مجموع السيّد حميدان

أبي عبدالله حميدان بن يحيى القاسمي

مجموع السيّد حميدان

المؤلف:

أبي عبدالله حميدان بن يحيى القاسمي


المحقق: أحمد أحسن علي الحمزي و هادي حسن هادي الحمزي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مركز أهل البيت (ع) للدراسات الإسلاميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

[أقوال الإمام الحسين بن القاسم (ع)]

وقال ابنه الحسين بن القاسم ـ عليه‌السلام ـ في كتاب الرد على الملحدين : اعلم أن قولنا شيء ، إثبات موجود ونفي معدوم ، وقولنا : لا كالأشياء ، نفي للتشبيه.

وقال : هو الأول لا قبل لأوليته ، ولا كيف لأزليته ، كان في حال القدم قبل بريته ولا عقل ولا معقول سواه ، ولم يكن معه أزمنة ولا شهور ولا ساعات ، ولا أمكنة ولا أوقات ، ولا علم ولا معلوم ، ولا فهم ولا مفهوم ، ولا وهم ولا موهوم.

وقال في الصفات ونحوها : إذا جعلتها أزلية بطل الحدث ، وإذا جعلتها محدثة بطل القدم ، وإذا جعلتها محدثة أزلية فسد قولك.

وقال : لم يزل عالما بجميع فعله ، عالما بما سيريد كينونته ، وإنما الذي يريد بلا علم تقدم ، ويضمر بغير تكوين هو الإنسان الجاهل ، الجائل الفكر الذي تحدث له النية بعد النية ، والإرادة بإضمار القلب والطوية ، ولو كانت إرادته قبل فعله لكانت كإرادة المخلوقين ، ولكانت عرضا من جسم ، ولو كان جسما لأشبه الأجسام ، وإنما إرادته فعله ، وفعله مراده ، وليس ثم إرادة غير المراد ، فيكون مشابها للعباد.

وقال في كتاب شواهد الصنع : إذا كان هذا المحدث عدما قبل حدوثه (فالعدم لا شيء ، ولا شيء لا يكون شيئا بغير شيء) (١) ، وذكر الجسم والعرض ، والجزء الذي زعم من زعم أنه واحد في نفسه لا يتجزأ.

وفي كتاب مهج (٢) الحكمة والفوائد بكلام (٣) جملته (٤) : أن كل محدث لا يخلو من أن يكون جسما أو عرضا ؛ فالجسم ما يقوم بنفسه وتحله الأعراض ، والعرض ما لا ينفرد

__________________

(١) ـ نخ (أ) : فالعدم لا شيء ولا لا شيء لا يكون شيئا بغير شيء.

(٢) ـ نخ (ب) : منهج.

(٣) ـ نخ (أ) : بكتاب.

(٤) ـ في (ب) : جملته من أن.

٣٤١

بذاته ولا يوجد إلا حالا ، واستدل على بطلان كون الجزء واحدا في نفسه بكونه غير خال من الحركة أو (١) السكون ، وما لم يخل من صفة مقارنة (٢) فليس بواحد في نفسه ، واستدل على أنه يتجزأ بكونه لا يوجد إلا في جهة ، وكل متحيز فله جوانب تحويه.

وقال في كتاب الصفات : فإن قال : ما أنكرت من أن يكون علم الله لا هو الله ولا هو غيره؟

قيل له ولا قوة إلا بالله : لا بد أن يكون هذا العلم الذي ذكرت (٣) ، [وغيره] (٤) من الصفات التي زعمت ، محدثا أو قديما ، خالقا أو مخلوقا ، موجودا أو معدوما.

فإن قلت : إن علم الله محدث ، جهّلته ، وإن قلت : إن علمه شيء موجود قديم ، فلا يعلم شيء موجود قديم إلا هو وحده ، وأما قولك : لا هو هو ، ولا [هو] (٥) غيره ؛ فهذا لا شيء ؛ لأن الله سبحانه قديم وغيره محدث.

وقال : إن كنت أردت الأسماء من الألفاظ والكلام ، وما ينطق به من ذلك جميع الأنام ، وما يوجد في الصحف والأجسام ، فذلك غير الموصوف ، لأن الموصوف هو الله ، وهذا الكلام [هو] (٦) من المفعولات المحدثات ، والله أحدث علم ذلك وغيره من الصفات ، وإن كنت أردت المسمى بهذه النعوت فهو الله رب العالمين ، وهو معناها عند المؤمنين.

وقال في جوابه ليحيى بن مالك (٧) : ما تفسير علم الله وقدرته ، إلا كتفسير وجهه

__________________

(١) ـ نخ (ب) : والسكون.

(٢) ـ نخ (ج) : مقارنة في جهة.

(٣) ـ نخ (ج) : ذكرته.

(٤) ـ زيادة من نخ (أ ، ب).

(٥) ـ زيادة من نخ (ب).

(٦) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٧) ـ نخ (ج) : ليحيى بن خالد.

٣٤٢

ونفسه ، فهل يقول أحد (١) يعقل بأن (٢) له وجها كوجه الإنسان ، أو نفسا كأنفس ذوي الأبدان؟ هذا ما لا يقول به أحد من ذوي الألباب ، ولا يعتقده في الله رب الأرباب ، وإنما وجهه هو ذاته ، وكذلك علمه وقدرته.

[أقوال الإمامين أبي الفتح الديلمي والمنصور بالله (ع)]

وقال الإمام الديلمي أبو الفتح بن الحسين بن الناصر بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليهم‌السلام ـ في تفسيره لقول الله سبحانه : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧] ، إنما [بين الله تعالى (٣)] للإنسان تنقل أحواله حتى استكمل خلقه ليعلم نعمته عليه ، وحكمته فيه ، وأن بعثه بعد الموت أهون [عليه] (٤) من إنشائه ولم يكن شيئا.

وحكى الإمام المنصور بالله ـ عليه‌السلام ـ في الرسالة الناصحة للإخوان جملة من محالات المطرفية تدل على بطلان ما شابهها من محالات المعتزلة منها قولهم : إن العرض ليس بحال ولا محلول ، ولا قديم ولا محدث ، وقولهم : الإحالة إرادة الله ومراده ، لكنه لم يردها ، وقولهم : إن الله تعالى سمي بأنه (٥) كائن ، و (٦) أنه مشارك للأجسام في هذه التسمية.

فهذه جملة من أقوال الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ ليس منها قول يذهب إليه الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ إلا ومن أقوال المعتزلة ما يخالفه ، ولذلك انتزعتها دون غيرها.

والحمد لله (٧) رب العالمين وصلى (٨) الله على محمد وآله وسلم ولا حول ولا قوة إلا

__________________

(١) ـ نخ (أ) : واحد.

(٢) ـ نخ (ب) : إن.

(٣) ـ ما بين القوسين ساقط في (ب).

(٤) ـ زيادة من نخ (ج).

(٥) ـ نخ (ب) : أنه.

(٦) ـ نخ (أ) : أو.

(٧) ـ في آخر نخ (ج) : والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم ولا حول ولا قوة إلا ـ

٣٤٣

بالله العلي العظيم.

__________________

ـ بالله العلي العظيم ، تم ذلك يوم الأربعاء في شهر ربيع الآخر سنة (١٠٩١ ه‍).

(٨) ـ وصلاته على خاتم النبيين وآله الطاهرين.

٣٤٤

تذكرة تشتمل على أربع مسائل

من كلامه ـ رضي الله عنه ـ مما يستغلط بالسؤال عنها بعض الصفاتية

[وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله] (١)

__________________

(١) ـ زيادة من نخ (أ).

٣٤٥

بسم الله الرحمن الرحيم

الأولى : سؤالهم عن النظر في إثبات الصانع تعالى هل يحصل به العلم أنه تعالى قادر وعالم؟ فما الفائدة في تكرار (١) النظر ثانيا وثالثا؟ ونحو ذلك مما يوهمون به أنه لا بد لله سبحانه من صفات زائدة على ذاته مختلفة بحسب (٢) اختلاف الأدلة المنظور فيها.

والجواب عن ذلك : أن النظر في الأدلة (٣) الدالة على كون الباري سبحانه صانعا وقادرا وعالما لا تدل على أن الصانع غير القادر ، ولا [على] (٤) أن القادر غير العالم ، ولا على (٥) أن لله سبحانه قدرة غير ذاته ، ولا علما غير قدرته لما في ذلك من لزوم التشبيه ، وإبطال التوحيد.

ولأن تزايد الأنظار ، وتفاضل علوم النظار ، لا يدل على تزايد المنظور في [إثباته ، ولا على وجوب (٦)] إثبات صفات زائدة على ذاته ؛ لأن الموجب لتزايد (٧) الأنظار هو عجز كل ناظر عن الجمع بين [كل] (٨) نظرين في دليلين مختلفين في حالة واحدة.

ولذلك فإن الناظر (٩) في الدليل على كون الباري سبحانه قادرا لا يحصل له العلم بذلك النظر أنه سبحانه قادر فيما لم يزل ، ولا أنه قادر لا بقدرة ، ولم (١٠) يدل تزايد نظره

__________________

(١) ـ نخ (ب) : مع تكرير.

(٢) ـ نخ (ب) : مختلفة حسب اختلاف أدلة المنظور فيها.

(٣) ـ نخ (ب) : بالأدلة.

(٤) ـ زيادة من نخ (ج).

(٥) ـ نخ (ب) : ولا أن لله.

(٦) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٧) ـ نخ (ب) : في تزايد.

(٨) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٩) ـ نخ (ب) : الناظرين.

(١٠) ـ نخ (ج) : ولا يدل.

٣٤٦

في ذلك على إثبات أمور زائدة على ذات الباري سبحانه.

وإذا ثبت بالدليل أن الله سبحانه قادر لا بقدرة ، عالم لا بعلم ؛ فالسؤال عما (١) يوهم إثبات القدرة والعلم وما يجري مجراهما مغلطة يتحير المسئول عنه في جوابه لأجل أنه لا يجد جوابا معقولا سالما من التشبيه.

* * *

الثانية : سؤالهم هل أفاد قولنا قادر نفس [ما أفاد] (٢) قولنا عالم؟ فذلك تكرار (٣) أم أفاد كل واحد من الوصفين غير ما أفاده الثاني فما تلك الفائدة؟

وكذلك سؤال من يسأل (٤) : ما الفرق بين [معنى] (٥) قولنا : قادر و [معنى] (٦) قولنا : عالم؟ وسؤال من يسأل : لم سمي القادر قادرا؟

والجواب عن ذلك وما أشبهه : هو أن يقال : لو كان لوصف (٧) الباري سبحانه بأنه قادر ، ووصفه بأنه عالم معنى أو فائدة أو موجب أو مزية زائدة على ذاته سبحانه لكان ذلك المعنى أو الفائدة أو الموجب أو المزية لا يخلو من أن يكون شيئا معقولا أو غير شيء معقول ولا واسطة.

فإن كان شيئا معقولا فإثباته يكون إثباتا لأشياء مقارنة لذات الباري سبحانه ، وذلك تشبيه مخالف لمعنى توحيده سبحانه ؛ إذ لا معنى له إلا نفي المقارنة والمشاركة والعلل (٨)

__________________

(١) ـ نخ (ب) : مما.

(٢) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٣) ـ نخ (ب) : فذلك تكرير أو أفاد .. إلخ.

(٤) ـ نخ (ج) : سأل.

(٥) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٦) ـ زيادة من نخ (ب).

(٧) ـ نخ (ب) : وصف المشاركة.

(٨) ـ نخ (ب) : الإعلال.

٣٤٧

الموجبة والأحكام الموجبة ؛ لكون كل ذلك موجبا للتحديد ، ودالا على الحدث.

وإن كان غير شيء معقول ؛ فالسؤال عنه مغلطة ، والتفكر فيه محظور ، والخوض فيه غلو وتعمق ، والخائض فيه خارج عن حد العقل ، وغير خارج عن حد التشبيه.

أما كونه خارجا عن حد العقل فلأجل تفكره وخوضه في إثبات أمور ليست بشيء ولا لا شيء ، وأما كونه غير خارج عن حد التشبيه فلأجل إثباته لصفات زائدة على ذات الباري سبحانه كما أن لكل ذات من ذوات الجواهر والأعراض بزعمه صفات زائدة ليست بشيء ولا لا شيء ، وكل سؤال لا يمكن أن يجاب عنه إلا بما يؤدي إلى الخروج عن حد العقل وحد التوحيد فهو من جملة مسائل المحال التي لا يصح الجواب عنها ، ولا يجوز الخوض فيها.

ومن جملتها : سؤال من سأل : ما الفرق بين صفات الباري سبحانه وذاته؟ لأنه لا فرق إلا بين شيئين أو أشياء والله سبحانه [شيء] (١) واحد.

* * *

الثالثة : سؤالهم عن الفرق بين الوصف والصفة [على الجملة (٢)] ، وهل يصح الوصف (٣) بغير صفة؟

والجواب عن ذلك : [أن] (٤) الوصف على الجملة هو قول الواصف ، وكل قول شيء ، والباري سبحانه مستحق للوصف في حال عدم الوصف والواصف ، ولا يجوز أن يكون موصوفا فيما لم يزل لما في ذلك من إيهام قدم الوصف والواصف.

وأما الصفة المعقولة فهي تنقسم على (٥) أربعة أضرب : [ضرب] (٦) منها يجب نفيه عن

__________________

(١) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٢) ـ زيادة من نخ (ب).

(٣) ـ نخ (ب) : وصف.

(٤) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٥) ـ نخ (ب) : إلى.

٣٤٨

الباري سبحانه لفظا ومعنى ، وثلاثة تجوز إضافتها إليه (١) سبحانه في اللفظ مجازا لا بمعنى الإضافة الموهمة للتشبيه.

أما الضرب [الأول] (٢) الذي [يجب] (٣) نفيه عن الباري سبحانه لفظا ومعنى : فهو كل صفة معلومة مقارنة لذات الموصوف بها ، نحو قدرة المخلوق وعلمه وحياته التي لأجلها وصف بأنه قادر وعالم وحي ، وصح الوصف والصفة بخلاف الباري سبحانه ؛ لأنه موصوف لا بصفة ، ولذلك وجب وصفه سبحانه بأنه قادر لا بقدرة ، وعالم لا بعلم ، وحي لا بحياة ؛ فصح الوصف وبطلت الصفة.

ولذلك قال أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ : (فمن وصفه فقد شبهه ، ومن لم يصفه فقد نفاه ، وصفته (٤) أنه سميع ولا صفة لسمعه).

وأما الثلاثة الأضرب التي يجوز إضافتها إلى الباري سبحانه لا بمعنى الإضافة الموهمة للتشبيه :

فالأول : هو كل صفة أريد بها الوصف ، وسميت صفة مجازا ، مثال ذلك : تسمية الموحدين لكون الباري سبحانه قادرا وعالما وحيا وموجودا وواحدا وقديما صفات ذاتية (٥).

ولذلك قال أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ : (باينهم بصفته ربا ، كما باينوه بحدوثهم خلقا).

__________________

(٦) ـ زيادة من نخ (ج).

(١) ـ نخ (ب) : إلى الله سبحانه.

(٢) ـ زيادة من نخ (ب).

(٣) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٤) ـ نخ (ب) : ووصفه.

(٥) ـ نخ (ب) : صفات ذات الله.

٣٤٩

والضرب الثاني : هو كل صفة أريد بها النفي ، مثاله (١) : قول أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ : (صفته أنه لا مثل له من خلقه).

والضرب الثالث : هو كل صفة تذكر والمراد بها الذات لا الصفة ، مثاله : قسم من يقسم بقدرة الله سبحانه أو بعلمه ، وغرضه القسم بالقادر سبحانه لا بقدرة له غير ذاته ، وذلك لأن [من] (٢) المعلوم سمعا أن القسم الذي يتعلق به البر والحنث لا يصح إلا بشيء معلوم ، وأنه لا (٣) يصح القسم بغير الله سبحانه.

وقد ثبت بالأدلة العقلية أنه لا يجوز إثبات قدرة وعلم لله سبحانه يصح القسم بهما دونه ، ولذلك قال بعض الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ : صفات الله الذاتية هي هو لا بمعنى أن له سبحانه صفات زائدة هي هو.

* * *

الرابعة : سؤالهم عن مفارقة ذات الباري سبحانه [لسائر] (٤) الذوات هل هي بأمر أم لا بأمر (٥)؟ ليوهموا (٦) بذلك أنه سبحانه مشارك في الذاتية (٧) ومفارق بأمر زائد عليها.

والجواب عن ذلك بأمور : منها : أن المفارقة بعد المشاركة لا يجوز إطلاقها على الحقيقة ، إلا على الأجناس المتنوعة المكيفة ، التي ذواتها (٨) مقارنة لصفاتها ، والله سبحانه ليس بجنس ولا نوع.

__________________

(١) ـ نخ (ب) : مثال ذلك.

(٢) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٣) ـ نخ (ب) : وأن لا يصح.

(٤) ـ زيادة من نخ (ج).

(٥) ـ نخ (أ ، ب) : أم لا بأمر له.

(٦) ـ نخ (أ ، ب) : يوهموا.

(٧) ـ نخ (ب) : الذات.

(٨) ـ في (ب) : ذواتها أمور.

٣٥٠

ومنها : أن المفارقة بعد المشاركة طريق لإثبات التعليل ، والتعليل طريق لإثبات القياس ، والقياس لا يكون إلا لما يشارك (١) في علة القياس ، والعلة لا تكون إلا صفة مقارنة للذات ، ولا يجوز وصف ذات الباري سبحانه بأنها مقارنة للعلل والمعلولات.

ومنها : أنه لا فرق في العقل ولا في العرف بين المشاركة في صفة ، والمماثلة والمشابهة فيها ، وقد ثبت بإجماع الخصم أنه (٢) لا مثل لله (٣) سبحانه ولا مشابه.

ومنها : أن الله سبحانه لو كان مشاركا في أمر [و] (٤) مخالفا بأمر لم يخل كل واحد من الأمرين من أن يكون شيئا معقولا أو غير [شيء] (٥) معقول ، ولا واسطة.

والخصم إذا كان من العدلية يجمع على أنه ليس بشيء معقول ، وإذا لم يكن شيئا معقولا فالسؤال عنه استغلاط ، والمتكلم فيه خارج عن حد العقل ، وقاف لما ليس له به علم ، ومجادل في الله سبحانه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.

ومنها : أنه قد ثبت بأدلة العقل والسمع أن الله سبحانه ليس كمثله شيء ، وأنه لا كيفية له ، وإذا لم يكن له [سبحانه] (٦) مثل ولا كيفية فهو مفارق للذوات لا بعد المشاركة ، ولا بأمر لأجل كونه سبحانه مفارقا لها بأنه لا مثل له ولا كيفية ، وكونه لا مثل له راجعا إلى النفي ، وكل صفة راجعة إلى النفي فليست تسمى أمرا ولا مزية بإجماع الخصم.

قال ـ رضي الله عنه ـ : الأصل في معرفة التوحيد على الحقيقة هو معرفة الفرق بين المسائل الصحيحة والمسائل المستحيلة على الجملة والتفصيل.

__________________

(١) ـ نخ (ب) : شارك.

(٢) ـ نخ (ب) : أن.

(٣) ـ نخ (ج) : له سبحانه.

(٤) ـ زيادة من نخ (ج).

(٥) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٦) ـ زيادة من نخ (أ).

٣٥١

وقال ـ رضي الله عنه ـ : مما تعارض به مسائلهم المستحيلة أن يقال : هل بين ذات الشيء وصفته الأخص فرق أم لا؟

فإن قال : ليس بينهما فرق ؛ لزمه ما ألزم خصمه ، وإن قال : بينهما فرق ، قيل(١): فهل تفرق بينهما بذاتيهما أم بأمر زائد عليهما ، أم بأمرين؟

وكذلك السؤال عن الفرق بين المقتضي والمقتضى ، والعلة والحكم ، والمتجدد والأزلي ، وقس [على ذلك] (٢).

تم ذلك بحمد الله ومنّه وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا.

__________________

(١) ـ نخ (ب) : فقيل.

(٢) ـ زيادة من نخ (أ).

٣٥٢

الفصل السابع من سبعة فصول من كتاب تعريف التطريف

من تأليف السيد الشريف العالم العامل العفيف

حميدان بن يحيى بن حميدان القاسمي الحسني الهاشمي ـ عليه‌السلام ـ

٣٥٣

بسم الله الرحمن الرحيم

[الكلام في معرفة الحجج الدالة على بطلان الإحالة وما يتصل بها من بدع المطرفية]

قال ـ رضي الله عنه ـ : وأما الفصل السابع وهو [الكلام] (١) في معرفة الحجج الدالة على بطلان الإحالة ، وما يتصل بها من سائر بدع المطرفية فهي أدلة العقل وموافقها من محكم الكتاب ، وموافق ذلك من السنة ، وكذلك أقوال الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ والإجماع ، وتظاهر هذه الحجج واتفاقها على الشهادة بإثبات صانع واحد ونفي ما عداه من كل ما يعبده (٢) من دونه جميع المشركين.

[ذكر أدلة العقل الدالة على بطلان الإحالة وسائر بدع المطرفية]

أما أدلة العقل :

فمنها : أنه قد ثبت عند جميع المسلمين أن جميع الفروع أجسام متضمنة لأعراض ضرورية ، وأن جميعها محدث ، وأن كل محدث لا بد له من محدث ، وأن محدث الأجسام والأعراض الضرورية هو الله سبحانه لا شريك له ولا ظهير (٣) [لاستحالة جواز العجز عليه سبحانه ، ولاستحالة وجود إلهين قديمين] (٤) ولاستحالة أن تحدث الأجسام أنفسها في حالة (٥) عدمها أو في حالة وجودها ، ولاستحالة أن يحدثها مثلها ، ولاستحالة حصولها هملا لا محدث لها ولم يظهر الخلاف في ذلك إلا (الملحدون والمشركون) (٦) على اختلاف

__________________

(١) ـ زيادة من نخ (ب ، ج).

(٢) ـ نخ (ج) : يعبد.

(٣) ـ نخ (ج) : ولا ظهير له.

(٤) ـ زيادة من نخ (أ ، ب).

(٥) ـ نخ (ب) : حال.

(٦) ـ نخ (أ) : الملحدين والمشركين.

٣٥٤

مذاهبهم.

فأما (١) المطرفية : فإنهم يظهرون الإقرار بالإسلام فلا يخلو إقرارهم بذلك : إما أن يكون صدقا أو كذبا ، فإن كان صدقا بطل قولهم بأن الله سبحانه لم يقصد خلق الفروع ، وإن كان كذبا تبين كفرهم وكان الجواب كالجواب على أشباههم.

ومنها : أن جميع الفروع لا تخلو من أن تكون حيوانا أو جمادا ، أو رزقا أو مرزوقا ، أو نفعا (٢) أو منتفعا ، أو مسخرا أو مسخرا له ، وكل ذلك يدل على خالق حكيم قاصد لذلك مقدر عليم ؛ لاستحالة أن يكون إحكام من غير محكم ، وإنعام من غير منعم قاصد لذلك غير جاهل ولا ساه ولا ملجأ ، ولأنه لا خلاف في وجود النعم (٣) والمنعم عليهم ، وفي كون شكر المنعم واجبا ، فلا تخلو المطرفية : أما أن يقروا بذلك إقرارا صحيحا فيبطل قولهم بأن الله سبحانه لم يقصد خلق الفروع أو يجحدوه فيتبين (٤) خروجهم من دائرة الإسلام.

ومنها : أن المطرفية يقولون بأن الله سبحانه خلق الأصول بالقصد لكونها مخلوقة (٥) لا من شيء ، وليس ذلك بأعجب (٦) في الصنعة ، ولا أبلغ في الحكمة من خلق النار من الشجر الأخضر ، ولا إخراج الحي من الميت ، ولا خلق الشيء الكثير من الشيء القليل ، ولا من إمساك السماء أن تقع على الأرض ، وكذلك إمساك الأرض من الانحدار ، وكذلك إمساك الماء والطير في الهواء ونحو ذلك مما لا يحصى عددا لكثرته.

__________________

(١) ـ نخ (أ) : وأما.

(٢) ـ نخ (أ) : أو نافعا.

(٣) ـ نخ (ج) : المنعم.

(٤) ـ نخ (أ ، ب) : فتبين.

(٥) ـ نخ (ب) : مخلوقا.

(٦) ـ نخ (أ) : بعجب.

٣٥٥

(ولأن الذي يدل على كون الله سبحانه) (١) قاصدا لخلق الأصول لا يخلو من أن يكون كونها أجساما و (٢) أعراضا ، وكونها محدثة ، و (٣) كونها محكمة ونحو ذلك مما يدل على صانع [مختار] (٤) (فكل ذلك) (٥) موجود في الفروع.

فأما كونها مخلوقة لا من شيء فلا فرق بينه (٦) وبين خلق الشيء من الشيء (في كون كل ذلك) (٧) مخلوقا دالا على خالق بل خلق الشيء من الشيء أظهر بيانا وأقرب دلالة إلى (٨) الإنسان ؛ لكون ذلك مشاهدا ومعاينا ، ولذلك تمدح به الله سبحانه ، ونبه خلقه على النظر فيه والاستدلال به عليه ، فقال سبحانه : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ) (٥) [الطارق] ، وقال سبحانه : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) (٢٤) [عبس] ، [ونحو ذلك] (٩).

ومنها : أن الغذاء إذا صار في المعدة ثم حدث لأجله نمو في الجسد وزيادة في القوة ، ودرك الحواس الظاهرة والباطنة ، وحصل النفع الذي يدل على (كون صانعه) (١٠) حكيما منعما مع تقسيم منافع ذلك الغذاء في جميع الجسد أسفله وأعلاه على حسب المصلحة ،

__________________

(١) ـ نخ (ب) : لأن الذي يدل على كونه سبحانه .. إلخ. ونخ (ج) : والذي يدل على أن الله سبحانه قاصد .. إلخ.

(٢) ـ نخ (أ ، ب) : أو.

(٣) ـ نخ (أ ، ب) : أو.

(٤) ـ زيادة من نخ (ب).

(٥) ـ نخ (أ) : فكذلك.

(٦) ـ في (ب) : بينها.

(٧) ـ نخ (ب) : وكون ذلك .. إلخ.

(٨) نخ (ب) : على.

(٩) ـ زيادة من نخ (ب ، ج).

(١٠) ـ نخ (ب) : كونه صانعا.

٣٥٦

وكذلك حدوث النبات بعد اجتماع الماء والطين والحب ، وفلق الحب [وإظهار فروعه وثمره ونموه وحصاده وما فيه من المنافع] (١) ........... [هنا بياض في جميع النسخ الموجودة] ومكتوب فيها هكذا في الأم ..

[ذكر موافق أدلة العقل من محكم الكتاب الدالة على بطلان الإحالة وسائر بدع المطرفية]

(يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤٥) [النور] ، فانظر كيف صرح سبحانه بخلاف ما قالته المطرفية في الإحالة ، وفي تنزيه الله سبحانه من إنزال البرد على بعض المخلوقين دون بعض [و] (٢) في المساواة في الخلق ونحو ذلك.

والثالثة عشرة : قوله سبحانه : (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [النمل : ٢٥] ، اعلم أني ربما ذكرت بعض آية نحو هذه ، أو ذكرت أكثر من آية ولم احترز في ذلك ممن يتتبع العثرة لأن غرضي تعريف الفائدة فاعرف (٣).

واعلم ، أن خبء السماء : هو المطر ، وخبء الأرض : هو النبات ، ونحو ذلك من [كل] (٤) ما استتر فيها (٥) قبل خروجه.

وانظر كيف حكى الله سبحانه عن الهدهد أو (٦) غيره الإقرار بذلك والتعجب ممن جحده من المشركين فلو كان القائل لذلك طبعيا أو ممن يقول بالإحالة لما استدل به على الله سبحانه.

__________________

(١) ـ زيادة من نخ (ج).

(٢) ـ زيادة من نخ (ج).

(٣) ـ في (ب) : فافهم.

(٤) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٥) ـ نخ (أ ، ب) : فيهما.

(٦) ـ نخ (ب) : عن الهدهد وغيره.

٣٥٧

والرابعة عشرة : قوله (١) سبحانه : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩) أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٦١) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٦٤) [النمل].

فانظر كيف تمدّح الله سبحانه بخلق جميع ذلك ، وسمى من نسبه إلى غيره مشركا وعادلا أي جاعلا لله مثلا ، ووصفهم بقلة التذكر ، وتحداهم على وجه المقت لهم والتوبيخ والتهدد أن يأتوا ببرهان.

وقد ابتدعت المطرفية القول بالإحالة وفائدتها مشتملة على نفي قصد الله سبحانه لخلق الفروع التي تمدح الله سبحانه بخلقها فيلزمهم أن يكونوا من الجاحدين.

والخامسة عشرة : قوله سبحانه : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٢١) [الزمر] ، فانظر كيف صرح [الله] (٢) سبحانه بأنه ينزل المطر ، وينقل الزرع من حالة إلى حالة على وجه يدل عليه سبحانه من تفكر فيه من جميع أهل العقول.

واعلم أنه لا يكون في الفروع آيات تدل على الله سبحانه إذا لم يقصد خلقها وكانت

__________________

(١) ـ نخ (ب) : قول الله سبحانه.

(٢) ـ زيادة من نخ (ب).

٣٥٨

حاصلة بالإحالة.

والسادسة عشرة : قوله سبحانه : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (٥٠) [الشورى] ، فانظر كيف صرح [الله] (١) سبحانه [بأنه يشاء (٢)] المفاضلة بين عباده في هبة الأولاد ، والمشيئة هي القصد لاستحالة إثبات أحدهما في حقه سبحانه دون الآخر ، فاعرف ذلك.

والسابعة عشرة : قوله سبحانه : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤) وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٥) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) (٦) [الجاثية] ، والقول بالإحالة من جملة الحديث الذي (٣) آمنت به المطرفية بعد الله وآياته ، فاعرف ذلك.

والثامنة عشرة : قوله سبحانه : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤٠) [الروم] ، فانظر كيف صرح [الله] (٤) سبحانه بأنه لا شريك له يعارضه في الخلق والرزق ، والموت والحياة ، والمطرفية تنزهه بزعمهم عن قصد ذلك ، ويقولون : إنه من فعل الأصول بالإحالة وذلك من أبين المعارضة لكلام الله سبحانه فاعرفه.

والتاسعة عشرة : قوله سبحانه : (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ

__________________

(١) ـ زيادة من نخ (ب).

(٢) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٣) ـ في (ب) : الذي في الآية آمنت.

(٤) ـ زيادة من نخ (ب).

٣٥٩

الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١١) [لقمان] ، فانظر كيف أضاف إلى نفسه سبحانه ما أضافته المطرفية إلى الأصول ونفته عنه ، تعالى عما يشركون.

والعشرون : قوله سبحانه : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٢٥) [لقمان] ، فانظر كيف حكى [الله] (١) سبحانه جنس (٢) قول المطرفية عن أشباههم ، وكفى بذلك دليلا واضحا على كون المطرفية مخالفين للحق.

والحادية والعشرون : قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣) [فاطر] ، وهذا السؤال متوجه إلى من أضاف الخلق إلى غير الله سبحانه ، والمطرفية من جملتهم لأجل قولهم : إن الله سبحانه لم يقصد خلق الفروع.

والثانية والعشرون : قوله سبحانه : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (١١) [فاطر] ، فانظر كيف صرح سبحانه بإبطال الإحالة والعمر الطبيعي تصريحا ظاهرا لفظا ومعنى.

والثالثة والعشرون : قوله سبحانه : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (٢٨) [فاطر] ، فانظر كيف صرح سبحانه بإبطال الإحالة ، وبأن الألوان مختلفة ، خلافا لقول المطرفية أن اللون هو الملون.

ونبه سبحانه على صفة من يخشاه من عباده بأنهم الذين عرفوا الحق واستدلوا به على

__________________

(١) ـ زيادة من نخ (ب).

(٢) ـ نخ (أ) : لجنس.

٣٦٠