الذين صبروا لعدوك من أصحابك؟ ـ [ قال : يعني ربيعة الميسرة ] ـ قال : يا بني [ إن ] لأبيك يوما لن يعدوه ، ولا يبطئ به عنه السعي ، ولا يعجل به إليه المشي. إن أباك والله ما يبالي وقع على الموت أو وقع الموت عليه.
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي إسحاق ، قال : خرج علي يوم صفين وفي يده عنزة (١) ، فمر على سعيد بن قيس الهمداني ، فقال له سعيد : أما تخشى يا أمير المؤمنين أن يغتالك أحد وأنت قرب عدوك؟ فقال له علي : « إنه ليس من أحد إلا عليه من الله حفظة يحفظونه من أن يتردى في قليب ، أو يخر عليه حائط ، أو تصيبه آفة ، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه ».
نصر ، عن عمر ، عن فضيل بن خديج ، عن مولى الأشتر قال : لما انهزمت ميمنة أهل العراق أقبل علي يركض نحو الميسرة يستثيب الناس (٢) ويستوقفهم ويأمرهم بالرجوع نحو الفزع ، حتى مر بالأشتر فقال له : يا مالك. قال : لبيك يا أمير المؤمنين ، قال : ائت [ هؤلاء ] القوم فقل لهم : أين فراركم من الموت الذي لن تعجزوه إلى الحياة التي لا تبقى لكم؟ فمضى الأشتر فاستقبل الناس منهزمين فقال لهم هؤلاء الكلمات التي أمره علي بهن (٣) وقال : أيها الناس ، أنا مالك بن الحارث ـ [ يكررها ـ فلم يلو أحد منهم عليه ]. ثم ظن أنه بالأشتر أعرف في الناس فقال : أيها الناس ، أنا الأشتر ، إلى أيها الناس. فأقبلت إليه طائفة وذهبت عنه طائفة فقال : عضضتم بهن أبيكم ،
__________________
(١) العنزة ، بالتحريك : رميح بين العصا والرمح في أسفله زج.
(٢) يستثيب الناس : يسترجعهم ؛ ثاب : رجع. وفي الأصل : « يستئيب » وفي ح : « يستتب » ووجههما ما أثبت.
(٣) ح : « فقال لهم الكلمات » وفي الطبري ( ٦ : ١١ ) : « هذه الكلمات التي قالها له علي ».