جواهر قرآنية

المؤلف:

قاسم عاشور


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧١

١
٢

٣

٤

الإهداء

إلى والديّ الحبيبين رحمهما‌الله تعالى.

إلى كل مسلم جعل همّه القرآن ، يتلوه آناء الليل وأطراف النهار.

إلى كل مسلمة تربي أبناءها على حفظ القرآن وفهمه وتلاوته.

إلى كل من يخدم كتاب الله تعالى تعليما وتبليغا.

إلى كل من كان القرآن له خلقا وطريقا ومنهجا.

إلى هؤلاء جميعا أهدي هذا الجهد المتواضع.

قاسم عاشور

٥
٦

المقدمة

بسم الله العزيز القدير ، والحمد لله السميع البصير ، والصلاة والسلام على المعلم الأول الهادي البشير ، سيدنا ونبينا محمد السراج المنير ، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

من خلال مطالعاتي في كتب التفسير والعلوم الخاصة بالقرآن الكريم ، وقفت على لطائف كثيرة وفوائد جمّة ، كوّنت عندي الرغبة القوية في جمعها ثم تبويبها وإخراجها بأسلوب شيق يمتع القارئ ، فكان الجهد هذا الكتاب.

وإنه لشرف كبير لي شرفني الله به ، فله الحمد وله المنّة. والكتاب في مجمله كلمات اخترتها ، وقبسات جمعتها ، وآراء وأقوال لعلمائنا الأجلاء الموثوق بهم من السلف والخلف ، اقتبستها ؛ لأضعها بين يدي القارئ ؛ لتعمّ الفائدة ويتحقق الهدف ، بنشر هذه الثقافة القرآنية التي ستكون بإذن الله في طليعة اهتمامات القارئ.

ثم قررت أن أقدم كل معلومة بصورة سؤال وجواب ، لتكون واضحة جلية أمام القارئ يتناولها في يسر وسهولة ، كما جعلت الإجابة تحت السؤال توفيرا لوقت القارئ وتقديرا لجهده.

وبالنسبة للأحاديث الواردة في الكتاب ، فقد بذلت كل وسعي وجهدي أن تكون مخرّجة وصحيحة.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإخواننا القراء بهذه الثمرات

٧

المقتطفة ، وهذه النفائس المقتبسة ، وهذه الكلمات المضيئة بأنوار القرآن الكريم.

والحمد لله الذي أعزنا بالقرآن ، وأحيانا بالقرآن ، وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس.

ربنا تقبل منا أحسن ما عملنا ، وتجاوز اللهم عن زلاتنا وتقصيرنا ، إنك سميع عليم.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحبه أجمعين.

المؤلف

قاسم عاشور

المدينة المنورة غرة المحرم ١٤٢٠ ه‍.

٨

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ). [قرآن كريم]

(وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ). [قرآن كريم]

(ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى). [قرآن كريم]

(إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً). [قرآن كريم]

(وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) [قرآن كريم]

٩
١٠

أبواب الكتاب

الباب الأول : قبسات من تفسير القرآن

الباب الثاني : قبسات من الإعجاز العددي للقرآن

الباب الثالث : الأمثال الكامنة في القرآن

الباب الرابع : المرأة في القرآن

الباب الخامس : قبسات من الإعجاز البياني للقرآن

الباب السادس : قبسات من علوم القرآن

الباب السابع : قبسات من قصص الأنبياء

الباب الثامن : غزوات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم في القرآن

الباب التاسع : لطائف من القرآن

١١
١٢

الباب الأول

قبسات من تفسير القرآن

١٣
١٤

قبسات من تفسير القرآن

(النعمة والنعيم)

س ١ : ما الفرق بين (النعمة والنعيم) في الاستعمال القرآني؟

ج ١ : كل (نعمة) في القرآن إنما هي لنعم الدنيا على اختلاف أنواعها ، يطرد ذلك ولا يتخلف في مواضع استعمالها ، مفردا وجمعا :

كقوله تعالى : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ). [البقرة : ٢١١]

وقوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ). [آل عمران : ١٠٣]

وقوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ). [إبراهيم : ٦]

أما صيغة (النعيم) فتأتي في البيان القرآني بدلالة إسلامية ، خاصة بنعيم الآخرة يطرد هذا ولا يتخلف في كل آيات النعيم وعددها ست عشرة آية :

كقوله تعالى : (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ). [المعارج : ٣٨]

وقوله تعالى : (وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ). [الشعراء : ٨٥]

وقوله تعالى : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ). [يونس : ٩][الإعجاز البياني للقرآن / ٢٣٥]

١٥

(حلف وأقسم)

س ٢ : قال تعالى : (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ) [التوبة : ٥٦]

وقال سبحانه : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) [الواقعة : ٧٦]

ما الفرق بين (الحلف والقسم) في القرآن الكريم؟

ج ٢ : كثيرا ما يفسّر أحدهما بالآخر ، وقلما تفرق بينهما المعاجم.

نحتكم إلى البيان الأعلى ، في النص المحكم الموثق ، فيشهد الاستقراء الكامل بمنع ترادفهما.

جاءت مادة (ح ل ف) في ثلاثة عشر موضعا ، كلها بغير استثناء ، في الحنث باليمين (أي اليمين الكاذبة).

وأما القسم ، فيأتي في الأيمان الصادقة سواء كانت حقيقة أو وهما.

وبهذا يختص الحلف بالحنث في اليمين (أي اليمين الكاذبة) ويكون القسم لمطلق اليمين ، وهذا ما اطرد استعماله في البيان القرآني. [الإعجاز البياني للقرآن / ٢٢٤]

(الخشية والخوف)

س ٣ : قال تعالى : (وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ) [التوبة : ١٨]

وقال سبحانه : (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) [النور : ٥٥]

ما الفرق بين الخشية والخوف في الاستعمال القرآني؟

١٦

ج ٣ : تفترق الخشية عن الخوف ، بأنها تكون عن يقين صادق بعظمة من نخشاه ، وأما الخوف فيجوز أن يحدث عن تسلط بالقهر والإرهاب.

والخشية لا تكون إلا لله وحده ، دون أي مخلوق ، يطرد ذلك في كل مواضع استعمالها في الكتاب المحكم بصريح الآيات.

وتسند خشية الله في القرآن إلى الذين يبلغون رسالات ربهم ، ومن اتبع الذكر ، والمؤمنين ، والعلماء ، والذين رضي الله عنهم ورضوا عنه. [الإعجاز البياني للقرآن / ٢٢٦]

(الخشوع والخضوع)

س ٤ : قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) [المؤمنون : ١ ، ٢]

وقال سبحانه : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب : ٣٢]

ما الفرق بين الخشوع والخضوع في الاستعمال القرآني؟

ج ٤ : يفترق الخشوع عن الخضوع ، بأننا لا نخشع إلا عن انفعال صادق بجلال من نخشع له ، أما الخضوع فقد يكون تكلفا عن نفاق وخوف ، أو تقية ومداراة. والعرب تقول : خشع قلبه ، ولا تقول : خضع ، إلا تجوزا.

والخشوع من أفعال القلوب ، وإذا خشع الصوت أو خشع الوجه

١٧

أو البصر ، فإنما يكون ذلك من خشوع القلب. ويتسق البيان القرآني في استعماله للخشوع ، كمثل اتساقه في استعمال الخشية : فكل خشوع في القرآن إنما هو لله تعالى :

كقوله تعالى : (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) [الإسراء : ١٠٩]

وقوله : (وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) [الأنبياء : ٩٠]

وقوله : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) [البقرة : ٤٥]

وقوله : (خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) [آل عمران : ١٩٩]

وقوله : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) [الحديد : ١٦]

وقوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) [الغاشية : ٢]

[الإعجاز البياني للقرآن / ٢٢٦]

(زوج وامرأة)

س ٥ : قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم : ٢١]

وقوله تعالى : (امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما) [التحريم : ١٠]

ما الفرق بين (زوج وامرأة) في الاستعمال القرآني؟

١٨

ج ٥ : البيان القرآني يستعمل لفظ (زوج) حيثما تحدث عن آدم وزوجته ، وقد يبدو من القريب أن يترادفا فيقوم أحد اللفظين مقام الآخر ، وذلك ما يأباه البيان القرآني المعجز ، وهو الذي يعطينا سر الدلالة في الزوجية مناط العلاقة بين آدم وزوجته ، فكلمة (زوج) تأتي حيث تكون الزوجية هي مناط الموقف :

حكمة وآية ، أو تشريفا وحكما :

لقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم : ٢١]

.

وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) [الفرقان : ٧٤]

وقوله تعالى لما استجاب لزكريا وحققت الزوجية حكمتها : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) [الأنبياء : ٩٠]

فإذا تعطلت آية الزوجية من السكن والمودة والرحمة بخيانة أو تباين في العقيدة أو بعقم أو ترمل ، فامرأة لا زوج :

كقوله تعالى : (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا) [يوسف : ٣٠]

وقوله تعالى : (امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما) [التحريم : ١٠]

وقوله تعالى : (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) [مريم : ٥][الإعجاز البياني للقرآن / ٢٢٩]

١٩

(أشتات وشتى)

س ٦ : ما الفرق بين (أشتات وشتى) في الاستعمال القرآني؟

ج ٦ : مادتهما واحدة ، والشتّ والشتات في اللغة التفرق والاختلاف.

وردت (شتى) في ثلاث آيات بمعنى الاختلاف المقابل للائتلاف :

كقوله تعالى : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى) [طه : ٥٣]

وقوله : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) [الليل : ٤]

وقوله : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) [الحشر : ١٤]

أما (أشتات) فقد وردت في آيتين فقط بمعنى التفرق ، المقابل للتجمع :

كقوله : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) [الزلزلة : ٦]

وقوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) [النور : ٦١][الإعجاز البياني للقرآن / ٢٣٣]

(الإنس والإنسان)

س ٧ : ما الفرق بين الإنس والإنسان في الاستعمال القرآني؟

ج ٧ : (الإنس والإنسان) يلتقيان في الملحظ العام لدلالة مادتهما المشتركة على نقيض التوحش ، لكنهما لا يترادفان.

لفظ (الإنس) يأتي في القرآن دائما مع الجن على وجه التقابل ،

٢٠