النيابة في الحج

الشيخ عبد الرضا البهادلي

النيابة في الحج

المؤلف:

الشيخ عبد الرضا البهادلي


الموضوع : الفقه
الناشر: مركز عين للدراسات والبحوث المعاصرة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٧

١

٢

٣

من أهداف مركز عين :

مركز عين للدراسات الفكرية المعاصرة ، يعنى بتفاعلات الواقع الإسلامي ، ويحاول أن يؤصل للحلول والمقترحات تجاه مشكلات الإنسان المعاصر ..

كما وينطلق من رؤية راسخة بقابلية الحضارة الإسلامية على قيادة الحياة وتقديم نموج يتناسب مع احتياجات العصـر من غير أن ينقطع عن أصوله ومنطلقاته وثوابته ..

يسعى المركز ضمن برامج بحثية وهموم ثقافية ودورات لكتابة البحوث وتصديرها ، لتعزيز الوعي الاجتماعي بقضايا الثقافة والأفكار ومناقشة مطاريح التخلف والتسيد لقيم غير أصيلة في المجتمع ..

ليس من أهداف المركز أو مطاريحه الاعتناء بالتبشير الطائفي ، ويؤمن أن ما يحدث اليوم هو طائفية سياسية تسعى لتجيير كل الدين والإنسان في أتون معركة مصالح دنيئة .. ولا نمانع من دراسات تنطلق من التسامح في التعايش والإيمان بمشتركات الإنسان دون إلغاء الآخر مع الاحتفاظ بالرصانة العلمية وشروطها ..

كما يؤمن المركز أن الحلول الإسلامية تنطلق من جذورها المناسبة ، ولهذا فهي تحاول التأسيس من منطلقات اسلامية خالصة ، بعيداً عن كل التحيزات المحيطة ..

٤

الإهداء

* إلى المبعوث رحمة للعالمينصلى‌الله‌عليه‌وآله.

* إلى سادات البشر وقائد الأمم عليهم‌السلام.

* إلى صاحب الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة عجل الله تعالى فرجه الشريف.

* إلى السيدة فاطمة المعصومة عليها‌السلام.

أهدي جهدي المتواضع راجياً من الله تعالى ومنهم الرضا والقبول.

٥
٦

المقدمة

أولاً : تعريف الموضوع وبيان أهميته

الحج من العبادات المهمة في الإسلام بل من أركان الدين الحنيف ، حيث ورد في الحديث الشريف عن أبي جعفرعليه‌السلام : قال : (بني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ، وما نودي بشئ كما نودي بالولاية)(١).

وللحج آثار وبركات كبيرة جدا ، فهو مصدر قوة الدين وعظمة الإسلام واتحاد المسلمين ، ولهذا نرى التاكيد الكبير عليه من قبل ائمة المسلمينعليهم‌السلام بحيث ان الامام امير المؤمنين في وصيته في الساعات الأخيرة من حياته المباركة يقول مؤكدا : (الله الله في بيت ربكم لا تخلوه ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا)(٢). أي أن البلاء الإلهي سيشملكم دون إمهال وقال (فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك ... والحج تقوية ـ تقربة ـ للدين)(٤). وقال الصادقعليه‌السلام : (لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة)(٤).

__________________

(١) الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج ٢ : ص ١٨.

(٢) الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج ٧ : ص ٥١.

(٣) عبده : محمد عبده حسن خير الله : شرح نهج البلاغة : ج ٤ ، ص ٥٥.

(٤) الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج ٤ : ص ٢٧١.

٧

ولذا اكتسبت النيابة في الحج هذه الأهمية الكبرى والعظيمة في التشريع الإسلامي ، فبحث النيابة لا يقل أهمية عن أصل موضوع الحج ، فشريعة الدين الإسلامي تستوعب مجالات الحياة كافة : عبادية ، ودنيوية ، في علاقة الانسان بربه وعلاقته باخيه الانسان ومن مظاهر هذا الاستيعاب والشمول هو وضع الحالة البديلة لمن عجز عن الحج او العمرة كلا او بعضا والمسماة بالنيابة في الحج او العمرة ورسم لها تشريعاتها واحكامها ووضع لكل حالة من حالاتها حكما مناسبا لها وذلك في ضوء استيعاب التشريع وسماحته وسهولته كما قال تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)(١) وكما جاء في الخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة)(٢)؛ ولذا فالله تعالى أكرم العباد فجعل من الواجبات مايقضى بعد وقته ، ومنها ماتصح فيه الوكالة ، ومنها ماله بدل يقوم مقامه ، وبعضها يسقط بالعجز عن الإتيان به. ومن هذه الأحكام التي جاءت مخرجا للعباد وتسهيلا

__________________

(١) سورة الروم : الاية ٣٠.

(٢) الكليني : محمد بن يعقوب : الكافي : ج ٥ : ص ٤٩٤.

٨

لهم النيابة في الحج وقد تعرض الفقهاء الى هذا الموضوع وأبرزوا أهميته في الفقه الاسلامي احكامه وتفريعاته والعلاجات المناسبة لكل حالة من حالاته من قبيل اصل مشروعية النيابة في الحج ، او العمرة ومشروط النائب والمنوب عنه ، ووضع العلاج لحالات مخالفات النائب ، وسوف نقوم بدراسة وبحث هذا الموضوع بكل ما يرتبط به من احكام وشرائط وفق المذهب الأمامي الاثنى عشري.

ثانيا : أسباب إختيار الموضوع

١ ـ بسبب عدم الالتفات الى تفاصيل بعض الأحكام الشرعية ، وصعوبة الوصول اليها من قبل بعض المكلفين اصبحت الضرورة قائمة لجمعها وتدوينها في رسالة يسهل من خلالها توعية المؤمنين وتثقيفهم بزيادة بيان تلك الأحكام ، حتى يتسنى لهم فهمها ، والعمل بها.

٢ ـ عدم وجود كتاب مستقل بعنوان (النيابة في الحج وفق الفقه الإمامي الاثني عشري) ، ولذا عزمت أن اجمع متفرقات هذا الموضوع في هذه الرسالة وأبحث مبوبا له ومنظما لما دَوَّنَهُ علماؤنا الأعلام رضوان الله عليهم.

٣ ـ حاجة المكتبة الإسلامية لمثل هذا الموضوع(النيابة في

٩

الحج)اليوم حاجة ضروية ، وسوف يكون فتح بابٍ لموضوعات أخرى في الفقه الإسلامي ، يرجع إليه طلاب العلوم الإسلامية.

٤ ـ ان لمسألة النيابة في الحج الأثر الكبير في حياة الناس؛ من جهة كثرة الإبتلاء بها بسبب تكررها على المؤمنين كل عام ، ومن المعلوم ان المسائل الابتلائية مقدمة على غيرها في البحث ، وبسبب ندرة البحث فيها دفعني الشوق الى البحث عنها وسد الفراغ الحاصل فيها.

ثالثاً : أسئلة البحث

السؤال الرئيسي :

١ ـ ما مشروعية النيابة واحكامها في الحج.

٢ ـ ما شروط النائب ، والمنوب عنه ، والنيابة في الحج.

٣ ـ ما النيابة في العمرة واحكامها وفضلها.

الاسئلة الفرعية

١ ـ ما حقيقة الحج لغة واصطلاحا

٢ ـ ما الدليل على جواز اخذ الاجرة على النيابة في الحج

رابعا : فرضيات البحث

١ ـ النيابة اصل مشروع في الحج والعمرة

٢ ـ النيابة تحتاج الى شرائط خاصة في النائب والمنوب عنه

١٠

وأصل النيابة

٣ ـ النيابة الواجبة كما تكون عن الميت تكون عن الحي ضمن شروط خاصة ، واما في المستحب فهي مطلقة.

خامساً : سابقة البحث

بحسب تتبعي لا توجد دراسة كرسالة ماجستير أو دكتوراه في الفقه الشيعي تعرضت الى مسالة النيابة في الحج ، بالرغم من انها بحثت في باب الحج عند الفقهاء منذ زمن الشيخ المفيد رضوان الله عليه وإلى زماننا المعاصر في كتبهم الاستدلاليه والرسائل العمليه في كتاب الحج من رسائلهم العملية او مباحث الحج الاستدلالية ، ولكن هناك من تناول هذا الموضوع من زاوية اخرى ووفق مذهب آخر وهي (النيابة في الحج دراسة فقهية مقارنة) وفق المذهب السني لكلية الشريعة والدراسات الاسلامية لجامعة ام القرى في السعودية ، للباحث باسم بن عمر عبدالله قاضي ، وهي رسالة ماجستير ولكنهم لم يتعرضوا الى المذهب الشيعي من قريب او بعيد ، وهذا ديدنهم في عدم التعرض الى فكر أهل البيت عليهم السلام في أرائهم الفقهية ، بالاضافة الى انها لم تستوفِ موضوع البحث والمطالب التي نتعرض لها وفق الفقه الامامي.

١١

سادساً : الجديد في البحث

إن كان ثمة شيء جديد في البحث والرسالة ، فهو في تبويب هذا الموضوع وهو النيابة في الحج تبويبا سهلا يساعد الكثير على فهم النيابة في الحج ، وكذلك لم شتات هذه المسائل التي عادة لا تكون مبوبة بشكل يسهل على القاريء فهمها ، وكذلك فهي جاءت شاملة لكل ما طرح من مسائل في النيابة وهذا يعد شيئا جديدا في النيابة.

سابعاً : أسلوب البحث

١ ـ إتبعنا في كتابة الرسالة المنهج الوصفي الاستدلالي المقارن الذي يعتمد على أقوال الفقهاء في المسائل المختلفة.

٢ ـ إكتفينا باستعراض الاقوال مع ادلتها وبيان الرأي في المسائل ، ولم نقم بعملية ترجيح الاقوال بعضها على البعض الاخر ، وذلك لان رسالة الماجستير لا تقتضي إعمال النظر وتقديم بعض الاقوال على البعض الاخر.

ثامنا : هيكلية البحث

قسم البحث على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة.

تضمنت المقدمة بيان الموضوع وسبب اختياره وبيان الأسلوب المتبع وسؤاله الأصلي والأسئلة الفرعية ، بالاضافة الى سابقة البحث

١٢

والجديد فيه ومنهجية البحث.

وأما الفصل الأول : والذي جاء بعنوان مباحث تمهيدية ، فقد تعرضت فيه الى النيابة في اللغة والاصطلاح ، ومشروعية النيابة بشكلها العام ، والحج وشروطه وفضله ، والفقه الإمامي ونشأته وأدواره.

وأما الفصل الثاني : فقد تناولت فيه مشروعية النيابة في الحج ، وجواز اخذ الاجرة على الأعمال القربية ، وكذلك كيفية استحقاق الأجرة على النيابة في الحج.

واما الفصل الثالث : فقد تطرقنا الى شرائط النيابة ، وشرائط المنوب عنه والنائب لما لهذه الأبحاث من أهمية كبرى في موضوع النيابة ، وأنها المدار في موضوع النيابة في الحج ، ومخالفات النائب.

وأما الفصل الرابع : فكان النيابة في العمرة المفردة وحكمها وفضلها ، والنيابة في بعض المناسك كالطواف ، ورمي الجمار ، والهدي.

١٣
١٤

الفصل الأول

مباحث تمهيدية

المبحث الاول

تعريف الحج وشروطه وفضله

المطلب الاول : تعريف الحج لغة واصطلاحا

اولا : الحج لغة :

يتفق اهل اللغة على ان الحج هو قصد الشيء.

قال صاحب اللسان : (الحجُّ : القصد ، حجَّ إلينا فلانٌ : قدم ، وحجَّه يحجُّه حجاً : قصده)(١).

وقال الفيروزآبادي : (الحجُّ : القصدُ والكفُّ)(٢).

وقال صاحب مختار الصحاح : (الْحَجُّ فِي الْأَصْلِ الْقَصْدُ)(٣).

وقال الراغب : الحج : (القصد للزيارة

قال المخبل السعدي :

__________________

(١) ابن منظور : محمد بن مكرم بن علي : لسان العرب : ج ٢ : ص ٢٢٦. الفيومي المقري : أحمد بن محمد بن علي : المصباح المنير : ج ١ ، ص ١٢١.

(٢) الفيروز آبادي : محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم : القاموس المحيط : ص ٢٣٤.

(٣) عبدالقادر : محمد بن عبدالقادر : مختار الصحاح : ص ٧٣.

١٥

وَأَشْـهَدُ مِـنْ عَـوْفٍ حُـلُولًا كَثِـيرَةً , يَحُجُّـونَ سَـبَّ الزِّبْرِقَـانِ الْمُزَعْفَـرَا)(١)

ثانيا : الحجَ اصطلاحا

عرف الفقهاء الحج بتعاريف عدة سوف نقتصر على بعضها.

١ ـ قال الشيخ الطوسي : (الحج في الشريعة عبارة عن قصد البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة على وجه مخصوص في أزمان مخصوصة ممن كان على صفة مخصوصة)(٢).

٢ ـ وقال العلامة الحلي : (عبارة عن قصد البيت الحرام لأداء المناسك في زمان معيّن)(٣).

٣ ـ وقال المحقق الحلي الأسلم أن يقال في تعريف الحج : (الحج اسم لمجموع المناسك المؤادة في المشاعر المخصوصة)(٤).

__________________

(١) الراغب الاصفهاني : الحسين بن محمد بن المفضل : مفردات ألفاظ القرآن : ص ٢١٨. ابن منظور : محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل : لسان العرب : ج ٢ : ص ٢٢٦.

(٢) الطوسي : أبو جعفر محمد بن الحسن : الاقتصاد : ص ٢٩٧.

(٣) العلامة الحلي : الحسن بن يوسف : تحرير الاحكام : ج ١ : ص ٥٣٣

(٤) المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : المعتبر : ج٢ : ٧٤٥ ـ ٧٤٧.

١٦

وهذا التعريف مختار المحقق في باقي كتبه(١).

وأشكل المحقق الحلي على تعريف الشيخ الطوسي : فقال : (ربما كان نظره إلى قوله تعالى (ولله على الناس حج البيت) (٢). وليس تسميته قصد البيت حجا يلزم أن يكون هو كل الحج ، ويلزم على قول الشيخ أن يخرج عرفة عن الحج ، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله (الحج عرفة) (٣). والإجماع على كونها ركنا من الحج)(٤).

ثم قال صاحب الحدئق : وقد أورد على كل من التعريفين إيرادات ليس للتعرض لها مزيد فائدة(٥).

وبرغم ذلك فقد اختار اكثر الفقهاء فيما بعد المحقق الحلي

__________________

(١) المحقق الحلي ، جعفر بن الحسن : المختصر النافع ، ص ٧٥ ، وكذلك انظر : المحقق الحلي : جعفر بن الحسن : شرائع الإسلام : ج ١ : ص ١٦٣.

(٢) سورة ال عمران : الاية ٩٧.

(٣) الميرزا النوري : حسين بن محمد : مستدرك الوسائل : ج١٠ : ص ٣٤.

(٤) وقد ذكر الشهيد الثاني قدس‌سره في المسالك عدة ايرادات واجاب عنها.

انظر : الشهيد الثاني : زين الدين بن علي الجبعي العاملي : مسالك الافهام : ج٢ : ص ١٢٠ ـ ١٢١.

(٥) المحقق البحراني : الحدائق الناظرة : ج١٤ ، ص ٢.

١٧

التعريف المختار للمحقق(١).

المطلب الثاني : حكم الحج(٢)

__________________

(١) انظر الفاضل الآبي : زين الدين أبي علي الحسن : كشف الرموز : ج ١ : ص ٣٢٤. وكذلك العاملي : محمد بن علي بن الحسين : مدراك الاحكام : ج ٧ : ص ٥. ابن فهد الحلي : احمد بن فهد : المهذب البارع : ج٢ ، ص ١١٧. الجزائري : عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله : التحفة السنية (مخطوط) : ص ١٧٥. المحقق البحراني : يوسف بن أحمد بن إبراهيم : الحدائق الناظرة : ج١٤ : ص ٢. الطباطبائي : علي بن السيد محمّد علي : رياض المسائل : ج ٦ : ص ٥.

(٢) عرف الشهيدمحمد باقر الصدر قدس‌سره : : (من أن الحكم الشرعي هو التشريع الصادر من الله لتنظيم حياة الانسان سواء كان متعلقاً بأفعاله أو بذاته أو بأشياء أخرى داخلة في حياته)الصدر ,محمد باقر , المعالم الجديدة للأصول, ص ٩٩ ـ ١٠٠,الناشر : مكتبة النجاح ـ طهران,المطبعة : مطبعة النعمان ـ النجف الأشرف,الطبعة : الثانية, سنة الطبع : ١٣٩٥ ـ ١٩٧٥ م.

وقد قسم الحكم الى تكليفي ووضعي.

الاول : التكليفي : (الحكم الشرعي المتعلق بأفعال الانسان والموجه لسلوكه مباشرة في مختلف جوانب حياته الشخصية والعبادية والعائلية والاجتماعية التي عالجتها الشريعة ونظمتها جميعا ، كحرمة شرب الخمر ووجوب الصلاة ووجوب الانفاق على بعض الأقارب ، وإباحة إحياء الأرض ، ووجوب العدل على الحاكم).

الثاني : الوضعي : (الحكم الشرعي الذي لا يكون موجها مباشرا للإنسان في أفعاله وسلوكه ، وهو كل حكم يشرع وضعا معينا يكون له تأثير غير مباشر في سلوك الانسان ، من قبيل الاحكام التي تنظم علاقات الزوجية ، فإنها تشرع بصورة مباشرة

١٨

يمكن تقسيم الحج الى قسمين الحج الواجب والحج المستحب.

القسم الاول : الحج الواجب وفيه عدة امور

الامر الاول : دليل الحج من القرآن

قال تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)(١).

ذهب الفقهاء وكذلك المفسرون على دلالة الآية المباركة على وجوب الحج والاستطاعة نوعان : عقلية ، وهي مجرد إمكان

__________________

علاقة معينة بين الرجل والمرأة وتؤثر بصورة غير مباشرة في السلوك وتوجهه لان المرأة بعد أن تصبح زوجة مثلا تلزم بسلوك معين تجاه زوجها ، ويسمى هذا النوع من الاحكام بالأحكام الوضعية. والارتباط بين الأحكام الوضعية والاحكام التكليفية وثيق ، إذ لا يوجد حكم وضعي إلا ويوجد إلى جانبه حكم تكليفي ، فالزوجية حكم شرعي وضعي توجد إلى جانبه احكام تكليفية وهي وجوب إنفاق الزوج على زوجته ووجوب التمكين على الزوجة ، والملكية حكم شرعي وضعي توجد إلى جانبه احكام تكليفية من قبيل حرمة تصرف غير المالك في المال إلا بإذنه ، وهكذا) الصدر ,محمد باقر , دروس في علم الاصول, ج١, ص ٥٣, الناشر : دار الكتاب اللبناني ـ بيروت ـ لبنان / مكتبة المدرسة ـ بيروت ـ لبنان,الطبعة : الثانية,سنة الطبع : ١٤٠٦ ـ ١٩٨٦ م.

(١) آل عمران : الاية ٩٧.

١٩

الوصول إلى مكة ، وهذه ليست بشرط. وشرعية ، وهي القدرة الصحية والمالية ، والأمن على النفس والمال ، والرجوع إلى كفاءة ، فإذا تم ذلك كان الحج حتما وفرضا.

قال السيد الطباطبائي : (والآية تتضمن تشريع الحج إمضاءا لما شرع لإبراهيم عليه السلام كما يدل عليه قوله تعالى حكاية لما خوطب به إبراهيم وأذن في الناس بالحج الآية : الحج ـ ٢٧ ومن هنا يظهر أن وزان قوله ولله على الناس إلخ وزان قوله تعالى ومن دخله كان آمنا في كونه إخبارا عن تشريع سابق وإن كان من الممكن أن يكون إنشاء على نحو الامضاء لكن الاظهر من السياق هو الأول كما لا يخفى ، وقوله تعالى ومن كفر فإن الله غني عن العالمين الكفر هنا من الكفر بالفروع نظير الكفر بترك الصلاة والزكاة فالمراد بالكفر الترك والكلام من قبيل وضع المسبب أو الأثر مقام السبب أو المنشأ كما أن قوله فإن الله غني إلخ من قبيل وضع العلة موضع المعلول والتقدير ومن ترك الحج فلا يضر الله شيئا فإن الله غني عن العالمين)(١).

الامر الثاني : الدليل الحج من السنة

__________________

(١) السيد الطباطبائي : محمد حسين : الميزان : ج٣ : ص ٣٣٥.

٢٠