الامام الكاظم عليه السلام سيّد بغداد

الشيخ علي الكوراني العاملي

الامام الكاظم عليه السلام سيّد بغداد

المؤلف:

الشيخ علي الكوراني العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEImam-Kadhem-Sayyed-Baqdadimagesimage001.gif

١

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEImam-Kadhem-Sayyed-Baqdadimagesrafed.png

٢

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .

وبعد ، فقد اشتهرت بغداد بأنها عاصمة دولة الخلافة الإسلامية في أزهى عصورها ، يوم كانت أقوى وأرقى دول العالم .

كما اشتهرت بمدنيتها وثقافتها ، ومدراسها الفكرية والمذهبية ، وكثرة من نبغ فيها وحل فيها ، من العلماء والأدباء .

واشتهرت بمبانيها ومؤسساتها ، من دور وقصور ، ومكتبات ومستشفيات ، وجامعات ومدارس ، ومساجد وتكايا .

واشتهرت بغداد بمباهج الحياة فيها ، التي جعلتها مطمح الراغبين في حياة الرفاه والترف ، واللهو والمجون .

كما اشتهرت بشخصياتها التي برزت فيها فطبعتها ببصماتها ، أو طبعتها بغداد بطابعها . ولم تقتصر الشهرة على شخصيات الخلفاء والوزراء والسياسيين ، فهؤلاء استولى سلطانهم على الأبدان والأبشار ، ويقابلهم شخصيات الأولياء الذين استولى سلطانهم على الأرواح والقلوب ، وكان في طليعتهم الإمام موسى

٣

بن جعفر الكاظم عليه‌السلام ، الذي قضى في بغداد بضع سنوات ، بين الإقامة الجبرية في أحد أحيائها ، والسجن الخاص في سجونها .

ولهذا السبب كان البغدادي يدين بالولاء الظاهر للسلطة ، لكن ولاءه الواقعي للأولياء ، وفي طليعتهم أهل البيت عليهم‌السلام .

وقد اعترف هارون الرشيد بهذه الحقيقة فقال لابنه المأمون : « أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر ، وموسى بن جعفر إمام حق ، والله يا بني إنه لأحق بمقام رسول الله مني ومن الخلق جميعاً ! ووالله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك ، فإن الملك عقيم » ! ( الإحتجاج : ٢ / ١٦٥ ) .

كما اعترف بهذه الحقيقة أبو نواس الذي هو رمز حياة اللهو والمجون ، بأمثال قوله :

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء . وداوني بالتي كانت هي الداء ! ( شرح النهج : ١٦ / ١٠١ ) .

ألا اسقني خمراً وقل لي هي الخمر ولاتسقني سراً إذا أمكن الجهر ! ( الطبري : ٧ / ١٠٩ )

وهو في نفس الوقت الذي في أهل البيت عليهم‌السلام كما في الطبري : ٧ / ١٠٩ :

« مطهرون نقياتٌ ثيابهم

تجري الصلاةُ أينما ذكروا

من لم يكن علوياً حين تنسبه

فما له في قديم الدهر مفتخرُ

فأنتم الملأ الأعلى وعندكم

صفَّاكم واصطفاكم أيها البشرُ

« مطهرون نقياتٌ ثيابهم

علم الكتاب وما جاءت به السُّوَرُ

بل جمع أبو نواس بين لهو بغداد وولاء الأولياء في قوله ، كما في المناقب : ٢ / ٣٠٦ :

« ومدامةٍ من خمر حانةِ قَرْقَفٍ

صفراء ذات تلهُّب وتشعشعِ

رقَّت كدين الناصبي ، وقد صفت

كصفا الوليِّ الخاشعِ المتشيعِ

باكرتها وجعلت أنشق ريحها

وأمصُّ دَرتها كدَرة مرضعِ

٤

في فتية رفضوا العتيق ونعثلاً

وعنوا بأروعَ في العلوم مُشَفَّعِ

وتيقنوا أن ليس ينفع في غدٍ

غيرُ البطين الهاشمي الأنزعِ » .

فالبغدادي الماجن كالمؤمن ، يخضع للسلطة الظاهرية ، لكنه لا يعطي السلطان على قلبه إلا لأولياء الله تعالى ، ومن هنا كان لمشهد الإمام الكاظم عليه‌السلام قداسةٌ أجمع عليها البغداديون على اختلاف مذاهبهم ، بل على اختلاف أديانهم !

وبذلك كان إسم سيد بغداد إسماً طبيعياً للإمام الكاظم عليه‌السلام تؤيده الحقائق الكبيرة والنصوص الكثيرة ، التي تجدها في هذا البحث موثقة من أصح المصادر .

أما وصفه بأنه حامي بغداد وشفيعها ، فقد أخذناه من حديث لولده الإمام الرضا عليه‌السلام يقول فيه إن الله تعالى يدفع البلاء عن أهل بغداد ببركة قبر أبيه الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام .

وقد بَيَّنَّا في فصول الكتاب أن ولاء البغداديين لأهل البيت عليهم‌السلام لم يبدأ بالإمام الكاظم عليه‌السلام لكنه تَتَوَّجَ به ، وأثبتنا عراقة وجود الشيعة في الكرخ وضواحي بغداد ، قبل تأسيسها كمدينة وعاصمة ، بأكثر من قرن .

ثم بحثنا في الفصل الثاني الروايات الواردة في مصادر الطرفين عن مستقبل بغداد ، التي تزعم أن جيش السفياني السوري يدمرها ، وبينا أنها موضوعة !

ثم سلطنا الضوء على تأسيس بغداد في القرن الثاني ، وشخصية مؤسسها المنصور العباسي ، ثم على شخصيات أولاده الخلفاء الذين عاصروا الإمام الكاظم عليه‌السلام ، وكل خلفاء بني العباس من أولاد المنصور .

٥

وطبيعي أن لا يكون بحثنا لهؤلاء الخلفاء من زاوية إنجازاتهم وإيجابياتهم ، بل من الوجه الآخر وهو زاوية صراع الملوك التاريخي مع الأئمة الربانيين ، لأنهم يرون فيهم خطراً على ملكهم ، ويحسدونهم لمودة الناس لهم وعقيدتهم فيهم .

لذلك عقدنا بضعة عشر فصلاً ، تناولنا فيها شخصية المنصور العباسي ، ثم ابنه المهدي ، ثم ابنه موسى الهادي ، من زاوية خلافهم مع أئمة أهل البيت عليهم‌السلام .

وقد استوجب الموضوع أن نفصل البحث في شخصية هارون الرشيد وأهم وزرائه ، وأسباب عدائه للإمام الكاظم عليه‌السلام ، الى أن أقدم على قتله .

وفي المقابل كشفنا معالم شخصية الإمام الكاظم عليه‌السلام الذي أُعجب به أعداؤه قبل أحبائه ، وتعلقت به قلوبهم ، لأنه من منظومة الإمامة الربانية ، الذين استجاب الله فيهم دعوة أبيهم إبراهيم عليه‌السلام : فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ .

رزقنا الله وجميع المسلمين شفاعة جدهم صلى‌الله‌عليه‌وآله وشفاعتهم عليهم‌السلام ، ووفقنا لزيارتهم .

كتبه : علي الكَوْرَاني العاملي

في الثاني عشر من محرم الحرام ١٤٣١

٦

الفصل الأول :

عراقة الشيعة في بغداد

١ ـ مسجد براثا قبل بغداد بأكثر من قرن !

قال الحموي في معجم البلدان : ١ / ٣٦٢ : « براثا : بالثاء المثلثة والقصر : محلة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محول ، وكان لها جامع مفرد تصلي فيه الشيعة » .

وفي أمالي الطوسي / ١٩٩ ، عن الإمام الباقر عليه‌السلام قال : « إن أمير المؤمنين عليه‌السلام لما رجع من وقعة الخوارج اجتاز بالزوراء فقال للناس : إنها الزوراء فسيروا وجَنِّبوا عنها ، فإن الخسف أسرع إليها من الوتد في النخالة ، فلما أتى موضعاً من أرضها قال : ما هذه الأرض ؟ قيل أرض بحرا ، فقال : أرض سباخ ، جنبوا ويَمِّنوا . فلما أتى يمنة السواد فإذا هو براهب في صومعة له فقال له : يا راهب ، أنزلُ هاهنا ؟فقال له الراهب : لا تنزل هذه الأرض بجيشك . قال : ولمَ ؟ قال : لأنه لا ينزلها إلا نبي أو وصي نبي بجيشه يقاتل في سبيل الله ، هكذا نجد في كتبنا . فقال له أمير المؤمنين : فأنا وصي سيد الأنبياء صلى‌الله‌عليه‌وآله وسيد الأوصياء . فقال له الراهب : فأنت إذن أصلع قريش ووصي محمد ؟ قال له أمير المؤمنين : أنا ذلك .

فنزل الراهب إليه فقال : خذ عليَّ شرائع الإسلام ، إني وجدت في الإنجيل نعتك ، وأنك تنزل أرض براثا بيت مريم وأرض عيسى عليه‌السلام !

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قف ولا تخبرنا بشئ ، ثم أتى موضعاً فقال : إلكزوا

٧

هذه ، فلكزه برجله عليه‌السلام فانبجست عين خرارة ، فقال : هذه عين مريم التي انبعثت لها ! ثم قال : إكشفوا هاهنا على سبعة عشر ذراعاً ، فكشف فإذا بصخرة بيضاء فقال علي عليه‌السلام : على هذه وضعت مريم عيسى من عاتقها وصلت هاهنا ؟

فنصب أمير المؤمنين عليه‌السلام الصخرة وصلى إليها ، وأقام هناك أربعة أيام يتم الصلاة ، وجعل الحرم في خيمة من الموضع على دعوة ( مسافة قريبة ) ثم قال : أرض براثا ، هذا بيت مريم عليها‌السلام هذا الموضع المقدس صلى فيه الأنبياء عليهم‌السلام » !

وفي من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٢ : « وأما مسجد براثا ببغداد ، فصلى فيه أمير المؤمنين عليه‌السلام لما رجع من قتال أهل النهروان » .

وفي تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٤ ، أن الراهب قال : « إنما بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثا ، وقرأت في الكتب المنزلة أنه لا يصلي في هذا الموضع بذا الجمع إلا نبي أو وصي نبي ، وقد جئت أن أسلم ، فأسلم فخرج معنا إلى الكوفة فقال له علي عليه‌السلام : فمن صلى هاهنا ؟ قال : صلى عيسى بن مريم وأمه . فقال له علي عليه‌السلام : أفأفيدك من صلى هاهنا ؟ قال : نعم قال : الخليل عليه‌السلام » .

وفي مناقب آل أبي طالب : ٢ / ١٠٠ : « قال أمير المؤمنين : فاجلس يا حباب ، قال : وهذه دلالة أخرى ، ثم قال : فانزل يا حباب من هذه الصومعة وابن هذا الدير مسجداً ، فبنى حباب الدير مسجداً ، ولحق أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى الكوفة ، فلم يزل بها مقيماً حتى قتل أمير المؤمنين عليه‌السلام فعاد حباب إلى مسجده ببراثا .

وفي رواية أن الراهب قال : قرأت أنه يصلي في هذا الموضع إيليا ، وصي البارقليطا محمد نبي الأميين ، الخاتم لمن سبقه من أنبياء الله ورسله عليهم‌السلام ، في كلام

٨

كثير ، فمن أدركه فليتبع النور الذي جاء به » .

وفي عيون المعجزات / ٢ : « لما رجع أمير المؤمنين عليه‌السلام من قتال أهل النهروان أخذ على النهروانات وأعمال العراق ، ولم يكن يومئذ بنيت بغداد . . الخ . » .

وفي اليقين لابن طاووس / ٤٢١ : « فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : وأين تأوي ؟ فقال : أكون في قلاية ( صومعة ) لي هاهنا . فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : بعد يومك هذا لا تسكن فيها ، ولكن ابن هاهنا مسجداً وسمه باسم بانيه فبناه رجل اسمه براثا ، فسمي المسجد ببراثا باسم الباني له . ثم قال : ومن أين تشرب يا حباب ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، من دجلة هاهنا . قال : فلم لا تحفر هاهنا عيناً أو بئراً ؟ فقال له : يا أمير المؤمنين ، كلما حفرنا بئراً وجدناها مالحة غير عذبة ! فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : إحفر هاهنا بئراً فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها . فقلعها أمير المؤمنين فانقلعت عن عين أحلى من الشهد وألذ من الزبد ، فقال له : يا حباب ، يكون شربك من هذه العين . أما إنه يا حباب ستبني إلى جنب مسجدك هذا مدينة وتكثر الجبابرة فيها ويعظم البلاء » .

أقول : دل هذا الحديث وغيره على أن إبراهيم عليه‌السلام صلى في موضع براثا ، واشترى أرض كربلاء وسماها كربلاء . وعلى أن مريم عليها‌السلام عاشت سنوات من تشريدها مع ابنها عيسى عليه‌السلام في العراق ، ويفهم من روايات سيرتها عليها‌السلام أن اليهود والرومان ضايقوها فاضطرت الى الهجرة وبقيت مع ابنها في الشام ومصر والعراق نحو ثلاثين سنة ، ثم أمر الله عيسى عليه‌السلام فرجع الى القدس ودعا الناس حتى حاولوا قتله فرفعه الله تعالى .

٩

٢ ـ مقبرة براثا

في كامل الزيارات / ٥٤٦ ، بسنده عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : « إن إلى جانبكم مقبرة يقال لها : براثا ، يحشر منها عشرون ومائة ألف شهيد كشهداء بدر » .

وفي تاريخ بغداد : ١ / ١٣٤ : « وبنواحي الكرخ مقابر عدة ، منها مقبرة باب الكناس مما يلي براثا ، دفن فيها جماعة من كبراء أصحاب الحديث » .

٣ ـ كان سكان الكرخ شيعة قبل تأسيس بغداد

كانت الكرخ قرية عامرة قبل تأسيس بغداد وكان فيها شيعة ، ففي بصائر الدرجات / ٣٥٥ ، أن الإمام الصادق عليه‌السلام سأل إبراهيم الكرخي : « يا إبراهيم أين تنزل من الكرخ ؟ قلت : في موضع يقال له شادروان ، قال فقال لي : تعرف قَطَفْتَا ؟ قال : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام حين أتى أهل النهروان نزل قطفتا ، فاجتمع إليه أهل بادرويا ، فشكوا إليه ثقل خراجهم وكلموه بالنبطية ، وأن لهم جيراناً أوسع أرضاً وأقل خراجاً ، فأجابهم بالنبطية : ( وغرزطا من عوديا ) قال فمعناه : رب رجز صغير خير من رجز كبير» . ومعنى الرجز هنا السهم من الأرض .

وتدل النصوص على أن قطفتا وبادرويا وشادروان والكرخ ، كانت قرى كبيرة عامرة ، وعبر عن بعضها بمدينة . وترجمت المصادر الرجالية لعدد من الكرخيين في أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام غير إبراهيم المذكور ، وفيهم علماء مؤلفون .

وفي الكافي : ٥ / ١٤١ ، و٢٦٨ ، عن إبراهيم الكرخي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل تكون له الضيعة الكبيرة فإذا كان يوم المهرجان أو النيروز أهدوا إليه

١٠

الشئ ليس هو عليهم يتقربون بذلك إليه ... قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أشارك العلج فيكون من عندي الأرض والبذر والبقر ويكون على العلج القيام والسقي والعمل في الزرع حتى يصير حنطة وشعيراً وتكون القسمة ، فيأخذ السلطان حقه ويبقى ما بقي على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي ، قال : لا بأس بذلك » .

وذكر في الكافي : ٣ / ٥٢٩ ، خالد بن الحجاج الكرخي ، روى عن الصادق عليه‌السلام .

وقال الحموي في معجم البلدان : ٤ / ٤٤٨ : « والأشعار في الكرخ كثيرة جداً ، وكانت الكرخ أولاً في وسط بغداد والمحال حولها ، فأما الآن فهي محلة وحدها مفردة في وسط الخراب وحولها محال .. وأهل الكرخ كلهم شيعة إمامية ، لا يوجد فيهم سني البتة » .

٤ ـ معروف الكرخي ليس من كرخ بغداد

قال الحموي في معجم البلدان : ٤ / ٤٤٩ : « كرخ جُدَّان : بضم الجيم ، وسمعت بعضهم يفتحها والضم أشهر والدال مشددة وآخره نون . زعم بعض أهل الحديث أن كرخ باجدا وكرخ جدان واحد ، وليس بصحيح ، فأما باجدا فهو كرخ سامرا ، وأما كرخ جدان فإنه بليدة في آخر ولاية العراق يُنَاوح خانقين عن بعد ، وهو الحد بين ولاية شهرزور والعراق ، وإلى هذا الكرخ ينسب الشيخ معروف الكرخي بن الفيرزان أبو محفوظ ، وأخوه عيسى بن الفيرزان » .

وفي الأنساب للسمعاني : ٥ / ٥٠ : « هذه النسبة إلى عدة مواضع اسمها الكرخ ... ومنها إلى كرخ باجدا ، قرية بنواحي العراق منها معروف بن الفيرزان الكرخي

١١

أبو محفوظ ، المشتهر . وأخوه عيسى بن الفيرزان الكرخي ، حكى عن أخيه معروف ... حدثني عنه أبو العلاء الحافظ بأصبهان قال : سمعت خلفاً الكرخي المجهز يقول : نحن من كرخ باجدا ، منها معروف الكرخي ، وبيته معروف يزار إلى اليوم ... وكان أحد المجتهدين المشهورين بالزهد والعزوف عن الدنيا ، يغشاه الصالحون ويتبرك بلقائه العارفون . وكان يوصف بأنه مجاب الدعوة ، ويحكى عنه كرامات .. ومات في سنة مائتين » .

٥ ـ من تاريخ مظالم الشيعة في بغداد

تكاثر الشيعة في بغداد ولم تمنعهم عداوة المنصور العباسي من ذلك ، وعمرت بغداد بسرعة وسكنها علماء وشخصيات ، وكان ثقل الشيعة في الكرخ التي اتسعت وصارت محلة كبيرة من بغداد حتى اتصلت ببراثا ، وصار مسجد براثا مركزاً علمياً وعبادياً واجتماعياً للشيعة ، ومَعْلَماً من معالم بغداد .

ولم تسلم براثا من حملات المتعصبين فكان فيها وفي الكرخ أحداث ، رواها المؤرخون .

قال السيد محمد الكثيري في كتابه : السلفية بين أهل السنة والإمامية / ٦١٩ ، ما خلاصته : « يقول ابن كثير في حوادث سنة ٣٥٤ : ثم تسلطت أهل السنة ( الحنابلة ) على الروافض فكبسوا مسجدهم براثا الذي هو عش الروافض ، وقتلوا بعض من كان فيه من القومة ! وفيها أحرق الكرخ ببغداد فألقي في دورهم النار فاحترقت طائفة كثيرة من الدور والأموال ، من ذلك ثلاث مائة دكان وثلاثة وثلاثون مسجداً ، وسبعة عشر ألف إنسان ! وعند ابن خلدون عشرون ألف إنسان !

١٢

أنظر لهذه الهمجية اللاإنسانية واللادينية !

مثال آخر لإهدار الدم الشيعي المسلم : فقد ذكر ابن الأثير في حوادث سنة ٣٦٣ : ثارت العامة من أهل السنة ينصرون سبكتكين لأنه كان يتسنن ، فخلع عليهم وجعل لهم العرفاء والقواد ، فثاروا بالشيعة ، وحاربوهم وسفكت بينهم الدماء وأحرقت الكرخ حريقاً ثانياً ، وظهرت السنة عليهم .

ويقول ابن كثير في حوادث سنة ٣٧٥ : فيها في عاشوراء عملت البدعة الشنعاء على عادة الروافض ، ووقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أهل السنة ( الحنابلة ) والرافضة ، وكلا الفريقين قليل عقل أو عديمه بعيد عن السداد . وذلك أن جماعة من أهل السنة أركبوا امرأة وسموها عائشة ، وتسمى بعضهم بطلحة وبعضهم بالزبير وقالوا : نقاتل أصحاب علي ! فقتل من الفريقين خلق كثير !

وفي سنة ٣٨٩ : أرادت الشيعة أن يصنعوا ما كانوا يصنعونه من الزينة يوم غدير خم ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ، فقاتلهم جهلة آخرون من المنتسبين إلى السنة فادعوا أنه في مثل هذا اليوم حصر النبي (ص) وأبو بكر في الغار .

وفي هذا السياق نفسه يقول ابن كثير في حوادث سنة ٣٨٩ : ولما كانت الشيعة يصنعون في يوم عاشوراء مأتماً يظهرون فيه الحزن على الحسين بن علي ، قابلتهم طائفة أخرى من جهلة السنة فادعوا إن في اليوم الثاني عشر من المحرم قتل مصعب بن الزبير ، فعملوا له مأتماً كما تعمل الشيعة للحسين !

إن النصوص التاريخية التي وصفت الفتن لا تترك مجالاً لأي قارئ أو باحث ، أن يشك في أن الحنابلة كانوا هم السابقين دائماً لإثارة الفتن والتهجم على الشيعة

١٣

يراقبونهم ويتتبعون جميع تصرفاتهم وعبادتهم ! فأي فعل أو قول يخالف المذهب الحشوي يعني الإبتداع والكفر ، ومن ثَم الهجوم فالقتل » ! انتهى .

ومما يؤيد كلام الكثيري أن فتنة الحنابلة المجسمة كانت مع غير الشيعة أيضاً كالطبري الفقيه المؤرخ ، فقد هاجموا داره ورجموه ، ولما مات منعوا دفنه في مقابر المسلمين ، ( معجم الأدباء : ٩ / ٥٧ ) . كما أخرجوا ابن حبان من سجستان لأنه أنكر أن يكون الله تعالى محدوداً ! قال السبكي : من أحق بالإخراج : مَن يجعل ربه محدوداً أو من ينزهه عن الجسمية ؟! » ( المجروحين لابن حبان ، والعقائد الإسلامية : ٢ / ٢٦٥ ) .

وهاجموا أئمة المذاهب في المدرسة النظامية ، قال ابن كثير في النهاية ( ١٢ / ١٤٣ ) : «ثم دخلت سنة سبعين وأربع مائة ... وفي شوال منها وقعت فتنة بين الحنابلة وبين فقهاء النظامية ، وحمي لكل من الفريقين طائفة من العوام ، وقتل بينهم نحو من عشرين قتيلاً ، وجرح آخرون » !

وفي النجوم الزاهرة : ٥ / ٥٩ : « سنة ثمان وأربعين وأربع مائة . أقيم الأذان في مشهد موسى بن جعفر ومساجد الكرخ ، بالصلاة خير من النوم ، على رغم أنف الشيعة ! وأزيل ما كانوا يقولونه في الأذان من حي على خير العمل » .

وفي تاريخ الذهبي : ٣٠ / ٩ : « سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة ، فلما كان في ربيع الآخر خطب ( وزير الخليفة ) بجامع براثا مأوى الشيعة ، وأسقط من الأذان حي على خير العمل ، ودق الخطيب المنبر بالسيف ، وذكر في خطبته العباس » .

هذا ، وقد وصف ابن كثير سيطرة السلاجقة على بغداد ، وفرضهم مذهبهم ،

١٤

ومصادرتهم الحرية المذهبية التي كانت زمن الدولة البويهية الشيعية ! فقال في النهاية : ١٢ / ٨٦ : « وفيها أُلْزِمَ الروافض بترك الأذان بحي على خير العمل ، وأمروا أن ينادي مؤذنهم في أذان الصبح بعد حي على الفلاح : الصلاة خير من النوم مرتين ، وأزيل ما كان على أبواب مساجدهم من كتابة : محمد وعلي خير البشر ، ودخل المنشدون من باب البصرة إلى باب الكرخ ينشدون بالقصائد التي فيها مدح الصحابة ! وذلك أن نَوْءَ الرافضة اضمحل لأن بني بُويَهْ كانوا حكاماً وكانوا يقوونهم وينصرونهم ، فزالوا وبادوا وذهبت دولتهم وجاء بعدهم قوم آخرون من الأتراك السلجوقية الذين يحبون أهل السنة ويوالونهم ويرفعون قدرهم ، والله المحمود أبداً على طول المدى . وأمر رئيس الرؤساء الوالي بقتل أبي عبد الله بن الجلاب شيخ الروافض ، لما كان يتظاهر به من الرفض والغلو فيه ، فقتل على باب دكانه ، وهرب أبو جعفر الطوسي ونهبت داره » ! انتهى .

وهكذا يحمدون الله على توفيقهم لظلم الناس ، وإكراههم على الأذان والعبادة على مذهبهم ، ويفتخرون بقتل أحد علماء الشيعة وصلبه على باب دكانه ، واضطرار مرجع الشيعة الى الهرب من بغداد الى النجف ! وقد تأسفوا لأنهم لم يستطيعوا قتله ، لكنهم نهبوا داره ومكتبته !

وفي مقابل هذا القمع الحنبلي لم يسجِّل الرواة أن الشيعة أجبروا أحداً على صلاتهم ومذهبهم ، أو قتلوا علماء السنة عندما كانت لهم كلمة ، كما في دولة البويهيين ، ودولة الخليفة الناصر العباسي الشيعي ، ودولة السلاطين المغول الشيعة ، بل احترموا علماء المذاهب وعامتهم ! وبهذا صح قول ابن الصيفي :

فحسبكمُ هذا التفاوتُ بيننا

وكل إناءٍ بالذي فيه يَنْضَحُ .

١٥

٦ ـ من العوائل الشيعية في بغداد

آل يقطين : في رجال النجاشي / ٢٧٣ : « علي بن يقطين بن موسى البغدادي ، سكنها وهو كوفي الأصل ، مولى بني أسد ، أبو الحسن ، وكان أبوه يقطين بن موسى داعية ( للعباسيين ) طلبه مروان ( الحمار ) فهرب . وولد علي بالكوفة سنة أربع وعشرين ومائة ، وكانت أمه هربت به وبأخيه عبيد إلى المدينة حتى ظهرت الدولة رجعت . مات سنة اثنتين وثمانين ومائة في أيام موسى بن جعفر عليه‌السلام » .

وفي فهرست ابن النديم / ٢٧٩ : « وهربت أم علي به وبأخيه عبيد بن يقطين إلى المدينة فلما ظهرت الدولة الهاشمية ظهر يقطين وعادت أم على بعلي وعبيد . فلم يزل يقطين في خدمة أبي العباس وأبي جعفر ( المنصور ) ومع ذلك يرى رأى آل أبي طالب ويقول بإمامتهم ، وكذلك ولده . وكان يحمل الأموال إلى جعفر بن محمد بن علي والألطاف ، ونمَّ خبره إلى المنصور والمهدي فصرف الله عنهم كيدهما . وتوفي علي بن يقطين بمدينة السلام سنة اثنتين وثمانين ومائة ، وسِنُّهُ سبع وخمسون سنة ، وصلى عليه ولي العهد محمد بن الرشيد . وتوفي أبوه بعده في سنة خمس وثمانين ومائة . ولعلي بن يقطين ، كتاب ما سئل عنه الصادق من أمور الملاحم . كتاب مناظرته للشاك بحضرة جعفر » .

وفي ذيل تاريخ بغداد : ٤ / ٢٠٢ : « وكانت له وصلة بعيال جعفر بن محمد الصادق ، فأتت منزله بابنيها ، فاستدنى جعفر علياً وأقعده على حجره ومسح على رأسه . فلما ظهر بنو العباس ظهر يقطين وعادت أم علي بعلي وعبيد ... ولما نقل المهدي إلى الرصافة صُيِّرَ في حجر يقطين ، فنشأ المهدي وعلي بن يقطين كأنهما أخوان ،

١٦

فلما أفضت الخلافة إلى المهدي استوزر علي بن يقطين وقدمه ، وجعله على ديوان الزمام وديوان البسر والخاتم ، فلم يزل في يده حتى توفى المهدي وأفضى الأمر إلى الهادي ، فأقره على وزارته ولم يشرك معه أحداً من أمره ، إلى أن توفي الهادي وصار الأمر إلى الرشيد فأقره شهراً ، ثم صرفه بيحيى بن خالد البرمكي » .

وقال العلامة في الخلاصة / ١٧٤ : « علي بن يقطين بن موسى البغدادي ، سكن بغداد وهو كوفي الأصل ، روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديثاً واحداً ، وروى عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام فأكثر ، وكان ثقة جليل القدر ، له منزلة عظيمة عند أبي الحسن عليه‌السلام ، عظيم المكان في هذه الطائفة . قال أبو عمرو الكشي : علي بن يقطين مولى بني أسد وكان يبيع الأبزار وهي التوابل ، ومات في زمن أبي الحسن موسى وأبو الحسن عليه‌السلام محبوس سنة ثمانين ومائة ... عن داود الرقي قال : دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام يوم النحر فقال مبتدئاً : ما عرض في قلبي أحد وأنا في الموقف إلا علي بن يقطين ، فإنه ما زال معي وما فارقني حتى أفضت » !

وقال السيد الخوئي في المعجم : ١٣ / ٢٤٢ ، ملخصاً : « علي بن يقطين رحمه‌الله ثقة جليل القدر ، له منزلة عظيمة عند أبي الحسن موسى عليه‌السلام عظيم المكانة في الطائفة ...

ولعلي بن يقطين رضي الله عنه كتب منها : كتاب ما سأل عنه الصادق عليه‌السلام من الملاحم ، وكتاب مناظرة الشاك بحضرته عليه‌السلام ، وله مسائل عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام أخبرنا بكتبه ومسائله ، الشيخ المفيد رحمه‌الله والحسين بن عبيد الله ... وعده ابن شهرآشوب من خواص أصحاب الكاظم عليه‌السلام .

١٧

سمعت مشايخ أهل بيتي يحكون أن علياً وعبيداً ابني يقطين ، أدخلا على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : قربوا مني صاحب الذؤابتين وكان علياً ، فقرب إليه فضمه إليه ودعا له بالخير .

لما قدم أبو إبراهيم موسى بن جعفر عليه‌السلام العراق ، قال له علي بن يقطين : أما ترى حالي وما أنا فيه ؟ فقال : يا علي إن لله تعالى أولياء مع أولياء الظلمة ليدفع بهم عن أوليائه وأنت منهم يا علي !

قال أبو الحسن عليه‌السلام لعلي بن يقطين : إضمن لي خصلة أضمن لك ثلاثاً ، فقال علي : جعلت فداك ، وما الخصلة التي أضمنها لك وما الثلاث اللواتي تضمنهن لي ؟ قال : فقال أبو الحسن عليه‌السلام : الثلاث اللواتي أضمنهن لك أن لا يصيبك حر الحديد أبداً بقتل ، ولا فاقة ، ولا سقف سجن ، قال : فقال علي : وما الخصلة التي أضمنها لك ؟ قال : فقال : يا علي ، وأما الخصلة التي تضمن لي أن لا يأتيك ولي أبداً إلا أكرمته ، قال : فضمن له علي الخصلة وضمن له أبو الحسن الثلاث .

وقال أبو الحسن عليه‌السلام : إن لله مع كل طاغية وزيراً من أوليائه يدفع به عنهم » .

آل نوبخت : كان المنصور عاملاً لابن المهلب على خراج بليدة في الأهواز كما ذكر الذهبي ، فكسر الخراج أي سرقه ، فحبسه ابن المهلب ! وتعرَّف في السجن على نوبخت المنجم جد آل نوبخت البغداديين . ( تاريخ بغداد : ١٠ / ٥٣ ) .

وفي تاريخ بغداد : ١٠ / ٥٦ ، وتاريخ دمشق : ٣٢ / ٥٣ ، وسير الذهبي : ٧ / ٨٨ ، أن نوبخت أخبر المنصور بأنه سيحكم بلاد المسلمين ، فاستبشر المنصور بذلك وكتب له : « بسم الله الرحمن الرحيم ، يا نوبخت إذا فتح الله على المسلمين وكفاهم مؤونة

١٨

الظالمين ورد الحق إلى أهله ، لم نغفل ما يجب من حق خدمتك إيانا . وكتب أبو جعفر . قال نوبخت : فلما ولي الخلافة صرت إليه فأخرجت الكتاب ، فقال : أنا له ذاكر ولك متوقع ، فالحمد لله الذي صدق وعده وحقق الظن .

وجعله المنصور منجمه الخاص بمرتبة وزرائه ، وأقطعه محلة النوبختية ببغداد ، وهي منطقة سوق الشورجة . وكان منهم وزراء وعلماء وأطباء ومنجمون ومترجمون الى العربية : « وفي القرنين الثالث والرابع كان لكثير من النوبختية الشيعة نفوذ كبير في الدولة العباسية ، منهم : الحسين بن علي بن العباس ، الذي كان يتولى الكتابة للأمير أبي بكر محمد بن رائق ، وكان في مرتبة الوزراء ببغداد ، مدبر الأمور حاكماً على الدولة . وقال الذهبي في علي بن عباس النوبختي : رئيس ولي وكالة المقتدر توفي ٣٢٤ . ( مجلة تراثنا : ٥٥ / ٢١١ ) .

وفي هامش الذريعة : ١ / ٦٩ : « آل نوبخت بيت جليل من متكلمي الإمامية ، جدهم نوبخت كان من الفرس ومن أفاضل المنجمين صاحب المنصور الدوانيقي ، وقام مقامه ولده الذي غير المنصور اسمه وسماه بأبي سهل ، وكان الفضل بن أبي سهل هذا صاحب التصانيف وخازن كتب دار الحكمة للرشيد ، وقام مقامه ولده إسحاق بن الفضل ، وله ولدان إبراهيم بن إسحاق صاحب الياقوت وعلي بن إسحاق الذي ذكر في رجال الشيخ أنه من أصحاب الرضا والجواد وبقي إلى عصر الهادي عليهم‌السلام .

وأما إسماعيل بن علي صاحب إبطال القياس ، فقد صنف في فنون العلوم أكثر من ثلثين كتاباً ذكرها ابن النديم . وقال النجاشي إنه شيخ المتكلمين من

١٩

أصحابنا لقي العسكري عليه‌السلام وروى عنه وحضر وفاته سنة ٢٦٠ ، وهو خال الحسن بن موسى النوبختي صاحب الفرق والمطبوع غير مرة ، وتخرج عليه جماعات كأبي الجيش المظفر بن محمد البلخي وأبي الحسن الناشي والحمدوني والسوسنجردي وغيرهم . وهو الذي أظهر كذب الحسين بن منصور الحلاج ومحمد بن علي الشلمغاني » .

وقد نبغ من آل نوبخت علماء كبار وأولياء ، وكان منهم ولي الله أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي قدس‌سره السفير الثالث للإمام المهدي صلوات الله عليه ، وستأتي ترجمته . ( راجع في بني نوبخت : فهرست ابن النديم / ٢٢٥ و٣٣٣ ، والشيعة وفنون الإسلام / ٦٨ ، وتهذيب المقال : ٢ / ١٩٥ ، وأعيان الشيعة : ٢ / ٩٣ ) .

آل فرات ، وهم من العوائل المعروفة البارزة في بغداد وكان منهم رئيس وزراء وكذا الباقطانيون ، وكذا آل بسطام الجعفيين ويقال لهم بنو سبرة ، وكذا آل حمدان التغلبيين أمراء الموصل وحلب ، وكان بعضهم في بغداد ، ثم آل مقلة ، ومنهم الخطاط المشهور علي بن مقلة ، الذي طور الخط العربي .

وفي نشوار المحاضرة / ١٠٦٦ ، دافع الوزير ابن الفرات عن إعطائه مناصب كبيرة للشيعة بأنهم أكفأ من غيرهم ، قال : « يتمعضني الناس بتعطيلي مشايخ الكتاب وتفريقي الأعمال على آل بسطام وآل نوبخت ، والله لولا أنه لا يحسن تعطيل نفر من العمال وقد قلدتهم ، لما استعملت في الدنيا إلا آل نوبخت دون غيرهم . قال أبو الحسين : وإنما كان يتعصب لآل بسطام لرياسة أبي العباس عليه وللمذهب ، ويتعصب لآل نوبخت للمذهب » .

٢٠