تذكرة الفقهاء - ج ٦

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٦

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-46-9
الصفحات: ٣٤٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

تذكرة الفقهاء الجزء السادس ـ العلامة الحلّي

١
 &

تذكرة الفقهاء الجزء السادس ـ العلامة الحلّي

٢
 &

تذكرة الفقهاء الجزء السادس ـ العلامة الحلّي

٣
 &

تذكرة الفقهاء الجزء السادس ـ العلامة الحلّي

٤
 &

كتاب الصوم‌

وفيه مقدمة وفصول :

الصوم لغةً : الإِمساك (١) ، وشرعاً : الإِمساك عن أشياء مخصوصة من أول طلوع الفجر الثاني الى غروب الشمس .

وينقسم الى واجب ومندوب ومكروه ومحظور .

أمّا الواجب فستة : صوم شهر رمضان ، والكفّارات ، ودم المتعة ، والنذر وما في معناه ، والاعتكاف على وجه ، وقضاء الواجب .

وأمّا المندوب (٢) : فجميع أيام السنة إلّا العيدين وأيّام التشريق لمن كان بمنى .

ويتأكّد أربعة عشر : صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر : أول خميس من كلّ شهر ، وآخر خميس منه ، وأول أربعاء في العشر الثاني ، وثلاثة أيام البيض ، والغدير ، ومولد النبي عليه السلام ، ومبعثه ، ودَحو الأرض ، وعرفة لمن لا يُضعفه عن الدعاء ، وعاشوراء على جهة الحزن ، ويوم المباهلة ، وكلّ خميس ، وكلّ جمعة ، وأول ذي الحجة ، وشهر رجب وشعبان .

وأمّا المكروه : فصوم عرفة لمن يضعف عن الدعاء ، أو يشك في الهلال ،

__________________

(١) اُنظر : الصحاح ٥ : ١٩٧٠ .

(٢) في النسخ الخطية : الندب . وما أثبتناه من الطبعة الحجرية .

٥
 &

والنافلة سفراً عدا ثلاثة أيّام بالمدينة للحاجة ، والضيف ندباً بدون إذن مضيفه ، أو الولد بدون إذن الوالد ، والصوم ندباً للمدعوّ إلى طعام .

وأمّا المحظور فتسعة : صوم العيدين ، وأيام التشريق لمن كان بمنى ، ويوم الشك بنية الفرض ، وصوم نذر المعصية ، وصوم الصمت ، وصوم الوصال ، وصوم المرأة والعبد ندباً بدون إذن الزوج والمالك ، وصوم الواجب سفراً عدا ما استثني .

قيل : أول ما فرض صوم عاشوراء .

وقيل : كان تطوعاً لا فرضاً .

وقيل : لمّا قدم النبي عليه السلام [ المدينة ] (١) أمر بصيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر ، وهو قوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ) (٢) ثم نسخ بقوله تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَانَ ) (٣) (٤) .

وقيل : المراد بالأيام المعدودات شهر رمضان ، فلا نسخ .

وقيل : أول ما فرض صوم رمضان لا عيناً ، بل مخيّراً بينه وبين الفدية ، وكان الصوم أفضل ؛ لقوله : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ) (٥) الآية ، ثم نسخ بقوله : ( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) (٦) .

قيل : وكان الصوم في بدء الإِسلام أن يمسك بعد صلاة العشاء الآخرة ، أو ينام إلى أن تغيب الشمس ، فإذا غربت حلَّ الأكل والشرب إلى أن يصلّي العشاء أو ينام .

وصوم شهر رمضان واجب بالنص والإِجماع .

__________________

(١) الزيادة أثبتناها من المصدر .

(٢) البقرة : ١٨٣ .

(٣) البقرة : ١٨٥ .

(٤) اُنظر : سنن البيهقي ٤ : ٢٠٠ و ٢٠١ .

(٥) البقرة : ١٨٤ .

(٦) البقرة : ١٨٥ .

٦
 &

الفصل الأول في النيّة‌

مسألة ١ : شرط صحة الصوم : النيّة‌ ، واجباً كان أو ندباً ، رمضان كان أو غيره ، بإجماع علمائنا ـ وبه قال أكثر الفقهاء (١) ـ لقوله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ ) (٢) .

وقوله عليه السلام : ( إنّما الأعمال بالنّيات ) (٣) .

وقوله عليه السلام : ( مَن لم يُبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له ) (٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الرضا عليه السلام : « لا عمل إلّا بنيّة » (٥) .

ولافتقار قضائه إلى النيّة ، فكذا أداؤه كالصلاة .

وحكي عن زفر بن الهذيل ومجاهد وعطاء : أنّ صوم رمضان إذا تعيّن ، بأن كان مقيماً صحيحاً ، لا يفتقر إلى النيّة ؛ لأنّه فرض مستحق لعينه ، فأشبه‌

__________________

(١) اُنظر : المجموع ٦ : ٣٠٠ ، والمغني ٣ : ١٨ .

(٢) البيّنة : ٥ .

(٣) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ / ٤٢٢٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، سنن البيهقي ٧ : ٣٤١ .

(٤) سنن الدارقطني ٢ : ١٧١ / ١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٢ و ٢١٣ .

(٥) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، والمعتبر : ٣٦ .

٧
 &

ردّ الوديعة (١) .

والفرق : أنّ الوديعة حقّ الآدمي .

مسألة ٢ : الصوم إن كان معيّناً بأصل الشرع كرمضان ، كفى فيه نيّة القربة‌ ، وهو : أن ينوي الصوم لوجوبه متقرباً إلى الله تعالى ، لا غير ، ولا يفتقر إلى التعيين ، وهو : أن ينوي رمضان عند علمائنا ـ وبه قال الشافعي في أحد قوليه (٢) ـ لأنّ القصد من نيّة التعيين تمييز أحد الفعلين أو أحد وجهي الفعل الواحد عن الآخر ، ولا يتحقّق التعدّد هنا ؛ فإنّه لا يقع في رمضان غيره ، فأشبه ردّ الوديعة .

وفي الثاني للشافعي : أنّه يفتقر ـ وبه قال مالك ـ لأنّه صوم واجب فيشترط فيه التعيين كالقضاء (٣) .

وليس بجيّد ؛ لعدم تعيّن زمان القضاء .

وقال أبو حنيفة بالاكتفاء إن كان مقيماً (٤) .

وإن كان معيَّناً لا بأصل الشرع ، بل بالنذر وشبهه ، قال السيد المرتضى رحمه الله : تكفي فيه نية القربة كرمضان (٥) ـ وبه قال أبو حنيفة (٦) ـ لأنّه زمان‌

__________________

(١) المجموع ٦ : ٣٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ٨٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٩ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٥٩ .

(٢) المجموع ٦ : ٢٩٤ ، فتح العزيز ٦ : ٢٩٩ .

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٨ ، المجموع ٦ : ٢٩٤ و ٣٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ٢٩٢ و ٢٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٢ ، المغني ٣ : ٢٦ ـ ٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩ .

(٤) المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٨٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٧ ، المجموع ٦ : ٣٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ٢٩٢ ، المغني ٣ : ٢٧ ـ ٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠ .

(٥) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٣ .

(٦) بدائع الصنائع ٢ : ٨٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٧ ، فتح العزيز ٦ : ٢٩٢ ، المجموع ٦ : ٣٠٢ .

٨
 &

تعيّن للصوم بالنذر ، فأشبه رمضان .

وقال الشيخ : لا تكفي ، بل لا بدّ فيه من نيّة التعيين (١) ـ وبه قال الشافعي ومالك وأحمد (٢) ـ لأنّه لم يتعيّن بأصل الشرع ، فأشبه النذر المطلق . وهو ممنوع .

وإن لم يكن معيَّناً كالنذور المطلقة وقضاء رمضان وصوم الكفّارات وصوم النافلة ، فلا بدّ فيه من نيّة التعيين عند العلماء كافة ؛ لأنّه زمان لا يتعيّن الصوم فيه ، ولا يتحقّق وجهه ، فاحتاج الى المخصّص .

فروع :

أ ـ لا بدّ من نية الفرض وإن كان الصوم معيَّناً كرمضان‌ ، وللشافعي قولان (٣) .

ب ـ ليس للمسافر أن يصوم رمضان بنيّة أنّه منه أو من غيره‌ ؛ لأنّ الصوم في سفر القصر حرام ، ولا يقع في رمضان غيره ؛ للنهي عن الصوم ، المقتضي للفساد ، وبه قال الشافعي وأكثر الفقهاء (٤) .

وقال أبو حنيفة : يقع عمّا نواه إذا كان واجباً (٥) .

وقال أبو يوسف ومحمد : يقع عن رمضان (٦) .

__________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٨ ، الخلاف ٢ : ١٦٤ ، المسألة ٤ .

(٢) المجموع ٦ : ٣٠٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٢ ، المغني ٣ : ٢٦ ـ ٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩ .

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٨ ، المجموع ٦ : ٢٩٤ ـ ٢٩٥ و ٣٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ٢٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٧ .

(٤) الوجيز ١ : ١٠٤ ، فتح العزيز ٦ : ٤٤١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٦ ، المجموع ٦ : ٢٦٣ .

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٨٤ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦١ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٩ ، المجموع ٦ : ٢٦٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٤١ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٧ .

(٦) بدائع الصنائع ٢ : ٨٤ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦١ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٩ .

٩
 &

ج ـ لو نوى الحاضر في رمضان صوماً مطلقاً ، وقع عن رمضان إجماعاً . ولو نوى غيره مع الجهل فكذلك ؛ للاكتفاء بنية القربة في رمضان وقد حصلت ، فلا تضرّ الضميمة ، ومع العلم كذلك ؛ لهذا الدليل ، ويحتمل البطلان ؛ لعدم قصد رمضان والمطلق فلا يقعان ؛ لقوله عليه السلام : ( وإنّما لكلّ امرئٍ ما نوى ) (١) والمقصود منهي في رمضان .

د ـ شرط النية الجزم ، فلو قال : أنا صائم غداً إن شاء الله ؛ فإن قصد التبرّك أجزأ ، وإلّا فلا .

ولو نوى قضاء رمضان أو تطوّعاً ، لم يصح ؛ لعدم التعيين ، فلا جزم في كلٍّ منهما .

وقال أبو يوسف : يقع عن القضاء ؛ لعدم افتقار التطوّع إلى التعيين ، فكأنّه نوى القضاء وصوماً مطلقاً (٢) .

وقال محمد : يقع تطوّعاً ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأنّ زمان القضاء يصلح للتطوّع ، فإذا سقطت نيّة الفرض بالتشريك ، بقيت نيّة الصوم ، فوقع تطوّعاً (٤) .

وكلاهما ضعيف .

مسألة ٣ : وقت النيّة في المعيَّن كرمضان والنذر المعيَّن : من أول الليل إلى أن يطلع الفجر‌ ، ولا يجوز تأخيرها عن الطلوع مع العلم ، فيفسد صومه إذا أخّر عامداً ؛ لمضيّ جزء من النهار بغير نيّة ، والصوم لا يتبعّض ، ويجب عليه الإِمساك .

ولو تركها ناسياً أو لعذر ، جاز تجديدها الى الزوال ؛ لأنّ أعرابيّاً جاء الى

__________________

(١) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، وسنن البيهقي ٧ : ٣٤١ .

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٨٥ ، المجموع ٦ : ٢٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٨ .

(٣) المجموع ٦ : ٢٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٨ .

(٤) بدائع الصنائع ٢ : ٨٥ ، المجموع ٦ : ٢٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٨ .

١٠
 &

النبي عليه السلام ، وقد أصبح الناس يوم الشك ، فشهد برؤية الهلال ، فأمر النبي عليه السلام منادياً ينادي : مَن لم يأكل فليصم ، ومَن أكل فليمسك (١) ، وإذا جاز مع العذر ـ وهو الجهل ـ جاز مع النسيان .

وقال الشافعي : لا يجزئ الصيام إلّا بنيّة من الليل في الواجب كلّه ، المعيّن وغيره ؛ وبه قال مالك وأحمد (٢) ـ وفي جواز مقارنة النيّة لطلوع الفجر عنده وجهان (٣) ـ لقوله عليه السلام : ( لا صيام لمن لم يبيّت الصيام قبل الفجر ) (٤) .

ونقول بموجبه في العمد .

وقال أبو حنيفة : يصحّ صوم رمضان بنيّة قبل الزوال ، وكذا كلّ صوم معيَّن بالقياس على التطوّع (٥) .

والفرق : المسامحة في التطوّع تكثيراً له حيث قد يبدو له الصوم في النهار ، ولو شرطت النيّة ليلاً لَمُنع منه .

فروع :

أ ـ لو نوى أيّ وقت كان من الليل أجزأ ؛ لقوله عليه السلام : ( لا صيام‌

__________________

(١) أورده المحقق في المعتبر : ٢٩٩ ، والسرخسي في المبسوط ٣ : ٦٢ .

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٧ ، المجموع ٦ : ٢٨٩ ـ ٢٩٠ و ٣٠١ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٦ ، فتح العزيز ٦ : ٣٠٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٣ ، المغني ٣ : ١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ .

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٧ ، المجموع ٦ : ٢٩٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٦ .

(٤) سنن الدارقطني ٢ : ١٧٢ / ١ ، سنن الدارمي ٢ : ٧ ، سنن النسائي ٤ : ١٩٦ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٢ بتفاوت .

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٨٥ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٢ ، المجموع ٦ : ٣٠١ ، فتح العزيز ٦ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٣ ، المغني ٣ : ١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ .

١١
 &

لمن لم يبيّت الصيام من الليل ) (١) وهو عام .

وقال بعض الشافعية : إنّما تصح النية في النصف الثاني منه دون الأول ؛ لاختصاصه بأذان الصبح والدفع من مزدلفة (٢) .

والفرق : جوازهما بعد الصبح ، فلا يفضي منعهما في الأول إلى فواتهما ، بخلاف النيّة ؛ فإنّ أكثر الناس قد لا ينتبه في النصف الثاني ، ولا يذكر الصوم .

ب ـ تجوز مقارنة النيّة لطلوع الفجر ؛ لأنّ محلّ الصوم النهار ، والنيّة مقارنة .

وقال بعض الشافعية : يجب تقديمها على الفجر (٣) ؛ لقوله عليه السلام : ( من لم يجمع قبل الفجر فلا صيام له ) (٤) .

ولا حجّة فيه ؛ لأنّ المقارنة متعذّرة غالباً ، والتأخير ممنوع منه ، فتعيّن السبق ؛ لإِزالة مشقّة ضبط المقارنة ، ومع فرض وقوعها يجب الإِجزاء .

ج ـ يجوز أن يفعل بعد النيّة ما ينافي الصوم إلى قبل الفجر ، وأن ينام بعد النيّة ؛ لقوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ ) (٥) خلافاً لأبي إسحاق من الشافعية (٦) .

د ـ لو نوى الصوم في رمضان ، ثم نوى الخروج منه بعد انعقاده ، لم ‌

__________________

(١) سنن النسائي ٤ : ١٩٧ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٢ بتفاوت .

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٧ ، المجموع ٦ : ٢٩٠ و ٢٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٣٠٥ .

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٧ ، المجموع ٦ : ٢٩٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ .

(٤) سنن أبي داود ٢ : ٣٢٩ / ٢٤٥٤ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٢ ، سنن الترمذي ٣ : ١٠٨ / ٧٣٠ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٧٢ / ٣ .

(٥) البقرة : ١٨٧ .

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٨ ، المجموع ٦ : ٢٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٦ .

١٢
 &

يبطل عند الشيخ (١) والشافعي في أحد قوليه ؛ لانعقاده أوّلاً ، فلا يبطل بغير المفطر .

وفي الآخر : يبطل ؛ لمضي جزء من النهار بغير نيّة فعلاً وقوّةً ، ولا عمل إلّا بنيّة (٢) .

هـ ـ لو شك هل يخرج أم لا ، لم يخرج ؛ لأنّه لا يخرج مع الجزم ، فمع الشك أولى ، وللشافعية وجهان (٣) .

و ـ لو نوى أنّه يصوم غداً من رمضان لسنة تسعين ، وكانت إحدى وتسعين ، صحّ ـ خلافاً لبعض الشافعية (٤) ـ لوجود الشرط ، فلا يؤثّر الغلط ، كما لو نوى الثلاثاء فبان الأربعاء .

ولو كان عليه قضاء اليوم الأول ، فنوى قضاء الثاني ، أو كان عليه يوم من سنة خمس ، فنواه من سنة ست ، لم يصح ؛ لأنّه صوم لا يتعيّن بزمان ، فلا بدّ فيه من النيّة ، والذي عليه لم يَنْوه .

مسألة ٤ : الواجب غير المعيَّن كالقضاء والنذر المطلق ، يستمر وقت النيّة فيه إلى الزوال‌ إذا لم يفعل المنافي نهاراً ؛ لعدم تعيّن زمانه ، فجاز تجديد النيّة إلى الزوال ، كالنافلة .

ولأنّ هشام بن سالم قال للصادق عليه السلام : الرجل يصبح لا ينوي الصوم ، فإذا تعالى النهار ، حدث له رأي في الصوم ، فقال : « إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس ، حسب له يوم ، وإن نواه بعد الزوال ، حسب له من الوقت الذي نوى » (٥) .

__________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٨ .

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٨ ، المجموع ٦ : ٢٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٧ .

(٣) المجموع ٦ : ٢٩٧ .

(٤) وهو القاضي أبو الطيب كما في حلية العلماء ٣ : ١٨٩ .

(٥) التهذيب ٤ : ١٨٨ / ٥٢٨ .

١٣
 &

وسأل صالح بن عبدالله ، الكاظم عليه السلام ، عن رجل جعل الله عليه صيام شهر فيصبح وهو ينوي الصوم ، ثم يبدو له فيفطر ، ويصبح وهو لا ينوي الصوم فيبدو له فيصوم ، فقال : « هذا كلّه جائز » (١) .

وسأل عبد الرحمن بن الحجاج ، الكاظم عليه السلام ، عن الرجل يصبح لم يطعم ولم يشرب ولم يَنو صوماً ، وكان عليه يوم من شهر رمضان ، إله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار ؟ فقال : « نعم ، له أن يصوم ويعتدّ له من شهر رمضان » (٢) .

وقال أبو حنيفة : لا يجزئ إلّا من الليل ، وبه قال الفقهاء (٣) ؛ لقوله عليه السلام : ( مَن لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له ) (٤) .

والمقصود منه المعيَّن ؛ لأنّه مخصوص بالنافلة ، فكذا غير المعيَّن .

مسألة ٥ : وقت النيّة لصوم النافلة من الليل ، ويمتدّ الى الزوال‌ .

( وبجواز التجديد بالنهار قال ) (٥) ابن مسعود وحذيفة وسعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير والنخعي والشافعي وأحمد وأصحاب الرأي (٦) .

ووافقنا على امتداده الى الزوال خاصة ، أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه ، وأحمد في إحدى الروايتين (٧) ؛ لأنّ النبي عليه السلام ، دخل على ‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٨٧ / ٥٢٣ .

(٢) التهذيب ٤ : ١٨٧ / ٥٢٦ .

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٨٥ و ٨٦ ، الكتاب ـ للقدوري ـ بشرح الميداني ١ : ١٦٣ ، المجموع ٦ : ٣٠١ ، المغني ٣ : ١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ .

(٤) سنن النسائي ٤ : ١٩٧ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٢ .

(٥) بدل ما بين القوسين في « ط » والطبعة الحجرية هكذا : ويجوز التجديد بالنهار ، قاله .

(٦) المغني ٣ : ٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣ ، المجموع ٦ : ٣٠٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٨٥ .

(٧) بدائع الصنائع ٢ : ٨٥ ، المجموع ٦ : ٣٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ٣١٠ ـ ٣١٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٠ ، المغني ٣ : ٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥ .

١٤
 &

عائشة يوماً ، فقال : ( هل عندكم شي‌ء ؟ ) قلنا : لا ، قال : ( فإنّي إذن صائم ) (١) .

ونحوه من طريق الخاصة ، عن أمير المؤمنين عليه السلام (٢) .

وقال مالك : تجب النيّة من الليل ، بمعنى أنّه لا يصح الصوم إلّا بنيّة من الليل ـ وبه قال داود والمزني ، وهو مروي عن عبدالله بن عمر (٣) ـ لقوله عليه السلام : ( لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل ) (٤) .

ولتساوي نيّة فرض الصلاة ونفلها في الوقت ، فكذا الصوم .

والحديث مخصوص بالناسي والمعذور ، وحديثنا أخصّ .

والفرق : أنّ النيّة مع أول الصلاة في النفل لا يؤدّي الى تقليلها ، بخلاف الصوم .

وقال السيد المرتضى (٥) وأكثر علمائنا (٦) والشافعي في قول (٧) : إنّ النيّة في النفل تمتدّ بامتداد النهار ؛ لتناول الأحاديث السابقة له .

وسأل هشام بن سالم ، الصادق عليه السلام : الرجل يصبح لا ينوي الصوم ، فإذا تعالى النهار ، حدث له رأي في الصوم ، فقال : « إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس ، حسب له يومه ، وإن نواه بعد الزوال ، حسب ‌

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٠٩ / ١٧٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٢٩ / ٢٤٥٥ ، سنن الترمذي ٣ : ١١١ / ٧٣٣ ، سنن النسائي ٤ : ١٩٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٣ .

(٢) التهذيب ٤ : ١٨٨ / ٥٣١ .

(٣) بداية المجتهد ١ : ٢٩٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٠ و ١٢١ ، المغني ٣ : ٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣ ، فتح العزيز ٦ : ٣١٠ ـ ٣١١ ، المجموع ٦ : ٣٠٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩١ ، معالم السنن ـ للخطّابي ـ بهامش مختصر سنن أبي داود ٣ : ٣٣٤ .

(٤) سنن النسائي ٤ : ١٩٧ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٢ بتفاوت .

(٥) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٣ ـ ٥٤ .

(٦) كالشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٧٨ .

(٧) الوجيز ١ : ١٠١ ، فتح العزيز ٦ : ٣١١ ، حلية العلماء ٣ : ١٩١ .

١٥
 &

له من الوقت الذي نوى » (١) ولو صحّ الصوم من أول النهار لَحُسب له .

مسألة ٦ : جوّز الشيخ تقديم نيّة رمضان خاصة بيوم أو أيّام‌ ، إن عرض له ليلة الصيام سهوٌ أو نومٌ أو إغماءٌ ، أجزأته النيّة السابقة ، وإلّا فلا بدّ له من تجديدها (٢) ؛ لأنّ اقتران النيّة بالفعل غير شرط إجماعاً ، ولهذا جاز تجديد الناقض بعدها قبل الفجر ، فجاز تقدّمها قبل الهلال بيوم أو أيّام ؛ لتقارب الزمان .

والوجه : عدم الجواز ؛ لقوله عليه السلام : ( لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل ) (٣) وأجزأ من أوله ؛ لعسر ضبط آخره .

مسألة ٧ : جوّز أصحابنا في رمضان صومه بنيّة واحدة في أوله لصومه أجمع‌ ، ولا يحتاج إلى تجديد النيّة كلّ ليلة ، بخلاف غيره ـ وبه قال مالك وأحمد في إحدى الروايتين ، وإسحاق وزفر (٤) ـ لأنّه نوى في زمان يصلح جنسه لنيّة الصوم ، لا يتخلّل بينه وبين فعله زمان يصلح جنسه لصوم سواه ، فأجزأه ، كما لو نوى اليوم الأول من ليلته .

وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في رواية : إنّه لا بدّ من تجديد النيّة كلّ يوم كغير رمضان (٥) .

وهو الوجه ؛ لأنّها عبادات متعدّدة لا يبطل بعضها بفساد البعض ، بخلاف الصلاة الواحدة واليوم الواحد .

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٨٨ / ٥٢٨ .

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٦ .

(٣) سنن النسائي ٤ : ١٩٧ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٢ بتفاوت .

(٤) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٠ ، المغني ٣ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨ ، المجموع ٦ : ٣٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ٢٩١ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٥ و ١٨٦ .

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٨٥ ، المجموع ٦ : ٣٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ٢٩١ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٥ ، المغني ٣ : ٢٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨ .

١٦
 &

وادّعى الشيخ والسيد المرتضى الإِجماع (١) (٢) .

مسألة ٨ : يستحب صوم (٣) يوم الشك من شعبان إذا لم يُر الهلال‌ ، ولا يكره صومه ، سواء كان هناك مانع من الرؤية كالغيم وشبهه ، أو لم يكن ـ وبه قال أبو حنيفة ومالك (٤) ـ لأنّ عليّاً عليه السلام قال : « لأن أصوم يوماً من شعبان أحبّ إليَّ من أن أفطر يوماً من رمضان » (٥) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه السلام : « صُمه فإن يك من شعبان كان تطوّعاً ، وإن يك من شهر رمضان فيوم وُفّقت له » (٦) .

ولأنّ الاحتياط يقتضي صومه ، فلا وجه للكراهية .

وقال شيخنا المفيد رحمه الله : إنّما يستحب مع الشك في الهلال لا مع الصحو وارتفاع الموانع ، ويكره مع الصحو وارتفاع الموانع ، إلّا لمن كان صائماً قبله (٧) ـ وبه قال الشافعي والأوزاعي (٨) ـ لأنّ النبي صلّى الله عليه وآله ، نهى عن صيام ستة أيام : اليوم الذي يشك فيه من رمضان (٩) .

ويحمل على النهي عن صومه من رمضان .

وقال أحمد : إن كانت السماء مصحيةً ، كره صومه ، وإن كانت مغيمةً ، وجب صومه ، ويحكم بأنّه من رمضان ـ وهو مروي عن ابن عمر ـ لأنّ النبي ‌

__________________

(١) أي : الإِجماع على إجزاء نيّة واحدة لصوم جميع شهر رمضان .

(٢) الخلاف ٢ : ١٦٣ ـ ١٦٤ ، المسألة ٣ ، الانتصار : ٦١ ـ ٦٢ .

(٣) في « ط ، ن » : صيام .

(٤) الهداية للمرغيناني ١ : ١١٩ ، المجموع ٦ : ٤٠٤ و ٤٢١ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٣ .

(٥) الفقيه ٢ : ٧٩ / ٣٤٨ ، سنن البيهقي ٤ : ٢١١ .

(٦) الكافي ٤ : ٨٢ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٧٩ / ٣٥٠ ، التهذيب ٤ : ١٨١ / ٥٠٤ ، الاستبصار ٢ : ٧٨ / ٢٣٦ .

(٧) حكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٣٠٠ .

(٨) المجموع ٦ : ٤٠٠ و ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٣ .

(٩) سنن الدارقطني ٢ : ١٥٧ / ٦ .

١٧
 &

عليه السلام قال : ( إنّما الشهر تسعة وعشرون يوماً ، فلا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غمّ عليكم فاقدروا له ) (١) .

ومعنى الإِقدار : التضييق ، بأن يجعل شعبان تسعة وعشرين (٢) .

وقد سبق أنّ النهي عن الصوم من رمضان ، ومعارض بقوله عليه السلام : ( صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإنّ غمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) (٣) .

وقال الحسن وابن سيرين : وإن صام الإِمام صاموا ، وإن أفطر أفطروا وهو مروي عن أحمد (٤) ؛ لقوله عليه السلام : ( الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون ، والأضحى يوم تضحّون ) (٥) .

فروع :

أ ـ لو نوى أنّه يصومه من رمضان ، كان حراماً ، ولم يجزئه لو خرج منه ؛ لدلالة النهي على الفساد .

قال مولانا زين العابدين عليه السلام عن يوم الشك : « اُمرنا بصيامه ، ونُهينا عنه ، اُمرنا أن يصومه الإِنسان على أنّه من شعبان ، ونُهينا عن أن يصومه على أنّه من شهر رمضان » (٦) .

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٧٥٩ / ٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٤ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٤ ، مسند أحمد ٢ : ٥‌

(٢) المغني ٣ : ١٣ ـ ١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥ ـ ٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤١٢ ، المجموع ٦ : ٤٠٣ .

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٣٥ .

(٤) المغني ٣ : ١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٦ ، المجموع ٦ : ٤٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٩ .

(٥) سنن الترمذي ٣ : ٨٠ / ٦٩٧ .

(٦) المعتبر : ٣٠٠ ، وبتفاوت يسير في الكافي ٤ : ٨٥ / ١ ، والفقيه ٢ : ٤٧ / ٢٠٨ ،

١٨
 &

ولو نواه ندباً على أنّه من شعبان ، أجزأ عنه وإن خرج من رمضان ؛ لأنّه أتى بالمأمور به على وجهه ، فكان مجزئاً عن الواجب ؛ لأنّ رمضان لا يقع فيه غيره ، ونيّة الوجوب ساقطة ؛ للعذر .

ولو نوى أنّه واجب أو ندب ولم يعيّن ، لم يصحّ صومه ، ولم يجزئه لو خرج من رمضان ، إلّا أن يجدّد النيّة قبل الزوال .

ولو نوى أنّه من رمضان ، فثبت الهلال قبل الزوال ، جدّد النيّة ، وأجزأه ؛ لبقاء محلّ النيّة .

ولو نوى أنّه إن كان من رمضان فهو واجب ، وإن كان من شعبان فندب ، لم يصحّ ـ وهو أحد قولي الشيخ (١) رحمه الله ، وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّ شرط النيّة الجزم ولم يحصل .

وللشيخ قول آخر : الإِجزاء لو بان من رمضان ؛ لأنّه نوى الواقع على التقديرين على وجههما ، ولأنّه نوى القربة وهي كافية (٣) .

ب ـ لو نوى الإِفطار لاعتقاد أنّه من شعبان ، فبان من رمضان قبل الزوال ولم يتناول ، نوى الصوم الواجب ، وأجزأه ؛ لبقاء محلّ النيّة ، والجهل عذر ، فأشبه النسيان .

ولو بان بعد الزوال ، أمسك بقية نهاره ، ووجب عليه القضاء ، وبه قال أبو حنيفة (٤) .

والشافعي أوجب القضاء في الموضعين (٥) .

__________________

والتهذيب ٤ : ٢٩٦ / ٨٩٥ .

(١) اُنظر : النهاية : ١٥١ .

(٢) المجموع ٦ : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ، فتح العزيز ٦ : ٣٢٣ ـ ٣٢٤ .

(٣) الخلاف ٢ : ١٧٩ ، المسألة ٢٢ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٧ .

(٤) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٧٩ ، المسألة ٢٠ .

(٥) المجموع ٦ : ٢٧١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٩ .

١٩
 &

وقال عطاء : يأكل بقية يومه ؛ وهو رواية عن أحمد (١) ، ولم يقل به غيرهما .

ولو أصبح بنيّة صوم شعبان ، فبان أنّه من رمضان ، نقل النيّة اليه ولو قبل الغروب ، وأجزأه .

ج ـ لو أخبره عدل واحد برؤية الهلال ، وأوجبنا الشاهدين ، فنوى أنّه من رمضان ، لم يجزئه لو بان منه . ولو كان عارفاً بحساب التسيير ، أو أخبره العارف بالهلال ، لم يصح بنيّة رمضان ؛ لأنّ ذلك ليس طريقاً الى ثبوت الأهلّة في نظر الشرع وإن أفاد الظنّ .

د ـ لو نوى ليلة الثلاثين من رمضان أنّه إن كان غداً من رمضان فإنّه صائم ، وإن كان من شوّال فهو مفطر ، قال بعض الشافعية : يصحّ ؛ لأصالة بقاء الشهر (٢) .

ويبطل ؛ لعدم الجزم .

ولو نوى أنّه يصومه عن رمضان أو نافلة ، لم يصحّ إجماعاً .

هـ ـ لو نوى يوم الشك عن فرض عليه ، أجزأه من غير كراهة ، خلافاً لبعض الشافعية (٣) .

و ـ صوم الصبي شرعي ، وينعقد بنيّته (٤) ، فإن بلغ قبل الزوال بغير المبطل ، وجب عليه تجديد نيّة الفرض ، وإلّا فلا‌ .

__________________

(١) المغني ٣ : ٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥ .

(٢) المجموع ٦ : ٢٩٦ ، فتح العزيز ٦ : ٣٢٦ ـ ٣٢٧ .

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٥ ، المجموع ٦ : ٣٩٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٣ .

(٤) في النسخ الخطية : وتنعقد نيّته . وما أثبتناه من الطبعة الحجرية .

٢٠