مجموع السيّد حميدان

أبي عبدالله حميدان بن يحيى القاسمي

مجموع السيّد حميدان

المؤلف:

أبي عبدالله حميدان بن يحيى القاسمي


المحقق: أحمد أحسن علي الحمزي و هادي حسن هادي الحمزي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مركز أهل البيت (ع) للدراسات الإسلاميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

قال : يا جارية أخبرك؟ قالت : من أنت الذي تخبرني بما يعجز عنه أصحابك؟

قال : أنا علي بن أبي طالب ، فقالت : لعلك الرجل الذي نصبك رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ صبيحة يوم الجمعة بغدير خم علما للناس؟

فقال : أنا ذلك.

فقالت : إنا من أجلك عصينا ، ومن قبلك أبينا ألا إن رجالنا قالوا : لا نسلم صدقات أموالنا ولا طاعات نفوسنا إلا لمن نصبه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فينا وفيكم ؛ فقال علي ـ عليه‌السلام ـ : إن أمركم غير خاف عن الله تعالى وإنه لموفي كل نفس بما كسبت.

ثم قال : يا حنفية حملت بك أمك في زمان قحط ، وقد منعت السماء قطرها ، والأرض نباتها وغارت العيون ، وتعذرت على البهائم المراعي ، وكانت تقول عنك إنك حمل مشئوم في زمان غير مبارك فلما كان بعد تسعة أشهر رأت في نومها كأنك قد وضعتك وكأنها تقول لك : إنك ولد مشئوم في زمان غير مبارك وكأنك تقولين لها : لا تتشاءمي بي فإني ولد مبارك أنشأ منشأ مباركا حسنا يملكني سيد ويولدني ولدا يكون لحنيفة فخرا.

فقالت : صدقت يا علي ، أنّى لك هذا. قال : هو إخبار عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ. قالت : فما العلامة بيني وبين أمي؟ قال : إنها لما وضعتك كتبت كلامك والرؤيا في لوح من نحاس وأودعته قمة الباب فلما كان بعد عشرين (١) سنة جمعت بينك وبين اللوح فقالت : يا بنيه إذا نزل بساحتكم من يسفك دماءكم ويسبي ذراريكم وتسبين فيمن سبي فخذي هذا اللوح واجتهدي أن لا يملك إلا من يخبرك بالرؤيا وهذا اللوح.

فقالت : صدقت ؛ فأين اللوح؟

فقال : في عقصتك.

__________________

(١) ـ نخ (ج) : عشر سنة.

٥٠١

فأخرج اللوح من عقصتها بين الناس وتملكها يا أبا جعفر دون غيره بما ظهر من حجته ، ونادى ببينته ثم إنه عقد عليها عقدة النكاح ووطئها بالعقد لا بملك اليمين.

تم ذلك والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على سيدنا محمد الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم يا كريم ، آمين.

٥٠٢

يتلوه سؤال وجواب من كلامه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ

يسأل الذين قدّموا أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ وقالوا بإمامته وإنه الخليفة من غير فصل لم يرضون على من تقدمه فيقال لهم ما تقولون فيمن تقدم على الإمام المحق ومنعه من التصرف في رعيته؟ ولا بد أن يكون فاسقا عند كافة العلماء أعني من تقدم على الإمام المحق.

فإذا قيل : إن أبا بكر وعمر لهما سوابق يمكن أن تكون هذه مكفرة في جنبها فلا نقطع على التفسيق.

قلنا : فما عذرك في الترضية مع حصول المعصية التي قلت لو كانت من غيرهما لكانت فسقا.

فإن قال : إن المعلوم إيمانهما فلا يخرج عن المعلوم للتجويز ، ولأن الله تعالى قد رضي عنهما في كتابه فقال : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ) [الفتح : ١٨].

قلنا : كيف يصح بقاء الإيمان معلوما مع حصول المعصية التي قلنا إنها تكون فسقا من غيرهم وفي حقهم تحتمل الفسق وتحتمل أن تكون مكفرة فقد قطعت على المعصية وتوقفك ليس إلا في كونها كبيرة أو غير كبيرة على أنه يمكن أن يقال إذا ثبت أن مثل فعلهما لو فعله غيرهما كان فسقا فكيف يصح أن يقال فيه إنه يجوز كونه مكفرا في جنب طاعتهما ، وقد قلنا إن الكبيرة محبطة للثواب ، وقلنا إن من فعل معصية كبيرة لا تكون مسقطة بثوابه ما لم يتب ، وإن بقي عمر نوح ؛ فكيف يصح أن تخرج الكبيرة عن كونها كبيرة بالإضافة إلى كثرة الثواب مع هذا ، وهذا مناقضة ظاهرة.

فأما قوله : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ) [الفتح : ١٨].

فالجواب : أن ذلك إخبار عن الحال أنه تعالى راض عنهم ببيعتهم لرسوله إذ لا يمكن أن يقول لقد رضي الله عنهم في كل حال إذ قد فسق بعضهم بالإجماع منا ومن المعتزلة كطلحة والزبير وغيرهما وإذا ثبت أنه إخبار عن الحال في تلك الحال ، قلنا : إنهم وإن كانوا كذلك فقد خرجوا عنه بتقدّمهم على مولاهم ، وظلم بنت نبيهم ، وقد قال ـ صلى

٥٠٣

الله عليه وآله ـ : ((فاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها ويؤذيني ما يؤذيها)) وقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : ((إن الله يغضب لغضبك يا فاطمة ويرضى لرضاك)).

ولا خلاف بين آبائنا أنها ماتت وهي غضبانة عليهم ، وكلامها يشهد بذلك ، وهو الذي ذكرته في جوابها لنساء المهاجرين والأنصار حين قلن : كيف أصبحت يا بنت رسول الله؟ في مرض موتها ؛ فقالت : أصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ، شنيتهم بعد أن سبرتهم ، ولفظتهم بعد أن عجمتهم (١) ، فقبحا لفلول الحد ، وخور (٢) القناة ، وخطل الرأي ، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، وويحهم لقد زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ، ومهبط الروح الأمين ، والطيبين لأهل الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما نقموا من أبي حسن نقموا والله نكير سيفه ، ونكال وقعته ، وشدة وطأته ، وتنمره في ذات الله ، والله لو تكافوا على زمام نبذه إليه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لاعتقله ولسار بهم سيرا سجحا (٣) لا تنكلم خشاشته (٤) ، ولا يتعتع (٥) راكبه ، ولأوردهم موردا نميرا تمير ضفتاه ولأصدر [هم] (٦) بطانا (٧) قد تحبرهم الري غير متحلي منه بطائل إلا بغمرة الناهز

__________________

(١) ـ يقال : عجمت العود إذا غضضته تنظر أصلب هو أم رخو ، انتهى من نهاية والمعنى الاختبار ، تمت من هامش الشافي.

(٢) ـ خور أي ضعف ، تمت من هامش الشافي.

(٣) ـ سجح الخد كفرح سجحا وسجاحة سهل ولان. تمت ق.

(٤) ـ الخشاش بالكسر ما يدخل في عظم أنف البعير. تمت ق.

(٥) ـ ولا يتعتع راكبه : أي لا يصيبه أذى يقلقه ويزعجه ، انتهى من هامش الشافي.

(٦) ـ زيادة من الشافي.

(٧) ـ أي ممتلية بطونهم والحبرة بالفتح النعمة وسعة العيش وكذلك الحبور أي تنعموا بالري ، غمرة الناهز الغمرة الماء الكثير كالغمير والناهز الضارب بالدلو في الماء ليمتلئ وردع سورة الساغب الردع المنع والسورة الحدة والساغب الجائع. تمت من هامش الشافي.

٥٠٤

وردعه سورة الساغب ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا وسيعذبهم الله بما كانوا يكسبون ألا هلمن فاسمعن وما عشتن أراكن الدهر عجبا ، إلى أي ركن لجئوا ، وبأي عروة تمسكوا ، ولبئس المولى ولبئس العشير وبئس للظالمين بدلا ، استبدلوا والله الذنابى(١) بالقوادم والعجز بالكاهل وبعدا وسحقا لقوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون.

قال الإمام المنصور بالله ـ عليه‌السلام ـ : فهذا كلام فاطمة ـ عليها‌السلام ـ الذي لقيت عليه الله سبحانه وإذا ثبتت معصيتهم بطل أن تكون الترضية ثابتة كما قال الإمام المنصور بالله ـ عليه‌السلام ـ وإذا كانت جائزة المعصية والترضية فما أبعد الشاعر في قوله :

فويل تالي القرآن في ظلم الليلـ

ـل وطوبى لعابد الوثن

تمت هذه الكتب النافعة والأقوال القامعة بعون الله ومنّه ولطفه والحمد لله رب العالمين.

__________________

(١) ـ الذنابى والذّنبى بضمهما والذنبى بالكسر : الذنب وأذناب الناس وذنباتهم محركة أتباعهم وسفلتهم. تمت ق.

٥٠٥

الرسالة الناظمة لمعاني الأدلة العاصمة من كلامه (ع) التي سماها الإمام المطهر بن يحيى (ع) : المزلزلة لإعضاد المعتزلة :

بسم الله الرحمن الرحيم :

حمدا وشكرا دائما طول الأبد

مضاعفا مجاوزا حد الأمد

لخالق ما إن له كفوا أحد

ورازق إنعامه فات العدد

عمّ البرايا من عصى ومن عبد

ومن أقرّ طائعا ومن جحد

وإن ألم مؤيد يوهي الجلد

فما لهم إلا عليه معتمد

إذ ما لهم من دونه من ملتحد

ولا إله غيره باق صمد

أحمده حمد امرئ موحد

مقدس منزه ممجد

مستمسك في دينه بأحمد

وبالوصي ذي التقى والسؤدد

وسيدين ابني إمام سيد

ومن بهم إلى النجاة أهتدي

وسيدين ابني إمام سيد

ومن بهم إلى النجاة أهتدي

من آلهم من بعدهم واقتدي

آل النبي المصطفى محمد

أقفو على آثارهم لا أعتدي

فعل مطيع ليس بالمقلّد

وهل لمن يعصي الهداة دين

إني بما دانوا به أدين

هم الذين علمهم رصين

دين النبي فيهم مصون

لم ينكثوا العهد ولم يخونوا

وهم لمن يبغي النجا سفين

نص بذاك المصطفى الأمين (١)

مما به أخبره جبرين (٢)

__________________

(١) ـ وذلك في قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : ((مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى)) تمت.

(٢) ـ هذه لغة في جبريل ـ عليه‌السلام ـ كما قالوا : إسرائين ويريدون إسرائيل وذلك كما قال الشاعر :

وقال أهل السوق لما جئنا :

هذا لعمر الله إسرائينالب

تمت.

قال في القاموس : وجبرائيل : أي عبد الله ، فيه لغات : كجبرعيل وحزقيل وجبرعل وسمويل وجبراعل ـ

٥٠٦

وكلّ ما أوحى به يقين

والرافضي علمه ظنون

هذا الذي من مذهبي أصرحه

وبالدليل المستبين أوضحه

خير المقال في الجدال الحجة

أبينه معانيا وأفصحه

لا زخرف يغوى به من شرحه

وخبره عند الخبير يفضحه

وخير مفت للفتى من ينصحه

بما يحوط دينه ويصلحه

لا ملق عند الحضور يمدحه

وفي المغيب بالمعيب يجرحه

فاعرف أصول مبتدأ التكليف

يا ممعنا في العلم بالتعريف (١)

وما الذي ينجي من التحريف

وأين حد الفكر في التلطيف

فإنه لا بدّ من وقوف

إذ ليس كل ثابت معروف

يعرف كالمعروف بالتكييف

ثم اختصاص الخالق اللطيف

لبعض من يشاء بالتشريف

مختبرا في ذاك للمشروف

إنّ الذي لخلقه تعبدا

قد أكمل الخلق تعالى وهدى

وصيّر العقل دليلا مرشدا

وأرسل الرسل الثقات بالهدى

واختصهم بوحيه ليقتدى

بقولهم وفعلهم فيهتدى

ثم اصطفى من آلهم وأيدا

أئمة منجية من الردى

وخصّ بالفضل الشهير أحمد

وآله فما عدا مما بدا

حتى اعتدت بعد النبي أمته

فخولفت في آله وصيته

وألبست ثوب الصغار ابنته

وحولت عن الوصي رتبته

كأنهم لم يعلموا من عترته

ومن له من بينهم أخوّته

__________________

ـ وجبراعيل وجبرعل وخزعال وطريال بسكون الياء بلا همز جبريل وبفتح الياء جبريل وبياءين : جبرييل وجبرين بالنون ويكسر. تمت.

٥٠٧

وإرثه وعلمه وعصمته

ومن جرت على الجميع إمرته

دليل إخلاص التقى مودته

ومن أمارات النفاق بغضته

فأخّروا (١) من بعده من قدّمه

وصغروا من حقه ما عظّمه

وكم له من وقعة وملحمه

مذكورة مشكورة ومكرمه

وآية بها المليك أكرمه

كانت على عهد النبي محكمه

وسنة مأثورة مفهمه

لكل ناج قلبه من الكمه (٢)

لا رافض يقول تلك مبهمه

غلوه في شيخه قد تيمه

كذاك نصّ المصطفى على علي

وخصّه بأنه المولى الولي

في يوم خم لم يكن بمشكل

بل خاطب القوم بمعقول جلي

في محفل أعظم به من محفل

وقوله رسالة للمرسل

ولم يكن لخلقه بمهمل

فكيف يأتيهم بما لم يعقل؟!

هل عن صريح نصه من معدل

لمسلم لم يغل في التأوّل؟

وهبهم بزعمهم لم يعرفوا

ما عطّلوا من حجة وحرفوا

فلم أتوا بغير ما قد كلفوا؟

ما بالهم بالمصطفى لم يكتفوا؟

ويهتدوا بفعله ويقتفوا

وفعله كقوله لو أنصفوا

فإن يكن كما حكوا وصنفوا

أهملهم فلو قفوا ما استخلفوا

وإن يكونوا بالولي عرّفوا

فكيف عن وليهم تخلفوا؟

الغاصب الأمر ومن منهم سرق

ومن حذا بحذوهم من الفرق

__________________

(٣) ـ نخ (ب) : وأخروا.

(٤) ـ نخ (ج) : للتعريف.

(٥) ـ الكمه : العمى الأصلي ويستعار للطاري تمت صحاح. تمت من هامش نخ (ج).

٥٠٨

من ناكث وقاسط ومن مرق

وذي اعتزال صار في لج الغرق

ومدّع جهلا لنص مختلق

به لزيد (٨) عن أخيه قد فرق

وعابه إذ لم يمل إلى الفرق (٦)

وما اقتدى إلا بفعل من سبق

ممن عليه بالنصوص متفق (٧)

فمن ترى يكون بالحق أحق؟

ومن يكون في الورى مستخلفا

يحوطهم في دينهم والمصحفا؟

بهداه في كل عصر يشتفى

من بعد من نصّ عليه المصطفى

إلا الذي لهم من الآل اقتفى

ممن بهم وبالكتاب عرفا

مبلغا من وصفهم ما كلفا

ومخبرا ممن يكون الخلفا

قوم لهم علم الكتاب معتفى

ليسوا كمن بالشيخ والرأي اكتفى

كفى لذي لب وأذن واعيه

بما حكاه المصطفى في الواعية

وعترة إلى النجاة داعيه

مختارة مهدية وهاديه

وفرقة دون الأنام ناجيه

وعصمة للمهتدين كافيه

ليسوا كأحزاب الجموع الباغية

ولا الأولى مالوا إلى الرفاهية

للشك في جهادهم معاويه

فاعتزلوا عن الجميع ناحيه

يا أمة تفضل كل أمه

إن لم تشب نور الهدى بظلمه

ولم تغير بالضلال النعمة

قول النبي قدوة ورحمه

قد خصه الله بنور الحكمة

ليهتدي به من استأمه

مقتبسا آدابه وعلمه

وللرسول بالدليل عصمه

__________________

(٦) ـ الفرق : الخوف. تمت ترتيب مختار الصحاح.

(٧) ـ نخ (ب) : يتفق.

(٨) ـ أي الإمام الأعظم الولي زيد بن علي ـ عليهما‌السلام ـ عن أخيه الباقر محمد بن علي ـ عليهما‌السلام ـ وهم الإمامية. تمت.

٥٠٩

تمنعنا أن نستخين حكمه

وقد أبان الحكم في الأئمة

بواضح الألفاظ والمعاني

ممثلا لكل ذي إيمان

مصدق بمنزل التبيان

وسنة الرسول ذي البيان

في وصفه للآل بالأمان

من عاجل الأهوال في الزمان

وأنهم لخائف الطغيان

سفينة كفلك ذي الطوفان

ومثل باب حطة الغفران

وكم لهم في محكم الفرقان

من آية من ربهم منزله

تحلّهم في الفضل أعلى منزله

مبينا ببعضها ما أجمله

فما اعتذار رافض إن بدله؟

كالأمر بالرد وفرض المسألة

لأهل من سماه ذكرا أنزله (١٠)

وآية (٩) في الود ليست مشكله

بها أتمّ دينه وأكمله

ومن قضى إلهه بالود له

فقد قضى بعدله إذ فضله

وقد قضى بالفضل للمجاهد

على الوزير والجليس القاعد

قضاء عدل ما له من جاحد

أكرم به من حجة وشاهد

وكل فضل في الكتاب وارد

فمحنة لصابر وحامد

ومخرج لضغن كل حاسد

ورافض وباغض معاند

معارض عن الرشاد حائد

كفعل إبليس اللعين المارد

وكم له في فعله من متبع

بعقله وعلمه لم ينتفع

مصمم في غيه لم ينقرع

وإن نهاه ناصح لم يستمع

يعجبه من قوله ما يبتدع

مدلس محرف لما سمع

__________________

(٩) ـ وذلك في قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣].

(١٠) ـ وذلك في قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣)) [النحل].

٥١٠

من كل قول في البيان قد وضع

مجتهد في خدع كل منخدع

جنابه لكل غاو متسع

فبئس ما يلجأ إليه المنتجع

وشر من يغوى به المسترشد

وطالب العلم ومن يقلد

من يظهر التوحيد وهو ملحد

ويدعي الإصلاح وهو مفسد

وزاهد ما إن يزال يعبد

جليسه كتابه والمسجد

وهمه العلم وفيه يجهد

مشمر في كسبه مجرد

لكنه إلى الشيوخ يسند

ولا يرى لهم نظيرا يوجد

فإن ذكرت عنده القرابه

وفضلهم بالعلم والنجابه

أجاب لا مبرهنا جوابه

جواب ذي عجز عن الإجابة

مجانب لمنهج الإصابة

مكشر في وجهه صلابه

يقول ما تقول في الصحابة

فأيهم سد النبي بابه

وما الذي من فضلهم تشابه

فحار فيهم فكره ورأيه

وأيهم أدنى إليه في النسب

فرعان عن صنوين من أمّ وأب

ولم يزل يحنو إليه منذ دب

معلما ملقنا له الأدب

لكي يكون مرتضى كما أحب

فلم يدنس عرضه مسّ الريب

وأيهم لدا الخطوب والخطب

يشهد بالفضل له كل العرب

إلا الذي جلى الهموم والكرب

عن النبي في الوغى لا من هرب

هل في وصي المصطفى المعصوم شك

سادس (١١) أخيار موفيهم ملك؟

وعترة كمثل أنجم الفلك

يفوز من لنهجهم طوعا سلك

__________________

(١١) ـ قال السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير (ع) في نهاية التنويه (١٣٣) واعتزى إلى آبائنا جبريل فقال ـ عليه‌السلام ـ في خبر الكساء : ((وأنا منكم)). انتهى المراد.

٥١١

من لم يكن مستمسكا بهم هلك

ليسوا كمن أسلافهم لهم شرك

وخائني نبيهم فيمن ترك

والغاصبين إرثهم حتى فدك

والمهدري دماءهم لمن سفك

فأيهم يجوز فيه أن يشك؟

من لم يميز بينهم فقد رزي

ورام أن يحظى بأمر معوز

ليس المنى لخائف بمحرز

ولا الذي أيقن كالمجوزي

فاسمع لنصح ذي مقال موجز

وقل لمبدي رفضه والملغز

ليس الغلاط في المرا بمعجز

فانظر بعقل ثاقب مميز

كم بين من إلى الكتاب يعتزي

ومن بزخرف الشيوخ يجتزي

إنّ الشيوخ المترفين في الدول

والموهمين أنهم فوضى همل

ما دينهم أكثره إلا حيل لب

وشاهد الثبات في صدق العمل

فعالم ضلّ وأغوى من أضل

وراهب للسحت بالصد أكل

وكلّهم برفضهم نالوا الأمل

من لم يكن محاربا منهم خذل

وشرّهم مكيدة من اعتزل

وزخرف القول وسماه جمل (١٢)

أو خاض في العلم بوهم مغرق

مجاوز لحده مدقق

مغلغل في لجة التعمق

وتابع لأهل علم المنطق

في وصفه للعلم بالتعلق

بثابت من قبل أن لم يخلق

وفي اشتراك مبدع ملفق

في اللفظ بالذات ووصف مطلق

ليثبت التجنيس للمحقق

والفصل بالتنويع للمفرق

وكي يقيس ربه بشاهد

من يقرن الذات إلى الزوائد

ويوهم التفريق بالفوائد

معولا على قياس فاسد

__________________

(١٢) ـ نخ (ج) : وحرف الحق وسماه جمل.

٥١٢

لبعض أوصاف القديم الواحد

سبحانه عن فرية المنادد

وعن قياس كل غاو عاند

ينظر في الصانع كالمشاهد

وليس في قياسه بواحد

إلا لمجبول على التزايد

وما الذي ألجأهم إلى الخطر

والخوض في علم الغيوب بالنظر

وما يقال فيه للمخطي كفر

وفي النبي أسوة ومعتبر

وقدوة محمودة لمن شكر

ولم يخالف بالوهوم ما ذكر

فإنه في الفكر لله حظر

وفي عجيب الصنع بالفكر أمر

فمن يكون بعده من البشر

أدرى بما يأتي به وما يذر

مدينة في سوحها العلم ثوى

وقوله عن ربه إذا روى

فمن حوى من العلوم ما حوى

ومن يكون وعظه هو الدوا

لداء كل جاهل إذا ارعوى

إلا الذي أخلاقه لا تجتوا (١٣)

ولم يفه بعلمه عن الهوى

ولا ادعاه ضلة ولا غوى

لكن به أوحى إليه ذا القوى

فهل يكون الوحي والخرص سواء؟

أم النبي بالإله أعلم؟

أم لم يكن موحدا أم يكتم؟

بل علمه مستيقن محكم

على عقول الناظرين يحكم

وهو الذي عنه الفروض تعلم

ثم الوصي بعده المقدم

وآله للعالمين أنجم

من خص بالعلم الصحيح منهم

فقل لمن توحيدهم توهم

رافض الهادين أدرى أم هم؟

ليس الإله الواحد القدوس

كما يظنه الذي يقيس

من وصفه التشريك والتجنيس

بل قولهم مشارك تلبيس

__________________

(١٣) ـ أي لا تكره ، يقال : اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيها وإن كنت في نعمة. صحاح.

٥١٣

إذ كل فكر دونه محبوس

وكل ما تخاله النفوس

فمدرك مكيف محسوس

فاحذر شيوخا علمها تنميس (١٤)

وهمها التدقيق والتدليس

قد حازها دون الهدى إبليس

فحكّموا حدس الظنون الخائبه

واستنتجوا مقدمات كاذبه

عن القديم للمديح سالبه

فأنتجت لهم وهوما ثالبه

مجهولة عن الصواب ناكبه

مخالفات للعقول الثاقبة

إلا عقولا في الضلال ذاهبه

لخاشعات عاملات ناصبه

من فرقة عن الهدى مجانبه

قد جاوزوا حدّ الفروض الواجبة

وألحقوا في علمه زياده

حددها إدراكه إفادة

وميزوا الغيب عن الشهادة

وأثبتوا أيضا له إراده

من عرض قد أوجبوا انفراده

مخلوقة ولم تكن مراده

وطال ما أجرى الغلو عاده

وأظهروا التزيين بالعبادة

مشايخ أكابر وساده

أضحوا إلى سبل الضلال قاده

أمن فروض العلم بالتوحيد

وصف الإله الواحد المجيد

بالنوع والتجنيس في التحديد

وذاته بواجب المزيد

مخصص ومقتضى مفيد

وعلم ما يدرك بالتحديد؟

هل بعد ذا لطالب التحديد

وطالب التشبيه والتعديد

من مطلب يا مؤثر التقليد؟

فانظر بفكر سالم سديد

ما الفرق بين مقتضي وعله

وزائد وكثرة وقلّة

__________________

(١٤) ـ نمست السر إذا كتمته ونمست الرجل ونامسته إذا ساررته ، تمت صحاح. تمت من هامش نخ (ج).

٥١٤

إلا اصطلاح سادة مضله

قد سلكوا في طرق مزله

فاقنع بنحلة النبي نحله

قنوع ذي دين مسلم له

فالمصطفى من أهل كل مله

أعلم بالمدلول والأدلة

وبالفروض الواجبات لله

والشيخ أدنى أن يكون مثله

فانظر بعين ناقد بصير

مستبصر في البحث للأمور

وموضع التلبيس والتغرير

من علم كل رافض نحرير

مجوز للصلح بالتغيير

والقلب والتحريف في التعبير

وما حكوا من موجب التأثير

والوصف للصانع بالتكثير

وما ادعوا في قسم الحصور

وفي شروط الحد للمحصور

للشيخ من نشر العلوم الفائضة

أظهرها قالوا وكانت غامضه

وإنما تلك العلوم الغامضة

فاعلم وهوم في النفوس عارضه

فيما ورا حد العقول خائضه

وبعضها للبعض منها ناقضه

وحجة الغالين فيها داحضه

فارفض شيوخا للهداة رافضه

وللموالي للوصي باغضه

وبالضلال للهدى معارضه

في الجمع للإفراط والتفريط

بكل قول واضح التخليط

فاعرف مثال الخدع بالتغليط

عرفان ذي علم به محيط

فيما ادعوا للجوهر البسيط

في ذاته والمقتضى المشروط

بما به أفتوا من الشروط

ومنعه عن رتبة التوسيط

إذا التقت جواهر الخطوط

كلؤلؤ ينضم في سموط

واسمع لما أحكيه يا عذول

فإنه من قولهم منقول

واسمع لما أحكيه يا عذول

فإنه من قولهم منقول

جواهر العالم لا تحول

وكلها في صفة تزول

عرض ما إن له حلول

وأي وهم فيه لم يجولوا

٥١٥

وما الذي بالخرص لم يقولوا

في كل ما تنكره العقول

لم يقضه الله ولا الرسول

وذكر كل قولهم يطول

وأحدثوا في الفقه رأيا يبتدع

فأصبحوا كمثل أحزاب الشيع

كلّ امرئ لرأيه قد اتبع

خوفا من الجهل وفي الجهل وقع

ومنهم لمذهبين قد جمع

مظهّرا تشيعا به خدع

ولو وعوا من النبي ما شرع

ومن حبا بإرثه ومن منع

لأيقنوا أنّ الهدى فيما وضع

لا في الذي دانوا به من البدع

في كل قول حادث مخروص

والجعل للعموم كالخصوص

ليوهموا التشكيك في النصوص

مكيدة للأفضل المخصوص

وما لهم عن رتبة المنقوص

ورتبة المفضول من محيص

إلا إلى الإنكار والنكوص

وكونهم في العلم كاللصوص

لكل ما في الذكر من تخصيص

فهل لهم في ذاك من ترخيص؟

بل أعجبوا بعلمهم فاستكبروا

وكم لهم من بدعة لو فكروا

لمثلها ممن عداهم أنكروا

وفسّقوا من قالها وكفّروا

وكم إمام عاصروا لم ينصروا

بل ثبّطوا عن نصره ونفّروا

وأوهموا بأنه مقصر

ثم استعاضوا خمسة واستشوروا

وقدموا برأيهم وأخروا

وخبرهم يعرفه من يخبر

في لبسهم لمحكم التنزيل

ومستفيض سنة الرسول

ما ادعوا من منكر التأويل

والحكم بالرأي على الأصول

والعكس للمدلول والدليل

وليس كل واضح معقول

بمشكل الألفاظ مستحيل

والفكر للأوهام للعقول

في الفرق للشريك والتمثيل

ليعلموا التوحيد بالتعليل

٥١٦

وجعلهم للعترة الأشهاد

ومعدن التأويل والإرشاد

بزعمهم من جملة الآحاد

في حادث الفقه وفي الإسناد

كغيرهم من حاضر وباد

وأنهم للشغل بالجهاد

لم يظفروا في العلم بالمراد

ألم يعوا تفضيل ذي الأيادي

لمن به قضى من العباد؟!

وقوله لكل قوم هادي

فلم يزل ولا يزال في الزمن

بعد الوصي والحسين والحسن

من آلهم في كلّ عصر مؤتمن

يقفوهم مع الكتاب في سنن

محافظا على الفروض والسنن

وحافظا للعلم عن لبس وظن

وكتبهم مشهورة في كل فن

لدا العراق والحجاز واليمن

لو لا افتتان من بها قد افتتن

والحق فيها ظاهر لكن لمن

إذ قد غدوا بين الورى كالأجنبي

بعد النبي أو عدوّ مذنب

قد أسعفت فرصتهم لمغصب

ومنكر لفضلهم بالمنصب

ورافض لفضلهم مكذب

وشيعة تفرقت في المذهب

واستبدلت بأبعد عن أقرب

فأهملت فرض الولاء الموجب

وعلم من عليهم مع النبي

أسنى الصلاة والسلام الأطيب

تمت الرسالة بحمد الله ومنّه فله الحمد على كل حال من الأحوال والصلاة والسلام على محمد وآله خير آل.

٥١٧

وقال أيضا :

أيّها المستفيد من علم قوم

نكبوا عن سبيل سفن النجاة

لا يغرنّك بالزخارف علم

باطل بالأدلة المحكمات

ألّفته الغلاة بالوهم خرصا

كي يكونوا أئمة اللامعات

دلسوا العلم بالتفقه في الديلـ

ـن وبالرفض للهداة الثقات

واكتفوا منه بالتسمي ومالوا

عن صحيح المقال للترهات

أعملوا الفكر في الإله فتاهوا

في مهاوي مجاهل مهلكات

أثبتوا الله جل عن ذاك جنسا

كي يقولوا مشارك للذوات

ثم قاسوه بالذوات اللواتي

أكمل الله خلقها بالصفات

جعلوه كمثلها ذا صفات

زائدات في ضمنه داخلات

وادعوا حصر علمه في ذوات

لم تزل أجل علمه ثابتات

وهي مقدورة له لا تناهى

لا بعدّ قالوا ولا بجهات

حكّم الفكر كي ترى كيف نصوا

بعض وصف القديم للمحدثات

واستردوا من وصفها ما أعا

ضوه افتراء كوصفه بالثبات

ولهم في الصفات شرح بديع

واصطلاح مخالف للغات

لا ذوات غدت ولا لا ذوات

بل أمور جعلن للتفرقات

ليس لا شيء ولا هنّ شيء

أي عقل لمثل هذا يؤات

ليس بين النفي والإثبات قسم

غير جمع النقائض البينات

ليس بالاضطرار يعلم أمر

لا بنفي يدعى ولا إثبات

كل فكر أدى إلى مثل هذا

فهو وهم ما إن له من ثبات

هكذا العدل فيه حاروا فمالوا

عن سبيل الرشاد مثل السرات

أكمل الله دينه باصطفاه

للمؤدي زكاته في الصلاة

٥١٨

واجتباه لعلمه أنه أو

لى بأمر الرسول بعد الوفاة

نصّ ذاك النبي في يوم خمّ

وهو أدرى بما يقول ويأتى

لم يقل عن هوى بذلك فيه

بل لآي أتت به منزلات

فأبى عن قبول ذلك قوم

لهنات يقال أو لحنات

واستدلت لذاك أخبار سوء

ليصدوا عن الهدى والهدات

جعلوا العقد في الإمامة شرطال

وادعوا أنهم ولاة الولاة

كيف يضحي من الرعية بالـ

ـعكس أمير مفوض في الرعات؟

أو ليس الإله بالأمر أولى

ويعلم الأسرار والنيات

إذ قضى بالوداد حتما لقوم

ونفى الدين عن مؤدى العصات

هل لتوحيد ذي الجلال وللـ

ـعدل بصير مبصر للغوات؟

هل لأهل الفرقان من مستأم

تابع للحماة عنه الأبات؟

داخل باب حطة مستعد

راكب في السفاين المنجيات

ممسك بالعرى الوثاق لينجو

من طواغيت عصره المطغيات

مخلص للوداد فيهم مطيع

لائذ بالسؤال في المشكلات

إذ هم الصفوة الخيار أولو الـ

أمر وأهل التطهير أهل العبات

من يصلّى مع النبي عليهم؟

من سواهم له كهذي السمات؟

ومن كلامه رضي الله عنه وأرضاه :

يا عاذلي عن مذهبي ومعنّفي

دعني فإني بالأئمة مقتفي (١)

قوم قفوا في الدين منهج جدهم

يا حبذاك المقتفى والمقتفي

قوم هم سفن النجاة وملجأ الـ

ـعاني اللهيف ومستغاث المعتفي

__________________

(١) ـ نخ (ج) : مكتفي.

٥١٩

واجتباه لعلمه أنه أو

لى بأمر الرسول بعد الوفاة

ومنار من يبغي الإنابة والهدى

في كل فنّ في العلوم ليشتفي

وهم الذين من الأنام تخيروا

بعد النبي لإرث علم المصحف

هل في الورى من بعدهم من مصطفى؟

أم هل سوى ربّ الورى من مصطفي؟

وهم الخلائف للنبي بنصه

صلّ الإله عليه من مستخلف

نصب الأئمة للبرية قدوة

فهم الأمان من الضلال المتلف

الكاشفون لكل كرب كارث

ولكل حادث مذهب متكلف

ودسيس زنديق ودلسة رافض

وغلو مغتال ولبسة فلسفي

ولكل شبهة ملحد متعنت

ومقال كل مزخرف ومحرف

لم يخل عصر منهم من مرشد

هاد إلى سبل النجاة معرف

لا دين إلا ما ارتضوه لأهله

كالتبر ينقده محكّ الصيرفي

أيصدني عن علمهم من صده

علم الشيوخ عن المحل الأشرف

فبأي عذر إن رفضت علومهم

ألقى الإله بذكره في الموقف؟

وقال أيضا :

لقد ظهرت بعد النبي من الورى

دفائن أضغان العتاة الروافض

وفي العدل والتوحيد من خوض بعضهم

أقاويل زور بينات التناقض

فضلوا وغروا من أضلوا بعلمهم

وإن كان ما قالوه ليس بغامض

ولكنه من لم يحط أصل دينه

عن الرفض لم يشعر بلبس المعارض

ومن لم يكن آل النبي هداته

إلى الحق ألقى نفسه في المداحض

وقال أيضا :

زال أهل التفعيل والانفعال

وأديل التطريف بالاعتزال

كيف ينجو من الضلالة ناج

صار منها إلى أضل الضلال

٥٢٠