مختصر نهج البيان

محمّد بن علي النقي الشيباني

مختصر نهج البيان

المؤلف:

محمّد بن علي النقي الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٤

وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ (٣٩) فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤٢) وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ (٤٣) خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤) اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (٤٥)

[٣٩] (سابِقِينَ) : فائتين.

[٤٠] (حاصِباً) : ريحا شديدة ترمي بالحصى ؛ وهي الحجارة الصّغار. (أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بكفرهم وعتوّهم.

[٤١] (أَوْلِياءَ) : أصناما وآلهة يعبدونها من دونه. (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً). مثّلهم بها في ضعف بيتها وذهابه. (أَوْهَنَ الْبُيُوتِ) : أضعفها.

[٤٥] (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ). عن ابن عبّاس : من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهاه عن المنكر ، لم يزدد من الله إلّا بعدا. وقيل : مداومة الصّلوات الخمس يكفّر ما بينها من الذنوب. (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) ؛ أي : ولذكر الله لك في كلّ وقت أكبر من ذكرك إيّاه في الصّلاة في وقتها. وقيل : من ذكرك إيّاه في كلّ وقت. وقيل : ذكره إيّاكم في الثواب خير من ذكركم إيّاه في الصّلاة.

٤٠١

وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ (٤٧) وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (٤٩) وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٥٢)

[٤٦] (أَهْلَ الْكِتابِ) : اليهود. (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : القرآن والحجّة والبرهان. (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا). قيل : هم أهل نجران ظلموا أنفسهم بطلب المباهلة. وقيل : (ظَلَمُوا) : أبوا عن الجزية. وقيل : منسوخة بآية القتال.

[٤٧] (فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) : التوراة. (يُؤْمِنُونَ) ـ كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار ـ (بِهِ) : بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

[٤٨] (إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) : لشكّ اليهود وقالوا إنّ النبيّ جاء به من تلقاء نفسه وكتبه بيده ؛ ولكن وجدوه في التوراة أمّيّا لا يحسن الكتابة.

٤٠٢

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٣) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٥٤) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٥) يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٦١) اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٢) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٦٣)

[٦٠] (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ) : وكم من دابّة.

(لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) : لا تدّخر شيئا ولا ترفع قوتا لغد. قيل : لا يدّخر شيئا من الحيوانات إلّا الإنسان والفأرة والنملة.

[٦١] (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) : يصرفون عن الخير.

٤٠٣

وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٦٤) فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٦٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ (٦٧) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٦٨) وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)

[٦٤] (لَهِيَ الْحَيَوانُ) : الجنّة دار الحياة الّتي لا موت فيها.

[٦٧] (وَيُتَخَطَّفُ) : يسلب. (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ). هو الشّيطان. (وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ) : أهل مكّة الّذين أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. وقيل : نعمة الله محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إنّه أنعم به عليهم.

[٦٨] (مَثْوىً) : مقاما.

ومن سورة الرّوم

مكّيّة.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥)

[١] (الم). مرّ تفسيرها في البقرة.

[٢] (غُلِبَتِ الرُّومُ). لمّا غلبت فارس الرّوم ، فرح المشركون بذلك وقالوا : أهل فارس ليس لهم كتاب وقد غلبوا الرّوم. ونحن ليس لنا كتاب ونغلب محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله. فنزلت الآية.

[٤ ـ ٥] (بِضْعِ سِنِينَ). قيل : ثلاث أو خمس أو سبع. وقيل : ما بين الثلاث إلى العشرة. (لِلَّهِ الْأَمْرُ) كلّه. النصر نصر الله يؤتيه محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله (مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) على مشركي قريش. (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللهِ) الرّوم على فارس وقتل محمّد وعليّ المشركين ببدر. وقيل : بظهور القائم من آل محمّد عليهم‌السلام.

٤٠٤

وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (٧) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ (٨) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠) اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥)

[٩] (أَوَلَمْ يَسِيرُوا). يعني مشركي قريش. (وَأَثارُوا الْأَرْضَ) : الزراعة. (وَعَمَرُوها) بالغرس.

[١٠] (السُّواى) : اسم جهنّم ؛ كما أنّ الحسنى اسم الجنّة.

[١٢] (يُبْلِسُ) : ييأس. ويكون بمعنى سكت غمّا وحزنا وانكسارا.

[١٥] (فِي رَوْضَةٍ) : بساتين ورياض. (يُحْبَرُونَ) : يسرّون ويكرمون وينعّمون بالسّماع والملاذّ والتحف والخدم.

٤٠٥

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦) فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢) وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣) وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤)

[١٧] (حِينَ تُمْسُونَ) : المغرب والعشاء الآخرة. (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) : في الصبح.

[١٨] (وَعَشِيًّا) : صلاة العصر. (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) : الظّهر. والواو لا يقتضي ترتيبا.

[١٩] (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) : المؤمن من الكافر. (وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) : الكافر من المؤمن. وقيل : النطفة من الحيّ ، والحيّ من النطفة. (وَيُحْيِ الْأَرْضَ) بالمطر والماء الّذي ينبت به النبات. (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) بعد الموت للبعث والنشور.

[٢١] (مَوَدَّةً) : محبّة. (وَرَحْمَةً) : رقّة وشفقة. وقيل : مودّة الصّغير للكبير ورحمة الكبير للصّغير.

[٢٣] (مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) من منن الله تعالى. لأنّه لو سلب النوم من الأجفان ، لزهقت الأنفس من التعب ، ونصب الأبدان من السّهر.

[٢٤] (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً) من الصّواعق. وقيل : للمسافر من أذاه. (وَطَمَعاً) في الغيث. وقيل : للمقيم في الرزق.

٤٠٦

وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)

[٢٧] (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ). لأنّ الإعادة أهون من الابتداء. وقيل : هيّن عليه. وقيل : الضّمير في (عَلَيْهِ) عائد إلى الخلق. (الْمَثَلُ الْأَعْلى) : لا إله إلّا الله.

[٢٨] (مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) من العبيد. (شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) ؛ أي : في الأموال والميراث. (فَأَنْتُمْ) وعبيدكم (فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ) لأجل شركهم ، (كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) : كما تخافون الأحرار الشّركاء فلا تمضون شيئا إلّا برضاهم. أي : إذا لم يشاركوكم ، فكيف تشاركون خلق الله في ملكه وتعبدون الأصنام ومن لا يستحقّ العبادة؟!

[٣٠] (فَأَقِمْ وَجْهَكَ) : أخلص دينك لله. (فِطْرَتَ اللهِ) : ملّته. يعني دين الإسلام. (فَطَرَ النَّاسَ) : خلقهم.

[٣٢] (وَكانُوا شِيَعاً) : فرقا.

٤٠٧

وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥) وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣٧) فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨) وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠) ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١)

[٣٣] (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) : مقبلين تائبين.

[٣٨] (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ). قيل : عامّة. وقيل : نزلت في حقّ فاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فأعطاهم فدك والعوالي بأمر الله تعالى ، فأخذوهما منهم بعد موته صلى‌الله‌عليه‌وآله.

[٣٩] (لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ) : ليزيد. (الْمُضْعِفُونَ) : ذو أضعاف من الحسنات ؛ كرجل مقو ؛ أي : صاحب قوّة ، وموسر ؛ أي : صاحب يسر.

[٤١] (ظَهَرَ الْفَسادُ) : القحط والجدب. (بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) من المعاصي ، عقوبة لهم.

٤٠٨

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٤٥) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧) اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠)

[٤٣] (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) : يتفرّقون فريق في الجنّة وفريق في السّعير.

[٤٤] (يَمْهَدُونَ) : يوطّنون.

[٤٦] (مُبَشِّراتٍ) بالغيث والرحمة.

[٤٨] (فَتُثِيرُ) : تنشر (١). (الْوَدْقَ) : المطر. (خِلالِهِ) : من بينه فيحيي به الأرض والنبات والزرع.

[٤٩] (لَمُبْلِسِينَ) : يائسين منكسرين حزنين.

__________________

(١) ـ في جميع النسخ زيادة : «رُكاماً : بعضه فوق بعض متراكما». انظر : النور (٢٤) / ٤٣.

٤٠٩

وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١) فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (٥٨) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٥٩) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (٦٠)

[٥١] (وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً) حارّة أو باردة. (فَرَأَوْهُ) ؛ أي : رأوا السّحاب. وقيل : الزرع. (مُصْفَرًّا) بعد الخضرة.

[٥٦] (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ). هم علماء المسلمين. وقيل : الّذين أسلموا من علماء أهل الكتاب كابن سلام. (لَقَدْ لَبِثْتُمْ). يعنون الكفّار أنكروا البعث والحياة بعد الموت. أي : لبثتم في الدّنيا والقبر. (فِي كِتابِ اللهِ) : اللّوح المحفوظ. وقيل : القرآن والتوراة والإنجيل. وقيل : هذا قول الملائكة للكفّار.

[٥٧] (يُسْتَعْتَبُونَ) : يطلب منهم العتبى ؛ وهي الإرضاء بالعود إلى المسرّة والرجوع عن الإساءة.

[٦٠] (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ) : يستفزّنّك في تعجيل العذاب. فإنّه واقع بهم لا محالة يوم القيامة.

٤١٠

ومن سورة لقمان

مكّيّة.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٦) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١١)

[١] (الم) : أنا الله أعلم.

[٢] (الْكِتابِ) : القرآن. (الْحَكِيمِ) المحكم آياته من الباطل.

[٦] (لَهْوَ الْحَدِيثِ). قيل : هو الغناء. وقيل : الشّرك بالله.

[٧] (وَقْراً) : صمما.

[١٠] (عَمَدٍ) : جمع عمود. (تَرَوْنَها). أحال في ذلك على الرؤية. وفيه ردّ على من قال لا يمتنع (١) أن يكون هناك عمد لا نراها. (رَواسِيَ) : جبالا ثوابت. (تَمِيدَ) : تتحرّك. (زَوْجٍ كَرِيمٍ) : صنف حسن.

[١١] (الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) : الأصنام والأوثان والآلهة.

__________________

(١) ـ د ، م : «لا يمنع».

٤١١

وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢) وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥) يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩)

[١٢] (لُقْمانَ الْحِكْمَةَ). هي العقل.

[١٤] (بِوالِدَيْهِ) حسنا ؛ أي : بالإحسان إليهما والبرّ بهما. (وَهْناً عَلى وَهْنٍ) : جهدا على جهد. (وَفِصالُهُ) : إرضاعه. (عامَيْنِ) : حولين كاملين رضاعه الأعلى.

[١٥] (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً). وإن كانا كافرين ، لا تقطع برّهما والإحسان إليهما. (سَبِيلَ) : طريق. (مَنْ أَنابَ إِلَيَّ) : رجع وتاب. يعني إبراهيم عليه‌السلام ؛ لقوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)(١). (لُقْمانَ) ، قيل : هو ابن أخت أيّوب عليه‌السلام ـ وقيل : ابن خالته ـ وكان عبدا حبشيّا نجّارا ـ وقيل خيّاطا ـ ولم يكن نبيّا باتّفاق ، بل حكيما صالحا.

[١٦] (يَأْتِ بِهَا اللهُ) : يجازي عليها يوم القيامة. قيل : من المعصية دون الطّاعة. وقيل : بل منهما.

[١٧] (عَزْمِ الْأُمُورِ) : جودة الرأي وصحّته.

[١٨] (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ) تتكبّر وتعرض بوجهك. (مَرَحاً) بالكبر والعجب والبطر. (مُخْتالٍ فَخُورٍ) : متكبّر معجب غدرا (٢).

[١٩] (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) : لا تمش إعجابا وتكبّرا. وقيل : تواضع لله. (وَاغْضُضْ) : انقص (مِنْ صَوْتِكَ) إذا تكلّمت أو قرأت أو خاطبت بكلام ليّن وصوت خاشع متواضع ولا تكن سليطا ذا فحّة وصوت منكر. ويحمد رفع الصوت في الأذان والتلبية. (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) : أقبحها. وهذا أدب أدّب الله به لقمان فأدّب به ولده.

__________________

(١) ـ هود (١١) / ٧٥.

(٢) ـ ل ، م : «غدّار».

٤١٢

أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦) وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧) ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨)

[٢٠] (سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ). يعني الشّمس والقمر والنجوم والسّحاب والشّجر والنبات والحيوانات الصائلة أذلّها الله للركوب وغيره. (وَأَسْبَغَ) : أوسع. (ظاهِرَةً). هي الإسلام. (وَباطِنَةً). قيل : ستر الموت.

[٢٧] (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) : لم تنفد معانيها وفوائدها وحكمها.

٤١٣

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)

[٢٩] (يُولِجُ) : يدخل ، يأتي بأحدهما بدلا من الآخر. وقيل : ما ينقص من أحدهما يزيده في الآخر. (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) : يجريان في فلكيهما.

[٣١] (الْفُلْكَ) : السّفن واحدها وجمعها واحد.

[٣٢] (مَوْجٌ كَالظُّلَلِ) في ارتفاعه. والظّلّة كهيئة الصّفّة. (مُقْتَصِدٌ) : ذو عدل. (خَتَّارٍ) : غدّار. والختر : أقبح الغدر.

[٣٣] (الْغَرُورُ). بالفتح : الشّيطان. وبالضّمّ : الدّنيا.

[٣٤] (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) ـ الآية.

هذه الخمس آيات لا يعلمها إلّا الله أو من يطلعه عليها من نبيّ أو رسول أو ملك أو إمام بواسطة النّبيّ عليهم‌السلام.

٤١٤

ومن سورة السّجدة

مكّيّة.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣) اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥) ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩) وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١)

[١] (الم) : أنا الله أعلم.

[٢] (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) : القرآن. (لا رَيْبَ فِيهِ) : لا شكّ فيه. (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ). ردّ على من قال إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله افتراه.

[٣] (لِتُنْذِرَ قَوْماً) : أهل مكّة. (ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) في زمان الفترة بين عيسى ومحمّد عليهما‌السلام. وكان بينهما أربعة ؛ ثلاثة من بني إسرائيل وعربيّ وهو خالد بن سنان العبسيّ. وبين نوح وإبراهيم اثنان هود وصالح ، ومن السّنين ألفان وستّمائة وأربعون سنة. وبين موسى وعيسى ألف وسبعمائة سنة وألف نبيّ.

[٤] (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) من أيّام الأسبوع. خلق السّماوات في يومين الأحد والاثنين ، والأرض في يومين الثّلاثاء والأربعاء. وخلق الجبال وما فيها من الثمار والأقوات في يومين الخميس والجمعة. ثمّ قطع خلق الخلق في يوم السّبت فسمّي سبتا. لأنّ السّبت في اللّغة القطع. (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ). مرّ ذكره في الأعراف.

[٥] (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) ؛ أي : يصعد جبرئيل إلى السّماء في مدّة لو صعد فيها ابن آدم كان مقدار العروج ألف سنة ؛ خمسمائة صعودا وخمسمائة نزولا. (مِمَّا تَعُدُّونَ) أنتم من أيّام السّنة.

[٧] (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) : أحكم تركيبه وخلقه. (خَلْقَ الْإِنْسانِ) : آدم.

[٨] (مِنْ سُلالَةٍ). هي ما استلّ. (مَهِينٍ) : ضعيف.

[٩] (مِنْ رُوحِهِ) : من قدرته. (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) ؛ أي : قليلا شكركم. و (ما) زائدة.

[١٠] (ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) : بطلنا وصرنا ترابا فلم يوجد لنا لحم ولا دم ولا عظم. وقرئ بالصّاد المهملة ، أي : أنتنّا وتغيّرنا. من : صلّ اللّحم وأصلّ ؛ إذا أنتن وتغيّر. (تَتَجافى) : ترتفع وتنبو.

٤١٥

وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤) إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠)

[١٦] (عَنِ الْمَضاجِعِ) : الفرش للصّلاة ولذكر الله. نزلت في أهل البيت عليهم‌السلام. وقيل : في الأنصار.

[١٧] (أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) : أعدّ لهم من الثواب والنعيم ما تقرّ به أعينهم.

[١٨] (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) ـ الآية. نزلت في عليّ عليه‌السلام والوليد بن عقبة ، حيث فاخره الوليد فقال : أنا أشدّ منك بأسا وأثبت منك جأشا عند لقاء الكتيبة وأمضى منك لسانا عند الخصام وأحدّ سنانا في الحرب. فقال له عليّ عليه‌السلام : اسكت يا فاسق! فنزل جبرئيل عليه‌السلام بالآية.

٤١٦

وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (٣٠)

[٢١] (الْعَذابِ الْأَدْنى) : في الدّنيا القحط والجدب. وقيل : عذاب القبر. وقيل : الجوع لقريش سبع سنين. (الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) : النار في الآخرة. وقيل : القتل ببدر. وقيل : الفقر والمرض. وقيل : الحدود. وقيل : خروج القائم عليه‌السلام.

[٢٣] (آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) : التوراة. (فِي مِرْيَةٍ) : شكّ. (مِنْ لِقائِهِ) ليلة الإسراء.

[٢٦] (الْقُرُونِ) : الأمم السّالفة.

[٢٧] (الْأَرْضِ الْجُرُزِ) : الغليظة اليابسة الّتي لا نبات بها. وقيل : الّتي تحرق ما فيها من النبات وتبطله.

[٢٨] (مَتى هذَا الْفَتْحُ) : فتح مكّة. وقيل : يوم بدر ؛ لقوله تعالى : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ)(١) ؛ أي : النصر بالملائكة.

__________________

(١) ـ الأنفال (٨) / ١٩.

٤١٧

ومن سورة الأحزاب

مدنيّة.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣) ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥) النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٦)

[١] (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) فيما أشاروا عليك من نقض العهد الّذي عاهدت عليه أبا سفيان وأصحابه. قدموا عليه بالمدينة وكان بينهم وبينه عهد وأشاروا عليه أولئك بنقضه وقتله.

[٤] (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ). ردّ على المنافقين الّذين قالوا : لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله قلبان يأمر بأحدهما بشيء وينهى عنه بالآخر. فأكذبهم الله سبحانه. (أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) في التحريم المؤبّد ، بل إذا كفّرتم حلّت لكم. (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ). قيل : كانوا في الجاهليّة يورثون الأدعياء الّذين يتبنّونهم. وقيل : كانوا يكنّون النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بأبي زيد ـ وهو زيد بن حارثة مولاه ـ فنهاهم الله. (يَهْدِي السَّبِيلَ) : طريق الجنّة (١).

[٥] (جُناحٌ) : إثم. (أَقْسَطُ) : أعدل.

[٦] (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) ؛ أي : أولى بالطّاعة له منكم من طاعة بعضكم لبعض. (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ). أي : يجرين في التحريم علينا مجرى تحريم الأمّهات على التأبيد. (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ). كان في أوّل الإسلام يتولّى المهاجر الأنصاريّ وبالعكس فيتوارثون بذلك. فنسخه الله بهذه الآية. (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ) الوصيّة من الثلث. (فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) : في اللّوح المحفوظ.

__________________

(١) ـ ل : «الحقّ».

٤١٨

وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩) إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً (١١) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢) وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (١٤) وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً (١٥)

[٧] (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ). الميثاق هنا التوحيد والعدل والنّبوّة والإمامة ، وتفضيله ـ صلوات الله عليه ـ على الملائكة والأنبياء ، وتفضيل أهل بيته الطّاهرين. وقيل : هو الإقرار به وتصديقه وتفضيله عليهم وتفضيل أهل بيته الطّاهرين.

[٩] (إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) يوم الأحزاب ، (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً) شديدة فخذلتهم وكانت لهم فصارت عليهم. وهم أبو سفيان وأصحابه.

[١٠] (زاغَتِ الْأَبْصارُ) : مالت. (الْحَناجِرَ) : جمع حنجرة وحنجور ؛ وهما رأس الحلقوم.

[١٢] (مَرَضٌ) : شكّ.

[١٣] (طائِفَةٌ مِنْهُمْ) : جماعة من المنافقين. (يا أَهْلَ يَثْرِبَ) : المدينة. (لا مُقامَ لَكُمْ) عندنا في الحرب. (عَوْرَةٌ) : خالية من الرجال يتمكّن منها من أرادها. فأكذبهم الله فقال : (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ).

[١٤] (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ) المدينة. (مِنْ أَقْطارِها) : جوانبها ونواحيها. (الْفِتْنَةَ) : الشّرك بالله.

٤١٩

قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧) قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٩) يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً (٢٠) لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١) وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢)

[١٧] (يَعْصِمُكُمْ) : يمنعكم.

[١٨] (الْمُعَوِّقِينَ) : المثبّطين عن الجهاد. (هَلُمَّ إِلَيْنا) : تعالوا. (الْبَأْسَ) : الحرب.

[١٩] (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) : جمع شحيح ؛ أي : بخيل. أي : يقولون لكم : هلمّ إلينا ـ ولا يخرجون إلى القتال ـ فإنّا نخاف عليكم الهلاك. (سَلَقُوكُمْ) : رموكم. (بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) : بالذّمّ والعيب بألسنتهم. (فَأَحْبَطَ) : أبطل.

[٢٠] (بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) : خارجون من (١) الغنيمة لم يشهدوا القتال لأنّهم لم يقاتلوا إلّا رئاء أو خوفا. (أَنْبائِكُمْ) : أخباركم.

[٢١] (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) : سنّة صالحة. لأنّه كسرت رباعيته يوم أحد وجرح في (٢) حاجبه وقتل عمّه حمزة وكان أخاه من الرضاعة.

[٢٢] (الْأَحْزابَ) : الّذين تحزّبوا ـ أي : تجمّعوا ـ لقتال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) ـ ل : «عن».

(٢) ـ ل : «فوق».

٤٢٠