وقعة صفّين

نصر بن مزاحم المنقري

وقعة صفّين

المؤلف:

نصر بن مزاحم المنقري


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦٨٩

لأن فينا بطلا مجربا

ابن بديل كالهزبر مغضبـا

أمسى علي عندنا محببا

نفديه بالأم ولا نبقي أبا

فطعنه وقتله ، واستدار القوم ، وقتل حوشب وابن بديل ، وصبر بعضهم لبعض ، وفرح أهل الشام بمقتل هاشم.

وقال جريش السكوني مع علي :

معاوي ما أفـلت إلا بجرعة

من الموت رعبا تحسب الشمس كوكبا

نجوت وقد أدميت بالسوط بطنه

أزوما على فأس اللجام مشذبـا (١)

فلا تكفرنه واعلمن أن مثلها

إلى جنبها ما دارك الجـرى أو كبا (٢)

فإن تفخروا بابني بديل وهاشم

فنحن قتلنا ذا الكلاع وحوشبا

وإنهما ممن قتلتم على الهدى

ثواء فكفوا القـول ننسى التحوبـا (٣)

فلما رأينا الأمر قد جد جـده

وقد كان مما يترك الطفل أشيبا

صبرنا لهم تحت العجاج سيوفنا

وكان خلاف الصبـر جدعـا موعبـا

فلـم نلف فيها خاشعيـن أذلـة

ولم يك فيها حبلنا متذبذبا

__________________

(١) الأزوم : الشديد العض. وفي اللسان : « وأزم الفرس على فاس اللجام : قبض ». وفي الأصل : « لزوما » تحريف. والمشذب : الفرس الطويل ليس بكثير اللحم.

(٢) دارك الجرى : تابعه. وفي الأصل : « مالا بك الجرى ».

(٣) الثواء : الإقامة. والتحوب : التغيظ والتوجع.

٤٠١

كسرنا القنـا حتى إذا ذهـب القنا

صبرنا وفللنا الصفيح المجربا (١)

فلم نر في الجمعين صادف خده

ولا ثانيا من رهبة الموت منكبا (٢)

ولم نر إلا قحـف رأس وهامة

وساقـا طنونـا أو ذراعا مخضبـا (٣)

واختلط أمرهم حتى ترك أهل الرايات مراكزهم ، وأقحم أهل الشام من آخر النهار ، وتفرق الناس عن على ، فأتى ربيعة [ ليلا فكان (٤) فيهم ، وأقبل عدي ابن حاتم يطلب عليا في موضعه الذي تركه فيه فلم يجده ، فطاف يطلبه ] ، فأصابه في مصاف ربيعة فقال : « يا أمير المؤمنين : أما إذ كنت حيا فالأمر أمم (٥) ، ما مشيت إليك إلا على قتيل ، وما أبقت هذه الوقعة لنا ولهم عميدا ، فقاتل حتى يفتح الله عليك ؛ فإن في القوم بقية بعد ». وأقبل الأشعث يلهث جزعا ، فلما رأى عليا هلل وكبر وقال : يا أمير المؤمنين خيل كخيل ، ورجال كرجال ، ولنا الفضل [ عليهم ] إلى ساعتنا هذه ، فعد إلى مقامك الذي كنت [ فيه ] ، فإن الناس إنما يظنونك حيث تركوك ». وأرسل سعيد بن قيس [ الهمداني إلى علي عليه‌السلام ] : « إنا مشتغلون (٦) بأمرنا [ مع القوم ] وفينا فضل ، فإن أردت أن نمد أحدا أمددناه ».

وأقبل علي على ربيعة فقال : « أنتم درعي ورمحي » ـ [ قال : فربيعة تفخر بهذا الكلام إلى اليوم ] ـ فقال عدي بن حاتم : « يا أمير المؤمنين ، إن قوما أنست [ بهم ] وكنت فيهم في هذه الجولة ، لعظيم حقهم علينا.

__________________

(١) الصفيح ، عني به السيوف. والمجرب ، لعلها « المحرب » وهو المحدد المذرب.

(٢) صدف خده : أعرض به. وفي الأصل : « صارف حده ».

(٣) الطنون : التي أطنها الضارب ، أي أسرع قطعها فطنت. وهذا الوصف لم تذكره المعاجم. وفي الأصل : « ظنونا » ووجهه ضعيف.

(٤) في الأصل : « وكان ».

(٥) أمم ، أي قريب. وفي ح ( ٢ : ٢٨٦ ) : « أهم » تحريف.

(٦) في الأصل : « مستقبلون » وأثبت ما في ح.

٤٠٢

والله إنهم لصبر عند الموت ، أشداء عند القتال ».

وركب علي عليه‌السلام فرسه الذي كان لرسول الله ، وكان يقال له « المرتجز » ، [ فركبه ] ثم تقدم (١) [ أمام الصفوف ثم قال : بل البغلة بل البغلة. فقدمت له ] بغلة رسول الله صلي الله عليه « الشهباء » ، فركبها ثم تعصب بعمامة رسول الله السوداء ثم نادي : أيها الناس ، من يشر نفسه لله يربح. هذا يوم له ما بعده. إن عدوكم قد مسه القرح كما مسكم (٢) ».

فانتدب له ما بين عشرة آلاف (٣) إلى اثنى عشر ألفا [ قد ] وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، وتقدمهم علي منقطعا على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول :

دبوا دبيب النمل لا تقوتوا

وأصبحوا بحربكم (٤) وبيتوا

حتى تنالوا الثأر أو تموتوا

أولا فإني طالما عصيت

قد قلتم لو جئتنا ، فجيـت

ليس لكم ما شئتـم وشيت

بل ما يريد المحيى المميت

وتبعه ابن عدي بن حاتم بلوائه وهو يقول :

أبعد عمار وبعد هاشم

وابن بديل فارس الملاحم

نرجو البقاء مثل حكم الحالم

وقد عضضنا أمس بالأباهم

فاليوم لا نقرع سن نادم

ليس امرؤ من يومه (٥) بسالم

__________________

(١) في الأصل : « ثم قدم علي » صوابه من ح.

(٢) القرح ، بالضم : ألم الجراح ، وبالفتح : الجراح بأعيانها. وبهما قرئ قوله تعالى : ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ). انظر اللسان ( ٣ : ٣٩٢ ).

(٣) في الأصل : « بين العشرة الآف » صوابه من ح.

(٤) ح : « حربكم ».

(٥) ح : « من حتفه ».

٤٠٣

وتقدم الأشتر وهو يقول :

حرب بأسباب الردى تأجج

يهلك فيها البطل المدجج

يكفيكها همدانها ومذحج

قوم إذا ما أحمشوها أنضجوا (١)

روحوا إلى الله ولا تعرجوا

دين قويم وسبيل منهـج

وحمل الناس حملة واحدة فلم يبق لأهل الشام صف إلا انتقض ، وأهمدوا ما أتوا عليه (٢) حتى أفضى الأمر إلى مضرب معاوية (٣) ، وعلي يضربهم بسيفه ويقول :

أضربهم ولا أرى معاويه

الأخزر العين العظيم الحاويه

* هوت به في النار أم هاويه *

فدعا معاوية بفرسه لينجو عليه ، فلما وضع رجله في الركاب تمثل بأبيات عمرو بن الإطنابة (٤) :

أبت لي عفتي وأبى بلائي

وأخذي الحمد بالثمن الربيح

وإجشامي (٥) على المكروه نفسي

وضربي هامة البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجاشت

مكانك تحمدي أو تستريحي

لأدفع عـن مآثر صالحات

وأحمى بعد عن عرض صحيح

بذي شطب كلون الملح صـاف

ونفس ما تقر على القبيـح

وقال : « يا ابن العاص ، اليوم صبر ، وغدا فخر ». صدقت ، إنا وما نحن

__________________

(١) في الأصل : « انقبجوا ». والمقطوعة لم ترد في مظنها من ح.

(٢) ح ( ٢ : ٢٨٦ ) : « وأهمد أهل العراق ما أتوا عليه ».

(٣) المضرب ، بكسر الميم : فسطاط الملك.

(٤) سبق إنشاد الأبيات في ص ٣٩٥.

(٥) في الأصل : « وإعظامي على المكروه » وانظر ما سبق في ص ٣٩٥.

٤٠٤

فيه كما قال ابن أبي الأقلح (١) :

ما علني وأنا رام نابل (٢)

والقوس فيها وتر عنابل (٣)

تزل عن صفحتها المعابل(٤)

الموت حق والحياة باطل

فثثى معاوية رجله من الركاب ونزل واستصرخ بعك والأشعريين ، فوقفوا دونه (٥) وجالدوا عنه ، حتى كره كل من الفريقين صاحبه وتحاجز الناس. قال الشني في ذلك :

أتانا أمير المؤمنين فحسبنا

على الناس طرا أجمعين بها فضلا

على حين أن زلت بنا النعل زلة

ولم تترك الحرب العوان لنا فحلا

وقد أكلت منا ومنهم فوارسا

كما تأكل النيران ذا الحطـب الجزلا

وكنا له في ذلك اليوم جنة

وكنا له من دون أنفسنـا نعلا

فأثني ثناء لم ير الناس مثله

على قومنا طرا وكنا لـه أهـلا

ورغبه فينا عـدي بن حاتم

بأمر جميل صدق القـول والفعلا

فإن يك أهل الشام أودوا بهاشـم

وأودوا بعمار وأبقوا لنا ثكلا

__________________

(١) ح ( ٢ : ٢٨٧ ) : « كقول القائل ». وفي الأصل : « ابن الأفلح » وهو نقص وتحريف. وابن أبي الأقلح ، بالقاف ، كما في الإصابة ٤٣٤٠ والقاموس « قلح ». وهو عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح قيس بن عصمة الأنصاري. وهو صحابي جليل ، وكان المشركون قد أرادوه بأذى ، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته منهم ، وسمي لذلك : « حمى الدبر ».

(٢) في اللسان ( عنبل ) : « وأنا طب خاتل ».

(٣) الوتر العنابل ، بضم العين : الغليظ الصلب المتين.

(٤) المعابل : جمع معبلة ، وهي النصل الطويل العريض. وفي اللسان : « صفحته » أي صفحة الوتر. لكن في اللسان ( ١٣ : ٤٤٨ ص ١١ ) : « عن صفحتي » ، وإخال هذه محرفة.

(٥) في الأصل : « فرفعوا دونه » وأثبت ما في ح ( ٢ : ٢٨٧ ).

٤٠٥

وبابني بديل فارسي كل بهمة

وغيث خزاعي به ندفع المحلا (١)

فهذا عبيد الله والمرء حوشب

وذو كلع أمسـوا بساحتهم قتلى

ثم إن معاوية لما أسرع أهل العراق في أهل الشام قال : « هذا يوم تمحيص. إن القوم قد أسرع فيهم كما أسرع فيكم. اصبروا يومكم هذا وخلاكم ذم ». وحضض علي أصحابه ، فقام إليه الأصبغ بن نباتة التميمي فقال : يا أمير المؤمنين إنك جعلتني على شرطة الخميس ، وقدمتني في الثقة دون الناس ، وإنك اليوم لا تفقد لي صبرا ولا نصرا. وأما أهل الشام فقد هدهم ما أصبنا منهم ، ونحن ففينا (٢) بعض البقية ، فاطلب بنا أمرك وأذن لي في التقدم. فقال له علي : « تقدم باسم الله ». وأقبل الأحنف بن قيس السعدي فقال : يا أهل العراق ، والله لا تصيبون هذا الأمر أذل عنقا منه اليوم ، قد كشف القوم عنكم قناع الحياء وما يقاتلون على دين ، وما يصبرون إلا حياء (٣) ، فتقدموا. فقالوا : إنا إن تقدمنا اليوم فقد تقدمنا أمس فما تقول يا أمير المؤمنين؟ قال : « تقدموا في موضع التقدم ، وتأخروا في موضع التأخر. تقدموا من قبل أن يتقدموا إليكم ».

وحمل أهل العراق وتلقاهم أهل الشام فاجتلدوا ، وحمل عمرو بن العاص معلما وهو يقول :

شدوا على شكتى لا تنكشف

بعد طليح والزبير فأتلف

يوم لهمدان ويوم للصـدف (٤)

وفي تميـم نخوة لا تنحرف

__________________

(١) يقال فلان فارس بهمة ، كما يقال ليث غابة ، والبهمة ، بالضم : الجيش.

(٢) في الأصل : « نفينا ».

(٣) لعلها : « إلا حبا في الدنيا ».

(٤) الصدف ، بكسر الدال : لقب عمرو بن مالك بن أشرس بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان ، انظر نهاية الأرب ( ٢ : ٣٠٤ ثم ٣٠٣ ). والنسبة إليه « صدفي » بالتحريك.

٤٠٦

أضربها بالسيف حتى تنصرف

إذا مشيت مشية العود الصلف

ومثلها لحمير ، أو تنحرف

والربعيون لهم يوم عصف (١)

فاعترضه علي وهو يقول :

قد علمت ذات القـرون الميل

والخصر والأنامـل الطفول (٢)

إني بنصل السيـف خنشليل (٣)

أحمى وأرمى أول الرعيل

بصارم ليس بذي فلول

ثم طعنه فصرعه واتقاه عمرو برجله ، فبدت عورته ، فصرف علي وجهه عنه وارتث ، فقال القوم : أفلت الرجل يا أمير المؤمنين. قال : وهل تدرون من هو؟ قالوا : لا قال : فإنه عمرو بن العاص تلقاني بعورته فصرفت وجهي عنه.

ورجع عمرو إلى معاوية فقال له : ما صنعت يا عمرو؟ قال : لقيني علي فصرعني. قال : احمد الله وعورتك ، أما والله أن لو عرفته ما أقحمت عليه. وقال معاوية في ذلك :

ألا لله من هفوات عمرو

يعاتبني على تركي برازي

فقد لاقى أبا حسن عليـا

فآب الوائلي مـآب خازي

فلو لم يبد عورته للاقـى

به ليثا يذلل كل نازي

له كف كأن براحتيهـا

منايا القوم يخطف خطف بازي

__________________

(١) المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.

(٢) الطفول : جمع طفل. بالفتح ، وهو الرخص الناعم ، قال ابن هرمة :

متى ما يغفل الواشون تومئ

بأطراف منعمة طفول

(٣) في البيت إقواء ، وأنشد في اللسان بدون نسبة :

قد علمت جارية عطبول

أني بنصل السيف خنشليل

والخشليل : الجيد الضرب بالسيف ، ومثله الخنشل.

٤٠٧

فإن تكن المنايا أخطأته

فقد غنى بها أهل الحجـاز

فغضب عمرو وقال : ما أشد تغبيطك عليا في أمري هذا (١) ، هل هو إلا رجل لقيه ابن عمه فصرعه ، أفترى السماء قاطرة لذلك دما؟! قال : ولكنها معقبة لك خزيا (٢).

قال : وتقدم جندب بن زهير برايته وراية قومه وهو يقول : والله لا أنتهى حتى أخضبها! فخضبها مرارا إذ اعترضه رجل من أهل الشام فطعنه ، فمشى إلى صاحبه في الرمح حتى ضربه بالسيف فقتله.

ثم إن معاوية دعا أخاه عتبة بن أبي سفيان فقال : الق الأشعث بن قيس ، فإنه إن رضي رضيت العامة. وكان عتبة لا يطاق لسانه (٣). فخرج عتبة فنادى الأشعث بن قيس ، فقال الناس : يا أبا محمد ، هذا الرجل يدعوك. فقال الأشعث : كما يكون الرجل فسلوه من هو. فقال : أنا عتبة بن أبي سفيان. فقال الأشعث بن قيس : غلام مترف ولا بد من لقائه. [ فخرج إليه ] فقال : ما عندك يا عتبة؟ فقال : أيها الرجل ، إن معاوية لو كان لاقيا رجلا غير علي للقيك ، إنك رأس أهل العراق ، وسيد أهل اليمن ، وقد سلف من عثمان إليك ما سلف من الصهر والعمل ، ولست كأصحابك. أما الأشتر فقتل عثمان ، وأما عدي فحرض عليه ، وأما سعيد فقلد عليا ديته (٤) ، وأما شريح وزحر ابن قيس فلا يعرفان غير الهوى ، وإنك حاميت عن أهل العراق تكرما ، ثم حاربت أهل الشام حمية ، وقد بلغنا والله منك وبلغت منا ما أردت ،

__________________

(١) التغبيط ، هو كما ورد في الحديث « أنه جاء وهم يصلون في جماعة فجعل يغبطهم ». قال ابن الأثير : « هكذا روى بالتشديد ، أي يحملهم على الغبط ويجعل هذا الفعل عندهم مما يغبط عليه ». وفي الأصل : « تعظيمك عليا في كسرى هذا » وأثبت ما في ح.

(٢) في الأصل : « تعقبك جبنا » وأثبت ما في ح.

(٣) ح : « وكان عتبة فصيحا ».

(٤) في الأصل : « دينه » والوجه ما أثبت من ح.

٤٠٨

وإنا لا ندعوك إلى ترك علي ونصر معاوية ، ولكنا ندعوك إلى البقية (١) التي فيها صلاحك وصلاحنا.

فتكلم الأشعث فقال : يا عتبة ، أما قولك إن معاوية لا يلقى إلا عليا فإن لقيني والله لما عظم عني ولا صغرت عنه ، فإن أحب أن أجمع بينه وبين علي فعلت. وأما قولك إني رأس أهل العراق وسيد أهل اليمن فإن الرأس المتبع والسيد المطاع هو علي بن أبي طالب عليه‌السلام. وأما ما سلف من عثمان إلى فوالله ما زادني صهره شرفا ، ولا عمله عزا. وأما عيبك أصحابي فإن هذا لا يقربك مني ولا يباعدني عنهم. وأما محاماتي عن أهل العراق فمن نزل بيتا حماه. وأما البقية فلستم بأحوج إليها منا ، وسنرى رأينا فيها إن شاء الله.

فلما بلغ معاوية كلام الأشعث قال : « يا عتبة ، لا تلقه بعدها ، فإن الرجل عظيم عند نفسه ، وإن كان قد جنح للسلم ». وشاع في أهل العراق ما قاله عتبة للأشعث وما رده الأشعث عليه :

وقال النجاشي يمدحه :

يا ابن قيس وحارث ويزيد

أنت والله رأس أهل العراق

أنت والله حية تنفث السم

قليل فيها غناء الراقي

أنت كالشمس والرجال نجوم

لا يرى ضوؤها مـع الإشراق

قد حميت العراقي بالأسل السم‍

ر وبالبيض كالبروق ، الرقاق

وأجبناك إذ دعوت إلـى الشا

م على القب كالسحـوق العتاق (٢)

__________________

(١) البقية : الإبقاء. والعرب تقول للعدو إذا غلب : « البقية » أي أبقوا علينا ولا تستأصلونا. قال الأعشى :

* قالوا البقية والخطى يأخذهم *

(٢) القب : الخيل الضامرة. والسحوق ، بالفتح : النخلة الطويلة.

٤٠٩

وسعرت القتال في الشام بالبي‍

ض المواضي وبالرماح الدقاق (١)

لا نرى غير أذرع وأكف

ورؤوس بهامهـا ، أفـلاق (٢)

كلما قلت قد تصرمت الهي‍

جاء سقيتهم بكـأس دهـاق (٣)

قد قضيت الذي عليك مـن الحق

وسارت بـه القلاص المناقي (٤)

وبقي حقك العظيم على النـا

س وحـق المليك صعب المراقي

أنت حلو لمن تقرب بالود

وللشانئين مر المذاق

لابس تاج جده وأبيه

لو وقـاه ردى المنية واق (٥)

بئس مـا ظنه ابن هند ومن مث‍ـ

لك للناس عنـد ضيق الخناق

قال : وإن معاوية لما يئس من جهة الأشعث قال لعمرو بن العاص : إن رأس الناس بعد علي هو عبد الله بن عباس ، فلو ألقيت إليك كتابا لعلك ترققه به (٦) ؛ فإنه إن قال شيئا لم يخرج علي منه ، وقد أكلتنا الحرب ولا أرانا نصل [ إلى ] العراق إلا بهلاك أهل الشام. قال له عمرو : إن ابن عباس لا يخدع ، ولو طمعت فيه [ ل‍ ] طمعت في علي. فقال معاوية : على ذلك ، فاكتب إليه.

فكتب إليه عمرو : « أما بعد فإن الذي نحن وأنتم فيه ليس بأول أمر (٧)

__________________

(١) في الأصل :

وأدرنا كأس المنية في الفت‍

نة بالضرب والطعان الدقاق

وقد أشير في هامش الأصل إلى هذه الرواية التي أثبتها من ح.

(٢) أفلاق : جمع فلق ، بالكسر ، وهو المفلوق.

(٣) كذا في ح وهامش الأصل عن نسخة. وفي الأصل :

كلما قلت قد تصرمت الحر

ب سقانا ردى المنية ساق

(٤) المناقي : جمع منقية ، كمحسنة ، وهي الناقة ذات الشحم.

(٥) في الأصل : « لدى المنية ».

(٦) في الأصل : « ترفقه به » وأثبت وجهه من ح ( ٢ : ٢٨٨ ).

(٧) في الأصل. « ليس بأمر » وأثبت ما في ح.

٤١٠

قاده البلاء ، وساقته العافية (١) ، وأنت رأس هذا الجمع (٢) بعد علي ، فانظر فيما بقي ودع ما مضى ، فوالله ما أبقت هذه الحرب لنا ولكم حياة (٣) ولا صبرا. واعلموا أن الشام لا تملك إلا بهلاك العراق ، وأن العراق لا تملك إلا بهلاك الشام ، وما خيرنا بعد هلاك أعدادنا منكم ، وما خيركم بعد هلاك أعدادكم منا. ولسنا نقول ليت الحرب غارت (٤) ، ولكنا نقول ليتها لم تكن ، وإن فينا من يكره القتال كما أن فيكم من يكرهه ، وإنما هو أمير مطاع أو مأمور مطيع ، أو مؤتمن مشاور ، وهو أنت. وأما الأشتر الغليظ الطبع ، القاسي [ القلب ] ، فليس بأهل أن يدعى في الشورى ولا في خواص أهل النجوى ».

وكتب في أسفل الكتاب :

طال البلاء وما يرجـى له آس

بعد الإله سوى رفق ابـن عباس

قولا له قول مـن يرضـى بحظوته (٥)

لا تنس حظك إن الخاسر الناسي

يا ابن الذي زمزم سقيا الحجيج له

أعظم بذلك من فخر على الناس

كل لصاحبه قرن يساوره

أسد العرين أسود بين أخياس (٦)

__________________

(١) هذه الجملة ليست في ح.

(٢) في الأصل : « أهل الجمع » وأثبت ما في ح.

(٣) في الأصل : « حياء ».

(٤) في الأصل وح : « عادت ».

(٥) ح : « قول من يرجو مودته ».

(٦) يساوره : يواثبه. وفي الأصل : « يشاوره » تحريف. والبيت لم يرو في ح. والأخياس : جمع خيس ، بالكسر ، وهو الشجر الكثير الملتف.

٤١١

لو قيس بينهم في العرب لا عتدلوا

العجز بالعجز ثم الراس بالـراس

انظر فدىً لك نفسِى قَبْلَ قاصمةٍ

للظهر ليس لها راق ولا آسى

إن العراق وأهل الشام لن يجـدوا

طعم الحياة مع المستغلق القاسي

بسر وأصحاب بسـر والذين هم

داء العراق رجال أهل وسواس

قوم عراة من الخيرات كلهم

فما يساوي به أصحـابه كاسي

إني أرى الخير في سلم الشآم لكـم

والله يعلم ، ما بالسلم من باس

فيها التقى وأمور ليـس يجهلها

إلا الجهول وما النوكى كأكياس

قال : فلما فرغ من شعره عرضه على معاوية فقال معاوية : « لا أرى كتابك على رقة شعرك ». فلما قرأ ابن عباس الكتاب أتى به عليا فأقرأه شعره فضحك وقال : « قاتل الله ابن العاص ، ما أغراه بك يا ابن العباس ، أجبه وليرد عليه شعره الفضل بن العباس ، فإنه شاعر ». فكتب ابن عباس إلى عمرو :

« أما بعد فإني لا أعلم رجلا من العرب أقل حياء منك ، إنه مال بك معاوية إلى الهوى ، وبعته دينك بالثمن اليسير ، ثم خبطت بالناس في عشوة

٤١٢

طمعا في الملك (١) ، فلما لم تر شيئا أعظمت الدنيا إعظام أهل الذنوب (٢) ، وأظهرت فيها نزاهة أهل الورع (٣) ، فإن كنت ترضى الله بذلك فدع مصر وارجع إلى بيتك وهذه الحرب ليس فيها معاوية كعلي ، ابتدأها علي بالحق وانتهى فيها إلى العذر ، وبدأها معاوية بالبغي وانتهى فيها إلى السرف ، وليس أهل العراق فيها كأهل الشام ، بايع أهل العراق عليا وهو خير منهم ، وبايع معاوية أهل الشام وهم خير منه. ولست أنا وأنت فيها بسواء ، أردت الله وأردت أنت مصر. وقد عرفت الشيء الذي باعدك مني ، ولا أرى (٤) الشيء الذي قربك من معاوية. فإن ترد شرا لا نسبقك به ، وإن ترد خيرا لا تسبقنا إليه. [ والسلام ] ».

ثم دعا [ أخاه ] الفضل بن العباس فقال له : يا ابن أم ، أجب عمرا. فقال الفضل :

يا عمرو حسبك من خدع ووسواس

فاذهب فليس لداء الجهل من آسى

إلا تواتر طعن في نحوركم

يشجي النفوس ويشفي نخوة الراس

هذا الدواء الذي يشفي جماعتكم

حتى تطيعوا عليا وابن عباس

أما علي فإن الله فضله

بفضل ذي شرف عال على الناس

إن تعقلوا الحرب نعقلها مخيسة

أو تبعثوها فإنا غير أنكاس

قد كان منا ومنكم في عجاجتهـا

ما لا يرد وكل عرضة البـاس

قتلى العراق بقتلى الشام ذاهبة

هذا بهذا وما بالحق من بـاس

__________________

(١) ح ( ١ : ٢٨٨ ) : « في الدنيا ».

(٢) بدل هذه العبارة في ح : « فاعظمتها إعظام أهل الذنيا ».

(٣) النزاهة : التباعد عن السوء كالتنزه. وفي الأصل : « النزهة ». وفي ح : « ثم تزعم أنك تتنزه عنها تنزه أهل الورع ».

(٤) ح : « ولا أعرف ».

٤١٣

لا بارك الله في مصر لقد جلبت

شرا وحظك منها حسوة الكـاس

يا عمرو إنك عار من مغارمهـا

والراقصات ومن يوم الجزا كاسي

ثم عرض الشعر والكتاب على علي فقال : « لا أراه يجيبك بشيء بعدها إن كان يعقل ، ولعله يعود فتعود عليه ». فلما انتهى الكتاب إلى عمرو أتى به معاوية فقال : « أنت دعوتني إلى هذا ، ما كان أغناني وإياك عن بني عبد المطلب ». فقال : « إن قلب ابن عباس وقلب علي قلب واحد ، كلاهما ولد عبد المطلب ، وإن كان قد خشن فلقد لان ، وإن كان قد تعظم أو عظم صاحبه فلقد قارب وجنح إلى السلم ». وإن معاوية كان يكاتب ابن عباس وكان يجيبه بقول لين ، وذلك قبل أن يعظم الحرب ، فلما قتل أهل الشام قال معاوية : « إن ابن عباس رجل من قريش ، وأنا كاتب إليه في عداوة بني هاشم لنا ، وأخوفه عواقب هذه الحرب لعله يكف عنا ». فكتب إليه : « أما بعد فإنكم يا معشر بني هاشم لستم إلى أحد أسرع بالمساءة منكم إلى أنصار عثمان بن عفان ، حتى إنكم قتلتم طلحة والزبير لطلبهما دمه ، واستعظامهما ما نيل منه ، فإن يكن ذلك لسلطان بني أمية فقد وليها عدي وتيم ، [ فلم تنافسوهم ] وأظهرتم لهم الطاعة. وقد وقع من الأمر ما قد ترى ، وأكلت هذه الحروب بعضها من بعض حتى استوينا فيها ، فما أطمعكم فينا أطمعنا فيكم ، وما آيسكم منا آيسنا منكم. وقد رجونا غير الذي كان ، وخشينا دون ما وقع ، ولستم بملاقينا اليوم بأحد من حد أمس ، ولا غدا بأحد من حد اليوم ، وقد قنعنا بما كان في أيدينا من ملك الشام فاقنعوا بما في أيديكم من ملك العراق ، وأبقوا على قريش ؛ فإنما بقى من رجالها ستة ، رجلان بالشام ، ورجلان بالعراق ، ورجلان بالحجاز. فأما اللذان بالشام فأنا وعمرو ، وأما اللذان بالعراق فأنت وعلي ، وأما اللذان بالحجاز فسعد وابن عمر ، واثنان من الستة ناصبان لك ،

٤١٤

واثنان واقفان [ فيك ] ، وأنت رأس هذا الجمع اليوم. ولو بايع لك الناس بعد عثمان كنا إليك أسرع منا إلى علي » في كلام كثير كتب إليه.

فلما انتهى الكتاب إلى ابن عباس أسخطه ثم قال : حتى متى يخطب [ ابن هند ] إلى عقلي ، وحتى متى أجمجم على ما في نفسي؟! فكتب إليه :

« أما بعد [ فقد أتاني كتابك وقرأته ] ، فأما ما ذكرت من سرعتنا [ إليك ] بالمساءة في أنصار ابن عفان ، وكراهيتنا لسلطان بني أمية ، فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره ، حتى صرت إلى ما صرت إليه ، وبيني وبينك في ذلك ابن عمك وأخو عثمان الوليد بن عقبة (١). وأما طلحة والزبير [ فإنهما أجلبا عليه ، وضيقا خناقه ، ثم خرجا ] ينقضان البيعة ويطلبان الملك (٢) ، فقاتلناهما على النكث وقاتلناك على البغي. وأما قولك إنه لم يبق من قريش غير ستة ، فما أكثر رجالها وأحسن بقيتها ، [ و ] قد قاتلك من خيارها من قاتلك ، لم يخذلنا إلا من خذلك.

وأما إغراؤك إيانا بعدي وتيم فأبو بكر وعمر خير من عثمان ، كما أن عثمان خير منك : وقد بقي لك منا يوم ينسيك (٣) ما قبله ويخاف ما بعده (٤). وأما قولك إنه لو بايع الناس لي لاستقامت لي (٥) ، فقد بايع الناس عليا وهو خير مني فلم يستقيموا له. وإنما الخلافة لمن كانت له في المشورة. وما أنت يا معاوية والخلافة وأنت طليق وابن طليق ، [ والخلافة للمهاجرين الأولين ، وليس الطلقاء منها في شيء. والسلام ] ».

__________________

(١) هو أخوه لأمه كما سبق في حواشي ٢٤٧.

(٢) في الأصل : « فنقضا البيعة وطلبا الملك » وأثبت ما في ح.

(٣) ح ( ٢ : ٢٨٩ ) : « ما ينسيك ».

(٤) ح : « وتخاف ما بعده ».

(٥) بدلها في ح : « لاستقاموا ».

٤١٥

فلما انتهى الكتاب إلى معاوية قال : هذا عملي بنفسي. لا والله لا أكتب إليه كتابا سنة [ كاملة ]. وقال معاوية في ذلك :

دعوت ابن عباس إلى حد خطة

وكان امرأ أهدي إليه رسائلـي

فأخلف ظني والحوادث جمة

ولم يك فيما قال منـي بواصل

وما كان فيما جاء ما يستحقه

وما زاد أن أغلى عليه مراجلي

فقل لابن عباس تراك مفرقا

بقولك من حولي وأنك آكلي

وقل لابن عباس تراك مخوفـا

بجهلك حلمي إنني غير غافل

فأبرق وأرعد ما استطعت فإنني

إليك بما يشجيك سبط الأنامل

فلما قرأ ابن عباس الشعر قال : « لن أشتمك بعدها ».

وقال الفضل بن عباس :

ألا يا ابن هند إنني غير غافل

وإنك ما تسعى له غيـر نائل

لأن الذي اجتبت إلى الحرب نابها

عليك وألقت بركها بالكلا كل (١)

فأصبح أهل الشام ضربين خيـرة

وفقعة قاع أو شحيمة آكل (٢)

وأيقنت أنا أهل حق وإنما

دعوت لأمر كان أبطل باطل

دعوت ابن عباس إلى السلم خدعة

وليس لها حتى تديـن بقابل

فلا سلم حتى تشجر الخليل بالقنـا

وتضرب هامات الرجال الأماثل

وآليت : لا أهدي إليـه رسالـة

إلى أن يحول الحول من رأس قابل

أردت به قطع الجواب وإنما

رماك فلم يخطئ بنـات المقاتل

وقلت له لو بايعـوك تبعتهم

فهذا علـي خير حاف وناعـل

وصي رسول الله من دون أهلـه

وفارسه إن قيل هل من منازل

__________________

(١) كذا ورد صدر هذا البيت. والمقطوعة لم تزد في مظنها من ح.

(٢) انظر ص ٣٦٧.

٤١٦

فدونكه إن كنت تبغي مهاجرا

أشم كنصل السيف عير حلاحل (١)

فعرض شعره على علي فقال : « أنت أشعر قريش ». فضرب بها الناس إلى معاوية.

وذكروا أنه اجتمع عند معاوية تلك الليلة عتبة بن أبي سفيان والوليد ابن عقبة ، ومروان بن الحكم ، وعبد الله بن عامر ، وابن طلحة الطلحات ، فقال عتبة : إن أمرنا وأمر علي لعجب ، ليس منا إلا موتور محاج. أما أنا فقتل جدي ، واشترك في دم عمومتي يوم بدر. وأما أنت يا وليد فقتل أباك يوم الجمل ، وأيتم إخوتك. وأما أنت يا مروان فكما قال الأول (٢) :

وأفلتهن علباء جريضا

ولو أدركنه صفر الوطاب (٣)

قال معاوية : هذا الإقرار فأين الغير (٤)؟ قال مروان : أي غير تريد؟ قال : أريد أن يشجر بالرماح. فقال : والله إنك لهازل ، ولقد ثقلنا عليك. فقال الوليد بن عقبة في ذلك :

يقول لنا معاوية بن حرب

أما فيكم لواتركم طلـوب

يشد على أبي حسن علي

بأسمر لا تهجنه الكعـوب

فيهتك مجمـع اللبات منه

ونقع القوم مطرد يثوب

فقلت له أتلعب يا ابـن هند

كأنك وسطنا رجل غريب

أتأمرنا بحية بطن واد

إذا نهشت فليس لها طبيب

__________________

(١) عير القوم : سيدهم. والحلاحل ، بفتح أوله : جمع الحلاحل بضمه ، وهو السيد في عشيرته ، الشجاع ، الركين في مجلسه. وفي الأصل : « بنعل السيف غير حلاحل » تحريف.

(٢) هو امرؤ القيس ، من أبيات له في ديوانه ص ١٦٠.

(٣) علباء هذا هو قاتل والد امرئ القيس ، وهو علباء بن حارث الكاهلي. والجريض : الذي يأخذ بريقه. صفر وطابه : قتل.

(٤) الغير : جمع غيور ، والغيرة : الحمية والأنفة.

٤١٧

وما ضبع يدب ببطـن واد

أتيح له به أسد مهيب

بأضعف حيلة منا إذا ما

لقيناه وذا منا عجيب

دعا للقاه فـي الهيجاء لاق

فأخطأ نفسه الأجـل القريب

سوى عمرو وقتـه خصيتاه

نجا ولقلبه منهـا وجيب

كأن القوم لما عاينوه

خلال النقع ليس لهـم قلوب

لعمر أبي معاوية بن حرب

وما ظني بملقحة العيوب (١)

لقد ناداه فـي الهيجا علي

فأسمعه ولكن لا يجيـب

فغضب عمرو وقال : إن كان الوليد صادقا فليلق عليا ، أو ليقف حيث يسمع صوته.

وقال عمرو :

يذكرني الوليد دعا علـي

وبطن المرء يملؤه الوعيد

متى يذكر مشاهده قريش

يطر من خوفه القلب الشديـد

فأما في اللقاء فأين منه

معاوية بـن حرب والوليد

وعيرني الوليد لقاء ليث

إذا ما زار هابته الأسود (٢)

لقيت ولست أجهله عليا

وقد بلت من العلق الكبـود

فأطعنه ويطعنني خلاسا

وماذا بعد طعنته أريد

فرمها منه يابن أبي معيـط

وأنت الفارس البطـل النجيـد

فإقسم لو سمعت ندا علي

لطار القلب وانتفخ الوريد

ولو لاقيته شقت جيوب

عليك ولطمت فيك الخدود

__________________

(١) كذا ورد هذا العجز.

(٢) زار : زأر وصاح.

٤١٨

آخر الجزء السادس ويتلوه في السابع : « ثم إنهم التقوا بصفين واقتتلوا أشد القتال حتى كادوا أن يتفانوا » : والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما يا إله العالمين آمين رب العالمين.

وجدت في الجزء العاشر من نسخة عبد الوهاب بخطه : « سمع جميعه من الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار ، الأجل السيد الأوحد الإمام قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني وابناه القاضيان [ أبو عبد الله محمد (١) ] وأبو الحسين أحمد ، وأبو عبد الله محمد بن القاضي أبي الفتح بن البيضاوي ، والشريف أبو الفضل محمد بن علي بن أبي يعلى الحسيني ، وأبو منصور محمد بن محمد بن [ قرمي ، بقراءة (٢) ] عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي. وذلك في شعبان سنة أربع وتسعين وأربعمائة ».

__________________

(١) ليست في الأصل ، وإكمالها مما سلف في نظائرها.

(٢) موضعها بياض في الأصل ، وتكملتها مما مضى في أشباهها.

٤١٩
٤٢٠