أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ١٠

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ١٠

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٠

١
٢

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله على ما وهب ، ما خط قلم وما كتب ، والصلاة على محمد وآله زينة العجم والعرب.

بهذه الحلقة تكون موسوعة ( أدب الطف ) قد اجتازت العاشرة من خطواتها فـ ( تلك عشرة كاملة ).

وكنت أتمنى أن أصل بهذه الموسوعة إلى الاعلام الذين عاصرتهم وعاشرتهم حتى أكتب ما شاهدت منهم لا ما سمعت عنهم ، وقد حقق الله أمنيتي وأعطاني رغبتي فله الشكر والفضل ما كر الجديدان انه ولي الاحسان.

المؤلف

٥
٦

الشيخ جعفر النقدي

المتوفى ١٣٧٠

قال يندب حجة آل محمد الامام المهدي عليه‌السلام :

طالت بغيبتك الاعوام والحجج

فداك نفسي متى يأتي لنا الفرج

ماذا اعتذارك للدين الحنيف اذا

وافاك يشكو الرزايا وهو منزعج

الدهر جرد فينا من مصائبه

عضبا غدت فيه منا تسفك المهج

وقام يشمت منا كل ذي حنق

جمر العداوة في أحشاه معتلج

حتى متى الصبر والدنيا قد امتلأت

جورا وقد زاد في آفاقها الهرج

نهضا فركن الهدى من بعد رفعته

قد هدمته رعاع الناس والهمج

هذي امية ظلما دك بينهم

من طود مجدكم في كربلا ثبج

غداة طبقت الدنيا بمارقة

في ظلمة الغي بعد الرشد قد ولجوا

وقال في هلال شهر المحرم :

حسدت أمية هاشما بنبيها

خير البرية سيد الامجاد

ويزيدها قد رام يمحو ذكره

ويبدل التوحيد بالالحاد

وبنهضة السبط الشهيد وقتله

قام الهدى واسم النبي الهادي

فعلى جميع بني الهدى أن يلبسوا

في يوم مصرعه ثياب حداد

٧

الشيخ جعفر ابن الحاج محمد بن عبد الله بن محمد تقي بن الحسن بن الحسين بن علي التقي الربعي المعروف بالنقدي عالم خبير متبحر وأديب واسع الاطلاع ومؤلفاته تشهد بذلك لقد طالعت كتابه ( منن الرحمن في شرح قصيدة الفوز والامان ) بجزئيه فوجدته مشحونا بالادب والعلم وفيه ما لذ وطاب ولو لم يكن له الا هذا المؤلف لكان أقوى شاهد على سعة اطلاعه. ولد في مدينة العمارة ـ ميسان ـ ليلة ١٤ رجب ١٣٠٣ ه‍ نشأ على أبيه الذي كان من المثرين وذوي اليسار فعني بتربيته واحس منه الرغبة الكاملة بالعلم فبعثه الى النجف الأشرف للتحصيل العلمي فنال الحظوة الكافية ودرس دراسة جدية وحضر في الاصول على الشيخ محمد كاظم الخراساني وفي الفقه على السيد محمد كاظم اليزدي ولمع نجمه واشتهر بين أقرانه فوفد اهالي بلدته يطلبونه للاقامة عندهم وذلك عام وفاة أبيه سنة ١٣٣٢ وألزمه العلماء بذلك فأجاب طلبهم وسار إلى هناك مرشداً مصلحا وكانت حكومة الاحتلال تكلفه بملاحظة الدعاوى الشرعية التي كانت ترد عليها فكان الواجب يقضي عليه بالنظر فيها وفي خلال ذلك آثار حسنة منها بناء جامع لم يزل يعرف باسمه ورشحته حكومة الاحتلال للقضاء الشرعي فامتنع لكن الزام العلماء ووجهاء البلد اذ قرروا عدم قبول غيره فقبل وذلك سنة ١٣٣٧.

واستمر في القضاء الى سنة ١٣٤٣ ه‍ ونقل الى بغداد ثم الى عضوية التمييز الشرعي الجعفري وكان لا يفتر عن الكتابة والتأليف والتوفيق يحالفه بكل ما يكتب فمنها :

١ ـ مواهب الواهب في ايمان ابي طالب طبع في النجف.

٢ ـ الانوار العلوية والاسرار المرتضوية طبع في النجف.

٣ ـ وسيلة النجاة في شرح الباقيات الصالحات للعمري ، طبع في ميسان.

٤ ـ الحجاب والسفور طبع أكثر من مرة ببغداد.

٨

٥ ـ الاسلام والمرأة طبع مرات ببغداد.

٦ ـ الدروس الاخلاقية طبع ببغداد.

٧ ـ خزائن الدرر شبه الكشكول في ثلاث مجلدات.

٨ ـ ذخائر العقبى.

٩ ـ تاريخ الكاظمين.

١٠ ـ اباة الضيم في الاسلام.

١١ ـ الروض النضير في شعراء وعلماء القرن المتأخر والاخير.

١٢ ـ ذخائر القيامة في النبوة والامامة.

١٣ ـ الحسام المصقول في نصرة ابن عم الرسول.

١٤ ـ غرة الغرر في الائمة الاثني عشر.

أما شعره فهو من الطبقة الممتازة وأكثره في مدح أهل البيت عليهم‌السلام ، وكتب في الصحف كثيرا ونشر في مجلات وجرائد العراق ومصر ولبنان وسوريا ففي مجلة ( العرفان ) والمرشد والهدى والاعتدال والاستقلال والنجف وغيرها. ترجم له الشيخ محمد السماوي في الطليعة فقال : فاضل مشارك في جملة من العلوم واديب حسن المنثور والمنظوم فمن قوله متغرلا :

لحاظك أم سيوف مرهفات

وقدك في الغلالة أم قناة

أتنكر فتك طرفك بي وهذي

خدودك من دماي مضرجات

جفونك قد رمت قلبي نبالا

فيا لله ما فعل الرماة

فديتك هل تصدق لي الاماني

وان قيل الاماني كاذبات

تسلسل في هواك حديث دمعي

فاسنده عن البحر الرواة

٩

اشبب في ربي نجد وقصدي

ربوعك لا الطلول الدارسات

اسكان الحمى رفقا بصب

تغنت في صبابته الحداة

فلا برق سوى نيران شوقي

وليس سوى جفوني معصرات

ومن عجب تخاف الاسد بأسي

وتسفك مهجتي الريم المهاة

وقوله :

أشمس الرصافة لا حجبت

غيوم الحيا من محياك نورا

مدحت الحجاب الى أن رأت

خدودك عيني مدحت السفورا

ومن نظمه وعنوانه ـ الحياة.

واني لاختار الحياة التي بها

فوائد منها يستفيد بنو جنسي

فان لم تبلغني الحياة ماربي

تخيرت موتا فيه يسترني رمسي

ولي همة شماء لم ترض منزلا

لها في العلى الا على هامة الشمس

يقلب بالآمال قلبي وتنثني

تنافسني في كل مكرمة نفسي

وقال أيضا :

مونسي العلم والكتاب الجليس

لم يرقني من الانام انيس

يا نفوس الورى دعيني ونفسي

انما آفة النفوس النفوس

حبذا وحدة بها لي تجلى

من زماني المعقول والمحسوس

علمتني ان الحياة كتاب

خطه الكون والليالي دروس

نلت فيها ما لم ينله رئيس

حل في دسته ولا مرؤوس

* * *

يا رئيسا ذلت لديه نفوس

رغبة وانحنت اليه رؤوس

كل نفس ما قدستها المزايا

لم يفدها من غيرها التقديس

يا عقولا بالجهل يعبث فيها

من بني الدهر سائس ومسوس

فيك قد أشرقت أشعة قدس

وأضاءت كما تضيء الشموس

ومن عرفانياته قوله وقد نشرتها مجلة الاعتدال النجفية :

١٠

يا من سكن القلب وما فيه سواه

رفقا بمحب بك قد طال عناه

شوقا لمحياك الى البدر صبوت

وجدا ودجى الليل بذكراك لهوت

في اثر محبيك للقياك عدوت

في بادية العشق وقد تهت وتاهوا

في مدرسة الحب تلقيت دروسا

أحييت من الدارس فيهن نفوسا

كم أبصرت العين بدورا وشموسا

لم تحك محياك ولا لمع سناه

ما أسرف في نعتك من قال وغالى

بل قصر اذ مثلك قد عز جمالا

من مظهر معناك تصورت خيالا

فاعتل به القلب وما الطرف رآه

اشتاق الى قربك والقرب منائي

لا صبر على البعد وقد عز عزائي

ما انظر في الكون أمامي وورائي

من يعقل الا وأرى أنت مناه

في المسجد والدير وفي البيعة أمسى

عشاقك يلقون على العالم درسا

من نافذة الكون بهم تهتف همسا

أوصافك كفوا فلقد جل علاه

ومن نوادره قوله :

شوقي اليك عظيم

لا شيء أعظم منه

ان كان عندك شك

فاسأل فؤادك عنه

وقال :

يا منية القلب رفقا

كفاك هذا التجني

هواك أضرم نارا

بين الجوانح مني

ان كان عندك شك

فاسأل فؤادك عني

وقال :

ما بال نشوان بماء الدلال

الا صبا قلبي اليه ومال

مهفهف القد له وجنة

تشرق كالبدر بأوج الكمال

ديباجة الحسن لعشاقه

قد أوضحت عنوان شرح الجمال

نقطة مسك فوق كافورة

يخالها الجاهل في الخد خال

قد خفقت اقراطه مثلما

يخفق قلبي ان مشى باختيال

تسبي لحاظ الظبي الحاظه

وجيده يفضح جيد الغزال

والشعر داج كليالي الجفا

والوجه زاه كصباح الوصال

١١

عهدي بفيه وهو ياقوتة

فمن به نظم هذي اللئال

من ذاق من ريقته شهدة

بشراه قد ذاق الرحيق الزلال

جالت وشاحاه على خصره

وكلما جالت بها القلب جال

لك العنايا واصفا خصره

اكفف فقد رمت بلوغ المحال

ومن روائعه في الاخلاق :

اذا رزق الانسان في الجسم صحة

وكان قنوعا بالذي حل في اليد

وعاشره في بيته من يحبه

فذاك الغنى لا كنز تبر وعسجد

وله شعر كثير لو جمع لكان ديوانا يجمع القصائد المطولة وبعضها في مدح الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والتشوق إلى النجف ـ موطن دراسته ـ ومن قوله في الإمام المهدي عليه‌السلام :

أما وعينيك ان القلب مكمود

من ساءني رزؤكم ما سرني عيد

ما العيد الا بيوم فيه انت ترى

تلقى اليك من الدنيا مقاليد

وتملأ الأرض قسطا بعدما ملئت

جورا وقد حل في أعداك تنكيد

يا صاحب العصران العصر قد نقصت

أخياره وبن والأشرار قد زيدوا

وصارم الغدر في اعناق شيعتكم

قد جردته الاعادي وهو مغمود

الله أكبر يا ابن العسكري متى

تبدو فيفرح ايمان وتوحيد

فديت صبرك كم تغضي وأنت ترى

شمل الزمان به قد حل تبديد

وذي نواظرنا تجري مدامعها

وملؤهن من الارزاء تسهيد

تالله ما انعقدت يوما محافلنا

الا بها مأتم للسبط معقود

وروى له الشيخ السماوي في ( الطليعة ) قصيدة في الامام الحسين عليه‌السلام وأولها :

سرى يخبط البيدا بهم ذلك الركب

وسار من المشتاق في اثرهم قلب

ومنها :

هوى للثرى من سرجه فتزلزلت

له السبعة الافلاك وارتجت الحجب

١٢

قضى نحبه ظامي الحشا بعدما ارتوى

بفيض دماء القوم صارمه العضب

وما انكشفت من قبله الحرب عن فتى

بمصرعه منه العدى نابها الرعب

كنت مشغولا بالكتابة عن المترجم له في يوم ١٧ ـ ١٠ ـ ١٩٧٧ وهو يوم "تعداد العام لسكان العراق فدخل الشاب المحامي محسن الشيخ جواد الشيخ محمد حسن سميسم ليقوم بتسجيل افراد العائلة ولما رأى الترجمة قال : ان المترجم له أرخ ولادتي بقوله :

بشرى الجواد بمولد

فقدومه بالخير معلن

ولد بتاج العز وال‍

‍علياء توجه المهيمن

آل السميسم داركم

ارختها ضاءت بمحسن

وفي مخطوطاتي قصيدة من نظم المترجم له يرثي بها السيدة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين علي وشريكة الحسين في النهضة وأولها :

ما جف دمع المستهام المغرم

بعد الوقوف ضحى بتلك الارسم

وفي أواخرها :

أشقيقة السبطين دونك مدحة

قس الفصاحة مثلها لم ينظم

تمتاز بالحق الصريح لو أنها

قيست بشعر البحتري ومسلم

بيمين اخلاصي اليك رفعتها

ارجو خلاصي من عذاب جهنم

وعليك صلى الله ما رفعت له

أيدي محل بالدعاء ومحرم

وهي ٥٣ بيتا ما زلت احتفظ بها وبخطه والتوقيع : نظم عبد ذوي الولاء جعفر نقدي :

توفي رحمه الله فجأة في اليوم التاسع من محرم الحرام ١٣٧٠هـ في حسينية آل الياسين بالكاظمية في المأتم الحسيني فارتجت الكاظمية لفقده وحمل الى النجف فدفن يوم تاسوعا في الصحن العلوي الشريف ، وكان قد سبقه البحاثة الشيخ محمد السماوي الى دار البقاء بخمسة ايام كما ذكر الشيخ الطهراني في النقباء.

١٣

الشيخ حسين شهيب

المتوفى سنة ١٣٧٠

لقد هاج في قلب الشجي غرام

لركب بجرعاء الغميم أقاموا

سروا فأذلت الدمع اثر مسيرهم

دما والحشا منى عراه سقام

وقد قوض الصبر الجميل لبينهم

وشب عليهم في الفؤاد ضرام

ظللت أنادي في الربوع فلم يجب

ندائي وأنى للربوع كلام

أأحبابنا هل من سبيل لوصلكم

فيحيى فؤاد لج فيه هيام

وهل نلتقي بعد الفراق سويعة

فيطفى من القلب الشجي أوام

فيا سعد دع عنك الصبابة والهوى

وعرج على من بالطفوف أقاموا

وحي كراما من سلالة هاشم

نمتها الى المجد الاثيل كرام

بنفسي افدي اسرة هاشمية

لها قد سما فوق السماك مقام

رأت ان دين الله بين أمية

تلاعب فيه ما تشاء طغام

فقامت لنصر الدين فرسان غالب

عليها من البأس الشديد وسام

وقد جردت عضبا من الحزم لو رمت

شماما به لا نهد منه شمام

الى أن ثووا في الترب بين مبضع

ومنعفر منه تطاير هام

فجاءهم سبط الرسول مناديا

احباي هبوا فالمنام حرام

رضيتم بأن ابقى وحيدا وانتم

ضحايا على وجه الصعيد نيام

الى أن قضى حق العلى بمواقف

بها قام للدين الحنيف دعام

فأردوه بالبيض الصفاح وبالقنا

ولم يرع فيه للنبي ذمام

فخر على وجه الثرى عن جواده

وفيه احاطت بالسيوف لئام

فأقبلن ربات الخدور حواسرا

وليس لها الا العفاف لثام

١٤

أحطن به مستصرخات كأنها

حمام على أوكارهن حيام

واعظمها وجدا عقيلة حيدر

تنادي أخاها والدموع سجام

علي عزيز أن أراكم على الثرى

تداس لكم بالصافنات عظام

خطيب توارث الخطابة عن اب عن جد من أسرة عربية تعتز بخدمة المنبر الحسيني فهو الشيخ حسين ابن الشيخ محمد خطيب الحلة الفيحاء ابن الخطيب الشيخ عبد الحسين وكذلك جد والده الشيخ شهيب. ولد في الحلة حوالي سنة ١٣٢٢ ه‍ ونشأ في كنف والده فكان عونا له في أداء مهمته الخطابية كما مرنه اخوه الدكتور محمد مهدي البصير على تعاطي الادب ونظم الشعر. توفي فجأة بالحلة بالسكتة القلبية وحمل نعشه الى النجف ودفن بها سنة ١٣٧٠ وجزع ابوه لفقده جزعا شديدا حتى ذهب بصره ، وأقام له الاستاذ السيد علي القزويني المحامي معتمد فرع حزب الاستقلال بالحلة حفلا اربعينيا في مقر فرع الحزب حيث كان من أعضائه وأبنه جماعة من شعراء اللغتين الفصحى والدارجة. ترجم له الشيخ اليعقوبي في البابليات والخاقاني في شعراء الحلة قال وله شعر كثير في السياسة والاجتماع وهو من النوع المقبول.

١٥

الشيخ محمد رضا ياسين

المتوفى ١٣٧٠

قال قدس الله نفسه الطاهرة عندما زار مرقد مسلم بن عقيل سلام الله عليه :

ان جئت كوفان يوما

وطفت تلك المغاني

زر مسلم بن عقيل

وحي مرقد هاني

تفز بما ترتجيه

من المنى والاماني

اسرة آل ياسين عريقة بالعلم والفضل وتعتبر الاسرة الموجهة للناس الى الخير والكمال وقد توارثت الزعامة الروحية وتولت القيادة الدينية فأحسنت القيادة ، وشيخنا المترجم له كان بركة الارض بتقواه وورعه وقداسة ذاته وطيب أعراقه.

ولد في الكاظمية ضحوة الاربعاء سابع ربيع الاول ١٢٩٧ ه‍ من ابوين كريمين فكان مثال الوداعة في طفولته واشتغل بالدراسة منذ نعومة اظفاره وتفرست الناس فيه النبوغ والعبقرية وعقدوا عليه الآمال وما كاد يتخطى العقد الثاني حتى شهد له اعلام

١٦

عصره بالاجتهاد ، واستوطن النجف عام ١٣٣٦ ه‍ فكان فيها من شيوخ الفقه وملتقى رجال الفكر وابطال العلم وعرف بتحقيقه وغزارة فقهه ، ما جلست اليه مرة الا وتملكتني الهيبة فقد كان أضوء من المصباح لصباحة وجهه وما أحلى تلك الشيبة البهية يجلله الوقار والعظمة وافضل مميزاته زهده في الدنيا وانصرافه عنها. رجع اليه الناس عن عقيدة صميمة واحبه الخاص والعام وتوافدت عليه وجهاء الاقطار.

وفي كل ذلك يحاول أن يزوي نفسه ويفسح لمن يرغب في الشهرة ومع كل ذلك فقد طبعت رسالته ( بلغة الراغبين في فقه آل ياسين ) مرارا كثيرة ، ولقد دعيت مرة إلى مأتم يختص بالسيد الجليل السيد محمد بن الإمام علي الهادي سلام الله عليه وبعد الفراغ من الحديث انشدنا رحمه الله من نظمه :

يا أبا جعفر اليك لجأنا

ولمغناك دون غيرك جئنا

فعسى تنجلي لنا آي قدس

فنرى بالعيان ما قد سمعنا

وقل ما رأيت مرجعا من المراجع يخلو من ناقم عليه أو ناقد له ولحاشيته ولكن شيخنا المترجم له أكاد ان اقول اجمع الناس على حبه والثقة به.

توفي بالكوفة يوم السبت في الساعة السابعة والنصف عصرا ٢٨ من رجب سنة ١٣٧٠ وكان يوما مشهودا ونعته الاذاعة وعطلت الاسواق وحمل النعش للنجف بأعلام مجللة بالسواد والاناشيد المحزنة ترددها مختلف الطبقات رحمه الله رحمة واسعة وقد اصدر صاحب مجلة البيان النجفية عددا خاصا حافلا بالشعر والنثر.

١٧

الشيخ محمد السماوي

المتوفى ١٣٧٠

من قصيدة طويلة للشيخ محمد السماوي وقد تضمنت الابيات المعروفة لجعفر بن ورقاء (١).

كم دمع عينك يهمع

أفما تكف الادمع

وتوثب الحقد الحسين

فسار فيه يجعجع

حتى رماه بكربلا

حيث الجيوش تجمع

والمشرفية شهر

والسمهرية شرع

والنبل قد ملأ الفضا

ء مخطف أو وقع

__________________

١ ـ جعفر بن ورقاء الشيباني هو ابو محمد كان فاضلا اديبا مصنفا وكان أمير بني شيبان وتقلد عدة ولايات للمقتدر ، وكان شاعرا جيد البديهة يأخذ القلم ويكتب ما يريد من نثر ونظم كأنما هو محفوظ له ، وله مع سيف الدولة مكاتبات ، ذكره النجاشي والعلامة وغيرهما. ولد بسامراء سن مائتين واثنتين وسبعين وتوفي في رمضان سنة ثلثمائة واثنتين وخمسين كما في فوات الوفيات. انتهى عن الطليعة من شعراء الشيعة للشيخ السماوي كما نسب له الابيات المشهورة والتي أولها :

رأس ابن بنت محمد ووصيه

للناظرين على قناة يرفع

وقد تقدم في الجزء الأول من هذه الموسوعة ان هذه الابيات للشاعر دعبل بن علي الخزاعي كما يقول الحموي في معجم الادباء.

١٨

والنقع يدجو والبوا

رق في دجاه لمع

فثنى على القربوس رجلا

وانثنى يتطلع

وهداهم وعظا فلم

يصغوا اليه ولم يعوا

فاستل صارمه فهام

لا تعد وأذرع

مهما محا جمعا تكتب

آخر متجمع

ضاق الفضاء وسيفه

ان ضاق فيهم يوسع

غرثان لا يروى بغير

دمائهم أو يشبع

صافي الحديدة لا يزال

فرنده يتشعشع

مما يكونه الاله

له ومما يصنع

حتى دعاه الله واز

دهى المقام الارفع

فأجاب داعي ربه

لبيك ها أنا طيع

ورمى الحسام فعاد و

هو الى المواضي مرتع

صلت عليه المرهفات

فسجد أو ركع

وتشابكت فيه النبا

ل فخر وهو مدرع

وتناكصت عنه الحجا

رة ليس فيه موضع

فاقل رأس بالسنان

له وديست أضلع

يا للرجال لحادث

منه الجبال تصدع

( رأس ابن بنت محمد )

فوق الاسنة يرفع

( والجسم منه على الثرى )

ثاو هناك مبضع

( والمسلمون لهم هنا )

لك منظر أو مسمع

( لا منتكر فيهم ولا )

منهم له متوجع

( كحلت بمنظرك العيون )

عماية لا تقلع

( وأصم رزؤك في البر

ية ) كل اذن تسمع

( أسهرت اجفانا )

وكنت لها كرى يتمتع

( وأنمت أخرى لم تكن )

من خوف بأسك تهجع

نم كيفما شاؤا فأنت

الضيغم المستجمع

يخشى وثوبك في الحيا

ة وفي الممات ويفزع

ما بقعة الا تمنت

أنها لك موضع

١٩

ولسر علمك مدفن

ولطيب جسمك مضجع

ءأبا علي لا يزل

يجري لرزئك مدمع

ويذوب قلب من مصا

بك ذا وتخفق أضلع

والهفتاه تقطع الا

حشا وليست تقطع

ما ان يبرد اصبع

تدمى وسن يقرع

كلا ولا اللبات تلد

م والجباه تبضع

ان الاسى ذاك الاسى

معها فماذا نصنع

الشيخ محمد ابن الشيخ طاهر بن حبيب بن الحسين بن محسن الفضلي السماوي كان أبوه عالما فاضلا والمترجم له ولد في السماوة بتاريخ ٢٧ ذي الحجة عام ١٢٩٢ ه‍ ونشأ بها وبعد عشر سنوات من ولادته توفي ابوه فهاجر الى النجف لطلب العلم فقرأ المبادئ على العلامة الشيخ شكر البغدادي والشيخ عبد الله بن معتوق القطيفي ودرس الرياضيات على الشيخ آغا رضا الاصفهاني وأصول الفقه على الشيخ علي ابن الشيخ باقر صاحب الجواهر كما درس على الشيخ آغا رضا الهمداني والسيد محمد الهندي والشيخ حسن المامقاني وشيخ الشريعة وممن زوده باجازة الاجتهاد الحجة السيد حسن الصدر والشيخ علي الشيخ باقر ثم عين قاضيا في المحكمة الشرعية الجعفرية في النجف الاشرف طيلة زمن الاحتلال وعامين من الحكم الوطني ثم نقل الى كربلاء فبقي سنتين ومنها الى بغداد فبقي عشر سنين بين القضاء والتمييز الشرعي وأخيرا طلب نقله الى النجف وبقي يشغل منصب القضاء سنة واحدة ثم استقال على أثر خلاف بينه وبين فخامة السيد محمد الصدر ونظم الخطيب محمد علي اليعقوبي :

قل للسماوي الذي

فلك القضاء به يدور

الناس تضربها الذيو

ل وأنت تضربك الصدور

يقول صاحب شعراء الغري : والسماوي مارس الصحافة واشتغل كمحرر في صحيفة ( الزوراء ) الرسمية والتي كانت ببغداد باللغتين : التركية والعربية مدة سنتين وذلك في أواخر العهد التركي

٢٠