حاشية على الكفاية

محمد علي حائري قمي

حاشية على الكفاية

المؤلف:

محمد علي حائري قمي


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٠٥

التركيبات المختلفة كالناهية للفحشاء وما هو معراج المؤمن على ما ذكروه في مبحث الصّحيح والأعم قلت هذا المقدّر المشترك إن كان خارجيّا مسبّبا عن المركّب وكان ذلك متعلّق الطّلب فلازمه عدم اجزاء البراءة كما صرّح به المض وغيره وإن كان امرا انتزاعيّا صرفا فلا محالة يكون متعلّق الطلب نفس الأجزاء كما لا يخفى ومع ذلك خروج عن البحث لبساطة المطلوب ح ويكون كل الأجزاء واجبا من جهة المحصليّة ويكون من المقدّمات الخارجة ثم لو سلمنا ما ذكره المصنّف ره من الفرق بين الجزء والكلّ من اللابشرطيّة وبشرطه شيئيّته الّا انّه من الواضح انّ هذا اعتبار محض لاحظ له في الوجود الخارجى ومتعلّق الحكم نفس الأجزاء ووجودها في الخارج عين وجود الكلّ لا مغاير له واللّازم في المقدّمة ان يكون وجودها مغايرا لوجود ذيها كما صرّحوا في ردّ من زعم انّ الفرد مقدّمة للكلّى والعجب من المض حيث سلم هنا المقدميّة ويصرّح في المقام الثّاني من الأشكال بما ذكرنا وانّها مأمورا بها بنفس الأمر المتعلّق بالكلّ غافلا من انّ ذلك ينفى موضوع المقدميّة ايضا فت قوله : انه لا بدّ في اعتبار الجزئيّة الخ اقول في ذلك ردّ على ما ذكره بعض المحقّقين وهو انّه لا يكون اعتبار اللّابشرطيّة في الأجزاء الخارجيّة وذلك لبداهة عدم صدق الجزء على الكل وعدم كون الكلّ من مصاديقه مع انّه لو كان مأخوذا بعنوان اللّابشرطيّة لا بد له من الصّدق كالحيوان حيث يكون من مصاديقه الإنسان ويحمل عليه في الخارج

والحاصل : انّه فرق بين الجزء والكل والكلّى والجزئى والأول معتبر فيه عدم الصّدق فكيف يؤخذ لا بشرط

والجواب : انّ اللّابشرط قد يلاحظ بالنّسبة الى القيودات الطّارية في الخارج وقد يراد به المعنى الغير الآبي عن الحمل والصدق والمراد باللّابشرط المتّصف به الجزء هو المعنى الأوّل لا الثّاني فلا يستلزم ذلك الحمل فت قوله : وكون الأجزاء الخارجيّة الخ اقول اشارة الى دفع ما ربّما يقال انّ اللازم في الجزء الخارجي هو اخذه بشرط لا لا بلا شرط لما ذكره في الفرق بين الهيولى والجنس والصّورة والفصل حيث صرّحوا بانّ الهيولى والصّورة هى الماهيّة المأخوذة بشرط لا والجواب انّ بشرط لا له معنيان احدهما ما يكون آبيا عن الحمل وذلك يقابل اللّابشرط وهو ان يكون غير آب عن الحمل والأخر ما يلاحظ بالنّسبة الى القيودات وللطوارئ الخارجيّة والمعنى الأوّل يجتمع مع اللّابشرط بالمعنى المتقدّم فيكون الجزء لا بشرط بمعنى وبشرط لا بمعنى آخر وقد تقدم ما يوضح المقصود في المشتق فت

[في بيان الإشكال الثاني من الإشكالين في الاجزاء :]

قوله : ثم لا يخفى انّه ينبغى خروج الأجزاء الخ اقول هذا اشارة الى الوجه الثّاني من الإشكالين وتقرير الأشكال هنا مختلف فقد يقرّر على ما في الكتاب بان الفرق بين الأجزاء والكلّ انّما هو بالاعتبار والّا فهما بحسب الوجود متّحد فالوجوب المتعلّق بالكل متعلّق بنفس الأجزاء ومع اتّصافهما بهذا الوجوب ممتنع عقلا ان يعرضهما وجوب آخر لامتناع اجتماع المثلين وقد تقرّر بان الجزء متعلّق للوجوب ضمنا حيث انّ الأمر المتعلّق للكلّ منبسط على الأجزاء فيتعلق بالجزء في ضمن الكلّ فيكون متّصفا بالوجوب الضّمنى وبعبارة اخرى الطّلب متعلّق بالمركّب فيكون

١٤١

الطّلب منقسما بانقسام اجزاء المركّب وقد يقرّر بانّ الأمر المتعلّق بالكلّ كالأمر المتعلّق بالعام ينحل الى اوامر متعدّدة فينحل الى اوامر بعدد الأجزاء وقد يقرّر بانّ وجوب الكل يستلزم وجوب كلّ جزء لبداهة الاستلزام بينهما قوله : كما صرّح به بعض اقول هو السّلطان على ما حكى وعبارته المنقولة عنه محتمله لأن يراد منها انّ وجوبه المقدّمى مفروغ عنه فليس محلّا للنّزاع

والحاصل : انّ خروج الجزء من محلّ النّزاع يتصوّر من وجهين [الوجه الاوّل : انّ وجوب الجزء خارجا عن محلّ النّزاع]

الاوّل : انّ وجوب الجزء اعني وجوبه المقدّمى مفروغ عنه ولا ينبغى ان يشكّ فيه فيكون خارجا عن محلّ النّزاع [الوجه الثّاني : انّ الجزء واجب من غير جهة المقدميّة بالوجوب النّفسى]

والثّاني : انّ الجزء واجب من غير جهة المقدميّة بالوجوب النّفسى فلا يكاد يتّصف بالوجوب من جهة اخرى او وان امكن ان يتّصف بالوجوب الأخر الّا انّ النّزاع في وجوبه المقدّمى بعد ثبوت اصل وجوبه لغو فت جيّدا قوله : لا عنوان مقدميّتها اقول سيجيء الكلام في تنقيح ذلك انش فانتظر

[في تقسيم المقدمة :]

قوله : فهى ما استحيل واقعا وجود ذى المقدّمة الخ اقول يمكن ان يقال التقسيم بها باعتبار المدرك لأنّ المدرك للتوقّف إن كان هو العقل فالمقدّمة عقليّة لأنّ العقل يدرك مقدميّته وإن كان هو الشّرع فالمقدمة شرعيّة وإن كان المدرك هو العادة بمعنى انّه لا يقع في الخارج بحسب العادة الجارية بين النّاس الّا به بلا توقّف بينهما بحسب نظر العقل والشّرع فهى العاديّة فيكون تقسيم المقدّمة هذه بلحاظ الإدراك وهذا نظير تقسيم الدّلالة بالعقليّة والوضعيّة والطّبيعية فالشّرعيّة في المقام يراد بها انّ المقدميّة انّما حصلت بالشّرع وكشف عنه الشّارع والّا فلا يعرفه العقل وإن كان بعد عرفان العقل يقطع بالمقدميّة ولا يخفى عليك انّه على هذا لا يرجع الشّرعيّة الى العقليّة الّا انّ العادة ليست بمثابتهما لأنّ المقدّمة الواقعيّة يكشف عنها العقل ويدركها وكذلك الشّرع الّا انّ العادة ليست بكاشفة بل المقدّمة العادية هو كون المقدميّة والتوقّف عادة لا بحسب الواقع والمناسبة على هذا مجرّد تحقق المقدميّة بكل منها في الظّاهر وإن كان في بعضها كشفا وفي بعضها قيدا وتحقّقا كما لا يخفى هذا مع انّه لا يستقيم التّقسيم بحسب الجعل اذ ليس للعقل جعل المقدميّة وكذلك للشّرع بناء على انّ الأحكام الوضعيّة امور واقعيّة كشف عنها الشّرع

وتوضيح المقام : انّ المقدّمة في الواقع ونفس الأمر ما يتوقف عليه ذو المقدّمة ويستحيل واقعا وجوده بدونه وهذا لا انقسام له قطعا لا بحسب العقل ولا بحسب الشّرع ولا العادة لأنّه لا يخلو الأمر بحسب الواقع امّا انّه يتوقّف عليه او لا فالواقع لا يكاد يكون مختلفا حسب اختلافها وكذلك لا يمكن التّقسيم بلحاظ الجاعل اى جاعل التوقّف لانّه لا ربط للعقل بالجعل بل والشّرع على ما عرفت وامّا بحسب الإدراك والفهم فيصحّ بحسب العقل والشّرع دون العادة الّا بمسامحة على ما تقدم والمض كان جريه على الواقع فلم يتصوّر الشّرعيّة والعاديّة ففى الحقيقة انكر التّقسيم وعليه كان الأولى منع العقليّة ايضا لكنّه ليس التّقسيم بلحاظه بل بلحاظ ما ذكرنا نظير التّقسيم في الدّلالات قال بعض المحقّقين والأجود ايراد التّقسيم على هذا الوجه المقدّمة اما يتوقف

١٤٢

عليها ذووها في نفس الأمر مع قطع النّظر عن ملاحظة شيء آخر او يكون توقّفه عليها بملاحظة شيء والثّانية هى العادية والأولى ايضا امّا يكون العقل مدركا لمقدميتها مع قطع النّظر عن بيان الشّارع أو لا بل يكون الكاشف عنها هو الشارع لا غير فالأولى منهما عقليّة وثانيهما شرعيّة ومرجع هذا التّقسيم الى اثنين اولهما باعتبار الثبوت في الواقع وعدمه وثانيهما باعتبار الإدراك والكشف فت جيّدا قوله : لا يخفى رجوع مقدّمة الصحّة اه اقول الصّحة في العبادة قد يكون بمعنى موافقة المامور به او بمعنى اسقاط القضاء فهى بهذا المعنى امر انتزاعي لا مقدّمة لها الّا ما كان مقدّمة لمنشإ الانتزاع فهى العبادة المأمورة بها ونفس العبادة قد يكون صحيحا وقد يكون فاسدا فعلى القول يكون الألفاظ اسامى للصّحيح يتحد مقدّمة الصحّة مع مقدمة وجود الماهيّة وعلى القول بالأعم يختلف مقدمتهما ولكن الكلام لما كان في مقدّمة الواجب المطلق ليسرى الوجوب من ذى المقدمة الى المقدّمة فلا بد ان يكون النّظر الى مقدّمة المتّصف بالوجوب فليس الّا منشأ انتزاع الصحّة اذ هو المأمور به لا غير فمقدّمة الصحّة ح هو مقدّمة الوجوب دائما على القولين.

[في المقدمة العلمية :]

قوله : وكذلك المقدّمة العلميّة اقول قد يقال بخروج المقدّمة العلميّة من حريم النّزاع من جهة انّها ليست مقدّمة للواجب بل مقدّمة للعلم به فان كان العلم واجبا مستقلّا كان مقدّمة للوجود وان لم يكن واجبا فهى ليست مقدّمة لواجب اصلا فكيف يكون داخلا في النّزاع في مقدّمة الواجب وقد يقال بانّه لا مانع من؟؟؟ انّ يبحث عن انّ الأمر بشيء هل هو امر بمقدّماته العلميّة كما هو امر بمقدماته الوجوديّة وكونها مقدّمة للوجود بالنّسبة الى العلم ولو كان واجبا كانت واجبة والّا فلا لا ربط له بشيء اصلا لأنّ النّزاع بالنّسبة الى الملازمة بين امر الواجب ومقدّمات العلم به ولا دافع عن هذا النّزاع كما لا يخفى اقول المقدّمة العلميّة يراد بها مقدّمة العلم باتيان الواجب في الخارج وامتثاله ومرتبة الامتثال مرتبة متاخّرة عن اصل الواجب فدليل الواجب لا يكاد يتكفّل حال مرتبة امتثاله من اصل العلم به ومقدّماته فكيف يتوهم الملازمة بين امر الواجب فمقدّماته العلميّة وقد يقال بخروجها عن محل النّزاع بان وجوبها مفروغ عنه من باب وجوب الإطاعة لتحصيل الأمن من العقوبة على مخالفة الواجب وهذا غير ما نحن بصدده من الوجوب المولوى السّارى من ذى المقدّمة وانت خبير بانّ مجرّد معلوميّة وجوبه من باب الإرشاد لا يكون سببا لخروجه عن محلّ النّزاع الّا بضميمة انّه بعد ذلك لا يكاد يتصف بوجوب آخر مولويا لاستحالة اجتماع المثلين كاجتماع الضدّين او انّ مفروغيّة وجوبها مانعة من كونها محلّا للنّزاع فخروجها عن محل النّزاع لكونها محلا للوفاق او انّ الواجب بالوجوب الإرشادي العقلى هنا غير قابل للاتّصاف بالوجوب الشّرعى المولوى لأنّ الإطاعة والمعصية لا ملاك لهما الّا ما يترتّب على اطاعة الأمر ومعصية النّهى الى الواجب والحرام فمخالفتهما ليس المرتّب عليها الّا المرتّب على الواجب والحرام وحيث لا ملاك لها عقلا غير ذلك يمتنع ان يصير مأمورا به مولويا بامر آخر بل لو امر به الشّارع ايضا

١٤٣

كان ارشاديا لا مولويّا ومن هذه الجهة لا اثر هنا القاعدة الملازمة على ما قرر في محل آخر ولا يخفى عليك انّه لو قلنا بوجوب العلم اعنى العلم بالأحكام نفسيا شرعيّا كما ذهب اليه بعض الأساطين لم نقل بتحصيل العلم بالإطاعة نفسيا شرعيا لاختلافهما في المناط والدليل كما لا يخفى فافهم ثم انّه ربّما يتحد المقدّمة العلميّة مع الواجب وجودا كما في الصّلاة الى اربع جهات والواجب المردّد بين الظّهر والعصر فياتي فيه ما تقدم في الأجزاء قوله : ولا بدّ من تقدّمها اه اقول وذلك بالتّقدم الطبيعى وامّا بحسب الزّمان فلا بدّ من المقارنة بينهما كما هو الشّأن في العلّة والمعلول

[في تصوير الشرط المتأخر :]

قوله : اشكل الأمر في المقدّمة المتاخّرة اقول هذا شروع منه في تصوير الشّرط المتاخّر عن مشروطه الّذي وقع الكلام فيه في طرفى الإفراط والتّفريط ولا يخفى عليك انّه من العلل العلّة الغائية وهى علّيتها انّما هى بلحاظ تصورها وامّا وجودها فهى من الفوائد المترتّبة على المعلول فيكون معلولا للمعلول لا علة له فيكون محل البحث والكلام هو العلّة المادى والصّوري والفاعلى المتوقّف تحقّق المعلول بتحقّقها ثم انّه لا يخفى انّه قد يقرّر النّزاع في الأمورات الواقعيّة الخارجيّة الّتى لها وجودات تاصليّة وبعبارات اخرى الموجودات الخارجيّة وتارة يحرّر النّزاع في الأمورات الواقعيّة الاعتباريّة الّتى تكون موجودا في الاعتبار وليس بحذائها شيء في الخارج وتارة في الأسباب والشّروط الشّرعيّة بمعنى انّ الشّارع جعلها اسبابا وشروطا لمعنى واقعى كالواقعيات وتارة في الشّروط الشّرعيّة المجعولة لنفس الوجوب كقوله ان جاءك زيد فاكرمه حيث ان المستفاد من الكلام بحسب المفهوم العرفي هو انّ شرط الوجوب والإيجاب هو تحقّق مجيئه فما لم يتحقّق لم يكن وجوب وايجاب فكما انّه يصح هذه العبارة والاشتراط الكذائى في صورة تقديم الشّرط فهل يصحّ ذلك في صورة تاخيره بان يقول ان جاءك زيد في الغد فاكرم عمروا في اليوم

وتوضيح البيان

فى ذلك بان يقال لا يعقل الأمر بالشّىء في زمان بشرط وجود امر متاخّر عن ذلك الزّمان بحيث يصير ذلك واجبا فعليّا قبل تحقّق شرطه مثل ما يصير واجبا فيما اذا تحقق شرطه وذلك لأنّ مفاد الأمر لو كان هو الإرادة والطّلب اللّبى الذي تعبّر عنه بالشّوق الأكيد لكان الشّرط شرطا لوجود هذا الشّوق الكذائي والإرادة الكذائيّة في قلب المتكلّم فاذا فرضنا دخل ذلك الشّيء في تحقّقه ووجوده فكيف يمكن ان يوجد فعلا قبل وجوده والّا لخرج الشّرط عن كونه شرطا او لزم امكان تحقّق المعلول قبل تحقّق علّته التّامّة وكلاهما واضح الفساد ولو كان الأمر هو القول الصّادر من المتكلّم الّذي يصير داعيا للمخاطب فينبعث الى العمل لعلمه بارادة المتكلّم فالقول المذكور لا يمكن صدوره ذاتا او لأجل القبح كاستحالة الأمر بغير المقدور ووجهه انّ المخاطب يفهم من قوله ان جاءك زيد في الغد اكرمه اليوم اشتراط الوجوب بمجيء زيد في الغد وفهمه منه ذلك بحسب معناه الوضعى العرفى واكرامه الفعلى

١٤٤

فى اليوم بعد مجيئه في الغد بعد غيره مقدور له وهو محال فما يفهم من اللّفظ غير مقدور له فليس يمكن كون الخطاب باعثا للمخاطب الى الفعل اصلا فلا يجوز صدوره بداعى البعث نعم اذا كان المخاطب؟؟؟ ممن يفهم من الخطاب ولو بضمّ المقدّمة العقليّة وهى كون المولى حكيما انّ الشّرط هو الأمر الانتزاعي وهو كونه ممّن يجيء في الغد وجعل نفس المجيء في الغد شرطا مسامحة في التّعبير صحّ الأمر الكذائي الّا انّه يخرج من باب الشّرط المتاخّر لأنّ الشّرط موجود في الحال والقرينة العقليّة قائمة عليه ولا يرد على هذا التقريب ما افاده شيخنا المصنّف ره من انّ الشّرط المتأخّر كالشّرط المقارن والمقدم لحاظه دخل في الحكم فانّ المولى قد يأمر بشيء بلحاظ الأمر الموجود او الّذي قد وجدوا سيوجد بلا تفاوت بينهما وسيجيء بيانه انش لأنّ ما ذكره ره خارج عن المقام لأنّ كلامنا في الواجب المشروط يعنى ما افاده الشارع بنحو الوجوب المشروط وما بيّنه امر مطلق سببه علم الأمر بكون الفعل المتعقّب بكذا ذا مصلحة ملزمة بالفعل فالواجب ح مطلق وهذا هو المفيد في مباحث الألفاظ ولذا بسطنا الكلام في تقريبه قوله : بل في الشّرط او المقتضى المتقدّم على المشروط اقول غرضه تعميم الأشكال توضيحه انّ العلّة لا بدّ ان يكون موجودة حين وجود معلولها بداهة عدم امكان تاثير المعدوم في الموجود والشىء كما لا يمكن ان يؤثر قبل وجوده كذلك لا يمكن له التّاثير بعد صيرورته عدما والشّرط والمقتضى المتصرمين حين الأثر بحيث صارا معدومين حال وجود المعلول كيف يمكن تاثيرهما في الموجود فاشكال الشّرط المتأخّر جار في الشرط المتقدّم ولا يخفى عليك انّ اللّازم الباطل في الشرط المتأخّر قد يكون هو تقدّم المعلول على علّته وهذا غير جار في الشّروط المتصرّمة وقد يكون هو لزوم مقارنة المعلول للعلّة وهذا منشأ الجريان ثمّ اعلم انّ المنقول عن شيخنا المرتضى ره على ما في تقريرات الدّزدري جعل هذا نقضا في مقام الجواب عن الشّرط المتأخّر وتماميّة النقض انّما يكون مع تماميّة المناط فيهما وقد عرفت الاختلاف اللهم الّا ان يقال بانّ المرجع هو عدم امكان تاثير المعدوم في الموجود فت جيّدا قوله : وامّا الأوّل اقول توضيحه انّ التّكليف او الوضع هو الفعل الاختياري للمكلّف والأفعال الاختياريّة انّما يتوقّف على مبادى تصوريّة وتصديقيّة مثل تصوّر الفعل بحدوده وقيوده وتصوّر فائدته والتّصديق بترتّبها عليها فدخل كل منها في صدور الفعل انّما يكون بلحاظه تصوّرا بحيث لولاه لما صدر الفعل لا بوجوداتها الخارجيّة قوله : وامّا الثّاني اقول ملخّصه ان حسن الأفعال انّما هو بالوجوه والاعتبارات والدّخيل في الحسن انّما هو اعتبار الفعل ولحاظه مقارنا لكذا او مقدّما على كذا او مؤخّرا عنه فالمحقّق لحسنه هو الاعتبار ودخله انّما هو باعتباران لاعتباره دخل اقول المتاخّر بحسب الوجود قد يكون شرطا للوجوب والإيجاب وقد يكون شرطا للموجود الخارجى الّذي هو متعلّق للوجوب اعنى الواجب وقد يكون شرطا لفعل المكلّف اعنى نفس انشائه كسائر افعاله الخارجيّة الصّادرة منه امّا الأوّل فقد عرفت الحال فيه من انّ ظاهر الجملة الإنشائيّة

١٤٥

منها بل الخيريّة كقولك الشّرط في وجوب الإكرام هو مجيئك هو المتقدّم عليه على ما عرفت الحال فيه وامّا الثّاني فسيأتي الكلام فيه في شرط المكلّف به واما الثّالث فالفعل وهو انشاء المكلّف لا يكاد يتحقق الّا بعد علّته الفاعليّة والماديّة وإن كان هنا متاخّر فهو العلّة الغائية ولا ربط لها بمحلّ الكلام ويمكن ارجاع القول فيه على بعض التّقادير الى شرائط الفعل الواجب وهو الثّاني من الأقسام وتوضيح المطلب بعنوان آخر ان المتأخّر بحسب الوجود قد يكون شرطا للوجوب وقد يكون شرطا للوجود بعد تحقّق فعليّة الوجوب مط والأول قد يكون عقليّا كما في شرطيّة القدرة بالجزء الأخر من المركّب في تعلّق الوجوب بالجزء الأوّل وبعبارة اخرى استمرار القدرة شرط لتعلّق الوجوب باصل المركّب والقدرة المتأخّرة (١) للجزء الأخير شرط لأصل الوجوب باصل المركّب وقد يكون شرعيّا كما في شرطيّة خلوّ المرأة عن دم الحيض في آخر النّهار لوجوب الصّوم في اوّل الفجر والشّرط اعم من ان يكون للوجوب او الوجود قد يكون امرا خارجا عن اختيار المكلّف وقد يكون فعلا اختياريّا له ومرجع الأوّل ولو كان شرطا للوجود الى الوجوب حيث انّ الواجب بالنّسبة الى المقدّمات الغير الاختيارية مشروط الّا على تصوير الوجوب المعلّق ومعه ايضا لا يكاد يتّصف بالوجوب المقدّمى وعلى فرض كونه شرطا للوجود امّا يقال بلزوم الإتيان به في الخارج شرعا او لا لا يعقل ان لا يكون الشّرط للواجب الفعلى المنجزان يكون المكلف مخيّرا بالنّسبة اليه للزوم كون المكلّف مخيّرا في الإتيان بالواجب مع فرض تنجّز وجوبه فلا محالة يلزم الإتيان به فيلزم تأثير المتأخّر في المتقدّم وذلك محال لا يكاد ان يجاب عنه بما اجاب عنه المض لأنّه لو لم يكن له مدخليّة في التّأثير بنحو من الأنحاء لم يكن الوجوب يتعدّى اليه وبعد التعدّى لا محالة يكون له نحو تاثير ولو لعليّته بالنّسبة الى الأمر الانتزاعي

[الخلاصة :]

فتلخّص انّ محلّ البحث من الشّرط المتأخّر لا محالة ممّا يكون شرطا للوجوب او يكون شرطا للصّحة اذ شرائط الوجود ممّا لا يعقل فيها النّزاع اللهمّ الّا ان يرجع شرائط الوجود الى الوجوب ثمّ لا يخفى عليك انّ مورد البحث اى ما يكون بحسب الظّاهر ممّا يتوقّف الوجوب او الصّحة عليه بحسب لسان الأدلّة وكان متاخّرا وجودا هو العلّة الفاعلى لوضوح خروج العلّة الغائيّة لبداهته انّه ليس بوجوده الخارجى علّة بل يكون معلولا وامّا علّة المادى والصّوري فمبنى على ما تقدّم فشرائط التّكليف اعنى ما هو فعل المكلّف بالكسر اى تشريعه لا ربط له بالمقام فيتحصّل ممّا ذكرنا انّ شرط الوجوب او الصّحة كما يمكن ان يكون مقدّما يمكن ان يكون متأخّرا عنه ام لا فتثليث الأقسام ممّا لا محصّل له وما ذكره المض من الجواب عن ذلك يتم فيما اذا كان ذلك الأمر المتأخّر خارجا عن الاختيار معلوم التّحقق عند الجاهل وامّا اذا كان من الاختياريّة فلم يكد يتعلّق به الوجوب الفعلى الّا بايجاب ذلك الشيء الأخر عليه بالوجوب الأصلى دون التّبعى الملازمي وقد اجاب عن الأشكال شيخنا المرتضى رضى الله عنه بعد النّقض بالشّرط المتصرم بان الشرط قد يكون الوجود المطلق اى الغير المقيّد بحالة خاصّة فح لا اشكال في

__________________

(١) المقارنة

١٤٦

وجوب مقارنته وجودا للمشروط وقد يكون الوجود المقيّد بوصف خاص كطهارة يوم الخميس مثلا لوجوب الصوم على المرأة فلا يجب ح وجوده قبل ذلك بل لا يعقل اذ الوجود المقيّد بكونه في الغد يمتنع حصوله في غيره والّا خرج عن كونه الوجود في الغد كما لا يخفى فاذا علم بحصول الشّرط فالوجوب متحقّق وان علم بعدمه فلا وجوب اصلا لقبح ايجاب شيء على من يعلم الأمر بعدم تمكّنه منه فاذا عرفت ذلك فنحن لا نقول بجواز تاخير الشّرط عن المشروط ولا بجواز انعدامه عليه ولا بعدم مدخليّة الشرط في تاثير المسبّب ولا بغير ذلك من لوازم الشّرط اذ لا يعقل القول بشيء من ذلك لأن بذلك قوام الشّرطيّة بل نقول انّ الوجود المتأخّر شرط متاخّر وكذلك في الماضى فانّ الشّرط فيه هو الأمر المنقضى لا انّ الشّرط قد انقضى وبعبارة اخرى ان الوجود المتّصف بالتأخّر او الانقضاء شرط لا الوجود المطلق حتّى يتحقّق ويصدق عدمه الآن وبالجملة صفة التّأخّر والانقضاء جزء من الشّروط ولها دخل في وجوده ولا ريب انّ هذا الوجود المقيّد باحدى هاتين الصّفتين موجود في محلّه الآن ويصدق حقيقة ان الشّخص الآن واجد للموجود المتأخّر او المتقدم ولو لا ذلك لزم رفع اليد عن اغلب الشروط فانّ اغلبها من الأمور المقيّد بالتأخّر او الانقضاء كاستمرار الاستطاعة الّذي شرط لوجود الحج فانّه مأخوذ في معنى الاستمرار الوجود المتأخّر وكيف كان فلا شبهة في جواز كون الشّيء في المستقبل منشأ لوجود سابق عليه بان يكون موجبا لحصول مصلحة في الآن يقتضى هى الحكم المعلّق على ذلك الشىء كما لو قال اقتل من يقتلك غدا وان تعلم انّ عمروا لو بقى الى الغد يقتلك فانّ القتل الصّادر منه غدا يقتضى مصلحة داعية الى قتلك ايّاه الآن الى ان قال فان شئت قلت انّ الشّرط والمشروط فيما نحن فيه مجتمعان في الوجود الدهري ومقارنان فيه والّذي يمنع عنه العقل انّما هو ـ الانفكاك حتى في الوجود الدّهرى لا مط

والحاصل : انّه اذا كان الشّرط من الأمور الزّمانيّة اى المتقيّدة بالزّمان فيكفى نقارنه مع المشروط في عالم الدّهر وامّا في عالم الزّمان فلا يجب بل لا يعقل وبالجملة اذا اعتبر الشّرط على نهج خاص وصفة خاصّة من التقدم او التأخّر او التّقارن من حيث الزّمان فيمتنع وجوده بدون تلك الصّفة ويكفي وجودها معها في محلّها في تنجّز الواجب بل ربّما يكون حصوله في الآن المقارن مضرّ او مانعا عن تحقيق الوجوب فتدبّر انتهى وانت بالتامّل في هذا الكلام تعرف انّ مرجع التّقريب المذكور في تقرير جواب الشّيخ الى الأجوبة الثلاثة من المض والشيخ وتلميذه المحقّق الميرزا الشّيرازي على ما ذكره المض في الفوائد الّا انّ وجه كلام الشّيخ ممّا لا يعرف الّا بتوجهه باحد الأمرين ممّا ذكره المض وممّا ذكره السيّد المحقّق والحاصل انّهم نظروا الى امكان ان يكون الشّىء صحيحا في المتقدّم فيما اذا وجد شيء خاص متاخّر عنه مثلا نظروا الى تماميّة صحّة العقد في الزّمان المتقدّم بشرط تاخّر الإجارة فغير بعضهم بانّ ذلك من جهة الوصف الانتزاعي مثل كونه متعقّبا بالإجازة وقال بعض بانّ الشّرط هنا المتاخّر بوصف التأخّر فلو قدم على وقته وزمانه خرج عن ما هو الواقع فيه ونظر جمع الى عنوان الشّىء في وقته انّما هو بلحاظ وجود

١٤٧

ذلك الشّىء المتاخّر واقعا وقال بعض بان التأخّر في الزّمان مقارن في الوجود الدهري ومرجع الكل الى امر واحد وكيف كان فما افاده المض وهو الّذي يستفاد من كلام شيخه السّيد المحقّق صحّته ايضا ففيه انّ الموجب لوجود الوجه فيه هو وجود امر كذائى عقيبه سواء كان هنا لحاظ او لا واذا لاحظه المعتبر وجوده هنا ولم يكن ثابتا في الواقع فلا حسن فيه اصلا فيكون المؤثر في الحسن والمصلحة هو الوقوع عقيبه واقعا ولا مدخليّة للّحاظ اصلا غاية الأمر يلاحظ ذا المصلحة ويأمر به لأنّ المصلحة في الشّىء ليست قائمة باللّحاظ والاعتبار بحيث لو لم يلحظه لاحظ او معتبر لم يكن فيه الحسن فيكون المؤثّر فيه هو ذات الأمر الخارجى وان شئت قلت انّ الأمر الانتزاعي امر عدمى واقعى ولا يكاد يؤثّر العدم في الخارج (١) وامّا الوجود الدّهري الّذي افاده المحقّق المذكور فاورد عليه المض بقوله قلت لا يخفى انّ ذلك وإن كان لطيفا في نفسه الّا انّه لا يكاد ان يكون شرطا للزّماني الّا الزّماني مضافا الى وضوح انّ الشّرط في الموارد حسب دليله انّما هو الشّىء بوجوده الكوني ضرورة انّ اجازة المالك في الفضولى والأغسال اللّيليّة في صوم المستحاضة مثلا بما هى اجارة واغسال خاصّة يكون شرطا وهى كذلك ليست الّا زمانيّة لأنّها بوجوده الدّهري لا يكون محدودة بهذه الحدود بل بحدود أخر يجتمع الشّرط والمشروط فيها لسعة حيطة ذلك الوجود وكمال بساطته ووفور حظّه وبهذا المعنى يكون الدهر مجمع المفترقات الزّمانيّة انتهى ولا يخفى انّه لا يرد ما ذكره المض عليه على ما قرّره صاحب التّقرير لأنّه قال الشرط زمانىّ وبوجوده الكوني شرط الّا انّه لأضر فيه مع الاجتماع في الوجود الدّهرى نعم لو لم يكن موجودا في هذا الوعاء ايضا يكون محالا فافهم نعم يرد عليه انّ الممتنع هو تقدم المعلول على العلّة في الزّمان واستحالة تاثير المعدوم وبحسب الزّمان على الموجود ولا عبرة بالدّهر والاجتماع فيه والحاصل انّ الشّرط المؤثّر في الشىء بحيث يكون من العلّة الفاعليّة يمتنع ببداهة العقل تاخّره بلا فرق بين الواقعيّات من الأعراض والجواهر والشرعيّات بكلا قسميه لأنّه بعد ما اعتبره الش شرطا يصير المشروط مقيّدا وبعد هذا الاعتبار يصير واقعا واقعيّا فما ذكره بعض من انّه لا مانع من ذلك في الشّرعيّات فانّها من الأمور الاعتباريّة ويمكن اعتبار وجود متاخّر في امر متقدّم شرطا او مانعا اذ حقيقتها عين الاعتبار فيجوز للمعتبر ان يعتبر الشّرط امرا غير موجود ليس ممّا يعتمد عليه وإن كان قد ينسب ذلك الى صاحب الجواهر والمنقول منه انّ الشروط الشّرعيّة ليست كالعقليّة بل هى بحسب ما يقتضيه جعل الشّارع (٢) ما يشبه تقديم المسبّب على السّبب كغسل يوم الجمعة يوم الخميس واعطاء الفطرة قبل وقته فضلا عن تقديم المشروط على الشّرط كغسل الفجر بعد الفجر للمستحاضة الصّائمة وكغسل العشاءين لصوم اليوم الماضي على القول به وقال شيخنا المرتضى ره بعد نقله بانّه لا فرق فيما فرض شرطا او سببا بين الشّرعي وغيره وتكثير الأمثلة لا يوجب وقوع المحال العقلى فهى كدعوى انّ التّناقض الشّرعى بين شيئين لا يمنع عن اجتماعهما لأنّ النّقيض الشّرعي غير العقلى انتهى ولعلّه لأجل ذلك قال جمع بانّ الشّرط في جميع الموارد المذكورة امر واقعى يكشف الأمر المتأخّر عنه لا انّه شرط قال في البدائع

__________________

(١) فى الوجود الّا بمنشإ انتزاعه الموجود في الخارج

(٢) فدخل يجعل الشّارع

١٤٨

وتوضيحه انّه اذا ورد في الشّرع ما يتراءى كونه شرطا متاخّرا نظرنا الى دليل الاشتراط فإن كان للتصرّف في الشّرط او المشروط او فيهما مسرح ومحال ارتكبناه بقرينة العقل وان لم يكن مسرح للتصرف في شيء منهما كشف ذلك كشفا قطعيّا بانّ الّذي سمّاه الشّارع شرطا ليس بشرط بل الشّرط امر سابق مقارن للحكم الشّرعي مكشوف بوجود ما جعله شرطا متأخّرا في الأدلّة والحاصل انّه لا يمكن التمسّك بتماميّة الشّرط المتأخّر في الشّرعيّات بالأمثلة المذكورة وغيرها لأنّ الدّليل العقلى قرينة على التّصرف فيها بما تقدّم مع امكان التّوجيه في كلّ من الأمثلة بل لا يعدّ مثله توجيها وتأويلا لأنّ تقديم زكاة الفطرة او الغسل انّما يكون مستحبّا قائما مقام الفريضة او المستحب الأخر عند حلول الوقت وذلك لاشتماله على فائدته وخلوّ المرأة عن الحيض كاشف عن وجود مقتضى الأمر بالصوم في اوّل النّهار كما انّ طرو الحيض كاشف عن عدم المقتضى في الابتداء وهكذا ساير الموارد الواردة عليك قوله : وعنواناته يكون حسنا او متعلّقا للغرض اقول ولا بدّ لنا من بيان في المقام وهو انّ الفائدة المترتّبة على الشّيء مختلفة بحسب تعلّق الغرض بها وبحسب واقعها ايضا حسنا وقبحا مثلا فائدة المصباح والأثر المترتّب عليها هو الإضاءة وهى قد يكون متعلّقا للغرض كما اذا اراد الأكل ورؤية الموذيات وغير ذلك وقد لا يتعلّق به الغرض كما اذا اراد النّوم وقد يكون الإضاءة حسنا كالإضاءة للغير لئلّا يقع في البئر ونحوها وقد يكون قبيحا كالإضاءة لمن اراد قبيحا وعلى جميع التّقادير لا يختلف العلّة المؤثّرة والموجدة فالعلة الفاعليّة والماديّة والصوريّة الّتى بها قوام حقيقة الوجود غير مختلفة والأثر على جميع التّقادير واحد ومع ذلك يختلف حسنه وقبحه وكونه متعلّقا للغرض وعدمه كما عرفت والمؤثّر في حالات الأثر الواحد حسنا وقبحا وكونه متعلّقا للغرض وعدمه هو الوجوه والاعتبارات المكتنفة بالفعل من دون ان يكون لها دخل في العلّية والتّأثير ومثل هذا خارج عمّا هو محلّ الكلام كما عرفت والمكلّف لا بدّ له ان يأمر بالفعل مط اذا راى وجود الحالات الموجبة لصيرورة الأثر متعلّقا لغرضه ولو يرى ثبوتها في بعض الحالات لا بدّ ان يأمر بلحاظه ويكون مرجع هذه ايضا الى شرط التكليف لا المكلّف به ولا يحسن جعله مقابلا له قوله : ولا يخفى انّها بجميع اقسامها داخلة في محلّ النّزاع اقول قد عرفت ممّا تقدّم عدم تماميّة ما ذكره الا على كون المتأخّر شرطا لوجود المأمور به ويكون مؤثرا في الوجود حتّى يتمّ الملازمة ومثل ذلك لا يعقل ان يكون محلّا للنّزاع فت جيّدا والله العالم قوله : في تقسيمات الواجب منها تقسيمه الى المطلق والمشروط اقول الظّاهر انّ الإطلاق والاشتراط خصوصا على مبنى المض والمش من اعتبارات الطّلب بل من اوصافه النّفس الأمري واتّصاف الواجب بهما باعتبار انّ طلبه كذلك فيكون الصّفة لمتعلّق الموصوف قوله : وقد ذكر لكلّ منهما تعريفات اقول اعلم انه قد يلاحظ الإطلاق والاشتراط بالنّسبة الى كل شيء بطريق الإيجاب الكلى حتّى بالنّسبة الى الشرائط العامّة وقد يلاحظ بالنّسبة الى كلّ شيء غير الشّرائط العامّة وقد يلاحظ (١) بالنّسبة الى كلّ مقدّمة بحيث يمكن ان

__________________

(١) بالنّسبة الى مقدّماته الوجوديّة وقد يلاحظ

١٤٩

يكون مطلقا بالنّسبة الى شيء ومشروطا بالنّسبة الى شيء آخر ولعلّه الى الأوّل جرى ما عن التّفتازانى في شرح الشّرح حيث قال قد فسر الواجب المطلق بما يجب في كل وقت وعلى كلّ حال فنوقض بالصّلاة فزيد في كل وقت قدره الشّارع ونوقض بصلاة الحائض فزيد الّا لمانع والى الثّالث جرى ما عن جماعة بانّه ما لا يتوقّف وجوبه على ما يتوقّف عليه وجوده والمشروط بخلافه ونوقض بالواجبات الّتى يتوقّف وجوبها على غير مقدماته الوجوديّة والى الرابع جرى جماعة منهم المض ولعمرى تطويل الكلام في هذا المقام ممّا لا يليق لعدم الجدوى فيه قوله : ان نفس الوجوب فيه مشروط بالشّرط اقول يتصوّر الواجب المشروط على ثلاثة وجوه

[الوجه] الاوّل : انّ الشرط قيد للمادّة على ما ذكره شيخنا المرتضى ره وقرّره المصنّف

[الوجه] الثّاني : ان يكون قيدا للهيئة اعنى المنشأ وهو الطّلب ان يكون المنشأ هو الطّلب في ظرف تحقّق الشّرط فيكون الإنشاء حاليّا والمنشأ اعنى الطّلب استقباليّا فقبل حصول الشّرط لا منشأ ولا طلب حقيقة وبعد تحقق الشّرط يوجد الطّلب فالطلب الموجود هنا يكون حقيقة كالطّلب الحالى متّحدا معه على حسب الحقيقة ويكون مطلقا فالوجوب المشروط والمطلق على حسب الحقيقة حقيقة واحدة والفرق انّ احدهما حالى والأخر استقبالي ولعلّه ربّما يصير ما ذكرنا من البيان سببا لتوجيه اشكال على ما بيّنه المض من تعريف الواجب المطلق والمشروط حيث قال الواجب مع كلّ شىء يلاحظ معه إن كان وجوبه غير مشروط به فهو مطلق بالإضافة اليه والّا فمشروط وذلك لوضوح انّ الواجب اذا صار مشروطا بالنّسبة الى مقدّمة غير حاصلة فعلا لا يكاد ان يكون مطلقا بالنّسبة الى شيء آخر لعدم وجود وجوب اصلا حتّى يكون مطلقا او مشروطا ومع عدمه فعلا كيف يتّصف بالإطلاق ومع حصول الشّرط يكون الوجوب حاصلا غير متوقّف وجوده على شيء اصلا فكيف يصحّ اتّصافه بالمشروط

والحاصل : انّ الوجوب متّصف بالإطلاق

في ظرف وجوده وما وراءه شيء وليس في ظرف عدم وجود شرطه فت جيّدا

[الوجه] الثّالث : ان يكون الطلب المشروط طلبا خاصا مغايرا للطّلب المطلق على حسب الحقيقة موجودا حاليا كالمطلق والشّرط والإطلاق خصوصيّتان منوّعتان له ووجود هذا الطّلب قبل؟؟؟ الشّرط وبعده على نحو واحد غاية الأمر انّه لم يكن متعلّقا بالمكلّف ومرتبطا به قبل وجود الشّرط واختلافهما قبل الشّرط وبعده على اختلاف الحكم الشّأني والفعلى ومن هنا ربّما يورد على بعض الأجلّة حيث قال بانّ الواجب المشروط بعد حصول الشّرط يصير مط بل حصول الشرط لا يخرج المشروط عن مقتضاه وهو بعد مشروط بالنّسبة الى تلك المقدّمة الحاصلة غاية الأمر انّها موجودة وعلى هذا يكون الشّرط ايضا قيدا للهيئة والحاصل انّ الوجوب المتّصف بالاشتراط على وجهين قد يكون الشّرط الّذي قيدا له قيدا لوجوده بحيث يكون معدوما قبله وقد يكون قيدا وفصلا لوجوبه فهو حاصل فعلا الّا انّه غير مبعوث عليه الّا بعد وجود شرطه وبعبارة اخرى المجعول هو الطّلب الإنشائي الّذي يترتّب عليه البعث بعد وجود الشّرط والتوقّف انّما هو في مرتبة الفعليّة كما لو كان الأمر كذلك من غير جهة الجعل وامّا جعل

١٥٠

القيد قيدا للهيئة بمعنى الإنشاء بحيث يكون الإنشاء مقيّدا بحيث لا انشاء قبل حصوله ويوجد الإنشاء بعده فغير متصور فت وكيف كان الّذي نجد في انفسنا ثبوت الطّلب في الواجب المشروط وانشائه في الخارج قبل حصول الشّرط أترى انّك اذا قلت اكرم زيدا ان جاءك ليس في نفسك ارادة الإكرام على تقدير المجيء فعلا او الإرادة الخاصّة موجودة حالا

والحاصل : الإرادة الجديّة ثابته حالا متعلّقا بالظّرف الخاص والتّقدير الخاص وكذلك المنشأ منها يوجد باللّفظ حالا متعلّقا بتقدير خاص فالطّلب في الواجب المشروط حاصل وقت الخطاب كما هو حاصل حينه في المطلق بلا فرق بينهما فاذا قال احد اذا جاء زيد جئتك فهل الوعد بالمجيء متحقّق حال الخطاب او حال المجيء وهذا هو المعروف بينهم من ان التّعليق غير متصوّر في الإنشاء ولعلّه المتفق عليه بين اهل العربيّة وكيف كان الوجدان والعرف واتفاق اهل العربيّة متّفقة في انّ الوجوب والطّلب في الواجب المشروط حاصل باللّفظ حالا كالطّلب المطلق بلا فرق بينهما كحصول الإرادة الجدّية الموجودة بالنّفس وايضا التّنافي بين الإنشاء والتّعليق من المشهورات ووجهه ان الإنشاء ليس الّا ايجاد الطّلب باللّفظ وليس مقتضى التّعليق الّا عدم حصول المعلّق قبل وجود المعلّق عليه فبين الإنشاء الثّابت باللّفظ الموجود والتّعليق المقتضي لعدم الوجود تناقض ولما كان من الواضح ايضا ان ثبوت التّكليف في الواجب المشروط وصحّة العقوبة عليه انّما يكون في حال وجود الشّرط وعدم صحّة ثبوته كذلك عند عدمه كان اللّازم صرف القيد والشرط امّا الى المكلف او المكلّف به على وجه لا يكون متعلقا للتّكليف بل يكون تعلق التّكليف منوطا به ولعلّه مختلف بحسب المقامات فيكون تعلّق التّكليف وربطه الى المتعلّق بنحو يصحّ العقوبة عليه في مورد خاص وتقدير مخصوص فيكون المكلّف به امّا مقيّدا بقيد لا يتعلّق به الوجوب مع انتفائه او المكلّف مقيّدا بحال او صفة لم يربط التّكليف به في غير تلك الحال او الصفة والمقامات مختلفة ولا ينبغى سوق المقامات على نسق واحد فان قلت مقتضى ما ذكر من عدم قابليّة الإنشاء للتّقييد لا يقتضى عدم قابليّة المنشأ لذلك والّذي يعلّق هو المنشا لا الإنشاء ففى المقام المنشأ يكون هو الطّلب وهو يعلّق قلت المنشا بعنوانه المذكور غير قابل للتّعليق لأنّه الموجد بالإنشاء وليس الإنشاء الخارجى سوى المنشأ نعم الّذي يقبل التّعليق هو المتعلّق للمنشإ ولا يلزم ان يكون موجودا فعلا فت جيّدا وكثيرا ما يحتلج في بالى امر آخر وهو انّ الحكم الّذي هو عبارة عن النّسبة الحكميّة التى بها يتم الكلاميّة يكون في الكلام الإنشائي كما هى ثابتة في الكلام الخبرى ففى الكلام الإنشائي يكون النّسبة هى نسبة الضرب الى المخاطب باعثا عليه وفي النهى هى كذلك زاجرا عنه فاحد طرفى النسبة هو الضّرب باعثا عليه وزاجرا عنه والأخرى هى المخاطب والتّعليق انّما هو في هذه النّسبة اعنى انّ التعليق من قيود المسند او المسند اليه باعتبار النّسبة الحكميّة الثّابتة في الكلام والقيد قيد للمسند لا باعتبار موضوعيّته للبعث الّذي هو مفاد الهيئة بل للمبعوث باعتبار تعلّقه بالمسند اليه فالمبعوث ليس متعلّقا به في كلّ حال بل باعتبار بعض الأحوال فالانشاء هو البعث والزّجر

١٥١

والمنشأ هو الضّرب الكذائي والمعلّق هو تقييد نسبة الضّرب الكذائي الى المخاطب كما انّ الأمر في الحمل الخبريّة كذلك والحكم في القضيّة بهذا الاعتبار معلق ومقيّد كما انّ الأمر كذلك في المعنى بالغاية من المفاهيم وهذا الحكم لا ربط له بالحكم الشّرعي الذي هو البعث والزّجر فيكون الاشتباه في المقام ناشيا من جهة اشتراك لفظ الحكم فعلى تسليم ما نسب الى المشهور من التّعليق في الحكم فالمراد به ما ذكرنا لا الحكم الشّرعي فت جيّدا اذ هنا وجه آخر يمكن ان يقال وهو انّ المعلّق في الواجب المشروط هو الوجوب اعنى اشتغال ذمّة المكلّف بالمأمور به وبعبارة اخرى فعليه الوجوب وتنجّزه لا انشائه وشأنيّته اذ الموجود بالإنشاء سابقا هو الطّلب انشائى وتنجيزه بالمكلّف بحيث يصير مشغولا ذمّته فعلا ويصير مستحقّا للعقاب بالمخالفة انّما يكون معلّقا امّا انّ الأوّل موجود فواضح وجدانا ولذا لو كان المكلّف بالكسر غافلا او نائما وترك المكلّف الواجب بعد تحقّق شرطه يستحقّ العقاب وليس ذلك الا لوجود ما هو سبب للعقاب وداعيا للمكلّف الى الفعل ففعليّة الوجوب مرتبة من الحكم الشّرعي يوجد بعد ذلك ومنشأ هذا هو الموجود قبل ذلك من الطّلب الشأني ولعلّ مرجع هذا الوجه الى الأوّل بل هو عينه وتقريبه قوله : بحيث لا وجوب حقيقة ولا طلب واقعا الخ اقول ان كان المراد من عدم وجود الطّلب فعلا انّ الطّلب لم يكن متعلّقا فعلا بالمكلف ولم يكن مرتبطا به امّا لعدم كونه موضوعا له او لعدم تحقّق ما هو الموضوع له فهو صحيح ونحن نقول به اذ المكلف به في نحو قوله حج ان استطعت مثلا المستطيع والتّكليف مرتبط به وغير المستطيع ليس بموضوعه وفي قوله اكرم زيدا ان جاءك مثلا الموضوع زيد الجائى وهو غير موجود بعد ويكون الطّلب متعلّقا به وإن كان المراد عدم وجود حكم اصلا ولو غير مرتبط بالمكلّف وهو غير صحيح لوجود حكم فعلى معلّق محتاج ارتباطه بالمكلّف بوجود ما هو المناط به وممّا يشهد بوجود حكم كذلك انّك ترى نفسك عند الخطاب عالما بشيء مثلا اذا قال المولى اكرم زيدا ان جاءك انت تعلم بالحكم فلو لم تكن حكم موجود كيف صار متعلقا للعلم وما قرع بالأسماع من انّ الحكم مشروط ومقيّد معناه انّ الحكم الّذي يرتبط بالمكلّف ويكون العلم به منشأ للعقاب وموردا للاطاعة غير موجود لا انّ ذات الحكم بما هو هو لم يوجد بعد كيف لا يكون كذلك والحال من راجع نفسه يرى انّ الإرادة موجودة فعلا نحو الشّىء على تقدير او نحو الموضوع الكلّى وبعبارة اخرى الموجود هو الطّلب الشّأني والّذي سيوجد هو فعليّته وتنجزه فيكون المحرّك نحو الفعل هو الشّأنى الّذي بلغ الى حدّ الفعليّة فمثله كمثل الذّرع حيث انّه ينموا ونمائه يكون مرتبة له فت جيّدا قوله : ضرورة انّ ظاهر خطاب ان جاءك زيد فاكرمه الخ اقول لا اشكال عند اهل العربيّة ظاهرا في انّ الشّرط من متعلّقات الفعل فيكون العامل فيه الحدث وليس العامل فيه الهيئة الّتى هى معنى حرفى نسبى فهذا هو التّفتازاني في المطوّل مصرّح بانّ الشّرط قيد للفعل كما كان المفعول به كذلك وتامّل في أسماء الشّرط وفي عواملها فكلّما هو عامل فيها فهى قيد له نعم هو عامل باعتبار الهيئة الطّارية له وحال الهيئة بالنّسبة الى القيود المتعلّقة للفعل كحال ساير الأدوات الدّاخلة على الفعل المقيد بالشّرط كقولك ان ضربتني ما اطيعك او لست اطيعك

١٥٢

ان ضربت زيدا فان قلت الملازمة الثّابتة هنا انّما هى بين المجيء والإيجاب فبثبوته يثبت وبانتفائه ينتفي قلت الملازمة انّما هى بين الشّرط والجزاء بما له من الخصوصيّة وهى هنا المطلوبيّة والواجبيّة

[في الجواب عما أفاده شيخنا المرتضى ره :]

قوله : لا انّ الواجب الخ اقول قد عرفت انّ الفرق بينهما ملخصا على طريقة المصنف انّ الحالي هو الإيجاب وامّا الوجوب فاستقبالى وامّا على طريقة الشّيخ فالايجاب والوجوب كلاهما حالى وامّا الاستقبالي فهو الواجب وعلى الوجه الثّالث فالاستقبالي هو التنجّز وفعليّته بمعنى صيرورته منشأ لصحّة العقوبة عليه قوله : وقد لا يكون كذلك اقول لا يمكن عدم توجّه التكليف الى القيد بعد ثبوته جدّا الّا ان يكون هنا تصرف في الوجوب باحد الوجهين وكون المصلحة الكائنة فيه كذائيّة مقتضية لعدم تعلّق الطّلب به الّا بعد تلك المقدّمة لو يوجد الطّلب الخاص اى المشروط لا انّه يوجد الطلب المتعلّق حاليّا بالنّسبة الى ذلك الشّىء فت جيّدا قوله : غاية الأمر قد دلّ عليه بدالّين اقول ولنا في المقام جواب آخر وهو انّ الجزئي يكون مطلقا بالنسبة الى ما يعرضه من الحالات لعدم الملازمة بين الجزئيّة واستحالة تعلّق الحالات عليه لأنّ ما به التشخّص غير ما يتعلّق به من العوارض وفيما نحن فيه يكون قوام الطّلب وتشخّصه بالطالب والمطلوب والمطلوب منه والخصوصيّات الزّائدة العارضة للمطلوب والطّلب والمطلوب منه لا دخل لها في تشخّص الطّلب ويوضح مقصودنا الأعلام الشّخصيّة اذ لا ريب انّها جزئيّات مع ظهور اطلاقها بالنّسبة الى الحالات العارضة لها فت في الفرق بينهما وامكان كون الزّمان والمكان من مشخّصات الأفعال قوله : فان قلت على ذلك الخ اقول هذا كان قلت الثانى في العبارة اشكال على ما حقّقه في الواجب المشروط وانّما ادرجه كذلك لأنّ ما ذكره الشّيخ من الوجهين كانّهما اشكالان على ما حقّقه ايضا فكان هنا سؤالات اربعة على ما ادّعاه والشّيخ لما راى صحّة ما ذكره من الإشكالين تركه وذهب الى مذهب آخر فت جيّدا قوله : وان شاء امر على تقدير كالأخبار به بمكان الخ اقول قد عرفت انّ الأخبار ايضا موجود فعليّ أترى انّ قولك ان جئتني اعطيك او اطيعك اخبر في الحال بالإطاعة والإعطاء مقيّدا بوجود المجيء في الخارج لا مط لا انّك بعد حصول المجيء في الخارج حصل لك الأخبار وفي الرّجوع الى الوجدان كفاية ولذلك تقول بعد حصول الشّرط انا اخبرتك بذلك قبل ذلك بمدة قوله : وامّا حديث لزوم رجوع الشّرط الخ اقول لنا جواب آخر وهو انّ قيود المادة منها ما لها دخل في حصول الفائدة بحيث يكون من اجزاء العلّة الفاعليّة والماديّة والهيئية وقد يكون لا ربط لها في ذلك اصلا وانّما هى من الوجوه والاعتبارات الّتى بسببها تكون الفائدة الحاصلة لها بعلّتها الفاعليّة والماديّة متعلّقا للغرض بحيث لا يتعلّق بها غرض مع عدمها فيكون المادّة معلّقة عليه في مقام تعلّق الطّلب بها لا مقيّدة به والحاصل انّ المأمور به قد يكون مقيّدة بقيد وقد يكون معلّقة بقيد ففى مثل الثّاني يكون القيد راجعا الى الهيئة وتقدّم ما يوضح المقصود وسيجيء ايضا قوله : ثم الظّاهر دخول المقدّمات الوجودية للواجب المشروط اقول لا يخفى عليك

١٥٣

انّ الطّلب والإرادة على ما ذهب اليه المض معلّق على حصول الشرط فقبل حصول الشّرط لا وجود للطّلب اصلا وانّما الموجود فعلا هو نفس الإنشاء لا المنشأ وح لا معنى لاتّصاف المقدّمات بمثل وجوب ذى المقدّمة لعدم الملازمة بين نفس انشائهما وإن كانت الملازمة ثابتة بين طلبيهما نعم بعد ثبوت الطّلب في ظرفه يتحقّق الطّلب بالنّسبة الى المقدّمات للملازمة وامّا على الوجه الأخر فالحاصل هو الطّلب الخاص فيسرى هذا النّحو من الطلب الى المقدّمات كما ان الأمر واضح على مختار الشّيخ ره قوله : على مختارها لو كانت له مقدّمات وجوديّة الخ اقول لا يخفى عليك انّ وجوب ذى المقدّمة لا يكاد يكون اعلى شأنا من المقدّمة مع كون الوجوب ساريا اليها فالشّيخ وان قال بثبوت الوجوب فعلا الّا انّه يقول ثبوت الوجوب على نحو يجوز تركه قبل وجود الشّرط وسريان مثل هذا الوجوب الى المقدّمة لا يقتضى لزوم الإتيان به على نحو لا يجوز تركه قبل حصول الشّرط اذ هذا النّحو من الوجوب لم يكن ثابتا لذي المقدّمة حتّى يقتضى ثبوته لذى المقدّمة فتحقّق انّ ذلك ليس يلازم مذهب الشّيخ ولا ما ذكرنا من المذهب المختلج بالبال نعم انّما هو ثابت على مذهب من يرى الواجب المعلّق قوله : وهل هو الّا طلب الحاصل اقول فى التّقريب اشكال لعلّه تطّلع عليه انش قوله : فانّ الواجب المشروط على مختاره اقول فيه تامّل تعرف ممّا سبق وسيجيء بيانه

[في الواجب وأقسامه :]

قوله : وامّا المعرفة فلا يبعد القول بوجوبها اقول معرفة الأحكام قد يكون واجبا كفائيّا كالنّفقة في الدّين والاجتهاد وهذا ليس بمشروط بتنجّزها والاحتياج اليها في مقام العمل فيجب اخذ مسائل الفقه من الحلال والحرام حتّى احكام الحيض والاستحاضة والنّفاس ونحوها ممّا لا يحتاج اليها الرّجل وقد يكون واجبا عينيّا لمن يكون مكلّفا واحتمل وجوب شيء او حرمة شيء عليه فيجب التعلّم وهذا بالنّسبة الى ما يحتمل ثبوته عليه وجوبا او تحريما ابتدائيّا وقد يكون من قبيل المسائل المتعلّقة بالواجب المعلوم كالصّلاة والصّوم كلزوم سجدتى السّهو عند موجباتها او احكام الشكوك عند اسبابها وهذا غير واجب على من لم يحتمل وجود شيء منها في صلاته او يطمئن بعدمه مثلا وربّما من قال بلزوم تعليم الشكيّات ونحوها ممّا هو كثير الوقوع والاحتياج نفسيّا دون غيرها والمسألة فقهيّة قوله : بل من باب استقلال العقل اقول لعلّ ثبوت الوجوب في بعضها شرعى ايضا كالنّفقة في الدّين والأخبار الواردة في تعليم الفرائض وغيرها قوله : وانّ العقوبة على المخالفة بلا حجّة وبيان اقول هذا هو البراءة العقليّة وقد ورد من الشّرح ايضا ما يدلّ على الإباحة نحو قول رفع عن امّتى وغيره ممّا سيتلى عليك في المجلّد الثّاني من الكتاب قوله : لا يخفى ان اطلاق الواجب على الواجب المشروط اقول يعنى انّ اطلاق الواجب اذا كان ظرف النّسبة زمان حصول الشّرط كقولك واجب بعد حصول شرطه او سيصير واجبا وامّا اذا كان ظرف النّسبة قبل زمان حصول الشّرط فهو مجاز على مختار المض وحقيقة على مختار الشّيخ وامّا على الوجه الأخر فإن كان المراد بالواجب الذي عوقب على تركه فعلا اى الواجب المطلق فمجاز وإن كان المراد به هو القدر المشترك

١٥٤

بين الواجب المطلق والمشروط فحقيقة كما ان صدق المقيّد على نحو الحقيقة هذا والأولى ان يقال اطلاق لفظ الواجب على المنشا بالطّبيعة فيما اذا كان مشروطا ان كان بلحاظ نفس المنشأ وانّه واجب فعلى القول بانّه لا منشأ قبل حصول الشّرط فلا محاله يكون اطلاق المشتق على ما سيتلبّس بالمبدإ على تقدير حصول الشّرط بخلاف قول الشّيخ فانّه متلبس بالمبدإ فعلا فان كان اطلاق الواجب بلحاظ نسبته الى المكلّف والمطلوب منه واشتغال ذمّته فعلا بمعنى انّه يجب اتيانه على المكلّف فهذا قبل حصول الشرط يمكن القول بمجازيّته على القول المختار ايضا حيث انّ تعلّقه على المكلّف وفعليّته وتنجّزه انّما هو بعد حصول الشّرط على ما سبق توضيحه قوله : وامّا الصّيغة مع الشّرط الخ اقول لا فرق في الواجب المشروط والواجب المطلق في حقيقة الوجوب وانّ الهيئة في كليهما مستعملة في معنى واحد وهو الطّلب والإطلاق والاشتراط انّما يحصل من الخارج اعنى التّقييد وعدمه فهما ليسا معنيين للهيئة يختلف بهما المدلول حتّى يبحث في انّها حقيقة في المطلق خاصّة او حقيقة فيهما وانّ الإطلاق والاشتراط يستفاد ان من جهة خارجيّة ودالّ آخر واطلاق الواجب على المشروط والمطلق اطلاق حقيقى على نحو واحد نعم المتبادر من الإطلاق الإطلاق وهو تبادر مستفاد من عدم التّقييد لا انه كاشف عن الوضع فت جيّدا قوله : انتهى كلامه

[في الواجب المعلق ونقل كلام الفصول :]

اقول ثم قال في الفصول لا يقال اذا توقّف فعل الواجب على شيء غير مقدور له امتنع وجوبه قبله والّا لزم احد الأمرين من عدم توقّفه عليه حيث وجب بدونه او التّكليف بالمحال حيث الزم المكلّف بالفعل في زمن يتعذّر فيه حصول ما يتوقّف عليه لأنّا نقول ليس المراد بوجوب الفعل قبل حصول ما يتوقّف عليه ان يكون الزّمان المتقدّم طرفا للوجوب والفعل معا بل المراد انّه يجب على المكلّف في الزّمان السّابق ان ياتى بالفعل في الزّمن اللّاحق كما يجب على المكلّف في المكان الممنوع من العبادة فيه مثلا ان ياتى بها خارجة فالزّمن السّابق ظرف للوجوب فقط والزّمن اللّاحق ظرف لهما معا فان قلت اذا وجب الفعل قبل حصول ما يتوقّف عليه من الأمر الغير المقدور فوجوبه امّا ان يكون مشروطا ببلوغ المكلّف الى الوقت الّذي يصحّ وقوعه فيه اولا يكون فإن كان الأوّل لزم ان لا يكون وجوب قبل البلوغ اليه كما هو قضيّة الاشتراط وإن كان الثانى لزم التّكليف بالمحال فان الفعل المشروط بكونه في ذلك الوقت على تقدير عدم البلوغ اليه ممتنع قلت ان اردت بالبلوغ نفسه اخترنا الشقّ الثّاني ونمنع لزوم التّكليف بالمحال على تقديره لأنّه انّما يلزم اذا وجب عليه ايجاد الفعل المقيّد بالزّمان اللّاحق على تقدير عدم بلوغه اليه وهو غير لازم من عدم اشتراطه بنفس البلوغ وان اردت بالبلوغ ما يتناول بعض الاعتبارات اللّاحقة بالقياس اليه ككونه ممّن يبلغ الزّمن اللّاحق منعنا توقّف الوجوب على سبق البلوغ او مقارنته له بل يكفى مجرّد حصوله ولو في الزّمن اللّاحق فيرجع الحاصل الى انّ المكلّف يجب عليه الفعل قبل البلوغ الى وقته على تقدير بلوغه اليه فيكون البلوغ كاشفا عن سبق الوجوب واقعا وعدمه كاشفا عن عدمه كذلك انتهى ما اردنا نقله

[الخلاصة :]

وحاصل ما ذكره اخيرا يرجع الى انّ الشّرط في الواجب المعلّق امر انتزاعي منشأ انتزاعه الأمر المتأخّر

١٥٥

والأمر الانتزاعي حاصل مقارنا للطّلب على فرض حصول هذا الأمر المتأخّر فيكون الفرق بينه وبين الواجب المشروط (١) متوقّف وجوبه على وجود الأمر المتأخّر قبل وجوده لا يكون واجبا والواجب المعلّق مشروط وجوبه بوجود الأمر المنتزع منه الوجود فعلا قبل وجوده فيكون الواجب مط على هذا التّقدير فالواجب المعلّق يتمّ على شرطيّة الأمر الانتزاعي او الشّرط المتأخّر

[في الإشكال على الواجب المعلق :]

ولا يخفى عليك انّ لزوم الامتثال والإطاعة عقلا دائر مدار فعليّة الطّلب وارادة المولى والوجوب الفعلى الغير المتوقّف على شيء بحيث لا يكون له حالة منتظرة لا يعقل انفكاكه عن الإطاعة لامتناع انتفاء حكم العقل مع وجود موضوعه التّام نعم لو توقّف الطّلب والإرادة الفعليّة بشيء يحكم العقل بوجوب الإطاعة بعد حصول هذا الشّىء وذلك لأن الزّمان الّذي قيد به الواجب وصار مقدّمة وجوديّة للواجب ليس الوجوب مشروطا به على الفرض وعدم الاشتراط به معناه تحقّق الوجوب والبعث سواء كان ذلك الزّمان موجودا او لا كان حاصلا او لا كما هو الحال في غيره من المقدّمات الوجوديّة وزمان وجود الطّلب امّا يتمكّن المكلّف من اتيان الواجب في هذا الزّمان او لا يتمكّن فعلى الأوّل لا اشكال الّا انه يلزم عدم قيديّة الزّمان وعلى الثّاني فلا محالة لا يكون الطّلب فعليا في هذا الزّمان لعدم ارادة الواجب منه في هذا الزّمان امّا لعدم المقتضى او لوجود المانع فالطّلب الموجود لا محالة مشروط بمضى هذا الزّمان لما عرفت من عدم فعليّة الطّلب فيه كما هو ظاهر وان شئت فقل انّ الوجوب بعد ما كان مطلقا يلزم التّكليف بغير المقدور بالنّسبة الى من يموت قبل حصول الأمر الغير المقدور وبالنّسبة الى من يدركه وذلك للزوم الإتيان بالمأمور به مع انّه غير مقدور وبعبارة اخرى الواجب المقيّد بامر غير مقدور غير مقدور فعلا والتّكليف به مط تكليف بما لا يطاق وما اجاب بالاشتراط بالوصف الانتزاعي وإن كان يحصل به الفرار عن الأوّل الّا انّه غير مفيد بالنّسبة الى الثّاني لأن ثبوته فعلا لا يجعل الواجب مقدورا فعلا فان قلت انّ الواجب عليه هو الفعل في الزّمان الأتي وهو مقدور له قلت نعم قبل ذلك الزّمان يجب عليه الإتيان بشيء فعلا او لا يجب فان لم يجب عليه شيء فعلا فلا محاله يكون فعليّة الواجب بعد ذلك الزّمان فإن كان يجب فعلا اتيانه بواجب فهو امر غير مقدور فعلا وبالجملة فالجمع بين فعليّة الوجوب اعنى الوجوب المطلق واستقبالية الواجب بالمعنى المذكور جمع بين المتضادين والقول بانّ الواجب هو الفعل في ذلك الزّمان وهو ظرف الواجب فغير محصّل لأنّه ان قال انّ المقيّد قبل زمانه غير مطلوب فعلا الّا بعد زمانه فهو يرجع الى المشروط وانّ الشّرط نفس الزّمان وإن كان المراد انّه واجب فعلا منجزا مع كونه في هذا الزّمان غير مقدور فهذا غير معقول لأنّ اثر المطلق هو الإتيان بالفعل بتحصيل جميع مقدّماته وهذا غير ممكن والتّكليف به تكليف بامر غير مقدور فان قلت الواجب المطلق المتوقّف وجوده على مقدّمات مقدورة غير حاصلة يجب قبل وجود المقدّمات ايجاده بعده فيكون من هذا القبيل كما صرح به في الفصول والّا لزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا او التّكليف بما لا يطاق قلت كلا فاته؟؟؟ واجب ايجاده في زمان

__________________

(١) انّ الواجب المشروط

١٥٦

وجود المقدّمات غاية الأمر انّه يتوقّف على ايجاد المقدّمات نعم لو كان زمان المضروب فيه الفعل بمقداره دون ساير المقدمات فالمقدّمات يجب الإتيان بها بحكم العقل قبل الزّمان والواجب مشروط به كما سيأتي في تقريب الأشكال الأتي انش قولك يلزم التّكليف بما لا يطاق قلنا ليس التّكليف مقيّدا بعدم المقدّمة حتّى يلزم التّالي بل ذات الفعل من الأمور الاختياريّة الممكنة ولو باتيان المقدّمات فت جيّدا هذا مع وضوح فساد جعل ذلك من قبيل المعلّق حيث ان المقدّمة المعلّقة عليها ممّا لم يكن يسرى اليها الوجوب على ما ذكره ولو كان تلك الواجبات كذلك يلزم خروج الواجب المنجز عن وجوبه وكون الوجوب منوطا بارادة المكلّف ومشيّته وهذا باطل جدّا ومن غرائب الإفادات فت ثم انّه التزم فيما اجاب عن الأشكال الثّاني بالشّرط الانتزاعي ويمكن المناقشة فيه بانّ الموجب للمصلحة في الفعل هو الزّمان المقيّد به الفعل فالوصف الانتزاعي هنا لا معنى لشرطيّته اذ ليس ممّا يتفاوت به حسن الفعل وقبحه مع ملاحظة قيديّة الزّمان نعم لو لم يقيّد الفعل بنفس الزّمان الّذي هو منشأ الانتزاع يمكن القول بصحّته واعلم انّ هذا الوصف الانتزاعي اى كونه ممّن يبلغ الزّمن اللّاحق في الحقيقة من شرائط التّكليف الّتى اعتبر الإطلاق والاشتراط بالنّسبة الى ما سواها وذلك من جهة انّ من لم يبلغ الزّمن اللّاحق ليس ممّن يقدر على الفعل فيه والقدرة على الفعل وجعل الواجب بالنّسبة اليه مشروطا خروج عمّا جرى عليه من الاصطلاح وايضا ليس القدرة اللّازمة الّا القدرة على الفعل في زمان يجب الإتيان به وهو ثابت بعد البلوغ ولا عبرة بعنوان آخر غيره كان موجودا او لم يكن لبداهة ان كونه ممّن يبلغ ليس اعتباره الّا من جهة عدم لزوم التّكليف بالمحال كما تقدّم في نفس السّؤال وبعد تحقّق القدرة على الفعل في ذلك الزّمان لا وجه لاعتبار شرط آخر كان موجودا وان لم يبلغ كان وجه فساد التّكليف ايضا امر آخر لانتفاء ذاك العنوان فت جيّدا وايضا انّه جعل الأمر الانتزاعي قيدا للوجوب ومنشؤه قيدا للواجب وهما كما ترى ممّا لا يجتمعان لأن دحل الأمر الانتزاعي انّما يناسب كون منشأ الانتزاع ممّا له دخل ومصلحة في الجعل وجعل المنشأ قيدا للواجب دون الوجوب انّما يناسب اطلاق الجعل وعدم اشتراطه بشيء اصلا كما هو ظاهر ثمّ اعلم انّه قال في الفصول واعلم انّه كما يصحّ ان يكون وجوب الواجب على تقدير حصول امر غير مقدور وقد عرفت بيانه كذلك يصحّ ان يكون وجوبه على تقدير حصول امر مقدور فيكون بحيث لا يجب على تقدير عدم حصوله وعلى تقدير حصوله يكون واجبا قبل حصوله انتهى ولا يخفى عليك انّ في هذا القسم زيادة اشكال وهو لزوم كون الواجب المطلق بعد تحقق وجوبه منوطا باختيار المكلّف وكون زمام امره بيده وتوضيح ذلك انّ الأمر الانتزاعي المنتزع عن وجود المعلّق عليه بحسب الواقع لو علم بوجوده الواقعي في الواقع فيكون الأمر الانتزاعي ثابتا والوجوب محقّقا في محلّه معيّنا بلا بدل ولكنّه مع ذلك لا يخرج منشأ الانتزاع عن الاختيار الى الإجبار والّا يلزم عدم كونه منشأ الانتزاع فلا محاله يكون بعد باختيار

١٥٧

المكلّف وذلك يستلزم كون الوجوب المطلق بعد ثبوته منوطا باختيار المكلّف اذ بعد له ان لا ياتي بمنشإ الانتزاع فلا يتعلّق به الوجوب فان قلت اذا كان المكلّف حاضرا في اوّل الوقت يكون الصّلاة الواجبة عليه التّمام معيّنا ومع ذلك كان له السّفر ويسقط بذلك الواجب قلت ولكنّه لم يسقط بلا بدل اذ القصر بدل عنه فله اختيار البدل باختيار الموضوع والمكلّف في جميع الأوقات مخيّر بين ان يكون حاضرا فيتمّ او مسافرا فيقصر فان قلت ما تقول في الصّوم حيث يكون الحاضر مكلّفا به ومع ذلك له ان يسافر قبل الزّوال فيسقط قلت نعم لكن طرف التّخيير هنا (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) فكان المكلّف مخيّر بين ان يكون حاضرا فيصوم او مسافرا (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) نعم لو علم بعدم تمكّنه من القضاء اصلا تلتزم بوجوب الصوم عليه ح

[في الواجب المعلق وما له من الأقسام :]

وتوضيح المطلب وترسيم الشقوق وإن كان بعضها خارجا عن الواجب المعلّق انّ الأمر الانتزاعي قد يكون منشأ انتزاعه امرا مقدورا للمكلّف وقد يكون امرا غير مقدور له وعلى كلا التّقديرين قد يكون الواجب مقيّدا بمنشإ الانتزاع وقد لا يكون فالصّور اربع

[القسم] الاوّل : ان يكون الأمر الانتزاعي منتزعا من غير المقدور مع تقييد الواجب به كان يطلب منه الإكرام المقيّد بيوم الجمعة في يوم الأحد بحيث لو كان ممن يبقى اليه كان الوجوب من يوم الأحد ثابتا مطلقا فعليّا بحيث يسرى الوجوب الى ساير المقدّمات وهذا مورد الأشكال المتقدّم

و [القسم] الثّاني : ان لا يكون الواجب مقيّدا به مثل ان يطلب في المثال المتقدّم مطلق الإكرام على تقدير كونه باقيا الى يوم الجمعة وهذا القسم ليس من الواجب المعلّق ولا اشكال فيه

[القسم] الثّالث : ان يكون الأمر الانتزاعي منتزعا من المقدور مع تقييد الواجب به وهذا هو المقصود لصاحب الفصول حيث ينتج مراده من الأمر بالمهم في صورة عدم الإتيان بالأهم

و [القسم] الرابع : هذا الفرض مع عدم تقييد الواجب وهذا ايضا يرد عليه بعض الأشكال وهو لزوم كون الواجب منوطا باختيار المكلّف وجائزا تركه لا الى بدل وذلك مناف للوجوب وتوضيحه انّ منشأ الانتزاع في فرض تحقّقه بعد ذلك بحيث يكون شرط التّكليف وهو الأمر الانتزاعي محقّقا لا يكاد يخرج عن المقدوريّة بل هو باق عليها كما انّ العلم بثبوت فعل من زيد في الخارج لا يجعل كونه خارجا عن قدرة زيد في الخارج بل هو قادر على الفعل والتّرك قبل تحقّقه في الخارج ولذا يصحّ التّكليف به فعلا وتركا فالمكلف اذا كان قادرا على منشإ الانتزاع كان قادرا على الأمر الانتزاعي لأنّ القدرة به انّما هو القدرة على المنشأ فله ان يوجد بايجاد المنشأ وان لا يوجد فعند ذلك له ترك الواجب بلا بدل وبعبارة اخرى لو كان شرط الوجوب منتزعا من الوجود الواقعى للمقدور وقد علمنا بوجوده واقعا فلا محاله يكون شرط الوجوب محقّقا والواجب عليه يكون واجبا مط ونقول ح انّ المنشأ ح لا يكون خارجا عن اختيار المكلّف بالضّرورة بل هو مختار قادر بالنّسبة اليه فعلا وتركا وليس الواجب على المكلّف في ان ياتى بذلك المنشأ لفرض عدم كونه مقدّمة للواجب فله ان ياتي به وان لا ياتى فان لم يات به خرج عن مورد التّكليف

١٥٨

وهذا مناف لجعل الوجوب عليه مطلقا اذ عليه يلزم جواز ترك الواجب بلا بدل وكون الواجب الّذي فرض مط دائرا مدار مشيّة المكلّف وارادته وهذا بخلاف الواجب المشروط لأن بعد وجود الشرط لا محالة يخرج عن اختيار المكلف وسيأتي الكلام في بعض الأقسام فيما سيجيء انش ولك ان تتصوّر الأربع بنحو الشّرط المتأخّر شرطا في ثبوت الوجوب في الزّمان السّابق وكيف كان فقد اورد جماعة من المتأخّرين منهم شيخنا المرتضى بعدم تعقّل الواجب التّعليقى بحسب اللّب قال في التّقريرات ان وجوب المقدّمة على القول به وجوب تابع للوجوب المتعلّق بينهما ولا يختلف ذلك باختلاف كواشف؟؟؟ الطّلب من اللّفظ وما يصلح لأن يكون كاشفا عنه ما لم يود الى اختلاف معنى الطّلب ولبّه ومع عدم الاختلاف الطّلب المتعلّق بذى المقدّمة لا معنى لاختلاف الطّلب بالنّسبة الى المقدّمة والّذي يظهر لنا بعد التّامّل في موارد استعمال العبارتين اللّتين اوردهما المجيب في بيان الفرق بين ما تخيّله من نوعى الوجوب هو انّ الموجود في نفس الأمر والطّالب شيء واحد لا اختلاف فيه على الوجهين الى آخر ما ذكره واوضحه بعض آخر بان مرجع الإطلاق والاشتراط هى المصلحة الباعثة عليه فيكون الوجوب المطلق ما كانت المصلحة الدّاعية اليه مطلقة يعنى موجودة غير موقوفة على امر غير حاصل والمشروط ما كان المصلحة الدّاعية اليه موقوفة على امر غير حاصل وح لا يكاد يعقل الواسطة بين المطلق والمشروط فان حال الفعل لا يخلو عن احد الأمرين فامّا ان يكون ذا مصلحة فعليّة فالطّلب المتعلّق به ح منجز غير متوقّف على شيء وامّا ان يكون ذا مصلحة معلّقة على حصول امر غير حاصل فالطّلب المتعلّق به ح مشروط فلا واسطة بين الأمرين وحاصل كلام صاحب الفصول التّفرقة بين قول القائل صمّ غدا وقوله ان جاء الغد فصم وحاصل الجواب عدم اختلافهما بحسب اللّب وانّما الاختلاف بحسب الاعتبارات والملازمة بين المقدّمة وذيها انّما هو بحسب اللّب وايضا المصلحة المقتضية للوجوب لا واسطة فيها بل امّا المصلحة او المشروطة وايضا معنى الهيئة ليس الّا البعث الفعلى الغير القابل للاشتراط وحقيقة الشّرط مرجعة في الجميع الى المادة فت جيّدا

[والحاصل :] انّ التعليق بالأمر الاستقبالي يكون قيدا للواجب ويكون شرطه الأمر الانتزاعي منه غير معقول فلا بدّ امّا يرجع الى الاشتراط بالنّسبة الى ذلك الأمر او الى عدم التّقييد بالنّسبة اليه وامّا تصحيح التّعليق على الشّرط المتأخّر فلو كان الشرط المتأخّر امرا غير مقدور ولم يقيّد الواجب به فلا اشكال فيه الّا الأشكال في الشرط المتأخّر ولو قيد الواجب به كان الزّائد هو التّكليف بالمحال ولو كان امرا مقدورا ولم يقيّد الواجب به كان الزّائد خروج الواجب عن الوجوب وكونه منوطا باختيار المكلّف وكذلك على فرض التّقييد

[في تحقيق الواجب المشروط عند الشيخ :]

قوله : لا يخفى ان شيخنا العلّامة حيث اختار اقول لا يخفى عليك انّ ما ذكره صاحب الفصول مغايرا لما ذكره الشّيخ العلّامة لأنّ ما ذكره صاحب الفصول هو القول بتقييد الواجب المطلق اى الواجب مع كونه مط بالنّسبة الى قيوده يكون مقيّدا بغير المقدور او المقدور الاستقباليين ولازم هذا سراية الوجوب من

١٥٩

ذى المقدّمة الى ذلك القيد الّذي هو مقدمة وجوديّة بخلاف ما ذكره الشّيخ العلّامة فانّ الواجب المقيّد ليس من الواجب المطلق بالنّسبة الى هذه المقدّمة المستقبلة بل انّما اخذ مشروطا بحيث لا يكون عدمه مبغوضا اصلا

ولتوضيح المقام نقول

الحقّ انّ الواجب المشروط لا اختلاف فيه بحسب اللّب عند الجميع بل الواجب المشهور عنده هو المشهور عند الجماعة على الحقيقة ولكنّه مخالف لهم بحسب الاعتبار وذلك انّ الواجب المشروط على ما ذكره القوم لما كان ربّما يورد عليه بعدم تعقّله من جهة انّ الاشتراط والتّعليق ممّا لا يناسب الإنشاء اذ الإنشاء هو المعنى التّكوينى الّذي هو حقيقة الإيجاد والتّعليق مقتضاه عدم الوجود هل هذا الّا التّناقض وبعبارة اخرى الطّلب هو الإرادة وهى كيفيّة نفسانيّة لا معنى لاشتراطها الّا ان يخبر بحصول الإرادة على تقدير كذا والحاصل انّ الإرادة المنشأة غير قابله للاشتراط وايضا الإطلاق والتّقييد من صفات الألفاظ الموضوعة بازاء المعانى الكليّة المطلقة القابلة للتّقييد ولا يمكن ذلك في مفاد الهيئة الّذي هو الجزئى الحقيقى كما هو شأن الحروف على ما تقدّم اراد الشّيخ التفصّي عنهما بما ذكره ره

وملخّصه

انّ التّعليق انّما هو في متعلّق الطّلب اعنى المطلوب ويكون متعلّق الطّلب الفعل على تقدير خاص وفرض امر كذائى ومن الواضح انّ الفعل على فرض وجود امر خاص ليس مع عدم ذلك الأمر والطّلب لما كان عارضا لهذا الفعل لا محاله يوجد على الفرض الخاص والطّلب والمطلوب كلاهما انّما يكون بعد حصول ذلك الأمر وامّا التّعليق فكونه تعليقا للطّلب بما هو هو او للمطلوب ولو بلحاظ المصلحة الكامنة فيه فامر لا مدخل له في اصل الوجوب المشروط والحاصل انّ متعلّق الطّلب لما كان ذا مصلحة على نحو التّعليق لا التّقييد لبداهة امكان كون الشىء ذا مصلحة على فرض وجود شيء آخر كان التّعليق حقيقة في الفعل لكونه كذلك ذا مصلحة على ما لا يخفى فكما انّ الفعل المعلق ذا مصلحة يكون موردا للطلب ومع عدم المعلّق عليه لما لم يكن ذا مصلحة لم يكن متعلّقا للطّلب فالطّلب تابع للمصلحة وكذلك تخلّص عن انّ الهيئة ليست بقابلة للتّقييد وبعبارة اخرى انّ هنا مطلوب ذو مصلحة ومورد التّعليق قد يكون نفس العارض من الطّلب وقد يكون المعروض بلحاظ عروض الطّلب او بلحاظ منشأ الطّلب وهو المصلحة فباى لحاظ كان يكون المعنى امرا واحدا خارجيّا لأن المطلوب وذى المصلحة لا محالة حصوله بعد المعلّق عليه والفرق بين التّقييد والاشتراط والتّعليق واضح وإن كان كلا من متعلّقات الفعل فتلخّص ممّا ذكر ان الشّيخ قابل بمقالة الجمهور لبّا وانّما يخالفهم في القواعد بل يمكن ان يقال انّ الجمهور من علماء العربيّة قائل بطريقته بل ظاهر التّفتازاني في شرحه على التّلخيص اتّفاق اهل العربيّة على كون الشّرط من قيود الفعل قال بذلك في مبحث المسند ونسب الى اكثر اهل العربيّة انّ العامل في قولك اذا جئتني اكرمك هو الجزاء فانت بالتتبّع في كلمات النّحويّين تجده قولا للمشهور منهم ثمّ انّه هل يستفاد من كلام الشّيخ في تقريرات تلاميذه وغيره انّه لم يعرف الواجب المشروط اصلا او عرفه بخلاف ما ذهب اليه

١٦٠