مختصر نهج البيان

محمّد بن علي النقي الشيباني

مختصر نهج البيان

المؤلف:

محمّد بن علي النقي الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٤

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤) قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (١٥) قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٧) قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨) قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (١٩) وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١) وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ (٢٣) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (٢٥) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧)

[١٣] (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً) : لكفّار قريش. (أَصْحابَ الْقَرْيَةِ). قيل : أنطاكية.

[١٤] (اثْنَيْنِ). قيل : هما رسولا عيسى عليه‌السلام يونان ويونس. (فَعَزَّزْنا) : قوّينا وشدّدنا. (بِثالِثٍ). هو شمعون من الحواريّين.

[١٩] (طائِرُكُمْ). قيل : عملكم. وقيل : حظّكم من الخير والشّرّ.

[٢٠] (رَجُلٌ يَسْعى). هو حبيب النجّار ؛ كان يكتم إيمانه ، فكذّبوه وقتلوه. وقيل : دسّوه في بئر لهم.

[٢٢] (فَطَرَنِي) : خلقني.

[٢٦ ـ ٢٧] (ادْخُلِ الْجَنَّةَ). فلمّا دخلها (قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).

٤٤١

وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (٢٩) يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٠) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (٣١) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣٢) وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٣٥) سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)

[٢٨] (مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ) : أتتهم الملائكة بالعذاب.

[٢٩] (إِنْ كانَتْ) : ما كانت (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) بل صاح بهم جبرئيل عليه‌السلام صيحة هائلة. (فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) : ميّتون. وقيل : صاروا بمنزلة الرماد الخامد الهامد.

[٣١] (مِنَ الْقُرُونِ) : الأمم الخالية. (أَنَّهُمْ) : أنّ القرون الماضية. (إِلَيْهِمْ) : إلى أهل مكّة. وقيل : إلى أهل أنطاكية.

[٣٢] (لَمَّا جَمِيعٌ) ؛ أي : وما كلّ إلّا جميع. و (لَمَّا) بمعنى إلّا.

[٣٣] (الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) بالماء والمطر.

[٣٤] (جَنَّاتٍ) : بساتين.

[٣٥] (وَما عَمِلَتْهُ) : غرسته.

[٣٧] (نَسْلَخُ) : نزيل. (مُظْلِمُونَ) : داخلون في الظّلام.

[٣٨] (لِمُسْتَقَرٍّ لَها) : لوقت لها في الفلك. وقيل : تجري بمطالعها لا تتجاوزها.

[٣٩] (مَنازِلَ) : ثماني وعشرين منزلة يقطع كلّ يوم وليلة منزلة. (كَالْعُرْجُونِ) : العذق. (الْقَدِيمِ) : اليابس الّذي أتى عليه حول ـ وقيل : ستّة أشهر.

[٤٠] (أَنْ تُدْرِكَ) : تلحق. أي : لا تلحقه في السّير. وقيل : أن تطلع في سلطان القمر وهو اللّيل.

٤٤٢

وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (٥٠) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤)

[٤١] (الْمَشْحُونِ) : المملوّ الموقر.

[٤٢] (مِنْ مِثْلِهِ). قيل : مثل سفينة نوح عليه‌السلام. (ما يَرْكَبُونَ) من الخيل والإبل والبغال والحمير.

[٤٣] (صَرِيخَ) : مغيث. (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) ممّا هم فيه.

[٤٥] (ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) من عذاب الدّنيا.

(وَما خَلْفَكُمْ) من عذاب الآخرة.

[٤٦] (مِنْ آيَةٍ) ؛ كانشقاق القمر نصفين في مكّة. (يَخِصِّمُونَ) ؛ أي : يختصمون. فأدغمت التاء في الصّاد.

[٥١] (الْأَجْداثِ) : القبور. (يَنْسِلُونَ) : يسرعون ويعدون. والنسلان والعسلان من عدو الذئب.

[٥٢] (مِنْ مَرْقَدِنا). هو مكان الرقود. وهو هنا القبر. (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) ـ الآية. هذا جواب الملائكة لهم.

[٥٣] (صَيْحَةً واحِدَةً). يريد البعث والنشور.

٤٤٣

إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (٥٧) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨) وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥) وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦) وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (٦٧) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨) وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩) لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (٧٠)

[٥٥] (فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) : مارحون مسرورون. قيل : بافتضاض الأبكار في الجنّة. وقيل : بالملاذّ.

[٥٦] (الْأَرائِكِ) : أسرّة من لؤلؤ وجوهر عليها الفرش.

[٥٧] (يَدَّعُونَ) : يتمنّون ويطلبون.

[٥٩] (وَامْتازُوا) : اعتزلوا.

[٦٠] (أَلَمْ أَعْهَدْ) ؛ أي : ألم أوصيكم وآمركم؟!

[٦١] (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) : طريق واضح معتدل.

[٦٢] (جِبِلًّا) : خلقا.

[٦٥] (نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ) : نشهد عليها. من قولهم : اختم على ما يشهده فلان (١).

[٦٧] (لَمَسَخْناهُمْ) : حوّلنا صورهم إلى ما هو أقبح منها قردة وخنازير.

[٦٨] (نُنَكِّسْهُ) : نردّه إلى أرذل العمر ؛ وهو الخرف. وقيل : يتغيّر أحواله وأوصافه من مطعم ومشرب ومنكح وقوّة.

[٦٩] (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) ؛ لئلّا يتّهمونه بإتيان القرآن من عنده.

__________________

(١) ـ كذا. والصحيح كما ذكره المصنّف (ره) في سورة البقرة وغيرها : اختم على ما يقوله فلان ؛ أي : اشهده.

٤٤٤

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥) فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٦) أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)

[٧١] (عَمِلَتْ أَيْدِينا) : قدرتنا. (أَنْعاماً). هي الإبل والبقر والغنم.

[٧٢] (رَكُوبُهُمْ). هو ما يركب ؛ كاللّبوس لما يلبس. (وَمِنْها يَأْكُلُونَ) بعد النحر أو الذبح.

[٧٣] (مَنافِعُ) : تحمل الأثقال ومن الأوبار والصّوف والشّعر. (وَمَشارِبُ) من ألبانها.

[٧٧] (مِنْ نُطْفَةٍ). هو ماء الرجل. وأصل النّطفة : الماء الصّافي ، قلّ أو كثر. (خَصِيمٌ مُبِينٌ) : كثير خصومة بيّن.

[٧٨] (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً). أبيّ بن خلف ؛ أنكر البعث والنشور. وقيل : العاص بن وائل. وقيل : عبد الله بن أبي سلول. (رَمِيمٌ) : بالية.

[٨٠] (مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً). هو الزّناد.

[٨٣] (مَلَكُوتُ) : ملك. والواو والتّاء زائدتان ؛ مثل رحموت ورهبوت بمعنى الرّحمة والرّهبة.

٤٤٥

ومن سورة الصّافّات

مكّيّة.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ (٥) إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠) فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢) وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤) وَقالُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩) وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤)

[١] (وَالصَّافَّاتِ) : الملائكة يصفّون في السّماء للصّلاة.

[٢] (فَالزَّاجِراتِ) : الملائكة تزجر السّحاب وتسوقه. وقيل : آيات القرآن.

[٣] (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) : الملائكة.

[٥] (وَرَبُّ الْمَشارِقِ) : مشارق النجوم.

وقيل : مشارق الشّمس. في كلّ يوم مشرق ومغرب بعدد أيّام الشمس (١). وقيل : مشارق الشّتاء والصّيف.

[٧] (مارِدٍ) : مريد عات.

[٨] (الْمَلَإِ الْأَعْلى). الملأ : الأشراف. وهم الكتبة والملائكة الّذين في السّماوات العلى.

(وَيُقْذَفُونَ) : يرجمون ويرمون.

[٩] (دُحُوراً) : إبعادا. (واصِبٌ) : دائم.

[١٠] (خَطِفَ الْخَطْفَةَ) : استرق السّمع. والشّيطان يسمّى الخطّاف لذلك. (ثاقِبٌ) : نافذ مضيء.

[١١] (لازِبٍ) : لاصق لازم.

[١٤] (يَسْتَسْخِرُونَ) : يسخرون.

[١٨] (داخِرُونَ) : صاغرون أذلّاء.

[١٩] (زَجْرَةٌ واحِدَةٌ). هي نفخة الصّور. والزجرة : الصّيحة بشدّة وانتهار.

[٢٢] (وَأَزْواجَهُمْ) : قرناءهم من الشّياطين في النّار. (وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) من الأصنام والأوثان.

[٢٣] (صِراطِ الْجَحِيمِ) : طريقها.

__________________

(١) ـ الظاهر : «السّنة».

٤٤٦

ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧) إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١) فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٤) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٥٠) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١)

[٢٨] (عَنِ الْيَمِينِ) : من قبل اليمين فيزيّنون لنا الضّلالة. قيل : من أتته الشّياطين من قبل يمينه أتته من قبل الدين ؛ ومن الشّمال ، من قبل الشّهوات ؛ ومن بين يديه ، من قبل إنكار البعث والجزاء ؛ ومن خلفه من تخوّفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف فلم يتصدّق ولم يؤدّ حقّا (١).

[٣٠] (مِنْ سُلْطانٍ) : من قدرة. (طاغِينَ) : متجاوزين الحدّ في الطّغيان والعصيان.

[٤٥] (بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ). هي الخمر من معين يجري من العيون.

[٤٧] (غَوْلٌ) : صداع. وقيل : إثم. وقيل : غائلة تؤذي الرءوس. وقيل : لا يشتكون بطونهم. وقيل : لا يغتال عقولهم. (يُنْزَفُونَ). على ما لا يسمّى فاعله : يسكرون وتذهب عقولهم. وبفتح الياء وكسر الزاي : ينفد شرابهم.

[٤٨] (قاصِراتُ الطَّرْفِ) : لا ينظرون إلى غير أزواجهنّ. (عِينٌ) : واسعات العيون كالظّباء.

[٤٩] (بَيْضٌ مَكْنُونٌ) : مصون. قيل : هو اللّؤلؤ في الصّدف.

[٥١] (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ). هما أخوان مؤمن وكافر.

__________________

(١) ـ في جميع النسخ زيادة : «عن اليمين : عن القوّة».

٤٤٧

يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١) أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (٦٧) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤) وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦)

[٥٣] (لَمَدِينُونَ) : لمجزيّون.

[٥٥] (سَواءِ الْجَحِيمِ) : وسطها.

[٥٦] (لَتُرْدِينِ) : لتهلكني.

[٥٧] (مِنَ الْمُحْضَرِينَ) معك في نار جهنّم.

[٦١] (لِمِثْلِ هذا) النعيم في الجنّة.

[٦٢] (نُزُلاً). ذكر في الكهف.

[٦٣] (فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) : عذابا لهم.

[٦٥] (كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) في الوحشة.

وقيل : الشياطين هنا الحيّات.

[٦٧] (لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) : خلطا من ماء حارّ يقطع الأمعاء.

[٦٩] (أَلْفَوْا) : وجدوا.

[٧٠] (يُهْرَعُونَ) : يسرعون برعدة.

٤٤٨

وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢) وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (٨٣) إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٨٧) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٩١) ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ (٩٢) فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤) قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨) وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢)

[٧٨] (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) ثناء حسنا.

[٧٩] (سَلامٌ عَلى نُوحٍ) : سلامة عليه.

[٨٣] (مِنْ شِيعَتِهِ) : من أتباع نوح عليه‌السلام. وقيل : الهاء عائدة إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله. لمّا أطلع الله إبراهيم عليه‌السلام على أنّه سيبعث من ذرّيّته نبيّ في آخر الزمان صفته كذا وكذا ، سأل الله أن يجعله من شيعته ويتعبّده بشريعته ، فأجابه إليه. قاله الفرّاء.

[٨٤] (سَلِيمٍ) : مخلص.

[٨٦] (إِفْكاً) : أسوأ الكذب. (آلِهَةً) : أصناما.

[٨٧] (فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) : اعتقادكم فيه.

[٨٨] (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) على عادتهم واستدلّ بذلك على حمّى تعتاده. وقيل : جمع نجم ؛ وهو النبات الّذي لا يقوم على ساق. وقيل : نجوم السّماء ؛ نظر فيها متفكّرا فعرف أنّها محدثة.

[٨٩] (إِنِّي سَقِيمٌ) ؛ أي : سأسقم ؛ مثل قوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ)(١). وقيل : إنّي سقيم ممّا تعبدون.

[٩٠] (فَتَوَلَّوْا عَنْهُ) : تركوه.

[٩٣] (فَراغَ) : انصرف في خفية. (ضَرْباً بِالْيَمِينِ) : بالقوّة.

[٩٤] (يَزِفُّونَ) : يسرعون كزفيف النعامة.

[٩٦] (وَما تَعْمَلُونَ) فيه النحت. يعني الأصنام.

[٩٧] (الْجَحِيمِ) : النّار المضرمة.

[١٠٠] (مِنَ الصَّالِحِينَ) : ولدا صالحا.

[١٠١] (بِغُلامٍ حَلِيمٍ) : إسماعيل.

[١٠٢] (السَّعْيَ) : المشي. (ما ذا تَرى) من الرأي في ذلك؟

__________________

(١) ـ الزمر (٣٩) / ٣٠.

٤٤٩

فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ (١٠٩) كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١) وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (١١٣) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (١١٤) وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (١١٥) وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (١١٦) وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (١١٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (١١٩) سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (١٢٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٢٢) وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (١٢٥) اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦)

[١٠٣] (فَلَمَّا أَسْلَما) : استسلما الأب والابن لأمر الله تعالى. (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) : صرعه وأضجعه وكبّه. قيل : قعد من ولده مقعد الذابح ينتظر أمر الله. وقيل : ذبح وكلّما ذبح جزءا وصله الله تعالى كما كان.

[١٠٦] (الْبَلاءُ الْمُبِينُ) : الاختبار البيّن.

[١٠٧] (بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) : بكبش من الجنّة سمين. وقيل : بو على لم يكن في الدّنيا مثله. والذبح بكسر الذال ما يذبح ـ كالطّحن لما يطحن ـ وبالفتح المصدر.

[١٠٨] (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) ثناء حسنا وذكرا طيّبا.

[١١٨] (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) : الطّريق البيّن الواضح.

[١٢٣] (إِلْياسَ) : من ولد إدريس عليه‌السلام. وقيل : هو ابن ياسين من ولد هارون بن عمران ؛ بعث إلى أهل بعلبك وكانوا يعبدون الأصنام ولهم صنم اسمه بعل ، فنهاهم ، فلم يقبلوا. فأوحى الله إليه أنّي جعلت أرزاقهم بيدك. فدعا عليهم ، فلم يمطروا ثلاث سنين ، فهلكت زروعهم ومواشيهم. فشكا بنو إسرائيل إليه ضرّهم. فقال : ادعوا أصنامكم. فإن أجابتكم ورفعت عنكم الضّرّ ، فأنتم على الحقّ. فدعوها ، فلم تجبهم ، فلم يتركوا عبادتها. فدعا عليهم ، فأمطروا عذابا. وأقبل عليه فرس فركبه وانطلق به فكساه الله الريش فطار به مع الملائكة إنسيّا سماويّا وهلك قومه.

[١٢٥] (بَعْلاً) : ربّا ، بلغة اليمن.

٤٥٠

فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (١٣٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢) وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨) وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨) فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (١٥٠) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣)

[١٢٧] (فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) في العذاب والنّار.

[١٣٠] (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) : سلامة.

وقرئ : «إل ياسين» ؛ أي : إلياس وأهله. وقيل : هم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله. وقرأ ابن مسعود : «إدراسين» ؛ أي : إدريس.

[١٣٩] (يُونُسَ) ابن متّى. وشرح قصّته ذكر في سورة الأنبياء.

[١٤٠] (أَبَقَ) : هرب. (الْمَشْحُونِ) : المملوّ.

[١٤١] (فَساهَمَ) : فقارع. (الْمُدْحَضِينَ) : الملقين إلى الحوت.

[١٤٢] (مُلِيمٌ) : فعل ما يلام عليه.

[١٤٥] (فَنَبَذْناهُ) : ألقيناه. (بِالْعَراءِ) ؛ يعني : الصّحراء الخالية من شيء يكنّ أو يستر. وقيل : وجه الأرض.

[١٤٦] (يَقْطِينٍ) : القرع. لأنّ الذباب لا تحلّ عليه. وقيل : كلّ شجرة لا تقوم على ساق فهي يقطين. فلمّا قوي جلده ورجع إلى حاله ، قصد بلدته ليتبيّن (١) حال قومه. فعرفه راع لهم ، فبشّرهم به. فخرجوا وتلقّوه وآمنوا به.

[١٤٧] (أَوْ يَزِيدُونَ) : بل يزيدون. وقيل : كانوا مائة ألف وثلاثين ألفا. وقيل : على رؤية الّذي يراهم ، لا على جهة الشّكّ ؛ لكونه تعالى عالما بعددهم.

[١٥١] (مِنْ إِفْكِهِمْ) : من أسوأ كذبهم.

__________________

(١) ـ د ، م : «ليستبين».

٤٥١

ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٥٧) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (١٦٣) وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (١٧٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩) سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢)

[١٥٦] (سُلْطانٌ مُبِينٌ) : دليل بيّن.

[١٥٨] (وَجَعَلُوا) الجاهليّة (١)(بَيْنَهُ) : بين الله (وَبَيْنَ الْجِنَّةِ) : الملائكة ـ وقيل : قبيل من الملائكة منهم إبليس ـ (نَسَباً). قالوا : هم بنات الله جلّ عن ذلك. وقيل : شركة. وهو قول من قال بإلهين الرّحمن والشيطان. وهم الثنويّة ؛ نسبوا الخير الكائن في العالم إلى الرّحمن والشّرّ إلى الشّيطان.

[١٦٤] (وَما مِنَّا) معاشر الملائكة. هذا قول جبرئيل عليه‌السلام.

[١٦٥] (الصَّافُّونَ) في السّماء للعبادة كما تصفّ الصّالحون في الأرض للصّلاة. وقيل : الصّافّون حول العرش ينتظرون الأمر من الله تعالى.

[١٦٧] (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ). الآيات الأربع نزلت في رهط من قريش. فلمّا أتاهم كتاب فيه خبر الأوّلين ، كفروا به.

[١٧٣] (جُنْدَنا) : أنصارنا.

[١٧٧] (فَإِذا نَزَلَ) القرآن (بِساحَتِهِمْ) : رحبتهم الّتي يزورون أحبّتهم حولها.

__________________

(١) ـ ل : «الجاهلين».

٤٥٢

ومن سورة ص

مكّيّة.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣) وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦) ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (١٥) وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (١٦)

[١] (ص). قسم. وقيل : صدق محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما جاء به. وقيل : صدق الله في وعده. وقرئ : «صاد» بكسر الدال ، من المصاداة وهي الملاينة والمساهلة. وقيل : المعارضة. أي : عارض القرآن بعملك وقابله. وقيل : بالجرّ والتنوين على إعمال حرف الجرّ وهو محذوف. (ذِي الذِّكْرِ) : الشّرف. وقيل : التذكير. وقيل : ذكر الأمم الماضية.

[٢] (فِي عِزَّةٍ) : مغالبة. (وَشِقاقٍ) : مباينة وعداوة.

[٣] (مِنْ قَرْنٍ) : من أمّة. (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ). المناص : المفرّ والملجأ. يقال : ناص ؛ أي : ذهب. و (لاتَ) زائدة فيها التاء للتأكيد.

[٥] (عُجابٌ) : عجيب.

[٦] (الْمَلَأُ) : الأشراف. (لَشَيْءٌ يُرادُ) : يختصّ بشرف محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله. يعنون القرآن.

[٧] (ما سَمِعْنا بِهذا) : دعاء محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى التوحيد. (الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) : الدين والشّريعة. (إِلَّا اخْتِلاقٌ) : كذب من عنده.

[١٠] (فَلْيَرْتَقُوا) : يصعدوا. (الْأَسْبابِ) : أبواب السّماء. والسّبب : الحبل.

[١١] (مِنَ الْأَحْزابِ) : الّذين تحزّبوا يوم بدر. وقيل : على الأنبياء.

[١٢] (الْأَوْتادِ) : البناء المحكم الأساس. وقيل : المراد بيوت مكّة. وقيل : كانت أوتاد يعذّب بها النّاس. وقيل : يلعب (١) له بها.

[١٣] (الْأَيْكَةِ) : الغيضة من الشّجرة. وهي الأجمة. شجر ملتفّ كانوا يعبدونه.

[١٥] (فَواقٍ). بالفتح : راحة. وبالضمّ : سكون. والمعنى : ما ينتظرون إلّا عذابا لا يفيقون منه.

[١٦] (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) : حسابنا. وقيل : نصيبنا من العذاب. وقيل : رزقنا في الدّنيا. وقيل : ما يكفينا. من قولك : قطّني. وقيل : عجّل لنا ما كتبت لنا من خير أو شرّ.

__________________

(١) ـ جميع النسخ : «بلغت».

٤٥٣

اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (٢٠) وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (٢٤) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥) يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (٢٦)

[١٧] (ذَا الْأَيْدِ) : القوّة. (إِنَّهُ أَوَّابٌ) : تائب.

[١٩] (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) : رجّاع.

[٢١] (تَسَوَّرُوا) : أتوا من قبل السّور. (الْمِحْرابَ) : مجلس الأشراف. وقيل : الغرفة.

[٢٢] (خَصْمانِ). قيل : كانا ملكين في صورة آدميّين. وقيل : خصمين من ولد آدم. (فَفَزِعَ) : خاف ؛ لدخولهما من الباب غير المعتاد في غير الوقت المعتاد. (بَغى بَعْضُنا) ؛ أي : تعدّى واستطال. (وَلا تُشْطِطْ) : لا تجر ولا تسرف. وقيل : لا تبعد. من : شطّت الدار ؛ أي : بعدت. (سَواءِ الصِّراطِ) : وسط الطّريق.

[٢٣] (تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً). قيل : كنّى بالنعاج عن النساء. وقيل : هي الشاة المعروفة. (أَكْفِلْنِيها) : ضمّها إليّ واجعلني كافلها. (وَعَزَّنِي) : غلبني (١). وقرئ : «وعازّني» ؛ أي : غالبني.

[٢٤] (وَظَنَّ) : تيقّن. (فَتَنَّاهُ) : اختبرناه. (وَخَرَّ راكِعاً). قيل : ظلّ ساجدا نادما أربعين سنة لا يرفع رأسه إلّا إلى الصّلاة المكتوبة. (وَأَنابَ) : رجع. قيل : كانت خطيئته قوله : (لَقَدْ ظَلَمَكَ) من غير أن يسأل خصمه عن الدعوى. وقيل : بل هي امرأة أوريا بن حنان أمّ سليمان عليه‌السلام ، قبل أن ينكحها داود عليه‌السلام ، سأله داود أن يطلّقها ليتزوّجها.

[٢٥] (لَزُلْفى) : قربة وكرامة. قيل : هو أوّل من يشرب بالكأس يوم القيامة وبعده ابنه سليمان عليه‌السلام. (وَحُسْنَ مَآبٍ) ؛ أي : مرجع.

[٢٦] (خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) للأنبياء المتقدّمين. وقيل : مدبّر الخلق في أمورهم وأحكامهم.

__________________

(١) ـ في جميع النسخ زيادة : «من قولهم من عزيز [م : عزين ، د : عرين]».

٤٥٤

وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٩) وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (٣١) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣٢) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (٣٣) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (٣٤) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (٣٦) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٣٨) هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠) وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (٤٢)

[٣٠] (إِنَّهُ أَوَّابٌ) : تائب راجع.

[٣١] (بِالْعَشِيِّ) : بعد أن صلّى الظهر.

(الصَّافِناتُ) : الخيل الّتي تقف على ثلاث وتثني سنبك إحدى الرجلين. وهي عندهم أحسن الخيل. (الْجِيادُ) : العتاق الكرام.

[٣٢] (الْخَيْرِ). كنّى بالخير عن الخيل. قيل : ورث من الله ألف فرس فاشتغل بعدّها حتّى فاته وقت الصّلاة إلى آخره. (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) : الخيل في مرابطها وإصطبلاتها. وقيل : الشّمس.

[٣٣] (رُدُّوها عَلَيَّ). قيل : الخيل في مرابطها. وقيل : إنّه قال للملائكة : ردّوا عليّ الشّمس. فردّوها. (فَطَفِقَ مَسْحاً) : جعل يمسح. (بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) : جمع ساق وعنق. أي : جعل يمسح ساقيه وعنقه. وكان ذلك وضوءهم للصّلاة. وقيل : يمسح أعناق الخيل وسيقانها بيده وكمّه ، إكراما لها ومحبّة. وهو الأظهر. وقيل : غسل قوائمها وأعرافها. والغسل الخفيف عند العرب يسمّى مسحا. وقيل : ضربها بالسّيف لأجل فوات الصّلاة بسببها. جلّ نبيّ الله عن ذلك.

[٣٤] (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) ـ الآية. قيل : كان له ثلاثمائة امرأة مهيرة وسبعمائة سرّيّة. فقال : والله لأطوفنّ في هذه اللّيلة على ثلاثمائة المرأة تحمل كلّ واحدة منهنّ بولد. ولم يفل إن شاء الله ، فعجّزه الله عنه ـ وكان قادرا عليه ـ وبقي مطروحا على فراشه جسدا ملقى. وقيل : بل طاف وما حملن ولم يولد له إلّا قطعة لحم غير مصوّرة. (ثُمَّ أَنابَ) : تاب.

[٣٥] (وَهَبْ لِي مُلْكاً). قيل : في الآخرة. وقيل : في الدّنيا. (لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) من الجبابرة والملوك الخارجين عن طاعتك. وقيل : ممّن أنا مبعوث إليه. وقيل : لا تسلبنيه كما فعلت بطالوت وغيره. وقيل : سأله التقوّي به على ما أمره الله به من الجهاد. وقيل : بشرط المصلحة.

[٣٦] (رُخاءً) : ليّنة. (حَيْثُ أَصابَ) : أراد من النواحي. يقال : أصاب الصّواب وأخطأ الجواب ؛ أي : أراد.

[٣٨] (مُقَرَّنِينَ) : مطبقين. (فِي الْأَصْفادِ) : القيود والأغلال.

[٣٩] (فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ) : أنعم على من شئت من الشياطين فخلّ عنه ، أو احبسه في العمل والأغلال. وقيل : أعط من شئت ، وامنع من شئت. (بِغَيْرِ حِسابٍ) : بلا تقدير كعطاء ملوك الدّنيا.

[٤٠] (لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ). مرّ ذكرهما فيها.

[٤١] (بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) : بمشقّة وشيء كراهية. كان يزيّن لقومه أن يخرجوه من بينهم لمرضه.

[٤٢] (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) : اضرب بها الأرض وحرّكها بقدميك. ففعل. (هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ). فنبعت من هناك عينان عذبتان فاغتسل منهما وشرب ، فرجع أحسن ما كان.

٤٥٥

وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٤٣) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٤٤) وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (٤٧) وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ (٤٨) هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ (٥١) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (٥٢) هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ (٥٣) إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ (٥٤) هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (٥٦) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (٥٨) هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (٥٩) قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ (٦٠) قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ (٦١)

[٤٣] (لِأُولِي الْأَلْبابِ) : أصحاب العقول.

[٤٤] (ضِغْثاً) : باقة من أسل فيها مائة عود.

(فَاضْرِبْ بِهِ) زوجتك ضربة واحدة. لأنّه كان حلف أن يضربها مائة سوط. (وَلا تَحْنَثْ).

ليكون ذلك تحلّة ليمينك. (إِنَّهُ أَوَّابٌ) : مسبّح.

[٤٥] (الْأَيْدِي) : النعم والإحسان.

(وَالْأَبْصارِ) : البصائر والدين.

[٤٦] (أَخْلَصْناهُمْ) : اختصصناهم. (بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) : الجنّة وما فيها.

[٤٨] (إِسْماعِيلَ) ابن هلقايا صبر لميعاده سنة. وقد مضى شرحه في مريم.

[٥١] (مُتَّكِئِينَ فِيها) : آكلين شاربين ممّا يشتهون. اتّكأنا عند فلان : أطعمنا ما نشتهي.

[٥٢] (قاصِراتُ الطَّرْفِ) : قصرن نظرهنّ على أزواجهنّ فلا ينظرن إلى غيرهم. (أَتْرابٌ) : على سنّ واحد. قيل : بنات ثلاث وثلاثين سنة.

[٥٤] (نَفادٍ) : فناء وعدم.

[٥٥] (مَآبٍ) : مرجع.

[٥٦] (الْمِهادُ) : الفراش.

[٥٧] (حَمِيمٌ) : ماء حارّ قد انتهى حرّه. (وَغَسَّاقٌ) : بارد شديد منتن. وقيل : ما يخرج من جلود أهل النّار. وقيل : من جلود الزناة في النّار.

[٥٨] (أَزْواجٌ) : أصناف العذاب وألوانه.

[٥٩] (فَوْجٌ) : زمرة وجماعة. (مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ) : داخل معكم النّار.

[٦١] (قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا) ـ الآية. وذلك حين تسابّ التابع والمتبوع قالوا : أنتم قدّمتموه لنا ونحن تبعناكم.

٤٥٦

وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (٦٢) أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (٦٣) إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤) قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠) إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤) قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥) قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)

[٦٢] (وَقالُوا ما لَنا لا نَرى) ـ الآية. قول جبابرة قريش عن فقراء المؤمنين وضعفائهم كسلمان وعمّار وأبي ذرّ وبلال وصهيب. (مِنَ الْأَشْرارِ). كانوا يعدّونهم من الأشرار لفقرهم.

[٦٣] (أَمْ زاغَتْ) : مالت (١)(عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) وهم معنا في النّار؟

[٦٩] (بِالْمَلَإِ الْأَعْلى) : الملائكة. (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) في آدم عليه‌السلام. وقيل : في الكفّارات والدرجات. فأمّا الكفّارات فإسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام في الجماعات وانتظار الصّلاة بعد الصّلاة. وأمّا الدرجات فإفشاء السّلام وإطعام الطّعام والصّلاة باللّيل والنّاس نيام.

[٧٢] (مِنْ رُوحِي) ؛ أي : بأمري.

[٧٥] (الْعالِينَ) : الكافرين المتجبّرين.

[٧٧] (رَجِيمٌ) : مرجوم باللّعنة.

[٧٨] (يَوْمِ الدِّينِ) : يوم الجزاء.

[٧٩] (فَأَنْظِرْنِي) : أخّرني. قيل : سأله تأخير العقوبة لأنّه خشي من تعجيلها.

__________________

(١) ـ ل : «بل مالت».

٤٥٧

قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٨٧) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (٨٨)

[٨٦] (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) على الإيمان والإسلام. (وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) هذا الأمر من قبل نفسي.

[٨٨] (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ). قيل : القتل ببدر. وقيل : انقضاء العمر.

ومن سورة الزّمر

مكّيّة.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣) لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥)

[٢] (مُخْلِصاً) : لا رئاء فيه.

[٣] (أَوْلِياءَ) : أصناما وأوثانا. (ما نَعْبُدُهُمْ) : الملائكة وعزير وعيسى والأصنام. (زُلْفى) : قربة وقربى.

[٤] (لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ) من الملائكة ؛ لأنّهم أطيب وأطهر من الآدميّين.

[٥] (يُكَوِّرُ). يعني كلّ واحد منهما في الآخر. (١)(لِأَجَلٍ مُسَمًّى) : غاية ومنتهى.

__________________

(١) ـ في جميع النسخ زيادة : «يولج : يدخل كلّ ما نقص من أحدهما في الآخر».

٤٥٨

خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧) وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (٨) أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٩) قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (١٠)

[٦] (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) : آدم عليه‌السلام. (زَوْجَها) : حوّاء. خلقها من ضلعه القصرى ولذلك أضلاع الرجل تنقص ـ أي : تختلف ـ وأضلاع المرأة تستوي. وقيل : من فضل طينته. (مِنَ الْأَنْعامِ) : الإبل والبقر والغنم. (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) : من الضّأن والمعز والإبل والبقر ، من كلّ واحد زوجين ذكرا وأنثى. (خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) : نطفة ، ثمّ علقة ، ثمّ مضغة ، ثمّ عظاما ، ثمّ كساه لحما ، ثمّ أنشأه خلقا آخر. (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) : البطن والرحم والمشيمة. (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) : فكيف تصرفون عن فعل الخير والطّاعة؟!

[٧] (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ؛ أي : لا يؤاخذ أحد بجرم غيره. مرّ شرحه في فاطر.

[٨] (خَوَّلَهُ) : أعطاه. (أَنْداداً) : أمثالا. (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ). نزلت في أبي حذيفة بن المغيرة المخزوميّ.

[٩] (قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ) : مطيع مصلّ ساعات اللّيل. (الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) : عمّار بن ياسر. (وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) : المتمتّع بكفره المذكور.

٤٥٩

قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (١٢) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١٥) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (١٦) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٨) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ (٢٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٢١)

[١٦] (مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ) : أطباق.

لأنّ النّار دركات والجنّة درجات. (وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ). أي : لغيرهم ما فوقهم لهم وما تحتهم لمن هو تحتهم ظلل.

[١٨] (يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ) : القرآن. (أَحْسَنَهُ) : آيات العفو منه.

[٢١] (فَسَلَكَهُ) : أدخله. (يَنابِيعَ) : عيونا. (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) : أحمر وأصفر وأسود وأخضر. (يَهِيجُ) : ييبس. (حُطاماً) : فتاتا.

٤٦٠