تقريب القرآن إلى الأذهان - ج ٣

آية الله السيد محمد الشيرازي

تقريب القرآن إلى الأذهان - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيد محمد الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٣

١
٢

٣

٤

تقريب القرآن إلى الأذهان

الجزء الثالث عشر

من آیة (٥٤) سورة يوسف

إلى آیة (٥٣) سورة إبراهيم

٥

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى وعترته الطاهرين

٦

وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣) وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ (٥٤)

____________________________________

[٥٤] (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) إن كان هذا من كلام يوسف عليه‌السلام ، كان المراد منه التواضع ، أي اني لا أنزه نفسي فإن ما صدر مني من العصمة انما كان بحفظ الله سبحانه ، فلا أريد تزكية نفسي ، والعجب من عملي وطهارتي ، كما يقول أحدنا ـ إذا قيل له أنت فعلت كذا ـ : أنا لم أفعل وإنما وفقني الله سبحانه ، قال سبحانه : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (١) وإن كان من كلام زليخا ـ تتمة لقولها : لم أخنه ـ كان المراد اني وإن اعترفت حالا ، وقلت «لم أخنه» لكن لا أنزه نفسي عن الخيانة ، فقد خنت يوسف في إلصاق التهمة به ، وإلقائه في السجن (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) أي كثيرة الأمر بالسوء والذنب ، فإن «أمارة» صيغة مبالغة (إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) «ما» إما موصولة ، أي إلا النفس التي رحمها الله ، أو وقتية ، أي إلا الوقت الذي رحم الله ، فعصم النفس عن الذنب (إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ) لسالف الذنوب (رَحِيمٌ) يرحم الإنسان فيأخذ يده عن الزلّة والسقوط.

[٥٥] (وَ) إذ تمت البراءة وظهر أمر يوسف عليه‌السلام طهارة وعلما (قالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ) أي جيئوا إليّ بيوسف (أَسْتَخْلِصْهُ) ، أجعله خالصا (لِنَفْسِي) فيكون وزيري ومشاوري ، فإن الاستخلاص طلب خلوص الشيء من شائب الاشتراك (فَلَمَّا) جاء الرسول وأخرج يوسف من السجن ولما مثل بين يدي الملك (كَلَّمَهُ) فعرف عقله وفضله وأدبه حتى صار السماع عيانا (قالَ) الملك له (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) ،

__________________

(١) الأنفال : ١٨.

٧

قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥)

____________________________________

إنك عندنا ذو مكانة نافذ القول ، مؤتمن.

[٥٦] (قالَ) يوسف عليه‌السلام للملك لما رأى مكانته عنده ومنزلته لديه (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) أي اجعلني واليا على خزائنك المالية والطعامية وغيرها لأدير شؤونها (إِنِّي حَفِيظٌ) أي حافظ ما تستودعني عليه (عَلِيمٌ) بكيفية تدبيرها وإدارتها ، قال الملك فما ترى في رؤياي أيها الصديق؟ فقال يوسف أرى أن تجمع الطعام وتزرع زرعا كثيرا في هذه السنين المخصبة وتبني الأهواء والخزائن وتجمع الطعام فيها بقصبه وسنبله ليكون قصبه وسنبله علفا للدواب وتأمر الناس فيرفعون من طعامهم الخمس فيكفيك من الطعام الذي جمعته لأهل مصر ومن حولها ويأتيك الخلق من النواحي ويجتمع عندك من الكنوز ما لم يجتمع لأحد ذلك ، فقال الملك ومن لي بهذا ومن يجمعه ويبيعه ويكفي الشغل فيه؟ فعند ذلك قال يوسف اجعلني على خزائن الأرض. ولما سلّم الملك الأمر إلى يوسف أقبل عليه‌السلام على العمل. قال الإمام الرضا عليه‌السلام : وأقبل يوسف على جمع الطعام فجمع في السبع السنين المخصبة فوضعه في الخزائن ، فلما مضت تلك السنون وأقبلت السنون المجدبة أقبل يوسف على بيع الطعام فباعهم في السنة الأولى بالدراهم والدنانير حتى لم يبق بمصر وما حولها دينارا ولا درهما إلا صار في ملكية يوسف ، وباعهم في السنة الثانية بالحليّ والجواهر حتى لم يبق بمصر وما حولها حليّ ولا جوهرا إلا صار في ملكية يوسف ، وباعهم في السنة الثالثة بالدواب والمواشي حتى لم يبق بمصر وما حولها عبدا ولا أمة إلا صار في ملكية يوسف ، وباعهم في السنة الرابعة بالدور والعقار حتى لم يبق بمصر وما حولها إلا صار في ملكية يوسف ، وباعهم في السنة الخامسة بالمزارع والأنهار حتى لم يبق بمصر وما

٨

____________________________________

حولها نهرا ولا مزرعة حتى صار في ملكية يوسف ، وباعهم في السنة السادسة برقابهم حتى لم يبق بمصر وما حولها عبدا ولا حرا إلّا صار عبد يوسف فملك أحرارهم وعبيدهم وأموالهم ، وقال الناس ما رأينا وما سمعنا بملك أعطاه الله ما أعطى هذا الملك حكما وعلما وتدبيرا ، ثم قال يوسف للملك : أيها الملك ما ترى فيما خوّلني ربي من ملك مصر وأهلها أشر علينا برأيك؟ فاني لم أصلحهم لأفسدهم ولم أنجهم من البلاء لأكون وبالا عليهم ، ولكن الله سبحانه نجاهم على يدي ، قال له الملك : الرأي رأيك ، قال يوسف : أني أشهد الله وأشهدك أيها الملك أني قد أعتقت أهل مصر كلهم ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم ورددت عليك أيها الملك خاتمك وسريرك وتاجك على أن لا تسير إلا بسيرتي ولا تحكم إلا بحكمي ، قال له الملك : إن ذلك لشرفي وفخري ألّا أسير إلّا بسيرتك ولا أحكم إلا بحكمك ولولاك ما قويت عليه ولا اهتديت له ، ولقد جعلت سلطاني عزيزا كما يرام وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسوله فأقم على ما وليتك فإنك لدينا مكين أمين ، ومن ظريف ما ينقل ما نقله علي بن إبراهيم ، بما ملخصه أن عزيز زوج زليخا مات في تلك السنين المجدبة وافتقرت امرأة العزيز واحتاجت حتى سألت الناس فقالوا لها ما يضرك لو قعدت للعزيز؟ وكان يوسف يسمى العزيز وكل ملك كان لهم سموه بهذا الاسم ، فقالت أستحي منه ، فلم يزالوا بها حتى قعدت له ، فأقبل يوسف في موكبه ، فقامت إليه زليخا وقالت سبحان من جعل الملوك بالمعصية عبيدا والعبيد بالطاعة ملوكا ، فقال لها يوسف أأنت تيك؟ قالت : نعم ، ثم أن يوسف عليه‌السلام تزوجها وجعلها في جملة أهله (١).

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٢ ص ٢٥١.

٩

وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٧)

____________________________________

[٥٧] (وَكَذلِكَ) أي كما أنعمنا على يوسف عليه‌السلام بالنبوة وسائر المزايا ، كذلك (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) أي مصر (يَتَبَوَّأُ مِنْها) يتصرف فيها ويأخذ المحل منها (حَيْثُ يَشاءُ) فقد جمعنا له النبوة والملك وهكذا كل من أطاع الله سبحانه وخرج من الامتحان ناجحا (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ) ولكن بعد الاختبار والامتحان ، فإن الله لا يفعل لغوا ، ولا يمنح اعتباطا وعبثا (وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) الذين يحسنون في العقيدة والعمل.

[٥٨] (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ) ثواب الله سبحانه في الدار الآخرة (خَيْرٌ) من ثواب الدنيا لأنه باق لا منتهى له ، وليس مشوبا بالأكدار والآلام (لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) بأن جمعوا بين العقيدة الصحيحة والعمل الصالح.

في بعض التفاسير أن يوسف عليه‌السلام كان لا يمتلي شبعا من الطعام في تلك الأيام المجدبة ، فقيل له تجوع وبيدك خزائن الأرض؟ فقال أخاف أن أشبع فأنسى الجياع (١).

[٥٩] ولما تمكن يوسف عليه‌السلام بأرض مصر ، وجاء الجدب فأصاب الناس القحط نزل بآل يعقوب ما نزل بالناس فجمع يعقوب بنيه وقال لهم : بلغني أنه يباع الطعام بمصر وأن صاحبه رجل صالح فاذهبوا إليه فإنه

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد : ج ١١ ص ٢٣٦.

١٠

وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨)

____________________________________

سيحسن إليكم إن شاء الله ، فتجهزوا وأخذوا بعض البضائع يعطوها في مقابل القمح وسار منهم عشرة ، ولم يخرج معهم بنيامين أخو يوسف حتى وردوا مصرا (وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ) «أخوة» جمع أخو (فَدَخَلُوا عَلَيْهِ) على يوسف ، وفي بعض التفاسير أن يوسف عليه‌السلام كان يتولى البيع بنفسه (١) ، ولذا دخلوا عليه (فَعَرَفَهُمْ) أي عرف يوسف إخوته (وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ، ينكرون يوسف ولا يعرفونه لما مرّ من الزمان وتغيّرت ملامح يوسف عليه‌السلام من الصباوة إلى الشباب ، فقد مرّ على فراقهم له ما يقرب من خمسة عشر سنة أو أكثر ، بل عن ابن عباس : الفاصلة كانت أربعين سنة (٢).

روي عن الإمام الباقر عليه‌السلام : أن يوسف قال للأخوة قد بلغني أن لكم أخوين من أبيكم فما فعلا؟ قالوا أما الكبير منهما فإن الذئب أكله وأما الصغير فخلفناه عند أبيه وهو به ضنين وعليه شفيق قال فإني أحب أن تأتوني به معكم إذا جئتم تمتارون (٣) ، وقال القمي رحمه‌الله : أحسن يوسف لهم في الكيل وقال لهم من أنتم؟ قالوا : نحن بنوا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله الذي ألقاه نمرود في النار فلم يحترق فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، قال : فما فعل أبوكم؟ قالوا شيخ ضعيف ، قال : فلكم أخ غيركم؟ قالوا : لنا أخ من أبينا لا من أمنّا قال فإذا رجعتم فأتوني به (٤).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ص ٣٤٦.

(٢) مجمع البيان : ج ٥ ص ٤٢٢.

(٣) بحار الأنوار : ج ١٢ ص ٢٨٧.

(٤) تفسير القمي : ج ١ ص ٣٤٦.

١١

وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (٦٠) قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ (٦١) وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ

____________________________________

[٦٠] (وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) جهاز البيت متاعه وجهزت فلانا أي هيأت أمتعة سفره ، ومنه جهاز المرأة ، والمعنى أنه حمل لكل واحد منهم طعاما (قالَ) يوسف لهم (ائْتُونِي) أي جيئوا إلي (بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ) بنيامين ، فإنه لم يكن من أمهم ، وإنما أمه أم يوسف (أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ) أي لا أبخس الناس شيئا فإذا جاء أحد للطعام أعطيته ، فإذا جئتم كان طعامكم أكثر (وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) بصيغة اسم الفاعل ، أي خير المضيفين ، فإني حسن الضيافة لكل وارد ، حسن التجهيز لكل ممتار ، ثم هددهم بأنهم إن لم يأتوا به في المرة الثانية فإنه لا يعطيهم القمح ولا يضيفهم.

[٦١] (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ) بأخيكم بنيامين (فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي) لا أكيل لكم الطعام (وَلا تَقْرَبُونِ) بلادي ، فإنه لا حظوة لكم عندي.

[٦٢] (قالُوا) قالت الأخوة في جواب يوسف (سَنُراوِدُ عَنْهُ) أي عن بنيامين (أَباهُ) يعقوب عليه‌السلام ، أي سنجتهد في طلبه من أبيه (وَإِنَّا لَفاعِلُونَ) أي نفعل ما أمرتنا به من الإتيان بالأخ.

[٦٣] (وَقالَ) يوسف عليه‌السلام (لِفِتْيانِهِ) جمع فتى وهو العبد ، والمراد هنا الذين كانوا يكيلون الطعام لهم والأعوان الذين يقومون بشؤونه وأوامره (اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ) أي اجعلوا الثمن الذي جاءوا به لأجل

١٢

لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٢) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ

____________________________________

شراء الطعام ـ وكان مقلّا ونحوه ـ في متاعهم وأثاثهم وأوعيتهم (لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها) يعرفون البضاعة المردودة إليهم ، وإنما قال «لعل» لأن المعرفة غير لازمة في مثل هذه الأمور في البيوت الكبار فإن الحمل إذا جاء ودخل البيت لم يكن المكلف بفتحه الرجال الذين كانوا يعرفون الأشياء بل الخدم والنساء ، وكثيرا ما لا يدرون هم ما ذهب به ، مما جيء به ، فيشتبه الأمر عليهم ، (إِذَا انْقَلَبُوا) رجعوا (إِلى أَهْلِهِمْ) أبيهم وأقربائهم (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) حيث رأوا الإكرام والاحترام وإن بضاعتهم ردت إليهم ، يرجعون مرة ثانية إلى مصر لشراء الطعام ، وربما قيل أن احتمال رجوعهم كان لأجل أن يردوا الثمن بظن اشتباه حاشية الملك ، وأن يوسف علم أنه ليس لهم غير ذلك فإذا أخذه لم يكن لهم ثمن يرجعون به لشراء طعام جديد.

[٦٤] (فَلَمَّا رَجَعُوا) الأخوة (إِلى أَبِيهِمْ) ومعهم الطعام (قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ) إن لم نذهب ومعنا أخينا بنيامين فقد قال الملك : (فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي) فالمراد تقرر منعه عنا ـ ومنع بالفعل الماضي لإفادة أنه قرر أن يؤتي به في المستقبل ـ كما يقول القائل : هل تفعل كذا؟ فيجيب المسؤول : صار ، أي تقرر ، وذلك لأن المضارع المتحقق الوقوع ينزل بمنزلة الماضي ، ومن المحتمل أن يراد أن الملك منع منا إعطاء الكيل لأخينا بنيامين حيث لم يكن معنا ، ولعل ذلك لأجل أن يوسف أعطاهم بعددهم وعدد من تخلف من أبيه وأهله كيلا ، دون بنيامين ، حرصا لأن

١٣

فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٦٣) قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٦٤) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا

____________________________________

يأتوا به (فَأَرْسِلْ) أيها الأب (مَعَنا أَخانا) في هذه المرة (نَكْتَلْ) أي نأخذ الطعام بالكيل للجميع ، يقال كلت فلانا ، أي أعطيته الشيء كيلا ، واكتلت عليه أخذت منه الكيل ، من باب الافتعال ، وأصله نكتال حذف الألف ، لأن الفعل وقع في جواب الأمر ، فجزم ، فالتقى الساكنان «الألف واللام» فحذفت الألف (وَإِنَّا لَهُ) أي للأخ بنيامين (لَحافِظُونَ) أن يصيبه الأذى فقد كان يعقوب شديد القلق به لا يتمكن من مفارقته ، وبعد فقد يوسف صارت محافظته له أشد حيث كان أخاه من الأبوين ، وقد تقدم قول الأخوة «ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا» [٦٥] (قالَ) يعقوب عليه‌السلام في جواب الأخوة (هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ) استفهام إنكاري أي لا آمنكم عليه فلستم أنتم موضع الأمن والثقة (إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ) يوسف عليه‌السلام (مِنْ قَبْلُ) وقد قلتم في يوسف إنا له لحافظون ثم لم تفوا بضمانكم ، والمعنى ليس آمن على بنيامين إلا كأمني على يوسف ـ من قبل ـ (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) من حفظكم فإذا سلمته إليكم توكلت عليه في الحفظ لا عليكم (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) يرحم ضعفي وشيخوختي فلا ينالني مكروه من جهة فقد بنيامين بسبب رحمته وفضله.

[٦٦] وقد كان هذا الحوار بين الأخوة وبين يعقوب قبل أن يفتحوا المتاع (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ) أوعية الطعام التي ملؤوها في مصر (وَجَدُوا

١٤

بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥) قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ

____________________________________

بِضاعَتَهُمْ) التي ذهبوا بها ثمنا للطعام (رُدَّتْ إِلَيْهِمْ) لما تقدم من أن يوسف قال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم ، (قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي) ماذا نطلب أكثر من هذا أكرمنا وأعطانا الطعام ولم يأخذ منا الثمن (هذِهِ بِضاعَتُنا) التي ذهبنا بها (رُدَّتْ إِلَيْنا) ردها الملك فلم يأخذها ، فأرسل معنا أخانا إلى الملك لنأخذ منه الطعام (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) أي نجلب إليهم الميرة ، وهي الطعام الذي يجلب من بلد إلى بلد ، يقال مارهم إذا جلب إليهم الطعام (وَنَحْفَظُ أَخانا) بنيامين في السفر لئلا يصيبه أذى (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) نأخذ من الملك كيل بعير زائدا ، لحصة أخينا ، فقد كان يكال لكل رجل حمل بعير (ذلِكَ) الكيل الزائد (كَيْلٌ يَسِيرٌ) عند الملك لمن ذهب إليه.

[٦٧] وقد أثر كلام الأخوة ، وما رأى من إكرام الملك بردّ البضاعة ، واستسلم لإرسال بنيامين ، لكنه اشترط عليهم (قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ) أي قال يعقوب : لن أرسل بنيامين (مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ) تعطوني (مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) ما يوثق به من عهد أو يمين من طرف الله سبحانه ، بذكره عن اسمه في العهد ـ كأن يقولوا نعاهد الله ـ فيكونوا في حرج من جهته سبحانه ، كما أنهم في حرج من جهة عهدهم (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) أي تردون إليّ الابن ، ولا تغدروا به (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) أي إلا أن تغلبوا

١٥

فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦) وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ

____________________________________

فلا يكون الأمر تحت اختياركم ، كأن يحيط البلاء بهم فلا يتمكنوا من الفرار منه ولا مسلك لهم لإنقاذ بنيامين ، يقال أحاط به البلاء فهو محاط به ، (فَلَمَّا آتَوْهُ) أعطى الأخوة ، لأبيهم (مَوْثِقَهُمْ) عهدهم المؤكد (قالَ) يعقوب تأكيدا (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) أي شاهد حافظ إن أخلفتم وخنتم انتصف لي منكم.

[٦٨] ولكن الأب الرؤوف خاف على أولاده من العين فقد كانوا جماعة أبطالا حسني المنظر والجمال ، وجميعا أولاد رجل واحد فإذا رآهم الرائي ملؤوا قلبه وعينه ، ولذا وصاهم بالتفرق عند دخول المدينة (وَقالَ يا بَنِيَ) أصله بنوني وهو جمع ابن مضافا إلى ياء المتكلم ، لكن نون الجمع حذف بالإضافة ـ على القاعدة ـ والواو أدغم في ياء المتكلم. كما نقلت ضمة النون إلى الباء (لا تَدْخُلُوا) مصر (مِنْ بابٍ واحِدٍ) حتى تصيبكم العين (وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) فقد كانت المدن ـ سابقا ـ ذات أسوار وأبواب ، (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) أي ما أدفع من قضاء الله من شيء إن كان قد قضى عليكم الإصابة بالعين ، يقال : أغنى عنه ، إذا دفع عنه ، وأصله الكفاية ، كأن الشخص يكفيه عن أمر يدهمه ، وقد قال ذلك يعقوب على وجه التسليم له سبحانه منبها أن أمري إنما كان لأجل الطوارئ ، أما إذا كان شيء حتما فلا دافع له (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) أي ليس الحكم في الأمور ـ التي منها إصابتكم بالعين أو عدم إصابتكم ـ إلا لله سبحانه (عَلَيْهِ

١٦

تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦٨)

____________________________________

تَوَكَّلْتُ) في أن يرد عنكم عين الحساد ويرجعكم إليّ سالمين. (وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) أي المريدون للتوكل على أحد ، عليهم أن يتوكلوا عليه ، ويفوضوا أمورهم إلى الله سبحانه لا إلى غيره وهذا لا ينافي الأخذ بالحزم حسب الموازين التي قررها سبحانه في الكون.

[٦٩] وقد أجاز الأب استصحاب بنيامين لهم ، فشدوا أمتعتهم وخرجوا جميعا من المدينة قاصدين مصر لمرة ثانية (وَلَمَّا دَخَلُوا) مصر (مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) أي من أبواب متفرقة كما وصاهم يعقوب (ما كانَ) دخلوهم متفرقين والمعنى أن أمر الأب لم يفد شيئا وإنما كان مطلبا يختلج في نفس يعقوب. (يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) قضاه وقدره ، أي لم ينفعهم ذلك بعد أن أراد الله سبحانه أن يبقى أحدهم ـ وهو بنيامين ـ في مصر ، فلا يتمكنون أن يرجعوه إلى أبيهم (إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها) أي قضى تلك الحاجة بأمرهم الدخول متفرقين فأظهره ، أما التقدير فقد عمل عمله ، إذ نسبوا إلى السرقة ، وأخذ الملك بنيامين (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ) أي إن يعقوب ذو يقين ومعرفة بالله (لِما عَلَّمْناهُ) أي لأجل تعليمنا إياه ولذلك قال : وما أغنى عنكم من الله من شيء (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أن القدر هو الحاكم وأنه لا يغني الحذر إذا قدر شيء فيظنون أن الأمور كلها بيد الإنسان

١٧

وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ

____________________________________

وإنه مهما فعل والحال أن الأمر ليس كذلك فإن الله سبحانه خلق الإنسان وخلق أسبابا كونية ، وجعل بعضها تحت قدرة الإنسان ، وربما اقتضت مصلحته أن لا يمكّن الإنسان ـ من تلك الأسباب ـ إما بتعجيز الإنسان ، وإما بجعل موانع في تلك الأسباب ، فللإنسان قدرة واحدة ، وللقدر منفذان لصدّ هذه القدرة ، فمثلا إن الله سبحانه جعل زرع الأرض تحت قدرة الإنسان ، لكنه ربما لا يشاء ذلك فيعجز الإنسان عن الزرع بمرض أو فقر أو نحوهما ، أو يخلق ريحا سامة ، أو مطرا مؤذيا ، أو سوسا آكلا ، فلا يتمكن الإنسان من تنفيذ قدرته ، ولذا يجب التوكل في كل الأمور عليه سبحانه ، فمن رأى كل الأمور من الله سبحانه حتى عمل العبد ، فهو جبري فاسد العقيدة ، ومن رأى كل الأمور مفوضة إلى الإنسان فهو مفوض منحرف الإعتقاد ، بل لا جبر ولا تفويض وإنما أمر بين أمرين ... أما أكثر الناس فإنهم ولو لم يكونوا بمفوضة لكنهم يظنون أن الأمور تحت إرادتهم واختيارهم ، وينصرفون عن التوكل ، ولذا يتعجبون فيما إذا حال دون إرادتهم حائل ، ومن الضروري أن يتوكل الإنسان في أموره إليه سبحانه ، حتى يتفضل الله بعدم إيجاد الحائل ، وإقدار العبد على ما أراده.

[٧٠] (وَلَمَّا دَخَلُوا) أي دخل أولاد يعقوب (عَلى يُوسُفَ) في محله المعد لهم وكان يوسف حينذاك حاضرا (آوى) يوسف عليه‌السلام ، من أوى ، يقال أوى إلى منزله إذا صار إليه ، ومنه الإيواء بمعنى إعطاء المكان (إِلَيْهِ) أي إلى نفسه (أَخاهُ) بنيامين فأنزله معه وضمه إلى نفسه ، ثم (قالَ) يوسف لبنيامين (إِنِّي أَنَا أَخُوكَ) يوسف الذي ألقوه الأخوة في الجب قبل

١٨

فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ

____________________________________

سنوات وقالوا أنه أكله الذئب (فَلا تَبْتَئِسْ) من الابتئاس بمعنى اجتلاب الغم والحزن والبؤس ، أي لا تحزن (بِما كانُوا) أي كانت الأخوة (يَعْمَلُونَ) سابقا من الازدراء بك وبأخيك ، ومن الحسد عليكما.

روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : كان يوسف قد هيأ لهم طعاما فلما دخلوا عليه قال : ليجلس كل ابن أم على مائدة واحدة ، فجلسوا وبقي بنيامين قائما ، فقال له يوسف : مالك لا تجلس؟ قال له : إنك قلت ليجلس كل ابن أم على مائدة وليس لي فيهم ابن أم ، فقال : أما كان لك ابن أم؟ قال بنيامين : بلى قال : يوسف فما فعل؟ قال : زعم هؤلاء أن الذئب أكله قال : فما بلغ من حزنك عليه قال : ولد لي أحد عشر ابنا كلهم اشتققت له اسما من اسمه فقال له يوسف : أراك قد عانقت النساء وشممت الولد من بعده قال بنيامين : إن لي أبا صالحا وإنه قال : تزوج لعلّ الله أن يخرج منك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح ، فقال له : تعال فاجلس معي على مائدتي ، فقال أخوة يوسف : لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته ، وورد أن يوسف بعد ما عرّف نفسه لأخيه قال له : أنا أحب أن تكون عندي فقال : لا يدعونني إخوتي فإن أبي قد أخذ عليهم عهدا لله وميثاقه أن يردوني إليه فقال يوسف : أرى طريقة لبقائك ، فلا تنكر إذا رأيت شيئا ، فقال بنيامين : لا (١).

[٧١] (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ) أي جهّز يوسف عليه‌السلام الأخوة (بِجَهازِهِمْ) بأن ملأ

__________________

(١) تفسير العياشي : ج ٢ ص ١٨٣.

١٩

جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠)

____________________________________

أوعيتهم بالطعام ، وجعل لكل واحد منهم حمل بعير ، أمر بعض غلمانه حتى (جَعَلَ السِّقايَةَ) أي الصاع الذي كان يكال به ، وأصل السقاية اسم للإناء الذي يسقي به (فِي رَحْلِ أَخِيهِ) أي في متاع بنيامين ، وإنما أضاف سبحانه «جعل السقاية» إليه ، لأنه كان هو الآمر بذلك (ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ) الآذان هو الاعلام ، أي أعلم قائلا (أَيَّتُهَا الْعِيرُ) أي القافلة (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قد سرقتم سقاية الملك ، أقول ليس في الآية دلالة على أن يوسف هو الذي أمر بهذا النداء ، فإنه عليه السّلام أمر بدس الصاع في رحل بنيامين وكان أمره هذا خفية حتى لا يظهر أحد عليه ، ومن الطبيعي أن يتفحص الحاشية عن المفقود ويتهموا بعض الناس بالسرقة ، ولم يكن الاتهام منكرا يعلم الفاعل بكونه منكرا ، حتى يجب النهي عنه ، فيقال : كيف لم ينه يوسف عليه‌السلام عن المنكر؟ لما تقرر من أن النهي عن المنكر إنما هو مع علم الفاعل بكونه منكرا ، أما إذا لم يعلم فليس ذلك بواجب ، نعم يجب في الأحكام من باب إرشاد الجاهل ، وليس الاتهام حكما وإنما هو موضوع ، وهناك سؤال أنه كيف يجوز للإنسان أن يعمل عملا يدخل الغم والحزن على جماعة؟ والجواب أن الإيذاء لا يجوز أما إذا صنع الإنسان صنعا مباحا يتأذى به الغير فإن ذلك جائز ، ألا ترى أن من يبني دارا وسيعة ، أو يؤلف مؤلفا جيدا ، أو يتولى منصبا مرموقا ، يكثر حساده ويدخل عليهم الغم حتى أن بعضهم لا ينام الليالي ولا يستقر الأيام ومع ذلك فهو جائز بل قد يستحب أو يجب ، وقد كان حفظ يوسف لبنيامين لديه جائزا ، وربما يقال : فما كانت المصلحة في أن

٢٠