العدّة في أصول الفقه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

العدّة في أصول الفقه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: محمّد رضا الأنصاري القمّي
الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٧
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

٣

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

فصل ـ [٣]

«في ذكر الوجوه الّتي تحتاج الأشياء فيها

إلى بيان ، وما به يقع البيان»

إذا كان البيان عبارة عن الدّلالة ـ على ما قدّمنا القول فيه ـ فكلّ وجه لا يعلم كون الشّيء عليه ضرورة ، فإنّه يحتاج إلى بيان ، كما أنّ ذلك يحتاج إلى دلالة ، وسواء كان عقليّا أو شرعيّا.

فأمّا ما علم كون الشّيء عليه ضرورة ، فإنّه يستغنى بحصول العلم فيه عن بيان ذلك ، وكذلك ما يعلم بالدّلالة إذا حصل العلم بالمعلوم ، فإنّه يستغنى بحصول العلم به عن بيان ثان.

٤

فإذا ثبت هذه الجملة ، فالعقليّات كلّما لا يعلم منها ضرورة ، و (١) ما يجري مجرى الضّرورة ، فلا بدّ من بيان ، كما لا بدّ فيه من دلالة.

والشّرعيّات بأجمعها تحتاج إلى بيان ، كما تحتاج بأجمعها إلى دلالة.

هذا إذا أردنا بالبيان الدّلالة ، ومتى أردنا بالبيان ما يرجع إلى الخطاب ، والفرق بين ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج ، فقد قدّمنا القول في ذلك ، وقلنا : إنّ ما يحتاج من ذلك إلى بيان على وجوه :

منها : ما يحتاج في تخصيصه إذا كان عامّا وعلم في الجملة أنّه مخصوص ، فإنّه يحتاج في تعيين ما خصّ به إلى بيان.

ومنها : ما يحتاج إلى بيان النّسخ إذا كان ممّا ينسخ ، لأنّه إذا قيل : «افعلوا كذا إلى وقت ما ينسخ عنكم» فإنّ وقت النّسخ يحتاج إلى بيان.

ومنها : ما يحتاج إلى بيان أوصافه وشروطه إذا كانت له أوصاف وشروط ، كما قلناه في الأسماء الشّرعيّة من الصلاة والزّكاة وغيرها.

وقد يحتاج الفعل أيضا إلى بيان ، كما يحتاج القول إليه إذا لم ينبئ بنفسه عن المراد ، على ما سنبيّنه إن شاء الله تعالى.

فأمّا ما به يبيّن الشّيء فأشياء :

منها : الكتابة ، وذلك نحو ما كتب النبيّ عليه وآله السّلام (٢) إلى عمّاله بالأحكام الّتي بيّنها لهم ولمن بعدهم ، من كتب الصّدقات ، والدّيات ، وغيرها من الأحكام.

ومنها : القول والكلام ، وقد بيّن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الشّريعة أكثرها بذلك.

ومنها : الأفعال ، وذلك نحو ما روي عن النبيّ عليه وآله السّلام (٢) أنّه صلّى

__________________

(١) أو.

(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٥

وحجّ ، وتوضّأ ، قال : «صلّوا كما رأيتموني أصلي» (١) ، وقال : «خذوا عنّي مناسك دينكم» (٢) ، وقال : «هذا وضوء لا يقبل الله الصّلاة إلّا به» (٣) فأحال جميع ذلك على أفعاله عليه‌السلام.

ومنها : الإشارة ، وذلك نحو ما بيّن النّبي عليه وآله السّلام (٤) الشّهر بأصابعه فقال : «الشّهر هكذا وهكذا وهكذا بأصابعه العشرة كلّها» (٥) وأراد بها أنّ الشّهر يكون ثلاثين يوما ، ثمّ قال : «الشّهر هكذا وهكذا وهكذا وقبض إبهامه في الثالثة» (٦)(٥) فبيّن أنّه قد يكون تسعة وعشرين يوما.

وألحق بذلك من خالفنا في القياس والاجتهاد أنّه قد بيّن أحكاما كثيرة بالتّنبيه على طريقة القياس على ما يذهبون إليه ، وذلك عندنا باطل.

وأمّا بيان الله تعالى فقد يكون بالكتابة وبالقول ، لأنّه تعالى كتب في اللّوح المحفوظ ، وبيّن ذلك للملائكة ، وبيّن بخطابه ، وما أنزل على النبيّ عليه وآله السلام (٤) من القرآن لنا المراد ، وبيّن أيضا بأن دلّنا على التّأسّي بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفعله.

فأمّا (٧) الإشارة ، فلا يجوز عليه تعالى ، لأنّها لا تكون إلّا بالآلات ، والله تعالى ليس بذي آلة ، إلّا أنّه من حيث أوجب علينا الاقتداء بالنبيّ عليه وآله السّلام ، وقد

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٢٢٧ ، بحار الأنوار ٨٥ : ٢٧٩ ، صحيح البخاري ، ب ١٨ كتاب الأذان ح ٢٧ ، مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٥٣ السنن الكبرى ٢ : ٣٤٥.

(٢) السنن الكبرى ٥ : ١٢٥ «خذوا عنّي مناسككم» ، وأيضا رواه مسلم عن جابر ، والنّسائي بلفظ الأمر «يا أيّها النّاس خذوا عنّي مناسككم».

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ : ٣٨ ح ٧٦ ، ونحوه في كنز العمّال ٩ : رقم ٢٦٩٥٧ و ٢٦٩٣٨.

(٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٥) التّهذيب ٤ : ١٦٠ ح ٢١ و ١٦٢ ح ٣٠ و ١٦٤ ح ٣٨ و ١٦٧ ح ٤٨.

(٦) الثالث.

(٧) وأمّا.

٦

بيّن عليه وآله السّلام بالإشارة ، لجاز (١) أن يضاف ذلك إلى الله تعالى.

كما أنّ أفعال الجوارح لا تجوز أيضا عليه ، وقد أضفنا إليه تعالى (٢) ما بيّنه النبيّ عليه‌السلام (٣) بأفعاله من حيث أوجب علينا الاقتداء به فكذلك القول في الإشارة.

وهذه جملة كافية في هذا الباب.

__________________

(١) جاز.

(٢) زيادة من النسخة الثّانية.

(٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٧

فصل ـ [٤]

«في ذكر جملة ما يحتاج إلى بيان ، وما لا يحتاج من الأفعال»

الفعل على ضربين :

ضرب منه : يقع على وجه ، من وجوب ، أو ندب ، أو إباحة ، ويعلم وقوعه على ذلك الوجه ، فما يكون كذلك لا يحتاج إلى بيان ليعلم به الوجه الّذي وقع عليه ، لأنّ ذلك قد حصل العلم به.

والضرب الآخر : أن يعلم مجرّد الفعل ولا يعلم الوجه الّذي وقع عليه ، ويجوز فيه وقوعه واجبا ، وندبا ، ومباحا على حدّ واحد ، فما يكون كذلك يحتاج إلى بيان يعلم به الوجه الّذي وقع عليه.

وجرى الفعل في هذا الباب مجرى القول ، لأنّ القول لمّا انقسم إلى قسمين :

قسم أنبأ عن المراد بظاهره وصريحه استغني بذلك عن بيان المراد ، والقسم الآخر لم ينبئ عن المراد على التّعيين ، احتاج في العمل بتعيينه إلى بيان ، فساوى القول الفعل من هذا الوجه على ما بيّناه.

ونحن وإن ذهبنا إلى أنّ الأفعال كلّها لا بدّ من أن يعرف المراد بها ، ويعرف على أيّ وجه وقعت عليه بدليل ، فذلك لا يمنع من أن يكون حالها ما وصفناه ، كما أنّ الأقوال كلّها قد علم أنّها تحتاج في معرفة ما وضعت له ، وأنّ الحكيم مريد بها ذلك

٨

إلى الدّليل ، ومع ذلك انقسمت إلى القسمين اللّذين ذكرناهما ، فكذلك الفعل (١) على ما بيّناه.

وإذا ثبت ذلك ، وكان في أفعال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما ينبئ بظاهره عن الوجه الّذي وقع عليه ، فينبغي أن يستغني ذلك عن البيان ، وما كان فيه من أفعاله لا ينبئ بظاهره عن الوجه الّذي وقع عليه ، احتاج إلى بيان.

ونظير القسم الأوّل أنّه إذا روي أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى صلاة بأذان وإقامة جماعة ، علم بذلك أنّها واجبة ، لأنّ ذلك من شعار كون الصلاة واجبة دون كونها نفلا ، فما يجري هذا المجرى ممّا وضع في الشّرع لشيء مخصوص فلا يقع على غير ذلك الوجه ، فإنّه لا يحتاج إلى بيان.

ومثل ذلك أيضا : إذا شوهد النّبي عليه‌السلام (٢) فعل فعلا في الصلاة على طريق العمد ، علم بذلك أنّ ذلك الفعل من الصلاة ، ولذلك قلنا : إنّه لمّا شوهد ركع ركوعين وأكثر من ذلك في ركعة واحدة في صلاة الكسوف علم أنّ ذلك من حكم هذه الصلاة ، ونظائر ذلك كثيرة.

وأمّا ما يقع من أفعاله عليه‌السلام على وجه الإجمال ، ولا يعلم الوجه الّذي وقع عليه ، فنحو أن يرى عليه‌السلام (٢) يصلّي منفردا لنفسه (٣) ، فإنّه يجوز أن تكون تلك الصّلاة واجبة ، ويجوز أن تكون ندبا ، فيقف العلم بوجهها على البيان.

وكذلك إذا قيل : أنّه توضّأ ومسح على رأسه (٤) ، احتمل أنّه فعل ذلك ببقيّة النّداوة ، واحتمل أن يكون بماء جديد ، فإذا قيل أنّه فعل ذلك ببقيّة النّداوة ـ على ما

__________________

(١) في الأصل : القول.

(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٣) بنفسه.

(٤) المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ١ : ٢١ ح ٦١ و ٦٢ ، صحيح البخاري : باب ٣٤ أبواب الوضوء ، ح ٤٩.

٩

نذهب إليه (١) ـ ، أو بماء جديد ـ على ما يذهب إليه المخالف ـ ، كان ذلك بيانا له ، فينبغي أن يجري ما يرد من الأفعال على القسمين اللّذين ذكرناهما ، فليس يخرج عنهما شيء من الأفعال.

__________________

(١) التّهذيب ١ : ٥٨.

١٠

فصل ـ [٥]

«في أنّ تخصيص العموم لا يمنع من التّعلّق بظاهره» (١)

اختلف العلماء في العموم إذا خصّ :

فذهب عيسى بن أبان البصريّ إلى أنّه متى دخله التّخصيص (٢) صار مجملا فاحتاج إلى بيان ، ولا يصحّ التّعلّق بظاهره (٣).

__________________

(١) إنّ الخلاف بين الأصوليّين في هذه المسألة إنّما هو تفريع على القول بأنّ للعموم صيغة مستغرقة ، وأمّا إذا استعملت الصيغة المستغرقة في الخصوص فإنّه لا ترديد في مجازيّته عند القوم ، وبناء على الأوّل فمتى أطلقت الصيغة المستغرقة وخصّ واحد من الجملة لا يبقى عامّا حقيقة. والقائلون بهذا من العامّة اختلفوا على خمسة أقوال :

١ ـ العام مجاز مطلقا وبأي دليل خصّ.

٢ ـ نفي كونه مجازا مطلقا.

٣ ـ العام مجاز ، إلّا أن يخصّ بدليل لفظيّ متّصل أو منفصل عنه.

٤ ـ العام مجاز إلّا أن يخصّ بقول منفصل.

٥ ـ العام مجاز إلّا أن يخصّ بشرط أو استثناء.

وأمّا الإماميّة : فقد ذهب الشّيخ المفيد ـ وتبعه على ذلك الشّريف المرتضى والشّيخ الطوسي ـ إلى صحّة التعلّق بألفاظ العموم وإن كان مخصوصا. انظر : «الذريعة ١ : ٢٣٩ ، التذكرة : ٣٥».

(٢) سواء كان دليل الخصوص متّصلا به أو منفصلا عنه ، سمعيّا كان أو عقليّا ، أو دلالة حالية.

(٣) انظر : «التبصرة : ١٢٢ ، ميزان الأصول ١ : ٤٢٢ ، المعتمد ١ : ٢٦٥ ، شرح اللّمع ١ : ٣٤٤ ، الذريعة ١ : ٢٣٩

١١

وذهب الشّافعي وأصحابه ، وبعض أصحاب أبي حنيفة إلى أنّه يصحّ التّعلّق به ـ وإن خصّ ـ على كلّ حال (١).

وذهب أبو الحسن الكرخيّ إلى أنّه إذا خصّ بالاستثناء ، أو بكلام متّصل صحّ التّعلّق به ، وإذا خصّ بدليل (٢) لم يصحّ (٣).

وحكى عبد الجبّار بن أحمد (٤) عن أبي عبد الله البصريّ أنّه قال : «يحتاج أن ينظر في ذلك ، فإن كان الحكم الّذي تناوله العموم يحتاج إلى شروط أو أوصاف لا ينبئ اللّفظ عنها جرى في الحاجة إلى بيان مجرى قول الله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٥) لأنّه يساويه في أنّ المراد بها لا يصحّ أن يعرف بالظّاهر.

قال : ولا فصل بين ألّا يعلم ما لا يتمّ قطع السّارق إلّا به من الأوصاف بالظّاهر ، وبين ألّا يعلم الصّلاة بالظّاهر ، لأنّ الجهل بما يتمّ الحكم إلّا به كالجهل بنفس الحكم ، فالحاجة إلى العلم بأحدهما كالحاجة إلى العلم بالآخر.

__________________

[حيث أشار الشّريف المرتضى إلى دليله دون الإشارة إلى قائله] الإبهاج ٢ : ٨٠ ، المستصفى ٢ : ٥٤ ، الأحكام ٣ : ٣٩٠».

ومذهب عيسى بن أبان ، وأبي ثور ، وهو مختار بعض أصحاب الحديث ، وبه قالت المعتزلة ، وهو رأي جمهور الأشاعرة ، وآخرون كالآمدي ، وابن الحاجب ، والبيضاوي.

(١) وهذا المذهب مختار جمهور فقهاء العامّة كالشّافعي ، وأكثر أتباعه كالشّيرازي ، وابن السمعاني ، والأسفراييني ، وابن السبكي والحنابلة ، وعامة أصحاب أبي حنيفة ، وعامة أهل الحديث.

انظر : «التبصرة : ١٢٢ ، ميزان الأصول ١ : ٤٢٢ ـ ٤٢١ ، أصول السرخسي ١ : ١٤٤ ، روضة النّاظر : ٢٠٩ ، المعتمد ١ : ٢٦٥ ، شرح اللّمع ١ : ٣٤٤ ، الأحكام ٣ : ٣٩٠».

(٢) المقصود من الدّليل هو المخصّص المنفصل ، سواء كان عقليّا أو لفظيا.

(٣) وهذا الرّأي مختار فخر الدّين الرازي ، والباقلّاني ـ كما نسب إليه.

انظر : «التبصرة : ١٢٣ ـ ١٢٢ ، الإبهاج ٢ : ٨١ ، المعتمد ١ : ٢٦٧ ـ ٢٦٥ ، ميزان الأصول ١ : ٤٢٢ ، روضة النّاظر : ٢١٠ شرح اللّمع ١ : ٣٤٤ ، أصول السرخسي ١ : ١٤٥».

(٤) أي القاضي عبد الجبّار المعتزلي.

(٥) البقرة : ٤٣.

١٢

ويقول : كلّ عام خصّ وأمكن تنفيذ الحكم من غير شرط ووصف فيما عدا ما خصّ منه ، جرى في صحّة التّعلّق به مجرى العموم إذا اتّصل به الاستثناء.

قال : الظّاهر من كتب أبي عليّ وأبي هاشم جميعا صحّة التّعليق بعموم قوله :

(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)(١) وما شاكله ، وقد صرّحا بأنّ التّخصيص وإن أحوج إلى شروط لا ينبئ الظّاهر عنها ، أنّه لا يمتنع من التّعلّق بالظّاهر ، وعلى ذلك بيّنا الكلام في الوعيد لأنّهما استدلا به ، وإن كان العاصي الّذي تعلّق الوعيد به يحتاج إلى شروط عندهما» (٢).

هذه الألفاظ بعينها حكيناها عنه على ما ذكره في كتابه «العمد» (٣).

والّذي أذهب إليه : أنّ العموم إذا خصّ صحّ التّعلّق بظاهره ، سواء خصّ بالاستثناء أو بكلام متّصل ، أو منفصل ، أو دليل وعلى كلّ حال ، إلّا أنّه يحتاج أن ينظر في ألفاظ العموم الّذي يتعلّق الحكم بها ، فإن كانت متى استعملناها على ظاهرها وعمومها نفّذنا الحكم فيما أريد منّا وفيما لم يرد ، يحتاج إلى أن يبيّن لنا ما لم يرد منّا لنخصّه من جملة ما تناوله اللّفظ ، فأمّا ما أريد منّا فقد علمنا بالظّاهر وذلك نحو قوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)(٤) ، و (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(٥) وما يجري مجرى ذلك ، لأنّا لو خلّينا وظاهر ذلك لقطعنا من يستحقّ القطع ومن لا يستحقّ القطع إذا كان سارقا ، لكن لمّا كان في جملة السّراق من لا يجب قطعه وهو من لا يكون عاقلا ويسرق من غير حرز ، أو سرق ما دون النّصاب ، أو كانت هناك شبهة وغير ذلك من الصّفات والشّروط المراعاة في ذلك ، احتاج أن يبيّن لنا من لا يجب قطعه ، فإذا بيّن ذلك بقي الباقي على عمومه وشموله ، وعلمنا حينئذ أنّه يستحقّ القطع. وكذلك قوله : (فَاقْتُلُوا

__________________

(١) المائدة : ٣٨.

(٢) انظر : «المعتمد ١ : ٢٦٦ ـ ٢٦٥».

(٣) انظر التعليقة رقم (٢) صفحة ٥٠١

(٤) المائدة : ٣٨.

(٥) التوبة : ٥.

١٣

الْمُشْرِكِينَ)(١) وما جرى مجراه.

وإن كان ألفاظ العموم متى خلّينا وظاهرها لم يمكننا أن نستعملها فيما أريد منّا على وجه ، كان ذلك مجملا واحتاج إلى بيان ما أريد منّا ، وذلك نحو قوله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٢) ، لأنّا لو خلّينا وظاهر الآية لم يمكننا أن نستعملها فيما أريد منّا على وجه ، فوقف ذلك على البيان.

والّذي يدلّ على صحّة ما اخترناه : أنّ الخطاب إذا ورد وكان الحكم متعلّقا باسم معقول في اللّغة ، وجب حمله عليه ولا ينتظر به أمر آخر ، إلّا أن يدلّ دليل على أنّه لم يرد ما وضع له في اللّغة ، ولو لا ذلك لما صحّ التّعلّق بشيء من الخطاب ، لأنّه يجوز أن يراد بكلّ خطاب غير ما وضع له ، ولا مخلص من ذلك إلّا بأن يقال لو أريد به غير ما وضع له ليبيّن ، وذلك بعينه موجود في ألفاظ العموم ، ولا يلزمنا مثل ذلك في قوله (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٣) لأنّا قد علمنا أنّه لم يرد بذلك ما وضع له في اللّغة ، فلذلك وقف على البيان.

والّذي يبيّن أيضا ما ذكرناه : أنّ ما خصّ بالاستثناء إنّما يصحّ التّعلّق به لما قدّمناه من أنّ ما عدا الاستثناء يمكن أن يعلم به ، وإن كان الاستثناء قد صيّره مجازا على ما دللنا عليه فيما مضى ، فيجب مثل ذلك في كلّ عموم خصّ بدليل وإن كان منفصلا.

ويدلّ على ذلك أيضا : أنّه لو كان من شرط صحّته التّعلّق بألفاظ العموم أن لا يكون قد خصّت ، أو أن لا يحتاج إلى معرفة أوصاف لا ينبئ الظّاهر عنها ، أدّى إلى ألّا يصحّ التّعلّق بشيء من ألفاظ العموم ، لأنّه ليس هاهنا شيء من ألفاظ العموم إلّا وهو إمّا مخصوص ، وإمّا أن يحتاج إلى أوصاف لا ينبئ الظّاهر عنها ، وذلك يؤدّي

__________________

(١) التوبة : ٥.

(٢) البقرة : ٤٣.

(٣) البقرة : ٤٣.

١٤

إلى بطلان ما تعلّقت الصّحابة ومن بعدهم به ، ألا ترى أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام تعلّق بقوله : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ)(١) في تحريم الجمع بين المملوكتين ، وكذلك تعلّق بقوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)(٢) ، ومن ثمّ قال : «أحلّتهما آية وحرّمتهما أخرى» (٣) ، وكذلك حكي عن عثمان (٤).

وتعلّق ابن عبّاس بقوله : (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ)(٥) حتّى ردّ خبر ابن الزّبير (٦) لأجله وقال : «إنّ قضاء الله أولى من قضاء ابن الزّبير» (٧) وغير ذلك ممّا لا يحصى كثرة.

وإن كان جميع ذلك يحتاج إلى بيان أوصاف لا ينبئ الظّاهر عنها ، وقد جعل مجازا بدخول التّخصيص فيه ، فعلم بذلك أنّ صحّة التّعلّق بألفاظ العموم صحيح وإن كان مخصوصا.

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) النساء : ٣.

(٣) انظر : «المعتمد ١ : ٢٦٨ ـ ١٦٧ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ : ١١٧ ، التّهذيب ٧ : ٢٨٩ ح ١٢٥١ ، وعلّق الشّيخ الطوسي عليه بقوله : «أحلّتهما آية يعني آية الملك دون الوطء ، وقوله عليه‌السلام وحرّمتهما آية أخرى يعني في الوطء دون الملك ، ولا تنافي بين الآيتين ولا بين القولين».

(٤) انظر : «المعتمد ١ : ٢٦٨ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ : ١١٧ ، المحلّى ٩ : ٥٢٢».

(٥) النساء : ٢٣.

(٦) روى الترمذي في سننه بسنده عن عبد الله بن الزبير : [(عن عائشة) أو (عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو (عن الزبير)] أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا تحرّم المصّة ولا المصّتان». سنن الترمذي باب ٣ كتاب الرّضاع ، ح ١١٥٠ ، وأخرجه أيضا مسلم في باب ١٧ كتاب الرّضاع ، ح ١١٧ ، وأبو داود في سننه : باب ١٠ ، كتاب النّكاح ، ح ٢.

قال القرطبي في تفسيره (٥ : ١١١) : «وذكر الطحاوي أنّ حديث الإملاجة والإملاجتين لا يثبت لأنّه مرّة يرويه ابن الزّبير عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومرة يرويه عن عائشة ومرّة يرويه عن أبيه ، ومثل هذا الاضطراب يسقطه».

(٧) المعتمد ١ : ٢٦٩.

١٥

وأمّا من نصر خلاف ما ذهبنا إليه ، فقد حكى عبد الجبّار (١) عن أبي عبد الله البصريّ : «أنّه ربّما جمع بين قول : (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)(٢) ، وبين قوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(٣) ، وقول النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الجار أحقّ بصقبه» (٤) «وفيما سقت السّماء العشر» (٥) في امتناع التّعلّق بظاهرها مرّة ، وربّما فرّق بينهما أخرى ، ويقول عند الفصل بينهما :

«إنّ العشر متعلّقٌ بما سقته السّماء ، والّذي يحتاج إلى بيانه صفة الأرض لا صفته ، فهو كالحاجة إلى بيان صفة المخاطب في أنّه لا يمنع من التّعلّق بالظّاهر.

وأمّا (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)(٢) ، فالحاجة إنّما هي إلى بيان صفته ، فهو كالحاجة الّتي يتعلّق القطع بها من اعتبار القدر وغير ذلك ، فلذلك امتنع التّعلّق بالظّاهر.

ويقول : الصّفة المتعلّق بها في الشّرك هي في إسقاط قتله لا في إثبات قتله ، والصّفة المعلّق بها في السّارق هي في إثبات قتله ، فلذلك افترقا.

وربّما يقول في الجميع : إنّ التّعلّق بظاهره لا يمكن ، وإنّ الواجب ألّا يعترض على الأصول بالفروع ، بل يجب بناؤها عليه» (٦).

وهذه ألفاظه بعينها ذكرناها.

وقد قلنا في هذه الأمثلة ما عندنا وقلنا : في أنّ قوله : (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)(٢) ،

__________________

(١) أي القاضي عبد الجبّار المعتزلي.

(٢) المائدة : ٣٨.

(٣) التوبة : ٥.

(٤) كنز العمّال ٧ : ص ٧ رقم ١٧٧٠٠. الصقب : القرب والملاصقة ، ويروى بالسّين والمراد به الشفعة. (النهاية ٣٠ ـ ٤١ ، غريب الحديث ١ : ٣٣٧).

(٥) كنز العمّال ٧ : ٣٢٨ رقم ١٥٨٨٠.

(٦) لخّص أبو الحسين البصري (المعتمد : ١ ـ ٢٦٦ ـ ٢٦٥) مذهب أبي عبد الله البصري الملقّب بالجعل بقوله : «قال الشّيخ أبو عبد الله : إن كان المخصّص والشرط قد منعا من تعلّق الحكم بالاسم العام وأوجبنا تعلّقه بشرط لا ينبئ عنه الظّاهر ، لم يجز التّعلّق به عنه. وإن لم يمنعا من تعلّقه بالاسم العام فإنّه يصحّ التّعلّق به ...».

١٦

وقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(١) ، أنّ القطع يتعلّق بنفس السّرقة ، وإنّما يحتاج إلى بيان مراعاة الصّفات والشروط فيمن لا يجب ذلك ، وجرى ذلك مجرى قوله : (اقتلُوا المُشركينَ) وأنّ القتل يتعلّق بالشّرك ، وإنّما يحتاج أن يبيّن صفة من لا يجب قتله من أهل الكتاب وغيرهم من النّساء والصّبيان.

فأمّا قوله «الجار أحقّ بصقبه» (٢) : فالأولى فيه أيضا أن يحمل على عمومه في كلّ شيء إلّا ما يخرجه الدّليل ، وذلك يجري مجرى ألفاظ العموم ، وكذلك قوله :

«وفيما سقت السّماء العشر» (٣) عام في جميع ذلك ، فإن دلّ الدّليل على وجوب اعتبار صفات في الأرض ، قلنا به وخصّصناه منه وبقّينا الباقي على عمومه.

وكلّما يرد من هذه الأمثلة يجري هذا المجرى ، والطّريقة واحدة في الكلام عليه.

__________________

(١) التوبة : ٥.

(٢) انظر تخريج الحديث في هامش رقم (٤) صفحة ٤٢٩

(٣) انظر تخريج الحديث في هامش رقم (٥) صفحة ٤٢٩

١٧

فصل ـ [٦]

«في ذكر وقوع البيان بالأفعال» (١)

ذهب الفقهاء بأسرهم ، والمتكلّمون إلى أنّ البيان يقع بالفعل كما يقع بالقول(١).

وقال بعض المتأخّرين : إنّ البيان لا يقع بالفعل(١).

والّذي يدلّ على صحّة مذهب الأوّل أشياء :

منها : أنّه إذا كان الفعل ممّا يقع به التّبيين كما يقع بالقول ، فينبغي أن يجوز وقوعه ، ألا ترى أنّه لا فرق بين أن يقول : «صلّوا صلاة أوجبها الله عليكم» ، ثمّ يبيّن صفتها وكيفيّتها بالقول ، وبين أن يقوم فيصلّي ، في أنّه يقع في الحالين التّبيين على حدّ واحد.

ولو قيل : أنّ التّبيين يقع بالفعل آكد ممّا يقع بالقول ، لكان ذلك سائغا (٢) ،

__________________

(١) وهو أن يفعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعض ما دخل تحريمه في العموم ، ويدل ذلك الفعل على تخصيص العموم ، ولا خلاف في حكم هذا الفعل البياني ، وأنّ البيان يقع بالفعل كما يقع بالقول ، وعليه إجماع الجمهور الأكبر من الأصوليين والفقهاء ـ من العامّة والخاصّة ـ ولم يخالفهم إلّا طائفة شاذّة حيث نسب لأبي إسحاق الأسفراييني وأبي الحسن الكرخي.

انظر : «التبصرة : ٢٤٧ ، الذريعة ١ : ٣٣٩ ، الأحكام للآمدي ٣ : ٢٥ ، المعتمد ١ : ٣١٣ ـ ٣١٢ ، روضة الناظر : ١٦٣ ، شرح اللّمع ١ : ٣٧٩ ، أصول السرخسي ٢ : ٢٧ ، المنخول : ٦٦».

(٢) في الأصل : شائعا.

١٨

ولأجل ذلك رجعت الصّحابة في بيان صفة الوضوء إلى كيفيّة فعل النّبي (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فمن دفع وقوع البيان بالأفعال كان مبعدا ، فلا فرق بين قوله في ذلك ، وبين من دفع ثبوت الأحكام بالأفعال ، وفي ذلك خروج عن الإجماع.

فإن قال : أليس من حقّ بيان الكلام أن يكون متّصلا به أو في حكم المتّصل به ، ولا يصحّ في الفعل مع الوقف ، فكيف يصحّ أن يكون بيانا له؟

قيل له : لا نسلّم أنّ من حقّ البيان أن يكون متّصلا بالكلام على كلّ حال ، بل يجوز عندنا أن يتأخّر البيان عن حال الخطاب إذا لم يكن الوقت وقت الحاجة على ما نبيّنه (٢) ، فعلى هذا يصحّ أن يتأخّر البيان ويقع بالفعل ، ومتى فرضنا أنّ الوقت وقت الحاجة ، فذلك أيضا لا يمنع من وقوع البيان بالفعل ، ألا ترى أنّه لا فرق بين أن يقول : «صلّوا إذا زالت الشّمس صلاة أوجبها الله عليكم» فإذا زالت الشّمس بيّنها وبيّن كيفيّتها وصفاتها ، وبين أن يقوم عند الزّوال فيصلّي صلاة ، فإنّا نعلم به بيان تلك الصّلاة بفعله كما نعلم بقوله لو بيّنها به.

وليس يلزم من حيث كان الفعل لا يقع إلّا في زمان ممتدّ أن يمنع ذلك من وقوع البيان به كما يمنع ذلك في القول ، لأنّ البيان بالقول أيضا ممتدّ الزّمان فيه كما يقع بالقول الّذي لا يمتدّ الزّمان فيه من وجيز الكلام ، فليس امتداد أحدهما إلّا كامتداد الآخر ، وإن كان أحدهما أكثر والآخر أقلّ.

فإن قيل : كيف يعلم تعلّق الفعل بالمبيّن حتّى يعلم أنّه بيان له؟ ، مع تجويز أن يكون ذلك الفعل وقع ابتداء لا بيانا لمّا تقدّم ، [و] في هذا ارتفاع التّبيّن به.

قيل له : إذا خاطب بالمجمل ، ولم يكن الوقت وقت الحاجة ، جاز أن يقول النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أبيّن صفة ما أو أجبت عليكم بالفعل» ، فإذا جاء

__________________

(١) وهو المشهور بالوضوءات البيانيّة ، انظر : «الكافي ٣ : ٢٤ ح ١ أو ٣ ، ٣ : ٢٥ ح ٤ و ٥ ، التّهذيب ١ : ٥٥ ح ١٥٧ و ١ : ٥٦ ح ١٥٨ ، الإستبصار ١ : ٥٧ ح ١٦٨ ، شرح معاني الآثار ١ : ٣٥ ، المصنّف لعبد الرزّاق ١ : ٢١ ح ٦١ ، وغيرها من الأحاديث البيانيّة الواردة في أبواب الوضوء من المجاميع الروائيّة».

(٢) انظر كلام المصنّف في صفحة ٤٥٠.

١٩

وقت الحاجة فعل فعلا يمكن أن يكون بيانا له ، فإنّا نعلم بذلك بيان ما خاطبنا به أوّلا.

وإن كان الوقت وقت الحاجة ، ففعل عقيب الخطاب فعلا يمكن أن يكون بيانا له ، فإنّا نعلم به المراد ، ونعلم أنّه متعلّق به ، لأنّه لو لم يكن متعلّقا به لكان قد أخلى خطابه من بيان مع الحاجة إليه ، وذلك لا يصحّ ، ولهذا قلنا إنّه لا فرق بين أن يقول :

«صلّوا صلاة السّاعة» ثمّ يتبعها بالقول ، وبين أن يقوم فيصلّي عقيب هذا القول صلاة ، فإنّا نعلم تلك الصّلاة بيانا لما قدّم القول فيه ، ولا فرق بين الموضعين.

فإن قيل : إذا قلتم : إنّه لا يمتنع أن يقول لنا : «إذا خاطبتكم بالمجمل وفعلت بعده فعلا فاعلموا أنّه بيان له» ، فقد عدتم إلى أنّ البيان حصل بالقول دون الفعل.

قيل له : ليس الأمر على ذلك ، بل البيان لا يقع إلّا بالفعل في الموضع الّذي ذكروه ، وإنّما يعلم بقوله تعلّق فعله بالقول المجمل ، وأمّا بيان صفته فإنّه يحصل بالفعل دون القول على ما بيّناه.

ويدلّ على ذلك أيضا : رجوع المسلمين بأجمعهم في عهد الصّحابة ومن بعدهم في بيان صفة الصّلاة ، والحجّ ، والطّهارة ، إلى أفعال النّبي عليه‌السلام (١) وتبيّنوا بذلك قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٢) و (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)(٣) ، فلو لا أنّهم علموا أنّ ذلك يقع به البيان ، وإلّا لم يجز الرّجوع إليه.

ويدلّ أيضا على ذلك : ما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال لأصحابه : «صلّوا كما رأيتموني أصلي» (٤) و «خذوا عنّي مناسككم» (٥) فأحالهم في بيان

__________________

(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٢) البقرة : ٤٣.

(٣) آل عمران : ٩٧.

(٤) المعتبر ٢ : ٢٢٧ ، بحار الأنوار ٨٥ : ٢٧٩ ، صحيح البخاري : ب ١٨ كتاب الأذان ح ٢٧ ، مسند أحمد ٥ : ٥٣ ، السنن الكبرى ٢ : ٣٤٥.

(٥) السنن الكبرى ٥ : ١٢٥ ، ورواه أيضا مسلم عن جابر ، والنسائي بلفظ «يا أيّها النّاس خذوا عنّي مناسككم».

٢٠