النّهاية - المقدمة

النّهاية - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٨٩

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مقدمة التحقيق

(١)

الحمد لله فاتحة كل خير وتمام كل نعمة ، نحمده سبحانه وتعالى حمدا طاهرا طيّبا مباركا فيه ، ونصلى ونسلم على سيدنا محمد أفصح العرب لسانا ، وأبينهم حجة ، وأقومهم عبارة ، وأرشدهم سبيلا ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين وصحابته أجمعين ، وبعد :

فقد نشط العلماء منذ بدء التدوين إلى التصنيف فى غريب الحديث. وشهدت أواخر القرن الثانى الهجرى ومطالع القرن الثالث أولى هذه المحاولات المباركة. فيقال إن أول من ارتاد الطريق وصنف في غريب الحديث أبو عبيدة مَعْمَر بن المثنّى التيمى ، المتوفى سنة (٢١٠ ه‍) (١) ثم تتابعت الجهود وأخذت تخطو نحو الكمال ، فصنّف أبو عدنان السلمى ، عبد الرحمن بن عبد الأعلى معاصر أبى عبيدة كتابا في غريب الحديث ، وصفه ابن دَرَسْتَوَيه بقوله : «ذكر فيه الأسانيد ، وصنفه على أبواب السنن والفقه إلا أنه ليس بالكبير» (٢).

وفى القرن الثالث ألّف فى غريب الحديث النَّضْر بن شُمَيْل المتوفى سنة (٢٠٣ ه‍).

ومحمد بن المستنير ، قُطْرُب ، المتوفى سنة (٢٠٦ ه‍) واسم كتابه «غريب الآثار».

وأبو عمرو الشيبانى ، إسحاق بن مِرار ، المتوفى سنة (٢١٠ ه‍)

__________________

(١) انظر ص ٥ وما بعدها من هذا الكتاب ، وتاريخ بغداد للخطيب ١٢ / ٤٠٥ ، والفهرست لابن النديم ص ٨٧ ، ط ليبزج. ومعجم الأدباء لياقوت ١٩ / ١٥٥ ط دار المأمون ، وبغية الوعاة للسيوطى ص ٣٩٥ ، وكشف الظنون لحاجى خليفة ص ١٢٠٣ ، ط استانبول ، والمعجم العربى للدكتور حسين نصار ص ٥٠ وما بعدها.

(٢) تاريخ بغداد ١٢ / ٤٠٥.

٣

وأبو زيد الأنصارى ، سعيد بن أوس بن ثابت ، المتوفى سنة (٢١٥ ه‍).

وعبد الملك بن قُرَيْب ، الأصمعىّ ، المتوفى سنة (٢١٦ ه‍).

والحسن بن محبوب السرّاد ، من أصحاب الإمام الرضا المتوفى سنة (٢٠٣ ه‍).

وأبو عُبيد القاسم بن سلّام ، المتوفى سنة (٢٢٤ ه‍) ومن كتابه نسخة بدار الكتب المصرية برقم (٢٠٥١ حديث).

وابن الأعرابى ، محمد بن زياد ، المتوفى سنة (٢٣١ ه‍).

وعمرو بن أبى عمرو الشيبانى. المتوفى سنة (٢٣١ ه‍).

وعلى بن المغيرة الأئرم. المتوفى سنة (٢٣٢ ه‍).

وأبو مروان عبد الملك بن حبيب المالكى الإلبيرى. المتوفى سنة (٢٣٨ ه‍).

وأبو جعفر محمد بن حبيب البغدادى النحوى. المتوفى سنة (٢٤٥ ه‍).

وأبو جعفر محمد بن عبد الله بن قادم (١).

وشَمِر بن حَمْدَوَيه الهروى ، المتوفى سنة (٢٥٥ ه‍).

وثابت بن أبى ثابت ، ورّاق أبى عبيد القاسم بن سلّام.

وابن قتيبة ، أبو محمد عبد الله بن مسلم. المتوفى سنة (٢٧٦ ه‍).

وأبو محمد ، سَلَمة بن عاصم الكوفى (٢).

وأبو إسحاق إبراهيم الحربى. المتوفى سنة (٢٨٥ ه‍).

وأبو العباس محمد بن يزيد ، المبرّد. المتوفى سنة (٢٨٥ ه‍).

ومحمد بن عبد السلام الخُشَنى. المتوفى سنة (٢٨٦ ه‍) وصف محمد بن خير (٣) كتابه فقال : «نيف على عشرين جزءا ، شرح حديث النبى عليه الصلاة والسلام فى أحد عشر جزءا ، وحديث الصحابة فى ستة أجزاء ، والتابعين فى خمسة أجزاء».

__________________

(١) انظر البغية ص ٥٩ حيث يذكر السيوطى أن أبا جعفر خرج من بيته ولم يرجع سنة (٢٥١ ه‍).

(٢) قال ابن الجزرى : توفى بعد السبعين ومائتين فيما أحسب (طبقات القراء ١ / ٣١١). وذكر صاحب كشف الظنون أنه توفى سنة (٣١٠ ه‍) (كشف الظنون ص ١٧٣٠.

(٣) فهرسة ما رواه عن شيوخه ص ١٩٥ ط بيروت سنة ١٩٦٣ م

٤

وأبو العباس أحمد بن يحيى ، ثعلب ، المتوفى سنة (٢٩١ ه‍).

وابن كَيسان ، محمد بن أحمد بن إبراهيم. وكتابه نحو أربعمائة ورقة (١).

ومحمد بن عثمان الجَعْد ، أحد أصحاب ابن كيسان.

ومن رجال القرن الرابع صنف فى غريب الحديث قاسم بن ثابت بن حزم السَّرَقُسْطِى ، المتوفى سنة (٣٠٢ ه‍) قال ياقوت : «ذكره الحُمَيْدى (٢) وقال : هو مؤلف كتاب غريب الحديث ، رواه عنه أبوه ثابت ، وله فيه زيادات ، وهو كتاب حسن مشهور. وذكره أبو محمد على بن أحمد [ابن حزم] وأثنى عليه وقال : ماشآه أبو عبيد إلا بتقدم العصر» (٣).

وقال القِفْطى : «ألّف قاسم بن ثابت كتابا فى شرح الحديث سمّاه كتاب «الدلائل» وبلغ فيه الغاية من الإتقان والتجويد حتى حُسد عليه. وذكر الطاعنون أنه من تأليف غيره من أهل المشرق ، ومات قبل إكماله فأكمله أبوه ثابت بن عبد العزيز. وقال أبو على إسماعيل بن القاسم القالى : لم يؤلف بالأندلس كتاب أكمل من كتاب ثابت فى شرح الحديث. وقد طالعت كتبا ألفت فى الأندلس ، ورأيت كتاب الخُشَنى فى شرح الحديث ، وطالعته فما رأيته صنع شيئا ، وكذلك كتاب عبد الملك بن حبيب» (٤).

توفى قاسم سنة (٣٠٢ ه‍) وتوفى أبوه ثابت سنة (٣١٣ ه‍).

وأبو محمد القاسم بن محمد الأنبارى المتوفى سنة (٣٠٤ ه‍).

وأبو موسى الحامض ، سليمان بن محمد بن أحمد. المتوفى سنة (٣٠٥ ه‍).

وابن دُرَيد ، أبو بكر محمد بن الحسن. المتوفى سنة (٣٢١ ه‍).

وأبو بكر محمد بن القاسم الأنبارى. المتوفى سنة (٣٢٨ ه‍). وقيل إن مصنفه فى غريب الحديث خمسة وأربعون ألف ورقة (٥).

__________________

(١) معجم الأدباء ١٧ / ١٣٩. وقد ذكر الخطيب أن ابن كيسان توفى سنة ٢٩٩ ه‍ (تاريخ بغداد ١ / ٣٣٥) ومثله فى إنباه الرواه ٣ / ٥٩ ، وفيه «قال الزبيدى : وهذا التاريخ لوفاته غلط» وقال ياقوت : الذى ذكره الخطيب لا شك سهو ، فإنى وجدت فى تاريخ أبى غالب همام بن الفضل أن ابن كيسان مات فى سنة عشرين وثلاثمائة (معجم الأدباء ١٧ / ١٤١).

(٢) جذوة المقتبس ص ٣١٢

(٣) معجم الأدباء ١٦ / ٢٣٧ وفيه : رواه عنه ابنه ثابت. وكذا فى الجذوة

(٤) إنباه الرواه ١ / ٢٦٢

(٥) وفيات الأعيان ٣ / ٤٦٤

٥

وأبو الحسين عمر بن محمد بن القاضى المالكى. المتوفى سنة (٣٢٨ ه‍).

وأبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد ، غلام ثعلب. المتوفى سنة (٣٤٥ ه‍) وكتابه على مسند أحمد بن حنبل.

وابن دَرَسْتَوَيْه ، أبو محمد عبد الله بن جعفر. المتوفى سنة (٣٤٧ ه‍).

وأبو سليمان الخطّابى ، حَمْد بن محمد بن إبراهيم بن الخطّاب البُسْتى الشافعى. المتوفى سنة (٣٨٨ ه‍).

وممن توفى فى القرن الخامس أبو عبيد الهروىّ ، أحمد بن محمد. المتوفى سنة (٤٠١ ه‍) وكتابه فى غريبى القرآن والحديث أحد كتابين اعتمد عليهما ابن الأثير فى تأليف كتابه. وتقتنى دار الكتب المصرية عدة نسخ منه ، سنتكلم على واحدة منها فيما بعد.

وأبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن الغازى البيهقى المتوفى سنة (٤٠٢ ه‍) واسم كتابه «سمط الثريا فى معانى غريب الحديث» (١).

وأبو الفتح سُليم بن أيوب الرازى الشافعى. المتوفى سنة (٤٤٧ ه‍) ويوجد بدار الكتب المصرية نسخة من كتابه باسم «تقريب الغريبين» برقم (١٠١٧ تفسير).

وإسماعيل بن عبد الغافر ، راوى صحيح مسلم. المتوفى سنة (٤٤٩ ه‍).

وفى القرن السادس ألّف الشيخ العميد إبراهيم بن محمد بن إبراهيم النَّسَوِىّ المتوفى سنة (٥١٩ ه‍) قال ياقوت : «صنف فى غريب الحديث لأبى عبيد تصنيفا مفيدا» (٢).

وأبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسى. المتوفى سنة (٥٢٩ ه‍) واسم كتابه «مجمع الغرائب فى غريب الحديث» وبدار الكتاب المصرية الجزء الثالث والأخير منه برقم (٥٠٦ حديث) ويبدأ بحرف الفاء.

وأبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمد ، الزمخشرى المتوفى سنة (٥٣٨ ه‍) وكتابه «الفائق فى غريب الحديث» طبع مرتين ؛ أولاهما فى حيدرآباد سنة ١٣٢٤ ه‍ ، والثانية فى مصر سنة ١٣٦٤ ه‍ ـ ١٩٤٥ م. بتحقيق الأستاذين محمد أبو الفضل إبراهيم ، وعلى البجاوى.

__________________

(١) معجم الأدباء ٦ / ١٤٠ ، وبغية الوعاة ١٩٤.

(٢) معجم الأدباء ٢ / ١٤

٦

والحافظ أبو موسى محمد بن أبى بكر المدينى الأصفهانى ، المتوفى سنة (٥٨١ ه‍) وكتابه «المغيث فى غريب القرآن والحديث» ثانى كتابين اعتمد عليهما ابن الأثير فى تصنيف «النهاية» ومنه مصورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية برقم (٥٠٠ حديث) عن نسخة بمكتبة كوبريلى.

وأبو شجاع محمد بن على بن شعيب بن الدهّان المتوفى سنة (٥٩٠ ه‍) وقد وصف السيوطى كتابه بأنه فى ستة عشر مجلدا (١).

وابن الجوزى ، أبو الفرج عبد الرحمن بن على. المتوفى سنة (٥٩٧ ه‍).

وفى القرن السابع ألّف ابن الأثير المتوفى سنة (٦٠٦ ه‍) «النهاية» وابن الحاجب ، أبو عمرو عثمان ابن عمر المتوفى سنة (٦٤٦ ه‍) وقد وصف حاجى خليفة كتابه بأنه فى عشر مجلدات (٢).

وممن صنف فى غريب الحديث ولم نقف له على تاريخ ميلاد أو وفاة :

فُسْتُقَة (٣). وأحمد بن الحسن الكندى (٤). وأبو القاسم محمود بن أبى الحسن بن الحسين النيسابورى الغزنوى ، الملقب ببيان الحق (٥). واسم كتابه «جمل الغرائب فى تفسير الحديث».

* * *

هذه جهود العلماء فى شرح غريب الحديث بدأت متواضعةً على يد أبى عبيدة مَعْمر بن المثنى ، ثم أخذت تخطو نحو الكمال حتى انبعثت بعمق وشمول على يد ابن الأثير.

لقد انتهى إلى ابن الأثير حصادٌ طيّب فى شرح غريب الحديث أفاد منه وأربى عليه فى استقصاء مُعجز ودأب مشكور بحيث جاء كتابه بحق «النهايةَ» فى هذا الفن الشريف ، ولم تندّ عنه إلا أحاديث يسيرة ذكرها السيوطى فى «الدر النثير» وفى «التذييل والتذنيب».

وقد ظهرت ثقافة ابن الأثير المتعددة الجوانب فى كتابه «النهاية» فهو لم يقف عند حدود المادة اللغوية فى شرح غريب حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وآثارِ الصحابة والتابعين ؛ فنراه يناقش

__________________

(١) بغية الوعاء ص : ٧٧

(٢) كشف الظنون ص ١٢٠٧.

(٣) هكذا ذكره ابن النديم فى الفهرست ص ٨٧ ، وهو محمد بن على بن الفضل المدينى شيخ الطبرانى ، وليس هو ولد على ابن المدينى شيخ البخارى (نزهة الألباب فى الألقاب ، لابن حجر ـ مصورة بدار الكتب المصرية برقم ٢٦٠٣ تاريخ).

(٤) ذكره ابن النديم فى الفهرست ص ٨٨ وصاحب كشف الظنون ص ١٢٠٥ ، وابن الأثير ص ٧ من هذا الكتاب

(٥) ذكره صاحب كشف الظنون ص ٢٠٥ ، ٦٠١ ، ١٢٠٥. وياقوت فى معجم الأدباء ١٩ / ١٢٤ والسيوطى فى البغية ص ٣٨٧.

٧

مسائل فقهية ؛ مثل ما ورد فى النهى عن جلود السباع (١) ويثير قضايا صرفيّة (٢) ويحاول التوفيق بين الأحاديث المتعارضة فى الظاهر ، مثل ما ورد فى الرُّقْية (٣). كل ذلك فى إيجاز واف بليغ.

ولم نقف على أحد صنّف فى غريب الحديث بعد ابن الأثير سوى ابن الحاجب المتوفى سنة (٦٤٦ ه‍) وانحصرت الجهود بعد ذلك فى التذييل على النهاية واختصارها.

فممن ذيل عليها صفىّ الدين محمود بن أبى بكر الأُرموى المتوفى سنة (٧٢٣ ه‍).

وممن اختصرها الشيخ على بن حسام الدين الهندى ، الشهير بالمتقى ، المتوفى سنة (٩٧٥ ه‍).

وعيسى بن محمد الصفوى ، المتوفى سنة (٩٥٣ ه‍) فى قريب من نصف حجمها (٤).

وجلال الدين السيوطى المتوفى سنة (٩١١ ه‍) وسمى مختصره «الدر النثير ، تلخيص نهاية ابن الأثير».

وقد طبع «الدر» بهامش النهاية. ثم رأى السيوطى أن يفرد زياداته على النهاية وسماها «التذييل والتذنيب على نهاية الغريب» ويوجد هذا التذييل بآخر نسخة من نسخ النهاية بدار الكتب المصرية برقم (٢٠٩٤ حديث) وهو فى سبع ورقات. ومن التذييل نسخة ببرلين برقم (١٦٦٠) (٥).

وقد نظم النهاية شعرا عماد الدين أبو الفدا إسماعيل بن محمد بن بردس البعلى الحنيلى الحافظ المتوفى سنة (٧٨٥ ه‍) ومنه نسخة ببرلين تحت رقم (١٦٥٩) باسم «الكفاية فى نظم النهاية» (٥).

__________________

(١) انظر مادة «سبع»

(٢) انظر مادة «رمم»

(٣) انظر مادة «رقى»

(٤) كشف الظنون ص ١٩٨٩

(٥) بروكلمان ١ / ٣٥٧ وملحق الجزء الأول ص ٦٠٧

٨

(٢)

التعريف بابن الأثير (١) :

هو المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيبانى الجَزَرى ثم الموصلى الشافعى ، يكنى أبا السعادات ، ويلقّب مجد الدين ، ويعرف بابن الأثير.

وقد اتفق المؤرخون على أنه ولد سنة (٥٤٤ ه‍) ما عدا ابن تَغْرِى بَرْدِى الذى ذكر أنه ولد سنة (٥٤٠ ه‍) وهو قول لا يُعاج به ، حيث انعقد الإجماع على أنه ولد فى أحد الربيعين سنة (٥٤٤ ه‍) بجزيرة ابن عمر (٢).

نشأ أبو السعادات بالجزيرة ، ولَقِن بها دروسَه الأولى ، ولما استوى يافعا انتقل إلى الموصل سنة (٥٦٥ ه‍) وهناك أخذت شخصيته تنضج وثقافته تغزر ، وأقبل على ألوان المعرفة يتشرّبها على مهل ليخرجها بعد ذلك إلى الناس علما نافعا فيه خير وبركة ونماء.

وقد استطاعت شخصية أبى السعادات أن تجذب إليه أنظار الحكام الذين رغبوا فى الإفادة من هذا العالم الكبير الجليل. قال ياقوت : «حدثنى أخوه أبو الحسن قال : تولى أخى أبو السعادات الخِزانة لسيف الدين الغازى بن مودود بن زنكى ، ثم ولّاه ديوان الجزيرة وأعمالها ، ثم عاد إلى الموصل فناب فى الديوان عن الوزير جلال الدين أبى الحسن على بن جمال الدين محمد بن منصور الأصبهانى ، ثم اتصل بمجاهد الدين قايماز [وكان نائب المملكة](٣) بالموصل ، فنال عنده درجة رفيعة ، فلما قبض على مجاهد

__________________

(١) مصادر الترجمة :

معجم الأدباء ، لياقوت ١٧ / ٧١ ـ ٧٧ ط دار المأمون.

إنباه الرواه للقفطى ٣ / ٢٥٧ ـ ٢٦٠

وفيات الأعيان ، لابن خلكان ٣ / ٢٨٩ ـ ٢٩١ ط النهضة المصرية.

طبقات الشافعية الكبرى ، لابن السبكى ٥ / ١٥٣ ، ١٥٤

النجوم الزاهرة ، لابن تغرى بردى ٦ / ١٩٨ ، ١٩٩

بغية الوعاه ، للسيوطى ٣٨٥ ، ٣٨٦

شذرات الذهب ، لابن العماد الحنبلى ٥ / ٢٢ ، ٢٣

(٢) بلدة فوق الموصل ، بينهما ثلاثة أيام. قال ياقوت فى معجم البلدان : «وأحسب أن أول من عمرها الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبى» وذكر ابن خلكان عن الواقدى أنه بناها رجل من أهل بَرْقَعِيد ، يقال له عبد العزيز بن عمر.

(٣) زيادة فى وفيات الأعيان.

٩

الدين سنة (٥٨٩ ه‍) (١) اتصل بخدمة الأتابك عز الدين مسعود بن مودود [وولى ديوان الإنشاء له](٢) إلى أن توفى عز الدين فاتصل بخدمة ولده نور الدين أرسلان شاه ، فصار واحد دولته حقيقة ، بحيث إن السلطان كان يقصد منزله فى مهامّ نفسه ؛ لأنه أقعد فى آخر زمانه ، فكانت الحركة تصعب عليه ، فكان يجيئه بنفسه أو يرسل إليه بدر الدين لؤلؤ الذى هو اليوم أمير الموصل».

وكان أبو السعادات ذا دين متين ، فلم تبهره أضواء الحكم ، ولم تثنه عما أخذ به نفسه من الدرس والتحصيل. وقد أراد نور الدين أن يستخلصه لنفسه ، فعرض عليه الوزارة غير مرة فرفضها ، وهى منصب خطير تعشو إليه الأنظار وتعنو له الجباه.

قال ياقوت : «حدثنى أخوه المذكور قال : حدثنى أخى أبو السعادات قال : لقد ألزمنى نور الدين بالوزارة غير مرة وأنا أستعفيه ، حتى غضب منى وأمر بالتوكيل بى. قال : فجعلت أبكى ، فبلغه ذلك فجاءنى وأنا على تلك الحال ، فقال لى : أبَلغ الأمر إلى هذا؟ ما علمت أن رجلا ممّن خلق الله يكره ما كرهتَ! فقلت : أنا يا مولانا رجل كبير ، وقد خدمت العلم عمرى ، واشتهر ذلك عنى فى البلاد بأسرها ، وأعلم أننى لو اجتهدت فى إقامة العدل بغاية جهدى ما قدرت أؤدّى حقَّه ، ولو ظُلم أكّار (٣) فى ضيعة من أقصى أعمال السلطان لنُسب ظلمه إلىّ ، ورجعت أنت وغيرك باللائمة علىّ ، والمُلك لا يستقيم إلا بالتسمّح فى العسف ، وأخذ هذا الحق بالشدة ، وأنا لا أقدر على ذلك. فأعفاه. وجاءنا إلى دارنا فخبّرنا بالحال ، فأما والده وأخوه فلاماه على الامتناع ، فلم يؤثّر اللوم عنده أسفا».

وهكذا سارت حياة أبى السعادات بين عزوف عن الدنيا ، وإقبال على العلم ، ورغبة فى المعرفة ، واستكثار من الخير والبر ، حتى عرض له مرض النِّقْرِس فأبطل حركة يديه ورجليه ، بحيث صار يحمل فى مَحَفّة. ولقد قابل رحمه‌الله هذه المحنة بقلب راضٍ ونفس مطمئنّة ، ورأى فيها الفرصة للبعد عن ضوضاء الناس ولهوهم ، والفراغ إلى الدرس والتصنيف.

__________________

(١) فليس صحيحا إذن ما ذكره ناشر جامع الأصول فى مقدمته من أن الأمير مجاهد قبض على ابن الأثير وسجنه.

فالمقبوض عليه هو مجاهد الدين نفسه ، قبض عليه عز الدين مسعود لما تولى بعد أخيه سيف الدين. انظر ص ٧ ، ٨ ج ١ من «جامع الأصول» وقارنه بما جاء فى وفيات الأعيان ٣ / ٢٤٧ ، ٢٨٩ ، ومعجم الأدباء ١٧ / ٧٢

(٢) زيادة من طبقات الشافعية.

(٣) الأكار : الحراث.

١٠

قال ابن خلِّكان : «حكى أخوه عز الدين أبو الحسن علىّ أنه لما أُقعد جاءهم رجل مغربى ، والتزم أنه يداويه ويبرئه مما هو فيه ، وأنه لا يأخذ أجرا إلا بعد بُرْئه ، فمِلنا إلى قوله ، وأخذ فى معالجته بدُهن صنعه ، فظهرت ثمرة صنعته ، ولانت رجلاه ، وصار يتمكن من مدّهما ، وأشرف على كمال البرء. فقال لى : أعط هذا المغربىّ شيئا يرضيه واصرفه ، فقلت له : لماذا وقد ظهر نُجح معاناته؟ فقال : الأمر كما تقول ، ولكنى فى راحة مما كنت فيه من صحبة هؤلاء القوم والالتزام بأخطارهم ، وقد سكنت روحى إلى الانقطاع والدَّعة. وقد كنت بالأمس وأنا معافى أذلّ نفسى بالسعى إليهم ، وها أنا اليوم قاعد فى منزلى ، فإذا طرأت لهم أمور ضرورية جاءونى بأنفسهم لأخذ رأيى ؛ وبين هذا وذاك كثير ، ولم يكن سبب هذا إلا هذا المرض ، فما أرى زواله ولا معالجته ، ولم يبق من العمر إلا القليل ، فدعنى أعيش باقيه حرّا سليما من الذلّ ، وقد أخذت منه أوفر حظ. قال عز الدين : فقبلت قوله وصرفت الرجل بإحسان».

وهكذا لزم الرجل بيته صابرا محتسبا ، يغشاه الأكابر ويحفِد إليه العلماء ؛ يقبسون من علمه وينهلون من فيضه. وكان آجره الله قد أنشأ رِباطا بقرية من قرى الموصل تسمى «قصر حرب» ووقف أملاكه عليه وعلى داره التى كان يسكنها بالموصل ، ووقف داره على الصوفية.

قال ابن خلّكان : «وبلغنى أنه صنف هذه الكتب كلها فى مدة العطلة ، فإنه تفرغ لها ، وكان عنده جماعة يعينونه عليها فى الاختيار والكتابة».

وفى يوم الخميس سلخ ذى الحجة سنة (٦٠٦ ه‍) فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها ، ودفن برباطه بدرب درّاج داخل البلد.

قال القِفْطى : «ذكر لى أخوه أبو الحسن علىّ أنه رآه بعد موته أن نجاسة قد آذته. قال :

فاستقصيت وبحثت عن صحة هذه الرؤبا ، فوجدت أحد الأهالى قد أطلق غنما له فوق سطح الصُّفَّة التى هو فيها مدفون ، وقد كثر ما يخرج من أجوافها فوق ذلك الموضع ، فأزلته ونظفته مما حصل فيه» رحمه‌الله وجزاه بما يجزى به العلماء المخلصين.

١١

أسرته :

«ابن الأثير» اسم يعرفه كل من اتصل بالمكتبة العربية ؛ محدَّثا أصوليا ، أو مؤرِّخا نسّابة ، أو كاتبا بليغا. ولم يعرف لرب الأسرة عناية بالعلم أو تصنيف فيه ، ولكنه أنجب عباقرة ثلاثة ، كان لهم فى تاريخ الثقافة العربية شأنٌ أىّ شأن. لقد اندفع كل منهم فى الطريق الذى اختاره يشكّل معالم نهضتنا الفكرية ويُثرى جوانبها بإنتاجه الخِصب الوفير.

وقد اختار مجد الدين الحديث والفقه ، وآثر عزّ الدين التاريخ والأنساب ، بينما مال ضياء الدين إلى الكتابة والبيان.

وعز الدين هو أبو الحسن علىّ ، ولد بجزيرة ابن عمر فى رابع جمادى الأولى سنة (٥٥٥ ه‍). وتوفى فى شعبان سنة (٦٣٠ ه‍) بالموصل (١). قال ابن خلّكان : «كان إماما فى حفظ الحديث ومعرفته وما يتعلق به ، وحافظا للتواريخ المتقدمة والمتأخرة ، وخبيرا بأنساب العرب وأيامهم ووقائعهم وأخبارهم» وهو صاحب «الكامل» فى التاريخ ، و «اللباب فى تهذيب الأنساب» و «أسد الغابة فى معرفة الصحابة».

وضياء الدين هو أبو الفتح نصر الله. ولد بالجزيرة أيضا فى يوم الخميس العشرين من شعبان سنة (٥٥٨ ه‍) وتوفى يوم الاثنين التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة (٦٣٧ ه‍) ببغداد (٢).

وهو الكاتب البليغ صاحب «المثل السائر فى أدب الكاتب والشاعر» قال ابن العماد : «جمع فيه فأوعى ، ولم يترك شيئا يتعلق بفن الكتابة إلا ذكره» (٣).

علمه وثقافته :

قال مجد الدين فى مقدمة كتابه (جامع الأصول من أحاديث الرسول) : «ما زلت منذ رَبْعان الشباب وحداثة السنّ مشغوفا بطلب العلم ومجالسة أهله ، والتشبه بهم حسب الإمكان ، وذلك من فضل

__________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ٣٤.

(٢) وفيات الأعيان ٥ / ٣٢.

(٣) شذرات الذهب ٥ / ١٨٨.

١٢

الله علىّ ولطفه بى أن حبّبه إلىّ ، فبذلت الوسع فى تحصيل ما وُفِّقت له من أنواعه ، حتى صارت فىّ قوة الاطّلاع على خفاياه وإدراك خباياه. ولم آلُ جهدا ـ والله الموفّق ـ فى إكمال الطلب وابتغاء الأرب ؛ إلى أن تشبثت من كلٍّ بطرَف تشبهت فيه بأضرابى ، ولا أقول تميزت به على أترابى.

فلله الحمد على ما أنعم به من فضله وأجزل به من طوله ...» (١).

وقال ياقوت : «كان عالما فاضلا وسيّدا كاملا ، قد جمع بين علم العربية والقرآن والنحو واللغة والحديث وشيوخه وصحته وسقمه ، والفقه ، وكان شافعيّا».

وفى الشذرات : «قال ابن خلّكان : كان فقيها محدّثا أديبا نحويّا ، عالما بصنعة الحساب والإنشاء ، ورعا عاقلا مهيبا ذا برّ وإحسان» (٢).

وهكذا لم يترك أبو السعادات باباً من أبواب المعرفة إلا ولجه ، ولا نافذة من نوافذ الثقافة إلا أطلّ منها ، حتى اكتملت له شخصية علمية ناضجة ، غنيت جوانبها وأثرى إنتاجها.

ومجد الدين يقول الشعر ـ مقلّا ـ على طريقة العلماء ، ولكن له بعض مقطوعات تشِفّ عن حسٍّ أدبى رهيف. قال ياقوت : «حدثنى عز الدين أبو الحسن قال : حدثنى أخى أبو السعادات ـ رحمه‌الله ـ قال : كنت أشتغل بعلم الأدب على الشيخ أبى محمد سعيد بن المبارك بن الدهان النحوى البغدادى بالموصل ، وكان كثيرا ما يأمرنى بقول الشعر ، وأنا أمتنع من ذلك. قال : فبينا أنا ذات ليلة نائم رأيت الشيخ فى النوم وهو يأمرنى بقول الشعر ، فقلت له : ضع لى مثالا أعمل عليه ، فقال :

جًبِ الفَلا مُدمناً إن فاتك والظَّفَرُ

وخُدَّ خَدَّ الثرى والليلُ مُعتكرُ

فقلت أنا :

فالعِزّ فى صَهَوات الخيل مَرْكَبُه

والمجدُ ينتجه الإسراءُ والسَّهرُ

فقال لى : أحسنت ؛ هكذا فقل ، فاستيقظت فأتممت عليها نحو العشرين بيتا.

«وحدثنى عز الدين أبو الحسن قال : كتب أخى أبو السعادات إلى صديق له فى صدر كتاب والشعر له :

__________________

(١) جامع الأصول ١ / ١٢

(٢) هذا النقل لم تجده فى وفيات الأعيان المطبوع.

١٣

وإنى لمُهدٍ عن حنين مبرِّح

إليك على الأقصى من الدار والأدنى

وإن كانت الأشواق تزداد كلّما

تناقص بُعدُ الدار واقترب المغنى

سلاما كنَشْر الروض باكره الحيا

وهبّت عليه نسْمةُ السحرَ الأعلى

فجاء بمِسْكِىّ الهوا متحليّا

ببعض سجايا ذلك المجلس الأسمى

«وأنشدنى عز الدين قال : أنشدنى أخى مجد الدين أبو السعادات لنفسه :

عليك سلام فاح من نَشْر طيبه

نسيمٌ تولى بثَّه الرَّنْدُ والبانُ

وجاز على أطلال مىٍّ عشيّةً

وجاد عليه مُغْدِقُ الوَبْل هَتّانُ

فحمّلتُه شوقا حوته ضمائرى

تميد له أعلام رَضْوَى (١) ولُبْنانُ

«واستنشدته شيئا آخر من شعره فقال : كان أخى قليل الشعر ، لم يكن له به تلك العناية ، وما أعرف الآن له غير هذا».

ومن شعره ما أنشد للأتابك صاحب الموصل ، وقد زَلّت به بغلته :

إن زلَّت البغلة من تحته

فإن فى زَلّتها عذرا

حَمَّلها من علمه شاهقا

ومن ندى راحته بحرا

قال ابن خلِّكان : «وهذا معنى مطروق ، وقد جاء فى الشعر كثيرا».

* * *

شيوخه ومن رووا عنه :

تلمذ أبو السعادات لطائفة من العلماء الأجلاء ، فقرأ الأدب والنحو على ناصح الدين أبى محمد سعيد ابن المبارك بن على بن الدهّان البغدادى النحوى ، المتوفى سنة (٥٦٩ ه‍) (٢).

وأبى الحرم مكّىّ بن ريّان بن شَبَّةَ بن صالح الماكِسِينىّ النحوى الضرير ، نزيل الموصل ، المتوفى سنة (٦٠٣ ه‍) (٣).

__________________

(١) جبل بالمدينة.

(٢) إنباه الرواه ٢ / ٤٧ ، وبغية الوعاه ٢٥٦

(٣) الإنباه ٣ / ٣٢٠ ، والبغية ٣٩٧

١٤

وأخذ النحو وسمع الحديث من أبى بكر يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد الأزدى القرطبى ، النحوى اللغوى المقرئ الأديب. المتوفى بالموصل سنة (٥٦٧ ه‍) (١).

وسمع الحديث بالموصل من جماعة ، منهم خطيب الموصل أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسى المتوفى سنة (٥٧٨ ه‍) (٢).

وقدم بغداد حاجّا فسمع بها من أبى القاسم صاحب ابن الخَلّ (٣).

وابنِ كُلَيْب ، أبى الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد الحَرّانى ، ثم البغدادى الحنبلى التاجر ، المتوفى ببغداد سنة (٥٩٦ ه‍) (٤).

وعبد الوهاب بن سُكَيْنة ، الصوفى الشافعى ، المتوفى سنة (٦٠٧ ه‍) (٥).

وقد روى عنه ولدُه (٦). والشهاب الطوسى ، أبو الفتح محمد بن محمود بن محمد بن شهاب الدين ، نزيل مصر وشيخ الشافعية ، المتوفى بمصر سنة (٥٩٦ ه‍) (٧) ـ وجماعة.

وآخر من روى عنه بالإجازة فخر الدين بن البخارى (٨).

وممن روى عنه أيضا القِفْطى المتوفى سنة (٦٤٦ ه‍) قال : ورويت عنه ـ رحمه‌الله ـ. وقال : كتب إلىّ الإجازة بجميع مصنّفاته ومسموعاته ومرويّاته.

__________________

(١) طبقات القراء لابن الجزرى ٢ / ٣٧٢ ، والبغية ٤١٢

(٢) النجوم الزاهرة ٦ / ٩٤ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٦٢

(٣) هكذا ذكر ياقوت ، ولم نعثر على ترجمة لأبى القاسم هذا. أما ابن الخل فهو أبو الحسن محمد بن المبارك بن محمد بن عبد الله بن محمد ، الفقيه الشافعى البغدادى ، ولد سنة (٤٧٥ ه‍) وتوفى سنة (٥٥٢ ه‍). وفيات الأعيان ٣ / ٣٦٢ وطبقات الشافعية ٤ / ٩٦

(٤) وفيات الأعيان ٢ / ٣٩٤ ، وشذرات الذهب ٤ / ٣٢٧

(٥) النجوم الزاهرة ٦ / ٢٠١ ، وطبقات الشافعية ٥ / ١٣٦

(٦) هكذا ذكر ابن السبكى ، ولم يذكر اسمه

(٧) طبقات الشافعية ٤ / ١٨٥ ، وشذرات الذهب ٤ / ٣٢٧

(٨) هكذا قال ابن السبكى ، ولعله قاضى القضاة أبو طالب على بن على بن هبة الله بن محمد بن على بن البخارى الشافعى المتوفى ببغداد سنة (٥٩٣ ه‍) ، طبقات الشافعية ٤ / ٢٧٩ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ١٤٣

١٥

مصنفاته :

ترك ابن الأثير إنتاجا طيبا يشهد بثقافته الواسعة وعلمه الغزير. فمن مصنفاته :

١ ـ الإنصاف فى الجمع بين الكشف والكشّاف

(تفسيرى الثعلبى (١) والزمخشرى (٢)) قال ياقوت : أربع مجلدات.

٢ ـ الباهر فى الفروق

فى النحو. ذكره ياقوت والسيوطى ، وهو عند ابن السبكى باسم «الفروق والأبنية»

٣ ـ البديع

فى النحو. ذكره ياقوت والقفطى والسيوطى. وذكره ابن خلّكان وابن السبكى وابن تغرى بردى باسم «البديع فى شرح الفصول لابن الدهان».

قال ياقوت : نحو الأربعين كُرّاسة ، وقال : وقفنى عليه [أخوه عز الدين المؤرخ] فوجدته بديعا كاسمه ، سلك فيه مسلكا غريبا ، وبوّبه تبويبا عجيبا.

٤ ـ تهذيب فصول ابن الدهان

ذكره ياقوت والسيوطى. وهو فى النحو أيضا.

٥ ـ جامع الأصول فى أحاديث الرسول

قال ياقوت : «جمع فيه بين البخارى ومسلم والموطأ وسنن أبى داود وسنن النسائى والترمذى. عمله على حروف المعجم ، وشرح غريب الأحاديث ومعانيها وأحكامها ووصف رجالها ، ونبه على جميع ما يحتاج إليه منها. ثم قال : أقطع قطعا أنه لم يصنف مثله قط ولا يصنف» وقد طبع فى القاهرة سنة ١٣٦٨ ه‍ ـ ١٩٤٩ م فى اثنى عشر جزءا. بعناية الشيخين عبد المجيد سليم وحامد الفقى.

__________________

(١) هو أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم ، الثعلبى النيسابورى ، توفى سنة (٤٢٧ ه‍) طبقات الشافعية ٣ / ٢٣ وتفسيره «الكشف والبيان فى تفسير القرآن».

(٢) هو أبو القاسم جار الله محمود بن محمد ، توفى سنة (٥٣٨ ه‍) وتفسيره «الكشاف عن حقائق التنزيل»

١٦

٦ ـ ديوان رسائل

٧ ـ رسائل فى الحساب مُجَدْوَلات

ذكرها ياقوت.

٨ ـ الشافى ، شرح مسند الشافعى

قال ياقوت : «أبدع فى تصنيفه ، فذكر أحكامه ولغته ونحوه ومعانيه ، نحو مائة كرّاسة» ومنه نسخة بدار الكتب المصرية برقم (٣٠٦ حديث) فى أربع مجلدات. ونسخة أخرى فى مجلد واحد برقم (٢٢١١٨٤ ب).

٩ ـ شرح غريب الطّوال

ذكره ابن السبكى.

١٠ ـ الفروق والأبنية

فى النحو ، ذكره ابن السبكى. وهو عند ياقوت والسيوطى باسم «الباهر فى الفروق».

١١ ـ كتاب لطيف فى صنعة الكتابة

ذكره ابن خلّكان وابن تِغْرِى بَرْدِى.

١٢ ـ المختار فى مناقب الأخيار ـ أو الأبرار

ذكره ياقوت ، وقال : «أربع مجلدات». منه نسخة بليدن برقم (١٠٩٠) (١) كما يوجد النصف الثانى منه بمكتبة فيض الله باستانبول برقم (١٥١٦) وهو مصور بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية.

١٣ ـ المرصع فى الآباء والأمهات ، والأبناء والبنات ، والأذواء والذوات

ذكره ياقوت والسيوطى وابن السكبى. قال ياقوت : مجلد ، وقال السيوطى : «وقفت عليه ولخصت

__________________

(١) بروكلمان ١ / ٣٥٧ وملحق الجزء الأول ص ٦٠٧

١٧

منه الكُنى فى كرّاسة» وقد طبع فى «ويمار» سنة ١٨٩٦ م بعناية «سيبولد» الألمانى ، فى ٢٦٧ صفحة من القطع الصغير.

١٤ ـ المصطفى والمختار فى الأدعية والأذكار

ذكره ابن خلّكان وابن تغرى بردى وابن السبكى وابن العماد.

١٥ ـ النهاية فى غريب الحديث والأثر

وهو الذى نقدم له.

(٣)

منهاج التحقيق :

طبعت «النهاية» ثلاث طبعات : الطبعة الأولى بطهران سنة ١٢٦٩ ه‍ ، طبع حجر ، وهى غير مضبوطة ونقع فى مجلد واحد ، فى ١٩٩ ورقة.

والثانية بالمطبعة العثمانية سنة ١٣١١ ه‍ ، وهى مضبوطة بالشكل الكامل ، وتقع فى أربعة أجزاء وعلى هامشها «الدر النثير» للسيوطى ، تلخيص النهاية. وهى بتصحيح عبد العزيز بن إسماعيل الأنصارى الطهطاوى.

والطبعة الثالثة بالمطبعة الخيرية سنة ١٣١٨ ه‍ ، وهى غير مضبوطة ، وتقع فى أربعة أجزاء ، وبأسفلها طبع «الدر النثير» وقد ذكر فى الصفحة الأولى من الجزء الأول أن بهامشها كتابين ، أحدهما «مفردات الراغب الأصفهانى» فى غريب القرآن. وثانيهما «تصحيفات المحدثين» فى غريب الحديث ، للحافظ أبى أحمد الحسن بن عبد الله العسكرى ، ولكن لم يطبع بالهامش سوى «مفردات الراغب».

وأدق هذه الطبعات طبعة العثمانية ، وهى على ما بذل فيها من جهد طيب مشكور لم تسلم من التصحيف والتحريف ، وجاء معظم ضبطها بحسب الشائع الدائر على الألسنة ، مما نبهنا على بعضه ، وأغضينا عن بعضه الآخر لظهور وجه الخطأ فيه. على أننا قد أفدنا من التقييدات وفروق النسخ التى

١٨

ذكرت بهامش هذه الطبعة وذكرناها معزُوّة. وقد اعتمدنا على هذه الطبعة واعتبرناها أصلا.

وكان لا بد من الرجوع إلى مخطوطة للنهاية. ونسخ النهاية الخطية موفورة بدار الكتب المصرية وبغيرها من المكتبات. وقد استوثقنا نسخة بدار الكتب المصرية برقم (٥١٦ حديث) تقع فى مجلد واحد وعدد أوراقها ٣٤٣ ورقة ، ومسطرتها ٣٠ سطرا فى الصفحة ، ومقاسها ٢٥* ١٥ سم ، وهى بخط نسخى دقيق جدا ، وقد ضبطت بالشكل الكامل ، وكتبت المواد على الهامش بالحمرة ، وبالهامش تفسيرات لغوية وإضافات معظمها من «الفائق» للزمخشرى. تمت كتابة سنة (١٠٨٩ ه‍) فى صبح يوم الأربعاء ، منتصف شهر ربيع الثانى. على يد إبراهيم بن سيد عبد الله الحسينى الخوراسكانى وقد أشرنا إلى هذه النسخة بالرمز (ا)

وحيث اعتمد ابن الأثير على كتاب «الغريبين» للهروى فقد اعتمدنا فى عملنا نسخة من «الغريبين» وهى محفوظة بدار الكتب المصرية برقم (٥٥ لغة تيمور) فى ثلاثة مجلدات ، تمت كتابة سنة (٦١٩ ه‍). وقد أفدنا كثيرا من مقابلتنا على كتاب الهروى هذا لتوثيق نقول ابن الأثير ، ووقعنا على فروق فى غاية الأهمية. وما لم ينص فى طبعة العثمانية على أنه من الهروى صدرناه بعلامة الزيادة [ه] على أن كثرة من الأحاديث التى سبقت بالعلامة (ه) رمز النقل عن الهروى فى طبعة العثمانية لم نجدها فى نسخة الهروى التى بين أيدينا ، فلم ننبه على عدم وجودها ، اعتمادا على أن ابن الأثير نفسه يذكر أن لكتاب الهروى نسخا متعددة. وقد التقطنا زيادات الهروى ؛ من إنشاد شعر أو ذكر مَثَل ، استئناسا على قاعدة ، أو تدعيما لرأى.

ثم رأينا استصحاب «الفائق فى غريب الحديث» للزمخشرى. وقد رجعنا إليه فى مواطن كثيرة ، سواء فيما ينقل عنه ابن الأثير أم فى غيره.

ولما كان ابن منظور قد أفرغ النهاية فى لسان العرب فقد اعتبرنا ما جاء من النهاية فى اللسان نسخة منها ، وأثبتنا ما بينه وبينها من فروق. كذلك نظرنا فى «تاج العروس ، شرح القاموس» للمرتضى الزّبيدى ، وأثبتنا رواياته ، حيث جاء معظم أحاديث «النهاية» فيه.

وقد نظرنا فى «الدر النثير» للسيوطى ، وسجلنا تعقيباته وزياداته ، ومعظمها عن

١٩

ابن الجوزى ، ولعله اطلع على غريبه ، فهو يكثر من النقل عنه.

وحيث أشكل متن الحديث رجعنا إلى كتب السنة. وخرّجنا منها الحديث ، ما وسع الجهد وأمكنت الطاقة.

هذا وتحت يدنا «جامع الأصول من أحاديث الرسول» لابن الأثير ، وهو يحتفل فيه بغريب الحديث ويفرد له شرحا فى آخر كل كتاب.

على أن اهتمامنا تركّز فى ضبط المادة اللغوية بالاحتكام إلى المعاجم فى كل صغيرة وكبيرة. وما وجدناه خطأ فى الطبعة العثمانية ـ أصح الطبعات ـ قوّمناه حين كان الضبط بالقلم ، ونبهنا عليه حيث كان الضبط بالعبارة. ولم نتدخل إلا بالقدر الذى يُجلّى النّص ويوثِّقه ، أو يرفع احتمالا ويزيل شبهة. والله من وراء القصد ، وهو ولىّ التوفيق.

القاهرة فى المحرم سنة ١٣٨٣ ه

مايو سنة ١٩٦٣ م

الطاهر احمد الزاوى ، محمود محمد الطناحى

٢٠