مجموع السيّد حميدان

أبي عبدالله حميدان بن يحيى القاسمي

مجموع السيّد حميدان

المؤلف:

أبي عبدالله حميدان بن يحيى القاسمي


المحقق: أحمد أحسن علي الحمزي و هادي حسن هادي الحمزي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مركز أهل البيت (ع) للدراسات الإسلاميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (٣٦) [الأحزاب] ، وصدق الله سبحانه ؛ لقد ضل من اختار سوى خيرته ، وقضى بخلاف قضائه ، وحكم بضد حكمه.

وقال في جوابه لأهل صنعاء : لست بزنديق ولا دهري ، ولا ممن يقول بالطبع ولا ثنوي ، ولا مجبر قدري ، ولا حشوي ولا خارجي ، وإلى الله أبرأ من كل رافضي غوي ، ومن كل حروري ناصبي ، ومن كل معتزلي غال ، ومن جميع الفرق الشاذة ، ونعوذ بالله من كل مقالة غالية ، ولا بدّ من فرقة ناجية عالية ، وهذه الفرق كلها عندي حجتهم (١) داحضة ، والحمد لله.

وقال في كتاب القياس : وقع هذا الاختلاف ، وكان ما سألت عنه من قلة الايتلاف ، لفساد هذه الأمة وافتراقها ، وقلة نظرها لأنفسها (٢) في أمورها ، وتركها لمن أمرها الله باتباعه ، والاقتباس من علمه ، ورفضها لأئمتها وقادتها ؛ الذين أمرت بالتعلم منهم ، والسؤال لهم.

ثم قال : فإن قال (٣) : كيف لا تقع الفرقة ، ولا يقع بين أولئك ـ عليهم‌السلام ـ خلفة؟

قيل : لأنهم (٤) أخذوا علمهم من الكتاب والسنة ، ولم يحتاجوا إلى إحداث رأي ولا بدعة.

ثم قال : [ثم] (٥) اعلم من بعد كل علم وقبله ، وعند استعمالك لعقلك في فهمه ، أن الذين أمرنا باتباعهم ؛ من آل رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، وحضضنا على

__________________

(١) ـ نخ (ب) : حجتها.

(٢) ـ نخ (ب) : لنفسها.

(٣) ـ نخ (ج) : فإن قيل.

(٤) ـ نخ (ب) : إنهم.

(٥) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

٣٠١

التعلم منهم ، وذكرنا ما ذكرنا من أمر الله برد الأمور إليهم ، هم الذين احتذوا بالكتاب من آل رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، واقتدوا بسنة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ الذين اقتبسوا علمهم من علم آبائهم وأجدادهم جدا عن جد ، وأبا فأبا (١) ؛ حتى انتهوا إلى مدينة العلم ، وحصن الحلم (٢) ، الصادق المصدق ، الأمين الموفق ، الطاهر [المطهر (٣)] ، المطاع عند الله سبحانه [المقدم] (٤) محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فمن كان (٥) من آل رسول الله على ما ذكرنا ناقلا عن آبائه ، مقتبسا عن أجداده ، لم يزغ عنهم ، ولم يقصد غيرهم ، ولم يتعلم من سواهم ؛ فعلمه ثابت صحيح.

وقال في رفضة الأئمة : لا يجهل فضلهم إلا جهول معاند ، ولا ينكر حقهم إلا معطل جاحد ، ولا ينازعهم معرفة ما أتوا به عن الله سبحانه إلا ظلوم ، ولا يكابرهم فيما ادعوه عن الله إلا غشوم.

وقال في الأحكام ، أيضا وأوثق وثائق الإسلام : إن آل محمد لا يختلفون إلا من جهة التفريط ؛ فمن فرط في علم آبائه ، ولم يتبع علم أهل بيته ، أبا فأبا حتى ينتهي إلى علي بن أبي طالب ـ رحمة الله عليه ـ والنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ شارك العامة في أقاويلها ، وتابعها في سيئ تأويلها ، ولزمه الاختلاف لا سيما إذا لم يكن ذا نظر وتمييز ، ورد لما ورد عليه إلى الكتاب ، ورد كل متشابه إلى المحكم.

وقال الناصر للحق الحسن بن علي ـ عليه‌السلام ـ فيما حكاه عنه مصنف المسفر في ذكر علي ـ عليه‌السلام ـ : كان وصي رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وخليفته ، وخير هذه الأمة بعده ، وأحق الناس بمجلسه ؛ لأنه خص بالدعاء إلى الإيمان قبل

__________________

(١) ـ في (ب) : عن أب.

(٢) ـ في (ب) : العلم.

(٣) ـ زيادة من (أ ، ج).

(٤) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٥) ـ في (د) : كان علمه.

٣٠٢

البلوغ فضيلة له دون (١) غيره ، وأن من حاربه وظلمه كافر تجب البراءة منه.

وقال : لا إيمان إلا بالبراءة من أعداء الله وأعداء رسوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهم الذين ظلموا آل محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وأخذوا ميراثهم ، وغصبوا خمسهم ، وهموا بإحراق منازلهم.

وحكى ـ عليه‌السلام ـ أن أبا بكر وعمر اختلفا في المشورة على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فيمن يرأس على بني تميم فأشار أبو بكر بالأقرع بن حابس ، وأشار عمر بغيره ؛ حتى علت أصواتهما فوق صوت النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فأنزل الله فيهما : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (٢) [الحجرات].

قال ـ عليه‌السلام ـ : فإذا كانت طاعتهم تحبط برفع الصوت ، فما ظنك بمن قلّت طاعته ، وعظم خلافه للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ.

وقال : ولله أدلة على الحوادث على المكلف إصابتها التي الأمة فيها (على) (٢) سواء ؛ فأما سوى هذه الأصول والأحكام في الحوادث النازلة التي يسوغ فيها الاجتهاد إذ لا (٣) نص فيها من كتاب ولا سنة ، ولا إجماع من الأمة والأئمة ؛ فالاجتهاد فيها إلى علماء آل الرسول ـ عليهم‌السلام ـ دون غيرهم لقوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) [النساء : ٥٩] ، ولقوله [تعالى] (أيضا) (٤) : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ ...) الآية [النساء : ٨٣].

قال : فإذا نظر الطالب للحق في اختلاف علماء آل الرسول ـ صلوات الله عليهم ـ ،

__________________

(١) ـ نخ (ج) : على غيره.

(٢) ـ زيادة من نخ (ب ، ج).

(٣) ـ نخ (ج) : ولا نص.

(٤) ـ زيادة من نخ (ب).

٣٠٣

فله أن يتبع قول أحدهم ، إذا وقع له الحق فيه بدليل من غير طعن ولا تخطئة للباقين.

وذكر ـ عليه‌السلام ـ أن المعتزلة وأصحاب الرأي يرون الاجتهاد ويقولون : إن أول من اجتهد عمر.

ومن شعره ـ عليه‌السلام ـ في معنى ذلك قوله :

لا تبتغوا غير آل المصطفى علما

لهديكم فهمو خير الورى آل

آل النبي وعنه إرث علمهم

القائمون بنصح الخلق لم يألوا

وقولهم مسند عن قول جدهم

عن جبرئيل عن الباري إذا قالوا

وقوله :

أشكو إلى الله أن الحق مترك (١)

بين العباد وأن الشر (٢) مقبول

إلى قوله :

وأن أمتنا أبدت عداوتنا

أن خصنا من عطاء الله تفضيل

إذا ذكرنا بعلم أو بعارفة

صاروا كأنهم من غيظهم حول

وقال المرتضى لدين الله محمد بن يحيى ـ عليه‌السلام ـ في كتاب مسائل الطبريين : فأمر الله عزوجل أمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أن يجعلوا مكافأته (٣) المحبة لولده ، وأوجب عليهم بذلك طاعتهم ، وافترض محبتهم ، كما افترض الصلاة ، وذلك

__________________

(١) ـ في (ب ، ج) : متروك.

(٢) ـ نخ (ج) : الشرك.

(٣) ـ نخ (أ ، ب) : من مكافأته.

٣٠٤

لإقامة الحجة في رقابهم ، وقطع عللهم ؛ لما قد علم سبحانه بما (١) سيكون من أمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ [فيهم (٢)] ولهم من العداوة والبغضة.

وقال في كتاب الشرح والبيان : ولسنا نطلق في أهل الفضل والدين ، والتصديق لذي القوة المتين ، من أصحاب [محمد] (٣) خاتم النبيين ، الذين آمنوا به واتبعوه ، وجاهدوا معه وصدقوه ، ولا نقول فيهم إنهم اختلفوا ولا تضادوا ، ولكن كان معه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ منافقون قد ذكرهم الله في كتابه في غير موضع.

وقال في الرسالة السابعة : قد حكم الله سبحانه بهذا الأمر لقوم سماهم ، ودل عليهم ونصبهم ، وحظره على غيرهم ؛ فجعله لهم فضيلة على سواهم (٤) ، وذلك قوله سبحانه : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ...) الآية [فاطر : ٣٢] ، ثم ذكر كثيرا من الآيات والأخبار.

وقال بعد ذلك : فمن (٥) غدا بهذا الأمر في غير أهل بيت نبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فقد عبث بنفسه ، وتمرد في دين خالقه.

وقال في جوابه للقرامطة : ودل على أولي الأمر بما ذكر في كتابه [حيث يقول عز ذكره] (٦) : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) ثم قال : (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء : ٥٩] ، فدل على طاعة ثالثة ، وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (١١٩) [التوبة] ، فجمعت هذه الكلمة (٧) جميع (٨) من آمن ثم [استثنى منهم

__________________

(١) ـ نخ (أ ، ب) : مما سيكون.

(٢) ـ زيادة من (أ ، ج).

(٣) ـ زيادة من (أ ، ج).

(٤) ـ نخ (ج) : على من سواهم.

(٥) ـ نخ (ب) : من.

(٦) زيادة من نخ (أ ، ج).

(٧) ـ في (ب) : الآية.

٣٠٥

قوما فقال : كونوا مع الصادقين ؛ فإذا به] (١) استثنى قوما من المؤمنين (٢) أمر المؤمنين بتبعهم والكينونة معهم ، ثم قال عزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) [فاطر : ٣٢] ، فدل على قوم أورثهم الكتاب وهم آل الرسول المذكورون أولا وآخرا.

وقال في جوابه للطبريين : إنما تختلف الأئمة في غير الحلال والحرام ، وفي الشرح والكلام ، ولكل إمام في عصره (٣) نوازل تنزل به ، وعليه أن (٤) يحكم فيها بما يوفقه الله [له] (٥) ، فيستنبطها من كتاب الله وسنة نبيه ، أو حجة العقل التي يستدل بها على غامض الكتاب ، ويستخرج بها الحق والصواب ، ولو نزلت هذه المسألة بالأول لاستخرجها كما يستخرجها الآخر.

والأئمة مؤتمنة على الخلق قد أمرهم الله عزوجل بحسن السيرة فيهم ، والنصح لهم ، فلعله أن يجري في عصر الإمام سبب من أسباب الرعية يحكم فيه بالصواب الذي يشهد له به الكتاب ، ثم تنزل تلك النازلة في عصر آخر من الأئمة لا يمكنه من إنفاذ الحكم فيها ما أمكن الأول فيكون بذلك عند الله معذورا.

وقال : فالواجب على الرعية إذا وثقت بعدالة إمامها وصحت عندهم (٦) إمامته أن يعلموا أن علمهم يقصر عن علمه ، ولا يقعون من الغامض على ما يقع عليه ؛ فإذا علموا ذلك وجب عليهم التسليم.

__________________

(٨) ـ نخ (ج) : كل.

(١) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٢) ـ في (ب) : باتباعهم أمر.

(٣) ـ نخ (ب) : عصر.

(٤) ـ نخ (أ) : وعلة يحكم ، ونخ (ب) : وعليه يحكم.

(٥) ـ زيادة من نخ (أ).

(٦) ـ نخ (ب) : عندها.

٣٠٦

ومن شعره (١) ـ عليه‌السلام ـ في معنى ذلك ، قوله :

بدعنا كل مكرمة ولما

نزل للمجد مذ كنا سناما

وما إن زال أولنا نبيا

ولا ينفك آخرنا إماما

يصلي كلّ محتلم علينا

ولا ينفك آخرنا إماما

وحسبك مفخرا أنا جعلنا

لكل هدى ومكرمة تماما

وقال (أخوه) (٢) الناصر لدين الله أحمد بن يحيى ـ عليه‌السلام ـ في كتاب مسائل أبي إسحاق : وقد قال الله عزوجل : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) (٤٣) [العنكبوت] ، فأعلمك عزوجل أنه لا يعقلها إلا العالمون ، ولا علم لمن جهل معدن الحق ، وقدر النبوة ، وخيرة الإمامة.

وقال في كتاب النجاة : وتعاموا عن قوله عزوجل : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣٣) [الأحزاب] ، والمطهّر من الرجس لا يكون في دينه زلل ، ولا في قوله ميل ، ولا في تأويله للقرآن خطل ؛ فلم يكن عزوجل ليطهر من يكذب عليه ؛ فيكون من عانده أولى بالحق منه ، وهو عزوجل أعلم بالمفسد من المصلح.

وقال القاسم بن علي العياني ـ عليه‌السلام ـ في كتاب ذم الأهواء والوهوم : قد أتى الخبر أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لم يفارق الدنيا حتى خولف أمره في جيش أسامة وغيره ، ومن قبل ما فعل القوم أخبر الله بفعلهم فقال عز من قائل : (وَما

__________________

(١) ـ المشهور أن هذه الأبيات من قصيدة الإمام المنتصر لدين الله محمد بن الإمام المختار القاسم بن الإمام الناصر أحمد بن الهادي ـ عليهم‌السلام ـ من قصيدته المشهورة التي مطلعها :

علام اللوم يا سلمى علامالب الأثر في الجبر والقدر

عداك اللوم فاطّرحي الملامالب الأثر في الجبر والقدر

(٢) ـ زيادة من نخ (أ ، ب).

٣٠٧

مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (١٤٤) [آل عمران] ، فلم يكن الشاكرون فيما بلغنا إلا علي وذرية رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وذرية (١) أمير المؤمنين ، ومن تبعهم من المؤمنين ؛ فكانت هذه أول فرقة أمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فكان الناس كلهم فرقة ، وكان علي وأصحابه أمة ثانية ؛ فلم يزل أمير المؤمنين مع الكتاب كما ذكر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ والقوم (٢) في دنياهم يخبطون خبط العشوى لا يهتدون إلا ما هداهم له ـ عليه‌السلام ـ عند فزعهم في بعض الأمور [إليه] (٣) تثبيتا للحجة عليهم ، وهم يدوّلون ولايتهم إدوال من كان من أمم (٤) الأنبياء قبلهم.

وقال في كتاب التنبيه : وسألت عن السواد الأعظم ، وإرماله للحج إلى بيت الله (الحرام) (٥) ، وزيارة قبر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يشهدون بالأمر والخلافة لصاحب الغار ، وينكرون قول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).

فالجواب (٦) : اعلم أيها الأخ ـ أكرمك الله ـ أن هؤلاء سامرية أمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لا فرق بينهم وبين سامرية [أمة] (٧) موسى ـ صلى الله عليه ـ كما لا فرق بين موسى ومحمد ، وكما لا فرق بين هارون وعلي إلا النبوة ؛ لقول النبي ـ صلّى الله

__________________

(١) ـ في (ب) : وذرية علي أمير المؤمنين.

(٢) ـ في (ب) : والناس.

(٣) ـ زيادة من نخ (أ ، ب).

(٤) ـ في (ب) : من الأمم قبلهم.

(٥) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٦) ـ نخ (ج) : الجواب.

(٧) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

٣٠٨

عليه وآله وسلّم ـ : ((علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)).

وقال في رسالته إلى أهل طبرستان : أصل التأويل أول الخبال ، والاختلاف في الأئمة أول الضلال ، والاعتماد على غير العترة أول الوبال ، أصل العلم مع السؤال ، وأصل الجهل مع الجدال ، العالم في غير علمنا كالجاهل بحقنا ، الراغب في عدونا كالزاهد فينا ، المحسن إلى عدونا كالمسيء إلينا ، الشاكر لعدونا كالذام لنا ، المعترض لنحلتنا كالغازي (١) علينا ، معارضنا في التأويل كمعارض جدنا في التنزيل ، الراعي لما لم يسترع كالمضيع لما استرعي ، القائم بما لم (٢) يستأمن عليه كالمعتدي فيما استحفظ (عليه) (٣) ، الخاذل لنا كالمعين علينا ، المتخلف عن داعينا كالمجيب لعدونا ، معارضنا في الحكم كالحاكم بغير الحق ، المفرق بين العترة الهادين كالمفرق بين النبيين ، هنا (٤) أصل الفتنة يا جماعة الشيعة.

وقال ابنه الحسين بن القاسم ـ عليه‌السلام ـ في كتاب الرد على الملحدين : فيما أيتها (٥) الأمة الضالة عن رشدها ، الجاهدة في هلاك أنفسها ، أمرتم بمودة آل النبي ، أم فرض عليكم مودة تيم وعدي؟

وقال في كتاب التوحيد : ولو تمسكوا بسفن النجاة (٦) لما غرقوا في بحار العمى ، ولو شربوا من علم آل نبيهم لشفوا من الظمأ ، ولظفروا بالغنائم العظمى ، ولأنارت قلوبهم لموافقة الحكماء ، ولكنهم اكتفوا بعلم أنفسهم ، واستقلوا آل (٧) نبيهم ؛ فلا يبعد الله إلا من ظلم ، وعلى نفسه السوء اجترم.

__________________

(١) ـ نخ (ج) : كالعادي.

(٢) ـ نخ (ج) : بما لا يستأمن.

(٣) ـ زيادة من نخ (ب).

(٤) ـ نخ (ج) : هاهنا.

(٥) ـ نخ (أ ، ب) : فيا أيها.

(٦) ـ نخ (أ ، ب) : النجاة.

(٧) ـ في (ب) : آل محمد نبيهم.

٣٠٩

وقال في مختصر الأحكام : وجميع العقول مفتقرة إلى عقول الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ ولو لا ذلك لما احتاج أحد إلى إمام ، ولسقط فرض الإمامة عن (١) جميع الأنام ، ولو سقط ذلك عنهم لما فرضه الله عليهم.

وقال في كتاب الرد على الملحدين : الإمامة فرض من الله لا يسع أحدا جهلها ؛ لأن الحكيم لا يهمل خلقه (٢) مع ما يرى من اختلافهم ، من الحجة على من عند عن الحق منهم ، والهداية لمن طلب النجاة من أوليائه ، والبيان لتلبيس (٣) أعدائه ، وإلا فقد ساوى بين حقهم وباطلهم.

وفي ذلك ما يقول النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : ((من مات لا يعرف إمامه (٤) مات ميتة جاهلية)) وقول الله عزوجل : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٧) [الرعد] ، فأخبر أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ منذر للعباد ، وأن لكل قوم هاديا إلى الحق في كل زمان ، يوضح ما التبس من الأديان ، ويرد على من دان بغير دين الإسلام.

وقال (٥) أبو الفتح بن الحسين الديلمي ـ عليه‌السلام ـ في تفسيره في معنى قول الله سبحانه : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) [القصص : ٦٨] ، قال : أي يخلق ما يشاء من الخلق ويختار من يشاء للنبوة والإمامة.

وفي معنى قوله سبحانه : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦] ، قال : عنى بالأزواج من بانت خيرتها ، وصحت سريرتها ؛ كخديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنها ـ أم الأئمة ـ عليها وعليهم‌السلام ـ ، وكأم سلمة ـ رضي الله عنها ـ فأما من عند منهن عن الحق ،

__________________

(١) ـ في (ب ، ج) : على.

(٢) ـ في (ب) : الخلق.

(٣) ـ نخ (ج) : للبس.

(٤) ـ في (ب) : إمام زمانه.

(٥) ـ نخ (ج) : وقول أبي الفتح.

٣١٠

وشق عصا المسلمين فلسن بأمهات المسلمين (١) ، ولا هن (٢) بأهل (كرامة) (٣) عند الله رب العالمين.

وفي معنى قول الله سبحانه : (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) [البقرة : ٢٧] ، قال: هم الذين لا يوجبون محبة آل محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وينكرون فضلهم.

وفي معنى [قوله سبحانه : (فَسْئَلُوا]) (٤) أَهْلَ الذِّكْرِ ، [قال] (٥) : هم العلماء من آل الرسول ـ عليهم‌السلام ـ.

وفي معنى قول الله سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) [النور : ٥٥] ، قال : نزلت في رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وأمير المؤمنين علي ـ عليه‌السلام (٦) ـ [والحسن والحسين] (٧) وخيار أهل بيتهما ، ومن سار بسيرتهما ، وتبع طريقتهما إلى يوم القيامة لأنهم ورثة الكتاب والعالمون به ، ولهم الخلافة في الأرض ، إلى يوم العرض.

وفي معنى قوله سبحانه : (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) [النور : ٥٥] ، قال : يعني دين الإسلام ، وذلك عند ظهور حجة الله القائم.

وروي عنه ـ عليه‌السلام ـ أنه قال : أما فروع الشريعة فإن وقع بين الأئمة ـ

__________________

(١) ـ نخ (أ) : للمسلمين.

(٢) ـ نخ (ب) : ولا هي.

(٣) ـ نخ (أ) : كرامات.

(٤) ـ زيادة من نخ (ج).

(٥) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٦) ـ في (ب) : عليه الصلاة والسلام.

(٧) ـ زيادة من نخ (ب).

٣١١

عليهم‌السلام ـ في ذلك اختلاف (١) فليس ذلك مما ينقص من علمهم وفضلهم لأن الاجتهاد في الدين واجب ، والاحتياط لازم ، والرجوع إلى الكتاب والسنة مما تعم به البلوى ، ولكل في عصره نظر واستدلال وبحث وكشف ، وقد ينكشف للمتأخر ما لم ينكشف للمتقدم ، لا بأن (٢) المتقدم قصر عما بان للمتأخر.

وقال : وليس من الدين تخطئة واحد منهم ، والحكم عليه بأنه خالف الشريعة والأئمة.

وقال الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان ـ عليه‌السلام ـ في كتاب الحكمة : وقد أجمع ذوو قربى (الرسول) (٣) ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ على أن الإمامة خاصة في الحسن والحسين وأولادهما ؛ فكان إجماعهم حجة ؛ لأن خلافهم خلاف المودة ، ولم يودهم من خالفهم ، وقد قال الله تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣١) [آل عمران] ، فقرن المحبة بالاتباع ؛ فمن لم يتبعهم لم يحبهم ؛ فصح ما قلناه (٤).

وقال فيه يحكي قصة السقيفة : فلما اشتغل أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ بما ينبغي له أن يشتغل به ، اجتمع المهاجرون والأنصار إلى سقيفة بني ساعدة ، وتنافسوا في الملك ، ونسوا ما أوصاهم به رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ من أمره لهم باتباعهم لعلي ـ عليه‌السلام ـ في مواقف كثيرة ، وأكاليم شهيرة.

وقال : وكان من جملة الظالمين من غصب عليا ـ عليه‌السلام ـ حقه ، وأنكر (٥) سبقه ، واستولى على الأمر الذي كان أولى به ؛ كأبي بكر وعمر وعثمان ، ومن أعانهم

__________________

(١) ـ نخ (ج) : خلاف.

(٢) ـ نخ (ج) : لا أن.

(٣) ـ نخ (أ) : رسول الله.

(٤) ـ نخ (ب ، ج) : قلنا.

(٥) ـ نخ (ب ، ج) : وأنكره.

٣١٢

على أمرهم واحتج على نكثهم لأيمانهم [وإيمانهم] (١) بقول الله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ...) الآية [المائدة : ٥٤] ، وذكر أنها نزلت فيهم.

وقال في جوابه لمسائل الأمراء السليمانيين : سمي المعتزلة معتزلة حيث اعتزلوا عن أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ منهم سعد بن مالك بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر ، ومحمد بن مسلمة الأنصاري ، وأسامة بن زيد بن حارثة الكلبي ، والأحنف بن قيس ، (وسموا نفوسهم) (٢) أهل العدل والتوحيد.

وقال فيه : وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ((ستفترق أمتي من بعدي على ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة إلا فرقة واحدة)) وقد بينها [النبي] (٣) ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وأوضحها في أهل بيته ـ عليهم‌السلام ـ ومن تبعهم في مواضع كثيرة منها ما قال ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : ((مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى)).

وقال الإمام المنصور بالله أمير المؤمنين ، عبد الله بن حمزة بن سليمان ـ عليه‌السلام ـ ، في [كتاب] (٤) شرح الرسالة الناصحة : انظر (٥) ـ أيدك الله ـ بفكر ثاقب ، كيف يسوغ لمسلم إنكار فضل قوم تبدأ بذكرهم الخطب ، وتختم بذكرهم الصلاة ، حتى لا تتم صلاة مسلم إلا بذكرهم ، وذكرهم مقرون بذكر الله سبحانه وذكر رسوله (٦) ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أين العقول السليمة ، والأفكار الصافية من هذا.

وقال : هم أعلام الدين ، وقدوة المؤمنين ، والقادة إلى عليين ، والذادة عن سرح الإسلام

__________________

(١) ـ زيادة من نخ (أ).

(٢) ـ نخ (ب) : سموا أنفسهم.

(٣) ـ زيادة من (ب).

(٤) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٥) ـ في (ب) : فانظر.

(٦) ـ نخ (ج) : رسول الله.

٣١٣

والمسلمين ، وبهم أقام الله الحجة على الفاسقين ، ورد كيد أعداء الدين ، وهم القائمون دون هذا الدين القويم ، حتى تقوم الساعة ، ينفون (١) عنه شبه الجاحدين ، وإلحاد الملحدين.

وفي ذلك ما روينا عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ [أنه قال] (٢) : ((أهل بيتي كالنجوم كلما أفل نجم طلع نجم)) فكما أنا نعلم أنه لا يجوز أفول نجم إلا بطلوع نجم آخر حتى تقوم الساعة ، نعلم أنه لا يمضي منهم سلف صالح إلا وعقبه (٣) خلف صالح ، وقد قال الله سبحانه لنبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٧) [الرعد] ، فمعنى هذه الآية ـ والله أعلم ـ : أن الله جل ذكره جعل في كل وقت من أهل بيت (٤) نبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ هاديا لقوم ذلك الوقت.

وقد روينا عن أبينا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أنه قال : ((من كان في قلبه مثقال حبة من خردل عداوة لي ولأهل بيتي لم يرح رائحة الجنة)) ولا نعلم أشد لهم عداوة ، ولا أعظم مكيدة لدين الله ونبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ممن أنكر فضل عترته ، وساوى (٥) بينهم وبين غيرهم.

وقال : ولا يرد الحوض إلا من خلصت مودته لهم ولا تخلص مودة من أنكر فضلهم ، وجحد حقهم ، وساوى بينهم وبين غيرهم.

وقال : كيف يكون شيعيا لآل محمد ـ عليهم‌السلام ـ من أنكر فضلهم ، وجحد حقهم ، وقبس (٦) العلم بزعمه من غيرهم.

__________________

(١) ـ في (ب) : ينفون شبه.

(٢) ـ زيادة من نخ (أ ، ب).

(٣) ـ في (ب) : وعقبهم.

(٤) ـ نخ (أ ، ج) : من أهل بيته ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ.

(٥) ـ في (ب) : واقتبس العلم بزعمه من غيرهم.

(٦) ـ نخ (ج) : واقتبس.

٣١٤

وقال : منكر فضل أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ يشارك (١) قتلة زيد بن علي ـ عليه‌السلام ـ وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ في سفك دمائهم ، ووزر قتالهم ؛ لأن علة قتالهم لزيد بن علي ـ عليهما‌السلام ـ وأصحابه ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ إنكار فضله وفضل أهل بيته ـ صلوات الله عليهم ـ وما أوجب [الله] (٢) على الكافة من توقيرهم ، والرجوع إليهم ، وأخذ العلم عنهم ، والجهاد بين أيديهم.

وقال : واعلم أن من تأمل أدنى تأمل في أحد الأدلة فضلا عن مجموعها إما في دلالة العقل أو في كتاب الله سبحانه ، أو في سنة الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، أو في إجماع الأمة أو العترة ، أو تتبع أقوال الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ علم صدق ما قلناه (٣) ، ولكن وأين من يترك يصل إلى ذلك ، ويمنعه من ذلك إيجاب الرجوع إلى قول الشيخ.

وقال : أمر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أمته باتباع عترته المطهرة ؛ فخالفوه (٤) في ذلك ، ولهم أتباع [في كل وقت (٥)] يقتفون آثارهم في خلاف العترة الطاهرة حذو النعل بالنعل ، بل قد تعدوا [في] (٦) ذلك إلى أن قالوا هم أولى بالحق واتباعهم أوجب (٧) من اتباع هداتهم فردوا بذلك قول النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : ((قدموهم ولا تقدموهم ، وتعلموا منهم ولا تعلموهم ، ولا تخالفوهم فتضلوا ، ولا تشتموهم فتكفروا)) وهذا نص في موضع الخلاف لا يجهل معناه إلا من خذل.

وقال في الشافي : قال الله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٧) [الرعد]،

__________________

(١) ـ في (ب) : مشارك.

(٢) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٣) ـ نخ (ج) : قلنا.

(٤) ـ نخ (ج) : فخالفوا.

(٥) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٦) ـ زيادة من نخ (أ ، ب).

(٧) ـ نخ (ج) : أولى.

٣١٥

فالمنذر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ والهادي هو الإمام من ذريته الطاهرة.

وقال : ألم تعلم أن المفرق بين العترة الهادين كالمفرق بين النبيين.

وقال في معنى ذلك : كيف تخالف الذرية أباها ، وقد شهد لهم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ بالاستقامة بقوله : ((إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).

وقال : اعلم أن كافة أهل البيت الطاهرين ، وذرية خاتم النبيين ـ صلى (١) الله عليه وآله وسلم ـ يدينون ويعتقدون أنه لا نجاة لأبي بكر وعمر وعثمان إلا بخلوص ولايتهم فيهم ؛ لأن الله تعالى أوجب محبتهم على جميع المكلفين وهم منهم ، ولأنا روينا عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أنه قال : ((أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي)).

وروى فيه عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أنه قال : ((من ناصب عليا الخلافة (٢) بعدي فهو كافر وقد حارب الله ، ومن شك في علي فهو كافر)).

وقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : ((ويل لأعداء أهل بيتي المستأثرين عليهم لا نالتهم شفاعتي ، ولا رأوا جنة ربي)).

وقال : ولما قبض رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ مرضي الفعل ، مشكور العمل قد أنقذ الخلائق (٣) من شفا الحفرة ، ونجاهم عن بحار (٤) الهلكة ، وأضفى عليهم ستر (٥) الإسلام الحسن الجميل ، ولم يبق عنق مكلف إلا فيه له ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ منة الهداية ، والمنة لله تعالى.

__________________

(١) ـ في (ب) : صلى الله عليهم أجمعين.

(٢) ـ نخ (أ ، ب) : في الخلافة.

(٣) ـ نخ (ب ، ج) : الخلق.

(٤) ـ في (ب) : من بحور.

(٥) ـ في (ب) : من سترة.

٣١٦

وكان من أمر فاطمة ـ عليها‌السلام ـ السلالة المرضية ، والنسمة الزكية ، والجمانة البحرية ، والياقوتة المضيئة ، ما كان من النزاع في أمر الإرث ، [وبعد ذلك في أمر النحلة] (١) لفدك وغيره ما شاع في الناس ذكره ، وعظم على بعضهم أمره ، حتى قال قائلهم :

وما ضرّهم لو صدقوها بما ادعت

وما ذا عليهم لو أطابوا جنانها

وقد علموها بضعة من نبيهم

فلم طلبوا فيما ادعته بيانها

فمرضت سرا ، ودفنت ليلا ، وذلك بعد دفع الوصي عن مقامه ، واتفاق الأكثر على اهتضامه ، فتجرع أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ الرزية ، وصبروا على البلية ، علما بأن لله تعالى دارا غير هذه الدار ، يجبر فيها مصاب الأولياء ، ويضاعف لهم (٢) فيها المسار ، وهي دار الدوام ، ومحل القرار ، ويضاعف على الأعداء الخزي والبوار ، ويخلدون في أنواع العذاب التي إحداها النار.

وحكى ـ عليه‌السلام ـ كلام فاطمة ـ عليها‌السلام ـ مع نساء المهاجرين والأنصار الذي عرضت فيه للمشايخ وأتباعهم بقول الله سبحانه : (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) (٨٠) [المائدة].

ثم قال عقيب ذلك : فهذا كلام فاطمة ـ عليها‌السلام ـ الذي لقيت عليه الله سبحانه ، فلم نتعد طريقة من يجب الاقتداء به من الآباء والأمهات ـ عليهم‌السلام ـ.

وقال : لو لم يتقلد الأمر أبو بكر ما تأهل له عمر ، ولو لم يتقلده عمر ما طمع فيه عثمان ، ولو لم يتقلده عثمان ما طمع (٣) فيه معاوية ومن تبعه من جبابرة بني أمية ، ولو لا

__________________

(١) ـ زيادة من نخ (أ ، ب).

(٢) ـ في (ب) : لهم المسار.

(٣) ـ نخ (ج) : تطمع.

٣١٧

أخذه جبابرة بني أمية ما تقلده بنو العباس.

وقال في كتاب حديقة الحكمة في شرح التاسع عشر من الأخبار السيلقية : فأما حب الرفعة فقد هلك فيه قوم كثير ، والله بما تعملون بصير ، ألم تسمع إلى قول بعض الأنصار في معنى الافتتان برفعة الدنيا والحب لشرفها ، وذلك لما قتل سعد (١) بن عبادة بسهمين رمي بهما في الليل ، وقد خرج لقضاء حاجته ليلا ، وزعم من زعم أنه سمع من الجن قائلا يقول :

قلنا سيد الخزرج سعد بن عباده

رميناه بسهمين فلم نخط فؤاده

فقال في ذلك بعض الأنصار ـ وكان سعد قبل مغاضبا لأبي بكر ممتنعا من بيعته ، وروي عنه أنه قال : لما رأينا قريشا عدلت بالأمر عن أهله طمعنا فيه في قصص طوال ،

__________________

(١) ـ سعد بن عبادة بن دليم الخزرجي سيد الخزرج صاحب راية الأنصار في المشاهد كلها ، وشهد بدرا ، وقيل لم يشهدها ، وهو من نقباء الأنصار ليلة العقبة ، وكان يسمى الكامل لكماله في أشياء كثيرة كالرمي وغيره ، وكان كثير الصدقات والجود ، وتخلف عن بيعة أبي بكر ، وخرج من المدينة ، ولم يرجع إليها حتى قتل سنة إحدى عشرة في خلافة أبي بكر ، وفي قتله ما يقول حسان بن ثابت :

يقولون سعدا شقّت الجنّ بطنه

ألا ربما حققت أمرك بالعذر

وما ذنب سعد أنه بال قائما

ولكن سعدا لم يبايع أبا بكر

لأن سلمت من فتنة المال أنفس

لما سلمت من فتنة النهي والأمر

فيا عجبا للجن تقتل مسلما

على غير ذنب ثم ترثيه بالشعر

وروي في قتله : أن والي الشام جعل له كمينا ؛ فلما خرج إلى الصحراء قتله ذلك الكمين ، بسبب تخلّفه عن البيعة ، وروي أنه قتل بحوّارين من أعمال دمشق سنة (١٥ ه‍) تقريبا في خلافة عمر بن الخطاب ، انظر : شرح نهج البلاغة ج ١ ص ٢٩٢ ، لوامع الأنوار ج ٣ ص ٨٥ ، الطبقات ـ خ ـ ، حاشية شرح الأزهار ج ١.

٣١٨

فقال بعض الأنصار (١) في ذلك ـ :

يقولون سعدا شقّت الجن بطنه

ألا ربما حققت فعلك بالعذر

وما ذنب سعد أنه بال قائما

ولكن سعدا لم يبايع أبا بكر

لئن صبرت عن فتنة المال أنفس

لما صبرت عن فتنة (٢) النهي والأمر

يعرض بأبي بكر في ذلك (٣) ، وأنه لم يصبر عن فتنة النهي والأمر ، وشرف الرئاسة.

وقال [يعني المنصور بالله (ع)] (٤) في بعض أجوبته الموجودة بخطه ـ عليه‌السلام ـ : وسألت عمن يرضي عن الخلفاء ، ويحسن الظن فيهم (٥) وهو من الزيدية ويقول : أنا أقدم عليا ـ عليه‌السلام ـ وأرضي عن المشايخ ، ما يكون حكمه ، وهل تجوز الصلاة خلفه؟

الجواب عن ذلك : أن هذه مسألة غير صحيحة فيتوجه (٦) الجواب عنها لأن الزيدية على الحقيقة هم الجارودية ، ولا يعلم في الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ بعد زيد بن علي ـ عليه‌السلام ـ من ليس بجارودي ، وأتباعهم كذلك ، وأكثر ما نقل وصح عن السلف هو ما قلنا ـ يعني التوقف ـ على تلفيق واجتهاد ، وإن كان الطعن والسب من بعض الجارودية ظاهرا ، وإنما هذا رأي المحصلين منهم ، وإنما هذا القول قول بعض المعتزلة يفضلون عليا ـ عليه‌السلام ـ ويرضون عن المشايخ ؛ فليس هذا يطلق على أحد من الزيدية.

لأنا نقول : قد صح النص على أمير المؤمنين [ـ عليه‌السلام ـ] من الله تبارك وتعالى ورسوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وصحت معصية القوم وظلمهم وتعديهم لأمر

__________________

(١) ـ هو حسان بن ثابت الأنصاري.

(٢) ـ في (ب) : عن لذة.

(٣) ـ في (ب) : وقال أنه.

(٤) ـ هذه زيادة غير موجودة في الأصل لتوضيح الكلام.

(٥) ـ نخ (ج) : بهم.

(٦) ـ نخ (أ ، ب) : فيوجه.

٣١٩

الله سبحانه ، وإن كانت جائزة (١) المعصية والترضية ؛ فما أبعد الشاعر في قوله :

فويل تالي القرآن في ظلم الليـ

لـل وطوبى لعابد الوثن

ومن حاله ما ذكرت لا يعد في الزيدية رأسا ، وإنما هذا قول بعض المعتزلة ، وصاحب

هذا القول معتزلي لا شيعي ولا زيدي.

وأجمل من قال في أبي بكر وعمر وعثمان من آبائنا المتأخرين ـ عليهم‌السلام ـ [إنما هو (٢)] المؤيد بالله ـ عليه‌السلام ـ فنهاية ما ذكر أنهم لا يسبون ، وأن سبهم لا تصح روايته عن أحد من السلف الصالح ـ عليهم‌السلام ـ.

فأما الترضية فهذا يوجب القطع على أن معصيتهم صغيرة فإن أوجدنا (٣) صاحب هذه المقالة البرهان على أن معصيتهم صغيرة تابعناه ؛ فليس على متبع الحق غضاضة ، ولكنه لا يجد السبيل إلى ذلك أبدا.

أو عصمتهم ولا قائل بذلك من الأمة (٤) ، وشاهد الحال لو ادعى ذلك لفضحه ؛ لأن طلحة والزبير من أفاضلهم وقد صح فسقهما بالخروج على إمام الحق ، وإنما رويت توبتهما ، ولم يرو من الثلاثة توبة عما أقدموا عليه من الإمامة وتأخير علي ـ عليه‌السلام ـ عن مقامه الذي أقامه الله سبحانه فيه ورسوله.

وأما الصلاة خلف من ذكرت ففي الصلاة خلاف طويل ، وقد أجازها الأكثر خلف المخالفين ما لم يكن خلافهم كفرا ؛ فالأمر في ذلك يهون ، والاحتراز من الصلاة خلف من يقول بذلك أولى.

__________________

(١) ـ نخ (ب) : وإن كان جائز الترضية والمعصية.

(٢) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).

(٣) ـ في (ب) : وجد.

(٤) ـ نخ (ج) : الأئمة.

٣٢٠