نهج الحقّ وكشف الصدق

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهج الحقّ وكشف الصدق

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتاب اللبناني
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

٢٦ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا قال لمن هو أكثر منه سنا إن هذا ابني من النسب أو ابني من الرضاع لم يعتد به.

وقال أبو حنيفة يقبل حتى أنه لو كان عبد له عتق عليه فلو أقر ابن خمس عشرة سنة بأن ابن مائة سنة ولده وأن بنت مائة سنة ابنته وكانا مملوكين له قبل إقراره عتقا عليه (١).

وهذا تكذيب للضرورة.

٢٧ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه يجب النفقة على الأم مع حاجتها وفقرها.

وقال مالك لا يجب أن ينفق عليها (٢).

وقد خالف قوله تعالى (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) (٣)

وَسُئِلَ النَّبِيُّ ص مَنْ أَبَرُّ قَالَ أُمَّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمَّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمَّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أبوك [أَبَاكَ] (٤) فجعله في الرابعة.

٢٨ ـ ذهبت الإمامية إلى أن النفقة على الزوجة لا يسقط بمضي الزمان.

وقال أبو حنيفة يسقط (٥).

وقد خالف العقل والنقل

لأن الثابت في الذمة لا يسقط إلا بسبب موجب له ومضي الزمان غير سبب كالدين.

__________________

(١) بداية المجتهد ج ٢ ص ٣١٢ والهداية ج ٢ ص ٣٩

وقال الفضل في المقام : ووجه ما ذهب إليه أبو حنيفة : أنه يؤاخذ بإقراره وكان له دعوى عدم الإمكان ، فإذا ترك لم يترك المؤاخذة.

أقول : هذا الوجه هو أحسن بيان لما ذهب إليه أبو حنيفة.

(٢) أقول : إن الفضل في المقام بعد الاعتراف بما ذهب إليه مالك حاول توجيهه ، ومن أراد التفصيل فليراجع المطولات من كتب المالكية.

(٣) لقمان : ١٥

(٤) سنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٢٠٦ والتاج الجامع للأصول ج ٥ ص ٤ وقال : رواه الشيخان.

(٥) الهداية ج ٢ ص ٣١

٥٤١

وإليه تعالى أمر بالإنفاق.

والعجب أنه قال لو سلف زوجته نفقة شهر ثم مات أو طلقها بائنا يجب عليها رد باقي الأيام (١) فأثبت لها النفقة بغير موجب وإسقاطها مع الموجب.

الفصل الرابع عشر : في الجنايات وتوابعها

وفيه مسائل :

١ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الحر يقتل بالحرة إن أراد أولياؤها مع رد نصف الدية عليه.

وقال الجمهور لا يرد عليه شيء (٢).

وقد خالفوا قوله تعالى (وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) (٣) دل بمفهومه على أن الذكر لا يقتل بالأنثى.

٢ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا يقتل المسلم بالذمي.

وقال أبو حنيفة يقتل (٤).

وقد خالف قوله تعالى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) (٥) وَقَالَ ص لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عُهْدَةٍ فِي عُهْدَةٍ (٦).

__________________

(١) الفقه على المذاهب ج ٤ ص ٥٧٢

(٢) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ٢٨٧ وبداية المجتهد ج ٢ ص ٢٣٥ وفيه : فإن ابن المنذر وغيره ممن ذكر الخلاف حكى أنه إجماع ، إلا ما حكي عن علي من الصحابة ، وعن عثمان البتي : أنه إذا قتل الرجل بالمرأة كان على أولياء المرأة نصف الدية ... ولكن دليله قوي ، لقوله تعالى : (الْأُنْثى بِالْأُنْثى).

(٣) البقرة : ١٧٨

(٤) بداية المجتهد ج ٢ ص ٣٣٤ والفقه على المذاهب ج ٥ ص ٢٨٤

(٥) النساء : ١٤١ والحشر : ٢٠

(٦) سنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٨٨ ومنتخب كنز العمال ج ٦ ص ١٣٣ وتفسير الخازن ج ١ ص ١١٦

٥٤٢

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَالْأَشْتَرُ إِلَى عَلِيٍّ ع فَقُلْنَا لَهُ هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ ص شَيْئاً لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً قَالَ لَا إِلَّا مَا فِي كِتَابِي هَذَا وَأَخْرَجَ كِتَاباً مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ فَإِذَا فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عُهْدَةِ فِي عُهْدَةٍ (١).

٣ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الحر لا يقتل بالعبد.

وقال أبو حنيفة يقتل بعبد غيره (٢).

وقد خالف قوله تعالى (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) (٣)

وَقَوْلَهُ ص لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ (٤)

وَقَوْلَهُ ص مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُقْتَلَ الْحُرُّ بِعَبْدٍ (٥).

٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الأب لا يقتل بالولد.

وقال مالك إن قتله حذفا بالسيف لم يقتل به وإن ذبحه أو شق بطنه قتل به (٦)

وقد خالف قَوْلَ النَّبِيِّ ص لَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ. (٧)

٥ ـ ذهبت الإمامية إلى أن القتل بالمثقل كالمحدد.

وقال أبو حنيفة لا يجب به القصاص. (٨)

__________________

(١) بداية المجتهد ج ٢ ص ٣٣٤ والفقه على المذاهب ج ٥ ص ٢٨٣ عن سنن أبي داود ، ومصابيح السنة ج ٢ ص ٣٩

(٢) تفسير الخازن ج ١ ص ١١٦ وأحكام القرآن ج ١ ص ١٣٥

(٣) البقرة : ١٧٨

(٤) منتخب كنز العمال ج ٦ ص ١٣٣ والأم للشافعي ج ٦ ص ٢٥

(٥) تفسير روح المعاني ج ٣ ص ٤٣ وقال : أخرجه ابن أبي شيبة.

(٦) أحكام القرآن ج ١ ص ١٤٤ وبداية المجتهد ج ٢ ص ٢٣٥

(٧) منتخب كنز العمال ج ٦ ص ١٣٣ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٨٨

(٨) الهداية ج ٤ ص ١١٧ و ١٢٠ لقد استدل الفضل في المقام بما يضحك الثكلى حيث قال : ـ

٥٤٣

وقد خالف قوله تعالى (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) وقوله (الْحُرُّ بِالْحُرِّ) وقوله تعالى (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) (١).

٦ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا قتل في غير الحرم أو قطع ثم التجأ إلى الحرم لم يقتل ولم يقطع فيه بل يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيقاد بالمقتول.

وقال الشافعي يستقاد منه في النفس وفي الطرف معا (٢).

وقد خالف قوله تعالى (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (٣) وقوله (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) (٤)

وَقَوْلَهُ ص إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللهِ تَعَالَى الْقَاتِلُ غَيْرَ قَاتِلِهِ فِي الْحَرَمِ وَالْقَاتِلُ يَدْخُلُ الْجَاهِلِيَّةَ (٥) فقوله ص القاتل في الحرم يعني قود الآن القتل المبتدأ داخل تحت قوله القاتل غير قاتله.

٧ ـ ذهبت الإمامية إلى أن في الأذنين الدية.

وقال مالك حكومة (٦).

وقد خالف قَوْلَ النَّبِيِّ ص كَمَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَفِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ (٧).

__________________

ـ ووجه ما ذهب إليه أبو حنيفة : أن القصاص لا يتحقق في المثقل لعدم إمكان تحقق العمد في المثقل. ويشبه هذا الاستدلال ما ذكره الفخر الرازي في تفسيره ج ١٠ ص ٢٢٩

(١) الإسراء : ٣٣

(٢) تفسير الخازن ج ١ ص ٢٧٦ والتفسير الكبير ج ٨ ص ١٥١

(٣) آل عمران : ٩٧

(٤) العنكبوت : ٦٧

(٥) أحكام القرآن ج ٢ ص ٢٢

(٦) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ٣٤٢ وبداية المجتهد ج ٢ ص ٣٥٢

(٧) أقول : أفتى استنادا إلى ذلك أبو بكر ، وعمر ، وسائر الصحابة ، كما في منتخب كنز العمال ج ٦ ص ١٥٤ و ١٥٦

٥٤٤

٨ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا جنى على نفسه خطأ كانت هدرا. وقال أحمد لو قطع يد نفسه كان له مطالبة العاقلة بديته (١).

وقد خالف الإجماع والعقل الدال على أصالة البراءة وأن الجناية لا يوجب أخذ مال الجاني.

٩ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجب الدية بقتل الذمي خلافا للأربعة (٢).

وقد خالفوا العقل في أصالة البراءة.

وكتاب الله حيث قال (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) (٣).

١٠ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا قتل أسير في أيدي الكفار وهو مؤمن وجب فيه الدية والكفارة سواء قصده بعينه أو لم يقصده.

وقال أبو حنيفة لا ضمان عليه.

وقال الشافعي إن قصده فعليه الكفارة والدية وإن لم يقصده فعليه الكفارة دون الدية (٤).

وقد خالفا قوله تعالى (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) (٥)

وَقَوْلَهُ ص وَفِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ (٦).

١١ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الحبلى إذا لم يكن لها زوج وأنكرت

__________________

(١) كما أشار الفضل في المقام إلى وجه ما ذهب إليه.

(٢) تفسير الخازن ج ١ ص ٤١٣ والتفسير الكبير ج ١٠ ص ٢٣٦ وآلاء الرحمن ج ٤ ص ١٠٣

(٣) النساء : ٩٣

(٤) الأم ج ٦ ص ٣٥ والهداية ج ٢ ص ١١٤

(٥) النساء : ٩٣

(٦) التاج الجامع للأصول ج ٣ ص ١٥

٥٤٥

أن يكون حملها من زنا فإنها لا تحد.

وقال مالك عليها الحد (١).

وقد خالف العقل وهو أصالة البراءة.

وصحة تصرف المسلم.

وأصالة عدم الزناء.

والنقل قَوْلَهُ ص ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ. (٢)

١٢ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا اشترى ذات محرم كأمه وأخته وعمته وخالته نسبا أو رضاعا فوطئها مع العلم بالتحريم كان عليه الحد.

وقال أبو حنيفة لا حد عليه (٣).

وقد خالف قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا) (٤) وهذا زان.

١٣ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا شهد عليه أربعة عدول بالزناء وجب عليه الحد سواء صدقهم أو كذبهم.

وقال أبو حنيفة إن صدقهم سقط عنه الحد وإن كذبهم حد (٥).

وقد خالف العقل والنقل

فإن الحد إذا وجب بالبينة والتكذيب كان مع التصديق أولى لتزايد الحجة.

والنقل الدال على وجوب الحد بشهادات الأربعة.

__________________

(١) الموطأ ج ٣ ص ٤٥ والفقه على المذاهب ج ٥ ص ٩٥

(٢) بداية المجتهد ج ٢ ص ٣٦٢ والنهاية لابن الأثير ج ٢ ص ١٠٩

(٣) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ٩٨

(٤) النور : ٢

(٥) وقال الفضل في المقام في وجه ما ذهب إليه أبو حنيفة : إن عدم الإثبات من عدم الإنكار ، وهذا بعيد جدا.

٥٤٦

١٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أن اللواط بالإيقاب يوجب القتل.

وقال أبو حنيفة ليس فيه حد بل يعزر (١).

وقد خالف قَوْلَ النَّبِيِّ ص مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ (٢).

ولأنه زنا بل هو أفحش أنواعه.

١٥ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الإجارة للوطي باطلة فإذا استأجر امرأة للوطي فوطئها مع العلم بالتحريم وجب عليه الحد وكذا لو استأجرت امرأة ليزني بها فزنى بها.

وقال أبو حنيفة لا يجب في الصورتين (٣).

وقد خالف قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا) (٤).

١٦ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا عقد على أمه وأخته وبنته نسبا أو رضاعا أو إحدى باقي المحرمات على التأبيد عالما بالتحريم والنسب فإنه لا يفيد إسقاط الحد بالوطي.

وقال أبو حنيفة يسقط لأن العقد بنفسه شبهة (٥).

وقد خالف قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا).

١٧ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا تكامل شهود الزناء أربعة وشهدوا به عند الحاكم ثم غابوا أو ماتوا حكم الحاكم بشهادتهم ووجب الحد.

وقال أبو حنيفة لا يجوز الحكم بشهادتهم (٦).

__________________

(١) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ١٤١ والتفسير الكبير ج ٢٣ ص ١٣٢

(٢) التفسير الكبير ج ٢٣ ص ١٣٢ ومصابيح السنة ج ٢ ص ٤٦ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٥٦

(٣) أحكام القرآن ج ٢ ص ١٤٦ والفقه على المذاهب ج ٥ ص ٩٦

(٤) النور : ٢

(٥) الهداية ج ٢ ص ٧٦ والفقه على المذاهب ج ٥ ص ٩٨

(٦) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ٧٥

٥٤٧

وقد خالف قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا).

١٨ ـ ذهبت الإمامية إلى استحباب تفريق الشهود في الزناء بعد اجتماعهم للإقامة.

وقال أبو حنيفة إذا شهدوا في مجلس واحد ثبت الحد وإن شهدوا في مجلسين فهم قذفة يحدّون والمجلس عنده مجلس الحاكم فإن جلس الحاكم بكرة ولم يقم إلى الغروب فهو مجلس واحد فإن شهد اثنان فيه بكرة اثنان عشية ثبت الحد لو جلس لحظة وانصرف وعاد فهما مجلسان (١).

وقد خالف قوله تعالى (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ). (٢)

ولأن الواحد إذا شهد لم يكن قاذفا وإلا لم يصر شاهدا بإضافة شهادة غيره إليه فإذا ثبت أنه لم يكن قاذفا كان شاهدا وإذا كان شاهدا لم يصر قاذفا بتأخر شهادة غيره من مجلس إلى مجلس آخر.

١٩ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا شهد أربعة ثم رجع واحد منهم لم يحد الثلاثة الباقية.

وقال أبو حنيفة يحدون (٣).

وقد خالف العقل وهو أصالة البراءة.

وقوله تعالى (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) وهذا قد أتى ورجوع واحد لا يؤثر فيما ثبت.

والعجب أن أبا حنيفة قال لو شهد أربعة لرجم المشهود عليه ثم رجع واحد وقال تعمدت قتله لم يجب القود (٤).

__________________

(١) التفسير الكبير ج ٢٣ ص ١٥٨ والفقه على المذاهب ج ٥ ص ٧١ و ٢١٩

(٢) النور : ٤

(٣) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ٧١ والهداية ج ٢ ص ٨١

(٤) كما ذكره الفضل في المقام ، وشرع بتوجيه ما ذهب إليه أبو حنيفة.

٥٤٨

وقد خالف النص والعقل :

قال الله تعالى (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) (١).

وقال أيضا لو شهد اثنان أنه زنى بالبصرة وشهد آخران أنه زنى بالكوفة لم يجب عليهم حد ولا على المشهود عليه (٢).

وقد خالف قوله تعالى (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) وهؤلاء لم يأتوا بأربعة شهداء لأن كل اثنين يشهدان على فعل غير الفعل الذي شهد الآخر عليه.

وقال لو شهد كل واحد من الأربعة أنه زنى في زاوية البيت غير الزوايا التي شهد بها أصحابه حد به استحسانا لا قياسا (٣).

وقد خالف العقل لأن كل فعل يشهد به واحد مضاد لما شهد به أصحابه فلم يشهد الأربعة على فعل واحد.

وقال أبو حنيفة أيضا لو شهدوا بزنا قديم لم يحد (٤).

وقد خالف قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا) (٥).

وقال أبو حنيفة الإسلام شرط في الإحصان (٦).

وهو خلاف عموم قَوْلِهِ ص خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ لَا الرَّجْمُ.

وَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ ص يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا (٧).

__________________

(١) الإسراء : ٣٣

(٢) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ٧٢ والهداية ج ٢ ص ٧٩

(٣) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ٧٢ وبداية المجتهد ج ٢ ص ٣٦٧

(٤) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ٧٣ والهداية ج ٢ ص ٧٨

(٥) النور : ٢

(٦) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ٥٨

(٧) التفسير الكبير ج ٢٣ ص ١٣٥ وأحكام القرآن ج ٣ ص ٢٥٧

٥٤٩

وقال أبو حنيفة لا يرجم يهودي (١).

٢٠ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب القطع بسرقة ما هو ممكن البقاء كالأثمان والحبوب والثياب وما لا يمكن بقاؤه كالفواكه والرطب والبطيخ واللحم الطري.

وقال أبو حنيفة لا يجب القطع إلا فيما يمكن بقاؤه (٢).

وقد خالف عموم قوله تعالى (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا). (٣)

وقال أيضا لا قطع فيما كان أصله الإباحة كالصيود كلها والجوارح بأسرها المعلمة وغيرها والخشب جميعه إلا ما يعمل منه آنية كالجفان والأبواب فيكون في معموله القطع إلا الساج فإن فيه القطع وإن لم يكن معمولا وكل ما يعمل من الطين من الخزف والفخار والقدر وغيرها لا قطع فيه وكذا كل المعادن كالملح والكحل والزرنيخ والقير والنفط والموميا إلا الذهب والفضة والياقوت والفيروزج فإن فيه القطع (٤).

وقد خالف قوله تعالى (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا).

٢١ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا سرق كتب الفقه أو الأدب أو المصاحف وجب القطع مع بلوغ النصاب.

وقال أبو حنيفة لا قطع (٥) وقد خالف قوله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ).

وقال أيضا إذا سرق ما يجب فيه القطع مع ما لا يجب فيه لم يقطع (٦)

__________________

(١) آلاء الرحمن ج ١٨ ص ٧١ وأحكام القرآن ج ٣ ص ٢٥٨

(٢) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ١٧٢ والهداية ج ٢ ص ٨٩

(٣) المائدة : ٣٨

(٤) الهداية ج ٢ ص ٨٩ و ٩٠ وأحكام القرآن ج ٢ ص ٤٢٤

(٥) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ١٧٦ والهداية ج ٢ ص ٨٩

(٦) وقال الفضل في المقام وكل ما نقل عن مذهب أبي حنيفة في هذا الفصل فمسائل مذكورة في كتب الحنفية.

٥٥٠

وقد خالف الآية.

وقال أيضا إذا نقب معير البيت وسرق مال المستعير لم يقطع.

وهو خلاف الآية.

وقال أيضا لا يقطع الضيف إذا سرق مال المضيف وإذا كان محرزا عليه بقفل أو غلق.

وهو خلاف الآية.

وقال أيضا إذا سرق العبد فإن كان آبقا لم يقطع وإن لم يكن آبقا قطع

وقد خالف الآية.

وقال أيضا لا يقطع النباش وقد خالف الآية. وقال أيضا إذا لم يكن له يسار أو كانت يساره ناقصة إصبعين أو إبهاما لم يقطع وقد خالف الآية. وقال أيضا إذا سرق عينا فقطعنا ثم سرقها بعينها ثانية لم يقطع سواء سرقها من الملك أو غيره إلا في مسألة واحدة وهي أنه لو سرق غزلا فقطع ونسج فسرقه ثوبا يقطع ثانيا

وقد خالف الآية.

وقال أيضا إذا سرق فقطع لم يغرم العين المسروقة إن كانت تالفة وإن كانت باقية ردها إذا سرق حديدا فعمله كوزا ثم قطع فإنه لا يرد الكوز لأنه كالعين الأخرى ولو كانت السرقة ثوبا فصبغه أسود فقطع لم يرد الثوب لأن السواد جعله كالمستهلك وإن صبغه أحمر كان عليه لأن الحمرة لا تجعله كالمستهلك.

٥٥١

وقد خالف الآية لأنه قال لا أجمع بين القطع والغرم فإن غرم لم يقطع وإن قطع لم يغرم.

والقرآن دال على القطع مطلقا.

وقال أيضا إذا سرق أحد الزوجين من صاحبه مع الإحراز عنه لم يقطع.

وقد خالف الكتاب العزيز.

وقال أيضا كل شخصين بينهما رحم محرم بالنسب فالقطع ساقط بينهما.

وهو خلاف القرآن.

وقال أيضا إذا سرق عودا أو طنبورا وعليه حليته قيمته النصاب لم يجب القطع.

وهو خلاف القرآن.

وإذا ترك الحمال الأحمال في مكان وانصرف في حاجة وكان على الأحمال زاملة بما فيها فإن أخذ اللص الزاملة بما فيها لم يقطع.

وإن شق الزاملة وأخذ المتاع من جوفها فعليه القطع.

وهو خلاف الإجماع لأن الحرز معتبر.

وقال أيضا إذا قصده رجل فدفعه فقتل بالدفع فإن كان بالسيف أو بالمثقل ليلا فلا ضمان وإن كان بالمثقل نهارا فعليه الضمان (١).

وقد خالف العقل الدال على وجوب الدفاع عن النفس والنص الدال عليه.

٢٢ ـ ذهبت الإمامية إلى أن كل من وجب عليه حد من حدود الله

__________________

(١) لقد قال الفضل في المقام : وكل ما نقل عن مذهب أبي حنيفة في هذا الفصل ، فمسائل مذكورة في كتب الحنفية ، وتجدها أجمع في الهداية ج ٢ ص ٨٩ و ٩١ و ٩٨ وبداية المجتهد ج ٢ ص ٣٧٢ والفقه على المذاهب ج ٥ ص ١٧١ وما بعدها ، وآيات الأحكام ج ٢ ص ٤١٤ وغيرها من الكتب المعتبرة.

٥٥٢

تعالى من شرب خمر أو زنا وسرقة من غير المحاربين ثم تاب قبل قيام البينة عليه فإنه يسقط.

وقال الشافعي لا يسقط (١).

وقد خالف قوله تعالى (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢)

وَقَوْلَهُ ص التَّوْبَةُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهَا (٣).

٢٣ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا اجتمع القذف وحد الزناء وحد السرقة ووجوب قطع اليد والرجل بالمحاربة وأخذ المال فيها والقود استوفى منه الحدود أجمع ثم يقتل.

وقال أبو حنيفة تسقط كلها ويقتل (٤).

وقد خالف الآيات الدالة على هذه العقوبات.

وقال أيضا الخمر إذا اشتد وأسكر وأزبد وجب الحد بشربه وإن لم يزبد لم يجب وإن اشتد وأسكر (٥).

وقد خالف الإجماع الدال على تحريم الخمر وإيجاب الحد به.

وقال عصير العنب إذا طبخ فإن ذهب ثلثاه فهو حلال ولا حد حتى يسكر وإن ذهب أقل من الثلثين فهو حرام ولا حد حتى يسكر وما يعمل من التمر والزبيب إن طبخ فهو النبيذ وهو حلال حتى يسكر وإن لم يطبخ فهو حرام ولا حد حتى يسكر وما عمل من غير هاتين الشجرتين الكرم والنخل مثل العسل والشعير والحنطة والذرة فكله مباح ولا حد فيه وإن أسكر (٦).

__________________

(١) الأم ج ٦ ص ١٦٥ وقال الفضل في المقام : مذهب الشافعي : لا يسقط الحد بالتوبة.

(٢) المائدة : ٣٩

(٣) راجع منتخب كنز العمال ج ٢ ص ٢٤٣

(٤) تفسير الخازن ج ١ ص ٤٩٣ والفقه على المذاهب ج ٥ ص ٤١٥

(٥) و (٦) الفقه على المذاهب ج ٥ ص ١٨ وأوضح بطلان ما ذهب إليه الحنفية و ٢٢ و ٢٥ ـ

٥٥٣

وقد خالف قَوْلَ النَّبِيِّ ص إِنَّ مِنَ الْعِنَبِ خَمْراً وَإِنَّ مِنَ التَّمْرِ خَمْراً وَإِنَّ مِنَ الْعَسَلِ خَمْراً وَإِنَّ مِنَ الشَّعِيرِ خَمْراً (١).

وَقَالَ ص كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ (٢).

وَقَالَ ص كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ (٣).

وقال أبو حنيفة إذا أتلف أهل الردة أنفسا وأموالا لم يضمنوا (٤).

وهو خلاف قوله تعالى (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (٥) (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ). (٦)

وقال إن المشركين إذا قهروا المسلمين وأخذوا أموالهم ملكوها بالقهر فإن عاد المسلمون وغنموها فإن وجد صاحب العين عينه قبل القسمة أخذها بغير شيء وإن أخذها بعد القسمة أخذها بالقيمة ولو أسلم الكافر على تلك العين كان أحق بها من صاحبها (٧).

__________________

ـ وذكر الفضل في المقام وجه ما ارتكبه أبو حنيفة في مسائل المسكرات ، وراجع أيضا بداية المجتهد ج ١ ص ٣٨٢ والهداية ج ٤ ص ٨٠ و ٨٢

(١) وروى ابن ماجة في سننه ج ٢ ص ١١٢١ قال (ص) : إن من الحنطة خمرا ، ومن الشعير خمرا ، ومن الزبيب خمرا ، ومن التمر خمرا ، ومن العسل خمرا.

(٢) التاج الجامع للأصول ج ٣ ص ١٤٢ و ١٤٣ وقال : رواه أصحاب السنن.

(٣) بداية المجتهد رواه عن مسلم ، وقال : فهذا حديث صحيح ، والتاج الجامع للأصول ج ٣ ص ١٤٢

(٤) راجع تفسير روح المعاني للآلوسي ج ٩ ص ١٨٣ في تفسير قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا : إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ).

(٥) المائدة : ٤٥

(٦) البقرة : ١٩٣

(٧) وعلل ذلك الفضل في المقام بأن الكفار إذا نقلوا أموال المسلمين إلى بلاد الكفر يملكو؟؟؟ الأموال ، لأن العصمة ارتفعت عنها بالنقل إلى بلاد الكفر. وذكر ابن؟؟؟ المجتهد ج ١ ص ٣٣٢ و ٣٢٣ أقوالهم.

أقول : هذا التعليل مما يضحك الثكلى.

٥٥٤

وقد خالف قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) (١)

وَقَوْلَهُ ص لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ (٢).

وهل يحل لأحد أن يقلد من يستبيح أموال المسلمين على المشركين بالقهر ويجعلها ملكا لهم ويصيرون بواسطة القتال المحرم عليهم مالكين وأحق بالملك من أربابه المسلمين مع أن المسلم لا يملك مال المسلم بالقهر والغلبة فكيف يملكه الكافر فإنه حينئذ يكون أكرم على الله تعالى من المسلم حيث ملكه أموال المسلمين إذا قاتلهم ولم يجعل ذلك للمسلم فليتق الله (مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أن يجعل مثل هذا القائل واسطة بينه وبين الله تعالى ويحتج به عليه في الآخرة ويعتذر عند الله تعالى بأني قلدت مثل هذا الرجل في هذه الفتوى المعلوم بطلانها لكل أحد.

وقال أبو حنيفة إذا أسلم الحربي وله مال في يده المشاهدة أحرزه فأما أمواله الغائبة عنه أو الأرض والعقار وغيرهما مما لا ينقل ولا يحول فإنه لا يحرزها بل يجوز للمسلمين أخذها وإذا أسلم وله حمل لم ينفصل بعد لم يعصمه بل يجوز استرقاقه. مع الأم إذا انفصل ولو انفصل لم يجز استرقاقه(٣).

وقد خالف قَوْلَهُ ص أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ (٤).

وقال أبو حنيفة إذا سبي الزوجان الحربيان وملكا لم ينفسخ النكاح (٥).

__________________

(١) البقرة : ١٨٨

(٢) انظر ما تقدم منا.

(٣) بداية المجتهد ج ١ ص ٣٢٣ والهداية ج ٢ ص ١٠٧

(٤) الهداية ج ٢ ص ١٠١ ورواه ابن ماجة في سننه ج ٢ ص ١٢٩٥ بأسناد.

(٥) أحكام القرآن ج ٢ ص ١٣٧ والتفسير الكبير ج ١٠ ص ٤١

٥٥٥

وقد خالف قوله تعالى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) (١) حرم الزوجان واستثنى من ذلك ملك اليمين.

ولأن سبب نزول الآية دل عليه رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ص سَرِيَّةً قِبَلَ الْأَوْطَاسِ فَغَنِمُوا نِسَاءً فَتَأَثَّمَ نَاسٌ مِنْ وَطْيِهِنَّ لِأَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) (٢) نَزَلَتْ فِي بَيَانِ الْمُزَوَّجَاتِ إِذَا سُبِينَ وَمُلِكْنَ.

وقال أبو حنيفة يجوز أخذ الجزية من عباد الأوثان من العجم دون العرب.

وقال مالك يجوز أخذها من جميع الكفار إلا من مشركي قريش (٣).

وقد خالفا قوله تعالى (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ) (٤) من غير استثناء ثم قال (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) إلى قوله (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) (٥) فخص أهل الكتاب بالجزية دون غيرهم

الفصل الخامس عشر : في الصيد وتوابعه

وفيه مسائل :

١ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا ترك التسمية عمدا عند الذبح لم يحل أكله. وقال الشافعي يجوز (٦).

__________________

(١) و (٢) النساء : ٢٤ ، وتفسير الخازن ج ١ ص ٣٦٥ وروح المعاني ج ٥ ص ٣

(٣) الهداية ج ٢ ص ١١٨ و ١١٩

(٤) و (٥) التوبة : ٥ و ٢٨

(٦) الأم ج ٢ ص ٢٣٤ والتفسير الكبير ج ١٣ ص ١٦٨ وتفسير الخازن ج ٢ ص ٥١ وبداية المجتهد ج ١ ص ٣٦٤

٥٥٦

وقد خالف قوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) (١) وهذا نص.

٢ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجوز أكل ما صاده شيء من الجوارح إلا بعد تذكيته.

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي يجوز بجميع ذلك إذا أمكن تعليمه.

وقال أحمد يجوز بالجميع إلا الكلب الأسود البهيم (٢).

وقد خالفوا قوله تعالى (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) (٣).

٣ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا يحل أكل السمك إلا إذا مات حتف أنفه.

وقال مالك لا يحل حتى يقطع رأسه (٤).

وقد خالف قَوْلَهُ ص أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيِّتَانِ وَدَمَانِ فَالْمَيِّتَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ (٥).

٤ ـ ذهبت الإمامية إلى استحباب الصلاة على النبي ص وأن يقول اللهم تقبّل مني هذه الذبيحة (٦).

وقال أبو حنيفة يكره ذلك كله (٧).

__________________

(١) الأنعام : ١١٩

(٢) الفقه على المذاهب ج ٢ ص ٣٠ والتفسير الكبير ج ١١ ص ١٤٤ وأحكام القرآن ج ٢ ص ٣١٤ والموطأ ج ٢ ص ٤١

(٣) المائدة : ٤

(٤) بداية المجتهد ج ١ ص ٣٥٩ والتفسير الكبير ج ٥ ص ١٧

(٥) سنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٠٧٣ والأم ج ٢ ص ٢٣٣ والتفسير الكبير ج ٥ ص ١٧

(٦) تحفة الذاكرين للشوكاني ص ١٦٦ وقال : أخرجه مسلم ، وفيه : ومن أمة محمد (ص).

(٧) ذكره الفضل في المقام ، وفي الفقه على المذاهب ج ١ ص ٧٢٦ عن الحنفية : «أما ذكر اسم الله تعالى مقرونا بدعاء فإن الذبيحة لا تحل به»

٥٥٧

وقد خالف عموم قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (١) وقَوْلَهُ (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (٢) أي لا أذكر إلا تذكر معي.

وَرُوِيَ أَنَّ جَبْرَائِيلَ ع قَالَ لِلنَّبِيِّ ص إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مَرَّةً صَلَّيْتُ بِهَا عَشْراً (٣) أَوْ قَالَ عَلَى ذَبِيحَتِهِ بِسْمِ اللهِ اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (ص)(٤)

٥ ـ ذهبت الإمامية إلى أن من اضطر إلى الميتة لا يجوز له الشبع منها.

وقال مالك يجوز (٥).

وقد خالف قوله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ) (٦) وهذا غير مضطر إليه

الفصل السادس عشر : في الأيمان وتوابعه

وفيه مسائل :

١ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا حلف لا أكلت طيبا ولا لبست ناعما لم ينعقد.

وقال أبو حنيفة المقام عليها طاعة ولازم (٧).

وقد خالف قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَ

__________________

(١) الأحزاب : ٥٦

(٢) ألم نشرح : ٤

(٣) مسند أحمد ج ١ ص ١٩١ ورواه الشوكاني في تحفة الذاكرين بأسناد.

(٤) تحفة الذاكرين ص ١٦٦ وقال أخرجه أحمد ، وأبو داود.

(٥) رواه فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير ج ٥ ص ٢٤

(٦) البقرة : ١٧٢

(٧) الهداية ج ٢ ص ٥٩

٥٥٨

اللهُ لَكُمْ) (١) وقوله تعالى (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (٢) (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) (٣) وقوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) (٤).

٢ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا قال أسألك بالله وأقسم عليك بالله لم يكن يمينا وإن أراد به اليمين.

وقال الشافعي إذا أراد به اليمين صارت يمينا وانعقدت على فعل الغير فإن أقام الغير عليها لم يحنث وإن خالف حنث الحالف ولزمته الكفارة.

وقال أحمد الكفارة على المحنث دون الحالف (٥).

وقد خالفا العقل الدال على أصالة البراءة وعلى عدم تعلق يمين الغير بفعل غيره فإن الفاعل مختار في فعله.

ذهبت الإمامية إلى أن لغو اليمين أن يسبق لسانه إليها من غير أن يعقدها بقلبه كأنه إذا أراد أن يقول بلى والله فسبق على لسانه إلى قوله لا والله ولا يجب بها كفارة.

وقال أبو حنيفة يجب (٦).

وقد خالف قوله تعالى (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) (٧)

__________________

(١) و (٢) المائدة : ٨٧ و ٨٨

(٣) الأعراف : ٣٢

(٤) التحريم : ١

(٥) الفقه على المذاهب ج ٢ ص ٧٦

(٦) الهداية ج ٢ ص ٥٤ والفقه على المذاهب ج ٢ ص ٥٩

(٧) البقرة : ٢٢٥

٥٥٩

٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجزي في الكسوة الخف ولا القلنسوة.

وقال الشافعي يجزي (١).

وقد خالف قوله تعالى (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) (٢) ولا يقال لمن أعطى غيره قلنسوة إنه كساه وكذا الخف.

٥ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا قال لا سكنت هذه الدار حنث بأقل مدة بعد اليمين.

وقال مالك لا يحنث إلا إذا أقام يوما وليلة (٣).

وقد خالف العرف في ذلك والأيمان مبنية على العرف اللغوي أو العرف الاصطلاحي أو الشرعي والكل معنا.

٦ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا حلف لا سكنت هذه الدار وهم فيها فانتقل بنفسه بر في يمينه وإن لم ينقل المال والعيال.

وقال مالك السكنى بنفسه وبالعيال دون المال.

وقال أبو حنيفة بنفسه وبالعيال وبالمال (٤).

وقد خالفا قوله تعالى (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) (٥) أخبر بأن من ترك المتاع وخرج عنها فهي غير مسكونة.

__________________

(١) رواه عن الشافعي ابن حزم ، والجصاص في أحكام القرآن ج ٢ ص ٤٦٠ وقد خالف الشافعية إمامهم في ذلك .. (راجع : الفقه على المذاهب ج ٢ ص ٨٣)

(٢) المائدة : ٨٩

(٣) واعترف بذلك الفضل في المقام ، والفقه على المذاهب ج ٢ ص ١١٣

(٤) الفقه على المذاهب ج ٢ ص ١١٠ والهداية ج ٢ ص ٥٨ وذكره الفضل في المقام.

(٥) النور : ٢٩

٥٦٠