إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

السيد عبدالحسين شرف الدين الموسوي

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

المؤلف:

السيد عبدالحسين شرف الدين الموسوي


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٢٨

وقال : اللهم إني أستعديك على قريش ، ومن أعانهم فإنهم قطعوا رحمي ، وصغروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمراً هو لي.

وقد قال له قائل : إنك على هذا الأمر الحريص ، فقال : بل أنتم والله لأحرص ، وإنما طلبت حقاً هولي ، وأنتم تحولون بيني وبينه.

وقال في كتاب كتبه إلى أخيه عقيل : فجزت قريشاً عني الجوازي ، فقد قطعوا رحمي ، وسلبوا سلطان ابن أمي.

وسأله بعض أصحابه كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به ،؟ فقال : يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين ترسل في غير سدد ، ولك بعد ذمامة الصهر ، وحق المسألة وقد استعلمت فاعلم ، أما الاستبداد علينا بهذا المقام ، ونحن الأعلون نسباً ،

٤١

والأشدون برسول الله نوطاً ، فإنها كانت اثرة شحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله ، والمعود اليه يوم القيامة ، ودع عنك نهباً صيح في حجراته.

وقال في بعض خطبه : حتى إذا قبض رسول الله رجع قوم على الأعقاب ، وغالتهم السبل ، واتّكلوا على الولائج ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب الذي أُمروا بمودته ، ونقلوا البناء عن رصّ اساسه ، فبنوه في غير موضعه ، معادن كل خطيئة وأبواب كل ضارب في غمرة على سنة من آل فرعون الخ.

ومن خطبة خطبها بعد البيعة له ذكر فيها آل محمد ، فقال : هم أساس الدين ، وعماد الدين ، إليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ، الآن إذ رجع الحق إلى أهله.

٤٢

إلى كثير مما هو مأثور عنه وعن أبنائه الطاهرين في هذا المعنى وحسبنا ما احتج به على المنبر متظلماً متألماً يوم قال :

أما والله لقد تقمصها ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ، ولا يرقى إليّ الطير. الخطبة (١).

التاسع ، زعم أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إن أبا بكر أسلم وأنا جذعه ، أقول ولا يسمع لقولي.

وهذا شطط من الأضاليل ، وحسبنا في بطلانه ما كان في مبدأ الدعوة الإسلامية قبل ظهورها بمكة إذ أنزل الله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) فدعاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى دار عمه ابي طالب ، وهم يومئذ أربعون

__________________

(١) هي مع كل ما نقلناه عنه وكثير من أمثاله موجود في نهج البلاغة فليراجع.

٤٣

رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه ، وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب. والحديث في ذلك من صحاح السنن المأثورة ، وفي آخره قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يوازرني على أمري هذا. فقال ـ علي وكان أحدثهم سناً ـ : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ رسول الله برقبة علي ، وقال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. اه

فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (١).

__________________

(١) تجد مصادر هذا الحديث في المراجعة العشرين من كتاب المراجعات وفيها علقناه عليها.

٤٤

قلت : لو لم يكن لأمير المؤمنين في بدء الإسلام إلا هذا المقام لكفى في تسفيه من قال إنه كان يومئذ إذا قال لا يسمع لقوله بل كان إذا قال بدّ القائلين بجلالة تعنو لها الجباه ، وعظمة يخفض لها جناح الضعة.

العاشر ، زعم أن الشيعة الامامية أعمتهم السياسة ، فأنشأوا من حزب سياسي مذهباً دينياً.

الجواب ، أنهم أبعد الناس عن السياسة الظالم أهلها ، وعن ساستها ، وإنما أعمت هذه السياسة قوماً آخرين أدّى بهم العمة إلى مخالفة نصوصها الجليلة الثابتة عن نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً).

الحادي عشر ، زعم أن الشيعة كفّروا كل من لم

٤٥

يوافقهم على هواهم. قلت : هذه إفكة أفاك ، وفرية صواغ يدس النمائم ، ويبس العقارب ، نعوذ بالله من سماسرة الشقاق ، وزرّاع العداوات ظلماً وعدواناً ، ونبرأ إلى الله من تكفير أحد من أهل الايمان بالله ورسوله واليوم الآخر ، والصلوات الخمس إلى القبلة ، والزكاة المفروضة وصوم الشهر وحج البيت ، ووجوب العمل بالكتاب والسنة وكيف نكفر المسلمين ، وقد قال إمامنا الذي نهتدي بهديه ، ونكون نصب أمره ونهيه أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام في صحيح حمران ابن اعين من كلام رفعه اليه : والاسلام ما ظهر من قولٍ أو فعل ، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها ، وبه حقنت الدماء ، وعليه جرت المواريث وجاز النكاح ، واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج ، فخرجوا بذلك عن الكفر وأضيفوا إلى الايمان. اه

٤٦

وقال الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق عليه‌السلام في خبر سفيان بن السمط : الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان.

وقال عليه‌السلام في خبر سماعة : الاسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله ، وبه حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس. إلى كثير مما هو مأثور عنهم في هذا المعنى مما لا يسعنا استيفاؤه ، وهذا القدر كاف لتزييف المبطلين ، وردّ عاديتهم.

الثاني عشر ، زعم أن الشيعة الإمامية أرمضوا نفسه الزكية إذ جاءوا بأشد ما يرمض النفوس ، وذلك أنهم عبثوا بالتاريخ على زعمه ، وعاثوا فيه بتصوير

٤٧

الأحداث على ما يقتضيه مذهبهم في موالاة الطالبيين ، وعداوة الأمويين.

قلت ، إني وأيم الحق لا أعرف مؤرخاً مثله يعبث بالتاريخ ويعبث فيه من أجل الهوى ، ومن ألمّ بما زوّره في خطط الشام وصاغه في مجلة المجمع (١) من مناقب

__________________

(١) وحسبك مما زوره من مناقب الأمويين ما تجده في ص ٤٠٨ إلى آخر ص ٤١١ من المجلد السادس عشر من مجلة المجمع ، وما تجده في ص ٤٥٠ وما بعدها إلى ص ٤٥٥ من المجلد نفسه ، وهناك تفضيل بني أمية على قريش ، وهناك شرف ابي سفيان بالخصوص ، وعلو مكانته في باحة الشرف في الجاهلية والاسلام ، وهناك تميز نساء بني أمية في ملكاتهن وشرف نفوسهن على نساء العرب ، ولا سيما جويرية بنت ابي سفيان وهند بنت عتبة التي يقول فيها حسان بن ثابت :

لعن الإله وزوجها هند الهنود البيت

وهناك منن ابي سفيان وابيه حرب على العرب ، وتميز معاوية بأعوانه ومقوية سلطانه فيما يصلح الاسلام ، وهناك ميزات بني امية ولا سيما مروان «الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون» وبنوه ، كالوليد وسليمان ويزيد وهشام والوليد بن يزيد ، وهناك تأثيراتهم الدينية والمدنية وخصائص قوادهم ومناهج عمالهم التي تركوها أحدوثة في الغابرين. وهناك الخيانة بتصوير

٤٨

بني أمية ، ومثالب خصومهم وجد العيث الفظيع بتصوير الأمرين على ما يقتضيه هواه في بني امية ، وانحرافه عن خصومهم ، ولا سيما أهل البيت وأشياعهم ومن هنا صوّرنا حضرة الأستاذ كذبة لا نؤتمن على التاريخ ، غلاة في الطالبيين قائلين بأن لهم الكمال المطلق ، وانهم فوق البشر ، وأن المعاصي حلال لهم ، إلى آخر ما سمعت ارجافه بنا ، والآن يحمّلنا وزره الذي أنقض ظهره من العيث في التاريخ ، فكان في كل ذلك مصداق المثل السائر ـ رمتني بدائها وانسلت ـ

الثالث عشر ، تسور الأستاذ على مقام الشيخ

__________________

= الأحداث بخلاف ما كانت عليه في الواقع وتزويرها على ما يقتضيه هواه في سلفه الصالح من بني امية واعوانهم ، فراجع ، واعجب من امانة الأستاذ على التاريخ ، وبعده عن التحزب ، والتعصب لتلك الجيف المنتنة التي ملأت الدنيا وباء في الأخلاق.

٤٩

رشيد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب شيخ مشايخ الإمامية في عصره وصاحب كتابي المناقب والمعالم وغيرهما من الكتب الممتعة فشتمه وازدرى به على غير ذنب للرجل الّا ورعه ، واخلاصه في علمه وعمله وأحاطته بالسنن المقدسة وآثار أهل بيت الرحمة ، ولا غرو في تسفيه الأستاذ إياه ، فإن المرء عدو ما جهل.

وكفى في فضل ابن شهرا شوب اذعان الفحول من أعلام أهل السنة له بجلالة القدر وعلو المنزلة ، وقد ترجمه الشيخ صلاح الدين الصفدي خليل بن ايبك الشافعي ، فذكر أنه حفظ أكثر القرآن الكريم وله ثمان سنين ، وبلغ النهاية في أصول الشيعة ، (قال) وكان يرحل إليه من البلاد ، ثمّ تقدم في علم القرآن ، والغريب ، والنحو ، ووعظ على المنبر

٥٠

أيام المقتفي ببغداد ، فأعجبه وخلع عليه (قال) وكان بهي المنظر حسن الوجه والشيبة ، صدوق اللهجة ، مليح المحاورة ، واسع العلم ، كثير الخشوع والعبادة والتهجد ، لا يكون إلا على وضوء (قال) وأثنى عليه ابن أبي طي في تاريخه ثناءً كثيراً ، توفي سنة ٥٨٨ انتهى كلام الصفدي.

وذكره الفيروزآبادي في محكى بلغته ، واثنى عليه بما يقرب من ثناء الصفدي ، وذكر انه عاش أكثر من مائة سنة إلا عشرة أشهر.

وعن بعض أهل المعاجم في التراجم من أهل السنة أنه قال في ترجمته ، وكان امام عصره ، ووحيد دهره أحسن الجمع والتأليف ، وغلب عليه علم القرآن والحديث ، وهو عند الشيعة كالخطيب البغدادي لأهل السنة في تصانيفه وتعليقات الحديث

٥١

ورجاله ومراسيله ، ومتفقه ومتفرقه إلى غير ذلك من أنواعه ، واسع العلم ، كثير الفنون مات في شعبان سنة ٥٨٨.

الرابع عشر ، زعم الأستاذ أن كتاب الشيخ ابن شهرآشوب في مناقب آل ابي طالب كله سخافات وخرافات وكذب وهو من أسخف سلسلة سخافات الشيعة ، واسترسل في هذا الكلام العذب اللطيف الدال على حكمة المتكلم وأخلاقه.

ونحن ننصف الأستاذ ، فإنه لا يستطيع أن يسمع بذكر آل محمد ، فضلا عن خصائصهم ، ولئن عدها سخافة وخرافة ، وعد مؤلفها سفيهاً فلا حرج عليه ، فإن له مذهبه ولنا مذهبنا ، ولو كان كتاب ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي سفيان ، أو آل أبي معيط ، أو آل أبي العاص لكان على رأي الأستاذ

٥٢

زبورا وكانت مضامينه هدى ونورا.

استبدلوا والله الذنابى بالقوادم ، والعجز بالكاهل فجدعاً لمعاطس قوم ، يحسبون أنهم يحسنون صنعا (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) ، (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ)

كلام الأستاذ بلفظه

قال (١) : ولشيعية المسعودي ، مدخل كبير في آرائه ، لأن من جوزوا الكذب على مخالفيهم ، وغلوا في حب الطالبيّين ، حتى جعلوهم فوق البشر ، (١)

__________________

(١) في آخر صفحة ٣٩٥ والتي بعدها ؛ من المجلد ٢٢ من مجلة المجمع.

٥٣

وجعلوا لهم الكمال المطلق ، وأن المعاصي حلال لهم ، حرام على غيرهم ، لا يؤتمنون على التاريخ ، (١) والمتعصب لفئة يجب الاحتياط في الأخذ عنه (٢) بخلاف المتسامح الذي لا ضلع له مع أحد ، (٣) وما خدم به المسعودي التشيع ، لم يرض به الشيعة (٤)

__________________

(١) أفردنا لكل من هذه التهم الخمس ، كلاماً خاصاً بها ، فكان والحمد لله ، على ما يرضى به الله ورسوله وأولي الألباب.

(٢) قضى الرجل بها على نفسه ، فإن تعصبه لفئته الأموية ، ثابت لكل من ألم بخطط الشام ، أو بمجلة المجمع ، أو يكرد علي نفسه ، أو بمجرد طبعه أو وضعه.

(٣) ما اجرأ هذا الرجل على الدعاوي الباطلة ، فإن ضلعه الضليع ، مع آل أبي العاص وسائر الأمويين ، ثابت بمحاضراته ومناظراته ، وسائر نفثات فمه ولسانه ، المسخرين لأعداء الله ورسوله (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ).

(٤) لئن لم يرض بعض الشيعة ، بمروج الذهب إذ لم يخدمهم به ، فقد أرضاهم بما خدم به الحقيقة ، من غير تقية ، ككتابيه في الإمامة ، وهما الاستبصار والصفوة ، وكتابه في إثبات الوصية لأمير المؤمنين ، وكتابه أخبار الزمان الذي يحيل عليه ، في مروج الذهب.

٥٤

فهو مخالف للإماميين والجماعيين وكل فريق يريده أن يكون له وحده ، وأن يقبل مذهبه بحذافيره ، ويدافع عنه بالحق والباطل (١) ، والتشيع ، ما كان بادئ ذي بدء ، إلّا بتفضيل على بالإمامة على الشيخين (٢) ، حتى أن الشريف الرضي ، من اكبر أئمتهم ، كان يترضى عن الشيخين ، ويشمئز ممن ينالهما بسوء ، ويقول : أنهما وليا وعدلا (٣) ، وكذلك شأن جده الاعلى ، أمير المؤمنين على ابن أبي طالب كرّم الله وجهه (٤) كان يقول : أن ابا بكر ما ظلماني

__________________

(١) أن أهل الحق في غنية بحقهم عن الدفاع عنه بالباطل ، وإنما يدافع بالباطل عن الظلال حيث لا دليل عليه سوى الأباطيل.

(٢) بل كان ما هو عليه الآن ، كما ذكرناه في ص ٣٧

(٣) هذا كله كذب وافتراء على الشريف الرضي والثابت عنه ما نقلناه في ص ٣٨ فراجع.

(٤) يريد الأستاذ أن يستر ما انطوت عليه احناء صدره ، وانحنت عليه اضلعه ، فقال مرغماً علي امير المؤمنين ، كرم الله وجهه.

٥٥

ذرّة ، (١) وان ابا بكر اسلم وانا جذعة ، أقول فلا يسمع لقولي فكيف اكون احق بمقام ابي بكر (٢)

(قال) : عفا الله عن قوم أعمتهم السياسة (٣) فأنشأوا من حزب سياسي مذهباً دينياً (٤) وكفّروا كل من لم يوافقهم على هواهم (٥) وجاء متأخروهم فأدخلوا في معتقداتهم ، ما يقل به متقدموهم (٦) من أخلص الناس لدعوتهم ، وفرقوا بين أجزاء

__________________

(١) هذا لم يثبت عن أمير المؤمنين والثابت عنه ما اوردناه ص ٤٠ فراجع.

(٢) هذا يناقض الثابت عن أمير المؤمنين وعلو مقامه يوم اسلم كما بيناه في ص ٤٣ فراجع.

(٣) السياسة أنما أعمت من لم يبصر نصوصها عن نبيه كما بيناه سابقاً.

(٤) لا وجه لهذا الكلام سوى الأرجاف والمجازفة.

(٥) كذب علينا من نسب إلينا تكفير المسلمين ، كما أوضحناه في ص ٤٥ وما بعدها فراجع.

(٦) هذا مجرد عدوان ، والله المستعان.

٥٦

القلوب (١)

قال : وأشد ما يرمض النفوس ، في هذا الباب أن يعبث بالتاريخ ، من أجل المذهب ، ويموه السخفاء ، ليصوّروا الأحداث ، على ما يشاءون لتأييد مذهبهم (٢)

هذا نص كلامه وقد علق عليه فقال ما هذا لفظه : ومن سفهائهم رجل اسمه شهرا شوب (٣) من أهل القرن السادس ، كتب كتاباً في مناقب

__________________

(١) إنما شق عصا المسلمين وفرق قلوبهم ، اهل الظلم والعدوان. والإفك والبهتان.

(٢) هذه الكلمة في نفسها حق ، اجراه الله على لسانه لتكون حجة عليه ، فإن دأبه وديدنه العبث بالتاريخ من أجل هواه لكن الرجل أراد بها الباطل ، كالتي رمتني بدائها وانسلت.

(٣) بل هو الشيخ رشيد الدين ابو جعفر ، محمد بن علي بن شهرآشوب ، المشهور بفضله وتقواه ورشده وهداه بشهادة جماعة من اعلام أهل السنة ، كما بيناه في الاصل قريباً فراجع.

٥٧

آل أبي طالب (١) ، حشاه كذباً واختلافاً (٢) ، ما نظن عاقلاً في الأرض يوافقه عليه (٣) ، وكتابه من أسخف ما أثر ، من سلسلة تلك السخافات (٤) ، ستم فيه الصحابة الكرام كلهم (٥) ، ما عدا بضعة منهم ، كانوا مع علي ، واختلق كل قبيح ، ألصقه برجال لا يدين الإسلام لغيرهم في انتشاره (٦) ،

__________________

(١) هذا جرمه الذي أبيح به ظلمه.

(٢) بل قوله هذا هو الكذب والاختلاف.

(٣) بل يوافقه من المسلمين مائة مليون من الشيعة ، فيهم الحكماء والعلماء والأدباء والساسة المدبرون ، والفلاسفة المفكرون واهل الورع والاحتياط والقوة والنشاط.

(٤) هذا مجرد إرجاف وإجحاف فلا قيمة له.

(٥) ما شتم الصحابة الكرام وانما شتم المنافقين اللئام لنفاقهم في دين الإسلام.

(٦) هذا عدوان وبهتان وتحريش وتأريش وسعي بين المسلمين بالأكاذيب والتضاريب نعوذ بالله من رسل الشر وسفراء السوء وسماسرة الشقاق وتجار الفساد وزراع العداوات وبه نعوذ من شرورهم وندرأ به في نحورهم.

٥٨

وأورد من الشعر لإثبات أباطيله ، ما هو سبّة على قائله وناقله ، على وجه الدهر (١). اه

استئناف الاحتجاج

على هذا العدوان بشكل آخر

كان الأجدر بنا ، إذ بلغ الأستاذ من ظلمنا هذا المبلغ ، أن نعمل بقوله تعالى ، مخاطباً لأعز خلقه عليه ؛ وأقربهم منزلة إليه (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ، (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ)

__________________

(١) من كان يخلق ما يقو

ل فحيلتي به قليلة

٥٩

على أن الترفع عن استعراض هذه الثرثرات ، التي لا وزن لها أولى بنا ، وبمثلنا العليا ، إذ لو قام بها مرجف مجحف ، من مجازفي القرون الوسطى لوسعه الناس إنكاراً ، فما قيمة عرضها اليوم على الناس ، والناس لا يكادون يؤمنون بغير المحسوس ، والمحسوس الملموس من مذهبنا ، المتمثل في أعمالنا وأقوالنا ، والألوف المؤلفة من أسفارنا ؛ خلاف ما يرجفون

لكني ـ مع ذلك ـ آثرت الاقتداء بالذكر الحكيم ، والفرقان العظيم إذ يقول (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) ، (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)

٦٠