الأسماء والصفات

أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي

الأسماء والصفات

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي


المحقق: الدكتور عبدالرحمن عميرة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٨٩

وقوله : (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) (١).

وقوله : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (٢).

وقوله : (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) (٣).

وقوله : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) (٤).

وقوله خبرا عن الجن : (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) (٥).

وقوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) (٦).

وقوله : (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) (٧).

وقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٨).

وقوله : (فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) (٩).

وقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا) (١٠).

__________________

(١) سورة المائدة آية ٤١.

(٢) سورة المائدة آية ١٧.

(٣) سورة الرعد آية ١١.

(٤) سورة الإسراء آية ١٦.

(٥) سورة الجن آية ١٠.

(٦) سورة الإسراء آية ١٨.

(٧) سورة الكهف آية ٨٢.

(٨) سورة الأحزاب آية ٣٣.

(٩) سورة المائدة آية ٤٩.

(١٠) سورة التوبة آية ٨٥.

٢٤١

وقوله : (إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) (١).

وقوله : (قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً) (٢).

وقوله : (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) (٣).

وقوله : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ : يا قَوْمِ) .. إلى قوله : (إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ) (٤).

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا إسماعيل بن أحمد ، أنا محمد بن الحسن ابن قتيبة ، حدثنا حرملة بن يحيى ، أنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، قال : سمعت معاوية ابن أبي سفيان ، وهو خطيب يقول : إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. وإنما أنا قاسم ، ويعطي الله. رواه مسلم في الصحيح ، عن حرملة ، ورواه البخاري ، عن سعيد بن عفير وغيره عن ابن وهب (٥).

أخبرنا أبو محمد ، عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدثنا سعدان بن نصر ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، سمع عروة يحدثه عن كرز بن علقمة الخزاعي ، قال : سأل رجل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هل

__________________

(١) سورة هود آية ٣٤.

(٢) سورة الأحزاب آية ١٧.

(٣) سورة الزمر آية ٣٨.

(٤) سورة يس الآيات ٢٠ ـ ٢٣.

(٥) رواية الإمام مسلم في كتاب الإمارة ، ١٧٥ حدثنا يزيد بن الأصم قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان ذكر حديثا رواه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم أسمعه ـ روى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على منبره حديثا غيره ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وذكره ورواه البخاري في كتاب العلم ١٠ والاعتصام ١٠ والترمذي في العلم ٤ وابن ماجه في المقدمة ١٧ وصاحب الموطأ في القدر ٨ وأحمد بن حنبل في المسند ١ : ٣٠٦ ، ٢ : ٢٣٤ ، ٤ : ٩٢ (حلبي).

٢٤٢

للإسلام منتهى؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أيما أهل بيت من العرب والعجم أراد الله بهم خيرا ، أدخل عليهم الإسلام. فقال : ثم ما ذا؟ قال : ثم يقع الغنى كأنها الظلل. قال الرجل : كلا والله إن شاء الله! قال : بلى ، والذي نفسي بيده لتعودن فيها أساود صبا يضرب بعضكم رقاب بعض.

قال الزهري : أساود صبا : الحية السوداء إذا أراد أن ينهش ارتفع هكذا ثم انصب.

أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس ، محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن مكرم ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا مالك ، عن ابن أبي صعصعة ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من يرد الله به خيرا يصب منه. رواه البخاري في الصحيح ، عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك.

أخبرنا أبو القاسم ، علي بن محمد بن علي الأيادي المالكي ـ ببغداد ـ بانتخاب أبي القاسم الطبري ، قال : أنا أبو بكر ، أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي ، حدثنا عبيد بن عبد الواحد ، حدثنا ابن أبي مريم ، أنا محمد بن جعفر ، قال : أخبرني حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إذا أراد الله بعبد خيرا ، استعمله. قال : وكيف يستعمله يا رسول الله؟ قال : يوفقه لعمل صالح قبل الموت (١).

حدثنا الإمام أبو الطيب ، سهل بن محمد بن سليمان ، حدثنا أبو العباس ، محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم ، حدثنا أبو أمية ، محمد بن إبراهيم

__________________

(١) هذا الأثر أوله عند أحمد : لا تعجبوا لعمل عامل حتى تنظروا بما يختم له وهو على شرط الشيخين ، وأخرج أحمد والطبراني وأبو الشيخ عن أبي عيينة والخولاني مرفوعا : إذا أراد الله بعبد خيرا عسله قيل وما عسله ..؟ قال : يفتح له عملا صالحا بين يدي موته ، وروى العسكري عن أنس مرفوعا لا يضركم أن لا تعجبوا من أحد حتى تنظروا بما يختم له ، وروى عن معاوية عن قرة أنه قال : بلغني أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يقول : اللهم اجعل خير عمري آخره ، وخير عملي خواتمه وخير أيامي هو يوم ألقاك ، بل هو من دعائه للطبراني عن أنس.

٢٤٣

الطرسوسي ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير ، حدثنا عبد الله بن يحيى ابن أبي كثير ، عن أبيه ، عن جبير بن نضير ، عن عمرو بن الحمق كعلم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إذا أراد الله بعبد خيرا عمله. قالوا : وكيف يعمله؟ قال : يهديه لعمل صالح حتى يقبضه عليه. تابعه عبد الرحمن بن جبير بن نضير ، عن أبيه.

أخبرنا أبو علي الروذباري ، أنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا موسى بن عامر ، حدثنا الوليد ح.

وأخبرنا أبو سعيد الماليني ، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ ، حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبدوس ، حدثنا موسى بن أيوب النصيبي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا زهير بن محمد ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنه قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إذا أراد الله بالأمير خيرا ، جعل له وزير صدق. إن نسي ، ذكره. وإن ذكر ، أعانه. وإذا أراد به غير ذلك ، جعل له وزير سوء. إن نسي ، لم يذكره. وإن ذكر ، لم يعنه (١).

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس ، محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد ابن إسحاق الصاغاني ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ح.

وأخبرنا أبو الحسين ، علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي ـ ببغداد ـ حدثنا أبو جعفر ، محمد بن عمرو الرزاز ، حدثنا أحمد بن ملاعب بن حيان ، حدثنا عفان ابن مسلم ، عن حماد بن سلمة ، أنا يونس عن الحسن بن عبد الله بن مغفل ، قال : إن رجلا لقي امرأة كانت بغيا في الجاهلية ، قال : فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها ، فقالت المرأة : مه ، إن الله تعالى قد ذهب بالشرك وجاء بالإسلام ، فولى الرجل ، فأصاب وجهه الحائط ، فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره فقال : أنت عبد أراد الله بك خيرا ، إن الله (عزوجل) إذا أراد بعبد خيرا ، عجل له

__________________

(١) الحديث رواه الإمام أحمد مختصرا في المسند ٦ : ٧٠ حدثنا حسين بن محمد قال حدثنا مسلم يعني ابن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال : أخبرني القاسم بن محمد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذكره.

٢٤٤

عقوبة ذنبه. وإذا أراد بعبد شرا ، أمسك عليه بذنبه حتى يوافي يوم القيامة كأنه عير.

أخبرنا أبو القاسم ، زيد بن جعفر بن محمد بن علي بن أبي هاشم العلوي بالكوفة ، أنا أبو جعفر ، محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا محمد بن الحسين ابن أبي حسين ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سعد بن سنان ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : إذا أراد الله بعبده الخير ، عجل له العقوبة في الدنيا. وإذا أراد بعبده الشر ، أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة (١).

أخبرنا أبو القاسم الحربي ـ ببغداد ـ حدثنا أبو سعيد ، أحمد بن محمد بن أبي عثمان النيسابوري ، حدثنا محمد بن المسيب الأرغياني ، حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا يزيد بن عبد الله ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن الله تعالى إذا أراد رحمة أمة من عباده ، قبض نبيها قبلها ، فجعله لها سلفا وفرطا. وإذا أراد هلاك أمة ، عذبها ونبيها حي ، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره. أخرجه مسلم في الصحيح فقال : حدثت عن أبي أسامة رضي الله عنه (٢).

أخبرنا الأستاذ أبو بكر ، محمد بن الحسين بن فورك ، أنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أبي أيوب ، عن أبي المليح الهذلي ، عن أبي عزة الهذلي ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إن الله تبارك وتعالى إذا أراد قبض عبد بأرض ، جعل له بها حاجة.

__________________

(١) الحديث أخرجه الترمذي في كتاب الزهد ٥٦ باب ما جاء في الصبر على البلاء.

٢٣٩٦ عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وذكره.

قال الترمذي : هذا حديث غريب من هذا الوجه.

(٢) رواية الإمام مسلم في كتاب الفضائل ٢٤ (٢٢٨٨) بسنده عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : وذكره والفرط : بمعنى الفارط المتقدم إلى الماء ليهيئ السقي يريد أنه شفيع يتقدم. وسلفا : هو المقدم من عطف المرادف أو أعم.

٢٤٥

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، سمعت بكر بن محمد الصيرفي يقول : سمعت إسماعيل بن إسحاق يقول : سمعت علي بن المديني يقول : أبو عزة اسمه يسار بن عبد هذلي ، له صحبة.

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو الحسين بن علي الحافظ ، أنا محمد بن الحسن ابن قتيبة ، حدثنا حرملة بن يحيى ، أنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر ، قال : إن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إذا أراد الله بقوم عذابا ، أصاب من كان فيهم ، ثم بعثهم على أعمالهم. رواه مسلم في الصحيح ، عن حرملة بن يحيى.

أخبرنا أبو علي الروذباري ، أنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي ، أنا أبو حاتم الرازي ، حدثنا أبو ثوبة ، حدثنا حفص بن ميسرة ، حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنه ، قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إذا أراد الله بأهل بيت خيرا ، أدخل عليهم الرفق في المعاش.

أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو طاهر المحمدآبادي ، حدثنا أبو عمران ، موسى بن هارون بن عبد الله ـ ببغداد ـ حدثنا إبراهيم بن محمد بن عباس بن عثمان الشافعي ، حدثنا أبو غرازة ، محمد ، يعني ابن عبد الرحمن التيمي ، قال : أخبرني أبي ، عن القاسم عن عائشة رضي الله عنه ، قالت : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الرفق يمن ، والخرق شؤم. وإذا أراد الله بأهل بيت خيرا ، أدخل عليهم الرفق. إن الرفق لم يكن في شيء ، إلا زانه ، والخرق لم يكن في شيء قط إلا شانه. وإن الحياء من الإيمان. وإن الإيمان في الجنة. ولو كان الحياء رجلا ، لكان صالحا. وإن الفحش من الفجور. وإن الفجور في النار. ولو كان الفحش رجلا يمشي في الناس ، لكان رجلا سوء (١).

أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي ، أنا أبو الحسن الطرائفي ، حدثنا عثمان بن سعيد ، حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن

__________________

(١) هذه مجموعة أحاديث ذكرت في كتب الصحاح والسنن منها ما رواه الإمام مسلم في كتاب البر : إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه. ومنها ما رواه ابن ماجه في كتاب الزهد ، وكذلك الترمذي في كتاب البر والصلة : ما كان الفحش في شيء إلا شانه ، وما كان الحياء في شيء إلا زانه. وغير ذلك.

٢٤٦

أبي طلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) (١). يقول : من يرد الله ضلالته ، فلن يغني عنه من الله شيئا. وبإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) (٢).

يعني الكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ، فيقولون : لا إله إلا الله. ثم قال (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (٣). وهم عباده الصالحون ، الذين قال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) (٤).

فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله ، وحببها إليهم.

وبإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (عزوجل) : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) (٥).

يقول : سلطنا أشرارها ، فعصوا فيها. وإذا فعلوا ذلك ، أهلكناهم بالعذاب ، وهو قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها) (٦).

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أحمد بن كامل القاضي ، حدثنا محمد بن سعد العوفي ، قال : حدثني أبي ، سعد بن محمد بن الحسن بن عطية ، حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية ، حدثني أبي ، عن جدي عطية بن سعد ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله (عزوجل) : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) (٧).

يقول : من يرد الله أن يضله ، يضيق عليه حتى يجعل الإسلام عليه

__________________

(١) سورة المائدة آية ٤١.

(٢) سورة الزمر آية ٧.

(٣) سورة الزمر آية ٧.

(٤) سورة الحجر آية ٤٢.

(٥) سورة الإسراء آية ١٦.

(٦) سورة الأنعام آية ١٢٣.

(٧) سورة الأنعام آية ١٢٥.

٢٤٧

ضيّقا ، والإسلام واسع. وذلك حيث يقول : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (١).

يقول : ليس في الإسلام من ضيق.

أخبرنا أبو بكر ، أحمد بن الحسن القاضي ، وأبو سعيد ، محمد بن موسى ابن الفضل ، قالا : حدثنا أبو العباس ، محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا أبو الجواب ، حدثنا سفيان الثوري ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي جعفر المدائني أنه سئل عن قول الله (عزوجل) : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) (٢).

قال : نور يقذف به في الجوف ، فينشرح له الصدر وينفسح. قيل له : هل لذلك إمارة يعرف بها؟ قال : نعم ، إنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، واستعداد للموت قبل مجيء الموت (٣).

وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، حدثنا أبو منصور النضروي ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا سفيان ، عن خالد بن أبي كريمة ، من عبد الله بن المسور ـ وكان من ولد جعفر بن أبي طالب ـ قال : تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذه الآية : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) (٤) ، فقالوا : فهل لذلك علم يعرف به؟ قال : نعم ، إذا دخل النور القلب ، انفسح وانشرح. قالوا : فهل لذلك علم يعرف به؟ قال : نعم ، الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزول الموت. هذا منقطع.

أخبرنا أبو الحسن ، محمد بن الحسين بن داود العلوي ، أنا عبد الله بن محمد بن الحسن الشرقي ، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي ، حدثنا عبد الرحمن بن

__________________

(١) سورة الحج آية ٧٨.

(٢) سورة الأنعام آية ١٢٥.

(٣) الحديث أخرجه سعيد بن منصور ، وابن جريج وابن أبي حاتم عن عبد الله بن المسور ـ وكان من لد جعفر بن أبي طالب قال : تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذه الآية : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) قالوا يا رسول الله : وذكره. وأورده السيوطي في الدر المنثور ٣ : ٤٥.

(٤) سورة الأنعام آية ١٢٥.

٢٤٨

مهدي ، حدثنا عمر بن ذر ، قال : سمعت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول : لو أراد الله تعالى أن لا يعصى ، لم يخلق إبليس. وقد تبين ذلك في آية من كتاب الله (عزوجل) وفصلها ، علمها من علمها ، وجهلها من جهلها : (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ* إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١).

وقد روي في هذا خبر مرفوع.

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر ، أحمد بن إسحاق الفقيه ، أنا محمد بن أيوب ، أنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا عباد ، حدثنا إسماعيل بن عبد السلام ، عن زيد بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه ، قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس.

وحدثنا أبو محمد ، عبد الله بن يوسف الأصبهاني ـ إملاء ـ أنا أبو عمرو ابن مطر ، حدثنا أبو خليفة ، أنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا عباد بن عباد ، عن عمر ابن ذر ، قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يقول : لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس.

وحدثني مقاتل بن حبان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه : يا أبا بكر ، لو أراد الله أن لا يعصى ، ما خلق إبليس.

__________________

(١) سورة الصافات الآيتان ١٦٢ ـ ١٦٣.

٢٤٩

باب

قول الله (عزوجل): (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) (١).

وقوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) (٢).

وقوله (جل وعلا) : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٣).

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو النضر ، محمد بن يوسف الفقيه ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا سفيان ، قال الزهري : حدثناه. قال : أخبرني أبو إدريس الخولاني ، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : كنا عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا. الآية. فمن وفي منكم ، فأجره على الله تعالى. ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به ، فهو كفارة. ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله ، فهو إلى الله تعالى ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له. رواه البخاري في الصحيح ، عن علي بن عبد الله. ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى ، وغيره عن سفيان.

أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق ، أنا بشر بن موسى ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة

__________________

(١) سورة آل عمران آية ١٢٩.

(٢) سورة الإسراء آية ٥٤.

(٣) سورة النساء آية ٤٨.

٢٥٠

رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : احتجت الجنة والنار ، فقالت النار : يدخلني المتكبرون ، ويدخلني الجبارون. وقالت الجنة : يدخلني الضعفاء ، ويدخلني المساكين. فقال الله (عزوجل) للجنة : أنت رحمتي ، أرحم بك من أشاء. وقال للنار : أنت عذابي أعذب بك من أشاء. ولكل واحدة منكما ملؤها. رواه مسلم في الصحيح ، عن أبي عمر ، عن سفيان. وأخرجه البخاري من وجه آخر (١).

__________________

(١) رواية الإمام مسلم في كتاب الجنة ١٣ باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء ٣٤ (٢٨٤٦) عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وذكره. ورواية الإمام البخاري في كتاب التوحيد ٢٥ والترمذي في الجنة ٢٢ وأحمد بن حنبل ٢ : ٢٧٦ ، ٣١٤ ، ٤٥٠ ، ٥٠٧ (حلبي).

٢٥١

باب

قول الله (عزوجل): (اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) (١).

وقوله (جل جلاله) : (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (٢).

وقوله : (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) (٣).

وقوله : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (٤).

وقوله : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٥).

أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو بكر ، محمد بن الحسين القطان ، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي ، حدثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن همام بن منبه ، قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا يقل أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت. و : ارحمني إن شئت. أو : ارزقني إن شئت. ليعزم مسألته. إنه يفعل ما يشاء ، لا مكره له. رواه البخاري في الصحيح ، عن يحيى ، عن عبد الرزاق. وأخرجه مسلم من وجه آخر (٦).

__________________

(١) سورة آل عمران آية ٤٠.

(٢) سورة إبراهيم آية ٢٧.

(٣) سورة الحج آية ١٤.

(٤) سورة هود آية ١٠٧.

(٥) سورة يس آية ٨٢.

(٦) الحديث رواه البخاري في كتاب التوحيد ٧٤٧٧ حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام سمع أبا هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذكره. ورواه الترمذي في كتاب الدعوات ٧٧ ، وصاحب الموطأ في القرآن ٢٨ ورواه الإمام مسلم في ٤٨ كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ٣ باب الغرم بالدعاء ولا يقل إن شئت حديث ٩ ورواية صاحب الموطأ بسنده عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وذكره.

٢٥٢

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر ، أحمد بن سليمان الموصلي ، حدثنا علي بن حرب الموصلي ، حدثنا عبد الله بن إدريس ح.

وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر ، حدثنا الحسن ابن سفيان ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن ربيعة بن عثمان ، عن محمد بن يحيى بن حيان ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف. وفي كل خير. احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز.

وإن أصابك شيء ، فلا تقل : لو أني فعلت كذا وكذا. قل : قدر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم في الصحيح ، عن أبي بكر بن أبي شيبة (١).

أخبرنا أبو الحسن ، علي بن محمد المقري ، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، حدثنا يوسف بن يعقوب ، حدثنا محمد بن أبي بكر ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبا جعفر الثقفي يقول : حدثني شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن ربه (عزوجل) ، قال : يقول : يا عبادي : كلكم مذنب إلا من عافيت ، فاستغفروني أغفر لكم بقدرتي. من علم منكم أني ذو مقدرة على المغفرة فاستغفرني ، غفرت له ولا أبالي. وكلكم ضال إلا من هديت ، فسلوني الهدى أهدكم. وكلكم فقير إلا من أغنيت ، فسلوني أرزقكم. يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم ، ورطبكم ويابسكم وحيكم وميتكم اجتمعوا على أتقى قلب عبد من عبادي لم يزد ذلك في ملكي جناح بعوضة. ولو اجتمعوا على أشقى قلب عبد من عبادي ، لم ينقص ذلك من ملكي جناح بعوضة. ولو أن أولكم وآخركم

__________________

(١) رواية الإمام مسلم في كتاب القدر ٨ باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير صلى‌الله‌عليه‌وسلم ٣٤ (٢٦٦٤) عن ربيعة بن عثمان ، عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذكره. ورواه ابن ماجة في المقدمة ١٠ والزهد ١٤.

٢٥٣

ورطبكم ويابسكم وحيكم وميتكم اجتمعوا فسأل كل سائل منهم ما سأل ، لم ينقص ذلك مما عندي شيئا ، كما لو أن أحدكم مر على شفة البحر فغمس فيه إبرة ، ثم انتزعها. ذلك بأني جواد ماجد أفعل ما أشاء ، عطائي كلام ، وعذابي كلام. وإذا أردت شيئا ، فإنما أقول له : كن فيكون (١).

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنا الحسن بن علي بن زياد ، حدثنا عبد العزيز بن عبيد الله الأويسي ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن عيسى بن يزيد ، عن محمد بن أبي جعفر ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه انصرف ليلة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : فسمعته يكثر في الوتر ، يقول : اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي ، وتجمع بها أمري ، وتلم بها شعثي ، وترفع بها شاهدي ، وتحفظ بها غائبي ، وتبيض بها وجهي ، وتزكي بها عملي ، وتلهمني بها رشدي ، وتعصمني بها من كل سوء. اللهم إني أسألك رحمة من عندك أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة. اللهم ذا الأمر الرشيد ، والحبل الشديد : أسألك الأمن يوم الوعيد ، والجنة يوم الخلود ، مع المقربين الشهود ، إنك رحيم ودود ، فعال لما تريد. ورويناه من حديث داود بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنهم.

أخبرنا أبو القاسم الحربي ـ ببغداد ـ حدثنا أحمد بن سلمان ، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان ، حدثنا عباس النرسي ، حدثنا جعفر بن سليمان ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، قال : ينتهي القرآن كله إلى : (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (٢).

ورواه معتمر بن سليمان ، قال : قال أبي : حدثنا أبو نضرة ، عن جابر ، أو أبي سعيد ، أو بعض أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال في هذه الآية : إنها قاضية على القرآن كله (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (٣).

__________________

(١) الحديث أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة ٣٤٩٥ حدثنا أبو الأحوص عن ليث عن شهر ابن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وذكره. وقال الترمذي : هذا حديث حسن.

(٢) سورة هود آية ١٠٧.

(٣) سورة هود آية ١٠٧.

٢٥٤

قال المعتمر : قال أبي : يعني على كل وعيد في القرآن.

أخبرنا الأستاذ الإمام أبو عثمان ، أنا أبو سعيد الرازي ، حدثنا محمد بن أيوب ، أنا عبيد الله بن معاذ ، حدثنا معتمر ، فذكره. وإنما أراد ـ والله أعلم ـ أنه فعّال لما يريد. فإن أراد أن يعفو عن المسيء ، ما أوعد على أسامة فعل. غير أنه قد قيده في آية أخرى. بما دون الشرك ، فقال : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (١).

وهو فيما دون الشرك على كل وعيد في القرآن. والله أعلم.

__________________

(١) سورة النساء آية ٤٨.

٢٥٥

باب

ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن

قال الله (عزوجل) : (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) (١).

وقال لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (٢).

وقال (تبارك وتعالى) (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى * إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (٣).

أخبرنا أبو يعلى ، حمزة بن عبد العزيز الصيدلاني ، أنا أبو جعفر ، محمد ابن أحمد الرازي ، حدثنا أبو زرعة ، عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي ، حدثنا عمر بن يونس ، عن عيسى بن عون بن حفص بن فرافصة ، عن عبد الملك بن زرارة الأنصاري ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما أنعم الله على عبد من نعمة من أهل ، أو مال ، أو ولد ، فيقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، فيرى فيه آفة دون الموت.

وأخبرنا أبو القاسم ، عبد الرحمن بن عبيد الله الحربي ـ ببغداد ـ أنا أبو بكر ، أحمد بن سلمان الفقيه ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي ، حدثنا الحسن بن الصباح ، حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا عيسى بن عون الحنفي ، فذكر بإسناده نحوه.

__________________

(١) سورة الكهف آية ٣٩.

(٢) سورة الأعراف آية ١٨٨.

(٣) سورة الأعلى الآيتان ٦ ـ ٧.

٢٥٦

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو النضر الفقيه ، حدثنا علي بن محمد ابن عيسى ، حدثنا أبو اليمان ، أنا شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، قال : أخبرني سعيد بن المسيب ، وعطاء بن يزيد الليثي ، أن أبا هريرة رضي الله عنه أخبرهما أن الناس قالوا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا رسول الله : هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فذكر حديث الرؤية ، وذكر من يوثق بعلمه ، ومن يخردل. قال : ثم ينجو ، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار ، أمر الملائكة أن أخرجوا من كان يعبد الله تعالى ، فيخرجونهم ويعرفونهم بأثر السجود. وذكر الحديث في الرجل الذي يبقى بين الجنة والنار ، يقول : يا رب اصرف وجهي عن النار ، فإنه قد قشبني ريحها ، وأحرقني ذكاؤها. فيقول الله (عزوجل) : فهل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول : لا وعزتك. فيعطي ربه ما يشاء من عهد وميثاق. فيصرف الله تعالى وجهه عن النار. فإذا أقبل بوجهه على الجنة ، فرأى بهجتها ، فيسكت ما شاء الله أن يسكت. ثم قال : يا رب : قدمني عند باب الجنة ... وذكر الحديث. أخرجاه في الصحيح (١).

أخبرنا أبو محمد بن يوسف ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا هشام بن أبي عبد الله ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله عنه قال : إن نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : فذكر حديث الشفاعة. وفيه قال : فإذا رأيت ربي ، وقعت له ساجدا ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني. ثم يقال لي : ارفع يا محمد ، قل يسمع ، وسل تعط ، واشفع تشفع ... ثم ذكر الحديث ، وأعاد ذكر السجود. وقوله : فيدعني ما شاء الله أن يدعني مرتين آخرتين ، أخرجاه في الصحيح (٢).

__________________

(١) الحديث أخرجه الامام البخاري في كتاب الآذان ١٢٩ باب فضل السجود ٨٠٦ عن الزهري قال : أخبرني سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبرهما أن الناس قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ...؟ قال : وذكره. وأخرجه أيضا في كتاب الرقاق ٥٢ وكتاب التوحيد ٢٤ ورواه الإمام مسلم في كتاب الأيمان ٢٩٩ وأحمد بن حنبل في المسند ٢ : ٢٧٦ ، ٢٩٣ ، ٥٣٤ (حلبي).

(٢) سبق تخريج هذا الحديث.

٢٥٧

وأخرجا حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في رواية : بينا أنا نائم ، رأيتني على قليب ، فنزعت ما شاء الله أن أنزع. وهذه لفظة جارية على لسان المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم على ألسنة الصحابة رضي الله عنه فمن بعدهم إلى يومنا هذا. وبالله التوفيق.

أخبرنا أبو علي الروذباري ، أنا أبو بكر بن داسة ، قال : قال أبو داود : حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني عمرو أن سالم الضراء حدثه أن عبد الحميد مولى بني هاشم حدثه أن أمه حدثته ، وكانت تخدم بعض بنات النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن ابنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حدثتها أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يعلمها فيقول : قولي حين تصبحين : سبحان الله وبحمده ، لا قوة إلا بالله ، ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، أعلم أن الله على كل شيء قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما. وأنه من قالها حين يصبح ، حفظ حتى يمسي. ومن قالها حين يمسي ، حفظ حتى يصبح (١).

أخبرنا أبو الحسن ، علي بن أحمد بن إبراهيم الخسروجردي ، من أصل سماعه ، أنا أبو حامد ، أحمد بن محمد بن الحسن الخسروجردي ، حدثنا داود بن الحسين الخسروجردي ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس ، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن ضمرة بن حبيب ، عن أبي الدرداء ، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعاه وأمره أن يتعاهده ويتعاهد به أهله كل يوم ، قال حين يصبح : لبيك اللهم لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، ومنك وبك وإليك. اللهم ما قلت من قول ، أو حلفت من حلف ، أو نذرت من نذر فمشيئتك بين يدي ذلك كله. ما شئت كان ، وما لم تشأ لا يكون. لا حول ولا قوة إلا بك ، إنك على كل شيء قدير. اللهم ما صليت

__________________

(١) الحديث رواه أبو داود في كتاب الأدب ٥٠٧٥ حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني عمرو أن سالما الفراء حدثه أن عبد الحميد مولى بني هاشم حدثه أن أمه حدثته ، وكانت تخدم بعض بنات النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن ابنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حدثتها أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يعلمها فيقول : قولي حين تصبحين : وذكره.

٢٥٨

من صلاة فعلى من صليت. وما لعنت من لعن ، فعلى من لعنت ، أنت وليي في الدنيا والآخرة. توفني مسلما وألحقني بالصالحين ، أسألك اللهم الرضا بعد القضاء ، وبرد العيش بعد الموت ، ولذة النظر إلى وجهك ، وشوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة أعوذ بك أن أظلم أو أظلم ، أو أعتدي أو يعتدى عليّ ، أو أكسب خطيئة أو ذنبا لا تغفره. اللهم فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، ذا الجلال والإكرام ، فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا وأشهدك ، وكفى بالله شهيدا أني أشهد أن لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، لك الملك ولك الحمد ، وأنت على كل شيء قدير. وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك ، وأشهد أن وعدك حق ، ولقاؤك حق ، والساعة آتية لا ريب فيها ، وأنك تبعث من في القبور ، وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى وهن وعورة وذنب وخطيئة ، وإني لا أثق إلا برحمتك ، فاغفر لي ذنبي كله ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، وتب عليّ ، إنك أنت التواب الرحيم. تابعه بقية بن الوليد ، عن أبي بكر في المشيئة ، وله شاهد من وجه آخر ، عن أبي الدرداء في المشيئة.

أخبرنا أبو يعلى الصيدلاني ، أنا أبو عمرو ، محمد بن محمد بن عبدوس الأنماطي ، حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا أبو خالد ، هدبة بن خالد ، أنا الأغلب ابن تميم ، حدثنا الحجاج بن فرافصة ، عن طلق ، قال : جاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فقال : يا أبا الدرداء أاحترق بيتك؟ قال : ما احترق ، ثم جاء آخر فقال مثل ذلك. فقال : ما احترق. ثم جاء آخر فقال مثل ذلك. فقال : ما احترق. ثم جاء آخر فقال : يا أبا الدرداء ، انبعثت النار حتى انتهت إلى بيتك طفئت. قال : قد علمت أن الله (عزوجل) لم يكن ليفعل. قال : يا أبا الدرداء ، ما ندري أي كلامك أعجب ، قولك : ما احترق. أو قولك : قد علمت أن الله لم يكن ليفعل ذلك. قال : ذاك كلمات سمعتهن من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قالهن حين يصبح ، لم تصبه مصيبة حتى يمسي : «اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، عليك توكلت ، وأنت رب العرش الكريم. ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أعلم أن الله على كل شيء قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما. اللهم

٢٥٩

إني أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم (١)».

وروى بعض ألفاظ الأول عن أبي ذر رضي الله عنه من قوله. أخبرنا أبو علي الروذباري أنا أبو بكر بن داسة ، قال : قال أبو داود : حدثنا ابن معاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا المسعودي ، حدثنا القاسم ، قال : كان أبو ذر رضي الله عنه يقول : من قال حين يصبح : اللهم ما حلفت من حلف ، أو قلت من قول ، أو نذرت من نذر فمشيئتك بين يدي ذلك كله ، ما شئت كان ، وما لم تشأ لم يكن. اللهم اغفره وتجاوز لي عنه. اللهم فمن صليت عليه فعليه صلاتي ، ومن لعنت ، فعليه لعنتي كان في استثناء يومه ذلك.

أخبرنا أبو زكريا ، يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، حدثنا أبو العباس ، محمد بن يعقوب ، حدثنا بحر بن نصر ، حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : بلغنا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان يقول إذا خطب : كل ما هو آت قريب ، لا بعد لما هو آت. لا يعجل الله لعجلة أحد ، ولا يخفف لأمر الناس. ما شاء الله ، لا ما شاء الناس. يريد الناس أمرا ، ويريد الله أمرا. وما شاء الله كان ، ولو كره الناس. لا مبعد لما قرب الله ، ولا مقرب لما أبعد الله. ولا يكون شيء إلا بإذن الله (٢).

أخبرنا أبو الحسين بن بشران ـ ببغداد ـ أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن جعفر بن برقان ، قال : قال ابن مسعود رضي الله عنه : ... فذكره من قوله موقوفا مرسلا. فكأنه أخذه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) هذه مجموعة آثار ذكرها الإمام مسلم في كتاب الذكر ٦٢ وابن ماجة في كتاب الدعاء ١٥ وذكر بعضها الترمذي في كتاب الدعوات ١٤ ـ ٩٥ والإمام أحمد بن حنبل في المسند ١ : ٩ ، ١١. ٢ : ١٩٦ ، ٢٩٧ (حلبي).

(٢) رواية أبي داود في كتاب الأدب ٥٠٧٥ بسنده عن عبد الله بن وهب قال أخبرني عمرو أن سالما الفراء حدثه أن عبد الحميد مولى بن هاشم حدثه أن أمه حدثته ، وكانت تخدم بعض بنات النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يعلمها فيقول قولي حين تصبحين وذكره مع اختلاف في بعض الألفاظ.

٢٦٠