إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

وقعة صفّين

251/689
*

ما أقبح [ والله ] ما قاتلتم اليوم (١) يأيها الناس ، غضوا الأبصار ، وعضوا على النواجذ ، واستقبلوا القوم بهامكم ، ثم شدوا شدة قوم موتورين بآبائهم وأبنائهم وإخوانهم ، حنقا على عدوهم ، وقد وطنوا على الموت أنفسهم ، كي لا يسبقوا بثأر. إن هؤلاء القوم والله لن يقارعوكم إلا عن دينكم ، ليطفئوا السنة ، ويحيوا البدعة ، ويدخلوكم في أمر قد أخرجكم الله منه بحسن البصيرة. فطيبوا عباد الله نفسا بدمائكم دون دينكم ؛ فإن الفرار فيه سلب العز ، والغلبة على الفيء ، وذل المحيا والممات ، وعار الدنيا والآخرة ، وسخط الله وأليم عقابه.

ثم قال : أيها الناس ، أخلصوا إلى مذحجا. فاجتمعت إليه مذحج ، فقال لهم : عضضتم بصم الجندل! والله ما أرضيتم اليوم ربكم ، ولا نصحتم له في عدوه ، فكيف بذلك وأنتم أبناء الحرب وأصحاب الغارات ، وفتيان الصباح (٢) ، وفرسان الطراد ، وحتوف الأقران ، ومذحج الطعان (٣) ، الذين لم يكونوا يسبقون بثأرهم ولا تطل دماؤهم ، ولا يعرفون في موطن من المواطن بخسف وأنتم أحد أهل مصركم (٤) ، وأعد حي في قومكم (٥) وما تفعلوا في في هذا اليوم فإنه مأثور بعد اليوم. فاتقوا مأثور الحديث في غد (٦) واصدقوا

__________________

(١) وسيأتي في ص ٢٥٢ قوله : « والله ما أحسنتم اليوم القراع ». في ح : « ما فعلتم ».

(٢) فتيان الصباح : فتيان الغارة ، وكانوا يسمون يوم الغارة يوم الصباح.

(٣) في المعارف ٤٩ والعمدة ( ٢ : ١٥٦ ) : « كان يقال : مازن غسان أرباب الملوك ، وحمير أرباب العرب ، وكندة كندة الملك ، ومذحج مذحج الطعان ، وهمدان أحلاس الخيل ».

(٤) ح : « وأنتم سادة مصركم ».

(٥) أعد : أكثر عددا. وفي الحديث : « يخرج جيش من المشرق آدى شيء وأعده » أي أكثره استعدادا وعددا. وفي ح : « وأعز حي » من العزة ، وما أثبت من الأصل يوافق ما في الطبري.

(٦) مأثور الحديث : ما يؤثر ويروى ويخبر الناس به بعضهم بعضا. وفي الأصل : « وأبقوا مآثر الحديث في غد » صوابه في ح والطبري.