تفسير غريب القرآن

أبي محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري

تفسير غريب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري


المحقق: الشيخ إبراهيم محمّد رمضان
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

سورة المنافقون

مدنية كلها

٢ ـ (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) أي استتروا بالحلف : كلّما ظهر [النبيّ] على شيء منهم يوجب معاقبتهم ، حلفوا كاذبين.

ومن قرأ : (إيمانهم) بكسر الألف ، أراد : تصديقهم بالله جنة [ووقاية] من القتل.

٤ ـ (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) (١) : جمع «خشبة». كما يقال : بدنة وبدن ، وأكمة وأكم ، ورحمة ورحم. ومن المعتل : قادة وقود.

ومن قرأ : (خشب). جعله جمعا ل «خشب» ، [وخشب جمع «خشبة». مثل ثمرة وثمر وثمر.

(يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) أي كلما صلح صائح ، ظنّوا ان ذاك امر عليهم : جبنا [منهم]. كما قال الشاعر :

ولو أنها عصفورة لحسبتها

مسومة تدعوا عبيدا وأزنما

أي لو طارت عصفورة لحسبتها ـ من جبنك ـ خيلا تدعو هاتين القبيلتين.

ثم قال : (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ). أي فهم الأعداء.

__________________

(١) خشب بضمتين هي قراءة الجمهور وهناك قراءة بفتح الخاء والشين.

٤٠١

سورة التغابن

مكية إلا ثلاث آيات (١)

من قوله : (... إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ) إلى قوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) نزلت بالمدينة.

١١ ـ (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) يقال : «إذا ابتلي صبر ، وإذا أنعم عليه شكر ، وإذا ظلم غفر».

١٥ ـ (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) أي إغرام ، كما يقال : فتن فلان بالمرأة وشغف بها.

وأصل «الفتنة» : البلوي والاختبار.

١٦ ـ (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) قال ابن عيينة : «الشّح» : الظلم. وليس الشح ان تبخل بما في يدك ، لأن الله تعالى يقول : (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) [سورة الحمد آية : ٣٨]».

__________________

(١) وقيل أنها مدنية.

٤٠٢

سورة الطلاق

مدنية كلها

١ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) الخطاب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والمراد هو والمؤمنون.

(وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) يريد : الحيض. ويقال : الأطهار.

(لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) : التي طلّقن فيها ، (وَلا يَخْرُجْنَ) من قبل انفسهن ، (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) : فتخرج ليقام عليها الحدّ.

(لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) أي لعل الرجل يرغب فيها قبل انقضاء العدّة ، فيتزوجها.

٢ ـ (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ...) أي منتهي العدّة ـ : فإمّا امسكتم عن الطلاق فكنّ أزواجا ، او فارقتم فراقا جميلا لا إضرار فيه.

٤ ـ (إِنِ ارْتَبْتُمْ) أي شككتم.

٦ ـ (مِنْ وُجْدِكُمْ) أي بقدر سعتكم.

و «والوجد» : المقدرة والغني ، يقال : افتقر فلان بعد وجد.

(وَلا تُضآرُّوهُنَ) قد بيناه في سورة البقرة.

٤٠٣

(وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) أي همّوا به ، واعزموا عليه.

ويقال : هو ان لا تضرّ المرأة بزوجها ، ولا الزوج بالمرأة.

(وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ) أي تضايقتم.

٧ ـ (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) أي ضيّق.

٨ ـ (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) أي كم من قرية.

(عَذاباً نُكْراً) أي منكرا.

٩ ـ (وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً) أي هلكة.

٤٠٤

سورة التحريم

مدنية كلها

٢ ـ (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) ، أي أوجب لكم الكفارة.

٤ ـ (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) أي عدلت ومالت.

(وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) أي تتعاونا عليه ، (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ) ، أي وليّه.

٥ ـ (قانِتاتٍ) : مطيعات.

(سائِحاتٍ) : صائمات.

ويرى اهل النظر أنه إنما سمي الصائم سائحا : تشبيها بالسائح الذي لا زاد معه.

[و] قال الفراء : تقول العرب للفرس ـ إذا كان قائما لا علف بين يديه ـ : صائم ، وذلك : ان له قوتين غدوة وعشية ، فشبّه به صيام الآدميّ بتسحره وإفطاره.

٦ ـ قوله : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) أي قوا أنفسكم النار : بطاعة الله ورسوله ، وقوا أهليكم النار : بتعليمهم وأخذهم بما ينجيهم منها.

٨ ـ (تَوْبَةً نَصُوحاً) أي تنصحون فيها لله ، ولا تدهنون.

١٢ ـ (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) : المطيعين لله عزوجل.

٤٠٥

سورة الملك (١)

٢ ـ (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) أي ليختبركم.

٣ ـ (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) أي اضطراب واختلاف.

وأصله من «الفوت» وهو : أن يفوت شيء شيئا ، فيقع الخلل ولكنه متصل بعضه ببعض.

(هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ؟) أي من صدوع. ومنه يقال : فطر ناب البعير ، إذا شقّ اللحم وظهر.

٤ ـ (خاسِئاً) : مبعدا. من قولك : خسأت الكلب ، إذا باعدته.

(وَهُوَ حَسِيرٌ) أي كليل منقطع عن أن يلحق ما نظر إليه.

٨ ـ (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) أي تنشقّ غيظا على الكفار.

١١ ـ (فَسُحْقاً) أي بعدا.

١٥ ـ (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها) أي جوانبها. «ومنكبا الرجل» : جانباه.

__________________

(١) هي مكية.

٤٠٦

١٦ ـ (فَإِذا هِيَ تَمُورُ) أي تدور ، كما يمور السحاب : إذا دار وجاء وذهب.

١٧ ـ (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) أي إنذاري.

١٨ ـ وكذلك : (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي إنكاري.

١٩ ـ (صافَّاتٍ) : باسطات أجنحتهن ، (وَيَقْبِضْنَ) : يضربن بها جنوبهن.

٢٢ ـ (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) : لا يبصر يمينا ، ولا شمالا ، ولا ما بين يديه. يقال : أكبّ فلان على وجهه (بالألف) ، وكبّه الله لوجهه. وأراد : الأعمى.

٢٧ ـ (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً) أي قريبا منهم. يقول : لمّا رأوا ما وعدهم الله قريبا منهم ، (سِيئَتْ ...) وجوههم ، (وَقِيلَ) لهم : (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) أي تدعون. وهو «تفتعلون» من الدعاء. يقال : دعوت وادّعيت ، كما يقال : خبرت واختبرت ، ودخرت وادّخرت.

٣٠ ـ (أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) أي غائرا ، وصف بالمصدر. يقال : ماء غور. ولا يجمع ، ولا يثنّي ، ولا يؤنّث. كما يقال : رجل صوم ورجال صوم ، ونساء صوم.

(فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) أي ظاهر. وهو «مفعول» من العين ، [كمبيع من البيع]. وقد تقدم ذكر هذا.

٤٠٧

سورة القلم (١)

١ ـ (ن). قال قتادة والحسن : هي الدواة.

ويقال : الحوت تحت الأرض.

وقد ذكرت الحروف المقطّعة في كتاب «تأويل مشكل القرآن».

(وَما يَسْطُرُونَ) أي يكتبون.

٣ ـ (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) أي غير مقطوع [ولا منقوص]. يقال : مننت الحبل ، إذا قطعته.

٦ ـ (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ؟!) أي ايّكم المفتون؟ [أي الذي فتن بالجنون]. والباء زائدة. كما قال الراجز :

نضرب بالسيف ونرجو بالفرج

أي نرجو الفرج.

وقال الفراء : «و [قد] يكون (الْمَفْتُونُ) بمعنى : الفتنة ، كما يقال : ليس له معقول ـ أي عقل ـ ولا معقود ، أي رأي. وأراد : الجنون».

__________________

(١) هي مكية.

٤٠٨

٩ ـ (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ) أي : تداهن [وتلين لهم] في دينك (فَيُدْهِنُونَ) : [فيلينون] في أديانهم (١).

وكانوا أرادوه على أن يعبد آلتهم مدة ، ويعبدوا الله مدة.

١٠ ـ (المهين) : الحقير الدنيء.

١١ ـ (هَمَّازٍ) : عيّاب.

١٢ ـ (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) بخيل ، (مُعْتَدٍ) : ظلوم.

و (العتل) : الغليظ الجافي. نراه من قولهم : فلان يعتل ، إذا غلّظ عليه وعنّف به في القود : و (الزينم) : الدّعيّ.

وقد ذكرت هذا في كتاب «تأويل المشكل» ، وتأويل قوله : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ).

١٧ ـ (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ ، [وَلا يَسْتَثْنُونَ]) أي حلفوا ليجذنّ ثمرها صباحا ، ولم يستثنون.

٢٠ ـ (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) أي سوداء كالليل محترقة. و «الليل» هو : الصّريم ، و «الصبح» أيضا : صريم. لأن كل واحد منهما ينصرم من صاحبه.

ويقال : «أصبحت : وقد ذهب ما فيها من الثمر ، فكأنه صرم» ، أي قطع وجذّ.

٢٣ ـ و ٢٤ ـ (وَهُمْ يَتَخافَتُونَ) أي تسارّون : ب (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ).

٢٥ ـ (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ) أي منع. و «الحرد» و «المحاردة» :

__________________

(١) روي أن الكفار قالوا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو عبد آلهتنا لعبدنا إلهك فنزلت الآية.

٤٠٩

المنع. يقال : حاردت السّنة ، إذا لم يكن فيها مطر. وحاردت الناقة : إذا لم يكن لها لبن.

و «الحرد» أيضا : القصد. يقال للرجل : لئن حردت حردك ، أي قصدت قصدك. ومنه قول الشاعر :

أمّا إذا حردت حردي فمجرية

أي إذا قصدت قصدي.

ويقال : (عَلى حَرْدٍ) أي على حرد. وهما لغتان ، كما يقال : الدّرك والدّرك. قال الأشهب بن رميلة :

أسود شري لاقت أسود خفية

تساقوا على حرد دماء الأساود

(قادِرِينَ) أي منعوا : وهم قادرون ، أي واجدون.

٢٨ ـ (قالَ أَوْسَطُهُمْ) أي خيرهم [فعلا] ، وأعد لهم قولا ـ : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ : لَوْ لا تُسَبِّحُونَ؟!) أي هلا تسبحون.

٤٠ ـ (أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) أي كفيل. يقال : زعمت به أزعم [زعما وزعامة] ، إذا كفلت.

٤٢ ـ (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) ، أي عن شدة من الأمر ، قال الشاعر :

في سنة قد كشفت عن ساقها

حمراء تبري اللحم عن عراقها

«عراقها» : جمع «عرق». والعراق : العظام.

ويقال : «قامت الحرب على ساق».

وأصل هذا مبيّن في كتاب «تأويل المشكل».

٤٣ ـ (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) : تغشاهم.

٤١٠

٤٤ ـ (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) أي نأخذهم قليلا قليلا ، ولا نباغتهم.

٤٥ ـ (وَأُمْلِي لَهُمْ) أي أطيل لهم وأمهلهم ، (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) أي شديد. و «الكيد» : الحيلة والمكر.

٤٨ ـ (وَهُوَ مَكْظُومٌ) من الغمّ. و «كظيم» مثله.

٤٩ ـ (العراء) : الأرض التي لا تواري من فيها بجبل ولا شجر.

٥١ ـ (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ).

قال الفراء : «يعتانونك أي يصيبونك بأعينهم» ، وذكر : «أن الرجل من العرب كان يمثل على طريق الإبل ـ إذا صدرت عن الماء ـ فيصيب منها ما أراد بعينه ، حتى يهلكه». هذا معنى قوله ، وليس هو بعينه.

ولم يرد الله جل وعز ـ في هذا الموضع ـ انهم يصيبونك بأعينهم ، كما يصيب العائن بعينه ما يستحسنه ويعجب منه.

وإنما أراد : أنهم ينظرون إليك ـ إذا قرأت القرآن ـ نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء ، يكاد يزلقك ، أي يسقطك كما قال الشاعر :

يتقارضون ـ إذا التقوا في موطن ـ

نظرا يزيل مواطىء الأقدام

٤١١

سورة الحاقة (١)

١ ـ (الْحَاقَّةُ) : القيامة ، [لأنها] حقّت. فهي حاقة وحقّة.

قال الفراء : إنما قيل لها حاقة : لأن فيها حواق الأمور [والثواب. و «الحقة» : حقيقة الأمر. يقال : لما عرفت الحقة متى هربت. هي مثل الحاقة (٢).

٥ ـ (فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) أي بالطغيان.

٧ ـ (حُسُوماً) : تباعا. ويقال : هو من «حسم الداء» [إذا كوي صاحبه] : لأنه يكوي مرة بعد مرة ، يتابع عليه الكيّ.

(أَعْجازُ نَخْلٍ) : أصول نخل (٣) ، (خاوِيَةٍ) : بالية.

٨ ـ (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ؟!) أي أثر.

ويقال : هل ترى لهم من بقاء؟.

٩ ـ (بِالْخاطِئَةِ) أي بالذنوب.

١٠ ـ (أَخْذَةً رابِيَةً) : عالية مذكورة.

١٢ ـ (وَتَعِيَها) من «وعت الأذن».

__________________

(١) هي مكية.

(٢) قال ابن عباس : الحاقة من اسماء يوم القيامة عظمها الله وحذرها عباده.

(٣) قاله الطبري.

٤١٢

١٧ ـ (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) أي على جوانبها [ونواحيها].

١٩ ـ (فَيَقُولُ : هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ). يقال : «بمعنى هاكم اقرؤوا كتابيه» ، أبدلت الهمزة من الكاف.

٢٣ ـ (قُطُوفُها دانِيَةٌ) : ثمرها. واحدها : «قطف».

٢٧ ـ (يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ) أي المنية.

٣٥ ـ (إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) وهو «فعلين» من غسلت ، كأنه غسالة.

ويقال : «هو : ما يسيل من صديد أجسام المعذّبين».

٤٠ ـ (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ). لم يرد انه قول الرسول ، وإنما أراد : أنه قول رسول عن الله جل وعز. وفي «الرسول» ما دل على ذلك ، فأكتفي به من ان يقول : عن الله.

٤٥ ـ (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) مفسر في كتاب «تأويل المشكل».

٤٦ ـ و (الْوَتِينَ) : نياط القلب (١) ، وهو : عرق يتعلق به القلب ، إذا انقطع مات صاحبه.

__________________

(١) قاله الطبري. والوثين عرق يتعلق به القلب إذا انقطع مات صاحبه.

٤١٣

سورة المعارج

مكية

١ ـ و ٢ ـ و ٣ ـ (سَأَلَ سائِلٌ) : سأل سائل. أي دعا داع (١) ، (بِعَذابٍ واقِعٍ ، لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ، مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) يريد : معارج الملائكة.

وأصل «المعارج» : الدّرج ، وهو من «عرج» : إذا صعد.

٨ ـ (المهل) : ما أذيب من الفضة والنّحاس.

٩ ـ (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) أي كالصوف. وذلك : أنها تبسّ.

١٠ ـ و ١١ ـ (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) أي لا يسأل ذو قرابة عن قرابته ، ولكنهم (يُبَصَّرُونَهُمْ) أي يعرفونهم.

١٣ ـ و (فَصِيلَتِهِ) : عشيرته الأدنون.

١٦ ـ (نَزَّاعَةً لِلشَّوى) يريد : جلود الرءوس. واحدها : «شواة».

١٩ ـ (الهلوع) : الشديد الجزع. والاسم «الهلاع». ومنه يقال : ناقة هلواع ، إذا كانت ذكية حديدة النفس.

__________________

(١) والسائل هو نضر بن الحارث كان من صناديد قريش وطواغيتها.

٤١٤

ويقال : «الهلوع» : الضّجور (١).

٣٧ ـ (عِزِينَ) جمعات.

٤٣ ـ (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ) و «النّصب» : حجر ينصب ويذبح عنده ، أو صنم يقال له : نصب ونصب ونصب. (يُوفِضُونَ) : يسرعون. و «الإيفاض» : الإسراع.

__________________

(١) وهو قول عكرمة وابن عباس.

٤١٥

سورة نوح (١)

١٣ ـ (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً؟!) أي لا تخافون له عظمة.

١٤ ـ (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) أي ضروبا ، يقال : نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظما.

ويقال : بل أراد اختلاف الأخلاق والمناظر.

٢٢ ـ (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) أي كبيرا. يقال : كبير وكبار وكبّار ، كما يقال : طويل وطوال وطوّال.

٢٣ ـ و (ود) صنم. ومنه كانت تسمى : العرب عبد ود.

وكذلك : (يَغُوثَ). ومنه سمي : عبد يغوث.

و (سواع) و (يَعُوقَ) و (نسر) كلها : أصنام كانت لقوم نوح عليه‌السلام ، ثم صارت في قبائل العرب (٢).

__________________

(١) هي مكية.

(٢) هي اسماء أصنام كان يعبدها قوم نوح وهي اسماء لأناس صالحين لما ماتوا نحتوا لهم تماثيل ليتذكروا أعمالهم الصالحة ثم جاء من بعدهم فعبدوها من دون الله.

وأخرج البخاري عن عطاء عن ابن عباس قال : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ، أما ودّ كانت لكلب بدومة الجندل ، وأما سواع كانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ وأما يعوق فكانت لهمذان وأما نسر فكانت لحمير.

٤١٦

(مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) أي من خطيئاتهم ، و «ما» زائدة.

٢٦ ـ (دَيَّاراً) أي أحدا. ويقال : ما بالمنازل ديار ، أي ما بها أحد. وهو من «الدار» ، أي ليس بها نازل دار.

٢٨ ـ (إِلَّا تَباراً) أي إلا هلاكا. ومنه قوله : (وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) [سورة الفرقان آية : ٣٩].

٤١٧

سورة الجن (١)

١ ـ (نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) يقال : «النفر» ما بين الثلاثة إلى العشرة.

٣ ـ (وَأَنَّهُ ـ تَعالى جَدُّ رَبِّنا! ـ مَا اتَّخَذَ ...) قال مجاهد : جلال ربنا.

وقال قتادة : عظمته.

وقال أبو عبيدة ملكه وسلطانه.

٤ ـ ([يَقُولُ] سَفِيهُنا) : جاهلنا ، (عَلَى اللهِ شَطَطاً) أي جورا في المقال.

٦ ـ (فَزادُوهُمْ رَهَقاً) أي ضلالا.

وأصل «الرّهق» : العيب. ومنه يقال : يرهّق في دينه (٢).

٨ ـ (والشهب) : جمع «شهاب» ، وهو : النجم المضيء.

٩ ـ و (الشهاب الرصد) : الذي قد أرصد به للرّجم.

١١ ـ (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) أي كنا فرقا مختلفة أهواؤنا.

__________________

(١) هي مكية.

(٢) الرهق في كلام العرب : الإثم وغشيان المحارم.

٤١٨

و «القدد» : جمع «قدة» ، وهي بمنزلة قطعة وقطع [في التقدير والمعنى].

١٢ ـ (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ) أي استيقنا.

١٣ ـ (فَلا يَخافُ بَخْساً) ، أي نقصا من الثواب ، (وَلا رَهَقاً) أي ظلما.

وأصل «الرهق» : ما رهق الإنسان من عيب أو ظلم.

١٤ ـ و (الْقاسِطُونَ) : الجائرون. يقال : قسط ، إذا جاز. وأقسط : إذا عدل.

(فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) أي توخّوه وأمّوه.

١٦ ـ (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) يقال : طريقة الكفر ، (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً). و «الغدق» : الكثير. وهذا مثل «لزدناهم في أموالهم ومواشيهم». ومثله : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً) [سورة الزخرف آية : ٣٣] ، أي كفرة كلهم. هذا بمعنى قول الفراء.

وقال غيرة : «وأن لو استقاموا على الهدى جميعا : لأوسعنا عليهم».

١٧ ـ (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) أي لنختبرهم ، فنعلم كيف شكرهم.

(يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً) ، أي عذابا شاقا. يقال : تصعدني الأمر ، إذا شقّ عليّ.

ومنه قول عمر : «ما تصعّدني شيء ما تصعّدتني خطبة النكاح».

ومنه قوله : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) [سورة المدثر آية : ١٧] أي عقبة شاقة.

ونرى أصل هذا كلّه من «الصّعود» : لأنه شاقّ ، فكنّي به عن المشقات.

٤١٩

١٨ ـ (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) أي السّجود لله. هو جمع «مسجد» ، يقال : سجدت سجودا ومسجدا ، كما يقال : ضربت في البلاد ضربا ومضربا. ثم يجمع فيقال : المساجد لله. كما يقال : المضارب في الأرض لطلب الرزق.

١٩ ـ (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) أي لمّا قام النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يدعو إليه ، (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) أي يلبدون به [ويتراكبون] : رغبة في القرآن ، وشهوة لأستماعه.

وهو جمع «لبدة» ، يقال : غشيته لبة من الحرام ، أي قطعة لبدت به.

٢٢ ـ (وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) أي معدلا وموئلا.

٢٣ ـ (إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ) هذا استثناء من (لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً [٢١]) : إلا أن أبلغكم.

٢٥ ـ (أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) أي غاية.

٢٦ ـ و ٢٧ ـ (عالِمُ الْغَيْبِ ، فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) أي اصطفي للنبوة والرسالة : فإنه يطلعه على ما شاء من غيبه ، (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) أي يجعل بين يديه وخلقه (رَصَداً) من الملائكة : يدفعون عنه الجن أن يسمعوا ما ينزل به الوحي ، فيلقوه إلى الكهنة قبل أن يخبر [به] النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الناس.

٢٨ ـ (لِيَعْلَمَ) محمد أن الرسل قد بلّغت عن الله عزوجل ، وأن الله حفظها ودفع عنها ، وأحاط بما لديها.

ويقال : ليعلم محمد أن الملائكة ـ يريد جبريل ـ قد بلّغ رسالات ربه.

ويقرأ : لتعلم بالتاء. يريد : لتعلم الجنّ ان الرسل قد بلّغت [عن] إلههم بما ودّوا : من استراق السمع.

٤٢٠