نهج الحقّ وكشف الصدق

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهج الحقّ وكشف الصدق

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتاب اللبناني
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

فكيف يجوز مع هذه الروايات الاعتبار بما قال القاضي.

تعطيل عثمان الحد على ابن عمر

ومنها أنه عطل الحد الواجب على عبيد الله بن عمر بن الخطاب حيث قتل الهرمزان مسلما فلم يقده به وكان أمير المؤمنين ع يطلبه لذلك.

قال القاضي إن للإمام أن يعفو ولم يثبت أن أمير المؤمنين ع كان يطلبه ليقتله بل ليضع من قدره.

أجاب المرتضى بأنه ليس له أن يعفو وله جماعة من فارس لم يقدموا خوفا وكان الواجب أن يؤمنهم عثمان حتى يقدموا ويطلبوا بدمه ثم لو لم يكن له ولي لم يكن لعثمان العفو.

أما أولا فلأنه قتل في أيام عمر وكان هو ولي الدم وقد أوصى عمر بأن يقتل عبيد الله إن لم تقم البينة العادلة على الهرمزان وجفينة أنهما أمرا أبا لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة بقتله وكانت وصيته إلى أهل الشورى فلما مات عمر طلب المسلمون قتل عبيد الله كما أوصى عمر فدافع وعللهم وحمله إلى الكوفة وأقطعه بها دارا وأرضا فنقم المسلمون منه ذلك وأكثروا الكلام فيه.

وأما ثانيا فلأنه حق لجميع المسلمين فلا يكون للإمام العفو عنه وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّمَا طَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ لِأَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ يَوْماً فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا وَاللهِ لَئِنْ ظَفِرْتُ بِكَ يَوْماً مِنَ الدَّهْرِ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ فَلِهَذَا خَرَجَ مَعَ مُعَاوِيَةَ (١).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ ص ٢٤٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٧٣ ، والإصابة ج ١ ص ٦١٩ وطبقات ابن سعد ج ٥ ص ٨ و ١٠ (ط ليدن) ، وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٥٣ وتاريخ الطبري ج ٥ ص ٤١

٣٠١

براءة الصحابة من عثمان يوم الدار

ومنها أن الصحابة تبرءوا منه فإنهم تركوه بعد قتله ثلاثة أيام لم يدفنوه ولا أنكروا على من أجلب عليه من أهل الأمصار بل أسلموه ولم يدافعوا عنه بل أعانوا عليه ولم يمنعوا من حصره ولا من منع الماء عنه ولا من قتله مع تمكنهم من ذلك كله.

وَرَوَى الْوَاقِدِيُ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مُنِعُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ حَتَّى حُمِلَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ وَلَمْ يَشْهَدْ جَنَازَتَهُ غَيْرُ مَرْوَانَ وَثَلَاثَةٍ مِنْ مَوَالِيهِ وَلَمَّا أَحَسُّوا بِذَلِكَ رَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ وَذَكَرُوهُ بِأَسْوَإِ الذِّكْرِ وَلَمْ يَقَعِ التَّمَكُّنُ مِنْ دَفْنِهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَنْعَ مِنْ دَفْنِهِ. (١)

عثمان يستهزئ بالشريعة

ومنها أنه كان يستهزئ بالشرائع ويجترئ على المخالفة لها فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى زَوْجِهَا فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُرْجَمَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ فَقَالَ

__________________

(١) أخرج الطبري في تاريخه ، من طريق أبي بشير العابدي ، قال : نبذ عثمان رضي الله عنه ثلاثة أيام لا يدفن ، ثم إن حكيم بن حزام القرشي ، ثم أحد من بني أسد بن عبد العزى ، وجبير بن مطعم كلما عليا في دفنه ، وطلبا إليه أن يأذن لأهله في ذلك ، ففعل ، وأذن لهم علي ، فلما سمع بذلك الناس قعدوا في الطريق بالحجارة ، وخرج به ناس يسير من أهله ، وهم يريدون به حائطا بالمدينة ، يقال له «حش كوكب» كانت اليهود تدفن فيه موتاهم ، فلما خرج به على الناس رجموا سريره ، وهموا بطرحه.

فبلغ ذلك عليا ، فأرسل إليهم : يعزم عليهم ليكفن عنه ، ففعلوا ، فانطلق به حتى دفن رضي الله عنه في «حش كوكب».

فلما ظهر معاوية بن أبي سفيان على الناس أمر بهدم ذلك الحائط ، حتى أفضى به إلى البقيع ، فأمر الناس أن يدفنوا موتاهم حول قبره ، حتى تصل ذلك بمقابر المسلمين.

وفي تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٦٥ والاستيعاب هامش الإصابة ج ٣ ص ٨٠ رويا عن مالك :

لما قتل عثمان رضي الله عنه ألقي على مزبلة ثلاثة أيام ، ثم دفن في حش كوكب.

٣٠٢

إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (١) وَقَالَ أَيْضاً (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) (٢) قَالَ فَوَ اللهِ مَا كَانَ عِنْدَ عُثْمَانَ إِلَّا أَنْ بَعَثَ إِلَيْهَا فَرُجِمَتْ (٣).

كيف استجاز أن يقول هذا القول ويقدم على قتل امرأة مسلمة عمدا من غير ذنب وقد قال الله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٤) وقال تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٥) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٦) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٧)

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيّاً حَجَّا وَنَهَى عُثْمَانُ عَنِ الْمُتْعَةِ وَفَعَلَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَتَى بِعُمْرَةِ التَّمَتُّعِ فَقَالَ عُثْمَانُ أَنْهَى النَّاسَ وَأَنْتَ تَفْعَلُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا كُنْتُ لِأَدَعَ سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ ص بِقَوْلِ أَحَدٍ (٨)

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ ص صَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِ بِمِنًى وَغَيْرِهَا رَكْعَتَيْنِ وَكَذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فِي صَدْرِ خِلَافَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا أَرْبَعاً. (٩)

وَفِيهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ صَدْراً مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بَعْدُ أَرْبَعاً (١٠).

__________________

(١) الأحقاف : ١٥

(٢) لقمان : ١٤

(٣) الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠ وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٣٨٩

(٤) النساء : ٩٣

(٦) و (٧) المائدة : ٤٤ و ٤٥ و ٤٧

(٨) صحيح مسلم ج ٢ ص ٥٣٩ باب جواز التمتع ، وصحيح البخاري ج ٢ ص ١٦٧

(١٠) صحيح البخاري ج ٢ ص ٥١ ، وصحيح مسلم ج ١ ص ٢٦٧

٣٠٣

وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أَنَّ النَّبِيَّ ص صَلَّى فِي السَّفَرِ دَائِماً رَكْعَتَيْنِ (١).

فكيف جاز لعثمان تغيير الشرع وتبديله.

وَفِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) (٢) قَالَ عُثْمَانُ إِنَّ فِي الْمُصْحَفِ لَحْناً وَسَتُقَوِّمُهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُ أَلَا تُغَيِّرُهُ فَقَالَ دَعُوهُ لَا يُحَلِّلُ حَرَاماً وَلَا يُحَرِّمُ حَلَالاً.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَجُلاً مَدَحَ عُثْمَانَ فَعَمَدَ الْمِقْدَادُ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَكَانَ رَجُلاً ضَخْماً فَجَعَلَ يَحْثُو فِي وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ فَقَالَ عُثْمَانُ مَا شَأْنُكَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ص قَالَ إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ (٣).

مَعَ أَنَّ الْمِقْدَادَ كَانَ عَظِيمَ الشَّأْنِ كَبِيرَ الْمَنْزِلَةِ حَسَنَ الرَّأْيِ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص قُدَّ مِنِّي قَدّاً وهذا يدل على سقوط مرتبة عثمان عنده وأنه لا يستحق المدح مع أن الصحابة قد كان يمدح بعضهم بعضا من غير نكير.

ومنها جرأته على رسول الله (ص).

رَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) (٤) قَالَ السُّدِّيُ لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ وَخُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ وَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ امْرَأَتَيْهِمَا أُمَّ سَلَمَةَ وَحَفْصَةَ قَالَ طَلْحَةُ وَعُثْمَانُ أَيَنْكِحُ مُحَمَّدٌ نِسَاءَنَا إِذَا مِتْنَا وَلَا نَنْكِحُ نِسَاءَهُ إِذَا مَاتَ وَاللهِ لَوْ قَدْ مَاتَ لَقَدْ أَجْلَبْنَا عَلَى

__________________

(١) صحيح مسلم ج ١ ص ٢٦٥ باب صلاة المسافرين وقصرها.

(٢) طه : ٦٣

(٣) صحيح مسلم ج ٢ ص ٣٥٥ ، كتاب الزهد باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط.

(٤) الاحزاب : ٥٣

٣٠٤

نِسَائِهِ بِالسِّهَامِ وَكَانَ طَلْحَةُ يُرِيدُ عَائِشَةَ وَعُثْمَانُ يُرِيدُ أُمَّ سَلَمَةَ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) (١) وَأَنْزَلَ (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ) (٢) وَأَنْزَلَ (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٣)

وَمِنْهَا : مَا رَوَاهُ السُّدِّيُّ مِنَ الْجُمْهُورِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) (٤) الْآيَاتِ.

قَالَ السُّدِّيُّ نَزَلَتْ هَذِهِ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ ص بَنِي النَّضِيرِ فَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ قَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ ائْتِ رَسُولَ اللهِ فَسَلْهُ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ أَعْطَاكَهَا فَأَنَا شَرِيكُكَ فِيهَا وَآتِيهِ أَنَا فَأَسْأَلُهُ فَإِنْ أَعْطَانِيهَا فَأَنْتَ شَرِيكِي فَسَأَلَهُ عُثْمَانُ أَوَّلاً فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ أَشْرِكْنِي فَأَبَى عُثْمَانُ فَقَالَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ رَسُولُ اللهِ ص فَأَبَى أَنْ يُخَاصِمَهُ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقِيلَ لَهُ لِمَ لَا تَنْطَلِقُ مَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ هُوَ ابْنُ عَمِّهِ فَأَخَافُ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) (٥) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) فَلَمَّا بَلَغَ عُثْمَانَ مَا أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ أَتَى النَّبِيَّ ص فَأَقَرَّ لِعَلِيٍّ بِالْحَقِّ.

أراد عثمان أن يتهود

وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ السُّدِّيُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٦) الْآيَةَ.

قَالَ السُّدِّيُّ لَمَّا أُصِيبَ النَّبِيُّ ص بِأُحُدٍ قَالَ عُثْمَانُ لَأَلْحَقَنَّ بِالشَّامِ

__________________

(١) و (٢) و (٣) الأحزاب : ٥٣ ، ٥٤ و ٥٧

(٤) و (٥) النور : ٤٧ ، ٦٨ إلى ٥٠

(٦) المائدة : ٥١

٣٠٥

فَإِنَّ لِي بِهِ صَدِيقاً مِنَ الْيَهُودِ فَلَآخُذَنَّ مِنْهُ أَمَاناً فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُدَالَ عَلَيْنَا الْيَهُودُ وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ لَأَخْرُجَنَّ إِلَى الشَّامِ فَإِنَّ لِي بِهِ صَدِيقاً مِنَ النَّصَارَى فَلَآخُذَنَّ مِنْهُ أَمَاناً فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُدَالَ عَلَيْنَا النَّصَارَى.

قَالَ السُّدِّيُّ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَهَوَّدَ وَالْآخَرُ أَنْ يَتَنَصَّرَ قَالَ فَأَقْبَلَ طَلْحَةُ إِلَى النَّبِيِّ ص وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ فَاسْتَأْذَنَهُ طَلْحَةُ فِي الْمَصِيرِ إِلَى الشَّامِ وَقَالَ إِنَّ لِي بِهَا مَالاً آخُذُهُ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص عَنْ مِثْلِهَا مِنْ حَالٍ تَخْذُلُنَا وَتَخْرُجُ وَتَدَعُنَا فَأَكْثَرَ عَلَى النَّبِيِّ ص مِنَ الِاسْتِئْذَانِ فَغَضِبَ عَلِيٌّ ع وَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِابْنِ الْحَضْرَمِيَّةِ فَوَ اللهِ لَا عَزَّ مَنْ نَصَرَهُ وَلَا ذَلَّ مَنْ خَذَلَهُ فَكَفَّ طَلْحَةُ عَنِ الِاسْتِئْذَانِ عِنْدَ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) (١) يَعْنِي أُولَئِكَ يَقُولُ إِنَّهُ يَحْلِفُ لَكُمْ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مَعَكُمْ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ بِمَا دَخَلَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ حَتَّى نَافَقَ فِيهِ (٢).

مارواه الجمهور في حق معلوية

معاوية وأصحابه هم الفئة الباغية

المطلب الرابع في مطاعن معاوية

وهي أكثر من أن تحصى وقد روى الجمهور منها أشياء كثيرة.

مِنْهَا : مَا رَوَى الْحُمَيْدِيُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ (٣) بِصِفِّينَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ (٤) فَقَتَلَهُ مُعَاوِيَةُ

__________________

(١) المائدة : ٥٣

(٢) رواه في تفسير الخازن ج ١ ص ٥٠٣ وفي تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٦٣ بلفظ : الرجل ولم يذكر الاسم.

(٣) في الإصابة ج ٢ ص ٥١٢ ، وفي هامشها الاستيعاب ص ٤٨٠ وفي تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٤٠٩ ، قالوا : وقد تواترت الأحاديث عن النبي (ص) : أن عمارا تقتله الفئة الباغية.

(٤) شرح النهج ج ٣ ص ٢٧٢ ومروج الذهب ج ٢ ص ٣٨١

٣٠٦

وَلَمَّا سَمِعَ مُعَاوِيَةُ اعْتَذَرَ فَقَالَ قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدْ قَتَلَ رَسُولُ اللهِ ص حَمْزَةَ لِأَنَّهُ جَاءَ بِهِ.

نسب معاوية واستلحاقه لزياد

وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو الْمُنْذِرِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّائِبُ فِي كِتَابِ مَثَالِبَ قَالَ كَانَ مُعَاوِيَةُ لِأَرْبَعَةٍ لِعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ وَلِمُسَافِرِ بْنِ عَمْرٍو وَلِأَبِي سُفْيَانَ وَلِرَجُلٍ آخَرَ سَمَّاهُ.

وَكَانَتْ هِنْدٌ أُمُّهُ مِنَ الْمُعْلِمَاتِ وَكَانَ أَحَبُّ الرِّجَالِ إِلَيْهَا السُّودَانَ وَكَانَتْ إِذَا وَلَدَتْ أَسْوَدَ قَتَلَتْهُ.

وَأَمَّا حَمَامَةُ فَهِيَ بَعْضُ جَدَّاتِ مُعَاوِيَةَ كَانَ لَهَا رَايَةٌ بِذِي الْمَجَازِ يَعْنِي مِنْ ذَوَاتِ الْغَايَاتِ فِي الزِّنَاءِ. (١)

وَادَّعَى مُعَاوِيَةُ أُخُوَّةَ زِيَادٍ وَكَانَ لَهُ مُدَّعٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَبْدُ بَنِي عِلَاجٍ مِنْ ثَقِيفٍ فَأَقْدَمَ مُعَاوِيَةُ عَلَى تَكْذِيبِ ذَلِكَ الرَّجُلِ مَعَ أَنَّ زِيَاداً وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ.

وَادَّعَى مُعَاوِيَةُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ زَنَى بِوَالِدَةِ زِيَادٍ وَهِيَ عِنْدَ زَوْجِهَا الْمَذْكُورِ وَأَنَّ زِيَاداً مِنْ أَبِي سُفْيَانَ (٢).

فانظر إلى هذا الرجل بل إلى القوم الذين يعتقدون فيه الخلافة وأنه حجة الله في أرضه والواسطة بينهم وبين ربهم وينقلون عنه أنه ولد الزناء وأن أباه زنى بأخته (٣) هل يقاس بمن قال الله في حقه (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). (٤)

__________________

(١) ربيع الأبرار للزمخشري ، كما في شرح النهج ج ١ ص ١١١ وج ٤ ص ٨٤ وتذكرة الخواص ص ١١٦

(٢) الاتحاف للشبراوي ص ٦٦ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٠٨ وكامل ابن الأثير ج ٣ ص ٢١٩ وشرح النهج ج ٤ ص ٧٠ ومروج الذهب ج ٣ ص ٦

(٣) نقله فضل بن روزبهان عن مؤلفنا ، من دون غمز في سنده.

(٤) الأحزاب : ٣٣

٣٠٧

دعا النبي (ص) على معاوية

منها أن رسول الله ص دعا عليه.

وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ ص فَتَوَارَيْتُ خَلْفَ بَابٍ قَالَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً وَقَالَ اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ يَأْكُلُ فَقَالَ لَا أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى قُلْتُ لِأُمَيَّةَ مَا حَطَأَنِي قَالَ فَقَدَنِي فَقْدَةً (١).

فلو لم يكن عنده معاوية من أشد المنافقين لما دعا عليه لأنه كما وصفه الله تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٢) وقال في حقه (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) (٣) (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ) (٤)

ومن يقارب قتل نفسه على الكفار كيف يدعو على مسلم عنده : وَقَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) (٥) فَقَالَ ص وَاللهِ لَأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينِ (٦)

وَقَدْ وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) أَنَّ النَّبِيَّ ص كُلَّمَا آذَاهُ الْكُفَّارُ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ اللهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي إِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فلو لم يكن عنده منافقا لكان يدعو له ولا يدعو عليه.

وكيف جاز لمعاوية أن يعتذر بالأكل مع أَنَّهُ ص قَالَ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوُلْدِهِ (٧) حتى

__________________

(١) رواه مسلم في الصحيح ج ٤ ص ١٩٤ بسندين.

(٢) القلم : ٤

(٣) فاطر : ٨

(٤) الكهف : ٦

(٥) التوبة : ٨٠

(٦) تفسير الخازن ج ٢ ص ٢٦٦ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٦٤

(٧) صحيح مسلم ج ١ ص ٣١ والبخاري في كتاب الإيمان ، باب حلاوة الايمان.

٣٠٨

دعا النبي ص عليه مع أنه لا ينطق عن الهوى فيكون الدعاء بإذن الله تعالى.

إن معاوية طعن في خلافة عمر

ومنها أنه قال أنا أحق بالخلافة من عمر بن الخطاب.

رَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَنِسْوَاتُهَا [وَنِسْوَانُهَا] تُنَظِّفُ قُلْتُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا تَبَيَّنَ مَا تَرَيْنَ فَلَمْ يَحْصُلْ لِي مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ فَقَالَتِ الْحَقْ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِي احْتِبَاسِكَ عَنْهُمْ فُرْقَةٌ فَلَمْ تَدَعْهُ حَتَّى ذَهَبَ فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ فَلَنَحْنُ أَحَقُّ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ.

قَالَ الْحُمَيْدِيُّ وَأَرَادَ عَبْدُ اللهِ أَنْ يُجِيبَ مُعَاوِيَةَ فَأَمْسَكَ عَنِ الْجَوَابِ (١).

فإن كان ما يقوله معاوية حقا فقد ارتكب عمر الخطأ في أخذه الخلافة وإن كان باطلا فكيف يجوز تقديمه على طوائف المسلمين.

لعن النبي (ص) معاوية

وَمِنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يَلْعَنُهُ دَائِماً وَيَقُولُ الطَّلِيقُ بْنُ الطَّلِيقِ اللَّعِينُ بْنُ اللَّعِينِ

وَقَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي فَاقْتُلُوهُ.

وَكَانَ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَلَمْ يَزَلْ مُشْرِكاً مُدَّةَ كَوْنِ النَّبِيِّ ص مَبْعُوثاً يُكَذِّبُ بِالْوَحْيِ وَيَهْزَأُ بِالشَّرْعِ.

وَكَانَ يَوْمَ الْفَتْحِ بِالْيَمَنِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ص وَيَكْتُبُ إِلَى أَبِيهِ

__________________

(١) قال الفضل بن روزبهان : ما ذكر : أن معاوية كان يدعي أنه أحق بالخلافة من عمر ، فلا يبعد هذا ، لأنه كان يدعي أنه أحق من أمير المؤمنين في حياته ، وأيام خلافته.

٣٠٩

صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ يُعَيِّرُهُ بِالْإِسْلَامِ وَيَقُولُ لَهُ أَصَبَوْتَ إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ وَفَضَحْتَنَا حَيْثُ يَقُولُ النَّاسُ إِنَّ ابْنَ هِنْدٍ تَخَلَّى عَنِ الْعُزَّى.

وَكَانَ الْفَتْحُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِثَمَانِ سِنِينَ مِنْ قُدُومِ النَّبِيِّ ص الْمَدِينَةَ وَمُعَاوِيَةُ يَوْمَئِذٍ مُقِيمٌ عَلَى الشِّرْكِ هَارِبٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ ص لِأَنَّهُ قَدْ هَدَرَ دَمَهُ فَهَرَبَ إِلَى مَكَّةَ فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ لَهُ مَأْوَى صَارَ إِلَى النَّبِيِّ ص مُضْطَرّاً فَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَكَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ ص بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَطَرَحَ نَفْسَهُ عَلَى الْعَبَّاسِ حَتَّى شَفَعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ص فَعَفَا عَنْهُ ثُمَّ شَفَعَ إِلَيْهِ لِيَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ لِيَكْتُبَ لَهُ الرَّسَائِلَ (١).

وَمِنْهَا أَنَّهُ رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ ص فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ سُنَّتِي فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ (٢)

وَمِنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ يَخْطُبُ فَأَخَذَ مُعَاوِيَةُ بِيَدِ ابْنِهِ! يَزِيدَ وَخَرَجَ وَلَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص لَعَنَ اللهُ الْقَائِدَ وَالْمَقُودَ أَيُّ يَوْمٍ يَكُونُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ مُعَاوِيَةَ ذِي الْأَسْتَاهِ (٣).

سب معاوية عليا (ع)

ومنها أنه سب أمير المؤمنين ع (٤) مع الآيات التي نزلت في تعظيمه وأمر الله تعالى النبي ص بالاستعانة به على الدعاء يوم المباهلة

__________________

(١) تجد ما ذكره مؤلفنا في هذا البحث ، في : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٢ ص ١٠٢ ، ٢٠٣ وج ٣ ص ٤٣١ ، ج ٤ ص ١٩٢ و ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، وتهذيب التهذيب ج ٥ ص ١١٠ وميزان الاعتدال ، والاستيعاب هامش الإصابة ج ٣ ص ٣٩٥ ، وأسد الغابة ج ٤ ص ٣٨٥

(٢) كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص ٢٤٧ وتاريخ الطبري ج ١١ ص ٣٥٧

(٣) رواه الزمخشري في ربيع الأبرار ، كما في إحقاق الحق ، الطبعة القديمة. ولكن ربما يقال : إن يزيدا لم يكن قد ولد بعد ، فلعل المقصود هو قضية : أن معاوية كان يقود أبا سفيان ، ويزيد بن أبي سفيان كان يسوق به ، فرآهم النبي (ص) فقال هذه الكلمة.

(٤) أسد الغابة ج ١ ص ١٣٤ والإصابة ج ١ ص ٧٧ والكامل لابن الأثير ج ٣ ص ٢٠٣ و ٢٠٧ وتاريخ الخلفاء ص ١٩٠ والعقد الفريد ج ٢ ص ١٤٤ والصواعق المحرقة ص ٣٣

٣١٠

ومواخاة النبي ص واستمر سبه ثمانين سنة إلى أن قطعه عمر بن عبد العزيز (١) وفيه قال ابن سنان الخفاجي شعرا :

أعلى المنابر تعلنون بسبه

وبسيفه نصبت لكم أعوادها

نماذج أخرى من نسب معاوية وأنسابه وهم الشجرة الملعونة :

ومنها سم مولانا الحسن عليه السلام (٢).

وقتل ابنه يزيد مولانا الحسين ع وسلب نساءه (٣).

وهدم الكعبة.

ونهب المدينة وأخافهم (٤).

وكسر أبوه ثنية النبي (ص) (٥).

وأكلت أمه كبد الحمزة (٦).

فما أدري كيف يكون العقل الذي قاد إلى من أحاطت به هذه الرذائل وإلى متابعته.

__________________

(١) تاريخ الكامل ج ٤ ص ١٥٤ وتاريخ الخلفاء ص ٢٤٣ وتاريخ اليعقوبي ج ٣ ص ٥٠ ومروج الذهب ج ٣ ص ١٨٤ أقول : أنشد الفضل في المقام :

من يكن تاركا ولاء علي

لست أدعوه مؤمنا وذكيا

كيف بين الأنام يذكر سبا

للذي كان للنبي وصيا؟

ليس قولي لفاعل السب إلا

لعن الله من يسب عليا

ونحن نقول : لعن الله عدو مولانا علي وأولاده المعصومين ، ومبغضيهم ومعانديهم ، إلى يوم الدين.

(٢) رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ٤ ص ٤ و ٧ ، عن المدائني وفي ص ١١ و ١٧ عن أبي الفرج ، والاستيعاب هامش الإصابة ج ١ ص ٣٧٥ ، ومروج الذهب ج ٢ ص ٤٢٧

(٣) وهذه من المتواترات المشهورة عند كل أحد.

(٤) الإمامة والسياسة ج ١ ص ٢١١ وج ٢ ص ١٤ ومروج الذهب ج ٣ ص ٦٨ و ٧١ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٣٧ و ٢٣٨

(٥) ذكره حفاظ الحديث والتاريخ ، منهم : أحمد بن حنبل في مسنده ج ١ ص ٣١

(٦) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٣٩

٣١١

ومنها أنه نزل في حقه وحق أنسابه (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ)

ومنها أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا سَعِيدٍ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَلِيٍّ السَّمَّانَ الْحَنَفِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ مَثَالِبِ بَنِي أُمَيَّةَ وَالشَّيْخَ أَبَا الْفُتُوحِ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيَّ فِي كِتَابِ بَهْجَةِ الْمُسْتَفِيدِ أَنَّ مُسَافِرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ كَانَ ذَا جَمَالٍ وَسَخَاءٍ عَشِقَ هِنْداً وَجَامَعَهَا سِفَاحاً فَاشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي قُرَيْشٍ وَحَمَلَتْ هِنْدٌ فَلَمَّا ظَهَرَ السِّفَاحُ هَرَبَ مُسَافِرٌ مِنْ أَبِيهَا عُتْبَةَ إِلَى الْحِيرَةِ وَكَانَ فِيهَا سُلْطَانُ الْعَرَبِ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ وَطَلَبَ عُتْبَةُ أَبُو هِنْدٍ أَبَا سُفْيَانَ وَوَعَدَهُ بِمَالٍ كَثِيرٍ وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ هِنْدَ فَوَضَعَتْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ وَرَدَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ أَمِيرِ الْعَرَبِ فَسَأَلَهُ مُسَافِرٌ عَنْ حَالِ هِنْدٍ فَقَالَ إِنِّي تَزَوَّجْتُهَا فَمَرِضَ وَمَاتَ

وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ كِتَابُ الْهَاوِيَةِ فِيهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَتَلَ أَرْبَعِينَ أَلْفاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَوْلَادِهِمْ.

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ص مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوباً عَلَى جَبْهَتِهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ (١)

وَفِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِكُلِّ شَيْءٍ آفَةٌ وَآفَةُ هَذَا الدِّينِ بَنُو أُمَيَّةَ (٢). والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.

فلينظر العاقل المنصف هل يجوز له أن يجعل مثل هذا الرجل واسطة بينه وبين الله عزوجل وأنه تجب طاعته على جميع الخلق وقد نقل الجمهور أضعاف ما قلناه وقد كان ظلم معاوية معروفا عند كل أحد حتى النساء.

رَوَى الْجُمْهُورُ أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَخَلَتْ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي خِلَافَتِهِ بِالشَّامِ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ فَلَمَّا رَآهَا مُعَاوِيَةُ

__________________

(١) سنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٧٢

(٢) كنز العمال ج ٦ ص ٩١ وتطهير الجنان في هامش الصواعق ص ١٤٣

٣١٢

قَالَ مَرْحَباً بِكِ يَا خَالَةُ قَالَتْ كَيْفَ أَنْتَ يَا ابْنَ أَخِي لَقَدْ كَفَرْتَ النِّعْمَةَ وَأَسَأْتَ لِابْنِ عَمِّكَ الصُّحْبَةَ وَتَسَمَّيْتَ بِغَيْرِ اسْمِكَ وَأَخَذْتَ غَيْرَ حَقِّكَ بِلَا بَلَاءٍ كَانَ مِنْكَ وَلَا مِنْ أَبِيكَ بَعْدَ أَنْ كَفَرْتُمْ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ص فَأَتْعَسَ اللهُ مِنْكُمُ الْجُدُودَ وَأَضْرَعَ مِنْكُمْ الْخُدُودَ حَتَّى رَدَّ اللهُ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ (هِيَ الْعُلْيا) وَنَبِيُّنَا هُوَ الْمَنْصُورُ عَلَى كُلِّ مَنْ نَاوَاهُ (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) فَكُنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ أَعْظَمَ النَّاسِ فِي هَذَا الدِّينِ بَلَاءً وَعَنْ أَهْلِهِ غَنَاءً وَقَدْراً حَتَّى قَبَضَ اللهُ نَبِيَّهُ ص مَغْفُوراً ذَنْبُهُ مَرْفُوعَةً مَنْزِلَتُهُ شَرِيفاً عِنْدَ اللهِ مَرْضِيّاً فَوَثَبَ عَلَيْنَا بَعْدَهُ تَيْمٌ وَعَدِيٌّ وَبَنُو أُمَيَّةَ فَأَنْتَ مِنْهُمْ تُهْدَى بِهُدَاهُمْ وَتُقْصَدُ بِقَصْدِهِمْ فَصِرْنَا فِيكُمْ بِحَمْدِ اللهِ أَهْلَ الْبَيْتِ بِمَنْزِلَةِ قَوْمِ مُوسَى وَآلِ فِرْعَوْنَ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَهُمْ وَصَارَ سَيِّدُنَا فِيكُمْ بَعْدَ نَبِيِّنَا ص بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى حَيْثُ يَقُولُ (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) (١) فَلَمْ يُجْمَعْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ص شَمْلٌ وَلَمْ يُسَهَّلْ وَعْثٌ وَغَايَتُنَا الْجَنَّةُ وَغَايَتُكُمُ النَّارُ.

فَقَالَ لَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ الضَّالَّةُ أَقْصِرِي مِنْ قَوْلِكِ وَغُضِّي مِنْ طَرْفِكِ قَالَتْ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَتْ يَا ابْنَ النَّابِغَةِ ارْبَعْ عَلَى ظَلْعِكَ وَأَهِنْ بِشَأْنِ نَفْسِكَ مَا أَنْتَ مِنْ قُرَيْشٍ فِي لُبَابِ حَسَبِهَا وَلَا صَحِيحِ نَسَبِهَا وَلَقَدِ ادَّعَاكَ خَمْسَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُهُ وَلَطَالَمَا رَأَيْتُ أُمَّكَ أَيَّامَ مِنًى بِمَكَّةَ تَكْسِبُ الْخَطِيئَةَ وَتَتَّزِنُ الدَّرَاهِمَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ عَاهِرٍ هَائِجٍ وَتَسَافَحُ عَبِيدَنَا فَأَنْتَ بِهِمْ أَلْيَقُ وَهُمْ بِكَ أَشْبَهُ مِنْكَ بِفَرْعِ سَهْمٍ (٢).

والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى ووقائعه الردية أشهر من أن تذكر

__________________

(١) الأعراف : ١٥١

(٢) ومنهم : ابن عبد ربه ، في كتابه العقد الفريد ج ١ ص ١١٦ تحت عنوان : وفود أروى بنت عبد المطلب.

٣١٣

ما رووه في مطاعن الصحابة

المطلب الخامس فيما رواه الجمهور في حق الصحابة

رَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي مُسْنَدِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْحَدِيثِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص يَقُولُ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونَنِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ (١).

قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتُ سَهْلاً يَقُولُ قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَنَا أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ عَلَى اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ فَيَقُولُ إِنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقاً سُحْقاً لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي(٢)

وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ السِّتِّينِ مِنْ مُسْنَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ قَالَ أَلَا إِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) قَالَ فَيُقَالُ لِي إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ (٣)

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِلْحُمَيْدِيِّ فِي الْحَدِيثِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ مُسْنَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَحِبَنِي حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ وَرَفَعُوا إِلَيَّ رُءُوسَهُمْ اخْتَلَجُوا فَلَأَقُولَنَّ أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي فَلَيُقَالَنَّ لِي إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ (٤)

__________________

(١) و (٢) وفي صحيح البخاري ج ٩ ص ٥٨ ومسند أحمد ج ٣ ص ٢٨ عن أبي سعيد الخدري.

(٣) و (٤) صحيح البخاري ج ٨ ص ١٣٦ و ١٥٠ وصحيح مسلم ج ٤ ص ٦٥

٣١٤

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ أَيْضاً فِي الْحَدِيثِ السَّابِعِ وَالسِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَقَالَ هَلُمُّوا فَقُلْتُ إِلَى أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللهِ قُلْتُ مَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى فَلَا أَرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ (١)

وَرَوَوْا نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ فِي مُسْنَدِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَمِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ فِي مُسْنَدِ أُمِّ سَلَمَةَ وَمِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ فِي مُسْنَدِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كُلُّ ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ (٢)

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ أَيْضاً فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ اخْتَلَجُوا دُونِي فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ (٣).

وَرُوِيَ نَحْوَ ذَلِكَ فِي مُسْنَدِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِعِ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِلْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مُغْضَبٌ فَقُلْتُ مَا أَغْضَبَكَ فَقَالَ وَاللهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص شَيْئاً إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعاً (٤)

__________________

(١) التاج الجامع للأصول ج ٥ ص ٦١ ، وصحيح البخاري ج ٨ ص ١٤٩

(٢) صحيح مسلم ج ٤ ص ٦١ وصحيح البخاري ج ٨ ص ١٥٠

(٣) وفي مسند أحمد ج ٦ ص ٣٥١ وفي مسند أسماء بنت أبي بكر ، وفي مسند أم سلمة ج ٦ ص ٢٩٠ و ٢٩٧ وصحيح مسلم ج ٤ ص ٦٣ بتفاوت يسير.

(٤) وفي مسند أحمد ج ٥ ص ١٩٥ وج ٦ ص ٤٤٣

٣١٥

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ مُسْنَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ لَا أَعْرِفُ شَيْئاً مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ (١).

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ مَا أَعْرِفُ شَيْئاً مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ص قِيلَ الصَّلَاةُ قَالَ أَلَيْسَ قَدْ ضَيَّعْتُمْ مَا ضَيَّعْتُمْ فِيهَا (٢).

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي مُسْنَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ أَوَّلُ دِينِكُمْ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ ثُمَّ مُلْكٌ وَرَحْمَةٌ ثُمَّ مُلْكُ جَبْرِيَّةٍ ثُمَّ مُلْكُ عَضٍّ يُسْتَحَلُّ فِيهِ الْحُرُّ وَالْحُرَّةُ (٣)

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْحَدِيثِ السَّادِسِ بَعْدَ الثَّلَاثِ مِائَةٍ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ مَثَلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ قَدِ (اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ) جَاءَ مُتَهَافِتَ الْفَرَاشِ مِنَ الدَّوَابِّ إِلَى النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا وَجَعَلَ يَحْجُزُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْحَمْنَ فِيهَا قَالَ وَذَلِكَ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ أَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ هَلُمُّوا عَنِ النَّارِ فَتَغْلِبُونَنِي فَتُقْحَمُونَ فِيهَا (٤)

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الْعَاشِرِ مِنْ مُسْنَدِ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ ص وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ وَإِذَا وَقَعَ عَلَيْهِمُ السَّيْفُ لَا يُرْفَعُ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَلْحَقَ حَيٌّ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ وَحَتَّى يَعْبُدَ الْفِئَامُ مِنْ أُمَّتِي الْأَوْثَانَ (٥)

__________________

(١) وقريب منه ما رواه البخاري في صحيحه ج ١ ص ١٥٧ عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء.

(٢) ورواه أحمد في المسند.

(٣) ورواه في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٩ ونهاية اللغة لابن الأثير ج ٣ ص ٣٥٣ بتفاوت يسير ، وأحمد بن حنبل في المسند ج ١ ص ٤٥٦ ج ١ ص ٤٥٦

(٤) ورواه أحمد في المسند ج ٢ ص ٢٤٤

(٥) ورواه أحمد في المسند ج ٥ ص ٢٧٨ والبغوي في مصابيح السنة ج ٢ ص ١٣٦

٣١٦

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْحَدِيثِ التَّاسِعِ وَالْأَرْبَعِينَ مِنْ إِفْرَادِ الْبُخَارِيِّ مِنْ مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي مَا أَخَذَ الدُّوَلُ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ كَفَارِسٍ وَالرُّومِ قَالَ وَمَنِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ (١).

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ مُسْنَدِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَتَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ (٢)

وَرَوَى الْبَغَوِيُّ فِي كِتَابِ الْمَصَابِيحِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي صِفَةِ الْحَوْضِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَداً وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونَنِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَأَقُولُ إِنَّهُمْ أُمَّتِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقاً سُحْقاً لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي (٣).

للصحابة في القرآن

وقد تضمن الكتاب العزيز وقوع أكبر الكبائر منهم وهو الفرار من الزحف فقال تعالى (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ). (٤)

وكانوا أكثر من عشرة آلاف نفر فلم يتخلف معه إلا سبعة أنفس علي بن أبي طالب والعباس والفضل ابنه وربيعة وأبو سفيان ابنا

__________________

(١) ورواه أحمد في المسند ج ٢ ص ٣٣٦

(٢) ورواه أحمد في المسند ج ٣ ص ٨٩ ، ومسلم في الصحيح ج ٢ ص ٢٢٠ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٣٢٢

(٣) مصابيح السنة ج ٢ ص ١٥٣ ، وصحيح مسلم ج ٤ ص ٦١ وصحيح البخاري ج ٨ ص ١٥٠

(٤) التوبة : ٢٥

٣١٧

الحارث بن عبد المطلب وأسامة بن زيد وعبيدة ابن أم أيمن وأسلمه الباقون إلى الأعداء للقتل ولم يخشوا النار ولا العار وآثروا الحياة الدنيا الفانية على دار البقاء ولم يستحيوا من الله تعالى ولا من نبيهم ص وهو يشاهدهم عيانا (١).

وقال تعالى (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً). (٢) رووا أنهم كانوا إذا سمعوا بوصول تجارة تركوا الصلاة معه والحياء منه ومراقبة الله تعالى وكذا في اللهو (٣).

ومن كان في زمانه معه بهذه المثابة كيف يستبعد منه مخالفته بعد موته وغيبته عنهم بالكلية.

وقال تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) (٤) اتهموا رسول الله ص وهم من أصحابه.

وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي مُسْنَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي الْحَدِيثِ الْحَادِي عَشَرَ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّ أُنَاساً مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا يَوْمَ حُنَيْنٍ حَيْثُ (أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ وَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ ص يُعْطِي رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الْإِبِلِ فَقَالُوا يَغْفِرُ اللهُ لِرَسُولِ اللهِ يُعْطِي قُرَيْشاً ويَتْرُكُنَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ (٥).

وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الْأَنْصَارَ قَالَتْ إِذَا كَانَتْ شِدَّةٌ فَنَحْنُ نُدْعَى وَتُعْطَى الْغَنَائِمَ غَيْرُنَا.

__________________

(١) أنظر : التفسير الكبير ج ١٦ ص ٢١ ، وتفسير الآلوسي ج ١٠ ص ٦٦ ، والدر المنثور ج ٣ ص ٢٢٣

(٢) الجمعة : ١١

(٣) راجع : تفسير الخازن ج ٤ ص ٢٨٨ وروح المعاني ج ٢٨ ص ٩١

(٤) التوبة : ٥٨

(٥) وراجع : صحيح البخاري ج ٤ ص ١١٤ ، وتفسير الخازن ج ٢ ص ٢٥٠ وفي الدر المنثور ج ٣ ص ٢٥٠ بلفظ آخر.

٣١٨

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَحَدَّثَ رَسُولُ اللهِ ص بِذَلِكَ فَعَرَّفَهُمْ فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ تَأْلِيفاً لِمَنْ أَعْطَاهُ.

ثُمَّ يَقُولُ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ لِلْأَنْصَارِ إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ بَعْدِي أَثَرَةً شَدِيدَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تُلْقُوا اللهَ وَرَسُولَهُ عَلَى الْحَوْضِ قَالَ أَنَسٌ فَلَمْ نَصْبِرْ (١)

وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنْ قَضِيَّةِ الْإِفْكِ قَالَتْ قَامَ رَسُولُ اللهِ ص عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص عَلَى الْمِنْبَرِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَوَ اللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْراً وَلَقَدْ ذَكَرَ رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْراً وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَقَبِلْنَا أَمْرَكَ قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللهِ ص قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ ص يَعِظُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ (٢).

فلينظر العاقل المقلد في هذه الأحاديث المتفق على صحتها عندهم كيف بلغوا الغاية في تقبيح ذكر الأنصار وفضائحهم ورداءة صحبتهم لنبيهم في حياته وقلة احترامهم له وترك الموافقة وكيف أحوجه الأمر إلى قطع الخطبة ومنعوه من التألم من المنافق عبد الله بن أبي بن سلول

__________________

(١) ورواه في البخاري ج ٤ ص ١١٤ و ٢٠٠ ، وصحيح مسلم ج ٢ ص ٤٣٠

(٢) صحيح البخاري ج ٥ ص ١٥١

٣١٩

ولم يتمكن من الانتصاف من رجل واحد حيث كان لهم غرض فاسد في منعه وخالفوه واختلفوا عليه واقتصر على الإمساك فكيف يكون حال أهله بعده مع هؤلاء القوم.

وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ ص لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِهَا فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هَاشِمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ فَلَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ فَقَالَ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكْتُهُ رَغْبَةً فِي تُرْبَتِهِ وَرَأْفَةً بِعَشِيرَتِهِ : وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَقَدْ أَخَذْتُهُ رَأْفَةً بِعَشِيرَتِهِ وَرَغْبَةً فِي قَرْيَتِهِ (١).

فلينظر العاقل هل يجوز أو يحسن من الأنصار مثل هذا القول في حق النبي (ص).

وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي مُسْنَدِ عَائِشَةَ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ لَوْ لَا أَنَّ قَوْمَكَ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَفِي رِوَايَةٍ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ وَفِي رِوَايَةٍ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ وَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَلَزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ وَجَعَلْتُ لَهُ بَاباً شَرْقِيّاً وَبَاباً غَرْبِيّاً فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ (٢).

فانظر أيها المنصف كيف يروون في صحاح أحاديثهم أن النبي ص كان يتقي قوم عائشة وهم من أعيان المهاجرين والصحابة من أن يواطئهم في هدم الكعبة وإصلاح بنائها فكيف لا يحصل الاختلال بعده في أهل بيته الذين قتلوا آباءهم وأقاربهم.

__________________

(١) التاج الجامع للأصول ج ٤ ص ٤٣٩ وصحيح مسلم ج ٣ ص ١٦٠

(٢) ورواه أحمد في المسند ج ٦ ص ١٧٦ و ١٧٨ و ١٨٠ و ٢٣٩

٣٢٠