مختصر نهج البيان

محمّد بن علي النقي الشيباني

مختصر نهج البيان

المؤلف:

محمّد بن علي النقي الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٤

قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ (٤٤) وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (٤٦) قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (٤٧) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (٤٩) وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠) قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١) ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (٥٢)

[٤٥] (الَّذِي نَجا مِنْهُما) : صاحب الشّراب. (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) : حين. قيل : سبع سنين. وقيل : اثنتا عشرة سنة. ومن قرأ : (بَعْدَ أُمَّةٍ) : أي : بعد نسيان وغفلة.

[٤٦] (الصِّدِّيقُ) : الكثير الصّدق. (عِجافٌ) : بلغت في الهزل الغاية.

[٤٧] (دَأَباً) : جدّا في الزراعة. (فَذَرُوهُ) : اتركوه. (فِي سُنْبُلِهِ) ، صونا له من السّوس.

[٤٨] (سَبْعٌ شِدادٌ) : مجدبات. فسّر السّمان والسّنابل الخضر بالسّنين المخصبة والعجاف واليابسات بالمجدبة. (مِمَّا تُحْصِنُونَ) : تحرثون وتدّخرون.

[٤٩] (يُغاثُ النَّاسُ). من الغيث ؛ وهو المطر. (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) العنب والزيت. وقيل : ينجون.

[٥٠] (وَقالَ الْمَلِكُ). هو الريّان بن الوليد بن الريّان. (إِلى رَبِّكَ) : سيّدك وملكك. (ما بالُ النِّسْوَةِ) : ما حالهنّ. (بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) : بمكرهنّ.

[٥١] (حَصْحَصَ) : بان ووضح.

[٥٢] (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) ـ الآية. قول يوسف. ومفعول (أَخُنْهُ) الملك.

٢٤١

وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣) وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ (٥٤) قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥) وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٧) وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (٦٠) قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ (٦١) وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٢) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٦٣)

[٥٣] (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) من الشّهوة لا من الإرادة. وقيل : هو قول زليخا لا يوسف. (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) : بما يسوء فعله.

[٥٤] (فَلَمَّا كَلَّمَهُ) يوسف وعرف الملك عقله وكفايته.

[٥٥] (خَزائِنِ الْأَرْضِ) ؛ أي : أرض مصر.

(إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) ؛ أي : كاتب حاسب. طلب ذلك بأمر الله تعالى. وقيل : ليضع الأشياء في مواضعها (١).

[٥٦] (يَتَبَوَّأُ) : يسكن.

[٥٨] (وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ). أصابت آل يعقوب سنة مجدبة ومجاعة ، فجاءوا إلى مصر للميرة ؛ وهي الطّعام. (فَدَخَلُوا عَلَيْهِ) : على يوسف ، (فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) : غير عارفين.

[٥٩] (جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) : وقّر لهم رواحلهم طعاما. (بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ). يعني بنيامين.

لأنّهم كانوا كلّ اثنين من أمّ. (وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ). لأنّه أكرمهم كثيرا في ضيافتهم.

[٦٢] (لِفِتْيانِهِ) : غلمانه ومماليكه.

__________________

(١) ـ في جميع النسخ زيادة : «كدنا ليوسف : احتلنا ؛ أي : دبّرنا له في الملك. لأنّه لمّا استخلصه الملك لنفسه استخلفه مكانه ، فلمّا مات الملك صار ملكا ونبيّا من الله تعالى».

٢٤٢

قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٦٤) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥) قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦) وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦٨) وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩)

[٦٥] (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) : ميسّر.

[٦٦] (مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) : عهدا ويمينا. (يُحاطَ بِكُمْ) : تشرفوا على الهلكة وتقهروا عليه وعلى أنفسكم. (عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) : شاهد.

[٦٧] (لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ). خشي عليهم من العين في اجتماعهم ودفع ما كان يحذره عليهم.

[٦٨] (إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها) ، وإن كان لا يغني من الله شيئا.

[٦٩] (آوى إِلَيْهِ أَخاهُ) : ضمّه إليه. (فَلا تَبْتَئِسْ) : لا تحزن.

٢٤٣

فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ (٧١) قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢) قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ (٧٣) قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (٧٤) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦) قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ (٧٧) قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨)

[٧٠] (بِجَهازِهِمْ) : الطّعام. (السِّقايَةَ) : المكيال ، بلغتهم. كانت من ذهب. (فِي رَحْلِ أَخِيهِ) : بنيامين. وكان قد أعلمه ذلك وعرّفه أن يقطعه عنهم وأنّهم راجعون إليه وأنّ الله يجمع بينه وبين أبيه وخالته وأنّ الله قد اطّلعه عليه. (ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ) : نادى مناد من فتيان يوسف. (أَيَّتُهَا الْعِيرُ) : الإبل التي تحمل الميرة. والمراد أهلها لا الإبل. (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ). قصد : السّارقون يوسف من عند خالته بعد موت أمّه ، فاستردّته منهم بعد أن احتالت عليهم وتركت عقد ذهب لها في جيبه فقالت : قد سرق ، فملكته. وكان من سنّتهم أنّ كلّ من سرق يسترقّ بسرقته.

[٧١] (وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ) غلمان الملك وأصحابه. فقال إخوة يوسف : (ما ذا تَفْقِدُونَ)؟

[٧٢] (قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ). وكان من ذهب. وقيل : من فضّة. (زَعِيمٌ) : كافل ضامن.

[٧٥] (مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) ؛ أي : يملك بذلك.

[٧٦] (مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ) : بنيامين. (كِدْنا لِيُوسُفَ) : احتلنا له في ضمّ أخيه إليه. (فِي دِينِ الْمَلِكِ) ؛ أي : في سنّته وعادته لا بحجّته. (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) : من هو أعلم منه.

[٧٧] (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ). يعنون يوسف حيث وجدوا العقد في جيبه. وقيل : سرق صنما لجدّه لأمّه ، فكسره وألقاه على الطّريق بين الجيف. وقيل : تمثالا من ذهب يعبدونه. وقيل : دجاجة أو بيضة فتصدّق بها. (وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ) ؛ أي : ولم يظهرها.

٢٤٤

قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ (٧٩) فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٠) ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٨٢) قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤) قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (٨٥) قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٦)

[٧٩] (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) ؛ أي : إن أخذنا غيره.

[٨٠] (خَلَصُوا نَجِيًّا) : يتناجون فيما بينهم. (قالَ كَبِيرُهُمْ) : يهودا. وقيل : شمعون. وقيل : روبيل. (وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ). (ما) صلة.

[٨٢] (وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) ؛ أي : أصحاب الإبل الّتي عليها الطّعام.

[٨٣] (بَلْ سَوَّلَتْ) : زيّنت وحسّنت. (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) : بغير شكوى. (عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً). يعني أولاده الثلاثة الّذين بمصر.

[٨٤] (يا أَسَفى). الأسف : أشدّ الحزن. أي : يا حزني الشّديد! (وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ) : عمي. (كَظِيمٌ) : ممسوك في نفسه الحزن لا يظهر.

[٨٥] (تَفْتَؤُا) : لا تزال. (حَرَضاً) : مضنيا مشرفا على الهلاك. لأنّ الحرض والحارض هو الفاسد الجسم والعقل.

[٨٦] (بَثِّي). البثّ : أشدّ الحزن.

٢٤٥

يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (٨٧) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨) قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ (٨٩) قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠) قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ (٩١) قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٩٢) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥)

[٨٧] (رَوْحِ اللهِ) : رحمته.

[٨٨] (بِبِضاعَةٍ) : بقطعة من المال. (مُزْجاةٍ) : قليلة.

[٩١] (آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) : اختارك للنبوّة والملك.

[٩٢] (لا تَثْرِيبَ) : لا توبيخ ولا تقريع. (الْيَوْمَ) ؛ أي : بعد اليوم.

[٩٤] (فَصَلَتِ الْعِيرُ) : خرجت من مصر. يعني جمال إخوة يوسف إلى يعقوب.

(تُفَنِّدُونِ) : تسفّهون رأيي وتضعّفونه.

[٩٥] (ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) : محبّتك ليوسف.

٢٤٦

فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٩٦) قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٧) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ (٩٩) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (١٠٠) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢) وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)

[٩٦] (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) بالقميص ، (أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ) : وجه يعقوب. (فَارْتَدَّ بَصِيراً) كما قال يوسف.

[٩٩] (آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) : ضمّهما إليه وقبّلهما.

[١٠٠] (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ) : أباه وخالته الّتي ربّته. لأنّ أمّه كانت قد ماتت. (عَلَى الْعَرْشِ) : السّرير. (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) ؛ أي : انحنوا. وهم الأبوان والإخوة. وكان ذلك عادتهم في التّحيّة. وقيل : كانوا نذروا السجود لله تعالى شكرا على سلامته ورؤيته. (وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) : البادية. (نَزَغَ) : أفسد وأغرى. (لَطِيفٌ لِما يَشاءُ). اللّطف من الله توفيق وعصمة. وأصله : الرفق.

[١٠١] (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) من آبائي عليهم‌السلام.

٢٤٧

وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (١٠٤) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥) وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٠٧) قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١١٠) لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)

[١٠٥] (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ) : وكم من آية.

[١١٠] (اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) من إيمان قومهم. (وَظَنُّوا) : أيقنوا. (بَأْسُنا) : عذابنا.

[١١١] (عِبْرَةٌ) : معتبرة. (الْأَلْبابِ) : العقول. (ما كانَ) ـ أي : القرآن ـ (حَدِيثاً يُفْتَرى) : يختلق. (وَتَفْصِيلَ) : تبيين.

٢٤٨

ومن سورة الرّعد

مكّيّة.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١) اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥)

[١] (المر) : أنا الله أعلم وأرى.

[٢] (عَمَدٍ) : جمع عمود. (اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) : استولى ملكه عليه وسلطانه. وقد ذكر العرش في الأعراف وغيرها. (لِأَجَلٍ مُسَمًّى) : لوقت معلوم. وقيل : يوم القيامة.

[٣] (مَدَّ الْأَرْضَ) : بسطها من تحت الكعبة بألفي عام. (رَواسِيَ) : جبالا ثوابت. (وَأَنْهاراً) تجري بالماء. (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) : حلوا وحامضا. وقيل : مختلف الألوان والطّعم.

[٤] (قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) : قطع أرض قريب بعضها من بعض هذه طيّبة وهذه سبخة. (وَجَنَّاتٌ) : بساتين. (صِنْوانٌ) : مجتمع أصوله ، متفرّق فروعه. وقيل : نخلتان وثلاث وأكثر في أصل واحد. (وَغَيْرُ صِنْوانٍ) : نخلة واحدة. والصّنو بمعنى المثل أيضا. قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : الرجل صنو أبيه ؛ أي : مثله. (بِماءٍ واحِدٍ) ؛ أي : بماء السّحاب. (فِي الْأُكُلِ). قيل : في القلّة والكثرة والحلاوة والحموضة والألوان وهذا سمّ وهذا درياق. والأكل : ثمر الشّجر.

٢٤٩

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧) اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩) سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (١٣)

[٦] (الْمَثُلاتُ) : العقوبات لمن هلك. وقيل : الأمثال.

[٧] (لَوْ لا أُنْزِلَ) : هلّا أنزل. (مُنْذِرٌ) : مخوّف.

(هادٍ) : داع يدعوهم إلى الهدى. وقيل : المنذر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. والهادي عليّ عليه‌السلام (١).

[٨] (ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) من ذكر أو أنثى أو توأم أو منفرد. (تَغِيضُ) : تنقص من دم الحيض. وقيل : من الأشهر التسعة. وقيل : من السّقوط.

[١٠] (مُسْتَخْفٍ) : مستتر بأمره. (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) : معلن. وقيل : سالك في سربه ومذهبه.

[١١] (مُعَقِّباتٌ) : ملائكة تعقب ملائكة.

(يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) : بأمر الله ، من الجنّ والإنس والهوامّ. (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) من النيّة الصّالحة. (مِنْ والٍ) ؛ أي : من وال يلجئون إليه.

[١٢] (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً) من الصّواعق. وقيل : خوفا للمسافر من أذاه. (وَطَمَعاً) في الغيث ، وللمقيم في الرزق. (وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) بالماء.

[١٣] (الرَّعْدُ). قيل : هو الملك الموكّل بالصّواعق. وقيل : هو نطق السّحاب ؛ والبرق ضحكه. وقيل : البرق سوط من نور يزجر به الملك السّحاب. وقال أهل اللّغة : الرعد صوت السّحاب ، والبرق نور يصحبها. (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ) : كلّ عذاب مهلك. وقد يكون نارا تسقط من السّماء في رعد. وقد يكون صيحة العذاب. (فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) ؛ كخويلد بن نوفل. (الْمِحالِ) : الأخذ والبطش والقوّة.

__________________

(١) ـ د زيادة : «اعم» * ل ، م زيادة : «اللهَ يَعْلَمُ» *.

٢٥٠

لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (١٤) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (١٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (١٦) أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ (١٧) لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٨)

[١٤] (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ) : كلمة الإخلاص. (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ). هم الأصنام. (كَباسِطِ كَفَّيْهِ) : كمادّهما. قيل : يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيديه فلا يأتيه أبدا. فدعاؤهم الآلهة كذلك.

[١٥] (طَوْعاً) : المؤمن. (وَكَرْهاً) : الكافر. وقيل : كلّ شيء له ظلّ فهو يسجد لله تعالى. وقيل : يستسلم وينقاد.

[١٦] (الْأَعْمى) من الحقّ (وَالْبَصِيرُ) له. (الظُّلُماتُ) : ظلمات الكفر. (وَالنُّورُ) : الايمان.

[١٧] (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ) : السّحاب. (ماءً) : مطرا. (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) في الصّغر والكبر والطّول والسّعة. (زَبَداً رابِياً) : يعلو على الماء. (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ) من جواهر الأرض ـ كالذهب والفضّة ـ (ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ) يلبسونها (أَوْ مَتاعٍ) ـ كالحديد والصّفر والرّصاص ـ (زَبَدٌ مِثْلُهُ). أي : و [من] هذه الجواهر زبد مثله. أي : خبث مثل زبد البحر. (جُفاءً) : طافيا على وجه الماء. (وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) : يثبت ، فيتّخذون منه ما يتحلّون به وينفعهم. مثّل الله الحقّ بالذهب والفضّة عند السّبك ، والباطل بالزبد الّذي يعلو على الماء.

[١٨] (اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ) : أطاعوه. (الْمِهادُ) : الفراش.

٢٥١

أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (٢١) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (٢٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥) اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ (٢٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)

[١٩] (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) ؛ مثل عليّ وعمّار وأبي ذرّ والمقداد وسلمان. (كَمَنْ هُوَ أَعْمى) ؛ كأبي جهل وأبي لهب والمغيرة والوليد بن المغيرة المخزوميّ. (أُولُوا الْأَلْبابِ) : أصحاب العقول.

[٢٠] (الْمِيثاقَ) : العهد.

[٢١] (ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) : صلة الأرحام وبرّ الوالدين والقرابات والفقراء والمساكين. وقيل : خاصّ في قرابة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. (سُوءَ الْحِسابِ) : شدّته واستقصاءه.

[٢٢] (وَأَنْفَقُوا) : تصدّقوا. (وَيَدْرَؤُنَ) : يدفعون. (بِالْحَسَنَةِ). قيل : التوبة. وقيل : الصّفح والحلم. وقيل : التقيّة والمداراة. (السَّيِّئَةَ) : المعصية.

[٢٥] (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ). قيل : النبيّ وآله الطّاهرين عليهم‌السلام. (اللَّعْنَةُ) : بعد الرحمة. (سُوءُ الدَّارِ) : جهنّم.

[٢٦] (يَبْسُطُ الرِّزْقَ) : يوسّعه. (وَيَقْدِرُ) : يضيّقه (إِلَّا مَتاعٌ) : منفعة يسيرة.

[٢٧] (أَنابَ) : رجع وتاب.

[٢٨] (تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ) : تسكن.

٢٥٢

الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩) كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ (٣٠) وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٣٢) أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣) لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ (٣٤)

[٢٩] (طُوبى لَهُمْ) : الفرح والسّرور والغبطة. وقيل : طوبى لهم بالجنّة. (وَحُسْنُ مَآبٍ) : مرجع.

[٣٠] (مَتابِ) : توبتي.

[٣١] (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ). جواب لو : كان هذا القرآن. (قارِعَةٌ) : داهية مهلكة تقرع قلوبهم. (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) : مكّة. (حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) : فتح مكّة.

[٣٢] (فَأَمْلَيْتُ) : طوّلت المدّة.

[٣٣] (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) : حافظ (عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) من خير أو شرّ يحفظه عليهم. (شُرَكاءَ) : أصناما وآلهة. (قُلْ سَمُّوهُمْ) : صفوا أفعالهم. (أَمْ تُنَبِّئُونَهُ) : تخبرونه. (بِما لا يَعْلَمُ) : بأنّ له شركاء. (أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) ؛ أي : لا حقيقة له ولا معنى.

[٣٤] (لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا). قيل : يوم بدر وضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم. (أَشَقُّ) : أكثر ضررا لشدّته. (مِنْ واقٍ) : من مانع.

٢٥٣

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (٣٥) وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨) يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢)

[٣٥] (أُكُلُها دائِمٌ) : ثمرها. (عُقْبَى) : عاقبة.

[٣٦] (آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) : التوراة. (يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ). من أسلم من أحبارهم وعلمائهم ؛ كعبد الله بن سلام. (وَمِنَ الْأَحْزابِ) : الفرق. (وَإِلَيْهِ مَآبِ) : أي : مرجعي.

[٣٨] (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) : بأمره. (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) : مكتوب في اللّوح المحفوظ.

[٣٩] (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) من الناسخ والمنسوخ. وقيل : من ذنوب عباده ، فلا يكتبه عليهم. (وَيُثْبِتُ) من الأعمار والأرزاق ما يشاء. وقيل : من ذنوب عباده ليعاقبهم عليها. (أُمُّ الْكِتابِ) : أصله ؛ وهو اللّوح المحفوظ.

[٤١] (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) : الأنفس والثمرات وخراب الأرض. وقيل : بموت العلماء والفقهاء والصّلحاء والعبّاد. وقيل : الأشراف. وقيل : الكرام. (لا مُعَقِّبَ) : لا مغيّر.

[٤٢] (وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : قوم صالح ؛ أرادوا قتله ، فقتلهم الله ونجّاه. (فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) : التدبير الحسن. (عُقْبَى الدَّارِ) : عاقبتها.

٢٥٤

وَيَقُولُ الَّذِيَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣)

[٤٣] (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) : اليهود. (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) : عليّ عليه‌السلام. وقيل : عبد الله بن سلام ، والكتاب التوراة. أوقف اليهود على صفة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ونعته فيها وأنّه نبيّ مرسل يأتي آخر الزمان يختم الله به النبيّين.

ومن سورة إبراهيم عليه‌السلام

مكّيّة.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٣) وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥)

[١] (الر) : أنا الله أرى. (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ). يعني القرآن المجيد. (مِنَ الظُّلُماتِ) : ظلمات الكفر. (إِلَى النُّورِ) : نور الإيمان. (صِراطِ) : طريق.

[٣] (يَصُدُّونَ) : يعرضون ويمنعون. (سَبِيلِ اللهِ) : طريق الحقّ.

[٤] (بِلِسانِ قَوْمِهِ) : بلغتهم. (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) : يعاقب. (وَيَهْدِي) : يثيب.

[٥] (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) : بعذابه في الأمم الخالية. وقيل : بنعمه.

٢٥٥

وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠)

[٦] (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ) ـ الآية. ذكرت في البقرة.

[٧] (تَأَذَّنَ) : قال وأعلم. (لَأَزِيدَنَّكُمْ) من النّعم.

[٩] (وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) ممّن أهلكهم الله.

(بِالْبَيِّناتِ) : المعجزات. (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) : قالوا للرسل : اسكتوا! فإنّكم كاذبون. وقيل : كذّبوهم بأفواههم وقالوا للرسل : كفّوا عمّا أمرتمونا! فإنّا لا نقبل منكم. (مُرِيبٍ) : متّهم.

[١٠] (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) : بحجّة بيّنة ودليل واضح. (لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) مع التوبة والإيمان. (تَصُدُّونا) تمنعونا.

٢٥٦

قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ (١٤) وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥) مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧) مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨)

[١٥] (وَاسْتَفْتَحُوا) : استنصروا بآلهتهم.

(جَبَّارٍ) : متكبّر. (عَنِيدٍ) : معاند.

[١٦] (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) : قدّامه. (مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) : قيح ودم أهل جهنّم.

[١٧] (يَتَجَرَّعُهُ) مكرها. (يُسِيغُهُ) : يجيزه.

(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) : تأخذه النّار من جميع الجهات. (غَلِيظٌ) : شديد.

[١٨] (يَوْمٍ عاصِفٍ) : شديد الرّيح.

٢٥٧

وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٢) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ (٢٣) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤)

[٢١] (وَبَرَزُوا) : خرجوا من قبورهم. يعني الرؤساء والقادة والأتباع. (فَقالَ الضُّعَفاءُ) : الأتباع للرؤساء والقادة. (مَحِيصٍ) : معدل عن العذاب.

[٢٢] (مِنْ سُلْطانٍ) : قدرة ويد. (بِمُصْرِخِكُمْ) : بمعينكم ودافع العذاب عنكم.

[٢٣] (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) : تدعو لهم الملائكة بالسّلامة.

[٢٤] (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) : النخلة.

٢٥٨

تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦) يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ (٢٧) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠) قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١) اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣)

[٢٥] (تُؤْتِي أُكُلَها) : ثمرها. (كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) : كلّ ستّة أشهر من السّنة. وقيل : ليلا ونهارا. وهذا مثل الإيمان.

[٢٦] (كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) : الشّرك بالله. (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) : كشجرة الحنظل. (اجْتُثَّتْ) : قلعت واستؤصلت. (مِنْ قَرارٍ) : من أصل ثابت ولا فرع ثابت.

[٢٧] (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) : يعاقبهم.

[٢٨] (بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً). هم بنو أميّة وبنو مغيرة المخزوميّ. وهم الّذين (أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)(١) ، وكذّبوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. (الْبَوارِ) : الهلاك.

[٢٩] (وَبِئْسَ الْقَرارُ) ؛ أي : المستقرّ.

[٣٠] (أَنْداداً) : شركاء وأمثالا. (عَنْ سَبِيلِهِ) : طريق الحقّ. (قُلْ تَمَتَّعُوا) في الدّنيا.

[٣١] (وَيُنْفِقُوا) ؛ أي : يعطوا الزكاة.

(وَعَلانِيَةً) : جهرا. (خِلالٌ) : مخاللة.

[٣٣] (دائِبَيْنِ) : ليلا ونهارا ، لا ينقطعان إلى القيامة.

__________________

(١) ـ قريش (١٠٦) / ٤.

٢٥٩

وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦) رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١) وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢)

[٣٥] (آمِناً) : يأمن كلّ شيء فيه من الناس والحيوان والشّجر. (وَاجْنُبْنِي) ؛ أي : أبعدني. (أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) : عن عبادتها.

[٣٦] (أَضْلَلْنَ كَثِيراً) ؛ أي : ضلّ بهنّ كثير.

[٣٧] (الْمُحَرَّمِ). لأنّه حرّم منه وفيه ما أبيح في غيره. (تَهْوِي إِلَيْهِمْ) : تقصدهم وتحبّهم وتهواهم. يريد بذلك مكّة.

[٣٨] (وَما نُعْلِنُ) : نظهر.

[٤١] (وَلِوالِدَيَّ). قيل : آدم وحوّاء. وقيل : أبواه على الحقيقة.

[٤٢] (غافِلاً) : تاركا وناسيا. (تَشْخَصُ) : تنفتح ولا تطرق.

٢٦٠