نهج الحقّ وكشف الصدق

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهج الحقّ وكشف الصدق

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتاب اللبناني
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

٤١ ـ ذهبت الإمامية إلى تحريم القصر في الصلاة في سفر المعصية. وقال أبو حنيفة ومالك يجوز (١).

وهو مخالف للمعقول والمعهود من قواعد الشريعة فإن القصر رخصة والرخص لا تناط بالمعاصي.

٤٢ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب القصر في سفر الطاعة.

وقال الشافعي هو بالخيار بين القصر والإتمام (٢).

وقد خالف في ذلك قوله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (٣) أوجب الأيام الأخر فيحرم الصوم الأصل وكل من أوجب القصر في الصوم أوجبه في الصلاة.

وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ ص وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى ذَهَبَ وكذلك أبو بكر وعمر حتى ذهبا (٤).

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ (٥).

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ (٦).

وَقَالَ عُمَرُ صَلَاةُ الصُّبْحِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ تَمَامَ الْعُمُرِ قَصْرٌ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ (٧).

__________________

(١) الهداية ج ١ ص ٥٧ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٤٧٥

(٢) بداية المجتهد ج ١ ص ١٣٠ وكتاب الأم ج ١ ص ١٥٩ والتفسير الكبير ج ٧ ص ١٨

(٣) البقرة : ١٨٤

(٤) مسند أحمد ج ٤ ص ٤٣٠ و ٤٣١ و ٤٤٠ وفي هامشه منتخب كنز العمال ج ٣ ص ٢٢٧ عن ابن عباس : المتمم في السفر ، كالمقصر في الحضر. وروى الديلمي عن ابن عمر : صلاة السفر ركعتان ، من ترك السنة فقد كفر.

(٥) صحيح مسلم ج ١ ص ٣٦٥ ومنتخب كنز العمال في هامش المسند ج ٣ ص ٢٢٩

(٦) صحيح مسلم ج ١ ص ٢٦٥

(٧) مسند أحمد ج ١ ص ٣٧

٤٤١

٤٣ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب القصر في الصوم على المسافر طاعة. وقال الفقهاء الأربعة إن شاء صام وإن شاء أفطر (١).

وقد خالفوا في ذلك النص قال الله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (٢) وهو ينافي جواز الصوم إجماعا.

وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ ص خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ مِنْ مَقْدَمِهِ لِلْمَدِينَةِ فَسَارَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ يَصُومُ وَيَصُومُونَ حَتَّى بَلَغَ الْكُدْيَةَ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاسُ وَهُوَ مَا بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ (٣).

وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ ص وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ دَعَا مَاءً فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ ثُمَّ شَرِبَ وَشَرِبَ النَّاسُ مَعَهُ فِي رَمَضَانَ (٤).

وَفِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ ص خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ (٥) وهذا نص في تحريم الصوم.

__________________

(١) بداية المجتهد ج ٥ ص ٧٦ والتفسير الكبير ج ٥ ص ٧٦ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٤٧١

(٢) البقرة : ١٨٤

(٣) صحيح البخاري ج ٣ ص ٤٢ والموطأ ج ١ ص ٢٧٥ والتاج الجامع للأصول ج ٢ ص ٧٤ ومسند أحمد ج ١ ص ٢١٩ و ٣٣٤

(٤) ورواه أحمد في المسند ج ٣ ص ٣٢٩ عن جابر ، وفي هامشه منتخب كنز العمال ، عن ابن عباس ص ٢٤٤ بلفظ آخر.

(٥) صحيح مسلم ج ٢ ص ٤٦٥ وبداية المجتهد ج ١ ص ٢٠٧ وكتاب اختلاف الحديث ص ٤٩٣ المطبوع في آخر الأم للشافعي.

٤٤٢

وَقَالَ ص لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ (١).

وَقَالَ ص الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ (٢).

٤٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أن المسافر لا يتغير فرضه بالاقتداء بالمقيم خلافا للفقهاء الأربعة (٣).

وقد خالفوا عموم القرآن (٤) الدال على وجوب التقصير في المسافر لأن الزيادة كالنقصان في الإبطال وكما لا يتغير فرض الحاضر إذا صلى خلف المسافر وكذا العكس.

٤٥ ـ ذهبت الإمامية إلى أن من فاتته صلاته في السفر فإنه يقضيها في الحضر قصرا وكذا يقضيها في السفر قصرا سواء كان ذلك السفر أو غيره.

فقال الشافعي وأحمد عليه الإتمام فيهما (٥).

وقد خالفا قَوْلَ النَّبِيِّ ص مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا (٦) وصلاة الحضر غير صلاة السفر.

٤٦ ـ ذهبت الإمامية إلى أن من صلى في السفينة وتمكن من القيام فيها وجب عليه أن يصلي قائما.

وقال أبو حنيفة هو بالخيار بين الصلاة قائما وجالسا. (٧)

__________________

(١) بداية المجتهد ج ١ ص ٢٠٦ والتاج الجامع للأصول ج ٢ ص ٧٥ وقال : رواه الخمسة ، ومسند أحمد ج ٣ ص ٢٩٩ ، ٣١٧

(٢) أحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ٢١٤ والدر المنثور ج ١ ص ١٩١ ومنتخب كنز العمال في هامش المسند ج ٣ ص ٣٤٢

(٣) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٤٧٧

(٤) قال تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ، فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا) النساء : ١٠١

(٥) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٤٩٢ والأم ج ١ ص ١٤٥

(٦) راجع ما تقدم في الهامش ص ٤٣٤.

(٧) الهدى ج ١ ص ٥٤ وراجع أيضا المحلى لابن حزم.

٤٤٣

وقد خالف في ذلك النصوص الدالة على وجوب القيام وأي سبب يقتضي جواز الجلوس مع القدرة وأي فرق بين السفينة وغيرها.

٤٧ ـ ذهبت الإمامية إلى أن العاصي بسفره كالخارج لقطع الطريق أو للسعاية في قتل مسلم أو لطلب لا يجوز وشبهه لا يجوز له التقصير في الصلاة ولا في الصوم.

وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي لا فرق بين سفر الطاعة والمعصية (١) وقد خالفوا المعقول والمنقول.

أما المعقول فلأن القصر رخصة فلا يناط بالمعاصي.

وأما المنقول فقوله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) (٢) حرم على العادي الرخصة والقصر كذلك.

٤٨ ـ ذهبت الإمامية إلى جواز الجمع بين الظهرين والعشاءين سفرا وحضرا من غير عذر في وقت الأولى والثانية.

وقال الشافعي كل من جاز له التقصير جاز له الجمع (٣).

وبه قال مالك وأحمد وإسحاق (٤).

وقال أبو حنيفة لا يجوز الجمع بحال لأجل السفر ولكن يجوز الجمع بينهما في النسك فكل من أحرم بالحج قبل الزوال من يوم عرفة. فإذا زالت جمع الظهرين وجمع بين العشاءين بمزدلفة (٥).

وقد خالفوا بذلك قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) (٦).

__________________

(١) الهدى ج ١ ص ٥٧ وبداية المجتهد ج ١ ص ١٣٢ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٤٧٤؟؟؟ ٥٧

(٢) البقرة : ١٢٣

(٣) و (٤) و (٥) بداية المجتهد ج ١ ص ١٣٤ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٤٨٥ و ٤٨٦ و ٤٨٧

(٦) الإسراء : ٧٨

٤٤٤

وَمَا رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللهِ ص الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمْعاً وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمْعاً مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ (١).

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ. (٢)

٤٩ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب تقديم الظهر على العصر حالة الجمع. وجوز الشافعي البدأة بالعصر (٣).

وقد خالف في ذلك الإجماع وفعل النبي ص وأمر الله تعالى من وجوب تقديم الظهر على العصر.

٥٠ ـ ذهبت الإمامية إلى أن المقيم في بلده لتجارة أو طلب علم وغير ذلك إذا نوى مقام عشرة أيام ينعقد به الجمعة.

وخالف المالكية والشافعية فيه (٤) وقد خالفوا بوجوب صلاة الجمعة.

٥١ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب الجمعة على أهل السواد كوجوبها على أهل المدن.

وقال أبو حنيفة لا جمعة لأهل السواد (٥).

وخالف في ذلك القرآن حيث قال (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ). (٦)

__________________

(١) و (٢) رواه مسلم في صحيحه ج ١ ص ٢٧١ بأسناد متعددة ، والموطأ ج ١ ص ١٦٠ وشرحه : تنوير الحوالك للحافظ السيوطي ، والتاج الجامع للأصول ج ١ ص ١٤٨ و ٢٩٨ ومسند أحمد ج ١ ص ٢١٧ و ٣٦٠ وفي هامشه منتخب كنز العمال ج ٣ ص ٢٣٠ بأسناد متعددة.

(٣) بداية المجتهد ج ١ ص ١٣٥

(٤) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٨٠ و ٣٨٨ وبداية المجتهد ج ١ ص ١٢٥

(٥) الهدى ج ١ ص ٥٧ وبداية المجتهد ج ١ ص ١٢٩ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٧٩ وأحكام القرآن ج ١ ص ٤٤٥

(٦) الجمعة : ٩

٤٤٥

٥٢ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب الجمعة على من بعد عن البلد على رأس فرسخين وما دون فإن كان فيهم العدد وجب عليهم الحضور أو الصلاة عندهم وإن كان أقل من العدد وجب عليهم الحضور وكذا إن كانوا على أقل من فرسخ.

وقال أبو حنيفة إن كان خارج البلد لا يجب عليه الحضور إذا كانوا أقل من العدد وإن كانوا على قرب (١) قال محمد قلت لأبي حنيفة يجب الجمعة على أهل زورة الكوفة قال لا وبين الزورة والكوفة الخندق وهي قرية قرب الكوفة.

وقال الشافعي لا يجب الحضور إلا إذا كانوا في مكان يسمعون الأذان (٢).

وقد خالفوا في ذلك القرآن وهو قوله (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ).

٥٣ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب الجمعة على خمسة نفر أحدهم الإمام.

وقال الشافعي وأحمد وإسحاق لا يجب على أقل من أربعين (٣).

وقد خالفوا في ذلك عموم القرآن.

٥٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أن العدد شرط في الابتداء لا في الاستدامة فلو انفضوا بعد التكبير أتمها جمعة.

وخالفوا فيه الفقهاء الأربعة (٤).

وقد خالفوا بذلك نص القرآن وَقَوْلَ النَّبِيِّ ص الصَّلَاةُ عَلَى مَا افْتَتَحْتَ عَلَيْهِ.

__________________

(١) بداية المجتهد ج ١ ص ١٢٩ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٧٨ و ٣٨٠ والهدى ج ١ ص ٥٧

(٢) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٨٣ والأم ج ١ ص ١٧٠ ومختصر المزني ص ١٣٠

(٣) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٨٨ وبداية المجتهد ج ١ ص ١٢٤ والأم ج ١ ص ١٦٩

(٤) الأم ج ١ ص ١٧٠ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٨٨.

٤٤٦

٥٥ ـ ذهبت الإمامية إلى أن بقاء الوقت ليس شرطا في الجمعة فلو خرج الوقت قبل الفراغ منها أتم الجمعة.

وقال أبو حنيفة والشافعي إنه شرط (١).

وقد خالفا بذلك كلام الله تعالى وكلام رسوله ص (٢).

٥٦ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الواجب الجمعة فإن صلى الظهر فلا تصح ووجب عليه فعلها إن أدرك الجمعة وإلا أعاد الظهر.

وقال أبو حنيفة وإن صلى الظهر أجزأه (٣).

وخالف في ذلك القرآن (٤).

٥٧ ـ ذهبت الإمامية إلى تحريم السفر بعد الزوال قبل صلاة الجمعة.

وخالف فيه الحنفية فجوزوا السفر قبلها (٥).

وقد خالف في ذلك القرآن (٦).

٥٨ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب القيام حال الخطبة وقال أبو حنيفة لا يجب (٧).

وقد خالف قَوْلَ النَّبِيِّ ص وَفِعْلَهُ ـ : لِأَنَّهُ لَمْ يَخْطُبْ إِلَّا قَائِماً وَقَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي.

__________________

(١) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٧٦

(٢) قال تعالى : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) : وقال رسول الله (ص) : «من ترك الجمعة من غير ضرورة كتب منافقا في كتاب لا يمحي ولا يبدل» ، رواه الشافعي ، وقال (ص) : «الجمعة حق واجب على كل مسلم».

(٣) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٤٠١

(٤) لأنه خلاف السعي المأمور به في الآية الكريمة آية ٩ من سورة الجمعة.

(٥) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٤٠٠ وتفسير الخازن ج ٤ ص ٤٨٨

(٦) وهو خلاف المأمور به في الآية الشريفة.

(٧) الهداية ج ١ ص ٥٨

٤٤٧

ولأنها بدل عن الركعة فتساويها عن الحكم (١).

٥٩ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب أربعة أشياء في الخطبة الحمد لله والثناء عليه والصلاة على النبي ص والوعظ وقراءة شيء من القرآن.

وقال أبو حنيفة يجب في الخطبة كلمة واحدة الحمد لله والله أكبر وسبحان الله ولا إله إلا الله أو غير ذلك (٢).

وقد خالف في ذلك فعل النبي ص وفعل الصحابة (٣).

٦٠ ـ ذهبت الإمامية إلى استحباب أن يقرأ في الأولى مع الحمد الجمعة وفي الثانية المنافقين.

وقال أبو حنيفة ليس في القرآن شيء معين يقرأ ما شاء (٤).

وقد خالف في ذلك فعل النبي ص فَقَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ وَكَذَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ.

٦١ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الجمعة يجب إدراك ركعة لا بدونها. وقال عمر بن الخطاب إن لم يدرك الخطبتين والركعتين معا لم يدرك الجمعة وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد.

وقال أبو حنيفة يدركها بإدراك الميسر ولو بسجود السهو بعد التسليم (٥).

__________________

(١) بداية المجتهد ج ١ ص ١٢٥ والتاج الجامع للأصول ج ١ ص ٢٨٢ وقال : رواه الخمسة ، ومنتخب كنز العمال ج ٣ ص ٢٩٤.

(٢) الهداية ج ١ ص ٥٨ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٩٠

(٣) التاج الجامع للأصول ج ١ ص ٢٨٦

(٤) بداية المجتهد ج ١ ص ١٢٨ التاج الجامع للأصول ج ١ ص ٢٨٥ ومسند أحمد ج ١ ص ٢٢٦

(٥) الهداية ج ١ ص ٥٩ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٤٠٣

٤٤٨

وقد خالفوا في ذلك نص رسول الله ص وَهُوَ قَوْلُهُ ص مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ. (١) دل على عدم إدراكها بعدم إدراك الركعة وعدم اشتراط الأزيد.

٦٢ ـ ذهبت الإمامية إلى أن من لا يجب عليه الجمعة لا يحرم عليه البيع كالعبد.

وقال مالك يحرم (٢) وقد خالف بذلك عموم القرآن وهو قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٣) والمقتضي للتحريم هو الصلاة كما قال الله تعالى (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) (٤) ليس ثابتا في حقه.

٦٣ ـ ذهبت الإمامية إلى تسويغ صلاة شدة الخوف بحسب الإمكان ماشيا وراكبا.

وقال أبو حنيفة لا يجوز أن يصلي ماشيا بل يؤخر الصلاة حتى ينقضي القتال (٥).

وقد خالف قوله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) (٦).

٦٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الجمعة يجوز فعلها في الصحراء مطلقا.

وقال أبو حنيفة لا يجوز إلا في نفس المصر أو في موضع يصلى فيه العيد (٧).

وقال مالك لا تصح الجمعة إلا في الجامع (٨) وقد خالفا عموم

__________________

(١) الموطأ ج ١ ص ١٢٧ ومنتخب كنز العمال ج ٣ ص ٢٥٥ عن مسلم ، وأحمد بن حنبل ، والتاج الجامع للأصول ج ١ ص ٢٦٠

(٢) أحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٤٤٨ وذكره الفضل في المقام.

(٣) البقرة : ٢٧٥

(٤) الجمعة : ٩

(٥) التفسير الكبير ج ٦ ص ١٥٤ وتفسير الخازن ج ١ ص ١٨٢

(٦) البقرة : ٢٣٩

(٨) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٨٧ والهداية ج ١ ص ٥٧

٤٤٩

القرآن (١).

وقد ظهر من هذه المسائل للعاقل المنصف أن الإمامية أكثر إيجابا للجمعة من الجمهور ومع ذلك يشنعون عليهم تركها حيث إنهم لم يجوزوا الائتمام بالفاسق ومرتكب الكبائر والمخالف في العقيدة الصحيحة (٢) وأنهم لا يجوزون الزيادة في الخطبة التي خطبها النبي ص وأصحابه والتابعون (٣) إلى زمن المنصور (٤).

٦٥ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب صلاة العيدين على من يجب عليه صلاة الجمعة.

وقال الفقهاء إلا أبا حنيفة إنها مستحبة (٥).

وقد خالفوا في ذلك قوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) (٦) أراد صلاة العيد وهو يدل على عدم الفلاح بتركها.

وخالفوا مداومة النبي ص عليها (٧).

٦٦ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب صلاة الكسوف.

وقال الفقهاء الأربعة إنها سنة (٨).

وقد خالفوا في ذلك : قَوْلَ النَّبِيِّ ص لَمَّا كُسِفَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يُكْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا ،

__________________

(١) وهو قوله تعالى : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ)

(٢) انظر ما تقدم.

(٣) التاج الجامع للأصول ج ١ ص ٢٨٢

(٤) راجع : تاريخ الخلفاء ص ٢٦٣ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٩٤ وزادوا في زمن المنصور الدعاء للولاة ، وذكر فضائلهم.

(٥) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٤٤

(٦) الأعلى : ١٤ ، ١٥

(٧) الهداية ج ١ ص ٦٠

(٨) بداية المجتهد ج ١ ص ١٦٦ والفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٣٦٣

٤٥٠

فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ (١).

٦٧ ـ ذهبت الإمامية إلى استحباب صلاة الاستسقاء.

وقال أبو حنيفة لا صلاة لها (٢).

وقد خالف بذلك فعل النبي ص.

وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ص يَوْماً يَسْتَسْقِي فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ (٣).

وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا صَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ (٤).

وفعل ذلك أبو بكر وعمر (٥).

٦٨ ـ ذهبت الإمامية إلى أن السنة تسطيح القبور وبه قال الشافعي وأصحابه (٦) إلا أنهم قالوا المستحب التسطيح لكن لما صار شعار الرافضة عدلنا عنه إلى التسنيم قاله الغزالي.

وهل يحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يغير الشرع لأجل عمل بعض المسلمين به.

وهلا تركوا الصلاة لأن الرافضة يفعلونها.

٦٩ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الشهيد يصلى عليه.

__________________

(١) مسند أحمد ج ٤ ص ٢٤٤ وصحيح البخاري ج ٢ ص ٤٠ وصحيح مسلم ج ١ ص ١٩٤ وموطأ مالك ج ١ ص ١٧٠

(٢) بداية المجتهد ج ١ ص ١٧٠ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٣٥٩ و ٣٦١.

(٣) بداية المجتهد ج ١ ص ١٧٠ وصحيح البخاري ج ٢ ص ٣٣ و ٣٧

(٥) منتخب كنز العمال ج ٣ ص ٢٢٣ و ٢٢٤ وبداية المجتهد ج ١ ص ١٧٠

(٦) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٥٣٥ وما ذهب إليه بعضهم (أعني قول الفقهاء الثلاثة ، ولعل دليلهم ما قاله الغزالي) لأنه مخالف لقول النبي (ص) وفعله ، راجع : التاج الجامع للأصول ج ١ ص ٣٧١ وصحيح مسلم ج ٢ ص ٣٨٤ مسندا له عن علي بن أبي طالب ، ومصابيح السنة ج ١ ص ٨٣ وغيرها من الكتب المعتبرة عند القوم.

٤٥١

وقال الشافعي ومالك وأحمد لا يصلى عليه (١).

وهو مخالف لفعل النبي ص لأنه صلى على حمزة وعلى شهداء أحد (٢).

٧٠ ـ ذهبت الإمامية إلى أن المشي خلف الجنازة أو عن أحد جانبيها أفضل.

وقال الشافعي ومالك وأحمد المشي قدامها أفضل (٣).

وقد خالفوا في ذلك النص فإن المستحب هو التشييع.

وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ص بِاتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ (٤).

٧١ ـ ذهبت الإمامية إلى أن القيام شرط في صلاة الجنازة.

وقال أبو حنيفة يجوز الصلاة قاعدا مع القدرة (٥).

وقد خالف فعل النبي ص والصحابة والتابعين من بعدهم فإن أحدا لم يصل قاعدا (٦).

٧٢ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب التكبير (٧).

وخالف فيه الفقهاء الأربعة وقد خالفوا في ذلك فعل النبي ص.

رَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ كَانَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ

__________________

(١) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٥٢٨ و ٥٢٩ و ٥٣٠

(٢) تاريخ الكامل ج ٢ ص ١١٣ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٤٢ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٨ وفي هامشها سيرة زيني دحلان ص ٥٥

(٣) بداية المجتهد ج ١ ص ١٨٥ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٥٣٢

(٤) التاج الجامع للأصول ج ١ ص ٢٦٧ ومسند أحمد ج ٤ ص ٢٨٧

(٥) وقد ذكر ذلك في مطولات فقه أبو حنيفة ، فراجع.

(٦) بداية المجتهد ج ١ ص ١٨٨ والتاج الجامع للأصول ج ١ ص ٣٦٢

(٧) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٥١٩

٤٥٢

يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعاً وَأَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةٍ خَمْساً فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ ص يُكَبِّرُهَا (١).

وَكَبَّرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ع عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ خَمْساً (٢).

وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ وَابْنُ شِيرَوَيْهِ الدَّيْلَمِيُ أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْمَيِّتِ بِخَمْسِ تَكْبِيرَاتٍ (٣).

٧٣ ـ ذهبت الإمامية إلى استحباب وضع الجريدتين في الكفن وخالف فيه الفقهاء الأربعة (٤).

رَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَتَنَزَّهُ مِنَ الْبَوْلِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا فَقَالَ لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا (٥).

وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ص قَالَ لِلْأَنْصَارِ حَصِّرُوا أَصْحَابَكُمْ فَمَا أَقَلَّ الْمُحَصَّرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا وَمَا التَّحْصِيرُ قَالَ جَرِيدَتَانِ خَضْرَاوَانِ يُوضَعَانِ مِنْ أَصْلِ الْيَدَيْنِ إِلَى التَّرْقُوَةِ (٦).

__________________

(١) بداية المجتهد ج ١ ص ١٨٦ رواه عن صحيح مسلم.

(٢) الإصابة ج ٢ ص ٨٧

(٣) وروي في تعليقه صحيح مسلم ج ٢ ص ٣٧٨ ومنتخب كنز العمال ج ٦ ص ٢٥٢ عن أبي وائل.

(٤) انظر : الفقه على المذاهب ج ١ ص ٥٣٤ حكم دفن الميت ، وما يتعلق به.

(٥) صحيح البخاري ج ٢ ص ١١٤ وقال : وأوصى بريدة الأسلمي أن يجعل في قبره جريدتان ، والفتاوى الكبرى لابن تيمية ج ٥ ص ٤٤٧ راجع الأصول ج ١١ ص ٤٤٩

(٦) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٥٩٨

٤٥٣

الفصل الثالث : في الزكاة

وفيه مسائل :

١ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الإبل إذا زادت على مائة وعشرين ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة.

وقال أبو حنيفة يستأنف الفريضة في كل خمسين شاة مع الحقتين إلى مائة وخمس وأربعين ففيها حقتان وبنت مخاض وفي مائة وخمسين ثلاث حقان ثم تستأنف الفريضة بالغنم إلى مائة وأربع وسبعين وفي مائة وخمس وسبعين ثلاث حقان وبنت مخاض وفي مائة وست وثمانين حقان وبنت لبون وفي مائة وست وتسعين أربع حقان إلى مائتين ثم يعمل في كل خمسين ما عمل في الخمسين التي بعد المائة وخمسين إلى أن ينتهي إلى الحقان فإذا انتهى إليها انتقل إلى أربع حقان مع بنت مخاض ثم بنت لبون ثم حقة وعلى هذا أبدا.

وقد خالف نَصَّ رَسُولِ اللهِ ص فِي الصِّحَاحِ عَنْ أَنَسٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ. (١).

٢ ـ ذهبت الإمامية إلى تخيير المالك بين إخراج الحقان وبنات اللبون في مائتين ونحوها.

وقال أبو حنيفة يجب الحقان لا غير (٢).

وهو مخالف للنقل لأن النبي ص خير بينهما فإيجاب أحدهما عينا مخالفة.

٣ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب الأداء مع حولان الحول.

__________________

(١) مصابيح السنة ج ١ ص ٨٧ ، والموطأ ج ١ ص ٢٥٠ والتاج الجامع للأصول ج ٢ ص ١٢ وقال : رواه الخمسة إلا مسلم.

(٢) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٥٩٨

٤٥٤

وقال أبو حنيفة لا يجب إلا بالمطالبة (١) ولا مطالبة عنده في الأموال الباطنة.

وقد خالف في ذلك قول الله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (٢).

٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجب على المراض شراء الصحيحة.

وقال مالك يجب (٣) وقد خالف في ذلك قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ص إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ (٤) فإذا نهاه عن أخذ الكريمة مع وجودها فالنهي عن أخذ الصحيحة مع عدمها أولى.

٥ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الزكاة يجب في العين.

وقال الشافعي يجب في الذمة (٥) وقد خالف قَوْلَ النَّبِيِّ ص حَيْثُ قَالَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى قَوْلِهِ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ وَقَالَ فِي الْبَقَرِ إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ وَقَالَ وَفِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ (٦).

٦ ـ ذهبت الإمامية إلى أن من غير ماله أو بعضه نقصه حتى لا يؤخذ منه الزكاة أخذت منه الصدقة لا غير.

وقال مالك وأحمد تؤخذ منه الزكاة ويؤخذ نصف ماله (٧).

__________________

(١) أقول : قد ذكره الحنفية في المطولات فراجع وقد لخصه الجزيري في الفقه على المذاهب ج ١ ص ٥٩١.

(٢) البقرة : ٤٣ وغيرها من الآيات.

(٣) بداية المجتهد ج ١ ص ٢٣٩ وتعليقة التاج الجامع للأصول ج ٢ ص ١٣

(٤) رواه البخاري في صحيحه ج ٢ ص ١٤٠ بلفظ آخر.

(٥) بداية المجتهد ج ١ ص ٢٢٩ والتفسير الكبير ج ١٦ ص ١٧٨

(٦) منتخب كنز العمال هامش المسند ج ٢ ص ٤٩٤ و ٤٩٥ والهداية ج ١ ص ٧٠ والموطأ ج ١ ص ٢٥١

(٧) ذكره الفضل في المقام مع التوجيه ، والطحاوي في مشكل الآثار ، على ما رواه السيد في إحقاق الحق.

٤٥٥

وقد خالفا في ذلك قَوْلَ النَّبِيِّ ص لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ (١).

٧ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الزكاة لا يجب على الطفل والمجنون.

وقال الشافعي يجب (٢) وقد خالف في ذلك قَوْلَ النَّبِيِّ ص رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ. (٣)

٨ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الفضة إنما يجب فيها الزكاة إذا بلغ صافيه مائتي درهم.

وقال أبو حنيفة لو كانت مغشوشة بأقل من النصف وجبت ولو كانت عليه دينا مائتا درهم خالصة فأعطى ما هي المغشوشة بأقل من النصف ولو حبة برئت ذمته (٤).

وقد خالف في ذلك النص وَهُوَ قَوْلُهُ ص عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ (٥) وإنما أخذ دراهم خالصة فكيف يجزي عنها المغشوشة ما دون من النصف.

وَقَالَ ص فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ (٦) وَالْمَغْشُوشُ لَيْسَ وَرِقاً.

٩ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الزيوف لا يجزي عن الخالصة.

__________________

(١) التفسير الكبير ج ١ ص ٢١٤

(٢) الهداية ج ١ ص ٦٨ وفي بداية المجتهد ج ١ ص ٢٢٥ قال : ذهب إلى ذلك مالك ، والثوري ، وأحمد ، وغيرهم.

(٣) منتخب كنز العمال ج ٢ ص ٢٥٣ عن الصحاح والمسانيد.

(٤) الهداية ج ١ ص ٧٤ وج ٢ ص ٥٩ وج ٣ ص ٦٢

(٥) مسند أحمد ج ٥ ص ١٢ و ١٣ والتاج الجامع للأصول ج ٢ ص ٢٢٣

(٦) التاج الجامع للأصول ج ٢ ص ١٨ وصحيح مسلم ج ٢ ص ٣٨٩

٤٥٦

وقال أبو حنيفة يجزي (١) وقد خالف قَوْلَهُ ص فِي الرِّقَةِ رُبُعُ الْعُشْرِ (٢).

١٠ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه ليس في الزائد عن المائتين شيء حتى يبلغ أربعين ففيها درهم.

وقال الفقهاء إلا أبا حنيفة ما زاد عن المائتين فيه ربع العشر (٣).

وقد خالف في ذلك قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ص هَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً دِرْهَماً

(٤).

١١ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه يجب الزكاة في الخيل.

وقال أبو حنيفة يجب (٥) وخالف في ذلك قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ص عَفَوْتُ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ (٦).

١٢ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا يضم الذهب إلى الفضة لو نقص كل منهما عن النصاب.

وقال أبو حنيفة ومالك يضم (٧) وقد خالفا في ذلك قَوْلَهُ ص لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالاً مِنَ الذَّهَبِ صَدَقَةٌ (٨).

١٣ ـ ذهبت الإمامية إلى اعتبار الحول في جميع النصاب.

__________________

(١) وقال الفضل في المقام : والمزيف عند أبي حنيفة في حكم الخالصة.

(٢) التاج الجامع للأصول ج ٢ ص ١٨ وقال : رواه البخاري ، وأبو داود ، والنسائي.

(٤) بداية المجتهد ج ١ ص ٢٣٥ والتاج الجامع للأصول ج ٢ ص ١٨ و ١٩

(٥) الهداية ج ١ ص ٧١

(٦) بداية المجتهد ج ١ ص ٢٣٥

(٧) بداية المجتهد ج ١ ص ٢٣٥

(٨) الهداية ج ١ ص ٧٣ ومنتخب كنز العمال ج ٢ ص ٤٩٥

٤٥٧

وقال أبو حنيفة يكفي وجوده في طرفيه (١) فلو ملك أربعين شاة سائمة ثم هلكت إلا واحدة ثم مضى عليها أحد عشر إلا لحظة ثم ملك تمام النصاب أخرج زكاة الكل.

وقد خالف في ذلك قَوْلَ النَّبِيِّ ص لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ (٢) وهذا لم يحل عليه الحول بل بعضه.

١٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا زكاة في الحلي محرما كان أو محللا. وقال أبو حنيفة والشافعي فيهما الزكاة (٣) وقد خالفا بذلك قَوْلَ النَّبِيِّ ص لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِ (٤).

١٥ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب الزكاة على المديون.

وقال أبو حنيفة لا يجب (٥) وقد خالف عموم القرآن قال الله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) (٦).

وعموم قَوْلِهِ فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ (٧).

١٦ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه يكره للإنسان أن يملك ما يصدق اختيارا ويصح البيع لو وقع.

وقال مالك لا يصح (٨).

١٧ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب الخمس في كل ما يغنم بالحرب وغيره.

__________________

(١) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٥٩٣ والتاج الجامع للأصول ج ٢ ص ١٦

(٢) بداية المجتهد ج ١ ص ٢٤٦ ومنتخب كنز العمال ج ٢ ص ٤٩٨

(٣) أحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ١٠٧ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٦٠٢

(٤) الموطأ ج ١ ص ٢٤٥ وأحكام القرآن ج ٣ ص ١٠٧ ومختصر المزني ج ١ ص ٤٩

(٥) الهداية ج ١ ص ٦٨ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٦٠٢ وبداية المجتهد ج ١ ص ٢٢٦

(٦) براءة : ١٠٣

(٧) منتخب كنز العمال ج ٢ ص ٤٩٥ عن الصحاح والسنن.

(٨) الموطأ ج ٢ ص ٢٢٤.

٤٥٨

وقال الفقهاء الأربعة لا يجب إلا في غنائم دار الحرب (١).

وقد خالفوا في ذلك قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) (٢).

__________________

(١) الهداية ج ٢ ص ١٠٥ والتفسير الكبير ج ١٥ ص ١٦٥ وروح المعاني ج ١٠ ص ١ إلى ٥

(٢) الأنفال : ٤١

أقول : قال ابن منظور في لسان العرب : والغنم : الفوز بالشيء من غير مشقة ، وغنم الشيء غنما : فاز به. وفسره بهذا المعنى في القاموس ، وتاج العروس ، وقال الراغب في المفردات : الغنيمة : من الغنم ، ثم استعمل في كل مظفور به ، من جهة العدو ، وغيرهم. وثبت في محله أن شأن النزول لا يكون مخصصا لعموم الآية ، فتخصيص حكم الآية بمورد ، وهو غنائم دار الحرب ادعاء بلا دليل ، ومخالف لقول النبي (ص) : «في الركاز الخمس ، قيل وما الركاز يا رسول الله؟ قال : «الذهب والفضة الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت». رواه البيهقي في سننه ج ٤ ص ١٥٢ وأحمد بن حنبل في مسنده ج ١ ص ٣١٤ والشافعي في مسنده ص ٣٧٠

وقال في القاموس ج ٢ ص ١٨٣ : الركاز : هو ما ذكره الله تعالى في المعادن ، ودفين أهل الجاهلية ، وقطع الذهب والفضة من المعدن ، وهكذا قال ابن الأثير في النهاية ج ٢ ص ٢٥٨ بتفصيل ، ورواه عن مسند أحمد ، وروى الشافعي في مسنده ص ٣٧٠ عن ابن عباس : أنه سئل عن العنبر فقال : إن كان فيه شيء ، ففيه الخمس ، وقال رسول الله (ص) : إن لكم بطون الأرض ، وسهولها ، وتلاع الأودية ، وظهورها ، على أن ترعوا نباتها ، وتشربوا ماءها ، على أن تؤدوا الخمس. رواه المتقي الهندي في كنز العمال ج ٢ ص ٦٥ وكتب رسول الله (ص) : عند قدوم مسروق بن وائل إلى حضرته : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله (ص) ، إلى أقيال من حضر موت ، بإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والصدقة على التبيعة ، ولصاحبها التيمة ، وفي السيوب الخمس. (راجع أسد الغابة ج ٣ ص ٣٨ وج ٤ ص ٣٥٤ والإصابة ج ٢ ص ٢٠٨ وفي العقد الفريد ج ٢ ص ٤٨ كتب (ص) إلى وائل بن حجر الحضرمي : «وفي السيوب الخمس». وأشار إلى ذلك في الاستيعاب هامش الإصابة ج ٣ ص ٦٤٢ ورواه زيني دحلان في السيرة النبوية ، وقال في القاموس ج ١ ص ٨٧ : السيب : العطاء ، والعرف ، والسيوب الركاز. وقال في أقرب الموارد : السيب : العطاء ، يقال فاض سيبه ، أي عطاؤه. والركاز ، يقال : وجد فلان سيبا أي ركازا ، وفي السيب الخمس.

فعلى هذا تعميم العطاء ، لعطائه تعالى وإحسانه ، يستفاد من معناه اللغوي ، فيشمل كل ما يغنمه الإنسان من وجوه الكسب ، وغنائم دار الحرب ، وقد ثبت أيضا : أن الغنيمة ـ

٤٥٩

١٨ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا كان العبد بين شريكين وجب عليهما فطرته بالحصص ولو كان بين ألف نفس عبد بالشركة أو كان بين اثنين ألف عبد بالشركة وجبت الفطرة على الجميع.

وقال أبو حنيفة تسقط بالشركة (١) وكذا لو كان بعض العبد حرا وجب على مولاه بقدر نصيبه.

وقال أبو حنيفة لا فطرة هنا (٢).

وقد خالف عموم الأمر بالإخراج عن العبد من غير حجة (٣).

١٩ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الزكاة المالية والبدنية لا يسقط بموت من وجبت عليه قبل أدائها مع تمكنه.

وقال أبو حنيفة تسقط (٤) وقد خالف العقل والنقل :

قال الله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ص فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى (٥).

ولأنه دين وجب في ذمته فلا يسقط بالموت كالأجنبي

__________________

ـ تطلق على ما فاز به الإنسان ، وظفر به من وجوه الكسب ، ومنها دار الحرب. وهذا المعنى مما أطبقت عليه الإمامية ، تبعا لأئمة أهل البيت عليهم‌السلام.

فائدة : النسبة بين الغنيمة ، والأنفال عموم من وجه ، لافتراق الأنفال في الأراضي الموات. ونحوها ، مما لم يغنمه أحد ، وافتراق الغنيمة فيما يستفيده الإنسان من مكاسبه ، مما ليس نفلا ، ويجتمعان في غنائم دار الحرب ... والنسبة بين الفيىء والغنيمة ، عموم مطلق ، لأن الفيىء هو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار ، من غير حرب ولا جهاد وهذا قسم خاص من الغنيمة يسمى : فيئا ، وحكم عليه بحكم خاص في الكتاب العزيز؟؟؟ وهكذا النسبة بين الفيىء والأنفال.

(١) و (٢) الهداية ج ١ ص ٨٣ وبداية المجتهد ج ١ ص ٢٥٥

(٣) التاج الجامع للأصول ج ٢ ص ٢٥

(٤) أحكام القرآن ج ٢ ص ٩٧

(٥) منتخب كنز العمال ج ٢ ص ٣٨٣

٤٦٠