نهج الحقّ وكشف الصدق

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهج الحقّ وكشف الصدق

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتاب اللبناني
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

وبسط الدية على القارضة والقامصة والواقصة (١).

وإلحاق الولد بالقرعة وصوبه النبي ص (٢).

والأمر بشق الولد نصفين حتى رجعت المتداعيتان إلى الحق (٣).

والأمر بضرب عنق العبد حتى رجع إلى الحق.

وحكمه في ذي الرأسين بإيقاظ أحدهما (٤).

واستخراج حكم الخنثى (٥).

وأحكام البغاة. قال الشافعي عرفنا حكم البغاة من علي (٦).

وغير ذلك من الأحكام الغريبة التي يستحيل أن يهتدي إليها من سئل أي عمر عن الكلالة والأب فلم يعرفهما وحكم في الجد بمائة قضية كلها بعضها بعضا (٧)

إخباره بالمغيبات

الثالث : الإخيار بالغيب

وقد حصل منه في عدة مواطن

فمنها أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَةٍ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي فَوَ اللهِ لَا تَسْأَلُونَنِي

__________________

(١) القياس في الشرع الاسلامي لابن تيمية ص ٧٦ (ط. القاهرة) ، والسنن الكبرى ج ٨ ص ١١٢

(٢) مستدرك الحاكم ج ٢ ص ٢٠٧ ، ومسند أحمد ج ٤ ص ٢٧٣ ، وابن ماجة ، وأبو داود في سننهما.

(٣) كنز العمال ج ٣ ص ١٧٩ والغدير ج ٦ ص ١٧٤ ، وبحار الأنوار ج ٤٠ ص ٢٥٢

(٤) الارشاد للشيخ المفيد ، وبحار الأنوار ج ٤٠ ص ٢٥٧

(٥) نور الأبصار ص ٧١ ومناقب أحمد الخوارزمي ص ٦٠ ، ومطالب السؤل ص ١٣

(٦) كتاب الأم ج ٤ ص ٢٣٣ في باب : الخلاف في قتال أهل البغي.

(٧) لعل الصحيح : كلها يناقض بعضها بعضا. فراجع : السنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٢٤٥ ، أقول : قال الفضل في المقام : ما ذكره (أي مؤلفنا العلامة) من الأقضية والأحكام التي قضى فيها أمير المؤمنين فهو حق ، لا يرتاب فيه ، وهذا شأنه ، ومشتهر به ..

٢٤١

عَنْ فِئَةٍ تُضِلُّ مِائَةً وَتَهْدِي مِائَةً إِلَّا نَبَّأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَسَائِقِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِي كَمْ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي مِنْ طَاقَةِ شَعْرٍ فَقَالَ وَاللهِ لَقَدْ حَدَّثَنِي خَلِيلِي رَسُولُ اللهِ ص بِمَا سَأَلْتَ وَإِنَّ عَلَى كُلِّ طَاقَةِ شَعْرٍ مِنْ رَأْسِكَ مَلَكاً يَلْعَنُكَ وَإِنَّ عَلَى كُلِّ طَاقَةِ شَعْرٍ مِنْ لِحْيَتِكَ شَيْطَاناً يَسْتَفِزُّكَ وَإِنَّ فِي بَيْتِكَ لَسَخْلاً يَقْتُلُ ابْنَ رَسُولِ اللهِ ص وَلَوْ لَا أَنَّ الَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ يَعْسُرُ بُرْهَانُهُ لَأَخْبَرْتُ بِهِ وَلَكِنْ آيَةُ ذَلِكَ مَا نَبَّأْتُ بِهِ مِنْ لَعْنِكَ وَسَخْلِكَ الْمَلْعُونِ.

وَكَانَ ابْنُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ صَغِيراً وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى قَتْلَ الْحُسَيْنِ عليه السلام (١)

وأخبر بقتل ذِي الثُّدَيَّةِ من الخوارج وعدم عبور الخوارج النهر بعد أن قيل له قد عبروا. (٢)

وعن قتل نفسه. (٣)

وبقطع يدي جويرية بن مسهر وصلبه فوقع في أيام معاوية (٤)

وبصلب ميثم التمار وطعنه بحربة عاشر عشرة وأراه النخلة التي يصلب على جذعها ففعل به ذلك عبيد الله بن زياد عليهما اللعنة (٥).

وبقطع يدي رشيد الهجري ورجليه وصلبه ففعل ذلك به (٦). وقتل قنبر فقتله الحجاج (٧).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ج ٢ ص ٤٨٨ وج ١ ص ٢٠٨ ، رواه عن كتاب الغارات لابن هلال الثقفي ، والرجل المقصود هو سنان بن أنس النخعي.

(٢) مروج الذهب ج ٢ ص ٤٠٥ و ٤٠٦ ، والكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٧٤ و ١٧٥ ، وشرح نهج البلاغة ج ١ ص ٢٠٣ و ٣٠٥

(٣) لسان الميزان ج ٣ ص ٤٣٩ ، وأسد الغابة ج ٤ ص ٣٥ ، ومنتخب كنز العمال ج ٥ ص ٥٩ ، ومسند أحمد ج ١ ص ١٥٦

(٥) شرح نهج البلاغة ج ١ ص ٢١٠ ، ومناقب المرتضوي ص ٢٧٨

(٦) مناقب المرتضوي ص ٢٦٧ وشرح نهج البلاغة ج ١ ص ٢١١

(٧) مناقب المرتضوي ص ٢٥١

٢٤٢

وبأفعال الحجاج التي صدرت عنه (١)

وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَيْهِ فَقَالَ إِنَّ خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ قَدْ مَاتَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَقُودَ جَيْشَ ضَلَالَةٍ صَاحِبُ لِوَائِهِ حَبِيبُ بْنُ جمار [جَمَّازٍ] فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ تَحْتِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي لَكَ شِيعَةٌ وَمُحِبٌّ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا حَبِيبُ بْنُ جمار [جَمَّازٍ] قَالَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَحْمِلَهَا وَلَتَحْمِلَنَّهَا وَتَدْخُلُ بِهَا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَوْمَى بِيَدِهِ إِلَى بَابِ الْفِيلِ

فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ الْحُسَيْنِ ع جَعَلَ ابْنُ زِيَادٍ خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ عَلَى مُقَدِّمَةِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَحَبِيبَ بْنَ جمار [جَمَّازٍ] حَتَّى دَخَلَ مِنْ بَابِ الْفِيلِ (٢).

وَقَالَ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ يُقْتَلُ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ وَأَنْتَ لَا تَنْصُرُهُ فَقُتِلَ الْحُسَيْنُ ع فَلَمْ يَنْصُرْهُ (٣).

وَلَمَّا اجْتَازَ بِكَرْبَلَاءَ فِي وَقْعَةِ صِفِّينَ بَكَى وَقَالَ هَذَا وَاللهِ مُنَاخُ رِكَابِهِمْ وَمَوْضِعُ قَتْلِهِمْ وَأَشَارَ إِلَى وَلَدِهِ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ (٤).

وأخبر بعمارة بغداد (٥).

وملك بني عباس وأحوالهم.

وأخذ المغول الملك منهم (٦).

__________________

(١) منتخب كنز العمال ج ٥ ص ٤٥٤ ، والبداية والنهاية ج ٦ ص ٢٣٧ ، وشرح نهج البلاغة ج ١ ص ٢٠٩ ، وابن منظور في لسان العرب.

(٢) شرح النهج ج ١ ص ٢٠٨ ، ومقاتل الطالبيين ص ٧١

(٣) شرح النهج ج ٢ ص ٥٠٨ وأرجح المطالب ص ٢٨٢ ، ومناقب المرتضوي ص ٢٥١

(٤) شرح النهج ج ٢ ص ٥٠٨ وينابيع المودة ص ٢١٦ ودلائل النبوة ص ٥٠٩ ، وذخائر العقبى ص ٩٧ ، ونور الأبصار ص ١١٧

(٥) مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب ، كما في بحار الأنوار ج ٤١ ص ١٢٥

(٦) شرح النهج ج ٢ ص ١٢٥ و ٢٤١ ، وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٥٨

٢٤٣

وبواسطة هذا الخبر سلمت الحلة والكوفة والمشهدان من القتل في وقعة هلاكو لأنه لما ورد بغداد كاتبه والدي والسيد بن طاوس والفقيه ابن أبي المعز وسألوا الأمان قبل فتح بغداد فطلبهم فخافوا فمضى والدي إليه خاصة فقال كيف أقدمت قبل الظفر فقال له والدي لِأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع أَخْبَرَ بِكَ وَقَالَ : إِنَّهُ يَرِدُ التُّرْكُ عَلَى الْأَخِيرِ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ يَقْدَمُهُمْ مَلِكٌ يَأْتِي مِنْ حَيْثُ بَدَأَ مُلْكُهُمْ جَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ لَا يَمُرُّ بِمَدِينَةٍ إِلَّا فَتَحَهَا وَلَا تُرْفَعُ لَهُ رَايَةٌ إِلَّا نَكَّسَهَا الْوَيْلُ الْوَيْلُ لِمَنْ نَاوَاهُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَظْفَرَ.

والأخبار بذلك كثيرة.

شجاعته عليه السلام

الرابع في الشجاعة.

وقد أجمع الناس كافة على أن عليا ع كان أشجع الناس بعد النبي ص وتعجب الملائكة من حملاته.

وفضل النبي ص قتله لعمرو بن عبد ود على عبادة الثقلين : وَنَادَى جَبْرَائِيلُ لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌ.

وَرَوَى الْجُمْهُورُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا إِذَا أَبْصَرُوا عَلِيّاً فِي الْحَرْبِ عَهِدَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً (١)

زهده عليه السلام

الخامس في الزهد.

لا خلاف في أنه أزهد أهل زمانه طلق الدنيا ثلاثا قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ

__________________

(١) وقال الفضل في المقام : شجاعة أمير المؤمنين أمر لا ينكره إلا من أنكر وجود الرمح السماك في السماء ، أو حصول درع السمك في الماء ، مقدام إذ الأبطال تحجم ، لباث إذ الملاحم تهجم ، وهما مما يسلمه الجمهور.

٢٤٤

جَابِرٍ مَا رَأَيْتُ فِي الدُّنْيَا أَزْهَدَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَانَ قُوتُهُ الشَّعِيرَ غَيْرَ الْمَأْدُومِ وَلَمْ يَشْبَعْ مِنَ الْبُرِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (١).

قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا عَلِمْنَا أَنَّ أَحَداً كَانَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ النَّبِيِّ ص أَزْهَدَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. (٢)

وَرَوَى أَخْطَبُ خُوارِزْمَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص يَقُولُ يَا عَلِيُّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى زَيَّنَكَ بِزِينَةٍ لَمْ يُزَيِّنِ الْعِبَادَ بِزِينَةٍ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْهَا زُهْدُكَ فِي الدُّنْيَا وَبُغْضُهَا إِلَيْكَ وَحَبَّبَ إِلَيْكَ الْفُقَرَاءَ فَرَضِيتَ بِهِمْ أَتْبَاعاً وَرَضُوا بِكَ إِمَاماً يَا عَلِيُّ طُوبَى لِمَنْ أَحَبَّكَ وَصَدَّقَ عَلَيْكَ وَالْوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ وَكَذَّبَ عَلَيْكَ أَمَّا مَنْ أَحَبَّكَ وَصَدَّقَ عَلَيْكَ فَإِخْوَانُكَ فِي دِينِكَ وَشُرَكَاؤُكَ فِي جَنَّتِكَ وَأَمَّا مَنْ أَبْغَضَكَ وَكَذَّبَ عَلَيْكَ فَحَقِيقٌ عَلَى اللهِ أَنْ يُقِيمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَقَامَ الْكَاذِبِينَ (٣)

كرمه عليه السلام

السادس لا خلاف في أنه كان أسخى الناس جاد بنفسه فأنزل الله في حقه (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) (٤).

وتصدق بجميع ماله في عدة مرات (٥).

وجاد بقوته ثلاثة أيام (٦).

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٣٣٣ ، وفي ينابيع المودة ص ١٤٧ ، وشرح النهج ج ١ ص ١٦ و ١٧ ، ونهاية ابن الأثير ج ٣ ص ٣٥٣ ، عن غيره.

(٢) مناقب آل أبي طالب ، وبحار الأنوار ج ٤٠ ص ٣٢٠ ، ومذهب أهل البيت القاضي القضاة في حلب ص ٢٦٤ ، رواه عن تذكرة الخواص ، لسبط ابن الجوزي.

(٣) كنز العمال ج ٦ ص ١٥٩ ، وينابيع المودة ص ٢١٨ ، ومناقب ابن المغازلي ص ١٢١ ، وشرح النهج ج ٢ ص ٤٢٩ ، رواه عن حلية الأولياء ، ومسند أحمد.

(٤) البقرة : ٢٠٧

(٥) أحكام الأوقاف ص ١٠ (ط القاهرة) ، على ما في إحقاق الحق ج ٨ ص ٥٩١

(٦) قدمنا جملة من الروايات الواردة في ذلك ، في تفسير سورة : هل أتى ، فراجع ...

٢٤٥

وكان يعمل بيده حديقة ويتصدق بها (١)

استجابة دعائه ، وحسن خلقه ، وحلمه

السابع : في استجابة دعائه.

كان رسول الله ص قد استسعد به وطلب تأمينه على دعائه يوم المباهلة ولم تحصل هذه المرتبة لأحد من الصحابة (٢).

وَدَعَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لَمَّا اسْتَشْهَدَ بِهِ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ ص مَنْ كَانَ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ فَاعْتَذَرَ بِالنِّسْيَانِ فَقَالَ اللهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَاضْرِبْهُ بِبَيَاضٍ لَا تُوَارِيهِ الْعِمَامَةُ فَبَرِصَ. (٣)

وَدَعَا عَلَى الْبَرَاءِ بِالْعَمَى لأجل نقل أخباره إلى معاوية فعمي (٤).

وردت عليه الشمس مرتين لما دعا به (٥).

وَدَعَا فِي زِيَادَةِ الْمَاءِ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ حَتَّى خَافُوا الْغَرَقَ فَنَقَصَ حَتَّى ظَهَرَتِ الْحِيتَانُ فَكَلَّمَتْهُ إِلَّا الْجِرِّيُّ وَالْمَارْمَاهِي وَالزِّمَّارُ فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ. (٦)

وأما حسن الخلق فبلغ فيه الغاية حتى نسبه أعداؤه إلى الدعابة (٧).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٣ ص ٤٤١ ، والسمهودي في وفاء الوفاء والسنن الكبرى ج ٦ ص ١٦٠.

(٢) وهذا متواتر عند المسلمين ، وقد قدمنا جملة من مصادره ، في تفسير آية المباهلة.

(٣) معارف ابن قتيبة ص ٢٥١ وذخائر العقبى ص ٩٧ ، وأسد الغابة ج ٣ ص ٣٢١ ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ ص ٣٦١ ، ج ٤ ص ٣٨٨

(٤) أرجح المطالب ص ٦٨١ ، ومحمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤل.

(٥) ينابيع المودة ص ١٣٧ والخوارزمي في المناقب.

(٦) مطالب السؤل ص ٤٧ ، وبحر المناقب ص ٢٢ ، ومناقب المرتضوي ص ٣٠٩

(٧) شرح نهج البلاغة ج ١ ص ٨

٢٤٦

وكذا الحلم : قَالَ رَسُولُ اللهِ ص لِفَاطِمَةَ ع إِنِّي زَوَّجْتُكِ مِنْ أَقْدَمِ النَّاسِ سِلْماً وَأَكْثَرِهِمْ عِلْماً وَأَعْظَمِهِمْ حِلْماً (١)

فضائله البدنية :

القسم الثاني من فضائله البدنية

وينظمها مطلبان

الأول في العبادة

لا خلاف أنه ع كان أعبد الناس ومنه تعلم الناس صلاة الليل والأدعية المأثورة والمناجاة في الأوقات الشريفة والأماكن المقدسة (٢).

وبلغ في العبادة إلى أنه كان يؤخذ النشاب من جسده عند الصلاة لانقطاع نظره عن غيره تعالى بالكلية (٣).

وَكَانَ مَوْلَانَا زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَيَدْعُو بِصَحِيفَةٍ ثُمَّ يَرْمِي بِهَا كَالْمُتَضَجِّرِ وَيَقُولُ أَنَّى لِي بِعِبَادَةِ عَلِيٍّ عليه السلام (٤)

قَالَ الْكَاظِمُ ع إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) (٥) نَزَلَتْ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ

وَكَانَ يَوْماً فِي صِفِّينَ مُشْتَغِلاً بِالْحَرْبِ وَهُوَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يُرَاقِبُ

__________________

(١) كنز العمال ج ٦ ص ١٥٣ و ٣٩٢ ، ومسند أحمد ج ٥ ص ٢٦

(٢) مطالب السؤل ص ١٦ ، وينابيع المودة ص ١٥٠ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ج ١ ص ٩ ، وكفاية الطالب ص ٣٩٨.

(٣) مناقب المرتضوي ص ٣٦٤

(٤) ينابيع المودة ص ١٥٠ ، وشرح نهج البلاغة ج ١ ص ٩

(٥) الفتح : ٢٩

(٦) شواهد التنزيل ج ٢ ص ١٨٠.

٢٤٧

الشَّمْسَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَ هَذَا وَقْتُ صَلَاةٍ إِنَّ عِنْدَنَا لَشُغُلاً فَقَالَ عَلِيٌّ ع فَعَلَامَ نُقَاتِلُهُمْ إِنَّمَا نُقَاتِلُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ (١).

وهو الذي عبد الله حق عبادته حيث قَالَ : مَا عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِنْ نَارِكَ وَلَا شَوْقاً إِلَى جَنَّتِكَ وَلَكِنْ رَأَيْتُكَ أَهْلاً لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ (٢)

جهاده في الحرب

المطلب الثاني : في الجهاد

وإنما تشيدت مباني الدين وتثبتت قواعده وظهرت معالمه بسيف مولانا أمير المؤمنين وتعجبت الملائكة من شدة بلائه في الحرب (٣).

ففي غزاة بدر وهي الداهية العظمى على المسلمين وأول حرب ابتلوا بها قتل صناديد قريش الذين طلبوا المبارزة كالوليد بن عتبة والعاص بن سعيد بن العاص الذي أحجم المسلمون عنه ونوفل بن خويلد الذي قرن أبا بكر وطلحة بمكة قبل الهجرة وأوثقهما بحبل وعذبهما (٤) : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ص لَمَّا عَرَفَ حُضُورَهُ فِي الْحَرْبِ اللهُمَّ اكْفِنِي نَوْفَلاً وَلَمَّا قَتَلَهُ عَلِيٌّ ع قَالَ رَسُولُ اللهِ ص الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَجَابَ دَعْوَتِي فِيهِ (٥) فلم يزل يقتل في ذلك اليوم واحدا بعد واحد حتى قتل نصف المقتولين وكانوا سبعين وقَتَلَ المسلمون كافة

__________________

(١) رواه الديلمي في الارشاد.

(٢) بحار الأنوار ج ٤١ ص ١٤ ، ورواه ابن ميثم في شرحه لنهج البلاغة ج ١ ص ٨١.

(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٣ ص ٣٨٠ ، وقال الفضل في المقام : ما ذكر من بلاء أمير المؤمنين (ع) في الحروب مع رسول الله (ص) فهذا أمر لا شبهة فيه.

(٤) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٠٣

(٥) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٧١ ، وفي هامشها سيرة زيني دحلان ج ١ ص ٣٩٢ ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٣ ص ٣٤٢.

٢٤٨

وثلاثة آلاف من الملائكة المسومين النصف الآخر. (١)

وَفِي غَزَاةِ أُحُدٍ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ عَنِ النَّبِيِّ ص وَرُمِيَ رَسُولُ اللهِ ص وَضَرَبَهُ الْمُشْرِكُونَ بِالسُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ وَعَلِيٌّ يُدَافِعُ عَنْهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ص بَعْدَ إِفَاقَتِهِ مِنْ غَشْيَتِهِ وَقَالَ مَا فَعَلَ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَوَلَّوُا الدُّبُرَ فَقَالَ اكْفِنِي هَؤُلَاءِ فَكَشَفَهُمْ عَنْهُ وَصَاحَ صَائِحٌ بِالْمَدِينَةِ قُتِلَ رَسُولُ اللهِ ص فَانْخَلَعَتِ الْقُلُوبُ ـ : وَنَزَلَ جَبْرَائِيلُ قَائِلاً لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ وَقَالَ لِلنَّبِيِّ ص يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ عَجِبَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ حُسْنِ مُوَاسَاةِ عَلِيٍّ لَكَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص مَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَرَجَعَ بَعْضُ النَّاسِ لِثَبَاتِ عَلِيٍّ ع وَرَجَعَ عُثْمَانُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ص لَقَدْ ذَهَبْتَ بِهَا عَرِيضاً (٢).

وَفِي غَزَاةِ الْخَنْدَقِ أَحْدَقَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمَدِينَةِ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) (٣) وَنَادَى الْمُشْرِكُونَ بِالْبِرَازِ فَلَمْ يَخْرُجْ سِوَى عَلِيٍّ وَفِيهِ قَتَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ (٤)

قَالَ رَبِيعَةُ السَّعْدِيُ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ عَنْ عَلِيٍّ وَمَنَاقِبِهِ فَيَقُولُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ إِنَّكُمْ لَتُفْرِطُونَ فِي

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ ص ٨ ، وقال : إذا رجعت إلى مغازي محمد بن عمر الواقدي ، وتاريخ الأشراف ليحيى بن جابر البلاذري ، وغيرها علمت صحة ذلك.

وليراجع أيضا : نور الأبصار ص ٨٦

(٢) تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٩٧ ، وشرح نهج البلاغة ج ٣ ص ٣٨٠ و ٣٩٧ ، وينابيع المودة ص ٦٤ ، وابن المغازلي في المناقب.

(٣) الأحزاب : ١٠

(٤) شرح نهج البلالة ج ٤ ص ٣٤٤ ، ويناييع المودة ص ٩٥ و ١٣٧ ، والمواقف لمفسد الدين الابجي ص ٦١٧ (ط. اسلامبول).

٢٤٩

عَلِيٍّ فَهَلْ تُحَدِّثُنِي بِحَدِيثٍ فَقَالَ حُذَيْفَةُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ وُضِعَ جَمِيعُ أَعْمَالِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص فِي كِفَّةٍ مُنْذُ بَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً ص إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَوُضِعَ عَمَلُ عَلِيٍّ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى لَرَجَحَ عَمَلُ عَلِيٍّ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِهِمْ فَقَالَ رَبِيعَةُ هَذَا الَّذِي لَا يُقَامُ لَهُ وَلَا يُقْعَدُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ يَا لُكَعُ وَكَيْفَ لَا يُحْمَلُ وَأَيْنَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَحُذَيْفَةُ وَجَمِيعُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ص يَوْمَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ وَقَدْ دَعَا إِلَى الْمُبَارَزَةِ فَأَحْجَمَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مَا خَلَا عَلِيّاً فَإِنَّهُ نَزَلَ إِلَيْهِ فَقَتَلَهُ وَالَّذِي نَفْسُ حُذَيْفَةَ بِيَدِهِ لَعَمَلُهُ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَعْظَمُ أَجْراً مِنْ عَمَلِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ص إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَفِي يَوْمِ الْأَحْزَابِ تَوَلَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَتْلَ الْجَمَاعَةِ. (١)

وَفِي غَزَاةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَتَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَالِكاً وَابْنَهُ وَسَبَى جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ فَاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ ص. (٢)

وَفِي غَزَاةِ خَيْبَرَ كَانَ الْفَتْحُ فِيهَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَتَلَ مَرْحَباً وَانْهَزَمَ الْجَيْشُ بِقَتْلِهِ وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ فَعَالَجَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَرَمَى بِهِ وَجَعَلَهُ جِسْراً عَلَى الْخَنْدَقِ لِلْمُسْلِمِينَ وَظَفَرُوا بِالْحِصْنِ وَأَخَذُوا الْغَنَائِمَ وَكَانَ يُقِلُّهُ سَبْعُونَ رَجُلاً ـ : وَقَالَ ع وَاللهِ مَا قَلَعْتُ بَابَ خَيْبَرَ بِقُوَّةٍ جِسْمَانِيَّةٍ بَلْ بِقُوَّةٍ رَبَّانِيَّةٍ. (٣)

وَفِي غَزَاةِ الْفَتْحِ قَتَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الْحُوَيْرِثَ بْنَ نقيذ بْنِ

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٤١ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٧

(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٨٠ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٧٤ ، ورواه الشيخ المفيد في الارشاد ، كما في بحار الأنوار ج ٢٠ ص ٢٨٩.

(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٧ ، وفي هامشها سيرة زيني دحلان ج ٢ ص ٢٠١ ، ومسند أحمد ج ٦ ص ٨ ، وشرح نهج البلاغة ج ١ ص ٤.

٢٥٠

وَهْبِ بْنِ عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ وَكَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ ص وَقَتَلَ جَمَاعَةً وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدِهِ (١).

وَفِي غَزَاةِ حُنَيْنٍ حِينَ اسْتَظْهَرَ النَّبِيُّ ص بِالْكَثْرَةِ فَخَرَجَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَايَنَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ فَانْهَزَمُوا بِأَجْمَعِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ ص سِوَى تِسْعَةٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٢) يُرِيدُ عَلِيّاً وَمَنْ ثَبَتَ مَعَهُ وَكَانَ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْعَبَّاسُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْفَضْلُ عَنْ يَسَارِهِ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ يُمْسِكُ سَرْجَهُ وَنَوْفَلٌ وَرَبِيعَةُ ابْنَا الْحَارِثِ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعُتْبَةُ وَمُعَتِّبٌ ابْنَا أَبِي لَهَبٍ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ ع فَقَتَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع رَئِيسَ الْقَوْمِ وَجَمْعاً كَثِيراً فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَحَصَلَ الْأَسْرُ (٣).

وابتلي بجميع الغزوات وقتال الناكثين والقاسطين والمارقين (٤).

وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ فِي أَمَالِيهِ أَنَّ عَلِيّاً ع جَلَسَ إِلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ نَاسٌ فَلَمَّا قَامَ عَرَضَ وَاحِدٌ بِذِكْرِهِ وَنَسَبَهُ إِلَى التِّيهِ وَالْعُجْبِ فَقَالَ عُمَرُ حَقَّ لِمِثْلِهِ أَنْ يَتِيهَ وَاللهِ لَوْ لَا سَيْفُهُ لَمَا قَامَ عَمُودُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ بَعْدُ أَقْضَى الْأُمَّةِ وَذُو سَبْقِهَا وَذُو شَرَفِهَا

__________________

(١) تاريخ الكامل ج ٢ ص ١٦٩ ، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٢

(٢) التوبة : ٢٥

(٣) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٥ ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٩ ، وتفسير الخازن ج ٢ ص ٢٢٥

(٤) الناكثون هم : أصحاب الجمل : طلحة ، والزبير ، وعائشة ، وأتباعهم. والقاسطون هم : أصحاب صفين : معاوية وأتباعه : (القاسطون : أي الجائرون) والمارقون : أصحاب النهروان.

٢٥١

فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ فَمَا مَنَعَكُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْهُ فَقَالَ كَرِهْنَاهُ عَلَى حَدَاثَةِ السِّنِّ وَحُبِّهِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (١).

وَحَمْلِهِ سُورَةَ الْبَرَاءَةِ إِلَى مَكَّةَ وَكَانَ النَّبِيُّ ص أَنْفَذَ بِهَا أَبَا بَكْرٍ فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَائِيلُ وَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ لَا يُؤَدِّيهَا إِلَّا أَنْتَ أَوْ وَاحِدٌ مِنْكَ. (٢)

وفي هذه القصة وحده كفاية في شرف علي وعلو مرتبته بأضعاف كثيرة على من لا يوثق على أدائها ولم يؤتمن عليها.

وهذه الشجاعة مع خشونة مأكله فإنه لم يطعم البر ثلاثة أيام وكان يأكل الشعير بغير إدام ويختم جريشه لئلا يؤدمه الحسنان عليها ع (٣) وكان كثير الصوم كثير الصلاة (٤) مع شدة قوته حتى قلع باب خيبر وقد عجز عنه المسلمون (٥) وفضائله أكثر من أن تحصى

القسم الثالث في الفضائل الخارجية

نسبه وفيه مطالب :

الأول في نسبه :

__________________

(١) ورواه ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ٣ ص ١١٥

(٢) وقد قدمنا جملة من مصادره ، وراجع أيضا التفسير الكبير ج ١٥ ص ٢١٨ ، وتفسير الخازن ج ٢ ص ٢١٥ ، وذخائر العقبى ص ٦٩ والفصول المهمة ص ٢٢ وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٧٧.

(٣) شرح النهج ج ١ ص ٨ و ١٨١ ، وينابيع المودة ص ١٤٣ إلى ١٤٦ ، وذخائر العقبى ص ١٠٧ ، والاتحاف للشبراوي ص ٢٥

(٤) شرح النهج ج ١ ص ٩ وينابيع المودة ص ١٥٠

(٥) تاريخ بغداد ج ١١ ص ٣٢٤ (ط القاهرة) ، ولسان الميزان ج ٤ ص ١٩٦ وينابيع المودة ص ٣٨

٢٥٢

لم يلحق أحد أمير المؤمنين ع في شرف النسب كَمَا قَالَ ع نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ لَا يُقَاسُ بِنَا أَحَدٌ (١) قال الجاحظ وهو من أعظم الناس عداوة لأمير المؤمنين ع صدق علي في قوله نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد كيف يقاس بقوم منهم رسول الله ص والأطيبان علي وفاطمة والسبطان الحسن والحسين والشهيدان حمزة وذو الجناحين جعفر وسيد الوادي عبد المطلب وساقي الحجيج عباس وحليم البطحاء أبو طالب والنجدة والخيرة فيهم والأنصار من نصرهم والمهاجرون من هاجر إليهم ومعهم والصديق من صدقهم والفاروق من فرق الحق والباطل فيهم والحواري حواريهم وذو الشهادتين لأنه شهد لهم ولا خير إلا فيهم ولهم ومنهم وأبان رسول الله ص أهل بيته بِقَوْلِهِ : إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الْخَلِيفَتَيْنِ كِتَابَ اللهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي وَأَهْلَ بَيْتِي نَبَّأَنِيَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ.

ولو كانوا كغيرهم ـ لَمَا قَالَ عُمَرُ لَمَّا طَلَبَ مُصَاهَرَةَ عَلِيٍّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص يَقُولُ ـ : كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي.

فأما علي فلو أوردنا لأيامه الشريفة ومقاماته الكريمة ومناقبه السنية لأفنينا في ذلك الطوامير الطوال العرق صحيح والمنشأ كريم والشأن عظيم والعمل جسيم والعلم كثير والبيان عجيب واللسان خطيب والصدر رحيب وأخلاقه وفق أعراقه وحديثه يشهد لقديمه (٢)

__________________

(١) منتخب كنز العمال ج ٥ ص ٩٤ ، وذخائر العقبى ص ١٧ ، وقال : أخرجه الملأ ..

(٢) قال الفضل بن روزبهان في إبطال نهج الحق : ما ذكر من كلام الجاحظ صحيح ، لا شك فيه. وقريب من قول الجاحظ ما حققه تفصيلا ابن أبي الحديد عند شرح قوله (ع) : «لا يقاس بآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من هذه الأمة أحد ، شرح النهج ج ١ ص ٤٥

٢٥٣

شرف زوجته وأولاده

المطلب الثاني في زوجته وأولاده

كانت فاطمة سيدة نساء العالمين زوجته قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا زَفَّ النَّبِيُّ ص فَاطِمَةَ ع كَانَ قُدَّامَهَا وَجَبْرَائِيلُ عَنْ يَمِينِهَا وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهَا وَسَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مِنْ وَرَائِهَا يُسَبِّحُونَ اللهَ وَيُقَدِّسُونَهُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ (١).

فانظر أيها العاقل كيف يروي الجمهور هذه الروايات ويظلمونها ويأخذون حقها (٢) ويكسرون ضلعها ويجهضون ولدها من

__________________

(١) تاريخ بغداد ج ٥ ص ٧ ، وذخائر العقبى ص ٣٢ ، وينابيع المودة ص ١٩٧ ، ولسان الميزان ج ٢ ص ٧٤

(٢) ومن حقوق بضعة النبي (ص) الصديقة الكبرى سلام الله عليها ، نحلتها «فدك» فلما صارت ملكا خالصا لرسول الله (ص) (راجع : فتوج البلدان ص ٤١ و ٤٦ ، والدر المنثور ج ٦ ص ١٩٢ ، وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٤٣٠ ، ومعجم البلدان : كلمة : «فدك» ، وغيرها). أنزل الله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) الاسراء : ٢٦ فنحل (ص) فاطمة فدكا ، فصارت ملكا خالصا لها بإذن الله ، وإعطاء النبي الأعظم. ومن جملة مصادر ذلك : شواهد التنزيل ج ١ ص ٣٣٨ ، وكنز العمال ج ٢ ص ١٥٨ ، وشرح النهج ج ٤ ص ٧٨ و ١٠٢ ، والدر المنثور ج ٤ ص ١٧٧ ، قال : وأخرج البزار ، وأبو يعلى ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، وقال : أخرجه ابن مردويه ، عن ابن عباس ، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ١ ص ٢٢٨ ، وتفسير الطبري ج ١٥ ص ٧٢ ، ومجمع الزوائد ج ٧ ص ٤٩ ، وميزان الاعتدال ج ٢ ص ٢٢٨ ، وصححه وفضائل الخمسة ج ٣ ص ١٣٦

ومنها : سهم الرسول من الغنيمة والفيىء. راجع : شرح النهج ج ٤ ص ٨٦ ، رواه عن كتاب السقيفة لأبي بكر الجوهري ، وأحكام القرآن ج ٣ ص ٤٣٠ ، وتفسير الطبري ج ١٠ ص ٢ و ٣ ، ومكاتيب الرسول للعلامة الأحمدي ج ٢ ص ٥٣٨ (ط بيروت) ، وطبقات ابن سعد ج ٢ ق ٢ ص ٨٦

ومنها : سهم ذوي القربى. راجع : شرح النهج ج ٤ ص ٧٨ ، عن كتاب السقيفة ، وأحكام القرآن ج ٢ ص ٦٠ ، باب قسمة الخمس وج ٣ ص ٤٣٠ ، وتفسير الطبري ج ١٠ ص ١ و ٦ ، والدر المنثور ج ٣ ص ١٨٥ و ١٨٨ ـ

٢٥٤

بطنها (١) فليحذر المقلد من اتباع هؤلاء فإن أخذك منهم باطل قطعا.

وكان سبطاه الحسنان أشرف الناس بعده.

رَوَى أَخْطَبُ خُوارِزْمَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ (٢)

وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ص وَالْحَسَنُ عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ يَقُولُ

__________________

ـ ومنها : صدقات النبي (ص) ، وهي على أقسام :

منها : الأنفال. قال تعالى : («يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ) (الآية) الأنفال : ١

أقول : النفل ، على ما صرح به اللغويون والكشاف وغيره من التفاسير : هو الزيادة ، وأطلق على الغنيمة بالعناية ، إما لأنها زيادة على ما رزقهم الله من الفتح ، أو لأن المسلمين فضلوا بها على سائر الأمم الماضية (راجع : القاموس ، والنهاية ، وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٤٤ ، والكشاف ج ١ ص ٥٢٣ ، ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٥٧٣).

فالأنفال : كل نفل من الأموال ليس له مالك مسلم ، أو أخذ من كافر ، فلا يختص بغنائم دار الحرب كما توهم ، بل يشمل الأرض التي تملك من الكفار من غير قتال ، والموات من الأرض ، ورؤوس الجبال ، وما فيها من المواد ، وبطون الأودية والآجام ، وقطايع الملوك وصفاياهم ، وما يغنمه المقاتلون بغير إذن النبي (ص) أو الامام (ع).

ومنها : الفيىء. وهو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، ومن الفيىء أموال مخيريق ، وقرى عرينة ، وينبع من نواحي المدينة ، على أربعة أيام منها. راجع الدر المنثور ج ٦ ص ١٩٢ ، وتاريخ الكامل ج ٢ ص ١١٢ ، ١١٩ ، وأحكام القرآن ج ٣ ص ٤٢٦ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٣ وج ٣ ص ٣٦٣ ، وفي هامشها زيني دحلان ج ٢ ص ١٠٠ و ٢٤٩ ، واليعقوبي ج ٢ ص ٤٠ ، ووفاء الوفاء للسمهودي ج ٢ ص ٣٠٥ و ٣٩٢ ، وغيرها من الكتب المعتبرة.

(١) وممن صرح بهذه الداهية العظمى ، عبد الكريم الشهرستاني ، عن النظام المعتزلي ، في الملل والنحل ج ١ ص ٥٧ والمسعودي في إثبات الوصية ص ١٤٣ ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ج ٣ ص ٣٥٩ ، وأوعز اليه ابن قتيبة بذكر اسمه في المعارف ص ٩١

(٢) ورواه الترمذي في صحيحه ج ٢ ص ٣٠٦ ، وكنز العمال ج ٦ ص ٢٢٠ ، وأسد الغابة ج ٥ ص ٥٧٤ ، وتهذيب التهذيب ج ٣ ص ٣٥٨

٢٥٥

اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ (١).

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ص يَمَصُّ لُعَابَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَمَا يَمَصُّ الرَّجُلُ التَّمْرَ

(٢).

وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا هَذَا الَّذِي أَنْتَ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ هَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا بِنْتِي اللهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (٣).

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ص وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ نِعْمَ الْجَمَلُ جَمَلُكُمَا وَنِعْمَ الْعِدْلَانِ أَنْتُمَا (٤)

وَرَوَى صَاحِبُ كِتَابِ الطَّلَبِ وَغَايَةِ السُّؤَالِ الْحَنْبَلِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ص وَعَلَى فَخِذِهِ الْأَيْسَرِ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَعَلَى فَخِذِهِ الْأَيْمَنِ الْحُسَيْنُ وَهُوَ يُقَبِّلُ هَذَا تَارَةً وَهَذَا أُخْرَى إِذْ هَبَطَ جَبْرَائِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَهُوَ يَقُولُ لَسْتُ أَجْمَعُهُمَا لَكَ فَأَفْدِ أَحَدَهُمَا بِصَاحِبِهِ فَنَظَرَ إِلَى وَلِدِهِ إِبْرَاهِيمَ وَبَكَى وَنَظَرَ إِلَى الْحُسَيْنِ وَبَكَى ثُمَّ قَالَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ أُمُّهُ أَمَةٌ مَتَى مَاتَ لَمْ يَحْزَنْ غَيْرِي وَأُمُّ الْحُسَيْنِ فَاطِمَةُ وَأَبُوهُ عَلِيٌّ ابْنُ عَمِّي لَحْمُهُ مِنْ لَحْمِي وَدَمُهُ مِنْ دَمِي وَمَتَى مَاتَ حَزِنَتْ عَلَيْهِ ابْنَتِي وَحَزِنَ ابْنُ عَمِّي وَحَزِنْتُ أَنَا عَلَيْهِ وَأَنَا أُوثِرُ حُزْنِي عَلَى حُزْنِهِمَا يَا جَبْرَائِيلُ تَقْبِضُ إِبْرَاهِيمَ فَدَيْتُهُ بِإِبْرَاهِيمَ قَالَ فَقُبِضَ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكَانَ النَّبِيُّ ص إِذَا رَأَى الْحُسَيْنَ مُقْبِلاً قَبَّلَهُ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَرَشَفَ ثَنَايَاهُ وَقَالَ

__________________

(١) التاج الجامع للأصول ج ٣ ص ٣٥٧ ، وقال : رواه الشيخان ، والترمذي ، ومسند أحمد ج ٤ ص ٢٩٢ ، وأسد الغابة ج ٢ ص ١٢

(٢) كنز العمال ج ٧ ص ١٠٤

(٣) خصائص النسائي ص ٣٦ وذخائر العقبى ص ١٢٢ ، والصواعق المحرقة ص ٨٢ والاصابة ج ١ ص ٣٢٨

(٤) ذخائر العقبى ص ١٣٢ ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٨٢ ، وكنز العمال ج ٧ ص ١٠٨

٢٥٦

فَدَيْتُهُ بِابْنِي إِبْرَاهِيمَ (١)

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) (٢) قَالَ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ بَكَتِ السَّمَاءُ وَبُكَاؤُهَا حُمْرَتُهَا (٣)

وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ مَنْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ دَمْعَةً أَوْ قَطَرَتْ قَطْرَةً بَوَّأَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ (٤)

وَفِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ مُطِرْنَا دَماً أَيَّامَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع (٥)

وَكَانَ مَوْلَانَا زَيْنُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أَعْبَدَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَأَزْهَدَهُمْ يَحُجُّ مَاشِياً وَالْمَحَامِلُ تُسَاقُ مَعَهُ. (٦)

وَوَلَدُهُ الْبَاقِرُ سَلَّمَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ص : قَالَ لِجَابِرٍ أَنْتَ تُدْرِكُ وَلَدِي مُحَمَّداً الْبَاقِرَ إِنَّهُ يَبْقُرُ الْعِلْمَ بَقْراً فَإِذَا رَأَيْتَهُ فَأَقْرِئْهُ عَنِّي السَّلَامَ. (٧)

والصادق أعلم أهل زمانه وأزهدهم وكان يخبر بالغيب

__________________

(١) ورواه أيضا الخطيب البغدادي في تاريخه ج ٢ ص ٢٠٤

(٢) الدخان : ٢٩

(٣) ورواه الشبلنجي في نور الأبصار ص ١٣٣ ، والسيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٣١ والقندوزي في ينابيع المودة ص ٣٥٧

(٤) ورواه الطبري في ذخائر العقبى ص ١٩ ، وقال : أخرجه أحمد في المناقب ، وعلي بن سلطان القاري في مرقاة المفاتيح ص ٦٠٤ ، كما في فضائل الخمسة ج ٣ ص ٣٢٢

(٥) ورواه الشبراوي في الاتحاف ص ٧٢ ، والطبري في ذخائر العقبى ص ١٤٥ وابن حجر في الصواعق ض ١١٦

(٦) راجع : الصواعق ص ١١٩ ، والاتحاف ص ١٣٦ ، وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٠٥ ونور الأبصار ص ١٣٩

(٧) نور الأبصار ص ١٤٣ ، وينابيع المودة ص ٣٣٣ و ٤٩٥ ، والصواعق المحرقة ص ١٢٠ ، ولسان الميزان ج ٥ ص ١٦٨

٢٥٧

ولا أخبر بشيء إلا وقع فلهذا سموه الصادق (١).

وكان الكاظم أزهد أهل زمانه وأعلمهم (٢).

وكذا ولده الرضا (٣)

والجواد (٤)

والهادي (٥)

والعسكري (٦)

والمهدي (٧) فهؤلاء الأئمة الاثنا عشر لم يسبقهم سابق ولم يلحقهم لاحق اشتهر فضلهم وزهدهم بين المخالف والمؤالف وأقروا لهم بالعلم ولم يؤخذ عليهم في شيء البتة كما أخذ على غيرهم (٨)

__________________

(١) الصواعق ص ١٢٠ ، ١٢١ ، ونور الأبصار ص ١٤٥ ، والاتحاف ص ١٤٦ ، وينابيع المودة ص ٢٣ و ٣٣٢

(٢) مرآة الجنان ج ١ ص ٣٩٤ ، على ما في الاحقاق ج ١٢ ص ٣٠١ ، ونور الأبصار ص ١٤٨ ، والصواعق المحرقة ص ١٢١

(٣) نور الأبصار ص ١٥١ ، والصواعق ص ١٢٢ ، والاتحاف ص ١٥٥ ، وينابيع المودة ص ٣٨٥ ، والفصول المهمة ص ٢١٣

(٤) الصواعق ص ١٢٣ ، والاتحاف بحب الأشراف ص ١٦٨ ، ونور الأبصار ص ١٦٠ والفصول المهمة ص ٢٤٨ ، ومطالب السؤل ص ٨٧

(٥) تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٥٦ ، ونور الأبصار ص ١٦٤ ، وينابيع المودة ص ٣٨٦ ، وكفاية الطالب ص ٤٥٨

(٦) نور الأبصار ص ١٦٦ والصواعق ص ١٢٤ ، وينابيع المودة ص ٣٨٦ والفصول المهمة ص ٢٦٩

(٧) ينابيع المودة ص ٤٢١ إلى ٤٩٦ ، ونور الأبصار ص ١٦٨ ، والبيان في أخبار صاحب الزمان لكنجي الشافعي ، والاتحاف في حب الأشراف ص ١٧٩ ، وكنز العمال ج ٧ ص ١٨٧ و ٢١٥ ، وفيض القدير ج ٦ ص ١٧ ، وذخائر العقبى ص ١٣٦

(٨) قال الفضل في المقام : ما ذكر من فضائل فاطمة صلوات الله على أبيها وعليها ، وعلى سائر آل محمد والسلام ، أمر لا ينكر ، فإن الانكار على البحر برحمته وعلى البر بسعته ، وعلى الشمس بنورها ، وعلى الأنوار بظهورها ، وعلى السحاب بجودها ، وعلى الملك بسجوده ، إنكار لا يزيد المنكر إلا الاستهزاء ، ومن هو قادر على أن ينكر على جماعة هم أهل السداد ، وخزان معدن النبوة ، وحفاظ آداب الفتوة صلوات الله وسلامه عليهم.

٢٥٨

فلينظر العاقل بعين البصيرة هل ينسب هؤلاء الزهاد المعصومون العلماء إلى من لا يتوقى المحارم ولا يفعل الطاعات

محبته وموالاته

المطلب الثالث في محبته

قَالَ رَسُولُ اللهِ ص كَمَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَدْ أَخَذَ بِيَدِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَحَبَّ أَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ (١)

وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِقَصَبَةِ الْيَاقُوتِ الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ قَالَ لَهَا كُونِي فَكَانَتْ فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مِنْ بَعْدِي (٢)

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ص لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى حُبِّ عَلِيٍّ لَمْ يَخْلُقِ اللهُ النَّارَ (٣)

وَقَالَ ص حُبُّ عَلِيٍّ حَسَنَةٌ لَا يَضُرُّ مَعَهَا سَيِّئَةٌ وَبُغْضُ عَلِيٍّ سَيِّئَةٌ لَا يَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَةٌ (٤)

وَقَالَ رَجُلٌ لِسَلْمَانَ مَا أَشَدَّ حُبَّكَ لِعَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص يَقُولُ مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيّاً فَقَدْ

__________________

(١) مسند أحمد ج ١ ص ٧٧ ، والتاج الجامع للأصول ج ٣ ص ٣٤٦ ، وذخائر العقبى ص ١٩ و ١٢٣ ، وصحيح الترمذي ج ٢ ص ٣٠١ ، وكفاية الطالب ص ٨٠ والصواعق المحرقة ص ٨٢

(٢) مناقب ابن المغازلي ص ٢١٥ وميزان الاعتدال ج ١ ص ٣٢٥ ، ومنتخب كنز العمال ج ٥ ص ٣٢ ، وحلية الأولياء ج ١ ص ٨٦

(٣) ينابيع المودة ص ٩١ و ١٢٥ و ٢٧ و ٢٥١ ، بأسانيد متعددة منها : عن عبد الله بن مسعود ، وعمر بن الخطاب ، والديلمي في فردوس الأخبار.

(٤) كنوز الحقائق ص ٥٣ و ٥٧ و ٦٧ (ط بولاق بمصر) ، وينابيع المودة ص ١٩

٢٥٩

أَبْغَضَنِي (١) وَمِنَ الْمَنَاقِبِ لِخَطِيبِ خُوارِزْمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً قَبِلَ اللهُ مِنْهُ صَلَاتَهُ وَصِيَامَهُ وَقِيَامَهُ وَاسْتَجَابَ دُعَاءَهُ أَلَا وَمَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً أَعْطَاهُ بِكُلِّ عِرْقٍ فِي بَدَنِهِ مَدِينَةً فِي الْجَنَّةِ أَلَا وَمَنْ أَحَبَّ آلَ مُحَمَّدٍ أَمِنَ مِنَ الْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ فَأَنَا كَفِيلُهُ بِالْجَنَّةِ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ أَلَا وَمَنْ أَبْغَضَ آلَ مُحَمَّدٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوباً بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ (٢)

والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى وآيات القرآن دالة عليه قال الله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٣) جعل مودة علي وآله أجرا لرسالة رسول الله ص (٤)

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ص قَالَ أَحِبُّوا اللهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ وَلِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللهِ تَعَالَى وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي (٥)

وَفِي مَنَاقِبِ الْخُوارِزْمِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص مَنْ نَاصَبَ عَلِيّاً الْخِلَافَةَ بَعْدِي فَهُوَ كَافِرٌ وَقَدْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ (٦)

وَمِنْهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَحِيدٍ بِخَطِّ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَ

__________________

(١) كنز العمال ج ٦ ص ١٥٧ و ١٥٨ ، وكنوز الحقائق ص ١٨٨ ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٣٢ ، والرياض النضرة ج ٢ ص ١٦٦

(٢) مناقب الخوارزمي ص ٤٣ وفي مقتله ص ٤٠ ولسان الميزان ج ٥ ص ٦٢ ، وينابيع المودة ص ٨٦ و ١١٣ ، وذخائر العقبى ص ٧١

(٣) الشورى : ٢٣

(٤) راجع تفسير الآية في بحث الآيات القرآنية.

(٥) ورواه في التاج الجامع للأصول ج ٣ ص ٣٤٩ ، وفي الصواعق المحرقة ص ١٠٢

(٦) وأخرجه الموصلي في بحر المناقب ، على ما في ذيل إحقاق الحق ج ٧ ص ٣٣٠ ، وابن المغازلي في المناقب ص ٤٥ وفي كنوز الحقائق ص ١٥٦ وفي ينابيع المودة ص ١٨١ ، قال رسول الله (ص) : «من قاتل عليا على الخلافة فاقتلوه كائنا من كان». وقال أخرجه الديلمي.

٢٦٠