وقعة صفّين

نصر بن مزاحم المنقري

وقعة صفّين

المؤلف:

نصر بن مزاحم المنقري


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦٨٩

عبد يغوث (١) ، وأبو الجهم بن حذيفة العدوي ، والمغيرة بن شعبة ، فقال عمرو ، ألست تعلم أن عثمان قتل مظلوما؟ قال : بلى. قال اشهدوا ، فما يمنعك يا أبا موسى من معاوية ولى عثمان ، وبيته في قريش ما قد علمت؟ فإن خشيت أن يقول الناس ولى معاوية وليست له سابقة ، فإن لك بذلك حجة ، تقول : إني وجدته ولي عثمان الخليفة المظلوم ، والطالب بدمه ، الحسن السياسة الحسن التدبير ، وهو أخو أم حبيبة (٢) أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه ، وقد صحبه وهو أحد الصحابة. ثم عرض له بالسلطان فقال : إن هو ولي الأمر أكرمك كرامة لم يكرمك أحد قط [ مثلها ]. فقال أبو موسى : اتق الله يا عمرو ، أما ذكرك شرف معاوية فإن هذا الأمر ليس على الشرف يولاه أهله ، ولو كان على الشرف كان أحق الناس بهذا الأمر أبرهة بن الصباح. إنما هو لأهل الدين والفضل. مع أني لو كنت أعطيه أفضل قريش شرفا أعطيته علي بن أبي طالب. وأما قولك إن معاوية ولي عثمان فوله هذا الأمر ، فإني لم أكن أوليه معاوية وأدع المهاجرين الأولين. وأما تعريضك بالسلطان فوالله لو خرج لي من سلطانه ما وليته ، ولا كنت لأرتشي في الله ، ولكنك إن شئت أحيينا سنة عمر بن الخطاب.

نصر ، عن عمر بن سعد ، عن أبي جناب (٣) أنه قال : « والله أن لو استطعت

__________________

(١) هو عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهري ، ولد على عهد رسول الله ، ومات أبوه في ذلك الزمان ، فلذلك عد في الصحابة. وقال العجلي : من كبار التابعين. الإصابة ٥٠٧٢ وتهذيب التهذيب. وكلمة « الأسود » ساقطة من الأصل وح ، وقد سبق الاسم كاملا في ص ٥٣٩.

(٢) سبقت ترجمتها في ص ٥١٨.

(٣) أبو جناب ، أوله جيم مفتوحة فنون خفيفة ، هو يحيى بن أبي حية الكلبي ، وشهرته بكنيته. ضعفوه لكثرة تدليسه. مات سنة ١٥٠. تهذيب التهذيب. وفي الأصل : « أبي خباب » وفي ح : « أبي حباب » والوجه ما أثبت.

٥٤١

لأحيين اسم عمر بن الخطاب ». فقال عمرو بن العاص : إن كنت تريد أن تبايع ابن عمر فما يمنعك من ابني وأنت تعرف فضله وصلاحه؟ قال : إن ابنك رجل صدق ، ولكنك قد غمسته في هذه الفتنة.

نصر : عمر بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال أبو موسى لعمرو : إن شئت ولينا هذا الأمر الطيب ابن الطيب عبد الله ابن عمر. فقال عمرو : إن هذا الأمر لا يصلح له إلا رجل له ضرس (١) يأكل ويطعم ، وإن عبد الله ليس هناك. وكان في أبي موسى غفلة (٢). فقال ابن الزبير لابن عمر : اذهب إلى عمرو بن العاص فارشه. فقال عبد الله ابن عمر : لا والله ما أرشو عليها أبدا ما عشت. ولكنه قال له : ويلك يا ابن العاص ، إن العرب قد أسندت إليك أمرها بعدما تقارعت بالسيوف وتشاجرت بالرماح ، فلا تردهم في فتنة واتق الله.

نصر : قال عمر : عن أبي زهير العبسي ، عن النضر بن صالح قال : كنت مع شريح بن هانئ في غزوة سجستان ، فحدثني أن عليا أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص ، قال له : قل لعمرو إن لقيته : إن عليا يقول لك : إن أفضل الخلق عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه وإن نقصه ، وإن أبعد الخلق من الله من كان العمل بالباطل أحب إليه وإن زاده. والله يا عمرو إنك لتعلم أين موضع الحق ، فلم تتجاهل؟ أبأن أوتيت طمعا (٣) يسيرا فكنت لله ولأوليائه عدوا ، فكأن والله ما أوتيت قد زال عنك فلا تكن للخائنين خصيما ، ولا للظالمين ظهيرا. أما إني أعلم أن يومك الذي

__________________

(١) في الأصل : « إلا كل رجل ضرس » صوابه في ح ( ١ : ١٩٨ ) والطبري ( ٦ : ٣٩ ).

(٢) الطبري فقط : « في ابن عمر غفلة ».

(٣) كذا في الأصل وح والطبري. وأراها : « طعما ».

٥٤٢

أنت فيه نادم هو يوم وفاتك ، وسوف تتمنى أنك لم تظهر لمسلم عداوة ولم تأخذ على حكم رشوة.

قال شريح : فأبلغته ذلك فتمعر وجه عمرو وقال : متى كنت أقبل مشورة على أو أنيب إلى أمره وأعتد برأيه؟! فقلت : وما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيهم صلى الله عليه مشورته. لقد كان من هو خير منك ، أبو بكر وعمر ، يستشيرانه ويعملان برأيه. فقال : إن مثلي لا يكلم مثلك (١). فقلت : بأي أبويك ترغب عن كلامي؟ بأبيك الوشيظ (٢) ، أم بأمك النابغة؟ فقام من مكانه ، وأقبلت رجال من قريش على معاوية فقالوا : إن عمرا قد أبطأ بهذه الحكومة ، وهو يريدها لنفسه ، فبعث إليه معاوية :

نفى النوم ما لا تبتغيه الأضالـع

وكل امرئ يومـا إلى الصدق راجع (٣)

فيا عمرو قد لاحت عيون كثيرة

فياليت شعري عمرو ما أنت صانع

ويا ليت شعري عن حديث ضمنته

أتحمله يا عمرو؟ ما أنـت ضالـع (٤)

وقال رجال إن عمرا يريدها

فقلت لهم عمرو لي اليوم تابع

فإن تك قد أبطأت عني تبـادرت

إليك بتحقيق الظنون الأصابـع

فإنـي ورب الراقصات عشية

خواضع بالركبان والنقـع ساطـع

بك اليوم في عقد الخلافة واثق

ومن دون ما ظنوا به السـم ناقع

__________________

(١) في الأصل : « إلا مثلك » ، وكلمة « إلا » مقحعة.

(٢) الوشيظ : الخسيس ، والتابع ، والحليف ، والدخيل في القوم ليس من صميمهم ، وفي الأصل : « الوسيط » صوابه في ح والطبري.

(٣) في الأصل : « ما لا يبلغنه ».

(٤) ضالع ، أراد به المطيق القوى ، من الضلاعة وهي القوة وشدة الأضلاع. ولم يرد هذا المشتق في المعاجم ، وفيها « الضليع ».

٥٤٣

فأسرع بها ، أو أبط في غير ريبة

ولا تعـد ، فالأمر الذي حـم واقع (١)

عمر بن سعد قال : حدثني أبو جناب الكلبي (٢) ، أن عمرا وأبا موسى حيث التقيا بدومة الجندل أخذ عمرو يقدم عبد الله بن قيس في الكلام ويقول : إنك قد صحبت رسول الله صلى الله عليه قبلي وأنت أكبر مني فتكلم ثم أتكلم (٣). وكان عمرو قد عود أبا موسى أن يقدمه في كل شيء (٤) وإنما اغتره بذلك ليقدمه (٥) فيبدأ بخلع علي. قال : فنظرا في أمرهما وما اجتمعا عليه فأراده عمرو على معاوية فأبى ، وأراده على ابنه فأبى ، وأراده أبو موسى على عبد الله بن عمر فأبى عليه عمرو. قال : فأخبرني ما رأيك يا أبا موسى؟ قال : رأيى أن أخلع هذين الرجلين عليا ومعاوية ، ثم نجعل هذا الأمر شورى بين المسلمين يختارون لأنفسهم من شاءوا ومن أحبوا. فقال له عمرو : الرأي ما رأيت. وقال عمرو : يا أبا موسى ، إنه ليس أهل العراق بأوثق بك من أهل الشام ، لغضبك لعثمان وبغضك للفرقة ، وقد عرفت حال معاوية في قريش وشرفه في عبد مناف ، وهو ابن هند وابن أبي سفيان فما ترى؟ قال أرى خيرا. أما ثقة أهل الشام بي فكيف يكون ذلك وقد سرت إليهم مع علي. وأما غضبي لعثمان فلو شهدته لنصرته. وأما بغضي للفتن فقبح الله الفتن. وأما معاوية فليس بأشرف من علي.

__________________

(١) في الأصل : « وكم تعدوا الأمر ».

(٢) في الأصل : « أبو خباب » وفي ح ( ١ : ١٩٨ ) : « أبو حباب » صوابهما ما أثبت. وانظر ما سبق في ص ٥٤١.

(٣) ح : « فتكلم أنت وأتكلم أنا ». الطبري ( ٦ : ٣٩ ) : « فتكلم وأتكلم ».

(٤) في الأصل : « قد أعد أبا موسى يقدمه في كل شيء » صوابه وتكملته من الطبري.

(٥) الطبري : « اغتزى بذلك كله أن يقدمه » وهي صحيحة ، ففي اللسان : اغتزاه : قصده. وأنشد ابن الأعرابي ( اللسان ١٩ : ٣٥٩ ) :

* قد يغتزي الهجران بالتجرم *

٥٤٤

وباعده أبو موسى. فرجع عمرو مغموما. فخرج عمرو ومعه ابن عم له غلام شاب ، وهو يقول :

يا عمرو إنك للأمور مجـرب

فارفق ولا تقذف برأيك أجمـع

واستبق منه مـا استطعت فإنه

لا خير في رأي إذا لم ينفع

واخلع معاوية بن حرب خدعة

يخلع عليا ساعة وتصنع

واجعله قبلك ثم قل مـا بعـده

اذهب فما لك في ابن هند مطمع

تلك الخديعة إن أردت خـداعه

والراقصات إلى منى ، خـذ أودع

فافترصها عمرو (١) وقال : يا أبا موسى ، ما رأيك؟ قال : رأيى أن أخلع هذين الرجلين ، ثم يختار الناس لأنفسهم من أحبوا. فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون ، فتكلم أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه فقال : إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله به أمر هذه الأمة. قال عمرو : صدق! ثم قال : يا أبا موسى فتكلم. فتقدم أبو موسى ليتكلم فدعاه ابن عباس فقال : ويحك ، إني لأظنه قد خدعك ، إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه قبلك فيتكلم بذلك الأمر قبلك ثم تكلم أنت بعده ، فإن عمرا رجل غدار ، ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه ، فإذا قمت به في الناس خالفك.

وكان أبو موسى رجلا مغفلا ـ فقال : [ إيها عنك ] إنا اتفقنا. فتقدم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يأيها الناس ، إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة ، فلم نر شيئا هو أصلح لأمرها وألم لشعثها من ألا تتباين أمورها (٢). وقد أجمع رأيي ورأي صاحبي عمرو على خلع علي ومعاوية ، و [ أن ] نستقبل هذا الأمر فيكون شورى بين المسلمين ، فيولون أمورهم من أحبوا. وإني قد خلعت عليا

__________________

(١) يقال : فرص الفرصة وافترصها وتفرصها ، أي أصابها.

(٢) في الأصل : « لشعثها الا نبتر أمورها » صوابه في ح.

٥٤٥

ومعاوية ، فاستقبلوا أمركم وولوا من رأيتم لها أهلا. ثم تنحى فقعد.

وقام عمرو بن العاص مقامه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن هذا قال ما قد سمعتم وخلع صاحبه ، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه ، وأثبت صاحبي معاوية [ في الخلافة ] فإنه ولي عثمان والطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه. فقال له أبو موسى : مالك لا وفقك الله ، قد غدرت وفجرت. وإنما مثلك مثل الكلب ( إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) إلى آخر الآية. قال : فقال له عمرو : إنما مثلك مثل ( الحمار يحمل أسفارا ) إلى آخر الآية. وحمل شريح بن هانئ على عمرو فقنعه بالسوط ، وحمل على شريح ابن لعمرو فضربه بالسوط ، وقام الناس فحجزوا بينهم ، فكان شريح يقول بعد ذلك : ما ندمت على شيء ندامتي أن لا ضربته بالسيف بدل السوط. والتمس أصحاب علي أبا موسى فركب ناقته فلحق بمكة ، فكان ابن عباس يقول : قبح الله أبا موسى ، حذرته وأمرته بالرأي فما عقل (١). وكان أبو موسى يقول : قد حذرني ابن عباس غدرة الفاسق ولكن اطمأننت إليه ، وظننت أنه لن يؤثر شيئا على نصيحة الأمة. ثم انصرف عمرو وأهل الشام إلى معاوية فسلموا عليه بالخلافة ، ورجع ابن عباس وشريح بن هانئ إلى علي. وقال الشنى :

ألم تر أن الله يقضى بحكمه

وعمرو وعبد الله يختلفان

وليسا بمهدي أمة من ضلالة

بدرماء سخما فتنة عميـان (٢)

أثارا لما في النفس من كل حاجة

شديدان ضراران مؤتلفـان (٣)

أصمان عن صوت المنادي تراهمـا

على دارة بيضاء يعتلجـان

__________________

(١) وكذا في الطبري ( ٦ : ٤٠ ) وفي ح ( ١ : ١٩٩ ) : « وهديته إلى الرأي فما عقل ».

(٢) كذا ورد هذا العجز.

(٣) كذا.

٥٤٦

فيا راكبا بلغ تميما وعامرا

وعبسا وبلغ ذاك أهل عمان

فما لكم ، إلا تكونوا فجرتـم

بإدراك مسعاة الكرام ، يدان (١)

بكت عين من يبكي ابن عفان بعدما

نفى ورق الفرقان كل مكان

كلا فئتيه عـاش حيا وميتا

يكادان لولا الحق يشتبهان

ولما فعل عمرو ما فعل واختلط الناس رجع إلى منزله فجهز راكبا إلى معاوية يخبره بالأمر من أوله إلى آخره. وكتب في كتاب على حدة (٢) :

أتتك الخلافة مزفوفـة

هنيئا مريئا تقر العيونا

تزف إليك كزف العـروس

بأهون من طعنك الدارعينا

وما الأشعري بصلد الزنـاد

ولا خامل الذكر في الأشعرينا

ولكن أتيحت له حية

يظل الشجاع لها مستكينا

فقالوا وقلت وكنت امرأ

أجهجه بالخصم حتى يلينا

فخذها ابن هند على بأسهـا

فقد دافع الله ما تحذرونا

وقد صرف الله عن شامكـم

عدوا شنيا وحربا زبونـا (٣)

وقام سعيد بن قيس الهمداني فقال : والله لو اجتمتما على الهدى ما زدتمانا على ما نحن الآن عليه ، وما ضلالكما بلازمنا ، وما رجعتما إلا بما بدأتما ، وإنا اليوم لعلى ما كنا عليه أمس.

وتكلم الناس غير الأشعث بن قيس ، وتكلم كردوس بن هانئ فقال :

__________________

(١) في الأصل : « معصات » تحريف. وفي اللسان : « والعرب تسمى مآثر أهل الشرف والفضل مساعي ، واحدتها مسعاة ، لسعيهم فيها ، كأنها مكاسبهم وأعمالهم التي أعنوا فيها أنفسهم ». وقال عبدة بن الطبيب في المفضلية ٢٧ :

فلئن هلكت لقد بنيت مساعيـا

تبقى لكم منها مآثـر أربع

(٢) في الأصل : « عليحدة ».

(٣) ح : « عدوا مبينا ».

٥٤٧

أما والله إني لأظنك أول راض بهذا الأمر يا أخا ربيعة. فغضب كردوس فقال :

أياليت من يرضى من الناس كلهم

بعمرو وعبد الله في لجة البحـر

رضينا بحكم الله لا حكم غيره

وبالله ربا والنبي وبالذكر

وبالأصلع (١) الهادي علي إمامنا

رضينا بذاك الشيخ في العسر واليسر

رضينا به حيا وميتا وإنه

إمام هدى في الحكم والنهي والأمر

فمن قال لا قلنا بلى إن أمره

لأفضل ما تعطاه في ليلـة القدر

وما لابن هند بيعة في رقابنا

وما بيننا غير المثقفة السمر

وبيض تزيل الهام عـن مستقره

وهيهات هيهات الولا (٢) آخر الدهـر

أبت لي أشياخ الأراقم سبـه (٣)

أسب بها حتى أغيب في القبر

وتكلم يزيد بن أسد القسري ـ وهو من قواد معاوية ـ فقال : يا أهل العراق ، اتقوا الله ، فإن أهون ما يردنا وإياكم إليه الحرب ما كنا عليه أمس ، وهو الفناء. وقد شخصت الأبصار إلى الصلح ، وأشرفت الأنفس على الفناء (٤) ، وأصبح كل امرئ يبكي على قتيل. مالكم رضيتم بأول أمر صاحبكم وكرهتم آخره. إنه ليس لكم وحدكم الرضا.

فتشاتم عمرو وأبو موسى من ليلته ، فإذا ابن عم لأبي موسى يقول :

أبا موسى خدعت وكنت شيخا (٥)

قريب القعر مدهوش الجنان

رمى عمرو صفاتك يا ابـن قيس

بأمر لا تنوء به اليدان

وقد كنا نجمجم عـن ظنـون

فصرحت للظنون عن العيان

__________________

(١) انظر ما سبق في ص ٢٣٣ س ٦ ـ ٧.

(٢) ح ( ١ : ١٩٩ ) : « الرضا ».

(٣) انظر للأراقم ما مضى في ص ٤٨٦.

(٤) في الأصل : « البقاء » صوابه من ح.

(٥) في الأصل : « بليت فكنت شيخا » وأثبت ما في ح.

٥٤٨

فعض الكف من ندم وماذا

يرد عليك عضـك بالبنان

قال : وشمت أهل الشام بأهل العراق. وقال كعب بن جعيل الغلتبي (١) ، وكان شاعر معاوية ، قال :

كأن أبا موسى عشية أذرح

يطوف بلقمان الحكيم يواربه

فلما تلاقوا في تراث محمد

نمت بابـن هند في قريش مضاربه (٢)

سعى بابن عفان ليـدرك ثأره

وأولى عباد الله بالثأر طالبه

وقد غشيتنا في الزبير غضاضـة

وطلحة إذ قامت عليه نوادبـه

فرد ابن هند ملكه في نصابـه

ومن غالب الأقدار فالله غالبه

وما لابن هند في لؤى بـن غالب

نطير وإن جاشت عليه أقاربه

فهذاك ملك الشام واف سنامـه

وهذاك ملك القوم قد جـب غاربه

يحاول عبد الله عمرا وإنه

ليضرب في بحر عريض مذاهبـه

دحا دحوة في صدره فهـوت بـه

إلى أسفل المهوى ظنون كواذبه

فرد عليه رجل من أصحاب علي فقال :

غدرتم وكان الغدر منكم سجية

فما ضرنا غدر اللئيم وصاحبه

وسميتم شر البرية مؤمنا

كذبتم فشر الناس للناس كاذبه

ولكم (٣) بن حـرب بصيرة

بلعن رسول الله إذ كان كاتبه

__________________

(١) في الأصل : « وقال أبا موسى إنما كان غدرا من عمرو » وما بعد « قال » مقحم. وفي الأصل أيضا « كعب بن جعيل الثعلبي ». والصواب ما أثبت ، وهو كعب بن جعيل ابن قمير بن عجزة بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن تغلب بن وائل. انظر الخزانة ( ١ : ٤٥٨ ـ ٤٥٩ ).

(٢) وكذا الرواية في معجم البلدان ( أذرح ) وفي ح : « مناسبه » وهما بمعنى. وفي اللسان : « ابن سيده : ما يعرف له مضرب عسلة ، أي أصل ولا قوم ولا أب ولا شرف ».

(٣) كذا وردت هذه الكلمة غير واضحة في الأصل. وهذه المقطوعة لم ترد في ح.

٥٤٩

وقال عمرو بن العاص حين خدع أبا موسى :

خدعت أبا موسى خديعة شيظم

يخادع سقبا في فلاة من الأرض (١)

فقلت له إنا كرهنـا كليهمـا

فنخلعهما قبل التلاتل والدحـض (٢)

فإنها لا لا يغضيان علـى قذى

من الدهر حتى يفصلان على أمض (٣)

فطاوعني حتي خلعت أخاهـم

وصار أخونا مستقيما لدى القبض

وإن ابـن حرب معطيهم الولا

ولا الهاشمي الدهر أو بربع الحمض (٤)

فرد عليه ابن عباس فقال :

كذبت ولكن مثلك اليوم فاسق

على أمركم يبغي لنا الشر والعزلا

وتزعم أن الأمر منك خديعة

إليه وكل القول في شأنكم فضلا

فأنتم ورب البيت قد صار دينكم

خلافا لدين المصطفى الطيب العدلا

أعاديتم حب النبـي ونفسه

فمـا لكم مـن سابقـات ولا فضلا

وأنتم ورب البيت أخبث من مشـى

على الأرض ذا نعليـن أو حافيا رجلا

غدرتم وكان الغدر منكم سجيـة

كأن لم يكن حرثا وأن لم يكن نسـلا (٥)

قال : ولحق أبو موسى وهو يطوف بالبيت بمكة.

نصر ، قال : فحدثني عمر بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن طاوس

__________________

(١) في الأصل : « خداعة شيظم » وإنما هي الخديعة. والشيظم : الطويل الجسيم الفتى من الناس والخيل والإبل. والسقب : ولد الناقة.

(٢) التلاتل : الشدائد. والدحض : الزلق والزلل.

(٣) الأمض : الباطل والشك. وحتى ، في البيت ، ابتدائية ، كما في قوله :

* ولا صلح حتى تضبعون ونضبعا *

انظر الخزانة ( ٣ : ٥٩٩ ).

(٤) كذا ورد هذا العجز.

(٥) في الأصل : « فإن لم يكن حرثا ».

٥٥٠

قال : سألت أبا موسى وهو يطوف بالبيت فقلت له : أهذه الفتنة التي كنا نسمع بها؟ قال : ابن أخي ، هذه حيصة من حيصات الفتن ، فكيف بكم إذا جاءتكم المثقلة الرداح ، تقتل من أشرف لها ، وتموج بمن ماج فيها.

وقال الهيثم بن الأسود النخعي :

لما تداركت الوفود بأذرح

وبأشعري لا يحل له الغـدر (١)

أدى أمانته وأوفى نذره

وصبا فأصبح غـادرا عمرو (٢)

يا عمـرو إن تدع القضية تعتـرف

ذل الحياة وينزع النصر

ترك القران فما تأول آية (٢)

وارتاب إذ جعلت له مصر

قال نصر : وفي حديث عمر بن سعد : ودخل عبد الله بن عمر ، وسعد ابن أبي وقاص ، والمغيرة بن شعبة مع أناس معهم ، وكانوا قد تخلفوا عن علي ، فدخلوا عليه فسألوه أن يعطيهم عطاءهم ـ وقد كانوا تخلفوا عن علي حين خرج إلى صفين والجمل ـ فقال لهم علي : ما خلفكم عني؟ قالوا : قتل عثمان ، ولا ندري أحل دمه أم لا؟ وقد كان أحدث أحداثا ثم استتبتموه فتاب ، ثم دخلتم في قتله حين قتل ، فلسنا ندري أصبتم أم اخطأتم؟ مع أنا عارفون بفضلك يا أمير المؤمنين وسابقتك وهجرتك. فقال علي : ألستم تعلمون أن الله عز وجل قد أمركم أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر فقال : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )؟ قال سعد : يا علي ، أعطني

__________________

(١) كذا ورد هذا العجز. وفي معجم البلدان ( أذرح ) : « وفي أشعري لا يحل له غدر » وهذا العجز في هذه الرواية من بحر الطويل ، والأبيات من الكامل.

(٢) صبا : خرج ومال بالعداوة. وفي الأصل : « وسما » وبدلها في معجم البلدان : « عنه وأصبح ».

(٣) في الأصل : « ترك القرآن فأول » وصوابه من معجم البلدان.

٥٥١

سيفا يعرف الكافر من المؤمن ، أخاف أن أقتل مؤمنا فأدخل النار. فقال لهم علي : ألستم تعلمون أن عثمان كان إماما بايعتموه على السمع والطاعة ، فعلام خذلتموه إن كان محسنا ، وكيف لم تقاتلوه إذ كان مسيئا؟! فإن كان عثمان أصاب بما صنع فقد ظلمتم إذ لم تنصروا إمامكم ، وإن كان مسيئا فقد ظلمتم إذ لم تعينوا من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر. وقد ظلمتم إذ لم تقوموا بيننا وبين عدونا بما أمركم الله به ، فإنه قال : ( قاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله (١) ). فردهم ولم يعطهم شيئا.

وكان علي عليه‌السلام إذا صلى الغداة والمغرب وفرغ من الصلاة يقول (٢) « اللهم العن معاوية ، وعمرا ، وأبا موسى (٣) ، وحبيب بن مسلمة ، والضحاك بن قيس ، والوليد بن عقبة ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد » ، فبلغ ذلك معاوية فكان إذا قنت (٤) لعن عليا ، وابن عباس ، وقيس بن سعد ، والحسن والحسين.

وقال الراسبي ، من أهل حرورا ـ :

ندمنا على ما كان منا ومن يرد

سوى الحق لا يدرك هواه ويندم

خرجنا على أمر فلم يـك بيننا

وبين علي غير غاب مقوم

وضرب يزيل الهام عن مستقـره

كفاحـا كفاحا بالصفيح المصمـم

فجاء علي بالتـي ليـس بعدها

مقـال لـذي حلـم ولا متحلم

__________________

(١) من الآية ٩ في سورة الحجرات. وقد اشتشهد بالآية مع إسقاط الفاء في أولها ، وهو جائز. انظر حواشي الحيوان ( ٤ : ٥٧ ).

(٢) في الطبري ( ٦ : ٤٠ ) : « وكان إذا صلى الغداة يقنت ».

(٣) وكذا في ح ( ١ : ٢٠٠ ) لكن بدله في الطبري : « وأبا الأعور السلمي ».

(٤) وكذا في الطبزي ، لكن في ح : « فكان إذا صلى ».

٥٥٢

رمانا بمر الحق إذ قال جئتم

إلى بشيخ للأشاعر قشعـم

فقلتم رضينا با بن قيس وما لنا

رضا غير شيخ ناصح الجيب مسلم

وقال : ابن عباس يكون مكانه

فقالوا له : لا لا ألا بالتهجم

فما ذنبه فيه وأنتم دعوتم

إليه عليا بالهـوى والتقحم

فأصبح عبد الله بالبيت عائذا

يريد المنى بين الحطيم وزمزم

ـ من هنا إلى موضع العلامة ليس عند ابن عقبة ـ

وقال نابغة بني جعدة. وقال : [ هي ] عندنا أكثر من مائة بيت فكتبت الذي يحتاج إليه :

سألتني جارتي عن أمتي

وإذا ما عي ذو اللب سـأل

سألتني عـن أناس هلكوا

شرب الدهر عليهـم وأكـل (١)

بلغوا الملك فلما بلغوا

بخسار وانتهى ذاك الأجل

وضع الدهر عليهم بركه

فأبيدوا لم يغادر غير تـل

فأراني طربا في إثرهم

طرب الواله أو كالمختبل (٢)

أنشد الناس ولا أنشدهـم

إنمـا ينشد مـن كان أضـل (٣)

ليت شعري إذ مضى ما قد مضى

وتجلى الأمر لله الأجل

ما يظنن بناس قتلوا

أهل صفين وأصحاب الجمـل

أينامون إذا ما ظلموا

أم يبيتون بخوف ووجل

وقال طلبة بن قيس بن عاصم المنقري :

__________________

(١) انظر للكلام على نسبة هذا البيت وروايته الحيوان ( ٥ : ٢٨ ).

(٢) الطرب ، هاهنا : الحزن. والواله : كل أنثى فارقت ولدها. وفي الأصل : « الوالد » تحريف.

(٣) أنشد : أطلب. ولا أنشدهم : لا أدل عليهم. وفي الأصل : « من قال أضل » وصوابه من اللسان ( ٤ : ٤٣٣ ).

٥٥٣

إذا فاز دوني بالمودة مالك (١)

وصاحبـه الأدنى عدي بن حاتم

وفاز بها دوني شريح بن هانئ

ففيم ننادي للأمور العظائم

ولو قيل من يفدي عليا فديته (٢)

بنفسك يا طلب بن قيس بن عاصم

لقلت نعم تفديه نفس شحيحـة

ونفدي بسعـد كلها حي هاشم

نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي قال : سمعت تميم بن حذيم (٣) الناجي يقول : لما استقام لمعاوية أمره لم يكن شيء أحب إليه من لقاء عامر بن واثلة ، فلم يزل يكاتبه ويلطف حتى أتاه ، فلما قدم ساءله عن عرب الجاهلية. قال : ودخل عليه عمرو بن العاص ونفر معه فقال لهم معاوية : تعرفون هذا؟ هذا فارس صفين وشاعرها؟ هذا خليل أبي الحسن. قال : ثم قال : يا أبا الطفيل ، ما بلغ من حبك عليا؟ قال : « حب أم موسى لموسى ». قال : فما بلغ من بكائك عليه؟ قال : « بكاء العجوز المقلات (٤) ، والشيخ الرقوب (٥). إلى الله أشكو تقصيري « فقال معاوية : ولكن أصحابي هؤلاء لو كانوا سئلوا عني ما قالوا في ما قلت في صاحبك. قال : « إنا والله لا نقول الباطل » : فقال لهم معاوية : لا والله ولا الحق. قال : ثم قال معاوية : هو الذي يقول :

إلى رجب السبعيـن تعترفونني

مع السيـف في خيـل وأحمي عديدها (٦)

وقال معاوية : يا أبا الطفيل ، أجزها. فقال أبو الطفيل :

زحوف كركـن الطود كل كتيبـة

إذا استمكنـت منها يفل شديدها

__________________

(١) مالك ، هو مالك بن الحارث ، المعروف بالأشتر النخعي. وفي الأصل : « هالك »

(٢) في الأصل : « ولو قيل بعدي من علي » صوابه ما أثبت.

(٣) الوجه فيه : « بن حذلم » كما سبق في ص ١٦٩ ، ٢٤٥.

(٤) المقلات : التي لا يبقى لها ولد. وفي الأصل : « الملغاة » تحريف.

(٥) الرقوب : الذي لا يبقى له ولد.

(٦) الإجازة هنا تقتضي أن يكون « عديدها » بالرفع ، فيبدو أن في البيت تحريفا

٥٥٤

كأن شعاع الشمس تحت لوائها

مقارمها حمر النعـام وسودها (١)

شعارهم سيما النبي وراية

بها ينصر الرحمن ممن يكيدهـا

لها سرعان من رجال كأنهـا

دواهي السباع نمرها وأسودها (٢)

يمورون مور الموج ثم ادعاؤهـم

إلى ذات أنداد كثير عديدهـا

إذا نهضت مدت جناحين منهم

على الخيل فرسان قليل صدودها

كهول وشبان يرون دماءكـم

طهورا وثارات لها تستقيدها (٣)

كأني أراكم حين تختلف القنا

وزالت بأكفال الرجال لبودها (٤)

ونحن نكر الخيل كرا عليكم

كخطف عتاق الطير طيـرا تصيدها

إذا نعيت موتي عليكم كثيرة

وعيت أمور غاب عنكم رشيدها

هنالك النفس تابعة الهـدى

ونـار إذا ولـت وأز شديـدها (٥)

فلا تجزعوا إن أعقب الدهر دولـة

وأصبـح منآكم قريبـا بعيدهـا

فقالوا : نعم ، قد عرفناه ، هذا أفحش شاعر ، وألام جليس (٦) فقال معاوية يا أبا الطفيل ، أتعرف هؤلاء؟ قال : ما أعرفهم بخير ولا أبعدهم من شر. فأجابه [ أيمن بن (٧) ] خريم الأسدي :

إلى رجب أو غرة الشهر بعده

يصبحكم حمر المنايا وسودها

__________________

(١) مقارمها ، كذا وردت.

(٢) السرعان ، بالتحريك : أوائل القوم المستبقون إلى الأمر. وفي الأصل : « لها شرعاء » والوجه ما أثبت. وفي الأصل أيضا : « دواعي السباع » تحريف.

(٣) تستقيدها : تطلب القود فيها. والقود ، بالتحريك : قتل النفس بالنفس. وفي الأصل : « يستعيدها » محرفة.

(٤) الأكفال : جمع كفل ، بالكسر ، وهو الذي لا يثبت على ظهور الخيل.

(٥) كذا ورد هذا البيت.

(٦) في الأصل : « والم جليس ».

(٧) هاتان الكلمتان ساقطتان من الأصل. وانظر ٤٣١ ، ٥٠٢ ، ٥٠٣.

٥٥٥

ثمانين ألفا دين عثمان دينهم

كتائب فيها جبرئيـل يقودها

فمن عاش عبدا عاش فينا ومن يمت

ففي النار يسقى ، مهلها وصديدها

ـ من هنا عند ابن عقبة ـ

نصر ، عن عمرو بن شمر عن جابر قال : سمعت تميم بن حذيم (١) الناجي يقول : أصيب في المبارزة من أصحاب علي (٢) :

عامر بن حنظلة الكندي يوم النهر ، وبسر بن زهير الأزدي ، ومالك بن كعب العامري ، وطالب بن كلثوم الهمداني ، والمرتفع بن الوضاح الزبيدي أصيب بصفين ، وشرحبيل بن طارق البكري ، وأسلم بن يزيد الحارثي ، وعلقمة بن حصين الحارثي ، والحارث بن الجلاح الحكمي ، وعائذ بن كريب الهلالي ، وواصل بن ربيعة الشيباني ، وعائذ بن مسروق الهمداني ، ومسلم بن سعيد الباهلي ، وقدامة بن مسروق العبدي ، والمخارق بن ضرار المرادي ، وسلمان بن الحارث الجعفي ، وشرحبيل بن الأبرد الحضرمي ، والحصين بن سعيد الجرشي ، وأبو أيوب بن باكر الحكمي ، وحنظلة بن سعد التميمي ، ورويم بن شاكر الأحمري ، وكلثوم بن رواحة النمري ، وأبو شريح بن الحارث الكلاعي ، وشرحبيل بن منصور الحكمي ، ويزيد بن واصل المهري ، وعبد الرحمن بن خالد القيني ، وصالح بن المغيرة اللخمي ، وكريب بن الصباح الحميري من آل ذي يزن قتله علي (٣) ، والحارث بن وداعة الحميري ، وروق بن الحارث الكلاعي ، والمطاع بن المطلب القيني ، والوضاح بن أدهم السكسكي ،

__________________

(١) انظر ما سبق في ص ٥٥٥.

(٢) كذا. ونجد في جملة من سرد من الأعلام أسماء كثير من أصحاب معاوية. وقد تعذر التمييز الدقيق بين هؤلاء وهؤلاء لندرة تراجمهم. كما أن هذه الأسماء تضمنت بعض من قتل في غير صفين.

(٣) قتله علي يوم صفين. انظر الإصابة ٧٤٨٣.

٥٥٦

وجلهمة بن هلال الكلبي ، وابن سلامان الغساني ، وعبد الله بن جريش العكي وابن قيس ، والمهاجر بن حنظلة الجهني ، والضحاك بن قيس ، ومالك بن وديعة القرشي ، وشريح بن العطاء الحنظلي ، والمخارق بن علقمة المازني ، وأبو جهل بن ظالم الرعيني ، وعبيدة بن رياح الرعيني ، ومالك بن ذات (١) الكلبي ، وأكيل بن جمعة الكناني ، والربيع بن واصل الكلاعي ، ومطرف بن حصين العكي ، وزبيد بن مالك الطائي ، والجهم بن المعلي ، والحصين بن تميم الحميريان والأبرد بن علقمة الحرقي من أصحاب طلحة والزبير ، والهذيل بن الأشهل التميمي والحارث بن حنظلة الأزدي ، ومالك بن زهير الرقاشي ، وعمرو بن يثربي الضبي (٢) ، والمجاشع بن عبد الرحمن ، والنعمان بن جبير اليشكري (٣) ، والنضر بن الحارث الضبي ، والقاسم بن منصور الضبي ، وزامل بن طلحة الأزدي ، وكرز بن عطية الضبي ، ورفاعة بن طالب الجرهمي ، والأشعث بن جابر ، وعبد الله بن المنهال الساعدي ، وعبد الله بن الحارث المازني ، والحكم بن حنظلة الكندي ، وأبرهة بن زهير المذحجي ، وهند الجملي (٤) ، ورافع بن زيد الأنصاري ، وزيد

__________________

(١) كذا. ولعلها : « زرارة ».

(٢) عمرو بن يثربي الضبي ، كان من رءوس ضبة في الجاهلية ثم أسلم. وهو قاتل علباء بن الهيثم السدوسي ، وهند بن عمرو الجملي ، وزيد بن صوحان العبدي ، قتلهم يوم الجمل ، فأسره عمار بن ياسر فجاء به إلى علي رضى الله عنه فأمر بقتله. ولم يقتل أسيرا غيره. وهو القائل :

إن تقتلوني فأنا ابن يثربـي

قاتل علباء وهند الجملي

ثم ابن صوحان على دين علي

انظر الإصابة ٦٥١٣ والاشتقاق ٢٤٦ ـ ٢٤٧.

(٣) في الأصل : « والمجاشع بن عبد الرحمن النعماني بن حبير اليشكري ». والوجه ما أثبت.

(٤) هو هند بن عمرو الجملي ، نسبة إلى جمل بن سعد العشيرة ، حي من مذحج. انظر المعارف ٤٨ والاشتقاق ٢٤٦ واللسان ( مادة جمل ) ، قتله عمرو بن يثربي ، كما سبقت الإشارة إليه في التنبيه الثاني. انظر الإصابة ٩٠٥٦. وفي الأصل : « همد الحملي » تحريف.

٥٥٧

ابن صوحان العبدي (١) ، ومالك بن حذيم الهمداني (٢) ، وشرحبيل بن امرئ القيس الكندي ، وعلباء بن الهيثم البكري (٣) ، وزيد بن هاشم المري ، وصالح بن شعيب القيني ، وبكر بن علقمة البجلي ، والصامت بن قنسلي الفوطي (٤) ، وكليب بن تميم الهلالي ، وجهم الراسبي ، والمهاجر بن عتبة الأسدي ، والمستنير بن معقل الحارثي ، والأبرد بن طهرة الطهوي ، وعلباء بن المخارق الطائي ، وبواب بن زاهر (٥) ، وأبو أيوب بن أزهر السلمي. زهاء عشرة آلاف.

وأصيب يوم الوقعة العظمي أكثر من ذلك ، وأصيب فيها من أصحاب علي ما بين السبعمائة إلى الألف.

وأصيب بصفين من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا.

وأصيب بها من أهل العراق خمسة وعشرون ألفا.

وأصيب يوم النهروان على قنطرة البردان (٦) من المحكمة خمسة آلاف.

__________________

(١) وهذا زبد قتله كذلك عمرو بن يثربي الضبي في وقعة الجمل. اختلف في صحبته. الإصابة ٢٩٩١.

(٢) هذا غير مالك بن حريم الهمداني الشاعر الجاهلي الذي ذكره المرزباني في معجمه ص ٣٥٧.

(٣) هو علباء بن الهيثم بن جرير السدوسي البكري ، نسبة إلى سدوس بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. استشهد في وقعة الجمل ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في ترجمة عمرو بن يثربي ص ٥٥٧.

(٤) كذا ورد هذا الاسم.

(٥) المعروف في أعلامهم « ثواب ». ومنه المثل : « أطوع من ثواب ».

(٦) قنطرة البردان ، بفتح الباء والراء. والبردان : محلة ببغداد. انظر معجم البلدان. وفي الأصل : « البودان » تحريف.

٥٥٨

وأصيب منهم ألف بالنخيلة بعد مصاب علي.

وأصيب من أصحاب علي يوم النهروان ألف وثلاثمائة.

قال : وذكر جابر عن الشعبي وأبي الطفيل ، ذكروا في عدة قتلى صفين والنهروان والنخيلة نحوا مما ذكر تميم الناجي.

ـــــ

آخر كتاب صفين

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيراً

٥٥٩
٥٦٠