تفسير غريب القرآن

أبي محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري

تفسير غريب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري


المحقق: الشيخ إبراهيم محمّد رمضان
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٩

١٥٦ (أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ) يريد هذا كتاب أنزلناه لئلا تقولوا : إنما أنزل الكتاب على اليهود والنصارى قبلنا. فحذف «لا».

(وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ) أي قراءتهم الكتب وعلمهم بها (غافلين).

١٥٧ ـ (أو) لئلا تقولوا : (لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ).

(صَدَفَ عَنْها) : أعرض.

* * *

١٥٨ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ) أي هل ينتظرون (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) يومن القيامة (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) طلوع الشمس من مغربها.

١٥٩ ـ (وَكانُوا شِيَعاً) أي فرقا وأحزابا.

(لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) أي ليس إليك شيء من أمرهم.

١٦٢ ـ (نُسُكِي) : ذبائحي. جمع نسيكة. وأصل النّسك : ما تقربت به إلى الله.

١٦٥ ـ (خَلائِفَ الْأَرْضِ) أي سكان الأرض يخلف بعضكم بعضا : واحدهم خليفة.

(وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ) أي فصّل في المال والشرف.

(لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) أي يختبركم فيعلم كيف شكركم.

* * *

١٤١
١٤٢

سورة الأعراف

مكية كلها

٢ ـ (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) أي شك. وأصل الحرج : الضيق ، والشاك في الأمر يضيق صدرا ، لأنه لا يعلم حقيقته. فسمي الشك حرجا.

٤ ـ (فَجاءَها بَأْسُنا) يعني العذاب. (بَياتاً) ليلا. (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) من القائلة نصف النهار.

٥ ـ (فَما كانَ دَعْواهُمْ) أي قولهم وتداعيهم.

٩ ـ (بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) أي يجحدون. والظلم يتصرف على وجوه قد ذكرناها في «المشكل».

١٢ ـ (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) أي أن تسجد. و «لا» زائدة للعلة التي ذكرناها في «المشكل».

١٦ ـ (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) أي دينك. يقول : لأصدّنهم عنه.

١٧ ـ (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) مفسر في كتاب «المشكل».

١٤٣

١٨ ـ (مَذْؤُماً) : مذموما بأبلغ الذم.

(مَدْحُوراً) أي مقصيا مبعدا. يقال : اللهم ادحر عني الشيطان.

٢٠ ـ (لِيُبْدِيَ لَهُما) أي ليظهر. (ما وُورِيَ عَنْهُما) أي ستر. والتّوارى والمواراة منه.

٢٢ ـ (وَطَفِقا) أي جعلا وأقبلا. يقال : طفقت أفعل كذا.

(يَخْصِفانِ) أي يصلان الورق بعضه ببعض ، ويلصقان بعضه على بعض. ومنه يقال : خصفت نعلي : إذا طبّقت عليها رقعة.

٢٦ ـ (والرّيش) و (الرّياش) : ما ظهر من اللباس. وريش الطائر : ما ستره الله به (١).

(وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) أي خير من الثياب ، لأن الفاجر وإن كان حسن الثوب فإنه بادي العورة. و «ذلك» زائدة قال الشاعر في مثل هذا المعنى :

إنّي كأنّي أرى من لا حياء له

ولا أمانة وسط القوم عريانا

وقيل في التفسير : إن لباس التقوى : الحياء.

٢٧ ـ (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ) أصحابه : وجنده.

٢٩ ـ (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) يقول : إذا حضرت الصلاة وأنتم عند مسجد من المساجد ، فصلوا فيه ولا يقولن أحدكم : لا أصلي حتى آتي مسجدي.

٣١ ـ وقوله : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) كان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت عراة بالنهار ، والنساء منهم بالليل إلّا الحمس

__________________

(١) قال ابن عباس : الرياش المال.

١٤٤

ـ وهم قريش ومن دان بدينهم ـ ولا يأكلون من الطعام إلّا اليسير إعظاما لحجّهم. فأنزل الله هذه الآية.

٣٣ ـ (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) : أي حجّة.

٣٧ ـ (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) أي حظهم مما كتب عليهم من العقوبة.

٣٨ ـ (ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي ادخلوا مع أمم.

(حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها) تداركوا. أدغمت التاء في الدال. وأدخلت الألف ليسلم السكون لما بعدها. يريد : تتابعوا فيها واجتمعوا.

٤٠ ـ (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) [أي ليس لهم عمل صالح تفتح لهم به أبواب السماء] ويقال : لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء إذا ماتوا.

(حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ) أي يدخل البعير. (فِي سَمِّ الْخِياطِ) أي في ثقب الإبرة. وهذا كما يقال : لا يكون ذاك حتى يشيب الغراب. وحتى يبيضّ القار.

٤١ ـ (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ) أي فراش (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) أي ما يغشاهم من النار.

٤٣ ـ (الغلّ) ، الحسد والعداوة.

٤٤ ـ (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ) أي نادى مناد بينهم : (أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).

٤٦ ـ و (الأعراف) سور بين الجنة والنار ، سمي بذلك لارتفاعه ، وكل مرتفع عند العرب : أعراف. قال الشاعر :

كلّ كنار لحمه نياف

كالعلم الموفي على الأعراف

و (السّيماء) : العلامة.

١٤٥

٥١ ـ (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ) أي نتركهم.

٥٣ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) أي هل ينتظرون إلّا عاقبته. يريد ما وعدهم الله من أنه كائن (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) في القيامة (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) أي تركوه وأعرضوا عنه.

٥ ـ (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) أي خوفا منه ورجاء لما عنده.

٥٧ ـ (بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) كأنه تبشر. ورحمته هاهنا : المطر ، سماه رحمة : لأنه كان برحمته.

ومن قرأها نشرا بين يدي رحمته أراد جمع نشور ، ونشر الشيء ما تفرق منه. يقال : اللهم اضمم إليّ نشرى. أي ما تفرق من أمري.

(حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً) أي حملت. ومنه يقال : ما أستقل به.

٥٨ ـ (لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً) أي إلّا قليلا. يقال : عطاء منكود : منزور.

٦٣ ـ (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ) أي على لسان رجل منكم.

٦٦ ـ (إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ) أي في جهل.

٦٩ ـ (آلاءَ اللهِ) : نعمة. واحدها ألى. ومثله في التقدير (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) : أي وقته. وجمعه : آناء.

٧٤ ـ (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) أي أنزلكم.

٧٨ ـ (جاثِمِينَ) الأصل في الجثوم للطير والأرنب وما يجثم. والجثوم البروك على الركب.

٨٣ ـ (الْغابِرِينَ) : الباقين. يقال : من مضى ومن غبر أي ومن بقي.

١٤٦

٨٩ ـ (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا) أي احكم بيننا. ويقال للحاكم : الفتاح.

٩٢ ـ (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) أي لم يقيموا فيها. يقال : غنينا بمكان كذا : أقمنا. ويقال للمنازل : مغان. واحدها مغنى.

٩٥ ـ (حَتَّى عَفَوْا) أي كثروا. ومنه الحديث «أن رسول الله أمر أن تحفى الشّوارب وتعفى اللحى» أي توفّر.

١١١ ـ (أرجه) أي أخره. وقد تهمز. يقال : أرجأت الشيء وأرجيته ومنه قوله تعالى : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) [سورة الأحزاب آية : ٥١] يقرأ بهمز وغير همز. ومنه سمت المرجئة (١).

١١٣ ـ (إِنَّ لَنا لَأَجْراً) أي جزاء من فرعون.

١١٦ ـ (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) : أرهبوهم.

١١٧ ـ (تَلْقَفُ) : تلتهم وتلقم.

١٢٦ ـ (أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) أي صبّه علينا.

١٢٧ ـ (الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ) : أشرافهم ووجوههم. وكذلك الملأ من قومه [في كل موضع].

١٣٠ ـ (أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ) بالجدب. يقال : أصابت الناس سنة : أي جدب.

١٣١ ـ (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ) يعني الخصب. (قالُوا لَنا هذِهِ) أي هذا ما كنا نعرفه وما جرينا على اعتياده.

(وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) أي قحط (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى) قالوا : هذا بشؤمه.

__________________

(١) قال ابن الأثير : هم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان المعصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة ، سموا مرجئة لإعتقادهم أن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي أخره عنهم.

١٤٧

(أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) لا عند موسى.

١٣٢ ـ (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) السيل العظيم. وقيل : الموت الكثير الذريع ، وطوفان الليل : شدة سواده. وقال الراجز :

وعمّ طوفان الظلام الأثأبا

١٣٣ ـ (آياتٍ مُفَصَّلاتٍ) بين الآية والآية فصل ومدّة.

١٣٤ ـ و (الرِّجْزُ) : العذاب.

١٣٦ ـ و (اليم) : البحر.

١٣٧ ـ (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) أي : يبنون ، والعروش : البيوت والعروش : السقوف.

١٣٨ ـ (يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) أي يقيمون عليها معظّمين. كما يقيم العاكفون في المساجد.

١٣٩ ـ (مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ) أي مهلك. والتّبار : الهلاك.

١٤١ ـ (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أي في إنجائه إياكم نعمة من الله عظيمة.

١٤٣ ـ (تَجَلَّى رَبُّهُ) أي ظهر. أو ظهر من أمره ما شاء. ومنه يقال : جلوت العروس : إذا أبرزتها. ومنه يقال : جلوت المرآة والسيف : إذا أبرزته من الصدأ والطبع ، وكشفت عنه.

(جَعَلَهُ دَكًّا) أي ألصقه بالأرض. يقال : ناقة دكّاء : إذا لم يكن لها سنام. كأنّ سنامها دكّ ـ أي ألصق ـ ويقال : إنّ دككت ، ودققت فأبدلت القاف فيه كافا. لتقارب المخرجين.

١٤٣ ـ (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) أي مغشيا عليه.

١٤٩ ـ (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) أي ندموا. يقال : سقط

١٤٨

في يد فلان : إذا ندم.

١٥٠ ـ (أَسِفاً) شديد الغضب. يقال : آسفني فأسفت. أي : أغضبني فغضبت. ومنه قوله : (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) [سورة الزخرف آية : ٥٥].

١٥٤ ـ (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) أي سكن.

(وَفِي نُسْخَتِها) أي فيما نسخ منها.

١٥٥ ـ (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) أي اختار من قومه. فحذف «من» والعرب تقول : اخترتك القوم. أي اخترتك من القوم.

١٥٦ ـ (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) أي تبنا إليك. ومنه : (وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) [سورة المائدة آية : ٤١] كأنهم رجعوا عن شيء إلى شيء.

١٥٧ ـ (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ) أي يجدون اسمه مكتوبا ، أو ذكره.

(وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) فكل خبيث عند العرب فهو محرّم.

(وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) أي الثّقل الذي كان بنو إسرائيل ألزموه.

وكذلك (الْأَغْلالَ) هي الفرائض المانعة لهم من أشياء رخّص فيها لأمة محمد صلّى الله عليه وعلى آله.

(عَزَّرُوهُ) : عظّموه.

(الأسباط) : القبائل. واحدها سبط.

١٦٠ ـ (فَانْبَجَسَتْ) أي انفجرت. يقال : انبجس الماء ، كما يقال : تفجر.

١٦٣ ـ (إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) أي يتعدّون الحق. يقال : عدوت على فلان ، إذا ظلمته.

١٤٩

(شُرَّعاً) أي شوارع في الماء. وهو جمع شارع.

١٦٥ ـ (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) أي شديد.

١٦٧ ـ (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ) أي أعلم. وهو من آذنتك بالأمر.

(مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) أي يأخذهم بذلك ويوليهم إيّاه. يقال : سمت فلانا كذا. وسوء العذاب : الجزية التي ألزموها إلى يوم القيامة والذلة ، والمسكنة.

١٦٨ ـ (وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ) أي فرقناهم.

(وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ) أي اختبرناهم بالخير والشر ، والخصب والجدب.

١٦٩ ـ (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) والخلف : الرّديء من الناس ومن الكلام ، يقال : هذا خلف من القول.

* * *

١٧١ ـ (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ) أي زعزعناه. ويقال : نتقت السّقاء : إذا نفضته لتقتلع الزبدة منه. وكان نتق الجبل أنّه قطع منه شيء على قدر عسكر موسى فأظل عليهم. وقال لهم موسى : أما أن تقبلوا التوراة إما أن يسقط عليكم.

١٧٥ ـ (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) أي أدركه. يقال : أتبعت القوم : إذا لحقتهم ، وتبعتهم : سرت في إثرهم.

١٧٦ ـ (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) أي ركن إلى الدنيا وسكن. (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ) تطرده (يَلْهَثْ) وهذا مفسر في كتاب «المشكل».

١٧٩ ـ (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ) أي خلقنا لجهنم. ومنه ذرّيّة الرجل : إنما هي الخلق. ولكن همزها يتركه أكثر العرب.

١٨٠ ـ (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) أي الرحمن والرحيم

١٥٠

والعزيز. وأشباه ذلك.

(وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) أي يجورون عن الحق ويعدلون. فيقولون : اللات والعزى مناة ، وأشباه ذلك. ومنه قيل : لحد القبر. لأنه في جانب.

١٨٣ ـ (وَأُمْلِي لَهُمْ) أي أؤخرهم. (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) أي شديد.

١٨٤ ـ (ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ) أي جنون.

١٨٧ ـ (أَيَّانَ مُرْساها) أي متى ثبوتها. يقال : رسا في الأرض : إذا ثبت ، ورسا في الماء : إذا رسب. ومنه قيل للجبال : رواس.

(لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) أي لا يظهرها. يقال : جلّى لي الخبر : أي كشفه وأوضحه.

(ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي خفي علمها على أهل السموات والأرض وإذا خفي الشيء ثقل.

(حَفِيٌّ عَنْها) أي معنيّ بطلب علمها. ومنه يقال : تحفّى فلان بالقوم.

١٨٩ ـ (فَمَرَّتْ بِهِ) أي استمرت بالحمل.

(لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً) ولدا سويا بشرا ، ولم [تجعله بهيمة] مفسر في كتاب «تأويل المشكل».

١٩٩ ـ (خُذِ الْعَفْوَ) أي الميسور من الناس (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) [أي بالمعروف].

٢٠٠ ـ (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ) أي يستخفنك. ويقال : نزغ بيننا : إذا أفسد.

٢٠٢ ـ (يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ) أي يطيلون لهم فيه.

١٥١

(وَإِخْوانُهُمْ) : شياطينهم. يقال : لكل كافر شيطان يغويه.

٢٠٣ ـ (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا : لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) أي هلا اخترت لنا آية من عندك. قال الله : (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي).

٢٠٥ ـ (وَالْآصالِ) آخر النهار. وهي العشي أيضا.

٢٠٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) يعني الملائكة.

* * *

١٥٢

سورة الأنفال

مدنية كلها (١)

١ ـ (الْأَنْفالِ) : الغنائم. واحدها نفل. قال لبيد :

إن تقوى ربنا خير نفل

وبإذن الله ريثي وعجل

٧ ـ (ذاتِ الشَّوْكَةِ) ذات السلاح. ومنه قيل : فلان شاكّ السلاح.

٩ ـ (مُرْدِفِينَ) رادفين يقال : ردفته وأردفته : إذا جئت بعده.

(الأمنة) : الأمن.

١١ ـ (رِجْزَ الشَّيْطانِ) : كيده. والرّجز والرّجس يتصرفان على معان قد ذكرتها في كتاب «المشاكل».

١٢ ـ (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) أي الأعناق.

و (البنان) : أطراف الأصابع.

١٣ ـ (شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) : نابذوه وباينوه.

١٦ ـ (أَوْ مُتَحَيِّزاً) يقال : تحوّزت وتحيّزت. بالياء والواو. وهما من انحزت.

__________________

(١) أخرج البخاري عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس رضي الله عنهما سورة الأنفال؟ قال : نزلت في بدر.

١٥٣

و (الفئة) : الجماعة.

(فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ) أي رجع بغضب.

١٩ ـ (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا) أي تسألوا الفتح ، وهو النصر.

(فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) وذلك أن أبا جهل قال : اللهم انصر أحبّ الدينين إليك. فنصر الله رسوله (١).

٢٢ ـ (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ) يعني شر الناس عند الله (الصُّمُ) عما بعث رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الدين (الْبُكْمُ) يعني الذين لا يتكلمون بخير ولا يفعلونه. والبكم : الخرس.

٢٤ ـ (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) بين المؤمن والمعصية ، وبين الكافر والطاعة. ويكون : يحول بين الرجل وهواه.

٢٥ ـ (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) يقول : لا تصيبن الظالمين خاصة ، ولكنها تعم فتصيب الظالم وغيره.

٢٩ ـ (يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) أي مخرجا.

٣٠ ـ (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ) (٢) أي يحبسوك. ومنه

__________________

(١) روى الحاكم عن عبد بن ثعلبة بن صغير قال : كان المستفتح أبا جهل بأنه قال حين التقى القوم : اللهم أينا كان أقطع للرحم وأتى بما لا يعرف فأحنه الغداة وكان ذلك استنتاجا فأنزل الله : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) إلى قوله : (وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال : قال أبو جهل : اللهم انصر أعز الفئتين وأكرم الفرقتين فنزلت.

(٢) أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن نفرا من قريش ومن أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل فلما رأوه قالوا : من أنت ، قال : شيخ من أهل نجد سمعت بما اجتمعتم له فأمرت أن أحضركم ولن يعدمكم مني رأي ونصح ، قالوا : أجل فادخل ، فدخل معهم فقال : انظروا في شأن هذا الرجل فقال قائل : إحبسوه في وثاق ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء زهير والنابغة فإني هو كأحدهم ، فقال عدو الله الشيخ النجدي :

١٥٤

يقال : فلان مثبت وجعا : إذا لم يقدر على الحركة وكانوا أرادوا أن يحبسوه في بيت ويسدوا عليه بابه ، ويجعلوا له خرقا يدخل عليه منه طعامه وشرابه. أو يقتلوه بأجمعهم قتلة رجل واحد. أو ينفوه.

و (المكاء) : الصّفير. يقال : مكا يمكو. ومنه قيل للطائر : مكاء لأنه يمكو. أي يصفر.

و (التّصدية) (١) : التصفيق. يقال : صدي إذا صفق بيده ، قال الراجز :

ضنّت بخدّ وثنت بخدّ

وإنّي من غرو والهوى أصدّي

الغرو : العجب. يقال : لا غرو ممن كذا وكذا : أي لا عجب منه.

__________________

لا والله ما هذا لكم برأي والله ليخرجن رائد من محبسه إلى أصحابه فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم ثم يمنعوه منكم فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم فانظروا غير هذا الرأي ، فقال قائل : أخرجوه من بين أظهركم واستريحوا منه فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع ، فقال الشيخ النجدي : والله ما هذا لكم برأي ، ألم تروا حلاوة قوله وطلاقة لسانه وأخذه للقلوب بما يستمع من حديثه ، والله لئن فعلتم ثم استعرض العرب ليجتمعن عليه ثم ليسيرن إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم ، قالوا : صدق والله ، فانظروا رأيا غير هذا ، فقال أبو جهل : والله لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد ما أرى غيره ، قالوا : وما هذا قال : تأخذوا من كل قبيلة وسيطا شابا جلدا ، ثم يعطى كل غلام منهم سيفا صارما ثم يضربونه ضربة رجل واحد فإذا قتلتموه تفرق دمه في القبائل كلها فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلهم وأنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل واسترحنا وقطعنا عنا أذاه ، فقال الشيخ النجدي هذا والله هو الرأي ، القول ما قاله الفتى ، فتفرقوا على ذلك وهم مجمعون له ، فأتى جبريل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمره بأن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت وأخبره بمكر القوم فلم يبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيته تلك الليلة وأذن الله له عند ذلك بالخروج ، وأنزل عليه بعد قدومه المدينة يذكره نعمته عليه.

(١) أخرج الواحدي عن ابن عمر قال : كانوا يطوفون بالبيت يصفقون ويصفرون فنزلت هذه الآية وأخرج ابن جرير عن سعيد قال : كانت قريش يعارضون النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الطواف يستهزؤن به ويصفرون ويصفقون فنزلت الآية.

١٥٥

٣٧ ـ (فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً) أي يجعله ركاما بعضه فوق بعض.

٤٢ ـ (بِالْعُدْوَةِ) : شفير الوادي. يقال : عدوة الوادي وعدوته.

٤٣ ـ (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ) أي في نومك ، ويكون : في عينك ، لأن العين موضع النوم.

٤٦ ـ (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) أي دولتكم. يقال : هبت له ريح النصر. إذا كانت له الدّولة. ويقال : الريح له اليوم. يراد له الدّولة.

٤٨ ـ (نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ) أي رجع القهقري.

٥٧ ـ (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ) أي تظفر بهم.

(فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) أي افعل بهم فعلا من العقوبة والتّنكيل يتفرق بهم من وراءهم من أعدائك. ويقال : شرّد بهم ، سمّع بهم ، بلغة قريش. قال الشاعر :

أطوّف في الأباطح كلّ يوم

مخافة أن يشرّد بي حكيم

ويقال : شرّد بهم ، أي نكلّ بهم. أي اجعلهم عظة لمن وراءهم وعبرة.

٥٨ ـ (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) (١) : ألق إليهم نقضك العهد ، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض سواء.

٥٩ ـ (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا) أي فاتوا. ثم ابتدأ فقال : (إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ).

٦٠ ـ (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) أي من سلاح.

__________________

(١) روى أبو الشيخ عن ابن شهاب قال : دخل جبريل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : قد وضعت السلاح وما زلت في طلب القوم فاخرج فإن الله أذن لك في قريظة وأنزل فيهم : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً ...) الآية.

١٥٦

٦١ ـ (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ) أي مالوا للصلح.

٦٨ ـ (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) أي قضاء سبق بأنه سيحل لكم المغانم.

٧٣ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ـ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) (١) يريد هذه الموالاة أن يكون المؤمنون أولياء المؤمنين. والمهاجرون أولياء الأنصار. وبعضهم من بعض ـ والكافرون أولياء الكافرين. أي وإن لم يكن هذا كذا ، كانت فتنة في الأرض وفساد كبير.

٧٥ ـ (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) الواحد منه «ذو» من غير لفظه وهو و «ذو» واحد.

* * *

__________________

(١) أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي عن أبي مالك قال : قال رجل : نورت أرحامنا المشركين فنزلت : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ).

١٥٧
١٥٨

سورة التوبة (١)

١ ـ (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) أي تبرؤ من الله ورسوله إلى من كان له عهد من المشركين (٢).

٢ ـ (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أي اذهبوا آمنين أربعة أشهر أو أقل [من كانت مدة عهده إلى أكثر من أربعة أشهر أو أقل] فإن أجله أربعة أشهر.

٣ ـ (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) أي إعلام. ومنه أذان الصلاة إنما هو إعلام بها. يقال : آذنتهم إذانا فأذنوا إذنا. والأذن اسم بمني منه.

(الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) يوم النّحر. وقال بعضهم : يوم عرفة. وكانوا يسمون العمرة : الحجّ الأصغر.

__________________

(١) مدنية إلّا الآيتين الأخيرتين فمكيتان ، ولم تكتب فيها البسملة لأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يأمر بذلك كما يؤخذ من حديث رواه الحاكم. وعن حذيفة : إنكم تسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب. وروى البخاري عن البراء أنها آخر سورة نزلت.

(٢) قال علي رضي الله عنه : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين نزلت براءة بأربع : أن لا يطوف بالبيت عريان ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهد فهو إلى مدته لا يدخل الجنة إلّا نفس مؤمنة.

١٥٩

٤ ـ (وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً) أي لم يعينوه ، والظهير : العون.

(فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ) يريد : وإن كانت أكثر من أربعة أشهر. هؤلاء بنو ضمرة خاصة.

٥ ـ (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) وآخرها المحرّم.

(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) يعني من لم يكن له عهد.

(وَخُذُوهُمْ) أي أسروهم. والأسير : أخيذ.

(وَاحْصُرُوهُمْ) احبسوهم. والحصر : الحبس (كُلَّ مَرْصَدٍ) أي كل طريق يرصدونكم به.

٨ ـ و (الإلّ) : العهد ، ويقال : القرابة ، ويقال : الله جل ثناؤه.

و (الذمة) : العهد.

١٦ ـ (الوليجة) : البطانة من غير المسلمين ، وأصله من الولوج. وهو أن يتخذ الرجل من المسلمين دخيلا من المشركين وخليطا وودّا.

* * *

٢٨ ـ (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) أي قذر.

(وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) أي فقرا بتركهم الحمل إليكم التجارات (١).

(فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).

٢٩ ـ (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ) يقال : أعطاه عن يد وعن ظهر يد : إذا أعطاه مبتدئا غير مكافيء.

__________________

(١) أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان المشركون يجيئون إلى البيت ويجيئون معهم بالطعام يتجرون فيه فلما نهوا عن أن يأتوا البيت قال المسلمون : من أين لنا الطعام فأنزل الله : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).

١٦٠