الأثر الخالد في الولد والوالد

السيد علي بن الحسين العلوي

الأثر الخالد في الولد والوالد

المؤلف:

السيد علي بن الحسين العلوي


المحقق: السيّد عادل العلوي
الموضوع : الأخلاق
الناشر: منشورات دار الذخائر للمطبوعان
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEAthar-Khaled-Walad-Waledimagespage0001.png

١
 &

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEAthar-Khaled-Walad-Waledimagespage0002.png

٢
 &

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEAthar-Khaled-Walad-Waledimagespage0003.png

٣
 &

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEAthar-Khaled-Walad-Waledimagespage0004.png

٤
 &

التّمهيد

الاسلام دين الله الخالد قد أنزلت شريعته من السماء جاء لسعادة البشر وكماله وايصاله الى مطلق الكمال والكمال المطلق بتهذيبه وتعليمه البيان وتعديل الغرائز والقوى المكنونة في جبلّته وتنظيم حياته الفردية والاجتماعية على صعيد القسط والموازنة بين ما أودع الله في طبعه وطبيعته وكونه وتحكيم الأسس التربوية في بيئته و علاقاته في اطار التقوى والورع والخط المتبلور بالاستقامة وعدم الانحراف والمنصب في اساليب الهداية والارشاد ، والهادف الى الخير والاحسان والمتفتح أزهاره بالكفاح وبالنّضال والجهاد .

فالاسلام دين الانسانية ، ينظم بأحكامه وتشريعاته العادلة وقوانينه القويمة وجميع شئون الحياة ، في مختلف الحقول الفردية والاجتماعية من الثقافة والسياسية والاقتصاد والأخلاق المجتمع وغير ذلك ، وانّه يطرح برامجه السامية متماشية مع كل عصر وفي كل مواطن فيربّى الأمم والشعوب تربية سامية صالحة ، وفي مساره لا يعترضه الهبوط والسّكون إذ يبتنى صرحه الشامخ على الفطرة والسجايا الانسانية .

وما من صغيرة أو كبيرة الّا وللاسلام العظيم فيه حكم ودستور وتشريع رصين ، فانّه يعلّمنا كيف نعيش وكيف يكون الانسان متقمّصاً برداء الانسانية وينظّم حياته الفردية والاجتماعية ، ومنها علاقاته مع الآخرين ، واليكم قرّائنا الأعزاء نموذج حيّ وصورة بارزة من تلك المفاهيم السامية

٥
 &

والحقائق الناصعة ، وتلك علاقة الآباء والأبناء وبالعكس ومَن ثَمّ حقوقهم وما يجب عليهم كلّ اتجاه الآخر ، بلا ظلم وتعدّي ولا اجحاف وافراط بل في أُفق المحبة والمودّة وعالم الصفاء والصداقة وعدم توتر علاقات الابوّة والبنوّة ، فانّا جعلناكم أُمّةً وسطاً .

وإنّ علاقة الأبوين والأولاد لهي محط أنظار علماء النفس والمجتمع ، بل وللفقهاء مباحث قيّمة تدور حول الوالدين والأبناء في مسائل فقهية فرعية عديدة في كتاب الحج والحدود والنكاح ، وأكثر أبواب الفقه ، ولو أردنا جمعها لأدّى ذلك الى كتاب ضخم ، ولو أردنا تحقيقها والبحث حولها مسبغاً جامعاً لوصل بنا الأمر الى تأليف عشرات من الكتب والرسائل .

وزبدة المخاض أنّ للولد على الوالدين حقوقاً كما للوالدين على الأولاد حقوقاً ، كما هو معلوم ذلك في جميع الأديان السماوية والأنظمة الاجتماعية والقوانين البشرية ـ وان كانت ناقصة ـ .

وأمّا في الشريعة الاسلامية السمحاء ، فنرى ما يعجب الناظر ويدهش المحقق وذلك في كيفية بناء العلاقة ورصانتها وتحكيمها في المجتمع والاشرة وحتى الانسان نفسه .

والجدير بالذكر انّ الولاية للأب وانّ علا دون الام ، ولكنّ المحبة والشفقة والعطوفة للأُمّ أوّلاً ثمّ الأب ، وهناك لطائف وأسرار كثيرة في بيان علاقة الأبّوة والبنوّة من زاوية الاسلام العظيم يقف عليها مطالعنا الكريم في هذا السفر الجليل .

اذ قد تصدّى والدي المرحوم سماحة العلّامة آية الله السيد علي بن الحسين العلوي تغمّده الله برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه

٦
 &

باسلوب شيّق وقلم بارع وتنسيق لطيف وتبويب ظريف لبيان وظائف الآباء والأبناء في كتابه القيّم ( الأثر الخالد في الولد والوالد ) مستلهماً ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة النبوية والولوية من الرسول الأكرم والعترة الطاهرة عليهم السلام ، اذ خلّف رسول الله صلّى الله عليه وآله وترك لنا من بعده الثّقلين ، كتاب الله وعترته وهما الرّكنان الأساسيان للاسلام ، بل الاسلام كلّه ، بتشريع الرسول الأكرم منجي عالم البشرية من حضيض الجهل والشقاء الى وادي السعادة الخصبة بالعلم والايمان .

جزى الله المؤلف خير الجزاء وأحسن العطاء وأجزل الثناء ، ووفقنا الله لما يحبّ ويرضى وقد نقّحتُ الكتاب وأضفت عليه فصولاً والله من وراء القصد ، وما توفيقي الّا بالله العلّي العظيم .

عادل العلوي

ايران ـ قم المقدّسة ـ الحوزة العلمية

٧
 &

الاهداء

اليكم صاحب الزمان ، امامنا المنتظر الحجة الثاني عشر أرواحنا فداه وعجّل الله فرجه الشريف .

الى كلّ والد وما ولد .

الى الشباب الناهض المتعطّش لمعارف الاسلام .

الى طلّاب السعادة وروّاد الحياة الرغيدة .

اليكم هذه الفصول قبسات من نور .

" المؤلف "

٨
 &

الائمة الاطهٰار ولد الرّسول الاكرم

لا يشكّ أحد أن الأئمّة الاثني عشر هم اولاد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من فاطمة سلام الله عليها . وقد صّرح هو صلّى الله عليه وآله بذلك في مواطن عديدة من كلامه .

كما لا شكّ ولا ريب أنّهم عليهم السلام من علي بن أبي طالب عليه السلام وفاطمه عليها السلام .

ولكن بما أن ائمّتنا عليهم السلام لم يدعوا أمرا الّا وبيّنوه لنا لنكن على بصيرة من أمرنا . لذا حدّثونا بهذا وبيّنوا لنا ان الأئمّة محدّثون ايضا . يعني يطلعهم الله تعالى بواسطة حديث الملائكة معهم وذلك ليس على الله بعزيز . وهو جلّت عظمته القائل :

وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ( آل عمران ـ ١٧٩ ) .

١ ـ ابوعلي الأشعري ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن علي بن سماعه ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن ابنه أذينة ، عن زرارة : قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : الاثنا عشر الامام من آل محمّد صلوات الله عليهم كلّهم محدّث من ولد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وولد علي بن أبي طالب عليه السلام فرسول الله صلّى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام هما الوالدان الكافي ج ١ ، ص ٤٤٨ ، باب ما جاء في الاثنى عشر (ع) الحديث ١٤ .

٩
 &

الاولاد والسعادة :

الانسان منذ نعومه اظافره يحب السعاده ويهرب من الشقاء ، فانّه يسعى ويجد بكلّ قواه لنيل السعادة والعيش الرغيد المفعم بالراحة والهناء ويحاول بكلّ طاقاته أن يسعد نفسه أولا ثمّ اسرته ومجتمعه والحق سعادة الانسان والمجتمع في نظام الاسلام الشامل الذي سنّه الله وأنزله والبشرية منذ ميلادها وحتى اليوم وغداً لم تجد نظاماً رصينا في قوانينه ومقاصده وطريقه كالدين الاسلامي القويم اذ هو دين الله والفطرة .

والاسلام جاء لإسعاد الانسان وإدارة دقة السفينة البشرية وسوقها نحو ساحلها المأمون وشاطئها المأمول شاطىء السعادة والعدالة والحرية وساحل الرفاه والسلام والتقدّم والازدهار والوصول الى الكمال المطلق وتوحيد الله الأعظم .

والنصر حليف الاسلام شاءت الأعداء أم أبت والله متم نوره ولو كره المشركون ، وقد أمرنا أن ندعو لسعادة أولادنا ونطلب من الله ذلك وهم أجنّة في بطون أمهاتهم .

بحار الأنوار ج ٥ ص ١٥٥ : باسناده عن كتاب علل الشرائع عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : تعتلج النطفتان في الرحم فأيهما كانت أكثر جاءت تشبهها فان كانت نطفة المرأة أكثر جاءت تشبه أخواله وان كانت نطفة الرجل أكثر جاءت تشبه أعمامه ، وقال : تحول النطفة في الرحم

١٠
 &

أربعين يوما فمن أراد أن يدعو الله عز وجل ففي تلك الأربعين قبل أن تخلق ثم يبعث الله عز وجل ملك الأرحام فيأخذها فيصعد بها الى الله عزوجل فيقف منه ما شاء الله فيقول : الهي أشقيّ أم سعيد ؟ فيوحى الله عزوجل من ذلك ما يشاء ، ويكتب الملك فيقول اللّهمّ كم رزقه وما أجله ؟ ثمّ يكتبه ويكتب كلّ شيء يصيبه في الدنيا بين عينيه ثمّ يرجع به فيردّه في الرحم فذلك الله عز وجل : ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ) .

نهج الفصاحة ص ٢٦٠ حديث ١٢٥٧ : عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : ثلاث من سعادةَ المرء المسلم في الدنيا : الجار الصالح والمسكن الواسع والمركب البهي .

انّ الله تعالى وكّل بالرحم ملكا يقول : أي رب نطفة أي رب علقة ، أي رب مضغة ، فاذا أراد أن يقضى خلقها ، قال : أي رب شقي أو سعيد ذكر أو انثى ؟ فما الرّزق فما الأجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أُمّه .

١١
 &

العزيز في كل مكان

هناك اشياء عزيزة ، كالدرهم والدينار مثلا ، فكثيرا ما يعدو الانسان بك قواه ليصطادهما ، فلا يقادان له ، ولا يعتكفان بساحته ، واذا ضفر بهذين العزيزين ، تراه يصرفهما بكل سهولة ورغبة في الأعز منهما ، كأن لا عزّة لهما على طول الخط . . . وهناك أشياء عزيزة ايضا ، لكن لا كالدرهم والدينار ، ولا يجمعهما وجه شبه ابدا . منها : الولد الرشيد ، المعين لأبويه على حروف الزمان ، والأخذ بايديهما عند العجز والكبر ، فمثله النعمة الكبرى ، والجوهرة الثمينة ، بل انه هو النفس العزيزة وأعّز منها . فيا أيها الأولاد كونوا للآباء عونا وزينا حتّى تعزّوا في الدنيا والآخرة .

١ ـ قال الامام الصادق عليه السلام : ثلاثة اشياء في كل زمان عزيزة وهي الاخاء في الله تعالى ، والزوجة الصالحة الاليفة تعينه في دين الله عزّ وجلّ : والولد الرشيد ، ومن وجد الثلاثة فقد اصاب خير الدارين ، والحظ الأوفر من الدنيا والآخرة . الخ ، جاء في كتاب مصباح الشريعه ، الباب الخامس والخمسون ص ٣٦ .

١٢
 &

المقوم

لا بد لكل شيئ من مقوّم ، فالفرد ـ مثلاً ـ لا يقوّمه الّا النوع ، والنوع لا يقوّمه الّا الجنس والفصل وهكذا . ولا يوجد في الدنيا ما لا مقوّم له . هكذا شاءت ارادة الله تعالى ، لذا نرى أنّ قوّام بعض الاشياء ببعض بحيث لو لا المقوّم ـ بكسره الواو ـ لما وجد المقوّم ـ بفتح الواو ـ .

١ ـ من ذلك قيل أن سبعه أشياء لا قوّام لها الّا بسبعة : منها : الولد بوالده . . . . معدن الجواهر ص ٦٠ .

١٣
 &

عمارة الدّنيا

الدنيا تعمّر بأشياء اهمها التناسل وبقاء النسل وتتبعها امور لا تنفك عنها لتلازمها مع حياة الأفراد مثل الصنايع والمهن والعمارة والعمل والكد والتجارة والفقر والغنى والحاجة والسلطان بمعنى ليتخذ بعضهم بعضا سخريا .

١ ـ قال احد العلماء : أن عمارة الدنيا منوطة بستة احوال : منها : الحنو على الاولاد الذي لو زال من البشر لزال سبب التربية وكان في ذلك الهلاك . . . معدن الجواهر ، باب ذكر ما جاء في ستة ، ص ٥٦ .

٢ ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا ابا ذر : أن الله يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده ، ويحفظه في دويرته والدور حوله ما دام فيهم . . . . پندهاي گرانمايه پيغمبر ص ٣٨ الحديث ٧٨ .

١٤
 &

حرث الدّنيا البنون

انّ ما يحرث الانسان في هذه الحياة ينتج له في هذه وفي بعدها .

أما الذي ينتج في هذه ، فهو المال والولد . فاذا كان المال من حلال فهنيئا له ما يستفيد منه .

وأما الذي ينتج له في تلك ، فهو العمل الصالح الذي قدّمه و زرعه في دنياه .

وعلى هذا يقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأبي ذر :

١ ـ يا أبا ذر : حرث الآخرة العمل الصالح . حرث الدنيا المال والبنون . . . . پندهاى گرانمايه پيغمبر ، ص ٣١ الحديث ٥٨ .

١٥
 &

لذّة الولد

من الحالات النفسانية التي تعتري الانسان هي اللذة ، واللذة لها شعب وموارد كثيرة لا تعد ، ومن مواردها المهمّة لذة الوالد من الولد بقدّه وجماله وأدبه وكماله ونطقه ومشيه وريحه وخلقه وما اشبه .

١ ـ لذا قيل : اطيب الروائح ريحان ، ريح جسد تحبه وريح ولد تمرّ به . . . . معدن الجواهر باب ذكر ما جاء في اثنين ٢٩ .

١٦
 &

الولد نعمة

يهنّأ الانسان على نعم الله تبارك وتعالى ، وأي نعمه اكبر و أعظم من ولد يهبه المولى الكريم جلّ جلاله لأبوين عطوفين حنينين ، يتّبعا انفسهما في نشأه ونموّه وتربيته ، ويخافا عليه من أصغر حادث يربّيه او يؤذيه الى أن يبلغ اشدّه . فياليته يفطن ويبرّ بهما بعد تلك التي مضت ، وهو يسير الى الرشد ، والتهاني تتر على أبويه .

١ ـ من أقوال امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ، قال : في رجل هنّاه بولد شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب ، وبلغ اشدّه ، ورزقت برّه . جاء في كتاب درر الكلم ، في حرف الشين بلفظ شكر ، ص ١٨٣ .

١٧
 &

الولد ريحٰانه

الريحان زرع من الخضروات معطّر ، تميل اليه النفس وترتاح من شمّهة الروح . والولد غُصن شبّهوه بشطب الريحان ، فالأبوان لمّا ينظران الى ولدهما يستشمّا منه ما هو اعطر من الريحان في المعنى و نفوسهما ، وما الذّ من أن يكبر الولد ويمشي أمام ابويه ـ لا سيّما اذا كان صالحا ـ فقد تقل أن رجلا جاء الى البيت الهاشمي يسئل عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وكان بعده وفاته صلّى الله عليه وآله وسلّم والرجل لا يعلم فلما علم حزن حزنا شديدا ، فقال له الحسين عليه السلام روحي فداه ، ما معناه : أتريد أن تنظر الى من يشبه الرسول صلّى الله عليه وآله ، خِلقا وخلقا ومنطقا ، فجاء به الى أن أراه عليا الاكبر عليه السلام ، ففرح الرجل ، ثم سئله الحسين صلوات الله عليه ، ايها الرجل ما الذّ اللذائذ ؟ . فقال : أن يكون عندك ولد كهذا فيمشي أمامك ، ثم قال الحسين عليه السلام ما أشدّ الأحزان فقال فقدك كهذا الولد ، الى آخره . . . لعن الله الظالمين لكم يا آل محمّد صلوات الله وسلامه عليكم أجمعين الى يوم الدين .

١ ـ قال النبي العظيم صلّى الله عليه وآله وسلّم : الولد ريحانة . وريحانتاي الحسن والحسين عليهم صلوات الله تعالى . . . . غوالي الدرر ، حرف الواو ، ص ١٦٨ .

١٨
 &

الانس بالولد

لا شكّ ولا ريب في أن الانسان يأنس ببعض الأشياء المطبوعة ، حيث تتماشى مع طبيعته ، كذلك لا شكّ في أن المطبوعات تختلف و تتمايز عنده ، فبعضها تطابق ذوقه مأة بالمأة ، وبعضها الآخر أقل من الأول ، وهكذا ، هذا كله من الغرائز الأولية والفطرية للبشر .

ثم ان الناس يختلفون حسب اختلاف أذواقهم ، فترى الشيئ المحبوب عند هذا لم يكن محبوبا عند الآخرين ، والمرغوب عند الآخر لم يرغب فيه بعضهم ، والمثل السائر يقول : لو لا اختلاف الأذواق لبارت السلع .

ومن الجدير بالذكر : أنّه مع اختلاف اذواقهم ، وروحيّاتهم ، و أوضاعهم ، وبيآتهم ، كلّهم قد اتّحدوا في أمر واحد ـ وحتى شاركهم به الحيوانات ـ وهو الأنس بالولد ، فالكبير والصغير ، والغني و الفقير ، والأبيض والأسود ، والشريف والوضيع ، كل يأنس بطفله ، و يراه ابدع المخلوقات .

يقال أنّه : قيل للغراب : جئنا بأجمل الفراخ ، فجاء بفرخه ، في حين أن فرخ الغراب من اقبح الفراخ ، فقسّ على هذا : فعلل وتَفعللَ .

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : أتى

١٩
 &

رجل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فقال : يا رسول الله انّي راغب في الجهاد ، نشيط ، قال : فقال له النبي صلّى الله عليه وآله و سلّم : فجاهد في سبيل الله ، فانّك ان تقتل تكن حيّا عند الله ترزق ، و ان تمت فقد وقع أجرك على الله ، وان رجعت ، رجعت من الذنوب كما ولدت ، قال : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله الكرام البرره ) ان لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ، ويكرهان خروجي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين : فقرّ مع والديك ، فو الذي نفسي بيده ، لأنسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة . . . . الكافي ج ٢ ، ص ١٢٨ ، باب البر ، الحديث ١٠ .

٢٠