علم اليقين في أصول الدين - ج ٢

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

علم اليقين في أصول الدين - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


المحقق: محسن بيدارفر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: انتشارات بيدار
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ١
ISBN: 964-90800-3-1
الصفحات: ٨٧٨

ولكون العقل شرعا من داخل قال تعالى في صفة العقل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [٣٠ / ٣٠] ، فسمّى العقل دينا.

ولكونهما متّحدين قال : (نُورٌ عَلى نُورٍ) [٢٤ / ٣٥] ـ أي نور العقل ونور الشرع ـ ثمّ قال : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) فجعلهما نورا واحدا ؛ فالعقل إذا فقد الشرع عجز عن أكثر الأمور ، كما عجز العين عند فقد النور.

واعلم أنّ العقل بنفسه قليل الغناء ، لا يكاد يتوصّل [به] إلّا إلى معرفة كليّات الشيء ، دون جزئيّاته ، نحو أن يعلم جملة حسن اعتقاد الحقّ وقول الصدق وتعاطى الجميل وحسن استعمال المعدلة وملازمة العفّة ـ ونحو ذلك ـ من غير أن يعرف ذلك في شيء شيء ، والشرع يعرف كليات الشيء وجزئياته ، ويتبيّن ما الذي يجب أن يعتقد في شيء شيء.

ولا يعرف العقل ـ مثلا ـ أنّ لحم الخنزير والخمر محرّمة ، وأنّه يجب أن يتحاشى من تناول الطعام في وقت معلوم ، وأن لا تنكح ذوات المحارم ، وأن لا تجامع المرأة في حال الحيض ؛ فإنّ أشباه ذلك لا سبيل إليها إلّا بالشرع.

فالشرع نظام الاعتقادات الصحيحة والأفعال المستقيمة والدالّ على مصالح الدنيا والآخرة ؛ من عدل عنه فقد ضلّ سواء السبيل.

ولأجل أن لا سبيل للعقل إلى معرفة ذلك قال تعالى : (وَ

٢٠١

ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [١٧ / ١٥]. وقال : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) [٢٠ / ١٣٤].

وإلى العقل والشرع أشار بالفضل والرحمة بقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً) [٤ / ٨٣].

وعنى ب «القليل» : المصطفين الأخيار». ـ انتهى كلامه ـ

ويصدّقه ما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (١) : العقل عقلان : مطبوع

__________________

(١) ـ في نهج البلاغة (قصار الحكم ٣٣٨) : «وقال عليه‌السلام : العلم علمان : مطبوع ومسموع ؛ ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع». عنه البحار : ١ / ٢١٨ ، ح ٤٤.

وجاء ما يقرب منه في كشف الغمة (ذكر الإمام التاسع : ٣ / ١٣٧) في كلمات رواها الإمام الجواد عن أمير المؤمنين عليهما‌السلام. عنه البحار : ٧٨ / ٨٠ ، ح ٦٤.

وفي البحار (٧٨ / ٦ ، ح ٥٨) عن مطالب السئول ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : «العقل عقلان : عقل الطبع وعقل التجربة ، وكلاهما يؤدي إلى التجربة ...».

وأما ما رواه المؤلف ، فقد نسب إليه عليه‌السلام أبيات حكاها بعض من المتقدمين ووردت في الديوان المجموع من الأشعار المنسوبة إليه عليه‌السلام (ص ٥٠) ؛ قال الغزالي (إحياء : كتاب شرح عجائب القلب : ٣ / ٢٨) : قال علي (رض) :

رأيت العقل عقلين

فمطبوع ومسموع

ولا ينفع مسموع

إذا لم يك مطبوع

كما لا تنفع الشم

س وضوء العين ممنوع

ولكن قال صاحب قوت القلوب (ذكر وصف العلم وطريقة السلف : ١ / ١٥٩) :

وقد انشدنا لبعض الحكماء في معنى ذلك :

العلم علمان

فمصنوع ومطبوع

ولا ينفع مجموع (كذا)

إذا لم يك مصنوع

كما لا تنفع الشم

س وضوء العين ممنوع

٢٠٢

ومسموع ، ولا ينفع المسموع ما لم يك (١) مطبوع ، كما لا ينفع نور الشمس ونور العين ممنوع.

وليعلم أنّ أصحاب العقل قليل جدّا ، كما قال ـ عزوجل ـ : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [٢٩ / ٦٣]. (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) [٩ / ٨٧] (٢) (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) [٢٥ / ٤٤].

وأنّ من لم يهتد لنور الشرع ، ولم يطابقه عقله ، فليس من ذوي العقول في شيء ، وأنّ العقل فضل من الله ونور ، كما أنّ الشرع رحمة منه وهدى ، و (إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) [٣ / ٧٣]. و (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) [٢٤ / ٣٥]. (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) [٢٤ / ٣٥].

(وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) [٣٣ / ٤].

* * *

__________________

(١) ـ النسخ : ما لم يكن.

(٢) ـ المكتوب في النسخة بدلا من الآيتين : «ولكن اكثرهم لا يعقلون ولكن اكثرهم لا يفقهون». والصحيح ما أثبتناه من القرآن الكريم.

٢٠٣

[١٥]

باب

اصول العقائد الدينيّة على سبيل الإجمال

(هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [٤٥ / ٢٠]

فصل [١]

[ما كتبه الرضا عليه‌السلام في محض الإسلام]

روى الشيخ الصدوق ثقة الإسلام أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ـ رحمه‌الله ـ في كتاب عيون أخبار الرضا عليه‌السلام (١) بإسناده إلى الفضل بن شاذان (٢) ، قال : سأل المأمون عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام أن يكتب له محض الإسلام على الإيجاز والاختصار ، فكتبعليه‌السلام :

__________________

(١) ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : باب (٣٥) ما كتبه الرضا عليه‌السلام للمأمون في محض الإسلام : ٢ / ١٢١ ـ ١٢٧ ، ح ١. وفيه اختلافات غير مهمة. البحار : ١٠ / ٣٥٢ ، ح ١.

وجاء ما يقرب منه مع اختلافات كثيرة في تحف العقول : جوابه عليه‌السلام للمأمون في جوامع الشريعة ، ٤١٥ ـ ٤٢٣. البحار : ١٠ / ٣٦٠ ـ ٣٦٦ ، ح ٢.

(٢) ـ قال النجاشي (٣٠٦ ، رقم ٨٤٠) : «الفضل بن شاذان بن الخليل ، أبو محمد الأزدي ، النيشابوري ، كان أبوه من أصحاب يونس ، وروى عن أبي جعفر الثاني وقيل عن الرضا عليهما‌السلام ، وكان ثقة ، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلمين ، وله جلالة في هذه الطائفة». راجع معجم الرجال : ١٣ / ٣٠١ ـ ٢٨٩.

٢٠٤

«بسم الله الرحمن الرحيم»

إنّ محض الإسلام شهادة أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، إلها واحدا ، أحدا ، فردا ، صمدا ، قيّوما ، سميعا ، بصيرا ، قديرا ، قديما ؛ عالما لا يجهل ، قادرا لا يعجز ، غنيّا لا يحتاج ، عدلا لا يجور ، وأنّه خالق كلّ شيء ، وليس كمثله شيء ، لا شبه له ولا ضدّ له ولا كفو له ، وأنّه المقصود بالعبادة والدعاء والرغبة والرهبة.

وأنّ محمّدا عبده ورسوله وأمينه وصفيّه ، وصفوته من خلقه ، وسيّد المرسلين وخاتم النبيين وأفضل العالمين ، لا نبيّ بعده ولا تبديل لملّته ولا تغيير لشريعته ، وأنّ جميع ما جاء به محمّد بن عبد الله هو الحقّ المبين ، والتصديق به وبجميع من مضى قبله من رسل الله وأنبيائه وحججه. والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [٤١ / ٤٢] ، وأنّه المهيمن على الكتب كلّها ، وأنّه حقّ من فاتحته إلى خاتمته ، نؤمن بمحكمه ومتشابهه ، وخاصّه وعامّة ، ووعده ووعيده ، وناسخه ومنسوخه ، وقصصه وأخباره ؛ لا يقدر أحد من المخلوقين أن يأتي بمثله.

[خلفاء الرسول صلوات الله عليهم]

وأنّ الدليل من بعده ، والحجّة على المؤمنين ، والقائم بأمر المسلمين والناطق عن القرآن والعالم بأحكامه : أخوه وخليفته ووصيّه ووليّه الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى ، عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، وأفضل الوصيّين ، ووارث علم النبيّين والمرسلين.

٢٠٥

وبعده الحسن والحسين ، سيّدا شباب أهل الجنّة.

ثمّ عليّ بن الحسين زين العابدين.

ثمّ محمّد بن عليّ باقر علم النبيين.

ثمّ جعفر بن محمّد الصادق وارث علم الوصيّين.

ثمّ موسى بن جعفر الكاظم.

ثمّ عليّ بن موسى الرضا.

ثمّ محمّد بن عليّ.

ثمّ عليّ بن محمّد.

ثمّ الحسن بن عليّ.

ثمّ الحجّة القائم المنتظر ولده ـ صلوات الله عليهم أجمعين.

أشهد لهم بالإمامة والوصيّة ، وأنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله تعالى على خلقه في كلّ عصر وأوان ، وأنّهم العروة الوثقى وأئمّة الهدى والحجّة على أهل الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وأنّ كلّ من خالفهم ضالّ مضلّ ، تارك للحقّ والهدى ، وأنّهم المعبّرون عن القرآن ، والناطقون عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالبيّنات ، ومن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة.

ومن دينهم الورع والعفّة ، والصدق ، والصلاح ، والاستقامة ، والاجتهاد ، وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر ، وطول السجود ، وصيام النهار ، وقيام الليل ، واجتناب المحارم ، وانتظار الفرج ، والصبر ، وحسن العزاء ، وكرم الصحبة ، وحسن الجوار.

٢٠٦

[الطهارة]

ثمّ الوضوء كما أمر الله ـ تعالى ـ في كتابه : غسل الوجه ، واليدين إلى المرفقين ، ومسح الرأس والرجلين مرّة واحدة ؛ ولا ينقض الوضوء إلّا غائط أو بول أو نوم أو ريح أو جنابة ؛ ومن مسح على الخفّين فقد خالف الله ـ تعالى ـ ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وترك فريضة في كتابه.

وغسل يوم الجمعة سنّة ، وغسل العيدين ، وغسل دخول مكّة والمدينة ، وغسل الزيارة ، وغسل الإحرام ، وأوّل ليلة من شهر رمضان ، وليلة سبع عشرة ، وليلة تسع عشرة ، وليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ، هذه الأغسال سنّة.

وغسل الجنابة فريضة ، وغسل الحيض مثله.

[الصلوات]

والصلاة الفريضة : الظهر أربع ركعات ، والعصر أربع ركعات ، والمغرب ثلاث ركعات ، والعشاء الآخرة أربع ركعات ، والغداة ركعتان ـ هذه سبع عشرة ركعة ـ.

والسنّة أربع وثلاثون ركعة : ثمان ركعات قبل فريضة الظهر ، وثمان ركعات قبل فريضة العصر ، وأربع ركعات بعد فريضة المغرب ، وركعتان من جلوس ـ تعدّان بركعة ـ بعد فريضة العشاء ، وثمان ركعات في السحر ، والشفع والوتر ثلاث ركعات يسلّم بعد الركعتين ، وركعتان للفجر.

والصلاة في أوّل الوقت أفضل.

٢٠٧

وفضل الجماعة على الفرد أربع وعشرون ، ولا صلاة خلف الفاجر ولا يقتدى إلّا بأهل الولاية ، ولا يصلّى في جلود السباع (١).

ولا يجوز أن تقول في التشهّد الأوّل : «السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» ، لأنّ تحليل الصلاة التسليم ، فإذا قلت هذا فقد سلّمت.

والتقصير في ثمانية فراسخ وما زاد ، وإذا قصّرت أفطرت ، ومن لم يفطر لم يجز عنه صومه في السفر وعليه القضاء ـ لأنّه ليس عليه صوم في السفر ـ.

والقنوت سنّة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة.

والصلاة على الميّت : خمس تكبيرات ، فمن نقص فقد خالف ؛ والميّت يسلّ من قبل رجليه ويرفق به إذا ادخل قبره ، ولا يسنّم القبر بل يربّع ، والإجهار ب «بسم الله الرحمن الرحيم» في جميع الصلاة سنّة.

[الزكاة]

والزكاة الفريضة في كلّ مأتي درهم خمسة دراهم ، ولا يجب في ما دون ذلك شيء ، ولا تجب الزكاة على المال حتّى يحول عليه الحول ، ولا يجوز أن يعطى الزكاة غير أهل الولاية المعروفين.

والعشر يجب في الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، إذا بلغ خمسة أوساق ، إن كان يسقى سيحا ، وإن سقي بالدلاء : فنصف العشر ؛ والوسق : ستّون صاعا ، والصاع : أربعة أمداد.

__________________

(١) ـ المصدر : ولا يصلى في جلود الميتة ولا في جلود السباع.

٢٠٨

والزكاة الفطر فريضة على رأس كلّ صغير وكبير ، حرّ وعبد (١) ولا يجوز دفعها إلّا إلى أهل الولاية.

وأكثر الحيض عشرة أيّام ، وأقلّه ثلاثة أيّام. والمستحاضة تحتشي وتغتسل وتصلّي. والحائض تترك الصلاة ولا تقضي ، وتترك الصوم وتقضي.

[الصيام]

وصيام شهر رمضان فريضة ؛ يصام للرؤية ويفطر للرؤية ؛ ولا يجوز أن يصلّى تطوّع في جماعة ، لأنّ ذلك بدعة ـ وكلّ بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.

وصوم ثلاثة أيّام في كلّ شهر سنّة : في كلّ عشرة أيّام يوم ، أوّل خميس من العشر الأوّل ، وأربعاء بين خميسين في العشر الأوسط ، وآخر خميس من العشر الأخير. وصوم شعبان حسن لمن صامه ، وإن قضيت فوائت رمضان متفرّقا أجزأ.

[الحج]

وحجّ البيت فريضة على من استطاع إليه سبيلا ـ والسبيل : الزاد والراحلة مع الصحّة ـ ولا يجوز الحجّ إلّا تمتّعا ، ولا يجوز القران والإفراد الذي يستعمله العامّة إلّا لأهل مكّة وحاضريها ؛ ولا يجوز الإحرام دون الميقات ، قال الله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) [٢ / ١٩٦].

ولا يجوز أن يضحّى بالخصيّ لأنّه ناقص ، ويجوز الموجوء.

__________________

(١) ـ اضيف في المصدر : ذكر أو انثى ، من الحنطة والشعير والتمر والزبيب صاع وهو أربعة أمداد.

٢٠٩

[الجهاد]

والجهاد واجب مع الإمام العدل ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون نفسه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ، ولا يجوز قتل أحد من الكفّار والنصّاب في دار التقيّة ، إلّا قاتل أو ساع في فساد ـ وذلك إذا لم تخف على نفسك وعلى أصحابك.

ولا تحلّ أموال المخالفين.

والتقيّة في دار التقيّة واجبة ، ولا حنث على من حلف تقيّة ليدفع بها ظلما عن نفسه.

[النكاح والطلاق]

والطلاق على ما ذكر الله ـ عزوجل ـ في كتابه وسنّة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يكون الطلاق لغير سنّة (١).

وكلّ نكاح يخالف الكتاب فليس بنكاح. ولا يجوز الجمع بين أكثر من أربع حرائر. وإذا طلّقت المرأة للعدّة ثلاث مرّات لم تحلّ لزوجها حتّى تنكح زوجا غيره. وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «اتّقوا تزويج المطلقات ثلاثا في موضع واحد ، فإنّهنّ ذوات أزواج».

[السنن]

والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واجبة على (٢) كلّ موطن ، وعند العطاس والذبائح ، وغير ذلك.

__________________

(١) ـ المصدر : ولا يكون الطلاق لغير سنة ، وكل طلاق يخالف الكتاب فليس بطلاق كما أن كل نكاح يخالف الكتاب فليس بنكاح.

(٢) ـ المصدر : في.

٢١٠

وحبّ أولياء الله واجب ، وكذلك بغض أعداء الله ـ تعالى ـ والبراءة منهم ومن أئمّتهم.

وبرّ الوالدين واجب ـ وإن كانا مشركين ـ ولا طاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما ، فإنّه «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».

وذكاة الجنين ذكاة أمّه إذا أشعر وأوبر.

وتحليل المتعتين اللتين أنزلهما الله ـ تعالى ـ في كتابه وسنّهما رسول الله : صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متعة النساء ومتعة الحجّ.

والفرائض على ما أنزل الله ـ تعالى ـ في كتابه ، ولا عول فيها (١) ، ولا يرث مع الولد والوالدين أحد إلّا المرأة والزوج ، وذو السهم أحقّ ممّن لا سهم له ، وليست العصبة (٢) من دين الله.

والعقيقة عن المولود ـ الذكر والانثى ـ واجبة ، وكذلك تسميته وحلق رأسه يوم السابع ، ويتصدّق بوزن الشعر ذهبا أو فضّة.

والختان سنّة واجبة للرجال ومكرمة للنساء ، وإنّ الله ـ تعالى ـ لا يكلّف نفسا إلّا وسعها.

__________________

(١) ـ العول كون الفرائض المعيّنة للورثة أكثر من أصل التركة ، وذلك يتفق في بعض الصور ، كما إذا كان الزوج مع اختي الميت من أبيه ، ففرض الزوج النصف وفرض الاختان ثلثا التركة ، ويفضل الفروض على الأصل. والعول باطل عند الإمامية والبحث عنه يطلب من باب المواريث في كتب الفقه. راجع شرح اللمعة الدمشقية : المسألة ١٢ من الفصل الرابع من كتاب الميراث.

(٢) ـ العصبة تقابل العول ، أي تكون التركة أكثر من الفرائض المعيّنة للورثة ، وهي أيضا باطلة عند الشيعة مثله ، ويطلب التفصيل من باب المواريث في كتب الفقه. راجع الفصل المذكور من شرح اللمعة : المسألة ١٣.

٢١١

[العقائد]

وأنّ أفعال العباد مخلوقة لله ـ تعالى ـ خلق تقدير ، لا خلق تكوين ؛ والله خالق كلّ شيء ، ولا نقول بالجبر والتفويض ، ولا يأخذ الله ـ تعالى ـ البريء بالسقيم ، ولا يعذّب الله الأطفال بذنوب الآباء ، (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [٦ / ١٦٤](وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [٥٣ / ٣٩] ، ولله ـ عزوجل ـ أن يعفو ويتفضّل ، ولا يجور ولا يظلم ، لأنّه ـ تعالى ـ غنيّ عن ذلك.

ولا يفرض الله ـ تعالى ـ على العباد طاعة من يعلم أنّه يضلّهم ويغويهم ، ولا يختار لرسالته ولا يصطفي من عباده من يعلم أنّه يكفر به ويعبد الشيطان دونه.

وأنّ الإسلام غير الإيمان وكلّ مؤمن مسلم ، وليس كلّ مسلم مؤمنا ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، وأصحاب الحدود مسلمون ـ لا مؤمنون ولا كافرون.

والله ـ تعالى ـ لا يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنّة ، ولا يخرج من النار كافرا ـ وقد أوعده النار والخلود فيها ـ و (لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [٤ / ٤٨] ، ومذنبوا أهل التوحيد يدخلون النار ويخرجون منها ، والشفاعة جائزة لهم ، وأنّ الدار اليوم دار تقيّة ، وهي دار الإسلام ـ لا دار الكفر ، ولا دار الإيمان.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان إذا أمكن ولم يكن خيفة على النفس.

والإيمان هو أداء الأمانة واجتناب جميع الكبائر ، وهو معرفة بالقلب ، وتصديق باللسان ، وعمل بالأركان.

٢١٢

* * *

والتكبير في العيدين واجب ، في الفطر في دبر خمس صلوات ، ويبدأ به في دبر صلاة المغرب ليلة الفطر ؛ وفي الأضحى في دبر عشرة صلوات ، يبدأ به من صلاة الظهر يوم النحر ؛ وبمنى في دبر خمس عشرة.

والنفساء لا تقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشر يوما ، فإن طهرت قبل ذلك صلّت ، وإن لم تطهر ـ حتّى تجاوز ثمانية عشر يوما ـ اغتسلت وصلّت وعملت ما تعمل المستحاضة.

* * *

ويؤمن بعذاب القبر ، ومنكر ونكير ، والبعث بعد الموت ، والميزان والصراط.

[التبري]

والبراءة من الجبت والطاغوت ، ومن الذين غصبوا فدكا وظلموا آل محمّد حقّهم وهمّوا بإخراجهم وسنّوا ظلمهم ، وغيّروا سنّة نبيّهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) ، ونكثوا بيعة إمامهم ، وأخرجوا المرأة ، وحاربوا أمير المؤمنين ، وقتلوا الشيعة ـ رحمهم‌الله ـ واجبة.

والبراءة ممّن نفى الأخيار وشرّدهم ، وآوى الطرداء اللعناء ، وجعل الأموال دولة بين الأغنياء واستعمل السفهاء ، وقتل الأنصار والمهاجرين وأهل الفضل والصلاح من السابقين.

__________________

(١) ـ اضيف في المصدر : والبراءة من الناكثين والمارقين الذين هتكوا حجاب رسول الله ...

٢١٣

والبراءة من أهل الاستيشار ومن أبي موسى الأشعري وأهل ولايته (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً* أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) ـ بولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ (وَلِقائِهِ) ـ كفروا بأن لقوا الله بغير إمامته ـ (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) [١٨ / ١٠٤ ـ ١٠٥] فهم كلاب أهل النار.

والبراءة من الأنصاب والأزلام ، أئمّة الضلالة وقادة الجور كلّهم ـ أوّلهم وآخرهم ـ والبراءة من أشباه عاقر الناقة والأشقياء (١) ـ الأوّلين والآخرين ـ وممّن يتولّاهم.

[التولي]

والولاء لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، والذين مضوا على منهاج نبيّهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يغيّروا ولم يبدّلوا ، مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعمّار بن ياسر وحذيفة اليماني (٢) وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وعبادة بن الصامت وأبي أيّوب الأنصاري وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري ـ وأمثالهم رضي الله عنهم ـ والولاية لأتباعهم وأشياعهم ، والمهتدين بهدايتهم ، السالكين منهاجهم ـ رضي الله عنهم ـ.

[المحرمات]

وتحريم الخمر قليلها وكثيرها ، وتحريم كلّ شراب مسكر قليله

__________________

(١) ـ المصدر : وأشقياء.

(٢) ـ في النسخة : «حذيفة بن اليمانى». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

ثم إنا لم نتعرض لترجمة المذكورين هنا لكونهم من مشاهير الصحابة.

٢١٤

وكثيره ، وما أسكر كثيره فقليله حرام ، والمضطرّ لا يشرب الخمر لأنّها تقتله ، وتحريم كلّ ذي ناب من السباع ، وكلّ ذي مخلب من الطير ، وتحريم الطحال ـ فإنّه دم ـ وتحريم الجري والطافي والمار ما هي والزمير ، وكلّ سمك لا يكون له فلس ، ومن الطيور ما لم يكن له قانصة.

واجتناب الكبائر ؛ وهي : قتل النفس الّتي حرّم الله ـ تعالى ـ والزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وأكل مال اليتيم ظلما ، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهلّ لغير الله به ـ من غير ضرورة ـ وأكل الربا بعد البيّنة ، والسحت ، والميسر ـ وهو القمار ـ والبخس في المكيال والميزان ، وقذف المحصنات ، واللواطة ، وشهادة الزور ، واليأس من روح الله والأمن من مكر الله ، والقنوط من رحمة الله ، ومعونة الظالمين والركون إليهم ، واليمين الغموس ، وحبس الحقوق ـ من غير عسر ـ والكذب ، والكبر ، والإسراف ، والتبذير ، والخيانة ، وكتمان الشهادة ، والاستحقار لأولياء الله ، والاستخفاف بالحج ، والاشتغال بالملاهي ، والإصرار على الصغائر من الذنوب.

* * *

٢١٥

[١٦]

[باب]

غيبة إمام زماننا وعلامات ظهوره عليه‌السلام

وأشراط الساعة

(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) [٢٤ / ٥٥]

فصل [١]

قال الشيخ المفيد ـ رحمه‌الله ـ في كتابه الإرشاد (١) :

«وكان الإمام بعد أبي محمّد عليهما‌السلام ابنه المسمّى باسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، المكنّى بكنيته ؛ ولم يخلّف أبوه ولدا ـ ظاهرا ولا باطنا ـ غيره (٢) ، وخلّفه أبوه غائبا مستترا.

__________________

(١) ـ الإرشاد : باب ذكر الإمام القائم بعد أبي محمّد عليه‌السلام : ٢ / ٣٣٩.

(٢) ـ المصدر : ولم يخلّف أبوه ولدا غيره ظاهرا ولا باطنا.

٢١٦

وكان مولده ليلة النصف من شعبان ، من (١) خمس وخمسين ومأتين.

وأمّه أمّ ولد ، يقال لها : نرجس.

وكان سنّة عند وفاة أبيه عليهما‌السلام خمس سنين ، آتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب ، وجعله آية للعالمين ؛ وآتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبيّا ، وجعله إماما في حال الطفوليّة الظاهرة ـ كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبيّا.

وقد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من نبيّ الهدى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، ونصّ عليه الأئمّة واحدا بعد واحد إلى أبيه الحسن عليهما‌السلام ، ونصّ أبوه عليه عند ثقاته وخاصّة شيعته.

وكان الخبر بغيبته ثابتا قبل وجوده ، وبدولته مستفيضا قبل غيبته ، وهو صاحب السيف من أئمّة الهدى عليهم‌السلام ، والقائم بالحقّ المنتظر لدولة الإيمان.

وله قبل قيامه غيبتان : إحداهما أطول من الاخرى ـ كما جاءت بذلك الأخبار ـ :

فأمّا القصرى : فمنذ وقت ولادته إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وعدم السفراء بالوفاء (٢).

__________________

(١) ـ المصدر : سنة.

(٢) ـ كذا في النسخ ، وكتب في هامش الأصل : «بالوفاء : أي بوفائهم بالسفارة ـ منه».

وفي المصدر المطبوع : «وعدم السفراء بالوفاة».

٢١٧

وأمّا الطولى : فهي بعد الاولى ، وفي آخرها يقوم بالسيف.

قال الله ـ عزوجل ـ : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) [٢٨ / ٥ ـ ٦]. وقال ـ جلّ اسمه ـ : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) [٢١ / ١٠٥].

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لن تنقضي (١) الأيّام والليالي حتّى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ، يملؤها عدلا وقسطا ، كما ملئت ظلما وجورا».

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله فيه رجلا من ولدي ، يواطئ اسمه اسمي ، يملؤها عدلا وقسطا ، كما ملئت ظلما وجورا» (٢).

* * *

[علامات الظهور]

وقد جاءت (٣) الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي عليه‌السلام ، وحوادث تكون أمام قيامه وآيات ودلالات :

__________________

(١) ـ في النسخة : «لم تنقض». والتصحيح من المصدر.

(٢) ـ إلى هنا تم المنقول عن الإرشاد : ٣٢٦.

(٣) ـ الإرشاد : باب ذكر علامات قيام القائم عليه‌السلام ... : ٢ / ٣٦٨. وفيه اختلافات يسيرة.

٢١٨

فمنها : خروج السفياني ، وقتل الحسني ، واختلاف بني العبّاس في الملك الدنياوي ، وكسوف الشمس في النصف من شهر رمضان ، وخسوف القمر في آخر الشهر ـ على خلاف العادات ـ وخسف بالبيداء ، وخسف بالمغرب ، وخسف بالمشرق ، وركود الشمس من عند الزوال إلى وسط أوقات العصر ، وطلوعها من المغرب ، وقتل نفس زكيّة بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ، وذبح رجل هاشميّ بين الركن والمقام وهدم حائط مسجد الكوفة ، وإقبال رايات سود من قبل خراسان ، وخروج اليماني ، وظهور المغربي بمصر وتملّكه الشامات ، ونزول ترك الجزيرة ، ونزول الروم الرملة ، وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثمّ ينعطف حتّى يكاد يلتقي طرفاه ، وحمرة تظهر في السماء وتلتبس (١) في آفاقها ، ونار تظهر بالمشرق طولا وتبقى في الجوّ ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام ، وخلع العرب أعنّتها وتملّكها البلاد ، وخروجها على سلطان العجم (٢) ، وقتل أهل مصر أميرهم ، وخراب الشام واختلاف ثلاثة رايات فيه ، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ، ورايات كندة إلى خراسان ، وورود خيل من قبل المغرب حتّى ترتبط بفناء الحيرة ، واقبال رايات سود من قبل المشرق نحوها ، وبثق (٣) في الفرات حتّى يدخل الماء أزقّة الكوفة ،

__________________

(١) ـ في هامش النسخة : «تنتشر ـ ل».

(٢) ـ المصدر : وخروجها عن سلطان العجم.

(٣) ـ في هامش النسخة : «بثق ـ بتقديم الموحدة على المثلثة ـ السيل موضع كذا : أي خرقه وشقّه ، فانبثق : أي انفجر. (ص)».

٢١٩

وخروج ستّين كذّابا ـ كلّهم يدّعي النبوّة ـ وخروج اثني عشر من آل أبي طالب ، كلّهم يدّعي الإمامة لنفسه ، وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العبّاس بين جلولاء وخانقين ، وعقد الجسر ممّا يلي الكرخ بمدينة بغداد (١) ، وارتفاع ريح سوداء بها في أوّل النهار ، وزلزلة حتّى ينخسف كثير منها ، وخوف يشمل أهل العراق وموت ذريع فيه ، ونقص من الأنفس والأموال والثمرات ، وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه ، حتّى يأتي على الزروع والغلّات ، وقلّة ريع ما يزرعه الناس واختلاف من العجم (٢) وسفك دماء كثيرة فيما بينهم ، وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم وقتلهم مواليهم ، ومسخ لقوم من أهل البدع حتّى يصيروا قردة وخنازير ، وغلبة العبيد على بلاد السادات ، ونداء من السماء يسمعه أهل الأرض ـ كلّ أهل لغة بلغتهم ـ ووجه وصدر يظهران للناس في عين الشمس ، وأموات ينشرون من القبور حتّى يرجعوا إلى الدنيا ، فيتعارفون فيها ويتزاورون.

ثمّ يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتّصل ، فتحيى بها الأرض بعد موتها ، وتعرف بركاتها ، ويزول كلّ عاهة عن معتقدي الحقّ من شيعة المهدي عليه‌السلام ؛ فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكّة ، فيتوجّهون نحوه لنصرته.

ـ كما جاءت بذلك الأخبار ـ.

__________________

(١) ـ هامش النسخة : «مدينة السّلام ـ خ ل».

(٢) ـ المصدر : واختلاف صنفين من العجم.

٢٢٠