجاسة والطهارة فى المعنى المخترع هو قضيته المنصب حيث ان منصب الشّارع وآخرا به يقتضى بيان الموضوعات الشرعيّة او الاحكام الشرعيّة ومن ذلك انه لو وقع الحمل فى الاخبار فلو كان الموضوع فردا للمحمول شرعا كما هو الحال لو كان المحمول من المعانى المخترعة كما لو قيل الارتماس فى الماء دفعة غسل وايماء الاخرس واشارته صلاة ونيّة الامساك مع الاكل سهوا صوم الى غير ذلك فيبنى عليه ولا اشكال ولو تردّد الامر بين فرديّة الموضوع للمحمول لغة او شرعا كما فى الاثنان وما فوقهما جماعة حيث انه يحتمل ان يكون المقصود به كون الاثنين وما فوقهما مصداقا لهيئة الجمع او مادّته لغة ويحتمل ان يكون المقصود به كون الاثنين وما فوقهما مصداقا لصلاة الجماعة شرعا فلا بدّ من البناء على الاخير كما انه لو تردّد الامر بين الفرديّة لغة والتشبيه شرعا فالظّاهر الاخير فضلا عما لو تعذّر الفرديّة لغة وشرعا كما فى الطّواف بالبيت صلاة فانه يتعيّن الحمل على التشبيه شرعا وربما مثل ذلك فى بحث تعارض الاحوال لدوران الامر بين الاشتراك والنقل وفرع عليه اشتراط الطواف بالطهارة بناء على النقل دون الاشتراك وقد زيفناه فى الرّسالة المعمولة فى الشك فى الجزئية والشّرطية والمانعية للعبادة وقد يتردّد الامر بين الفرديّة شرعا والتشبيه شرعا فالظّاهر الاوّل والثّمرة ثبوت جميع احكام المحمول للموضوع مع التفاوت فى الظهور بناء على الفرديّة وثبوت خصوص الاحكام الظّاهرة بناء على الفرديّة وثبوت خصوص الاحكام الظاهرة بناء على اختلاف الاحكام فى الظهور والخفاء بناء على التشبيه وامّا بناء على مساواة الاحكام فى الظهور والخفاء فلا رجحان للحمل على التشبيه ويمكن ان يقال ان الألفاظ المستعملة فى الكتاب فى المعنى المخترع بالنّسبة الى الالفاظ المستعملة فى المعانى اللغويّة فى بيان الامور العادية على وجه الحقيقة او المجاز كشعره بيضاء فى بقرة سوداء فكيف يقتضى المنصب حمل الحمل على الفرديّة شرعا او التشبيه الشّرعى عند تردّد الامر بين الفرديّة اللغويّة والفرديّة الشرعيّة والتشبيه الشّرعى نعم بيان الامر اللّغوى وشرح معنى اللفظ نادر او منعدم فى الاخبار بعد انعدامه فى الكتاب الا فيما يترتب عليه الحكم الشّرعى كما فى تعريف الكر بوجوه مختلفة فى اخبار متعدّدة وقد ذكر فى توجيه بعضها ستة وجوه وتعريف الحيض بدم عبيط حار اسود له دفع وحرارة وتعريف النّفاس بحيض احتبس لغذاء الولد وتعريف الاستحاضة بدم اصفر بارد وتعريف تغيّر ماء البئر بالصّفرة وتعريف الغليان فى باب العصير بالقلب وتعريف الوجه المامور بغسله فى الوضوء بما دارت عليه الوسطى والابهام من قصاص الشّعر الى الذقن لو كان الغرض تحديد ذات الوجه لا تحديد غسله وتعريف الكعب بقبة القدم وبوضع اليد على ظهر القدم فيما روى عن ابى جعفر عليه السّلم من وضعه اليد على ظهر القدم فى الجواب عن السّؤال عن الكعب هو القبّة وتعريف الكعب بالمفصل فيما روى عن ابى جعفر على اختلاف الخبرين فى الجواب عن السّئوال عن الكعب بقوله عليه السّلم هاهنا اشارة الى المفصل وتعريف الجار كما فى خبر مرويين فى اصول الكافى فى باب حدّ الجوار باربعين دارا من كلّ جانب من بين اليدين والخلف واليمين والشمال وتعريف كثرة السّهو فى الصّلاة بان يسهو فى كل ثلث سواء كان الغرض ان يسهو فى كلّ ثلث ثلث من الصّلوات كما قيل بمعنى ان لا يخلو ثلث صلوات منه عن سهو فيسهو فى تسع صلوات ثلاثة سهاء فالتعميم فى افراد الثلث وهى افراد الصّلاة او كان الغرض ان يسهو ثلاثا فى كل واحد من ثلث صلوات بمعنى ان لا يخلو صلاة منه عن سهو فيسهو فى ثلث صلوات ثلثه سهاء فالتعميم فى اجزاء الصّلاة وهى افراد الصّلاة او كان الغرض ان يسهو ثلاثا فى صلاة كما احتمل بل هو المحكىّ عن جماعة بمعنى ان لا يخلو صلاة منه عن ثلاثة سها فيسهو فى صلاة واحدة ثلاثة سهاء فالتعميم فى اجزاء الثلث وتعريف

٢

الاستيطان فى الضيعة الموجب للاتمام بان يكون له بها منزل يقيم فيه ستة اشهر وتعريف العيب بما زاد على الخلقة او نقص ومن هذا القبيل الحديث المعروف الفقاع خمر استصغره الناس بناء على كونه من باب شرح معنى اللفظ كما جرى عليه الفاضل الخاجوئى لا التشبيه كما لعله المشهور فى الاواخر بل استدل به فى بحث منزوحات البئر على وجوب نزح الجميع للفقاع حملا للحمل على الفردية لغة اى كون الغرض شرح معنى اللفظ واورد عليه فى المدارك والمعالم بان الاستعمال اعمّ من الحقيقة وكذا ما اورد من ان كلّ مسكر خمر بناء على ما استدلّ به معظم الاصحاب كما نقله فى المدارك على وجوب نزح الجميع لسائر المسكرات غير العصير العنبى ايضا حملا للحمل على الفرديّة لغة ايضا واورد عليه فى المدارك والمعالم ايضا بان الاستعمال اعم من الحقيقة وكل من الاستدلال والايراد فيه وفيما قبله مورد الايراد وقد حرّرنا الحال فى الرسالة المعمولة فى الشكّ فى الجزئية والشرطية والمانعية للعبادة بل نقول ان غالب الاخبار فى بيان الاحكام الشرعيّة لكن يمكن القول بان اكثر ممّا درأت ارباب العصمة كان فى بيان الامور العادية وان امكن منعه لكن لا اشكال فى ان اكثر الفاظ الكتاب وكذا اكثر الفاظ الاخبار وكذا اكثر الفاظ ارباب العصمة فى فى المحاورات فى اليوم والليلة من باب الاستعمال فى المعنى اللغوى ولو كانت فى بيان الاحكام الشرعيّة ومن هذا يظهر ضعف ما يظهر من جماعة من انه لو تعارض خبران وكان مدلول احدهما لغويّا وكان مدلول الآخر شرعيّا يقدم الاخير نظرا الى ان الظّاهر ان تكلم المعصوم كان بالوضع الشرعى لغلبة التكلم بالوضع الشّرعى لغلبة التكلم بالوضع الشرعى على التكلم بالوضع اللغوى لما عرفت من ان اكثر الفاظ الاخبار واكثر الفاظ محاورات ارباب العصمة كان على وفق الوضع اللغوى نعم لو دار الامر بين العدول عن المعنى اللغوى والعدول عن المعنى الشرعى فالظاهر الاوّل لندرة العدول عن المعنى الشّرعى فيما كان له حقيقة شرعيّة بالنّسبة الى العدول عن المعنى اللغوى لكثرة المجازات وكثرة الاستعمال فى المعانى المخترعة شخصا وان قل انواعها فليس حمل قوله سبحانه انما المشركون نجس على النجاسة اللغويّة حملا للفظ على خلاف الظّاهر وخلاف ما يقتضيه المنصب وكذا الحال فى حمل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله الاثنان وما فوقهما جماعة على بيان اقل الجمع مادّة او هيئة إلّا انه يستلزم شرح المعنى اللغوى وقد سمعت انه نادر او منعدم فيما لا يترتب عليه الحكم الشّرعى وهو امر آخر غير استعمال اللّفظ فى المعنى قد يتفق معه لكن نقول ان الاستقراء فى الاخبار فى ابواب الطهارة والنجاسة يقضى قضاء مبرما بكون المستعمل فيه من باب المعنى المخترع حتى فى الطهارة والظّاهر انها من باب الامر الوجودى فنقول انه لو ثبت الاستعمال فى المعنى المخترع فيدور الامر بين كون النجاسة حكما مستقلا وكونها راجعة الى الحكم التكليفى لكن ارجاع الحكم الوضعى الى الحكم التّكليفى لو اتجه انما يتّجه فى التعليقيات كسببيّة الدلوك لوجوب الصّلاة بارجاعه الى وجوب الصّلاة عند الدلوك بكون حاصل الغرض من القضيّة الاولى متحدا مع حاصل الغرض من القضيّة الثانية وان كانت القضيّتان المذكورتان مختلفتان بحسب الظاهر لاختلاف الموضوع والمحمول لكن النّجاسة لها احكام تكليفيّة متعدّدة كعدم جواز بيع النجس وعدم جواز الصّلاة مع اللباس النجس وعدم جواز السّجود على النجس ووجوب ازالة النجاسة عن المساجد والمصاحف ونحوها ولا مجال لاستعمال القضيّة الواحدة فى القضايا المتعدّدة للزوم استعمال اللّفظ الواحد فى اكثر من معنى واحد على تقدير الجواز وان كان مقتضى كلام المحقق الخوانسارى فى باب الاستدلال على اصالة الطّهارة فيما اشتبه حكمه الشرعى طهارة ونجاسة هو كون الاصل الطهارة بواسطة رجوع النجاسة الى التكاليف متعدّدة للاصل حيث انه استدل بانّ النجاسة ترجع الى وجوب الاجتناب عن موصوفها فى الاكل والشّرب ونحوهما من الاستعمالات وكذا وجوب الاجتناب عنه فى الصّلاة ونحوها من العبادات المشروطة بالطّهارة ووجوب ازالتها عن المصاحف والمساجد ونحوها والاصل عدم الوجوب وضعفه ظاهر وان قلت انّ غرضه ان النجاسة راجعة الى وجوب الاجتناب باقسام مختلفة فالمرجع الى امر واحد قلت انّ وجوب الاجتناب غير وجوب الازالة كما ان حرمة البيع امر ثالث فلا يتّحد المرجع وعلى اىّ حال فالقول بالحكم الوضعى انّما تاتى من قضاء الضّرورة فيما لم يثبت فيه الاستعمال فى المعنى المخترع فى كلام الشّارع وأحزابه فلا يثبت الحكم الوضعى مثلا لو ورد فى الاخبار ان الركوع جزء الصّلاة فالجزء مستعمل فى المعنى اللّغوى الا ان مصداقه شرعى بمعنى ان جعله مصداقا

٣

للمعنى اللغوى مستند الى الشارع كما ان الزعفران مثلا لو جعله الطبيب جزء معجون فكونه جزء للمعجون بجعل الطبيب الا ان الجزئيّة بالمعنى اللّغوى واللبنة جزء البيت بالمعنى اللغوى الّا ان جعلها جزء للبيت بجعل جاعل صورة البيت او البناء وليس جزئيه الاجزاء الشرعيّة للماهيات الشّرعية الامثل جزئيّة الجزء العرفى للكل العرفى وقس على ذلك حال الشرطية والمانعيّة فانّ الشّرطية من المعانى المصطلحة وفى العرف بجعل بعض الامور شرطا لبعض الامور وليس حال اشتراط الطّهارة للصّلاة الامثل حال اشتراط الشرط العرفى للمشروط العرفى غاية الامر ان الشّارع جعل الطّهارة مصداقا للمعنى المصطلح فى جعلها شرطا للصّلاة بناء على كونها امرا وجوديّا وبما سمعت يظهر حال المانعيّة وبما ذكر يظهر انّه لا يتاتى اختراع الجزئية والشّرطية وان قلت انّ طهارة الماء مثلا غير مخترعة من جانب الشّارع وانّما المخترع كلّى الطهارة وقد جعل الشّارع الماء مصداقا للطّاهر وكما يكفى جعل الماء مصداقا لكلى الطّاهر فى اتصاف الماء بالحكم الوضعى فكذا يكفى جعل الركوع مثلا مصداقا لكلى الجزء فى اتّصاف الركوع بالحكم الوضعى قلت ان الفرق فى البين بين حيث ان كلّى الطّهارة مخترع بخلاف كلى الجزئية فجعل الماء مصداقا لكلّى الطّاهر يكفى فى الاتصاف بالحكم الوضعى بخلاف جعل الركوع مصداقا لكلى الجزء والحجيّة ايضا لا يتجه كونها من الاحكام الوضعيّة لعدم استعمال لفظ الحجيّة فى كلام الشّارع وأحزابه اصلا ولا سيّما فى باب حجيّة الظن نعم قد استعمل الحجيّة فى التوقيع المعروف فى قوله عليه السّلم وامّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانّهم حجتى عليكم وانا حجة الله لكن لا دليل على كون الحجيّة فيه مستعملة فى الموصوف بالحكم الوضعى بل المقصود به ما يحتجّ به يوم القيمة او النائب وبالجملة فلو ثبت كون الحجّية من الأحكام الوضعيّة فاصل العدم بناء على اعتباره يقضى بالعدم والّا فيتاتى الكلام تارة مع قطع النظر عن دليل الانسداد او عدم استقامته واخرى بعد قيام دليل الانسداد فيما عدا الظّنون الخاصّة اما الاول فان كان احتمال الحرمة غير مرفوع فى البين فالاصل عدم حرمة العمل بالظن وكذا الاصل عدم وجوب العمل فالاصل الجواز الّا ان الظّاهر بل بلا اشكال انّ الجواز بالمعنى المقابل للوجوب والحرمة فى المقام خلاف الاجماع وان كان احتمال الحرمة مرفوعا كما هو الاظهر اذ لا وجه يقتضى الحرمة غير ما دل على حرمة العمل بالظنّ اجتهادا والكلام فى الاصل العملى فالاصل يقتضى الجواز ايضا إلّا انه خلاف الاجماع وياتى مزيد الكلام وامّا الثانى فان كان دليل الانسداد ملحوظا بالنّسبة الى كلّ واحدة من الوقائع بحيث افاد وجوب العمل (١) بما عدا الظنون المخصوصة بناء على حكومة اصل البراءة فى باب الشك فى المكلّف به واما بناء على حكومة وجوب الاحتياط فالاصل يقتضى وجوب العمل بما عدا الظّنون المخصوصة ويمكن ان يقال انّ ما ذكر انّما يتمّ لو كان الشكّ فى جواز العمل بما عدا الظنون المخصوصة من باب الشكّ فى المكلّف به بناء على اجمال حال دليل الانسداد كما هو المفروض لكن الامر من باب الشكّ فى التكليف لاجماله ودورانه بين البعض والكلّ فعلى تقدير وجوب الموافقة القطعية للواقع فى باب العلم الاجمالى فلا بدّ من البناء على وجوب العمل بالظنون المخصوصة وعلى تقدير كفاية عدم المخالفة القطعيّة يجب العمل بالظنّ على حسب ما يرفع به العلم الاجمالى وبعد ما مرّ اقول ان الوجوب والحرمة وغيرهما من الاحكام الخمسة لا اختراع فيها وانما توجّه الامر الى الصّلاة مثلا من الله سبحانه فى الكتاب او السنّة يوجب اتّصاف الصّلاة بالوجوب اللّغوى اى اللزوم وكما يكفى ذلك فى باب الحكم التكليفى والمرجع الى وقوع التصرّف من الشارع فى متن الواقع ولو لم يصدر عنه امر بل كان الامر الصّادر من جانب النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وآله او الائمة عليهم السّلم فكذا يكفى جعل الركوع مثلا مصداقا للجزء فى الاتّصاف بالحكم الوضعى وكذا جعل الطّهارة مصداقا للشّرط بالمعنى المصطلح والحجيّة وان لم تذكر فى الكتاب والسّنة لكن مرجعها فى الاستعمالات الى كون محلّها محلّ الاعتبار مثلا حجية شهادة العدلين بمعنى كون محلّها محلّ الاعتبار وهذا امر شائع فى العرف فكون قول شخص محلّ الاعتبار بتصرّف اهل العرف فى العرفيات وتصرّف الشّارع فى الشّرعيات فمهما شككنا فى كون شيء محلّ الاعتبار فاصل العدم بناء على اعتباره يقضى بالعدم وربما حكم السّيّد السّند المحسن الكاظمى نقلا ببداهة بطلان القول برجوع الاحكام الوضعيّة الى الاحكام التكليفيّة حيث حكم بانّ بطلان القول بان الحكم الوضعى عين الحكم التكليفى على ما هو ظاهر قولهم انّ كون الشيء سببا لواجب هو الحكم بوجوب الواجب عند حصول ذلك

__________________

(١) بالظن من باب العموم او الخصوص فالاصل يقتضى عدم وجوب العمل

٤

الشيء عن البيان وعلل بان الفرق بين الوضع والتكليف ممّا لا يخفى على من له ادنى مسكة والتكاليف المبنية على الوضع غير الوضع والكلام انّما هو فى نفس الوضع وبالجملة قول الشّارع دلوك الشمس سبب الصّلاة والحيض مانع عنها خطاب وضعىّ وان استتبع تكليف او هو ايجاب الصّلاة عند الزّوال وتحريمها عند الحيض كما ان قوله تعالى أقم الصّلاة لدلوك الشّمس وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعى الصلاة ايام اقرائك خطاب تكليفى وان استتبع وضعا وهو كون الدّلوك سببا والاقراء مانعا والحاصل ان هناك امرين متباينين كلّ منهما فرد للحكم فلا يعنى استتباع احدهما للآخر عن مراعاته واحتسابه فى عداد الاحكام اقول انه لو كان التكاليف المبنية على الوضع غير الوضع بلا كلام فلا مجال للكلام فى الوضع لوضوح ان الوضع غير التكليف على ذلك ايضا بلا كلام قضيّته ان مغايرة شيء لشيء يقتضى مغايرة الشيء الثّانى ايضا للشيء الاول نعم التكاليف المشار اليها لا كلام فى ثبوتها بالاصالة والكلام فى استقلال الوضع ورجوعه اليها ولعلّه اراد ان يذكر ذلك لكنّه ما ذكر من باب الخلط والاشتباه وايضا الظّاهر بل بلا اشكال ان المقصود بالاستتباع هو تعقّب بيان السّببيّة والمانعيّة فى دلوك الشّمس سبب للصّلاة والحيض مانع عنها بالدلالة على الوجوب والحرمة وتعقب الايجاب والتحريم فى أقم الصّلاة لدلوك الشمس ودعى الصّلاة ايام اقرائك بالدلالة على السببيّة والمانعيّة لا انّ المفهوم من العبارة فى المثالين الاولين هو الوضع بالمطابقة والتكليف بالالتزام بملاحظة ان الظّاهر ابتناء الوضع على التكليف والمفهوم من العبارة فى المثالين الاخيرين هو التكليف بالمطابقة والوضع بالالتزام بملاحظة ان الظّاهر ابتناء التكليف على الوضع نظير الاستدلال على دلالة النّهى على الفساد بان الظّاهر من النّهى كون الحرمة من جهة الفساد اذ لا مجال لاستناد الوضع الى التكليف والامر بالعكس مع انه لا مجال لاختلاف الناشى والمنشإ ولو مع اختلاف المورد واورد بانّه اذا قال المولى لعبده اكرم زيدا ان جاءك فهل يجد المولى من نفسه انّه انشاء إنشاءين وجعل امرين احدهما وجوب اكرام زيد عند مجيئه والآخر كون مجيء زيد سببا لاكرامه او ان الثانى مفهوم منتزع من الاوّل لا يحتاج الى جعل مغاير للجعل الاول ولا الى بيان مخالف للبيان الاوّل ولذا اشتهر فى السّنة الفقهاء سببيّة الدلوك ومانعيّة الحيض ولم يرد من الشّارع الّا انشاء طلب الصّلاة عند الاوّل وطلب تركها عند الثّانى فان اراد تباينهما مفهوما فهو اظهر من ان يخفى كيف لا وهما محمولان مختلفا الموضوع وان اراد كونهما مجعولين بجعلين فالحوالة على الوجدان لا البرهان وكذا لو اراد كونهما مجعولين بجعل واحد فان الوجدان شاهد على ان السّببيّة والمانعيّة فى المثالين اعتباران منتزعان كالمسببيّة والمشروطية والممنوعيّة مع ان قول الشّارع دلوك الشّمس سبب لوجوب الصّلاة ليس جعلا للايجاب استتباعا كما ذكره بل هو اخبار عن تحقق الوجوب عند الدلوك هذا كله مضافا الى انه لا معنى لكون السّببية مجعولة حتّى يتكلّم فى انه بجعل مستقل أو لا فانا لا نعقل من جعل الدلوك سببا للصّلاة الا انشاء الوجوب عند الدلوك والا فالسّببية القائمة بالدلوك ليس من لوازم ذاته بان يكون فيه معنى يقتضى ايجاب الشارع فعلا عند حصوله ولو كانت لم تكن مجعولة ولا نعقلها ايضا صفة اوجدها الشّارع فيه باعتبار الفصول المنوعة ولا الخصوصيّات المصنفة او المشخّصة اقول انّه لو قيل ان جئتنى اعطيك درهما او ان اكلت السمّ تموت او ان تبت تصير عادلا فمقتضى الاشتراط النّحوى انما هو السببيّة المذكورة الّا انّها جعلية فى الاوّل وعادية فى الثّانى وشرعيّة فى الاخير ولو افاد الاشتراط للسّببيّة فيما خلى عن افادة التكليف كما فى الامثلة المذكورة فهو يفيد السّببية فيما كان مفيدا للتكليف مثل ان جاءت زيد فاكرمه بالقطع واليقين اذ لا مانع عن افادة السّببية غير افادة الوجوب وليس افادة الوجوب قابلة للمنع عن افادة السّببية بلا شبهة ومن ذلك انه لو امر بشيء مقيدا بالعبادة نحو اقرأ السّورة فى الصّلاة او توضأ للصّلاة او نهى عن شيء مقيّد بالعبادة نحو لا تكتف فى الصّلاة فالامر يدل على الوجوب والجزئية فى المثال الاوّل والوجوب والشرطية فى المثال الثّانى ويدل النّهى على المانعة والحرمة فى المثال الثّانى يتاتى الفساد فى الاوّلين بترك السّورة وترك الوضوء سهوا ويتاتى الفساد فى الاخير بالتكتف شهرا ايضا وان لا يطرد الوجوب والحرمة فى حال السّهو فالامر فيما ذكر من باب الاشتراط والممانعة لا الواجب فى الواجب او الحرام فى الواجب وما ربما قيل من دلالة الامر والنّهى فى المثالين على خصوص الحكم الوضعى اعنى الجزئية فى الأوّل والممانعة فى الثانى فقط ليس بشيء وكذا ما ربما قيل من انّ

٥

الامر والنهى فى مثل المثالين من المجاز الراجح المساوى احتماله لاحتمال الحقيقة فى الحكم الوضعى وان امكن القول بظهور الامر والنّهى فى الحكم الوضعى ومن هذا انّه يمكن القول بظهور النّهى عن تطوّع المرأة بدون اذن الزّوج فى الممانعة فقط كما هو مقتضى كلام جماعة خلافا لما يقتضيه كلام جماعة اخرى من الدّلالة على حرمة التطوّع المشار اليه وكذا فساده ومثل النّهى عن شيء مقيّدا بالعبادة نفى شيء مقيّدا بالعبادة ومنه ما ورد من انّ الصّائم لا يرتمس فى الماء وقد جرى جماعة كالشّهيد الثانى فى المسالك وغير واحد من المتاخّرين على عدم بطلان الصّوم بالارتماس وهو مبنى على تعلّق النّهى الى الخارج لا اختلاف حال النّهى والنّفى ومن ذلك ايضا انه لو امر بالعبادة مقيدا بشيء نحو اعتق رقبة مؤمنة فالامر يدل على اشتراط الشيء فى العبادة لكن الدلالة على الاشتراط انّما تنشأ من التقييد لا من خصوص الامر ولذا يطّرد الدلالة لو ثبت التقييد بالاجماع الّا انّ اعتبار الظنّ هنا مبنى على اعتبار حجية مطلق الظنّ وكذا الحال فى الامر بشيء مقيّدا بالعبادة كما مرّ فان الدلالة فيه ايضا انما تنشأ من التقييد لا من خصوص الامر ولذا يطرّد الدلالة لو ثبت التقييد بالاجماع وايضا الامر بالعبادة مقيّدا او مقيّدة بشيء نحو اعتق رقبة مؤمنة يقتضى اشتراط الشيء فى العبادة والنّهى عن العبادة مقيّدا ومقيّدة بشيء نحو لا تصل الظهر متجاهرا يقتضى ممانعة الشّيء عن صحة العبادة وهو المعبّر عنه فى بحث دلالة النهى على الفساد بالمنهىّ عنه لوصفه فالامر هنا ايضا من باب الاشتراط والممانعة لا الواجب فى الواجب او الحرام فى الواجب وربما حكم الشّهيد فى الذكرى بان الاوامر فى الاخبار صارت حقيقة عرفيّة فى الوجوب الشّرطى الّا انه عبر بالوجوب المشروط ونسب الوالد الماجد ره اليه اليه القول بظهور الاوامر فى الاخبار فى الوجوب المشروط عن المحقق الثانى والشّهيد الثانى فى الرّوض القول بظهورها فى الوجوب الشّرطى والمقصود بالاشتراط فى جميع ما ذكر انما هو مطلق المداخلة الاعمّ من الجزئية والشّرطية فالأمر فيما كان خارجا عن العبادة من باب الشّرطية واما ما كان داخلا فى العبادة اعنى صورة العبادة فالامر فيه دائر بين الجزئيّة والشّرطية والمعاملات فى جميع ما ذكر مثل العبادات من حيث تقييدها او تقييد الامر بها او تقييد النّهى عنها ومن ذلك ان الامر بالاستبراء فى باب بيع الامة يقتضى اشتراط صحة البيع بالاستبراء الّا ان الدلالة على الاشتراط فى جميع ما ذكر وكذا دلالة النّهى على الممانعة انّما تتاتى لو لم يحتمل كون الامر والنّهى بوجه غير الاشتراط والممانعة وربما حكم العلّامة النجفى فى شرح القواعد بصحّة بيع الامة الموطوءة بدون الاستبراء تمسّكا بانّ غاية ما فى الباب الامر بالاستبراء واين الامر من الدلالة على الفساد نعم الامر بالاستبراء يقتضى النهى عن البيع بدون الاستبراء بناء على كون الامر بالشيء مقتضيا للنّهى عن الضدّ الخاصّ لكن الامر بالشيء لا يقتضى النّهى عن الضدّ الخاص لو لم يكن الضدّ سببا لترك المامور به والبيع ليس سببا لترك الاستبراء والسّبب انما هو الصارف عن الاستبراء مع ان النّهى المستفاد من الامر بالشيء لا يقتضى الفساد لكونه تبعيا ويندفع بانّه مبنىّ على انحصار ثبوت الفساد فى المقام فى ثبوت النّهى وثبوت دلالة على الفساد لكن يثبت الفساد بتوسّط دلالة الامر على الاشتراط على ما يظهر مما سمعت مع ان مقتضى كلامه ان المانع عن دلالة النهى المستفاد من الامر بالشيء بالنّسبة الى الضدّ الخاصّ هو كونه تبعيّا والحق ان المانع عن تلك الدّلالة هو كون النّهى غيريا ولذا لا يدلّ النّهى الغيرى على الفساد ولو كان اصليّا نحو قوله سبحانه وذروا البيع بناء على دلالة النّهى فى المعاملات على الفساد كما هو مقتضى كلامه حيث انّه لم يمنع عن دلالة النهى المستفاد من الامر بالاستبراء بعد فرض ثبوت النّهى تمسّكا بعدم دلالة النّهى فى المعاملات على الفساد مضافا الى ان مقتضى صريح كلامه دلالة الامر بالشيء على النّهى عن الضدّ الخاصّ لو كان الضدّ سببا لترك المامور به تبعا لصاحب المعالم وقد زيّفناه فى محلّه لكن يمكن ان يقال انّ دلالة الامر على الاشتراط ودلالة النّهى على الفساد فى جميع ما ذكر انّما يتم لو لم يحتمل احتمالا مساويا كون الحكمة فى الامر غير الاشتراط وكون الحكمة فى النّهى غير الفساد فضلا عما لو كان الظاهر ما ذكر ومن المحتمل بالاحتمال المساوى بل الظاهر كون الامر بالاستبراء من جهة محافظة اختلاط المياه ولذا لا يتاتّى وجوب الاستبراء لو كان الوطى فى الدّبر وكذا فى صورة العزل الّا ان يقال ان الحكمة غير منصوصة فيجب الاستبراء فى الوطى فى الدّبر وكذا فى صورة العزل الّا ان يقال انّه انّما يتم بناء على اصالة الفساد فى المعاملات فقد ظهر انه لا تتاتى اشتراط الاستبراء فى المقام اجتهادا على تقدير الشّك فى حكمة الاستبراء فضلا عما لو كان الظاهر كون الحكمة مخافة اختلاط المياه وايضا المستحبّ مثل الواجب فيما ذكر فالامر من باب الاشتراط

٦

فى تقييد الامر بالمستحبّ او تقييد المستحبّ بشيء او الامر بشيء مقيّدا بالمستحبّ لا من باب المستحبّ ومن باب الممانعة فى النّهى عن المستحبّ على تقدير تقييد النهى او المنهىّ عنه بشيء او النّهى عن شيء مقيّدا بالمستحبّ لا من باب الحرام فى المستحبّ وايضا الواجب الغير المنوط صحّته بقصد القربة كرد السّلام مثل الواجب المنوط صحّته بقصد القربة فالامر فيه من باب الاشتراط او الممانعة لا الواجب فى الواجب او الحرام فى الواجب وايضا الظّاهر بل بلا اشكال ان المستحبّ الغير المنوط صحّته بقصد القربة ليس مثل المستحبّ المنوط صحته بقصد القربة فالامر فى قسمى التقييد فى باب الامر من باب المستحبّ فى المستحبّ وفى قسمى التقييد فى باب النّهى من باب المكروه فى المستحبّ والمستحبّ المذكور لا يعدّ ولا يحصى فانظر آداب الوضوء وآداب الغسل وآداب الدّخول فى المسجد وآداب الاذان للاعلام وآداب الصّيام وآداب الصّدقة وآداب الاكتحال وآداب التّطييب وآداب التجارة وآداب التزويج وآداب الجماع وآداب الاكل والشّرب وآداب النّوم وآداب الخلوة وابواب الملابس وابواب المساكن وغيرها وربما ضبطه المحدّث القاشانى فى مفاتيحه فى قضاء حوائج المؤمنين وسقيهم واطعامهم واكسائهم واسكانهم وعيادتهم وزيارتهم والتّسليم اليهم وتشنيع جنائزهم وادخل السّرور فى قلوبهم وصلة الارحام والتّعقيبات والأدعيّة الطّويلة والقصيرة وقراءة الآيات وقراءة القرآن لكن حكم المولى التقى المجلسى نقلا بان المنافع الدّنيوية لا توصف بالاستحباب نعم ان اتى بها العبد لله سبحانه ولقوة العبادة ثياب عليها وكذا الحال فى غيرها من المباحات حتى دخول بيت الخلاء بقصد صحة البدن وبقصد التخلّى لحضور القلب فى الصّلاة قال وكان شيخنا التسترى كثيرا ما يقول انّى منذ ثلثين سنة لم افعل مباحا بل فعلت المباحات كلّها لله وهكذا ينبغى ان يكون داب المتقين وهو حسن ونظير قسمى التقييد فى باب الامر فى العبادات والمعاملات الامر بشيء لغاية نحو توضأ للصّلاة وقوله سبحانه وطلّقوهنّ لعدّتهنّ وانكحوهنّ باذن اهلهنّ وقوله سبحانه واشهدوا ذوى عدل منكم لكن الامر بشيء لغاية انما يقتضى اشتراط الغاية بالشيء المامور به فوجوب الشيء من باب الوجوب الشّرطى لا الوجوب النّفسى وربما يكون الامر من باب صرف الشّرطية لو لم يكن الشيء من باب العبادات على ما يقتضيه بعض الكلمات كما ان الامر بشيء مقيّدا بالعبادة يقتضى اشتراط العبادة بالشيء المامور به لكن الامر بالعبادة مقيّدا بشيء يقتضى اشتراط المامور به بالشيء وقد حكم البيضاوى بدلالة قوله سبحانه واتمّوا الحج والعمرة لله على وجوب العمرة مضافا الى الدّلالة على وجوب قصد القربة فى الحج والعمرة كما استدلّ به الشّافعية عليه لكن صرح الچلبى بدلالته على الاخير فقط تمسّكا بان الكلام المقيّد انما ينساق لاظهار القيد فقط والاظهر انّ الكلام المقيّد انما ينساق لافادة خصوص القيد لو كان المخاطب عالما بالمقيد وكان المتكلّم عالما بعلم المخاطب واما لو كان المخاطب جاهلا بالمقيّد او شاكا فيه مع علم المتكلّم بالحال او عدم علم المتكلم بحال المخاطب علما وجهلا وشكا فالكلام انما ينساق لافادة كل من القيد والمقيّد وكذا الحال لو كان المخاطب عالما بالمقيّد لكن المتكلّم جاهلا كان بعلم المخاطب او شاكا فيه لكن وجوب القيد يقتضى وجوب المقيّد ويقضى به وانّ لم يكن الغرض من الامر بالمقيّد اظهار وجوبه لغاية بعد كون الامر من باب الواجب فى المستحبّ بعد انعدامه فى الشّرعيات والعرفيّات اللهمّ إلّا ان يقال بظهور الامر بالمقيّد فى صرف اشتراط القيد لكنّه ليس بشيء وربما يقال ان الجمل الخبريّة الواردة فى كيفيّات العبادات ظاهرة اثباتا فى الشّرطية ونفيا فى المانعيّة وامّا الآية فلم يعلم انّها غير مسبوقة بسابق فى اظهار والوجوب والعمرة فتدلّ على وجوب الحج والعمرة او مسبوقة بسابق فى اظهار وجوب الحج والعمرة فلا تدلّ على وجوب الحج لكن وجوب القيد يقتضى وجوب المقيد فلا حاجة الى دلالة الامر على وجوب الحجّ فظهر بطلان ما نقل من الشّافعيّة على ما سمعت من الاستدلال بالآية على استحباب العمرة قوله او ان الثانى مفهوم منتزع من الاوّل اه مقتضى كلماته انّ الحكم الوضعى ينتزع من الحكم التكليفى والظاهر بل بلا اشكال انّ مدار كلام سائر ارباب الرّجوع اعنى رجوع الحكم الوضعى الى الحكم التّكليفى انما هو على الاتحاد وكون الامر من باب الامر بالشيء والنّهى عن الضدّ العام قوله ولذا اشتهر فى السنة الفقهاء اه انت خبير بان اشتهار سببيّة الدّلوك ومانعيّة الحيض اعمّ من انتزاع السّببية والمانعيّة (٣) فى عرض الدلالة على الوجوب والحرمة وكذا انفهام استناد الوجوب والحرمة الى الاشتراط والممانعة قوله فانا لا نعقل من جعل الدّلوك سببا للصّلاة الا انشاء الوجوب عند الدلوك انت خبير بان مقتضى جعل الدلوك سببا للصّلاة هو التصرّف فى الدلوك بربطه بوجوب الصّلاة او وقتها على الخلاف

__________________

(٣) على الامر بالصّلاة عند الدّلوك والنّهى عن الصّلاة حال الحيض وانفهام السّببية والمانعيّة

٧

فى وجوب الواجب المشروط قبل تحقق الشّرط كما هو المنصور وعدمه كما هو المشهور والتصرّف المشار اليه اعنى الرّبط المذكور من باب الوضع بل كما ان السّببية من الاحكام الوضعيّة فكذا الحال فى المسببيّة وكما ان الشرطيّة من الاحكام الوضعيّة فكذا الحال فى المشروطية الا ان العمدة السّببية والشّرطية لتفرّع الاحكام التكليفية عليهما ومن هذا عدم ذكر المسبّبية والمشروطية فى كلمات ارباب الوضع ومع هذا ينقدح دعوى عدم تعقل سببيّة الدلوك بما سمعت من دلالة الاشتراط على السّببية ولا اقل من كون الامر من باب الدلالة بمعنى كشف اللّفظ عن اعتقاد المتكلّم كما فى دلالة الاشارة والمفاهيم بناء على كونها اعنى المفاهيم عقلية وكذا سائر الدلالات اللفظية الالتزاميّة من الكشف عن الارادة حيث ان المدار فى الدلالة على الكشف لا على الوضع كما هو المشهور ولا على الارادة كما عن ابن سينا والكشف اعمّ من الكشف عن الارادة كما هو الغالب والكشف عن الاعتقاد كما فى دلالة الاشارة والتنبيه ومن اجل عدم التفطّن بالاخير انكر السّيّد السّند المحسن الكاظمى دلالة الالتزام لاستلزامها استعمال اللّفظ فى معنيين اعنى الملزوم واللازم فى باب دلالة الالتزام وقد يكون الدلالة بدون استعمال اللفظ فى المعنى بل بالاضمار كما فى دلالة الاقتضاء قوله ولو كانت لم تكن مجعولة فيه انّ المدار فى جعل الاحكام بناء على طريقة الاماميّة والمعتزلة من استناد الأحكام الشّرعيّة الى المصالح والمفاسد الواقعيّة على اظهار مكنونات الواقع لا احداث الحكم فالمدار على اظهار ما لا يدركه غالب العقول فلا باس باستناد السّببية الى ذات الدّلوك قوله ولا نعقلها ايضا صفة اوجدها الشارع فيه كما ترى لوضوح انه لا يكون امر السّببية من باب الايجاد بل هو من باب الاعتبار وبعد هذا اقول ان الحجّية ولو لم تكن من الاحكام الوضعيّة لكن لزوم العمل بالظّن مثلا منّى على تصرّف الشّارع باعتباره والاصل عدم التصرّف كما ان الجزئية والشّرطية والمانعيّة ولو لم تكن من الأحكام الوضعيّة لكن جزئية الركوع للصّلاة لما كانت منوطة بالاعتبار والتصرّف فيجرى الاصل فى التصرّف والاعتبار كما انّه يجرى اصالة البراءة فى الوجوب المتعقب للجزئية والشّرطية والحرمة المتعقّبة للمانعيّة ومن هذا تمشى اصالة الطّهارة فى الشّبهة الحكميّة باجراء اصالة البراءة عن وجوب الاجتناب ولو لم تكن النّجاسة من الاحكام الوضعيّة الوجوديّة ايضا وعن جماعة ان المقصود بالحجيّة هو وجوب العمل وهو اما بارجاع الحكم الوضعى الى الحكم التكليفى او بكون الحجيّة كناية عن الحكم التكليفى فى كلام الاصوليّين إلّا انه يضعف بعدم اطّراده فيما لو كان بعض الظنون قائما على الاستحباب او الكراهة او الإباحة ولو قيل ان المقصود من وجوب العمل هو حرمة المخالفة وهذا يتاتى فيه الاطّراد لحرمة الفتوى على خلاف الاستحباب لتطرّق البدعة فى فعل الشخص بنفسه وعدم اختصاص البدعة بالتشريع للغير كما حرّرناه فى البشارات قلت انّ ارادة المخالفة من وجوب العمل بعيدة بعد غاية بعد ارادته من الحجيّة إلّا ان يقال انه وان كان بعيد الارادة فى الغاية بالنّسبة الى وجوب العمل لكن ارادته ليست ابعد من حمل الحجّية على الحكم الوضعى الّا ان يقال انّه لا باس بالحمل على الحكم الوضعى بمعنى التصرّف من الشّارع للوقوع كثيرا فى العرف مثلا كثيرا ما يجعل السّلطان شخصا مطاعا على مطيعيه والغرض اعتبار اقوال الشخص وافعاله بل رسم الصّكوك من هذا الباب ثمّ انّه ربما يشبه الكلام فى المقام الكلام فى وجوب تقليد الاعلم حيث انّه لو ثبت كون الحجيّة حكما مستقلّا من الاحكام الوضعيّة فالكلام فى اختصاص حجّية قول المجتهد بالاعلم وعموم الحجيّة لغير الاعلم فاصالة العدم بناء على اعتبارها تقضى باصالة الاقتصار على الاعلم لانّ الاصل عدم الحجيّة والقدر الثّابت هو حجيّة قول الاعلم فيبقى قول غير الاعلم تحت الاصل واما بناء على كون الحجيّة خارجة عن الحكم بناء على كون الاحكام الوضعيّة خارجة عن الحكم او راجعة الى وجوب العمل بناء على اصل الاحكام الوضعيّة راجعة الى الأحكام التكليفيّة فيبتنى الامر على حكومة اصل البراءة فى باب الشك فى المكلّف به فيبنى على جواز تقليد غير الاعلم ووجوب الاحتياط فى ذلك فيبنى على عدم جواز تقليد غير الاعلم بقى انه ظهر بما مرّ ان العرف كما يتفق فيه الاحكام الخمسة كذا يتفق فيه الاحكام الوضعيّة وايضا ظهر بما مرّ ان المسببيّة والمشروطية من الأحكام الوضعيّة كالسّببية والشّرطية بناء على كونهما من الاحكام الوضعيّة لكن العمدة هى السّببية والشّرطية لتفرّع الاحكام الوضعيّة لكن العمدة هى السّببية والشّرطية لتفرّع الاحكام التكليفيّة عليهما ومن هذا عدم ذكر المسبّبية والمشروطيّة فى كلام القائلين باستقلال الاحكام الوضعيّة وايضا ظهر بما مر ان ارباب القول برجوع الاحكام الوضعيّة كما هو مرجع كلام الاكثر بين القول باتحاد الحكم الوضعى والحكم التكليفى والقول بكون الاوّل منتزعا من الثانى كما هو صريح بعض

٨

الثّانية ان حجية العلم لا تحتاج الى حجة اذ غاية الامر فى الاستدلال على حجيّتها افادة العلم بالحجيّة وحجية هذا العلم ايضا تحتاج الى حجة فيلزم الدّور او التسلسل ويمكن ان يقال ان فساد الاستدلال على حجيّة العلم لا يكشف عن حجيّته والا لكان فساد الاستدلال كاشفا عن صدق المدّعى فى جميع المحال إلّا ان يقال انّ حجيّة كل حجّة تنتهى الى العلم وما ينتهى حجيّته كل حجّة اليه لا يصحّ الاستدلال على حجيّته ولو كان غير العلم لكن لا يتفق مصداق لهذا العنوان غير العلم ونعلم ايضا بحجيّة العلم للزوم التكليف بما لا يطاق لو لا حجيّة فالغرض انا نعلم بحجية العلم ولا باس بعدم جواز الاستدلال على حجيّته إلّا ان يقال ان العلم بالحجيّة المدّعاة ان كان من باب الضّرورة ودونه الاشكال فلا اشكال والّا فيتاتى الاشكال هذا ويتاتى الكلام فى قبول حجيّة العلم للتخصيص وعدمه وربما يقال بالقبول بملاحظة وقوع الخلاف فى جواز قضاء الحاكم غير الامام بعلمه حيث انه بعد الاغماض عن القول بعدم الجواز فالمشهور الجواز استدلال بوجوه ومقتضاه الاتفاق على جواز عدم قضاء الحاكم بعلمه فمقتضاه قبول حجية العلم للتخصيص اما دلالة القول بعدم جواز القضاء بالعلم على قبول حجيّة العلم للتخصيص فهى ظاهرة واما دلالة القول بالجواز كما هو المشهور فلان التّعبير بالجواز يكشف عن جواز عدم حجيّة العلم والا لكان المناسب التّعبير بالوجوب اى وجوب القضاء بالعلم وكان المناسب الاستدلال على الوجوب دون الجواز اقول انه لو فرض فى الواقعة التكليف وعدم نصب طريق اليد فعدم اعتبار العلم يستلزم التكليف بما لا يطاق هذا فى العلم بالحكم وعلى هذا المنوال الحال فى العلم بالموضوع مع ثبوت التكليف فيه وعدم نصب الامارة عليه نعم لو ثبت عدم جواز قضاء الحاكم بعلمه فهذا يكشف عن عدم وجوب الحكم من باب دلالة انتفاء اللازم على انتفاء الملزوم لاستلزام وجوب الحكم جواز القضاء بالعلم للزوم التكليف بما لا يطاق لولاه والظّاهر بل بلا اشكال انّ مقالة المشهور فى باب القضاء بالعلم هى الوجوب والتّعبير بالجواز من قبيل العنوان بجواز العمل بخبر الواحد حيث ان المقصود بالجواز فيه هو الوجوب من باب كون الغرض الجواز بالمعنى الاعمّ فالاطلاق على الوجوب من باب اطلاق الكلّى على الفرد حيث انّه لو كان خبر الواحد حجة فلا يجوز التخلف عنه بالفتوى على خلافه او ترك العمل به لو كان دالا على الوجوب او الحرمة كيف لا وعن السّيّد المرتضى فى جملة كلام له فى ضمن بعض ادلّة القول بالجواز وكيف يخفى اطباق الاماميّة على وجوب الحكم بالعلم مضافا الى الاستدلال على الجواز باستلزام عدم الجواز احد الامرين امّا عدم وجوب انكار المنكر وعدم وجوب اظهار الحقّ مع امكانه او الحكم بعلمه وبطلان الاوّل ظاهر فتعيّن الثانى بيان اللزوم انه اذا علم بطلان قول احد الخصمين فان لم يجب عليه منعه عن الباطل لزم الاوّل والا ثبت المطلوب حيث انه صريح صدرا وذيلا فى ان المقصود بالقول بالجواز فى القول بجواز القضاء بالعلم هو الوجوب حيث ان وجوب انكار المنكر واظهار الحق المذكور فى صدر الاستدلال المذكور بلزوم العدم على تقدير عدم وجوب القضاء يقتضى وجوب القضاء بالعلم لا الجواز والاستدلال بوجوب المنع عن الباطل فى الذّيل فى بيان وجه الملازمة يقتضى ويقضى بوجوب القضاء بالعلم وبعد ما مر اقول انّه يمكن القول بانّه كما لا يتّجه الاستدلال على حجيّة اصل العلم فكذا الحال فى الاستدلال على عموم الحجيّة بالنّسبة الى افراد العلم وكذا الحال فى حجية العلم بالنّسبة الى مورد مخصوص للزوم الدّور والتسلسل ايضا فى كلّ من الاستدلالين اذا المفروض قيام فرد من نوع العلم على اعتبار فرد آخر من العلم فى الاخير وعلى اعتبار عموم افراد نوع العلم بعد اعتبار اصله فى الاوّل خلاف قيام بعض افراد العلم على عدم اعتبار بعض افراد أخر كقيام الدليل على عدم اعتبار علم الحاكم وخلاف قيام بعض افراد أخر كقيام الدّليل على عدم اعتبار علم الحاكم وخلاف قيام بعض افراد النّوع من الظن على عدم اعتبار اصل هذا النّوع كقيام الشّهرة على عدم حجية الشّهرة وكل من فردى العلم يحتاج حجيّته الى حجّة فلا مجال لجعل احدهما مع عدم ثبوت حجّيته دليلا على عدم حجية الآخر نعم لو قام العلم على عدم حجيّة علم من باب انتفاء المعلول اى الموضوع فيقدم العلم الاوّل على العلم الثّانى بناء على تقديم الاستصحاب الوارد على استصحاب الورود فمرجع ما ذكر الى حجيّة العلم وفساد الاستدلال على حجيّته ما لم يقم العلم على عدم حجيّته ولا منافاة بين العلم بحجية العلم وفساد الاستدلال على حجيّته وامكان قيام العلم على عدم حجيّة بعض افراده لكن لو كان حجّية العلم قابلة للتخصيص بمعنى حجيّته ما لم يقم العلم على عدم حجيّته فيشكل العلم بالحجيّة فى موارد عدم العلم بعدم الحجيّة لأحتمال عدم الحجّية نعم فى موارد ثبوت التكليف حجية العلم معلومة ولا مجال للتخصيص ثمّ انّه يتاتى الكلام فى انّ حجية العلم من باب المرآتيّة والموضوعيّة

٩

ظاهر بعض كلماتهم فى بعض المقامات الاتفاق على الموضوعية كما يظهر من دعوى جماعة الاجماع على ان ظان ضيق الوقت اذا أخّر الصّلاة عصى وان انكشف بقاء الوقت حيث انّه لو كان الظّن بالضيق حجّة من باب الموضوعيّة فيتاتى حجية العلم بالضيق من باب الموضوعيّة بالاولويّة بل قد يقال ان تعبيرهم بظن الضيق لبيان ادنى مراتب الرّجحان فيشمل القطع بالضيق فكلامهم يدل على حجية العلم بالضيق من باب مفهوم الموافقة والتنبيه بالادنى على الاعلى لكن عن غير واحد من الاصوليّين التوقف وعن التذكرة القول بالعدم بل هو المحكى عن بعض الفحول قال بعض اصحابنا لا خلاف بينهم ظاهرا فى انّ سلوك الطّريق المظنون الحظر او مقطوعة معصيته يجب اتمام الصّلاة فيه ولو بعد انكشاف عدم الضّرر ويتفرّع على ذلك استحقاق العقاب على التجرّى على المعصية مع قطع النظر عن قبحه عقلا حيث ان المقصود به انّما هو ارتكاب فعل مع العلم بكونه حراما مع عدم حرمته واقعا اقول انّه ان وقع العلم فى ذيل الخطاب والامر فمقتضاه عدم مداخلة الواقع فى الامتثال كما انه لا مداخلة فى العلم لو تعلق الحكم والامر بالواقع فلا يجب الاعادة بانكشاف الخلاف والامر من باب الموضوعية واما لو كان حجيّة العلم بواسطة حكم العقل فحكم العقل لا يتجاوز عن المرآتية فيجب الاعادة بانكشاف الخلاف والا وجه ان يقال انّه ان وقع العلم فى ذيل الخطاب فلا بدّ من ملاحظة دلالته على اعتبار العلم مطلقا اى ولو مع انكشاف الخلاف فلا يجب الاعادة بانكشاف الخلاف او دلالته على اعتبار العلم ما لم ينكشف الخلاف فيجب الاعادة بانكشاف الخلاف نعم لو كان حجيّته بواسطة حكم العقل فالامر كما ذكر وامّا لو لم يثبت الدّلالة على اعتبار العلم مطلقا او فى صورة عدم انكشاف الخلاف فلا بدّ فى وجوب الاعادة نفيا واثباتا من الرّجوع الى حكومة اصل البراءة ووجوب الاحتياط فى باب الشّك فى المكلّف به فيجب الاعادة بناء على وجوب الاحتياط فى ذلك دون حكومة اصل البراءة فيه لكنّ يظهر مزيد المقال فى شرح الحال بما ياتى بعيد هذا وبما مرّ يظهر حال الظنّ فانّه لو اعتبر بتوسّط الدّليل اللّفظى كما فى الظّن بالركعات فلا بدّ من ملاحظة الدليل المذكور من حيث دلالته على اعتبار الظّن مطلقا فلا يجب الاعادة بانكشاف الخلاف ودلالته على اعتبار الظن ما لم ينكشف الخلاف فيجب الاعادة بانكشاف الخلاف ومن هذا انه لا يثمر دلالة الامر على الاجزاء فى باب الصّلاة بظنّ الطّهارة مع انكشاف الخلاف من حيث وجوب الاعادة وعدمها وقد حرّرنا الحال فى محلّه واما لو كان اعتبار الظّن بتوسّط حكم العقل فالعقل لا يتجاوز حكمه عن المرآتيّة لكن مقتضى كلمات المحقّق القمى موضوعيّة الظن بناء على حجيّة مطلق الظنّ وسوف ياتى شرح الحال فى آخر الرّسالة بعون الله سبحانه وبما مرّ يظهر حال الشّك ايضا فانّه لو اعتبر الشّك بالدليل اللّفظى فلا بدّ من الرّجوع الى الدّليل المذكور من حيث دلالته على اعتبار الشك مطلقا او ما لم ينكشف الواقع ومن هذا انّ الاظهر انّ حجيّة الاستصحاب من باب الموضوعيّة قضيّة وقوع الشّك فى اخبار اليقين فلا حاجة الى الاعادة لو انكشف مخالفة الاستصحاب للواقع لكن هاهنا لا يتاتى المرآتية لعدم قابليّة الشّك للمرآتيّة وإراءة الواقع ولو شكّ فى الموضوعيّة والمرآتيّة فى باب العلم والظنّ والموضوعيّة وغيرها فى باب الشّك فلا بدّ من الرّجوع الى حكومة اصل البراءة ووجوب الاحتياط فى باب الشكّ فى المكلّف به فالاصل يقتضى البناء على الموضوعيّة والاحتياط يقتضى البناء على المرآتيّة بل فى صورة كون امر العلم والظن من باب المرآتيّة يمكن القول بان الاصل يقتضى عدم وجوب الاعادة بانكشاف الخلاف لاحتمال سقوط التّكليف بالمامور به بالاتيان بغير المامور به بمعنى كون التّكليف بالمامور به مقيدا بعدم الاتيان بغير المامور به نظير انّه لو تعلّق الامر بالمطلق وكان المطلق منصرفا الى الفرد الشّائع واحتمل كون الانصراف من جهة مجرّد شيوع الفرد لا خصوصيّة فى الفرد الشّائع وقلنا بحكومة اصل البراءة فى باب الشك فى المكلّف به فانّه ح يبنى على التخيير بين الفرد الشّائع والفرد النادر عملا بالاصل مع ان الفرد النادر غير مامور به كما انه لو علم بعدم خصوصيّته فى الفرد الشّائع يتاتى التخيير بلا اشكال بقى انّ المقصود بالعلم هو مطلق الجزم سواء كان ثابتا ام لا وسواء كان مطابقا للواقع ام لا فليس المقصود به خصوص الاعتقاد الثابت الجازم المطابق للواقع كما

هو مصطلح اهل الميزان ويعمّ الجهل المركب وكذا يعمّ التقليد باصطلاح اهل الميزان وهو الجزم الغير الثابت المطابق للواقع والوجه اطراد احكام العلم فيما خلى عن الثبات وكذا ما خلى عن مطابقة الواقع وقد يطلق العلم بمعنى المعرفة ومنه قوله سبحانه (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) وكذا ما فى الدّعاء وانت اعلم به منّا

١٠

وكذا ما يقال زيد اعلم من عمر ومثلا وكذا الأعلم فى الكلام فى وجوب تقليد الاعلم المقدّمة الثالثة فى جواز التعبّد بالظنّ وهذا العنوان ماخوذ من العنوان المعروف وهو جواز التعبّد بخبر الواحد لكن ينبغى قبل الخوض فى المقصود رسم مقدمة هى الكلام فى اصالة الامكان فنقول انّه ذكر فى الشوارق ان معنى ما قاله الحكماء انّ ما لا دليل على وجوبه ولا على امتناعه لا ينبغى ان ينكر بل يترك فى بقعة الامكان هو الامكان العقلى الّذى هو مرجعه الاحتمال لا انّه يعتقد امكانه الذاتى كيف لا وقد كرّر الشيخ فى كتبه ان من تعود ان يصدّق من غير دليل فقد انسلخ عن الفطرة الانسانيّة وحكى فيها عن المتكلّمين ان الاصل فيما لا دليل على وجوبه ولا على امتناعه الامكان كما قال الحكماء كلّ ما قرع سمعك من الغرائب فذره فى بقعة الامكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان واورد بان الاصل هاهنا على ما قاله المحقق الدّوانى ان كان بمعنى الكثير الراجح فكون اكثر ما لم يقم دليل على استحالته ووجوبه ممكنا غير ظاهر وان كان بمعنى ما لا يصار اليه الا بدليل فهو باطل لان الوجوب والامكان والامتناع ليس شيء منها اصلا برأسه بهذا المعنى بل كل منها مقتضى ماهيّة موضوعه فما لم يقم دليل على ان الشيء من اى قسم لم يعلم حاله وحكى فى الاسفار عن بعض الاستدلال على امكان اعادة المعدوم بما سمع من كلام الحكماء انّهم يقولون كل ما قرع سمعك من غرائب عالم الطّبيعة فذره فى بقعة الامكان ما لم يذدك قائم البرهان قال ولعدم تعوده الاجتهاد فى العقليات لم يتميز الامكان بمعنى الجواز العقلى الذى مرجعه الى عدم وضوح الضّرورة لاحد الطرفين عند العقل عن الامكان الذى هو سلب ضرورة الطرفين عن الشيء بحسب الذات فحكم بان الاصل فيما لم يتبرهن وجوده او امتناعه هو الامكان فاثبت بظنّه المستوهن ان اعادة المعدوم ممكن ذاتى وتشبث بهذا الظنّ الخبيث الّذى نسجته عنكبوت وهمه كثير ممن تاخر عنه فيقال له ولمن تبعه انكم ان اردتم بالاصل فى هذا القول ما هو بمعنى الكثير الرّاجح فكون اكثر ما لم يقم دليل على امتناعه ووجوبه ممكنا غير طاهر وبعد فرضه غير نافع لجواز كون هذا من جملة الاقلّ وان اريد به بمعنى لا يعدل عنه الّا بدليل على ما هو المستعمل فى صناعتى الفقه والاصول فهو فاسد هاهنا اذ شيء من عناصر العقود ليس اصلا بهذا المعنى بل كلّ منها مقتضى ماهيّة موضوعه فما لم يقم عليه البرهان لم يعلم حاله وما قاله الشّيخ الرّئيس أنّ ما لا برهان على وجوبه ولا على امتناعه لا ينبغى ان ينكر وجوده ويعتقد امتناعه بل يترك فى بقعة الامكان اى الاحتمال العقلى إلّا انّه يعتقد امكانه الذاتى كيف لا ومن اقواله ان من تعود ان يصدق من غير دليل فقد انسلخ عن الفطرة الانسانيّة اقول انّ اخذ عدم قيام الدليل على الوجوب او الامتناع فى مورد الكلام ظاهر فى انحصار الاحتمال فى الوجوب والامتناع ولا مجال للقول باصالة الامكان الذاتى فيه مضافا الى غاية ندرة دوران الامر بين الوجوب والامتناع فلا بدّ من زيادة عدم قيام الدّليل على الامكان اللهمّ الّا ان يكون الامر مبنيا على قصور العبارة كما ياتى ودعوى منافاة ودعوى اصالة الإمكان مع ما كرّره الشيخ فى كتبه انّما يتاتّى لو كان الغرض الاصل الاجتهادى واما لو كان الغرض الاصل العملى فلا منافاة فى البين الّا ان يقال ان المقصود بالاصل هنا لا بد ان يكون هو الاصل الاجتهادى اذ لا مجال لارتسام الاصل العملى فى الامور العقليّة وما ذكره الفاضل الدّوانى وقرّره فى الشوارق كالاسفار من ان كون ما لم يقم دليل على امتناعه ووجوبه ممكنا غير ظاهر ان كان جاريا على ظاهره فهو ظاهر الفساد اذ لا مجال الدعوى غلبة الامكان الذاتى فى موارد دوران الامر بين الوجوب الامتناع وان كان الغرض منع الغلبة فيما لم يقم دليل على وجوبه ولا على امتناعه ولا على امكانه من باب قصور العبارة كما يقتضيه اخذ احتمال الامكان فى عبارة الشّوارق فى تزييف دعوى اصالة الامكان بمعنى ما لا يصار اليه الّا بدليل اعنى قوله فما لم يقم دليل على ان الشيء من اى قسم لم يعلم حاله اذ مقتضاه منع ثبوت الغلبة فى موارد الشّك فى الوجوب والامتناع والامكان فلا خفاء فى ان الغلبة فى جميع موارد الاستدلال بها انما هى بالدّليل فى عرض موارد الشّك ولا مجال لثبوت الغلبة فى موارد الشك اذ لا بدّ فى الغلبة من استنادها الى الدّليل والمفروض عدم قيام الدّليل فى المشكوك فيه وان قلت انه لا بدّ فى حمل المشكوك فيه على الغالب من اتحاد الصنف فلا يتاتى حمل المشكوك فيه على الغالب لو كان حال الغالب منكشفا بالدليل ولا بدّ من كون الغلبة فى موارد الشك قلت اولا انه لا يشترط فى حمل المشكوك فيه على الغالب اتحادهما صنفا ومن هذا انه لو علم بإسلام احرار البلد وشكّ فى اسلام عبد يحصل الظّن باسلام العبد كما انّه لو علم حال غالب الاصناف على وتيرة واحدة يحصل الظنّ

١١

بلحوق المشكوك فيه بالغالب والوجه فى الصّورتين زيادة تقارب الاصناف وشدّة المناسبة بين الغالب والمشكوك فيه ومن ذلك انه يتطرق الايراد على ما اشترطه المحقق القمى فى جريان الاستصحاب من تعيّن بقاء الموضوع وقابليّته للبقاء فح يثبت بالاستصحاب بقاء المستصحب الى زمان يبقى الغالب من افراده اليه وإلّا فلا يثبت بالاستصحاب الا بقاء المستصحب فى اقل الازمنة المحتملة فيه ولو علمنا بان فى قرية حيوانا ولم نعلم انّه من اى انواع الطّيور او البهائم او الحشار او الدّيدان ثم غبنا عنها مدّة لا يمكن لنا الحكم ببقائه فى مدّة يعيش فيها اطول الحيوان عمر ابعد ابتنائه على كون اعتبار الاستصحاب من باب الظن وكون الظن من باب حمل المشكوك فيه على الغالب كما هو مشربه فى باب الظّن والا فلو كان المدار فى الظن بالبقاء على مجرّد الكون فى الزّمان السّابق فيتاتى الظن بالبقاء الى اطول الازمنة المحتملة فى المستصحب كما انّه لو كان المدار على اخبار اليقين فغاية الامر الشك الى اطول الازمنة المشار اليها ومقتضى اخبار اليقين اعتبار الاستصحاب فى الباب بل مقتضاها باعتبار الاستصحاب مع الظنّ بالخلاف لو كان الاستصحاب فى الحكم بناء على اعتبار الظّنون الخاصّة او كان الاستصحاب فى الموضوع من حيث التحصّل مطلقا او فى الجملة بناء على اعتبار الظن فى الموضوع من حيث التحصّل مطلقا او فى الجملة كما فى الظن بالنّجاسة فى استصحاب الطهارة وبعد ورود غير ما ذكر ممّا اوردنا به عليه فى محلة بانه لا يشترط اتحاد الصّنف فى حصول الظن ولذا لو اختلف افراد صنف غير المستصحب او اصنافه لكن كان مقتضى حال غالب الافراد او الاصناف البقاء الى اطول الازمنة يحصل الظنّ بالبقاء الى اطول الازمنة سواء عرف صنف المستصحب او شكّ فى كونه من اى الصّنفين او الاصناف نعم لو ثبت اختلاف افراد صنف المشكوك فيه لا يتاتى حمل المشكوك فيه على غالب الافراد او الاصناف لتقدّم حال صنف المشكوك فيه ولو فى الشّك على حال غير صنفه ومن هذا انه لو خالف غالب افراد صنف المشكوك فيه لغالب افراد غير صنفه او غالب سائر الاصناف فالمدار على الغالب من صنفه وعلى هذا يجرى الامر فى باب الاستصحاب فى صورة اختلاف الصّنف سواء عرف صنف المستصحب أو لا وثانيا انه لا بدّ من اختلاف الغالب والمشكوك فيه بحسب وجود ما يوجب انكشاف الحال فى الغالب وانتفائه فى المشكوك فيه كيف لا ولو اشترط الاتّحاد فى اسباب الانكشاف نفيا واثباتا للزم اشتراط كون الغالب فاقدا لما يوجب انكشاف الحال او كون المشكوك فيه واجدا لذلك كالغالب ولا مجال لحمل المشكوك فيه على الغالب فى شيء من الوجهين لفرض انكشاف حال المشكوك فيه على الثّانى فلا مجال للحمل على الغالب وفرض كون حال الغالب مشكوكا فيه كالمشكوك فيه على الاوّل فلا مجال للحمل على الغالب وبوجه آخر لو اشترط الاتحاد المشار المشار اليه يلزم اشتراط مساواة الغالب والمشكوك فيه فى انكشاف الحال او الشّك فى الحال وكل من الامرين كما ترى كيف لا ولا بد من انكشاف حال الغالب وعدم انكشاف حال المشكوك فيه ومن ذلك يتضح فساد ما اورد على صاحب المعالم فى دعوى كون الامر فى اخبار الائمة عليهم السّلم مجازا مشهورا فى النّدب فيشكل التمسّك بها على الوجوب بان شيوع استعمال الامر فى النّدب انما هو فى صورة الاحتفاف بالقرينة وهو لا يستلزم تساوى الاحتمالين فى الامر المجرّد عن القرينة ومرجعه الى دعوى ممانعة اختلاف الاوامر الواردة عن الائمة عليهم السّلم بحسب الصّنف من حيث الاحتفاف بالقرينة وعدمها عن تاثير استعمال الامر فى النّدب بكسر صورة اصالة الحقيقة فضلا عن افادة الظنّ بالنّدب حيث ان الاختلاف بالاحتفاف من باب الاختلاف بقيام الدّليل وعدمه وبعبارة اخرى من باب الاختلاف فى انكشاف حال الغالب والشكّ فى حال المشكوك فيه ولا بدّ من هذا الاختلاف فى حمل المشكوك فيه على الغالب وتلخيص المقال وتحرير الحال انه لا بدّ فى حمل المشكوك فيه على الغالب من الاختلاف فى الصنف بحسب وجود اسباب انكشاف الحال وعدمه ولا يشترط اتحاد الصّنف فيحكم بحكم الغالب من صنف غير المشكوك فيه او اضافه فى صورة اختلاف الصّنف لكن لو اختلف افراد صنف المشكوك فيه فالاختلاف بمانع عن حمل المشكوك فيه على الغالب من غير صنفه ولو كان الغالب من الصّنف مخالفا للغالب من غير الصنف افرادا او اصنافا فالمدار على الغالب من صنفه وكيف كان فالامكان يطلق تارة فى مقابل الوجوب والامتناع ويطلق اخرى بمعنى الاحتمال ويصحّ اضافته بهذا المعنى الى الامكان بالمعنى الاوّل وكذا يصحّ اضافته الى الوجوب والامتناع ولا اصل يقتضى الامكان بالمعنى الاوّل اذ لا يساعده من معانى الاصل الا الراجح بدعوى غلبته

١٢

الامكان وهى غير ثابتة فما توهمه جماعة بل كثير كما هو مقتضى الكلام المتقدّم من الاسفار من اصالة الامكان ضعيف والمقصود بالامكان فيما ذكره الشيخ الرئيس والحكماء من انّ ما لا دليل على وجوبه ولا على امتناعه ينبغى ان لا يعتقد امتناعه بل يترك فى بقعة الامكان هو الاحتمال والغرض ان المناسب فى مورد الشك فى الوجوب والامتناع والامكان او الشك فى الوجوب او الامتناع البناء على الاحتمال لا القول بالامتناع لكنك خبير بانه لا خفاء فى انّ الممكنات الموجودة اكثر من الواجب بمراتب كثيرة نعم كثيرا ما يحكم بوجوب شيء فى الامور العقليّة كمساواة زوايا الثلث للقائمتين كما انّه قد يحكم بوجوب شيء على الله سبحانه كما فى باب اللطف وان زيفنا القول بوجوبه بوجوه فى بحث الاجماع والممكنات الموجودة اكثر ممّا نعقله من الممتنع بمراتب كثيرة ايضا نعم يحتمل ان يكون ما لا نعقله من الممتنعات يساوى الممكنات الموجودة لكنه بعيد فى نظر العقل فالاصل بمعنى الظّاهر يقتضى الامكان ويمكن ان يقال ان الممتنعات تساوى الموجودات الممكنة بل هى اكثر منها بكثير مثلا الماء من الممكنات الموجودة لكن يمتنع ان يصير جبلا او فضّة او ذهبا وهكذا وكذا غير الماء فلا وجه لدعوى اصالة الامكان إلّا ان يقال ان الكلام فى الامتناع العقلى وما ذكر انما هو فى الامتناع العادى بل نقول ان حصول الظن بالامكان فى موارد الشكّ فى الامتناع العقلى كاعادة المعدوم محلّ الاشكال اذ المسائل العقليّة دقيق المدرك وخفى المسلك فيحتمل وجود مدرك يقتضى الامتناع لكن يدق خفاه عن فهم الزكى فلا يحصل الظنّ بالامكان مضافا الى شدّة البعد وعدم المناسبة بين الغالب والمشكوك فيه وبالجملة فالمشهور بين الخاصة والعامة هو القول بالجواز وعن بعض منّا وجماعة من العامّة القول بالامتناع وعن جماعة من العامّة القول بالوجوب والمشهور فى الاستدلال على القول بالجواز انا نقطع بانه لا يلزم من التعبّد به محال قيل وفى هذا التقرير نظر اذ القطع بعدم لزوم المحال فى الواقع موقوف على احاطة العقل بجميع جهات القبح وعلمه بانتفائها وهو غير حاصل فيما نحن فيه فالأولى ان يقرر هكذا انا لا نجد فى عقولنا بعد التامّل ما يوجب الاستحالة وهذا طريق يسلكه العقلاء فى الحكم بالامكان واقول انّ ما ذكره فى وجه النظر محلّ النظر حيث انه كثيرا ما يتجاول العقل فى استيفاء جهات قبح الشيء فلا يرى بعد كمال التّجوال وتعميق النّظر جهة قبح فيحكم بانتفاء القبح والا لما اتفق للعقل ادراك الحسن والقبح فى مورد من الموارد من جهة القصور فى الفاعل اعنى العقل فينسد ابواب ادراك الحسن والقبح العقليّين نظير ما جرى عليه الأشاعرة من انكار الادراك من جهة القصور فى القابل اعنى الا شيئا لعدم اتّصافها بالحسن والقبح الا بالشرع فان كان المقصود انّ العقل لا يحكم بقبح شيء الّا بعد الاحاطة بجميع جهات القبح وحكمه بانتفاء الجهات وهو لا يمكن له ففيه بعد النّقض بالحسن لو قيل بالفرق وضوح حكم العقل بالقبح فى كثير من الموارد كيف لا وقد عدّ قيح العدوان مما محكم به نفاة الاديان وان يتطرّق عليه الاشكال بعد تطرّق الاشكال فى معنى الظّلم بان النزاع فى الحسن والقبح بمعنى استحقاق المدح والذمّ فى العاجل والثواب والعقاب من الله سبحانه فى الاجل فمن ينكر الاديان كيف يحكم بتطرق العقاب من الله سبحانه على العدوان كيف لا والنزاع بعد ثبوت الشّرع بشهادة القول بكون الحسن والقبح بالشّرع من الاشاعرة وان كان المقصود انه لا يمكن للعقل الحكم فى خصوص ما نحن فيه بالامكان من جهة انه لا يمكنه استيفاء جهات القبح والحكم بانتفائها كما هو الظّاهر ففيه بعد ان الانكار من باب النّزاع الموضوعى ان جواز التعبّد بالظنّ فى بعض الموارد مقطوع به كما لو قام الظنّ على حرمة شيء وكان مباحا فى الواقع مع احتمال الوجوب والنّدب وعدم تطرق مفسدة على التّرك فنفى تمكّن الفعل من استيفاء جهات القبح على سبيل العموم بالنّسبة الى الموارد كما ترى واما ما جعله الاولى فى التقرير فيتطرّق عليه الأشكال بان عدم وجدان ما يوجب الاستحالة لا يقضى بمجرّده الاذعان بالامكان بل غاية الامر التوقف فلا يتمّ ذلك الّا بدعوى اصالة الامكان الّا انها بعد ثبوتها لا تفيد القطع وهو المدّعى فى المقام اذ غاية الامر غلبة الامكان وهذه الدّعوى انما تفيد الظنّ بلحوق المشكوك فيه بالغالب كما هو الحال فى سائر موارد الاستناد الى الغلبة واين هذا من القطع بالامكان فى المشكوك فيه كما هو المقصود اللهم الّا ان يقال انّه قد يصل الغلبة الى حدّ يوجب القطع كما حرّرناه فى الاستقراء النّاقص فى بحث الاستقراء من انّه قد يفيد القطع كما لو تقارب الفحص للاتمام بل يتاتى القطع فيما دون ذلك ومن هذا القطع بالاتفاق فى استقراء اقوال اصحاب الكتب المدوّنة بل ادّعى صاحب الحدائق قضاء الاستقراء بوجوب الاجتناب فى الشّبهة المحصورة وما ذكره من

١٣

موارد الاستقراء اربعة مسئلة الإناءين والثوب الطّاهر المشتبه بالنّجس والثّوب النجس بعضه مع وقوع الاشتباه فى جميع اجزاء الثوب واللحم المختلط بالمذكّى والميتة فلو كان ملاحظة جريان الحكم فى موارد اربعة على وتيرة واحدة مفيدة للظّن فحصول العلم من الغلبة امر سهل لكن افادة الاستقراء المشار اليه للظّن بعد عدم حجيّة الظّن الحاصل منه على مذاق الاخباريين بل على مذاق ارباب الظنون الخاصّة وان اتفق التّدبير لعدم ابتناء حجيّته على حجيّة مطلق الظّن كما ياتى محلّ المنع كما حرّرناه فى محلّه وان قلت الغرض التمسّك بطريقة العقلاء على اصالة الامكان قلت مع انّ دعوى استقرار طريقة العقلاء على اصالة الامكان خلاف ظاهر العبارة اذ ظاهر العبارة البناء على الامكان من دون تمسّك بشيء محلّ منع واضح لوضوح انّه لم يتداول الشّك فى الامكان بين الناس المقصودين بالعقلاء كيف لا وقد سمعت انكار اصالة الامكان من جماعة من اهل الكلام بل قد سمعت شدّة الطّعن عليه من صاحب الاسفار الّا ان يقال ان الغرض انّ حالة الناس بحيث لو تطرق الشّك فى الامكان يجرون على البناء على الامكان لكنّه يندفع بانه لا اعتبار بهذا الّا من باب كونه موجبا للجزم كما هو الحال لو كان طريقة الناس مستقرة فعلا على البناء على امكان المشكوك فيه لكن لا يتحصّل الجزم بذلك بل الوجه المذكور من اصله محل المنع لعدم ثبوت كون حالة الناس على ترتيب آثار الامكان على المشكوك فى امكانه وللقول بالامتناع وجوه امتنها ان التعبّد بالظن وان لم يكن ممتنعا لذاته لكنّه ممتنع لغيره لأنه يؤدى الى تحليل الحرام وتحريم الحلال بتقدير كذبه فانّه ممكن قطعا وذلك باطل وما يؤدى الى الباطل لا يجوز عقلا اقول انّه اما ان يكون المقصود امتناع التعبّد فى المسألة الّتى (١) لا يمكن فيها ازيد من تحصيل الجزم بالواقع فغاية ما يتمكّن منه المكلّف فيها انما هى تحصيل الجزم لكن يمكن ان يكون الامر من باب الجهل المركّب فلم يصل المكلّف الى الواقع واما ان يكون المقصود امتناع التعبّد فى المسألة الّتى لا يمكن فيها ازيد من تحصيل الظن فانسدّ فيها باب العلم اما على الاوّلين فقد حررنا فى بحث جواز التعبّد بخبر الواحد وجوها بعيدة كلا او بعضا وحرّرنا احكام تلك الوجوه لكن لا يعجبنى تحريرها هنا لبعدها كلّا او بعضا بعد ندرة اصل الوجهين او انعدامهما واما على الاخير فاما ان يثبت تلك التّكليف فى الواقعة أو لا فعلى الاوّل لا بدّ من العمل بالظنّ على ما يظهر مما ياتى فى اصل المسألة وعلى الثانى يعمل باصل البراءة ومع ذلك ينتقض الاستدلال بالعلم وكذا ينتقض بامور معتبرة من باب الظّن او بشرط الظّن او التعبّد الصّرف كالفتوى على القول بكون اعتبار التقليد من باب الظنّ او بشرط الظّن لو قيل به ولعلّه مقالة بعض الاعلام او التعبّد الصّرف والبيّنة على القول باشتراطها بالظنّ والقول باعتبارها من باب التعبّد الصّرف والاستصحاب على القول باعتباره من باب الظّن الشخصى او الظنّ النّوعى او من باب اخبار اليقين وغيرها وامّا القول بالوجوب فربما يستدلّ عليه بانّ مخالفة الظنّ مظنّة للضّرر ودفع الضّرر واجب ضرورة وبانّه لو لم يجب العمل بالظّن لزم خلوّ اكثر الوقائع عن الحكم اذا كثر الوقائع لا يتجاوز امره عن خبر الواحد وهو لا يتجاوز عن افادة الظّن اقول انه ان كان الغرض وجوب العمل بالظّن فى زمان انسداد باب العلم فالمرجع الى القول المعروف من حجية مطلق الظّن فى اصل المسألة كما ياتى ولا باس به لكن ياتى ما فى الاستدلال بوجوب دفع الضّرر وان كان الغرض وجوب العمل بالظّن فى زمان انفتاح باب العلم بالواقع فلا جدوى فى الكلام فيه المقدّمة الرّابعة انّ الظّن ينقسم باعتبار نفسه من حيث الدّرجات الى الظّن الضّعيف الّذى يعتبر عنه لو كان مستفادا من اللّفظ باشعار اللّفظ ومنه ما اشتهر من انّ تعليق الحكم على الوصف يشعر بالعليّة اى عليّة مبدا الاشتقاق والظّن المتوسّط المتعارف والظّن الغالب المتآخم للعلم هذه اصول الدّرجات والّا فلكلّ درجة له درجات وينقسم باعتبار الظان الى ظنّ المقلّد والجاهل القاصر والمتجزى والمجتهد المطلق وباعتبار الزّمان الى زمان انسداد باب العلم وزمان الانفتاح وباعتبار المتعلّق الى الظّن فى الاصولين اعنى اصول الدّين واصول الفقه والظنّ بالحكم الفرعى والظنّ بالموضوع وعلى الثالث اما ان يكون الظن بالموضوع من حيث التحصّل اى الظنّ بالمصداق كما فى الظنّ باطلاق الماء المخصوص وفى حكمه الظنّ بالاعدام كالظّن بعدم التّذكية او الموضوع من حيث الاستنباط وعلى الاخير اما ان يكون الظنّ بالوضع او الظنّ بالدلالة ومنه الكلام فى اعتبار الظنّ النّوعى والظنّ الشخصى فى مداليل الالفاظ وقد اتفق القول باعتبار الظنّ النّوعى من بعض ارباب القول بحجيّة مطلق الظنّ بل ربما قيل

__________________

(١) انفتح فيها باب الواقع بان كان المكلّف يتمكن من اخذ الواقع واحرازه بطريق على لا يتخلف عن الواقع واما ان يكون المقصود امتناع التعبد فى المسألة التى

١٤

ان القول باعتبار الظن النوعى لا ينافى القول بحجيّة مطلق الظنّ تعليلا بان القول بحجّية مطلق الظّن يستلزم الاطّراد لا الانعكاس يعنى ان القول المذكور يستلزم عموم حجية مطلق الظنّ ولا يستلزم عدم حجيّة غير الظن ولا يستلزم عدم حجيّة غير الظن كيف لا ولا منافاة بين القول بحجيّة مطلق الظنّ مع القول بقاعدة الطّهارة لكن نقول انّه لو كان القول بحجيّة مطلق الظنّ من باب عدم جعل الطّريق فهذا ينافى اعتبار الظن النّوعى تعبّدا نعم لو كان القول بحجيّة مطلق الظن من باب عدم الكفاية فهذا لا ينافى القول بحجية مطلق الظنّ واما قاعدة الطّهارة فان كان المقصود التمسّك بها فى الشّبهة الموضوعيّة فلا ترتبط بما نحن فيه راسا اذ الكلام هنا فى تعرف الحكم وان كان المقصود التمسّك بها فى الشّبهة الحكميّة فلا خفاء فى ان التمسّك بها من باب التمسّك بالقاعدة العمليّة اعنى حكم الجاهل فلا ترتبط بحجيّة مطلق الظن لانها فى مقام الاجتهاد ومع ذلك نقول انه لو كان القول بحجيّة مطلق الظّن من باب عدم نصب الطريق فالقائل بهذه المقالة انّما يقول بعدم الدّليل على حجيّة الظنّ بالحكم المستفاد من خبر الواحد ولا ريب فى انّ الظنّ بالحكم انما يتحصّل بعد الظن بالصّدور والظنّ بالدلالة فانكار كلّ من جهة الظن بالصّدور والظنّ بالدلالة غير مدلول عليه بالدليل فهذا ينافى القول باعتبار مدلول اللّفظ تعبدا وان كان الظن بالدّلالة معتبرا دون الظن بالصدور فالمفروض ان الظن بالحكم انّما يتحصّل من مجموع الظنّ بالصّدور والظنّ بالدلالة فاعتبار الظنّ بالدّلالة فى اىّ وعاء يتأتى وفى اى موضع يثمر وان قلت ان التعبّد فى صورة الشكّ فى ارادة المعنى الحقيقى او الظنّ بارادة المعنى المجازى بتوسّط الامر الغير المعتبر او الشك فى ارادة المعنى الحقيقى بتوسّط الامر المعتبر قضيّة اختصاص الاجماع بالصّور المذكورة قلت كيف يقتضى الاجماع اعتبار مدلول اللفظ فى الصّور المذكورة ولا يقتضى اعتبارها فى صورة الظنّ بالارادة ومع ذلك نقول انّه كيف يتاتّى القول بحجيّة (٢) مدلول اللفظ مع الظن بالخلاف الّا ان يقال انّ عمدة المدرك فى اعتبار الظنّ النّوعى انما هى الاجماع فالمرجع الى كون الظنّ بالخلاف من الظنون المخرجة وعلى الاول اما ان يكون الاستنباط من اللغة كما فى الصّعيد من حيث كونه موضوعا لمطلق وجه الارض او التّراب الخالص او من العرف كما فى العيب الموجب للخيار او من الشّرع كما فى الفاظ العبادات بناء على كون ثبوت الحقيقة الشرعيّة فيها وقد يعبّر عن الموضوع من حيث التحصل بالموضوع الصّرف وعن الموضوع من حيث الاستنباط بالموضوع المستنبط وما صنعناه وفاقا للوالد الماجد ره اجود اذا الظّاهر من التّعبير بالموضوع الصّرف والموضوع المستنبط انهما امران متمايزان مع انّهما جهتان متعلّقتان بامر واحد وعلى الثانى اعنى كون الظن بالحكم الفرعى امّا ان يكون الظن بالحكم من حيث الاستنباط كما فى دلالة الامر على الوجوب والنّهى على الحرمة ودلالة لفظ النّجاسة مثلا على الحكم الوضعى واما ان يكون من باب الظنّ يتحصّل الحكم كما فى الظنّ بتعلّق وجوب الصّلاة على الميّت على الشخص بالظنّ بالموت والظنّ بنجاسة شيء من باب الظنّ بالملاقاة مع معلوم النجاسة والعلم بالملاقاة مع مظنون النجاسة والحكم فيه حكم الظنّ بالموضوع من حيث التحصّل ويمكن ان يقال ان مرجع الامر على الاخير الى الظن بالموضوع من حيث التحصّل لكن نقول انّ ما ذكر لا باس به فى باب الظن بوجوب الصّلاة على الميّت لكن لا وجه له فى باب الظن بالنّجاسة المشار اليه اذ فى جميع موارد الظن بالموضوع من حيث التحصّل يتحصّل الظنّ بالحكم ناشيا عن الظنّ بالموضوع وايضا الظنّ بالحكم اما ان يكون من باب الظنّ بالحكم الواقعى الاولى او يكون من باب الظنّ بالحكم الواقعى الثّانوى كما فى التيمّم والتقية او يكون من باب الظن بالحكم الظّاهرى كما فى الاحكام المستفادة من ظواهر الكتاب والاخبار الّا ان يقال انه لا يخرج عن الاوّلين او يكون من باب الظنّ بالحكم العملى كما فى الاستصحاب بناء على اعتباره من باب التعبّد وعدم موضوعيّة الشك والا فيرجع الامر الى القسم الاوّل بناء على اعتباره من باب الظنّ ويرجع الامر الى القسم الثانى بناء على موضوعيّة الشّك ويمكن ان يقال انّ هذا التقسيم من باب مجرّد الاصطلاح ولا جدوى فيه كيف لا والاحكام الواقعيّة كلّها فى عرض واحد وليس لها فى شيء من الموارد مرتبتان مرتبتان حيث ان حكم واجد الماء بالوضوء مثلا وحكم فاقد الماء بالتيمّم فى عرض وليس الثانى بالنّسبة الى الاول فى جانب الطّول وان مقتضى ظاهر قوله سبحانه فان لم تجدوا ماء فتيمّموا كون التيمّم فى جانب الطّول بالنّسبة الى الوضوء وبعد فقد يكون الظن متعلّقا بالسند وفيه يتاتى الكلام فى اعتبار الظنّ النّوعى والظنّ الشخصى ايضا وقد اتفق القول باعتبار الظنّ النّوعى من حيث السّند فى باب الخبر الصّحيح من بعض ارباب القول بحجيّة مطلق الظنّ ايضا وينقدح القدح فيه بما مرّ وقد يكون الظنّ فى تطابق مضمون الخبر اى

__________________

(٢) مطلق الظنّ مع القول بحجيّته

١٥

اى الحكم المستفاد من الخبر مع الواقع اعنى الخلو عن التقيّة وهذا قد يتفق فى حال التعارض كما فى مرجحات المضمون فى تعارض الخبرين بل مقتضى كلمات الاصوليّين ان مرجحات الدلالة والسّند ايضا تفيد الظن بمطابقة مضمون الرّاجح للواقع لكنه يشكل بان احتمال التقية ونحوها وان كان خلاف الظاهر بالنّسبة الى الخبر المنفرد لكن لا محيص عنه فى باب التعارض فلا مجال لحصول الظن بمطابقة مضمون الراجح دلالة او سندا للواقع لاحتمال كون الراجح هو الصّاد ومن باب التقية ونحوها وهذا اشكال صعب مستصعب حرّره الكلام فيه فى محله وياتى الكلام فيه فى بعض التنبيهات وقد يتفق الظن المشار اليه فى حال الانفراد وهذا غير مذكور فى كلماتهم إلّا انه ربما فصل سيّدنا بناء على حجية الظنون الخاصّة باعتبار الظن المستفاد من الخبر الصّحيح وان لم يتحصّل الظنّ بمطابقة الحكم المستفاد منه للواقع بالخلو عن التقية دون الخبر الموثق والحسن والقوى والضّعيف المنجبر بالشّهرة بملاحظة اطلاق مفهوم آية النّبإ المقتضى لحجيّة خبر العدل حيث ان مقتضى الاطلاق المذكور عدم اشتراط الظن بمطابقة الحكم المستفاد منه للواقع ويضعف بان مقتضى مفهوم آية النّبإ انّما هو قبول خبر العدل فى الأسناد الى المعصوم عليه السّلم ومقتضى منطوقها اشتراط التبيّن عن صدق الأسناد الى الامام عليه السّلم واين الأول من العمل بمضمون خبر العدل على الاطلاق واين الثّانى من اشتراط الظنّ بمطابقة مضمون الخبر الموثق او غيره للواقع ونظير ذلك الاستناد فى انجبار ضعف الخبر بالشّهرة المطابقة الى حصول التبيّن المشترط فى منطوق آية النّبإ لوضوح ان الشهرة المطابقة توجب الظنّ بمضمون الخبر واين هذا من ضعف الاسناد الى الامام عليه‌السلام ولا ارتباط لاحدهما بالآخر فلا مجال لانجبار ضعف الاسناد بالشّهرة المطابقة لكن يمكن ان يقال ان الظنّ بالصّدور وان لا يقتضى الظنّ بمطابقة الصّادر للواقع لكن قبول الأسناد الى الامام عليه السّلم يقتضى اعتبار ما اسند اليه عليه‌السلام والا لكان قبول الاستناد لغوا فالتمسّك بالمنطوق وان كان خاليا عن الوجه لكن التمسّك بالمفهوم متجه بملاحظة ما ذكر إلّا ان يقال ان الامر بالتبيّن يقتضى وجوب قبول الاسناد بعد التبيّن بناء على كون وجوب التبيّن من باب الوجوب الشّرطى لا الوجوب النفسى كما هو الاظهر بل لا ريب فيه فوجوب قبول الاسناد يقتضى وجوب قبول ما اسند اليه ايضا والا يلزم كون التبيّن لغوا الّا ان يقال انّ اطلاق الامر بالتبيّن وارد مورد بيان حال الصّدور ولا ينفع بحال الصّادر وبما مرّ يظهر ضعف الاستناد الى منطوق آية النّبإ على حجيّة الخبر الحسن والخبر الموثق والخبر القوى بناء فى الاخيرين على عدم جواز اجتماع العدالة مع سوء المذهب كما عن شفاهيّات فخر المحقّقين عن والده العلّامة ره لكن الاظهر جواز الاجتماع وقد حرّرنا الحال فى الرّسالة المعمولة فى ثقة حيث ان الغرض من التبيّن المشترط فى منطوق الآية انما هو التفحّص عن خصوص صدق الفاسق فى الاخبار فى خصوص القضيّة المخصوصة كاسناد الرّاوى الى المعصوم عليه السّلم حكما مخصوصا ولا يعمّ التفحّص عن حال الراوى وبوجه آخر الغرض من التبيّن المشترط فى الآية انّما هو التفحّص عن صدق خبر الفاسق ولا يعمّ التفحّص عن حال الفاسق وبوجه ثالث الغرض من التبيّن المذكور انما هو التفحّص عن خصوص صدق خبر الفاسق بلا واسطة ولا يعمّ التفحّص عن صدقه بتوسّط الفحص عن حاله صدقا وكذبا وايضا الظن بالموضوع قد يكون موجبا لحدوث الظن الحكم كما فى الاخبار الشّرعية حيث انّ الخبر يحصل منه الظن بالحكم بتوسّط الظنّ بالسّنة قولا او فعلا او تقريرا الّا انّ الظنّ بالموضوع هنا خارج عن شهرة القول بعدم حجيّة الظنّ بالموضوع ومن قبيل ذلك الظن بالاتفاق (٣) من باب الموضوع الّا انه يوجب الظن بالحكم وايضا المصرّح به فى بعض ادلّة عدم حجيّة الاستصحاب انّه لا اعتبار بالظن المطلق والمعتبر هو الظنّ الغالب واورد عليه الوالد الماجد ره باتفاق من يعتبر الظنّ فى امثال الاستصحاب على عدم الفرق بين الظنّ الغالب وغيره وادّعى الاتفاق المنكشف بسيرة الفقهاء ممّن يعتبر الظنون الخاصّة او مطلق الظن على عدم اختصاص الحجيّة بالظّن الغالب وادّعى بعض الفحول ايضا الاتفاق عليه وذكر المحقق الثانى ضابطة فى الفرق بين الشّبهة المحصورة وغيرها وقال وما وقع فيه الشّك تعرّضه على القرائن والنّظائر وتراجع فيه القلب فان غلب على الظنّ الحاقة باحد الطّرفين فذاك والّا عمل فيه بالاستصحاب الى ان يعلم الناقل ومقصوده بالغلبة على الظن امّا الظنّ الغالب كما لعلّه الظّاهر او غلبة احد الطّرفين على الآخر بالرّجحان والظنّ فالغرض نفس الظنّ لا الظنّ الغالب وحكى الشّهيد فى المقاصد العليّة عند الكلام فى الظنّ فى ركعات الصّلاة عن كثير من الاصحاب التّعبير بغلبة

__________________

(٣) حيث انّ الاتفاق

١٦

الظّن وحكم بكفاية مطلق الظن ناقلا لكفايته عن الدّروس ثم قال وكان من غيره الغلبة قد تجوّز بسبب انّ الظّن لما كان غالبا بالنّسبة الى الشكّ والوهم وصفه بما هو لازم له واضاف الصّفة المعبّر عنها بالمصدر الى الموصوف بمعنى الظّن الموصوف بكونه غالبا وح فيكون وصف الظّن بالغلبة بيانيا لا تقييديّا من قبيل طائر يطير بجناحيه وحكى فى الرّوض عن العلّامة وجماعة انّ المدار فى الواجب الكفائى على الظّن الغالب بقيام الغير به لكن مقتضى بعض آخر من كلماته ان الغرض مطلق الظّن وحكم السّيّد السّند المحسن الكاظمى فى بعض كلماته بانه لا يجوز للمجتهد الاخذ بالظّن الضّعيف مع تمكّنه من الظّن الاقوى وادعى بعض الفحول الاتفاق على ان المناط فى التّرجيح هو الظن الاقوى ومقتضاه عدم كفاية الظن المتعارف فضلا عن الظّن الضّعيف الا ان الظّاهر بملاحظة باقى اجزاء كلامه ان الغرض مطلق الظن والتّعبير بالاقوى من باب حسبان حركة الظّن الاقوى بالحكم تبعا لما اشتهر من الظّن الاقوى وايضا النّزاع فى المقام فى حجيّة الظن المجتهد المطلق وامّا الكلام فى اعتبار ظن المتجزّى فهو موكول الى بحث الاجتهاد كما انّ الكلام فى انّ اعتبار التقليد من باب الظّن او التعبّد موكول الى بحث التقليد ومقتضى كلام الاكثر كون اعتبار التقليد من باب الظّن قضيّة استدلالهم على وجوب تقليد الاعلم بانّ الظّن فى جانب قول الاعلم واقوال المجتهدين بالنّسبة الى المقلّد نظير اخبار الآحاد بالنّسبة الى المجتهد فيجب على المقلّد مراعاة الظّن الاقوى وربما تصرّف فيه الوالد الماجد ره بناء على حجيّة الظّنون الخاصّة بان الظّن فى جانب قول الاعلم فمقتضى قاعدة الاشتغال مراعاة الظّن لكن يخدشه بعد ابتناءه على وجوب الاحتياط فى باب الشّك فى المكلّف به والأقوى عدم الوجوب كما حرّرناه فى محلّه عدم التزام ارباب وجوب الاحتياط فى باب الشّك فى المكلّف به بجميع الاحتمالات كما يرشد اليه ما حكم به العلّامة النّجفى مع كونه قائلا بوجوب الاحتياط فى الشّك فى المكلّف به من جريان الاصل فيما لم ينشأ الشّك من خلاف معتدّ به بل خلاف شاذ او رواية لا تنهض حجّة ولا تبلغ حدّ السّقوط او لم يرد به نصّ ولا رواية ولا تعرّض الأصحاب لذكر خلاف فيه فى كتاب او رسالة احتجاجا بانّ فى الاخذ بكلّ احتمال التزام ما لا ينحصر والاجماع على عدم لزومه بل احد من ارباب وجوب الاحتياط فى الشّك فى المكلّف به لا يجرى بناء على اعتبار الظنون الخاصّة على العمل بالظنون التى لم يثبّت اعتبارها نفيا واثباتا لو قامت على جزئية شيء للعبادة او شرطيّته او مانعيّته لها وان يتاتى الاشكال على ارباب وجوب الاحتياط بان عمدة المدرك فى القول بوجوب الاحتياط انّما هى قاعدة الاشتغال ومرجعها الى حكم العقل القاطع بوجوب تحصيل اليقين بالفراغ عن اليقين بالاشتغال وهذا غير قابل للتخصيص ولا سيّما مع كثرة الخارج لكثرة الظّنون والشكوك الغير المعتدّ بها فلمّا ثبت عدم اعتبار بعض الشّكوك والظنون بل كثير منها فهو يوجب سكوت العقل عن الحكم بوجوب تحصيل اليقين بالفراغ عن الاشتغال المتيقن ولذا يجرى اصل البراءة على ما يظهر بالرّجوع الى البشارات فضلا عن الرّسالة المعمولة فى باب الشّكّ فى الجزئية او الشرطية او المانعيّة للعبادة فانه لم يسبقنى الى مثلها سابق ولا اظنّ ان يلحقنى لا حق بعد انّه لم يعمل عامل فى الباب رسالة ولله الحمد والمنة فعدم التزام ارباب الاحتياط للاحتياط فى جميع الشكوك والاوهام ينافى القول بوجوب الاحتياط من باب التمسّك بحكم العقل والامر من قبيل مناقضة قيام الضّرورة على عدم اعتبار امثال القياس للقول بحجيّة مطلق الظنّ الّا انّه يمكن الذّب عنه كما ياتى بكون الامر من باب التخصيص ولا مهرب هنا وكذا مناقضة قتل الجاهل القاصر فى الاصول ونهب امواله وأسر عياله بناء على ترتّب الاحكام الدّنيويّة المترتبة على الكفر كما هو المشهور غاية الاشتهار للقول بحكم العقل بعدم جواز عقابه وكذا مناقضة عدم اعتبار العلّة المنصوصة فى بعض الموارد لعموم العلّة بناء على كونه من باب حكم العقل وشرح الحال موكول الى ما حرّرناه فى محلّه لكن التمسّك باستصحاب الاشتغال للقول بوجوب الاحتياط سليم عن الأشكال المذكور الّا انّ بعض ارباب الاحتياط بل عمدتهم اعنى العلّامة السبزوارى على ما نسب السّيّد السّند المحسن الكاظمى رئاسة هذا القول اليه وان كان النّسبة فى غير المحل لا يقول بحجيّة الاستصحاب فى الباب نعم يمكن القول بانّ عدم اعتبار بعض الشّكوك نادرا وان يوجب سكوت العقل عن الجزم بلزوم الاحتياط لكن ظهور اللّفظ فى اطّرّاد التكليف حال الجهل يقتضى الظنّ بلزوم الاحتياط فى سائر موارد الشّك نظير حجيّة العام المخصّص فيما بقى ومن هذا عدم ممانعة اعتبار العلم بالمكلّف به حكما اى جزء او شرطا او مانعا

١٧

او موضوعا اعنى العلم بالاتيان بالمكلّف به او العلم بالإتيان بجزئه او شرطه او العلم بترك المانع له عن وجوب الاحتياط فى موارد الشّك فى الجزئية او الشّرطية او المانعيّة مع امكان مخالفة العلم للواقع وكذا الحال فى اعتبار البيّنة فى باب الموضوع كما لو قام البيّنة على الإتيان بالجزء او الشّرط او ترك المانع او قام البيّنة على بعض اطراف الشّبهة المحصورة على القول بوجوب الاحتياط فيها لكن لو تكثر مورد عدم اعتبار الشّك يرتفع الظنّ النّاشى عن ظهور اللّفظ فى اطراد التكليف فى حال الجهل وبالجملة مجرّد احتمال مداخلة قوّة الظنّ فى البراءة لا مجال لوجوب الاحتياط به بناء على وجوب الاحتياط فى باب الشّك فى المكلّف به والكلام فى باب الجاهل القاصر موكول الى بحث التقليد ايضا وقد حرّرنا الكلام فيه فى محلّه (١) ومقتضى كلمات السّيّد السّند العلى فى اوائل كتاب القضاء اختصاص حجية مطلق الظنّ بالظّان المخصوص اعنى المجتهد المطلق وصرّح بانه من باب الظنّ المخصوص والغرض منه انما هو الخصوصيّة باعتبار خصوص الظّان والأوجه ان يقال انّ غرضه ان الظنّ المطلق فى نفس الأحكام ظنّ مخصوص فى قبال الظن فى الموضوعات من حيث التحصّل بناء على عدم حجيّة الظنّ فيها ولعله المشهور وياتى الكلام فيه وكذا الموضوعات من حيث الاستنباط وضعا بناء على عدم حجيّة مطلق الظنّ فيها كما ياتى من السّيّد السّند المذكور ثبت حجيّة للمجتهد المطلق كالاسباب فى الموضوعات نحو اليد وغيرها ويمكن ان يكون غرضه من الخصوصيّة (٢) بالنّسبة الى الإطلاق الحقيقى لكن كلامه صريح فى كون الغرض هو الخصوصيّة فى قبال الظنّ فى الموضوعات من حيث التحصّل لقوله بعد ما ذكر من تصريحه بان ظنّ المجتهد المطلق من باب الظنّ المخصوص كسائر الظّنون المخصوصة من ظواهر الكتاب والسّنة المستفيضة والانساب والسّوق واليد وغيرها لكنّه يبتنى على خروج الظّنون اللفظيّة المتعلّقة بالدّلالة اعنى الظنّ فى الموضوعات من حيث الاستنباط دلالة كالظّواهر المذكورة عن مطلق الظنّ المتنازع فيه وكذا يبتنى على اشتراط الظنّ فى السّوق وامّا الأنساب فالظّاهر ان الغرض اعتبار الظنّ فيها بتوسّط الاستفاضة فى مقام الشّهادة فانه المعنون فى الفقه فى كتاب الشّهادات لكنّه جرى على عدم كفاية الظنّ ونقل اقوالا ثلاثة لزوم العلم وكفاية الظنّ المتاخم للعلم وكفاية مطلق الظنّ لكن يتاتى الكلام ايضا فى كفاية الظنّ فيها بواسطة الاستفاضة فى جواز القضاء بالمستفيض وكذا فى ترتيب الآثار ممّن سمع بالاستفاضة وللكلام فى المقام مقام آخر وامّا اليد فلا اشكال فى اعتبار الظنّ المستفاد منها بالملكيّة وقد ادّعى السّيد السّند المذكور الاجماع بل الضّرورة عليه لكن يتاتى الكلام فى عموم اعتبار دلالة اليد على الملكية لصورة عدم حصول الظنّ منها بالملكية وكذا يتاتى الكلام فى جواز الشّهادة باليد على الملكية ولو فى صورة افادة اليد للملكيّة وللكلام فهما محلّ آخر ايضا وينافى ما ذكره السّيّد السّند المذكور هنا فى باب الانساب واليد ما ذكره من ان العلّة فى حجيّة شهادة العدلين ليست هى افادة المظنّة بل انّما هى من جملة الاسباب الشّرعية كاليد والانساب ونحو ذلك حتّى انّها لو لم تفد مظنة بالكليّة لكانت حجّة ايضا بلا شبهة والظّاهر بل بلا اشكال ان مقصوده من حجيّة ظواهر الكتاب والسّنة انما هو حجيّتها بالنّسبة الى المجتهد المطلق كيف لا وقد منع عن ثبوت حجيّة ظن المتجزّى ببعض الاخبار يعنى مقبولة عمر بن حنظلة لكونه من باب اثبات الظنّ بالظن لكن ذلك مناف للسّوق اعنى التّمثل بالسّوق والانساب وهو انّما قد جعل مورد النزاع ظن المجتهد المطلق ومنع عن حجيّة ظن المتجزّى نظرا الى عدم قيام مقدّمات دليل الانسداد فى حقّه من بقاء التكليف بالاحكام الشّرعية وانسداد باب العلم اليها وعدم جواز التكليف بما لا يطاق فعدم اعتبار العلم بمظنته واعتبار العلم ح يستلزم امّا ارتفاع التكليف او التّكليف بما لا يطاق وهما بديهيّا الفساد ولا اجماع فى المتجزّى لمكان الخلاف ولا اعتبار ايضا لعدم اجتماع المقدّمات الثلث له جميعا من حيث عدم صحّة دعواه انسداد باب العلم فى المسألة الّتى يجتهد فيها بعد اطباق الكلّ واعترافه ايضا بقصوره واحتمال ظهور خلاف ظنّه بتتبع مدارك ما عداها وكذا دعواه عدم التكليف بما لا يطاق فى حقّه لانّه فى وسعه وطاقته تحصيل المعرفة بالمدارك كلّها فكيف يقول لا يكلّفنى الله تعالى بما لا يطاق فى المسألة الّتى انا فيها اقول كما انّ المقطوع به عدم جعل الطّريق للمجتهد المطلق كما يظهر ممّا ياتى فكذا المقطوع به عدم جعل قول المجتهد المطلق طريقا للعامى البحث فضلا عن المتجزى وغاية الامر رجحان قول المجتهد المطلق فى حقّ المتجزّى فى نظره لو ثبت رجحانه فى حقّه فى نظره وياتى كونه

__________________

(١) ومقتضى كلمات المحقق القمى اعتبار مطلق الظن من مطلق الظان من الافراد الاربعة المتقدّمة

(٢) هو الخصوصيّة

١٨

مرجوحا فى نظره بحسب المطابقة مع الواقع بل بحسب الاعتبار ولا يلزم على المتجزّى العمل بالظّن المذكور لعدم قيام دليل على اعتباره ومع ذلك المدار فى انسداد باب العلم فى حق المجتهد المطلق على الانسداد بالنّسبة الى مجموع العبادات والمعاملات كما يظهر ممّا ياتى لا الجميع اعنى ما يستنبطه المجتهد المطلق ولا فرق فى ذلك بين المجتهد المطلق والمتجزّى ولعلّ منشأ كلامه الغرور عن ظاهر كلام صاحب المعالم حيث ادّعى انسداد باب العلم بالاحكام الشّرعية اذ مقتضاه قضيّة عموم الجمع المعرّف باللام انسداد باب العلم بالنّسبة الى جميع الاحكام الّا انّه مبتنى على دعوى عدم وقوع التّواتر فى الاخبار كما صرّح به فى اثناء الاستدلال بدليل الانسداد او دعوى امتناع الاجماع فيما بعد زمان الشّيخ دون زمان الشّيخ وما قبله او غيره من الوجوه المحتملة فى كلامه كما ياتى بل يمكن ان يقال انّه يدور الامر فى حق المتجزّى بين الاحتياط والتّخيير والتقليد والعمل بظنّه لكن الاوّل لا يتمّ وجوبه بناء على حكومة اصالة البراءة فى باب الشكّ فى المكلّف به مع انّه لو امكن الاحتياط لا يطرّد امكانه على ان مقتضى ما ياتى وجوب العمل بظنّه وهو دليل اجتهادىّ لا يبقى مع وجوده وجوب الاحتياط ولو امكن مضافا الى ما يقال من انّه يحكم العقل بانتفاء العسر المترتّب على الاحتياط فى المقام ولو قلنا بعدم حكم العقل بانتفاء مطلق العسر فلا حاجة الى التمسّك بالآيات والاخبار فى نفى العسر والحرج فى المقام لعدم صحّة استناد المتجزّى اليها لعدم خروج مفاد الآيات والاخبار عن الظنّ والثانى خلاف الاجماع بل من امكن له الاجتهاد لا يجوز له التقليد الّا ان يقال انّه فى حقّ المجتهد المطلق بل الاظهر جواز التقليد للمجتهد المطلق فيما لم يجتهد فيه كما حرّرناه فى محلّه مضافا الى ان التّخيير تستلزم التّسوية بين الرّاجح والمرجوح فكيف ظنّك بالثّالث اعنى التقليد فانّه يستلزم ترجيح المرجوح على الرّاجح فيتعيّن الاخير اى يتعيّن للمتجزّى العمل بظنّه مع انّ مظنون المتجزّى مظنون المطابقة مع الواقع عنده كما هو ظاهر وكذا مظنون الاعتبار النّقل الشّهرة على وجوب العمل بظنّه فقول المجتهد المطلق مرجوح عنده من حيث المطابقة مع الواقع وكذا من حيث الاعتبار فالتقليد للمتجزّى يستلزم ترجيح المرجوح من وجهين على الراجح من وجهين فيتعيّن العمل بظنّه هذا ولو لم يتمكّن المتجزّى من اثبات حجيّة ظنّه بالعلم ولو لم يمكن للمجتهد المطلق ارشاده المفيد بان يحصل له العلم لقوله بعدم حجيّة ظنّ المتجزّى او قصور المتجزّى فامّا ان يكون المتجزّى قد استنبط احكاما فرعيّة او استنبط ايضا حجيّة ظنّ المتجزّى بالاثبات او النّفى وعلى التّقادير اما ان يقول المجتهد المطلق بحجيّة ظنّ المتجزّى او يقول بعدم حجيّته فالاقسام ستّة فعلى الاول ان كان المجتهد المطلق يقول بعدم حجيّة ظن المتجزّى فلا اشكال فانه يفتى للمتجزّى بوجوب التقليد عليه فى المسائل الفرعيّة المستنبطة وان كان يقول بحجيّة ظنّ المتجزّى فهو يفتى له بوجوب عمله بظنّه فى المسائل المشار اليها اى التقليد فى المسائل الفرعيّة او يفتى له بالتقليد فى المسائل الاصولية اعنى حجيّة ظنّ المتجزّى او يفتى له بالتّخيير بين التقليد فى المسألة الاصوليّة والتقليد فى المسائل الفرعيّة الّا ان يقال ان التقليد فى المسألة الأصوليّة يستلزم التركّب من الاجتهاد والتقليد وهو خلاف الاجماع والتّخيير ايضا خلاف الاجماع فالتقليد فى المسألة الأصوليّة خلاف الاجماع لكن نقول انّ كون التقليد فى المسألة الاصوليّة خلاف الإجماع غير ثابت كيف لا وقد عدّه فى المعالم غير معروف بل عن بعض المحققين من الأواخر القول به اعنى التقليد فى المسألة الاصوليّة اى حجيّة ظنّ المتجزّى ومخالفة التّخيير للإجماع غير غير ثابتة ايضا كيف لا ولا تصريح فى كلماتهم بعدم جوازه مع انّه ليس اشدّ وابعد من التقليد فى المسألة الاصوليّة وقد سمعت انّه قد عدّه فى المعالم غير معروف وعن بعض المحقّقين القول به مضافا الى انّه لا وثوق لى بتتالى الفتاوى غالبا فضلا عن انّه ربما يقال انّ حجيّة ظن المتجزّى على القول بها من باب الرّخصة لا العزيمة ومرجعه الى التخيير المذكور نعم الأحوط ان يفتى بوجوب التقليد فى المسائل الفرعيّة وعلى الثانى فان كان المجتهد المطلق يقول بعدم حجيّة ظنّ المتجزّى فلا اشكال ايضا سواء قال المتجزّى بحجيّة ظنّه (٣) لكن يتاتى الاشكال فى هذه الصّورة لو قال المجتهد المطلق مع قوله بعدم حجيّة ظنّ المتجزّى كما هو المفروض بعدم جواز التقليد مع الظنّ بالخلاف وقال المتجزّى بحجية ظنّه مع انحصار المجتهد فى المجتهد المطلق المذكور او كونه اعلم ممّن عداه مع وجوب تقليد الاعلم وامّا لو قال المجتهد المطلق بحجيّة ظنّ المتجزّى فان كان المتجزّى يقول بعدم حجيّة ظنّه فلا بدّ للمجتهد المطلق من ان يفتى له بوجوب التقليد فى المسائل الفرعيّة اذ التقليد فى المسألة الاصوليّة يلزم من وجودها لعدم محال لاستلزامه الوجود والعدم وان كان المتجزّى يقول بحجيّة ظنّه فلا بدّ للمجتهد المطلق من ان يفتى له بوجوب العمل بظنّه

__________________

(٣) وما يلزم من وجودها العدم

١٩

فى المسألة الاصولية ثم العمل بظنّه فى المسائل الفرعيّة لو قلنا بجواز التقليد فى المسألة الاصوليّة لكن الاخير لا حاجة فيه الى التقليد بل يكفي فيه التقليد فى المسألة الاصوليّة والتقليد فى المسائل الفرعيّة لو لم نقل بكونه خلاف الاجماع والا فيفتى له بوجوب التقليد فى المسائل الفرعيّة او يفتى له بالتخيير بين التقليد فى المسألة الاصولية وايضا لا اشكال فى اختصاص النّزاع بزمان انسداد باب العلم من اعصار الغيبة بل الغيبة الكبرى قضاء لحق الاستناد الى دليل الانسداد لكن يطرد الكلام فى المقام فى زمان انفتاح باب العلم بالنّسبة الى امكان الانسداد لبعد المسافة عن التشرّف بالحضور كما هو الحال بالنّسبة الى اكثر اهل اعصار الحضور فان البعد مكانا كالبعد زمانا لكن المدار فى الانسداد مكانا على ما هو المدار فى الانسداد زمانا كما ياتى اعنى انسداد باب العلم بالنّسبة الى مجموع الصّلاة مثلا وان انسدّ باب العلم بالنّسبة الى ابعاض اجزائها وشرائطها وموانعها فى الغالب بل الاغلب وان قلت انّه لا باس بعموم النّزاع لمن لم يتمكّن من تحصيل العلم فى اعصار الحضور لصدق انسداد باب العلم بالنّسبة الى من لم يتمكن من تحصيل العلم فى اعصار الحضور قلت انّ كلماتهم لا تشمل ذلك بعد فرض صدق انسداد باب العلم مع ان الغرض من انسداد باب العلم انّما هو الانسداد حقيقة لا بالاضافة بل لعلّ الغرض عدم وجود ارباب العصمة من النّبى صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة عليهم السّلم حيث انّهم ابواب العلم ويمكن انّ يقال انّ حصول العلم فى زمان الانفتاح بالنّسبة الى المشافهين ايضا قليل بناء على ما هو المشهور من عدم حصول العلم بالنّسبة الى مداليل الالفاظ لعدم حصول العلم بالنسبة اليها الّا فى صورة قيام القرينة وقوتها بحيث توجب العلم بالمدلول وهو قليل لكن ذلك غير منصور وقد حرّرنا الحال فى محلّه وايضا اصل الكلام فى المقام انّما هو فى الظن بالحكم الفرعى واما الظن باصول الدين فالكلام فيه موكول الى بحث التقليد ونأتي بالكلام فى الظن فى اصول الفقه فى بعض التنبيهات وايضا الكلام فى باب الظّن بالصّدور يتعلّق بالكلام فى تذكية الرّواة وقد حرّرنا الكلام فيها فى رسالة منفردة وكذا فى البشارات والرّسالة المعمولة فى تصحيح الغير وايضا الظن بالحكم الفرعى يستند تارة الى القول وهو الغالب واخرى الى الفعل وثالثة الى التّقرير والكلام فى الاوّل موكول الى ما ياتى من الكلام فى الظّن بالدلالة والظّن فى كلّ من الأخيرين يتاتى الكلام فى حجيّته لكن قد ادّعى غير واحد الاجماع على حجيّة الظّن فى اوّلهما المقدّمة الخامسة انّه يتاتى الكلام فى المقام تارة فى مقام الاجتهاد واخرى فى مقام العمل بعد التوقف فى مقام الاجتهاد امّا المقام الاول فالنّزاع فى المقام اعنى مقام الاجتهاد يرجع الى انّ الله سبحانه هل جعل لنا ظنّا من الظنون الخاصّة طريقا تعبّديا للاحكام ينفع حين انسداد باب العلم باختصاصه بحال الانسداد وعمومه لحال الانفتاح اوّلا الظّاهر انّ ارباب الظنون المخصوصة يدعون الأوّل وبه صرّح بعضهم وارباب مذاق الاطلاق ينكرونه ويقولون بالثّانى والقول الاوّل لا يتم الّا باقامة ما يفيد حجيّة الظّنون المخصوصة وعمدتها خبر الواحد من حيث انّها هى وبعبارة اخرى من حيث الخصوصيّة والّا فلو دلّ الدّليل على حجيّة خبر الواحد فى الجملة اى على وجه التردّد بين حجيّته من حيث الخصوصيّة وحجيّته من حيث مطلق الظن لا يثبت كون الظّن المتحصّل بخبر الواحد ظنّا مخصوصا تعبّد به الشّارع فى الطّريق للاحكام قضيّة التردّد المفروض واناطة ثبوت جعل الطّريق بثبوت كون الحجيّة من حيث الخصوصيّة فلا باس بان يكون مطلق الظّن طريقا للاحكام لكن نصّ الشّارع على حجيّة بعض افراد الظن لا من حيث الخصوصيّة بل من حيث اعتبار النّوع الّا ان الاطلاق المشار اليه غير الإطلاق الّذى يقول به القائل بحجيّة مطلق الظن اذ الاوّل من باب الدليل الاجتهادى الواقعىّ الأولى المتنجز والثّانى من باب الدّليل العملى اذ مقتضاه حجيّة الظّن بالنّسبة الى الجاهل بالطّريق ومن هذا انه لو ثبت جعل الطّريق فلا مجال للقول بذلك بخلاف الاوّل فانّ لمدار فيه على حجيّة الظنّ من باب الواقعىّ الاولى المتنجّز اى الغير المعلّق على شيء وان امكن دعوى دلالة مفهوم آية النّبأ على حجيّة خبر العدل من حيث كونه فردا من افراد الظنّ كما ادّعاه المحقق القمّى فى بعض كلماته كما ياتى لكن لا مجال للتمسّك بذلك على حجيّة مطلق الظّن للزوم الدّور كيف لا وقد جرى ارباب القول بعموم العلّة على ان العلّة فى حرمت الخمر لاسكارها مثلا هى مجرّد الاسكار من دون مداخلة خصوصيّة الخمريّة مع اضافة الاسكار الى الخمر بل جعل العلّامة فى النّهاية النّزاع فى عموم العلّة مخصوصا بذلك واخرج نحو حرمت الخمر للاسكار عن مورد النّزاع نعم ما ذكر بمعاونة مقام التّعليل وعلى ما ذكرنا يجرى الامور العرفيّة مثلا لو اظهر زيد محبّة بالنّسبة الى زيد العالم فهذا يمكن ان يكون من جهة خصوصيّة فى العالم المشار اليه ويلزم به عدم محبّة غيره من اهل العلم لبعض الغير او مجرّد عدم الحبّ الّا انّه يمكن ان يتفق خصوصيّة اخرى فى عالم آخر يقتضى اظهار المحبّة ويمكن

٢٠