الإعتماد في شرح واجب الإعتقاد

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

الإعتماد في شرح واجب الإعتقاد

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


المحقق: صفاء الدين البصري
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٥

١
٢

٣
٤

المقدّمة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، وأفضل الصّلاة وأتمّ السّلام على عبده ورسوله ، وخيرته من خلقه ، محمّد وآله الطّيّبين الطّاهرين ، وبعد :

فإنّ كلّ أمّة ومجتمع من مجتمعات البشر ، تفتخر وتباهي غيرها من الأمم بحضارتها وبمجدها التّأريخيّ ، وتترنّم بتراثها العلميّ ... انطلاقا من أنّ كلّ أمّة أنّما تكون حيّة وخالدة بحياة وخلود حضارتها وكيانها العلميّ ، وأنّ كلّ مجتمع لا تكتب له العظمة والرّفعة والخلود في التّأريخ البشريّ إلّا بقدر ما يقدّم لغيره من بني البشر من عطاء وخدمة .. ويربّي من علماء ومفكّرين يكرّسون حياتهم ويفنونها في خوض ميادين العلم وحقول المعرفة ، ويجهدون أنفسهم في تربية أبناء أمّتهم ، ورسم معالم الصّلاح والفضيلة لأجيالهم القادمة ...

من هنا كان الاهتمام بالتراث العلميّ منذ القدم ، حتّى أصبح هذا اليوم شيئا مفهوما لدى العلماء والمحقّقين ، فبدءوا ينقّبون ويبحثون في زوايا المكتبات القديمة الّتي كاد الدّهر الخئون أن يأتي عليها لو لا ... ولو لا ... ليحصلوا على بضعة

٥

وريقات مبعثرة من كتاب مخطوط قديم ، مكتوب بخطّ يكاد لا يقرأ لرداءة خطّه وقدمه ، فيأخذونه بعناية ويبذلون في سبيل إحيائه جهودا مضنية ، ثمّ يقدّمونه إلى عالم النّور ، بغية الاستفادة منه ، وخدمة لأبناء مجتمعهم ، وطلبا لرضوان الله تعالى ...

الأمر الّذي دفعنا إلى أخذ هذا الكتاب القيّم ـ على صغر حجمه ـ بعد أن كان مخطوطا مهملا ، مليئا بالأخطاء والأسقام ـ سيّما وأنّه نادر النّسخ ـ فشاء الله تعالى أن يمدّنا بعونه ، ويأخذ بأيدينا ، ويشملنا بتوفيقه وعنايته ، فأخرجنا هذا الأثر النفيس لعلمين هما من أبرز وأجلّ أعلام مذهب الإماميّة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ بهذه الهيئة الجميلة ، والحلّة القشيبة ، سائلين المولى ـ جل اسمه ـ أن يوفقنا لإحياء المزيد من هذه الجواهر العلميّة الثّمينة ، والدّرر الفكرية القيّمة ، وأن يتقبّل كلّ ذلك منّا خالصا لوجهه الكريم ، وينفعنا به يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلّا من أتى الله بقلب سليم ، والله من وراء القصد.

٦

ترجمة المؤلّف

٧
٨

ولادته ونشأته :

ذكر العلّامة في الرّياض أنّه قال في أجوبة مسائل مهنّأ بن سنان المدني الموسومة ب «المسائل المهنّائيّة».

وأمّا مولد العبد ـ يعني نفسه ـ ؛ فالّذي وجدته بخطّ والدي ، ما صورته : ولد ولدي المبارك أبو منصور الحسن بن يوسف بن مطهّر ، ليلة الجمعة في الثّلث الأخير من اللّيل ٢٧ رمضان من سنة ٦٤٨ ق. واشتباه سبع بتسع قريب.

وكانت ولادته في مدينة الحلّة بجنوب العراق ؛ البلدة المعروفة بطيب المناخ ، ونقاء الجوّ ، وجمال الطّبيعة ، وفي بيئة صالحة كريمة ، عرف علماؤها بالنّبوغ الذّهنيّ ، والذّكاء الفطريّ ، وبعلوّ الرّتبة ، وسموّ القدر ، من أبوين كريمين : الشّيخ الجليل والعالم النّحرير ، سديد الدّين ، وعقيلته : كريمة الشّيخ أبي يحيى الحسن بن يحيى الحلّيّ ـ صاحب كتاب «الجامع» ـ وأخت المحقّق الحلّيّ ، صاحب كتاب «الشّرائع».

في مثل هذا البيت الشّريف الممتلئ بالسّؤدد والفضل ، نشأ العلّامة وترعرع تحت رعاية والده الشّيخ وخاله المحقّق الّذي كان له ـ هو الآخر ـ بمنزلة الأب الشّفيق ، والوالد الرّحيم ، ونال العلّامة من تربيته القسط الأوفر ، وتلمّذ عليه أكثر من غيره ، ونهل من معينه الصّافي الرّقراق ما كان له زادا نافعا طيلة مدّة حياته الشّريفة ، سيّما في الفقه والأصول ، الّذين اشتهر فيهما أكثر من غيرهما ، فنشأ التّلميذ كما توخّاه خاله الأستاذ وتوسّم فيه ، .. فتغلّب بعد ذلك على أقرانه المتتلمذين ، وعرف بالنّبوغ الفكريّ ، والاستعداد الذّهنيّ الخارق ، والمستوى العلميّ الرّفيع ، وهو بعد لم يبلغ سنّ المراهقة ، وانتقلت إليه الرّئاسة الدينيّة ، والزّيادة في التّدريس والفتيا بعد وفاة أستاذه وخاله المحقّق ، فكان له النّصيب الأوفر بعد ذلك في تطوير المناهج العلميّة في الفقه والأصول ، وفي إكساء الفقه

٩

الإماميّ أقشب الحلل وأجملها.

مشايخه في القراءة والرّواية :

درس العلّامة ـ رحمه‌الله ـ على جمهور غفير من الفقهاء والأعلام المبرّزين في عصره ، من العامّة والخاصّة ، منهم :

١ ـ خاله المحقّق على الإطلاق ، فقيه مدرسة آل محمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ الشّيخ نجم الدّين أبو القاسم جعفر بن سعيد الهذليّ الحلّيّ ـ صاحب «الشّرائع» و «المختصر» و «النّكت» ... درس عليه العلوم الفقهيّة والأصول العربيّة خاصّة.

٢ ـ والده الفقيه الشّيخ سديد الدّين يوسف بن زين الدّين عليّ بن المطهّر الحلّي.

٣ ـ سلطان المحقّقين الخواجه نصير الدّين محمد بن الحسن الطّوسيّ. درس عليه الفلسفة والكلام والهيئة والرّياضيّات.

٤ ـ الشّيخ مفيد الدّين محمد بن عليّ بن محمد بن جهم الحلّيّ الأسدي.

٥ ـ الحكيم المتألّه الشّيخ كمال الدّين ميثم بن عليّ بن ميثم البحرانيّ.

٦ ـ الشّيخ نجيب الدّين أبو زكريا يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذليّ الحلّيّ. ابن عمّ المحقّق الحلّي.

٧ ـ الشّيخ حسن بن الشّيخ كمال الدّين عليّ بن سليمان البحرانيّ.

٨ ـ السّيّد رضيّ الدّين عليّ بن موسى بن طاوس.

٩ ـ السّيّد أحمد بن موسى بن جعفر بن طاوس.

١٠ ـ جعفر بن نجيب الدّين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الحلّيّ الرّبعيّ.

١١ ـ الشّيخ بهاء الدّين عليّ بن عيسى الأربليّ.

١٢ ـ السّيّد عبد الكريم بن طاوس.

١٠

كما درس القرآن الكريم ، وتعلّم علومه ، وأتقن فنونه على أستاذه الخاص «محرم» الّذي كان والده قد عيّنه له.

كان كلّ هؤلاء شيوخه وأساتذته من الإماميّة ، أمّا من العامّة ، فقد درس على جمّ غفير من علمائهم ، منهم :

١ ـ نجم الدّين عليّ بن عمر الكاتبي القزوينيّ الشّافعيّ المعروف بدبيران المنطقيّ.

٢ ـ الشّيخ برهان الدّين النّسفيّ.

٣ ـ الشّيخ جمال الدّين حسين بن أبان النّحويّ.

٤ ـ الشّيخ عزّ الدّين الفاروقي الواسطيّ. وهو من أجلّة فقهاء العامّة.

٥ ـ الشّيخ تقيّ الدّين عبد الله بن جعفر بن عليّ الصّبّاغ الحنفيّ الكوفيّ.

٦ ـ شمس الدّين محمّد بن محمد بن أحمد الكشّيّ. ابن أخت قطب الدّين العلّامة الشّيرازي.

٧ ـ رضيّ الدّين الحسن بن عليّ الصّنعانيّ الحنفيّ.

٨ ـ الشّيخ عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزليّ. صاحب الموسوعة العلميّة الكبيرة «شرح نهج البلاغة ، للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام».

تلامذته في القراءة والرواية :

لقد فاز العلّامة ـ رحمه‌الله ـ بالمقام الرّفيع ، والمثوبة العظيمة ، بتربية نخبة من أعاظم الفقهاء والمجتهدين على يديه ، .. كانوا بعد ذلك مشاعل نيّرة ، وأعلاما خيّرة في سبيل إحياء تراث الأئمة الطّاهرين الخالد .. فمنهم :

١ ـ ولده فخر المحقّقين أبو طالب محمد بن الحسن ، الّذي خصّه أبوه العلّامة بتأليف الكثير من كتبه لأجله ، كما خصّه بالوصيّة الغرّاء الّتي أوردها في آخر كتابه «القواعد» أمره فيها بإتمام ما بقي ناقصا من كتبه بعد وفاته ، وإصلاح ما وجد فيها من الخلل ، وهي تتضمّن أنبل المواعظ الأخلاقيّة ، وأسمى النّصائح الرّبّانيّة.

١١

٢ ـ ابنا اخته السّيّدان الحسينيّان الأعرجيّان : عميد الدّين عبد المطّلب ، وضياء الدّين عبد الله ، ابنا السّيّد مجد الدّين أبي الفوارس محمد الحسينيّ.

٣ ـ الشّيخ تقيّ الدّين إبراهيم بن محمد البصريّ. كتب العلّامة كتابه «مبادئ الوصول إلى علم الأصول» بطلب منه.

٤ ـ الشّيخ محمد بن عليّ بن محمد الجرجاني الغرويّ.

٥ ـ الشّيخ تقيّ الدّين إبراهيم بن الحسين بن عليّ الآمليّ.

٦ ـ رضيّ الدّين أبو الحسن عليّ بن جمال الدّين أحمد بن يحيى المزيديّ.

٧ ـ الشّيخ عليّ بن الحسن الإماميّ.

٨ ـ الشّيخ أبو الحسن عليّ بن أحمد بن طراد المطارآباديّ.

٩ ـ السّيّد علاء الدّين أبو الحسن عليّ بن محمد بن الحسن بن زهرة الحسنيّ الحلّيّ.

١٠ ـ السّيّد بدر الدّين محمد ، أخو السّيّد علاء الدّين.

١١ ـ السّيّد مهنّأ بن سنان المدنيّ الحسينيّ.

١٢ ـ السّيّد أحمد بن أبي إبراهيم محمد بن الحسن بن زهرة الحسنيّ الحلبيّ.

١٣ ـ السّيّد تاج الدّين محمّد بن القاسم بن الحسين بن معيّة الحلّيّ الحسنيّ

١٤ ـ الشّيخ حسن بن حسين بن الحسن السّرابشنويّ.

١٥ ـ الشّيخ قطب الدّين أبو جعفر محمد بن محمد الرّازي البويهيّ.

١٦ ـ الشّيخ الحسن بن الحسين بن الحسن بن معانق.

١٧ ـ السّيّد أحمد العريضي.

تقسيمه الحديث إلى أقسامه المشهورة :

قال العلّامة السّيّد محسن الأمين العامليّ :

١٢

اعلم أنّ تقسيم الحديث إلى أقسامه المشهورة كان أصله من غيرنا ، ولم يكن معروفا بين قدماء علمائنا ، وإنّما كانوا يردّون الحديث بضعف السّند ، ويقبلون ما صحّ سنده ، وقد يردّونه لأمور اخر ، وقد يقبلون ما لم يصح سنده ، لاعتضاده بقرائن الصّحّة ، أو غير ذلك ، ولم يكن معروفا بينهم الاصطلاح : المعروف في أقسام الحديث اليوم ، وأوّل من استعمل ذلك الاصطلاح : العلّامة الحلّيّ ؛ فقسّم الحديث إلى : الصّحيح ، والحسن ، والموثوق ، والضّعيف ، والمرسل ، وغير ذلك ، وتبعه من بعده إلى اليوم (١) ...

مؤلفاته وآثاره العلميّة :

كان العلّامة ـ رحمه‌الله ـ متضلّعا في شتّى الميادين العلميّة ، ومتبحّرا فيها ، حتى برع في المعقول منها والمنقول ، .. وحاز قصب السّبق وهو في ريعان شبابه ، ومقتبل عمره ، على أقرانه من العلماء والفحول ؛ إذ قيل : انّه كان في عصره في الحلّة أربعمائة مجتهد (٢) ...

وقد ذكر العلامة ـ قدّس الله روحه ـ في مقدّمة كتابه «منتهى المطلب في تحقيق المذهب» أنّه فرغ من تصنيفاته الحكميّة والكلاميّة ، وأخذ في تحرير الفقه قبل أن يكمل له ٢٦ سنة ...

كما تقدّم في فقه الشّريعة ، وصنّف فيه المؤلّفات المتنوّعة والمختلفة من موسوعات ومطوّلات وشروح وإيضاحات ومختصرات ورسائل ، كانت من الرّفعة في المقام لدرجة أنّها لا زالت تحتلّ الصّدارة في مختلف المدارس العلميّة ، وشتّى الموضوعات الثّقافيّة ، ولا زالت محطّ أنظار العلماء والعارفين ، من عصره إلى اليوم ؛ بحثا وتدريسا ، وشرحا ، وتعليقا ... فهي تمثّل عصارة النّتاج الفكريّ المنبثق من ذلك العقل المبدع والذّهن الوقّاد ، .. وقد أحصينا له ـ مفصّلا ـ في كتابنا «قبسات

__________________

(١) أعيان الشّيعة ٥ : ٤٠١.

(٢) طبقات أعلام الشّيعة ق ٨ ص ٥٣.

١٣

من حياة العلّامة» أكثر من مائة وأربعة عشر كتابا ورسالة من تأليفاته وتصنيفاته المتنوّعة ، مع إيراد أقوال بعض علمائنا ممّن تأخّر عنه ـ رحمه‌الله ـ فيما رأوا من كتبه ومصنّفاته ... ومن أراد استقصاء ذلك فليرجع إليه.

مدرسته السّيّارة :

اقترح العلامة ـ رحمه‌الله ـ على السّلطان محمد خدابنده الجايتو ، تأسيس مدرسة لتربية وإعداد طلّاب العلوم الدّينيّة ، فرحّب (السّلطان بهذا الاقتراح) وأجابه بالقبول ، ولمّا كانت رغبة السّلطان في حضور العلّامة في مجالسه المختلفة والاستئناس به وبتلاميذه حتّى في طريقه وسفره ، كانت هذه المدرسة متنقّلة ، ولذلك سمّيت ب «المدرسة السّيّارة» (١) ، وكانت تضمّ أكثر من مائة تلميذ وطالب للعلوم ، مكفولي المأكل والمشرب والملبس والمنام ، وجميع ما كانوا يحتاجون إليه ، وكان يدرّس فيها علوم مختلفة ، منها : علم الكلام وأصول الدّين ، والفقه وأصوله ، والحديث ، والتّأريخ ، والدّراية ، والفلسفة ، والمنطق ، والطّبيعة ، والرّياضيّات ، وعلم النّفس ، والتّربية ، وآداب البحث والاحتجاج والمناظرة وقواعد الجدل والنّقاش العلميّ ، ..

وقد تخرّج من هذه المدرسة علماء كثيرون ، برعوا واشتهروا في مختلف الفنون والمعارف ، .. وقد ألّفت هذه المدرسة من أربعة أواوين ، ومجموعة غرف مكوّنة من الخيام الكرباسيّة الغليظة ، وكان طلّابها يرحلون برحيل السّلطان ويقيمون بإقامته.

وفاته ومدفنه :

توفي ـ رحمه‌الله ـ في مدينته «الحلّة المزيديّة» يوم السّبت : الحادي

__________________

(١) يدلّ على هذه التّسمية : ما وجد في آخر بعض مؤلّفاته ، أنّه وقع الفراغ منه في المدرسة السّيّارة السّلطانيّة في «كرمانشاهان».

١٤

والعشرين من شهر محرّم الحرام سنة ٧٢٦ ق ؛ فيكون عمره الشّريف ٧٨ عاما وأربعة أشهر وتسعة أيّام.

ونقل إلى الحضرة الحيدريّة ـ على مشرّفها آلاف التّحيّة والسّلام ـ فدفن في حجرة تقع عن يمين الدّاخل إلى الحرم الغرويّ من جهة الشّمال ، وقبره ظاهر معروف مزور إلى اليوم ، ويقابله قبر المحقّق الأردبيليّ رحمه‌الله فأكرم بهما بوّابين لتلك القبّة السّامقة ، والرّوضة الرّبّانيّة الشّريفة.

١٥
١٦

ترجمة الشارح

١٧
١٨

اسمه ولقبه ونسبته :

هو الفقيه المتكلّم الاصوليّ الشّيخ جمال الدّين أبو عبد الله المقداد بن عبد الله بن محمّد بن الحسين بن محمّد السّيوريّ (١) الحلّيّ الأسديّ الغرويّ ، المعروف بين الفقهاء المتأخّرين ب «الفاضل المقداد» و «الفاضل السّيوريّ» ، كان من أعاظم أعلام الإماميّة ، وكبار علمائها ، فقها وتحقيقا وأصولا ... عظيم الشّأن والمكانة في سماء العلم والفضيلة ، متضلّعا في مختلف العلوم : العقليّة والنّقليّة ...

أساتذته ومشايخه :

تلمّذ ـ رحمه‌الله ـ على جملة من فقهاء الطّائفة ، وأعاظم علمائها ، وروى عن جمّ من كبار علماء عصره : قراءة وسماعا ، منهم :

__________________

(١) قال المحقّق الخوانساريّ في «الرّوضات» ٧ : ١٧٤ :

السّيوريّ ـ وهو بضمّ السّين مع الياء المخفّفة التّحتانيّة ، كما في المشهور ـ نسبة إلى «سيور» وهي قرية من قرى الحلّة المجلّلة ـ كما في الفهرست المنسوب إلى شيخنا البهائيّ «غفر له» ـ ويحتمل أيضا ـ بعيدا ـ أن يكون نسبة إلى «سيور» الّتي هي ، جمع : السّير ، وهو ما يقدّ من الجلود المدبوغة لمصارف السّروج وأمثالها من الأدوات الصّرميّة ، لكون أحد المذكورين في سلسلة نسبه معروفا ببيع ما ذكر ، والعمل فيه ...

وقال العلّامة المامقانيّ في «التّنقيح» ٣ : ٢٤٥ :

والسّيوريّ ـ بالسّين المهملة المضمومة والياء المثنّاة من تحت المخفّفة والواو والرّاء المهملة والياء ـ نسبة إلى «سيور» قرية من قرى الحلّة ، واحتمال كونه نسبة إلى «السّيور» الّتي هي جمع : السّير ، وهو ما يقدّ من الجلود المدبوغة لمصارف السّرج باعتبار كون أحد آبائه معروفا بصنع ذلك ، بعيد فيه ، وإن صحّ في غيره ...

وقال العلامة الآغا بزرگ الطّهراني في «أعلام الشّيعة» :

ويقال : «السّوراويّ» وهو أصح ، لأنّها نسبة إلى «سورا» على وزن «بشرى» : مدينة بقرب الحلّة.

ويعضد هذا القول : ما ذكره الوحيد البهبهانيّ في التعليقة في آخر ترجمة عليّ بن محمّد بن عليّ الخزّاز القمّي ، ما لفظه : ونقل عن الشّيخ محمّد بن علي الجرجانيّ : جدّ المقداد بن عبد الله السّوراويّ ، أنّه «كفاية الأثر» لبعض القمّيّين من أصحابنا.

وفي «معجم البلدان» ٣ : ٢٨٤ قال : «سورا» ... موضع بالعراق من أرض بابل ، وهي مدينة السّريانيّين ، وقد نسبوا إليها الخمر ، وهي قريبة من الوقف والحلّة المزيديّة ..

١٩

١ ـ الشّيخ شمس الدّين أبو عبد الله محمّد بن الشيخ جمال الدّين مكّي بن محمّد بن حامد بن أحمد النّبطيّ العامليّ الجزينيّ ، المعروف ب «الشّهيد الأوّل» المستشهد في ١٩ جمادى الأولى سنة ٧٨٦ ق.

٢ ـ الشّيخ محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ ، المعروف ب «فخر المحقّقين» أو «فخر الدّين» ولد العلّامة الحلّي ـ رحمه‌الله.

٣ ـ السّيّد ضياء الدّين عبد الله الأعرجيّ. ذكره في «ماضي النّجف».

٤ ـ السّيّد عميد الدّين (١). ذكره في «أعلام الشّيعة» وقال : ذكر السّيّد المير علاء الملك المرعشيّ في آخر نسخة من الكشّيّ الّتي كتبها بخطّه في سنة ٩٧٢ ـ ٩٨٣ [ق] أنّه نقله عن أصله الّذي كان بخطّ ابن السّكون ، وقرأه الفاضل الشّيخ المقداد على السّيّد عميد الدّين.

تلامذته والرّاوون عنه :

كان طلّاب العلوم وروّاد الفضل يقصدونه ـ رحمه‌الله ـ من كلّ صوب وحدب ، ويزدلفون إليه ، ليرتشفوا من نمير علمه وفقهه ، ويستفيدوا من آرائه ونظريّاته ، ويقفوا على تحقيقاته في الفقه والاصول والكلام ، وفي مختلف العلوم ، وطريقته في الاستدلال والاستنباط ... وقد تخرّج عليه جمع من الفقهاء والمجتهدين ، وروى عنه كثير من العلماء ... منهم :

١ ـ الشّيخ حسن بن راشد الحلّي.

٢ ـ الشّيخ أبو الحسن عليّ بن هلال الجزائريّ ؛ ففي إجازة المحقّق الكركيّ للقاضي صفيّ الدّين عيسى ، قال ـ بعد ما أثنى على شيخه أبي الحسن عليّ بن هلال الجزائريّ ثناء بالغا ـ : وهذا الشّيخ الجليل يروي عن جماعة من الأساطين من أجلّاء تلامذة الشّهيد الأوّل وفخر المحقّقين ، منهم : الشّيخ مقداد بن

__________________

(١) لعلّ المراد به : السّيّد عميد الدّين عبد المطلّب بن عبد الكريم ، أخو السّيّد ضياء الدّين الأعرجيّ الحسيني الحلّيّ ، وهما ابنا اخت العلّامة الحلّيّ ـ رحمه‌الله.

٢٠