تفسير غريب القرآن

أبي محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري

تفسير غريب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري


المحقق: الشيخ إبراهيم محمّد رمضان
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

٤٢ ـ و (الأصيل) : ما بين العصر إلى الليل.

٤٣ ـ (يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) أي يبارك عليكم. ويقال : يغفر لكم.

(وَمَلائِكَتُهُ) أي تستغفر لكم.

(آتَيْتَ أُجُورَهُنَ) أي : وعورهن.

(تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) أي تؤخر. يهمز ولا يهمز. يقال : أرجيت الأمر وأرجأته. (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) أي تضمّ.

قال الحسن : «كان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إذا خطب امرأة ، لم يكن لأحد أن يخطبها حتى يدعها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، او يتزوجها».

ويقال : «هذا في قسمة الأيام بينهن ، كان يسوّي بينهن قبل ، ثم نزل. [أي] توخر من شئت ، فلا تقسم له. وتضمّ إليك من شئت ، بغير قسمة».

٥٢ ـ (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ ، وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) قصره على أزواجه ، وحرم عليه ما سواهنّ ، إلا ما ملكت يمينه من الإماء.

٥٣ ـ (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) أي منتظرين وقت إدراكه.

٥٩ ـ (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) أي يلبسن الأردية.

٦٠ ـ (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) أي لنسلطنّك عليهم ، ونولعنكّ بهم.

٧٠ ـ (قَوْلاً سَدِيداً) أي قصدا.

٧٢ ـ (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ) يعني : الفرائض ، (عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) بما فيها من الثواب والعقاب ، (فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها) ، وعرضت على الإنسان ـ بما فيها من الثواب والعقاب ـ فحملها.

٣٠١

وقال بعض المفسرين : «إن آدم لمّا حضرته الوفاة ، قال : يا ربّ! من استخلف بعدي؟ فقيل له : اعرض خلافتك على جميع الخلق ، فعرضها ، فكلّ أباها غير ولده».

٣٠٢

سورة سبأ

مكية كلها

٢ ـ (ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) أي يدخل.

(وَما يَعْرُجُ فِيها) أي يصعد.

٣ ـ (لا يَعْزُبُ عَنْهُ) : لا يبعد ، (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) أي وزن ذرة ، وهي : النملة الحمراء الصغيرة.

٥ ـ (مُعاجِزِينَ) أي مسابقين. يقال : ما أنت بمعاجزي ، أي بمسابقي. وما أنت بمعجزي ، أي سابقي وفائتي.

٩ ـ (كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) : قطعة. و «كسفا» : قطعا ، جمع كسفة.

١٠ ـ (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) أي سبحي. وأصله : التأويب في السير ، وهو : أن تسير النهار كله ، وتنزل ليلا. قال ابن مقبل :

[لحقنا بحي] أوبوا السير بعد ما

دفعنا شعاع الشمس ، والطرف يجنح

كأنه أراد : أوبي النهار كله بالتسبيح إلى الليل.

١١ ـ (السابغات) : الدروع الواسعة.

(وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) أي في النسج ، أي لا تجعل المسامير دقاقا فتقلق ، ولا غلاظا فتكسر الحلق. ومنه قيل لصانع [حلق] الدروع : سراد وزراد.

٣٠٣

تبدل من السين الزاي ، كما يقال : سراط وزراط.

والسّرد : الخرز أيضا. قال الشماخ :

كما تابعت سرد العنان الخوارز

ويقال للإثفي : مسرد وسراد.

١٢ ـ (وَأَسَلْنا لَهُ) أذبنا له. يقال : سال الشيء وأسلته.

والقطر : النحاس.

١٣ ـ (مَحارِيبَ) : مساجد (١).

و (الجوابي) : الحياض. جمع جابية قال الشاعر :

تروح على آل المحلق جفنة

كجابية الشيخ العراقي تفهق

(وَقُدُورٍ راسِياتٍ) : ثوابت في أماكنها تترك ـ لعظمها ـ ولا تنقل.

يقال : رسا [الشيء] ـ إذا ثبت ـ فهو يرسو. ومنه قيل للجبال : رواس (٢).

١٤ ـ (المنسأة) : العصا. وهي مفعلة ، من نسأت الدابة : إذا سقتها قال الشاعر :

إذا دببت على المنسأة من كبر

فقد تباعد عنك اللهو والعزل

__________________

(١) قال الطبري : يعمل الجن لسليمان ما يشاء من الأبنية ويعملون له تماثيل من نحاس وزجاج.

وقال الحسن البصري : لم تكن التماثيل يومئذ محرمة ، وقد حرمت في شريعتنا سدا للذريعة.

(٢) قال الطبري : وينحتون له ما يشاء الله أحواض الماء وقدور ثابتات لا يحركن لعظمهن.

٣٠٤

وقال الآخر :

وعنس كألواح الإران نسأتها

إذا قيل للمشبوبتين : هماهما

(فَلَمَّا خَرَّ) : سقط ، (تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) كان الناس يرون الشياطين تعلم كثيرا من الغيب والسر ، فلما خر سليمان تبينت الجن ، أي ظهر أمرها. ثم قال : (أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ، ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ).

وقد يجوز أن يكون (تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) أي علمت وظهر لها العجز. وكانت تسترق السمع ، وتلبس بذلك على الناس أنها تعلم الغيب ، فلما خرّ سليمان زال الشك في أمرها ، كأنها أقرت بالعجز.

وفي مصحف عبد الله : «تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب».

١٦ ـ (الْعَرِمِ) : المسناة. واحدها : عرمة قال الشاعر :

من سبأ الحاضرين مأرب ، إذ

يبنون من دون سيله العرما

(الأكل) : الثمر.

(الخمط) : شجر العضاه. وهي : كل شجرة ذات شوك (١).

وقال قتادة : الخمط : الأراك ، وبريره : أكله.

و (الأثل) : شبيه بالطرفاء (٢) ، إلا أنه أعظم منه.

__________________

(١) الخمط : كل شجرة لها شوك وثمرتها مرة ، وفسره الطبري بالأراك وهو مروي عن مجاهد والحسن.

(٢) نوع من الشجر الواحدة طرفة وبها سمي طرفة بن العبد.

٣٠٥

١٧ ـ (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) قال طاوس : يجازي ولا يغفر له ، والمؤمن لا يناقش الحساب.

١٨ ـ (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) أي جعلنا ما بين القرية والقرية مقدارا واحدا.

١٩ ـ (فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) أي عظة ومعتبرا. (وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ) أي فرقناهم في كل وجه. ولذلك قالت العرب للقوم إذا أخذوا في وجوه مختلفة : تفرقوا أيدي سبا. «وأيدي» بمعنى : مذاهب وطرق.

٢٠ ـ (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) وذلك أنه قال. لأضلنهم ولأغوينهم [ولأمنينهم] ولآمرنهم بكذا ، فلما اتبعوه [وأطاعوه]. صدق ما ظنه ، أي فيهم.

وقد فسرت هذا في كتاب «المشكل».

٢٣ ـ (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) : خفف عنها الفزع.

ومن قرأ : فزع أراد منها الفزع.

٢٤ ـ (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [هذا] كما تقول : أحدنا على باطل ، وأنت تعلم أن صاحبك على الباطل ، وأنك على الحق.

وقال أبو عبيدة : «معناها» إنك لعلى هدى ، وإنكم لفي ضلال مبين».

٢٦ ـ (ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِ) أي يقضي. [ومنه قوله تعالى] : (وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) [سورة الأعراف آية : ٨٩]. اي القضاة.

٢٦ ـ (إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) أي عامة.

٣٣ ـ (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي مكركم في الليل والنهار.

(وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) أي أظهروها يقال : أسررت الشيء : أخفيته ،

٣٠٦

وأظهرته. وهو من الأضداد.

٣٤ ـ (المترفون) : المتكبرون.

٣٧ ـ (تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) أي قربي ومنزلة عندنا.

(فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا). لم يرد فيما يرى أهل النظر ـ والله اعلم ـ أنهم يجازون على الواحد بواحد مثله ، ولا اثنين. وكيف يكون هذا ، والله يقول [سورة الأنعام آية : ١٦٠ ، وسورة النمل آية : ٨٩ ، وسورة القصص آية : ٨٤] : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) و (خَيْرٌ مِنْها)؟!!!.

ولكنه أراد لهم جزاء التضعيف. وجزاء التضعيف إنما هو مثل يضم إلى مثل ، إلى ما بلغ. وكأن «الضعف» : الزيادة ، أي لهم جزاء الزيادة.

ويجوز أن يجعل «الضعف» في معنى الجمع ، أي [لهم] جزاء الأضعاف. ونحوه : (عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) [سورة ص آية : ٦١] أي مضعفا.

٤٥ ـ (وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ) أي عشره.

(فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي إنكاري. وكذلك : (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) [سورة الملك آية : ١٧] ، أي إنذاري وجمعه : نكر ونذر.

٤٦ ـ (مَثْنى) أي اثنين اثنين ، (وَفُرادى) واحدا واحدا.

ويريد ب «المثنى» : أن يتناظروا في أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وب «فرادي» : أن يفكروا. فإن في ذلك ، ما دلهم على أن النبي ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ ليس بمجنون ولا كذاب.

٤٨ ـ (يَقْذِفُ بِالْحَقِ) أي يلقيه إلى أنبيائه صلوات الله عليهم.

٤٩ ـ (وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ) أي الشيطان ، (وَما يُعِيدُ).

٥١ ـ (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) أي عند البعث ، (وَأُخِذُوا مِنْ

٣٠٧

مَكانٍ قَرِيبٍ) أي قريب على الله ، يعني القبور.

٥٢ ـ (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ؟) أي تناول ما أرادوا بلوغه ، وإدراك ما طلبوا من التوبة. (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) من الموضع الذي تقبل فيه التوبة.

والتناوش يهمز ولا يهمز. يقال : نشت ونأشت ، كما يقال : ذمت الرجل وذأمته ، أي عبته.

وقال أبو عبيدة : نأشت : طلبت. واحتج بقول رؤبة :

إليك نأش القدر النؤوش

وقال : «يريد طلب القدر المطلوب» ـ

وقال الأصمعي : «أراد تناول القدر لنا بالمكروه».

(وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ) أي : بالظن أن التوبة تنفعهم.

٥٣ ـ (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) من الإيمان. وهذا مفسر في «تأويل المشكل» بأكثر من هذا التفسير.

٣٠٨

سورة فاطر

مكية كلها

٢ ـ (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) (١) أي من غيث.

٣ ـ (اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) أي احفظوها. تقول : اذكر أيادي عندك ، أي احفظها. وكل ما كان في القرآن ـ من هذا ـ فهو مثله.

٨ ـ (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) أي شبه عليه.

٩ ـ (النُّشُورُ) : الحياة.

١٠ ـ (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) أي يبطل.

١٢ ـ (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) أي جواري. ومخرها : خرقها للماء.

١٣ ـ (ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) القطمير : الفوفة التي تكون في النواة.

وفي التفسير : أنه الذي بين قمع الرطبة وبين النواة. وهو من الاستعارة في قلة الشيء وتحقيره.

١٨ ـ (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها : لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ) يقول : إن

__________________

(١) قال الطبري : ما يفتح الله للناس من خير فلا مغلق له ، فإن مفاتيح الخير كلها بيده.

٣٠٩

دعت نفس ذات ذنوب ، قد أثقلتها ذنوبها ، ليحمل عنها شيء منها ، لم تجد ذلك ، (وَلَوْ كانَ) من تدعوه (ذا قُرْبى).

١٩ ـ (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) : مثل للكافر والمؤمن.

٢٠ ـ (وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ) : مثل للكفر والإيمان.

٢١ ـ (وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) : مثل للجنة والنار (١).

٢٢ ـ (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) : مثل للعقلاء والجهال.

٢٤ ـ (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) أي سلف فيها نبي.

٢٧ و ٢٨ ـ (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ ، وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها ، وَغَرابِيبُ سُودٌ). و «الجدد» الخطوط والطرائق تكون في الجبال ، فبعضها بيض ، وبعضها حمر وبعضها غرابيب سود.

وغرابيب جمع غربيب ، وهو : الشديد السواد. يقال : أسود غربيب.

وتمام الكلام عند قوله : (كَذلِكَ).

يقول : من الجبال مختلف ألوانها ، (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ) أي كأختلاف الثمرات. ثم يبتديء : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ).

٣١ ـ (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أي لما قبله.

٣٥ ـ (دارَ الْمُقامَةِ) : ودار المقام واحد ، وهما بمعنى الإقامة.

(اللغوب) : الإعياء.

٣٧ ـ (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) يعني محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) الحرور : الرياح الحارة التي تكون بالنهار من حر الشمس.

٣١٠

ويقال : الشيب. ومن ذهب هذا المذهب ، فإنه أراد : «أو لم نعمركم حتى شبتم».

٤٣ ـ (فَهَلْ يَنْظُرُونَ) أي ينتظرون ، (إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) أي سنتنافي في أمثالهم من الأولين الذين كفروا كفرهم.

٣١١

سورة يس

مكية كلها

٧ ـ (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ) أي وجب.

٨ ـ (فَهُمْ مُقْمَحُونَ) «المقمح» : الذي يرفع رأسه ، ويغض بصره. يقال : بعير قامح ، وإبل قماح ، إذا رويت من الماء وقمحت. قال الشاعر ـ وذكر سفينة وركبانها ـ :

ونحن على جوانبها قعود

نغض الطرف كالإبل القماح

يريد إنا حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله بموانع كالأغلال.

٩ ـ (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) والسد والسّد : الجبل. وجمعها : أسداد. (فَأَغْشَيْناهُمْ) أي أغشينا عيونهم ، وأعميناهم عن الهدى. وقال الأسود بن يعفر ـ وكان قد كف بصره ـ :

ومن الحوادث ـ لا أبالك ـ أنني

ضربت على الأرض بالأسداد

ما أهتدي فيها لمدفع تلعة

بين العذيب ، وبين أرض مراد

١٢ ـ (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا) من أعمالهم ، (وَآثارَهُمْ) : ما استن به بعدهم من سننهم.

وهو مثل قوله : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) [سورة القيامة

٣١٢

آية : ١٣] أي بما قدم من عمله وأخر من أثر باق بعده.

١٤ ـ (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) أي قوينا وشددنا. يقال : عزز منه ، أي قوّ من قلبه. وتعزز لحم الناقة : إذ صلب.

١٨ و ١٩ ـ (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ) قال قتادة : يقولون : إن أصابنا شر فهو بكم (قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ). ثم قال : (أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) تطيرتم بنا؟ :

وقال غيره : طائركم معكم أين ذكرتم.

و «الطائر» هاهنا : العمل والرزق. يقول : هو في أعناقكم ، ليس من شؤمنا. ومثله : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [سورة الإسراء آية : ١٣]. وقد ذكرناه فيما تقدم.

٢٥ ـ (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) أي فاشهدوا.

٣٤ و ٣٥ ـ (وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ ، لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) أي وليأكلوا مما عملته أيديهم.

ويجوز أن يكون : إنا جعلنا لهم جنات من نخيل وأعناب ولم تعمله أيديهم.

ويقرأ : وما عملت أيديهم بلا هاء.

٣٦ ـ (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) أي الأجناس كلها.

٣٧ ـ (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) أي داخلون في الظلام.

٣٨ ـ (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) أي موضع تنتهي إليه ، فلا تجاوزه ، ثم ترجع.

٣٩ ـ و (كَالْعُرْجُونِ) : عود الكباسة. وهو : الإهان أيضا. و

٣١٣

(الْقَدِيمِ) : الذي قد أتي عليه حول ، فاستقوس ودق. وشبه القمر ـ آخر لية يطلع ـ به.

٤٠ ـ (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) فيجتمعا. (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) أي لا يفوت الليل النهار ، فيذهب قبل مجيئه. (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) يعني : الشمس والقمر والنجوم يسبحون ، أي يجرون.

٤٢ و ٤٤ ـ (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) أي لا مغيث لهم ، ولا مجير ، (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) أي إلا أن نرحمهم ، ونمتعهم إلى أجل.

٢٩ ـ (يَخِصِّمُونَ) أي يختصمون. فأدغم التاء في الصاد.

٥١ ـ و (الْأَجْداثِ) : القبور. واحدها : جدث.

(يَنْسِلُونَ) قد ذكرناه في سورة الأنبياء.

٥٣ ـ (مُحْضَرُونَ) : مشهدون.

٥٥ ـ (فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) أي يتفكهون. قال : أبو عبيد : تقول العرب للرجل ـ إذا كان يتفكه بالطعام أو بالفاكهة أو بأعراض الناس ـ : إن فلانا لفكه بكذا قال الشاعر :

فكه إلى جنب الخوان إذا غدت

نكباء تقطع ثابت الأطناب

ومنه يقال للمزاح : فاكهة. ومن قرأ : (فاكِهُونَ) أراد ذوي فاكهة ، كما يقال : فلان لابن تامر.

وقال الفراء : «هما جميعا سواء : فكة وفاكه ، كما يقال حذر وحاذر».

وروي في التفسير : (فاكِهُونَ) : ناعمون. و (تَفَكَّهُونَ) : معجبون.

٥٦ ـ (فِي ظِلالٍ) : جمع ظل و (في ظلل) : جمع ظلة.

(الْأَرائِكِ) : السرر في الحجال. واحدها : أريكة.

٣١٤

٥٧ ـ (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) أي ما يتمنون. ومنه يقول الناس : هو في خير ما ادعي ، أي ما تمنى. والعرب تقول : أدع [علي] ما شئت ، أي تمن [عليّ] ما شئت.

٥٨ ـ (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) أي سلام يقال لهم [فيها] ، كأنهم يتلقون من رب رحيم.

٥٩ ـ (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) أي انقطعوا عن المؤمنين ، وتميزوا منهم. يقال : مزت الشيء من الشيء ـ إذا عزلته عنه ـ فأنماز وامتاز وميزته فتميز.

٦٠ ـ (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ). ألم آمركم ، ألم أوصيكم؟!

٦٢ ـ (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) أي خلقا. وجبلا بالضم والتخفيف ، مثله. والجبل أيضا : الخلق. قال الشاعر :

[جهارا] ويستمتعن بالأنس الجبل

٦٦ ـ (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) والمطموس هو [الأعمى] الذي لا يكون بين جفنيه شق. (فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ). ليجوزوا. (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) أي فكيف يبصرون؟!.

٦٧ ـ (عَلى مَكانَتِهِمْ) هو مثل مكانهم. يقال : مكان ومكانة ، ومنزل ومنزلة.

٦٨ ـ (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) أي نرده إلى أرذل العمر.

٧٠ ـ (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا) أي مؤمنا. ويقال ، عاقلا.

٧١ ـ (خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) يجوز أن يكون مما عملناه بقدرتنا وقوتنا. وفي اليد القوة والقدرة على العمل ، فتستعار اليد ، فتوضع موضعها.

٣١٥

على ما بيناه في كتاب «المشكل». هذا مجاز للعرب يحتمله هذا الحرف والله اعلم بما أراد.

٧٢ ـ (فَمِنْها رَكُوبُهُمْ) أي ما يركبون. والحلوب : ما يحلبون والجلوبة : ما يجلبون. ويقرأ : «ركوبتهم» أيضا. [هي] قراءة عائشة رضي الله عنها.

٧٨ ـ (وَهِيَ رَمِيمٌ) أي بالية. يقال : رم العظم ـ إذا بلى ـ فهو رميم ورمام. كما يقال : رفات وفتات.

٨٠ ـ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً) أراد الزنود التي توري بها الأعراب ، من شجر المرخ والعفار.

٣١٦

سورة الصافات

مكية كلها

٢ ـ ، ٣ ـ قال ابن مسعود (١) : (الصَّافَّاتِ صَفًّا ، فَالزَّاجِراتِ زَجْراً ، فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) ـ هم الملائكة.

٨ ـ (لا يَسَّمَّعُونَ) أي لا يتسمعون. فأدغمت التاء في السين.

(إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) : ملائكة الله.

٩ ـ (دُحُوراً) يعني طردا. يقال : دحرته دحرا ودحورا ، أي دفعته.

(وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) أي دائم.

__________________

(١) هو عبد الله بن مسعود الهذلي وهو أحد القراء الأربعة ومن أهل السوابق في الإسلام ومن علماء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، هاجر الهجرتين وصلى القبلتين وشهد له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالجنة وسبب إسلامه أنه مر عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم منها شاة حائلا وصلبها فشرب وسقى أبا بكر ، فقال له ابن مسعود : علمني من هذا القول : فمسح رأسه وقال : «إنك عليم معلم». ومن كلامه رضي الله عنه : لا يسأل أحدكم عن نفسه إلّا القرآن ، فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله ، وقال رضي الله عنه ، الذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت البقل والغنى ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ، مات سنة إثنين وثلاثين عن نيف وستين سنة ودفن البقيع. (انظر شذرات الذهب ص ٣٩ ج ١).

٣١٧

١٠ ـ (فَأَتْبَعَهُ) أي لحقه (شِهابٌ ثاقِبٌ) : كوكب مضيء بين. يقال : أثقب نارك ، أي أضئها. و «الثقوب» : ما تذكي به النار.

١١ ـ (فَاسْتَفْتِهِمْ) أي سلهم.

(مِنْ طِينٍ لازِبٍ) أي لاصق لازم. والباء تبدل من الميم لقرب مخرجيهما.

١٢ ـ (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) قال قتادة ، «بل عجبت من وحي الله وكتابه ، وهم يسخرون [بما جئت به]».

١٤ ـ (وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ) أي يسخرون. يقال : سخر واستسخر ، كما يقال : قر واستقر. ومثله : عجب واستعجب. قال أوس بن حجر :

ومستعجب مما يرى من أناتنا

ولو زبنته الحرب لم يترمرم

ويجوز أن يكون : يسألون غيرهم ـ من المشركين ـ أن يسخروا من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم. كما تقول : استعتبته : سألته العتبي. واستوهبته : سألته الهبة. واستعفيته سألته العفو.

٢٢ ـ (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) أي أشكالهم. تقول العرب : زوجت إبلي ، إذا قرنت واحدا بآخر.

ويقال : قرناؤهم من الشياطين.

٢٨ ـ (كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) أي تخدعوننا وتفتنوننا عن طاعة الله. وقد بينت هذا في كتاب «المشكل».

٤٧ ـ (لا فِيها غَوْلٌ) أي لا تغتال عقولهم ، فتذهب بها. يقال : «الخمر غول للحلم ، والحرب غول للنفوس». وغالني غولا. و «الغول» البعد. (وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) أي لا تذهب خمرهم وتنقطع ، ولا تذهب

٣١٨

عقولهم. يقال : نزف الرجل ، إذا ذهب عقله ، وإذا نفد شرابه.

وتقرأ : (يُنْزَفُونَ). من «أنزف الرجل» : إذا حان منه النزف ، أو وقع النزف. كما يقال : أقطف الكرم ، [إذا حان قطافه] ، وأحصد الزرع [إذا حان حصاده].

٤٨ ـ (قاصِراتُ الطَّرْفِ) أي قصرن أبصارهن على الأزواج ولم يطمعن إلى غيرهم ، وأصل «القصر» : الحبس. (عِينٌ) نجل العيون ، أي واسعاتها. جمع «عيناء».

٤٩ ـ (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) العرب تشبه النساء ببيض النعام. قال امرؤ القيس :

كبكر المقانات البياض بصفرة

غذاها نمير الماء غير محلل

و «المكنون» : المصون. يقال : كننت الشيء ، إذا صنته ، وأكننته أخفيته.

٥١ ـ (إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) أي صاحب.

٥٣ ـ (أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) أي مجزيون بأعمالنا. يقال : دنته بما صنع ، أي جزيته.

٥٥ ـ (سَواءِ الْجَحِيمِ) : وسطها.

٥٦ ـ (إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) أي لتهلكني. يقال : أرديت فلانا ، أي أهلكته. و «الردي» : الموت والهلاك.

٥٧ ـ (لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) أي من المحضرين [في] النار.

٦٢ ـ (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً؟) أي رزقا. ومنه «إقامة الأنزال».

و «إنزال الجنود». أرزاقها.

٦٣ ـ (إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) أي عذابا.

٣١٩

٦٥ ـ (طَلْعُها) أي حملها. سمي طلعا لطلوعه في كل سنة.

٦٧ ـ (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) أي خلطا من الماء الحار يشربونه عليها.

(إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ) أي : وجدوهم كذلك.

٧٠ ـ (فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) أي يسرعون و «الإهراع» : الإسراع وفيه شبية بالرّعدة.

٧٨ ـ (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ) أي أبقينا عليه ذكرا حسنا (فِي الْآخِرِينَ) أي في الباقين من الأمم.

٨٨ و ٨٩ ـ (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ ، فَقالَ : إِنِّي سَقِيمٌ) مفسر في كتاب «تأويل المشكل».

٩٣ ـ (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً) أي مال عليهم يضربهم (بِالْيَمِينِ) و «الرواغ» منه.

٩٤ ـ (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) أي : يسرعون إليه في المشي. يقال : زفت النعامة.

٩٧ ـ (فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) أي في النار. و «الجحيم» : الجمر. قال عاصم بن ثابت :

وضالة مثل الجحيم الموقد

أراد : سهاما مثل الجمر. ويقال : «رأيت جحمة النار» أي تلهبها ، و «للنار جاحم» أي توقد وتلهب.

١٠٢ ـ (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) أي بلغ أن ينصرف معه ويعينه ، (قالَ : يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) أي سأذبحك.

٣٢٠