موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ٢

محمّد علي التهانوي

موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ٢

المؤلف:

محمّد علي التهانوي


المحقق: الدكتور علي دحروج
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٨٦
الجزء ١ الجزء ٢

عند الأطباء هي أن تكون الأعضاء في تناسبها وهيئاتها وجميع أوصافها على الوجه الأكمل كذا في بحر الجواهر. وفي المطول في بحث فصاحة المتكلّم الهيئة والعرض متقاربا المفهوم إلاّ أنّ العرض يقال باعتبار عروضه. والهيئة باعتبار حصوله وتطلق الهيئة أيضا على علم من العلوم المدوّنة ، وقد سبق في المقدمة مع ذكر الهيئة المجسّمة وغير المجسّمة.

الهيبة : [فى الانكليزية] Fear ، gravity ، caution ـ [في الفرنسية] Crainte ، gravite ، circonspection بالفتح وسكون المثناة التحتانية ضدّ الأنس وقد سبق هناك.

الهيضة : [في الانكليزية] Diarrhoea ، cholera ـ [في الفرنسية] Diarrhee ، cholera

بالكسر وسكون المثناة التحتانية عند الأطباء حركة من المواد الفاسدة الغير المنهضمة إلى الانفصال بالقيء والإسهال راجعة عن البدن إلى شدّة عنيفة من الدافعة ، كذا في بحر الجواهر.

الهيولى : [في الانكليزية] Matter ـ [في الفرنسية] Matiere

بالفتح وضم الياء المثناة التحتانية هي عند الحكماء شيء قابل للصور مطلقا من غير تخصيص بصورة معينة ويسمّى بالمادة كما وقع في بحر الجواهر. وجاء في كشف اللغات ، الهيولى : شيء تظهر فيه صور الأسماء ، وذلك ما يسمّيه الصوفية الأعيان الثابتة. والمتكلّمون :

حقائق الأشياء. والحكماء ماهيات الأشياء.

انتهى (١). وهي على أربعة أقسام على ما وقع في شرح الصحائف : الأول الهيولى الأولى وهي جوهر غير جسم محل للمتصل بذاته وهو الصورة الجسمية. ورسمت أيضا بأنّها جوهر من شأنه أن يكون بالقوة دون ما يحلّ فيه. قالوا الجسم البسيط متصل في حدّ ذاته كما هو عند الحسّ وهو قابل للانفصال ، فثمة اتصال نسمّيه بالصورة الجسمية وهي جوهر ممتد في الجهات الثلاث متصل في نفسه ، وذلك الجوهر ليس تمام حقيقة الجسم بل ثمة أمر آخر يقوم به الاتصال ، إذا الجسم المتصل إذا طرأ عليه الانفصال زال اتصاله وصار منفصلا ، فلا بد أن يكون ثمة أمر قابل للانفصال والاتصال ، وذلك القابل لهما ليس نفس الاتصال ضرورة أنّ القابل الثابت للشيئين الذين يزول كلّ منهما مع حصول الآخر غير كلّ من الشيئين المتزايلين. فالقابل للاتصال والانفصال يغاير كلا منهما وهو الذي نسمّيه بالهيولى الأولى ؛ فالجسم عندهم مركّب من الهيولى والصورة ، وهذا مذهب المشّائين من الحكماء ، والإشراقيون لا يثبتونها انتهى. وفي بعض حواشي شرح هداية الحكمة المذاهب المعتبرة في حقيقة الجسم ثلاثة : أحدها للمتكلّمين وهو أنّه مركّب من الجواهر الفردة المتناهية العدد. وثانيها للإشراقيين من الفلاسفة وهو أنّه في نفسه بسيط كما هو عند الحسّ ليس فيه تعدّد وأجزاء أصلا ، وإنّما يقبل الانقسام بذاته ولا ينتهي إلى حدّ لا يبقى له قبول الانقسام. وثالثها للمشّائين منهم وهو أنّه مركّب من الهيولى والصورة وكأنّه وقع اتفاق الفرق كلّهم على ثبوت مادة يتوارد عليها الصورة والأعراض ، إلاّ أنّها عند الإشراقيين نفس الجسم من حيث قبول المقادير تسمّى مادة وهيولى. والمقادير من حيث الحلول تسمّى صورة جسمية وهم ليسوا قائلين بالصورة النوعية التي هي الجوهر ، ويقولون إنّ الاختلاف بين الأجسام بأعراض قائمة بها كما صرّح به الشيخ

__________________

(١) وفي كشف اللغات هيولى چيزيست كه صورت اسما درو ظاهر گردد وآن را صوفية اعيان ثابتة گويند ومتكلمان حقائق اشيا وحكما ماهيات اشيا.

٧٠١

المقتول (١) في الهياكل (٢). وعند المشّائين جوهر يقوم بجوهر آخر حال فيه يسمّى صورة يتحصّل بتركيبهما جوهر آخر قابل للأبعاد والمقادير وسائر الأعراض وهو الجسم. وعند المتكلّمين هو الجوهر الفرد الذي يتقوّم به المتألف فيحصل الجسم. فالتألّف عندهم بمنزلة الصورة عند المشّائين إلاّ أنّه عرض لا يقوم بذاته بل بمحلّه ، والصورة جوهر يقوم بذاته ويقوم به محلّه الذي هو الهيولى انتهى. الثاني الهيولى الثانية وهي جسم قام به صورة كالأجسام بالنسبة إلى صورها النوعية. الثالث الهيولى الثالثة وهي الأجسام مع الصورة النوعية التي صارت محلا لصور أخرى كالخشب لصورة السّرير والطين لصورة الكوز. الرابع الهيولى الرابعة وهي أن يكون الجسم مع الصورتين محلا للصورة كالأعضاء لصورة البدن. فالهيولى الأولى جزء الجسم والثانية نفس الجسم ، وأما الثالثة والرابعة فالجسم جزء لهما كذا في شرح الصحائف. وقال شارح هداية الحكمة الهيولى قد تطلق على الجسم الذي تركّب منه جسم آخر كقطع الخشب التي تركّب منها السرير وتسمّى الهيولى الثانية انتهى ، فهذا مخالف لما سبق إذ قطع الخشب بالنسبة إلى السرير هيولى ثالثة ، إلاّ أن يقال كما نقل عنه أنّهم يطلقون الهيولى الثانية على ما سوى الهيولى الأولى أيضا ، كالمعقولات الثانية تطلق على ما وراء المعقول الأول أيضا.

تنبيه :

الظاهر أنّ إطلاق الهيولى على تلك الأقسام بالاشتراك اللفظي ، ويمكن أن يقال إنّ الهيولى على الإطلاق هو ما لا يكون عرضا ويكون محلا لما ليس بعرض ، فحينئذ يصير مشتركا معنويا بين تلك الأقسام ، وأنّ الهيولى على الإطلاق هي الهيولى الأولى ، وإطلاقها على باقي الأقسام بالتقييد بالثانية والثالثة والرابعة.

فائدة :

للهيولى أسماء باعتبارات. فهيولى وقابل من جهة استعدادها للصّور ، ومادة وطينة إذ يتوارد عليها الصّور المختلفة ، وعنصر إذ فيها يبدأ التراكيب ، وأسطقس إذ إليها ينتهي التحليل.

وقد يعكس ويفسّر كلّ من العنصر والأسطقس بتفسير الآخر.

فائدة :

لهم تفريعات على وجوه الهيولى. الأوّل إثبات الهيولى لكلّ جسم. الثاني أنّ الهيولى لا تخلو عن الصّورة الجسمية ، أي لا توجد خالية عن الصورة الجسمية. الثالث أنّ الصّورة الجسمية لا تخلو عن الهيولى. الرابع الهيولى ليست علّة للصّورة وإلاّ لتمّ لها وجود قبل وجود الصّورة ، ولا الصّورة علّة للهيولى لأنّها حالّة فيها ، فتحتاج الصّورة في وجودها إليها ، فحاجة الهيولى إلى الصورة في بقائها لأنّ الصّورة يستحفظها بتواردها عليها ، إذ لو فرض زوال صورة عنها وعدم اقتران صورة أخرى بها عدمت المادّة لعدم بقائها خالية عن الصّور كلّها ، وحاجة الصورة إلى الهيولى في التّشخّص والعوارض اللازمة لشخصها ، فإنّ تشخّصها

__________________

(١) يحي بن حبش بن اميرك السهروردي الشافعي ، شهاب الدين أبو الفتوح. ولد عام ٥٤٩ ه‍ / ١١٥٤ م وتوفي عام ٥٨٧ ه‍ ١١٩١ م. حكيم صوفي متكلم ، أديب شاعر. صاحب مذهب الاشراق الذي مزج بين الزرادشتية والهللينية. أفتى الفقهاء بإباحة دمه لانحلال في عقيدته. له عدة مؤلفات.

معجم المؤلفين ١٣ / ١٨٩ ، طبقات الشافعية ١٦٣ ، وفيات الأعيان ٦ ٢٦٨ ، معجم الأدباء ١٩ / ٣١٤.

(٢) للشيخ شهاب الدين بن حبش بن اميرك السهروردي المقتول ٥٨٧ ه‍. وعليه شروح.

كشف الظنون ، ٢ ٢٠٤٧.

٧٠٢

وتعدّدها لمادة وما يكتنفها من الأعراض.

الخامس أنّ الهيولى كما لا تخلو عن الصورة الجسمية كذلك لا تخلو عن صورة أخرى نوعية فإنّ لكلّ جسم صورة نوعية. السادس كلّ جسم له حيّز طبيعي ، والتوضيح يطلب من شرح المواقف.

٧٠٣

حرف الواو

(و)

الواحديّة : [في الانكليزية] Monism ـ [في الفرنسية] Monisme

بياء النسبة هي عند الحكماء عبارة عن عدم قسمة الواجب لذاته إلى الجزئيات. قال مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف في أبحاث الوجود : الحكماء عبّروا عن عدم قسمة الواجب لذاته إلى الأجزاء بالأحدية كما عبّروا عن عدم قسمته إلى الجزئيات بالواحدية ، وربّما عبّروا عنه بأنّه ليس له سبب منه ، كما عبّروا عن عدم احتياجه إلى الفاعل ، والغاية والمحل والمادة بأن ليس له سبب وسبب له وسبب فيه وسبب عنه انتهى كلامه. وعند الصوفية عبارة عن مجلى ظهرت الذات فيها صفة والصفة ذاتا ، فبهذا الاعتبار ظهر كلّ من الأوصاف عين الأخرى.

فالمنتقم فيها عين الله والله عين المنتقم والمنتقم المنعم عين الله والله المنعم ، وكذلك إذا ظهرت الواحدية في النعمة نفسها عينها كانت النعمة التي هي الرحمة عين النقمة والنقمة التي هي العذاب عين النعمة ، كلّ هذا باعتبار ظهور الذات في الصفات وفي آثارها ، فكلّ شيء مما ظهر فيه الذات بحكم الواحدية هو عين الآخر ولكن باعتبار التجلّي الواحدي لا باعتبار إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه ، وذلك هو التجلّي الإلهي.

اعلم أنّ الفرق بين الأحدية والواحدية والألوهية أنّ الأحدية لا يظهر فيها شيء من الأسماء والصفات والواحدية يظهر فيها الأسماء والصفات مع مؤثّراتها لكن بحكم الذات لا بحكم اقترانها ، فكلّ منها فيه عين الآخر ، والألوهية تظهر فيها الأسماء والصفات بحكم ما يستحقّه كلّ واحد من الجميع ويظهر فيها أنّ المنعم ضدّ المنتقم والمنتقم ضدّ المنعم ، وكذلك باقي الأسماء والصفات حتى الأحدية فإنّها تظهر في الألوهية بما يقتضيه حكم الأحدية ، والواحدية بما يقتضيه حكم الواحدية ، فيشتمل الألوهية بمجلاها أحكام جميع المجالي ، فهي مجلى أعطى كلّ ذي حقّ حقّه ، والأحدية مجلى كان الله ولم يكن معه شيء ، والواحدية مجلى قوله وهو الآن على ما عليه كان. قال الله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) (١). فلذا كانت الأحدية أعلى من الواحدية لأنّها ذات محض وكانت الألوهية أعلى من الأحدية لأنّها أعطت الأحدية حقّها ، إذ حكم الألوهية إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه ، فكانت أعلى الأسماء وأجمعها وأعزّها وفضلها على الأحدية كفضل الكلّ على الجزء ، وفضل الأحدية على باقي المجالى الذاتية كفضل الأصل على الفرع وفضل الواحدية على باقي المجالي كفضل الجمع على الفرق ، كذا في الإنسان الكامل.

الوادي : [في الانكليزية] River ، valley ـ [في الفرنسية] Fleuve ، vallee

هو النّهر ، والجمع أودية. والوادي الأيمن

__________________

(١) القصص / ٨٨.

٧٠٤

هو ذلك الوادي الذي نودي فيه سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام. يعني الوادي المقدس. وذلك النّداء صدر من طرف الجهة اليمنى ليد موسى. وفي اصطلاح السّالكين.

الوادي الأيمن عبارة عن طريق تصفية القلب.

كذا في كشف اللغات (١).

الوارد : [في الانكليزية] Coming ، arriving ، descending ، innate ، given ـ [في الفرنسية] Arrivant ، venant ، descendant ، inne ، donne

النّازل. وفي اصطلاح العاشقين : ما هو نازل على القلب من المعاني بدون كسب من العبد. كذا في كشف اللغات (٢).

الواسطة : [في الانكليزية] Intermediary ، mediator ، guide ، means ـ [في الفرنسية] Intermediaire ، mediateur ، guide ، moyen

في اللغة الفارسية : ميانجي ، وفي الوسط ، وفي اصطلاح الشّطّارين : الواسطة هي صورة الشيخ والمرشد التي تتوجّه إليها عين المريد عند الذّكر. كذا في كشف اللغات (٣). والواسطة في عرف العلماء على قسمين : الأول الواسطة في الثبوت وهي أن يكون الشيء واسطة أي علّة لثبوت وصف لشيء آخر في نفس الأمر وهو قسمان : أحدهما أن لا يثبت ذلك الوصف للواسطة أصلا فيكون هناك عارض واحد بالذات والاعتبار كالنقطة العارضة للخط بواسطة التناهي ، وكالأعراض القائمة بالممكنات بواسطة الواجب وثانيهما أن تتصف الواسطة بذلك الوصف وبواسطتها يتصف ذلك الشيء الآخر به ، لا أنّ هناك اتصافين حقيقيين لامتناع قيام الوصف الواحد بموصوفين حقيقة بل اتصاف بالحقيقة للواسطة وبتبعيتها لذلك الشيء الآخر ، إذ لا محذور في جواز تعدّد الشيء بالاعتبار ، وهذا القسم يسمّى واسطة في العروض تمييزا لها عن القسم الأول. والثاني الواسطة في الإثبات ويسمّى واسطة في التصديق أيضا ، وهي ما يقرن بقولنا لأنّه حين يقال لأنّه كذا فذلك الشيء الذي يقرن بقولنا هو الوسط أي الواسطة في الإثبات ، كما إذا قلنا العالم حادث لأنّه متغيّر ، فحين قلنا لأنّه اقترن به المتغيّر هو الوسط ، هكذا يستفاد من شرح المطالع في بحث الخاصّة ومن حواشيه في بحث الموضوع.

فعلى هذا الواسطة هي الحدّ الأوسط ، ورفع تلك الواسطة يوجب عدم الاحتياج إلى الدليل فيكون ثبوت أمر لشيء حينئذ بيّنا مستغنيا عن الاستدلال ، بخلاف رفع الواسطة في الثبوت فإنّ حاصله عدم احتياج أمر في ثبوته لشيء في نفس الأمر إلى آخر ، وليس ذلك مستلزما للاستغناء عن الدليل ، كقولنا المثلث تساوي زواياه الثلاث لقائمتين فإنّ تلك المساواة عارضة للمثلث لما هو هو ، ومع ذلك يحتاج في إثباتها له إلى مقدّمات كثيرة موقوفة على وسائط متعدّدة. وقال مرزا جان في حاشية شرح المواقف في مقدّمة الأمور العامّة كون الغير واسطة في الثبوت أن يكون هناك وجودان يثبت أحدهما للموصوف ويثبت الآخر للصفة ، لكن ثبوته للصفة بتبعية ثبوت الوجود لموصوفها ، وبواسطته كوجود الجواهر واسطة لوجود الأعراض ، وكونه واسطة

__________________

(١) رود الاودية الجمع كما في الصرح والوادي الايمن ان وادي است كه در ان نداى حق پس تر موسى على نبينا وعليه‌السلام رسيده بود يعني وادي مقدس وان ندا از طرف دست راست موسى بر آمده بود. ودر اصطلاح سالكان وادي ايمن عبارت از طريق تصفيه دل است كذا في كشف اللغات.

(٢) فرودآينده ودر اصطلاح عاشقان آنچه نازل شود بر دل از معاني بغير كسب بنده كذا في كشف اللغات.

(٣) در لغت ميانجي ودر ميان بوده. ودر اصطلاح شطاريان واسطه صورت پير ومرشد را گويند در وقت ذكر گفتن مريد چشم بر صورت ايشان دارد كذا في كشف اللغات.

٧٠٥

في العروض أن يكون هناك وجود واحد كان ثابتا للموصوف أولا وبالذات وللصفة ثانيا وبالعرض.

الواسطة العددية : [في الانكليزية] Average ، intermediary term ـ [في الفرنسية] Moyenne ، terme intermediaire

قد مرّت في لفظ الوسط.

الواصلية : [في الانكليزية] Al ـ Waeliyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Waeliyya (secte)

بياء النسبة فرقة من المعتزلة أصحاب أبي حذيفة واصل بن عطاء قالوا بنفي الصفات وبإسناد أفعال العباد إلى قدرتهم وامتناع إضافة الشرّ إلى الله تعالى ، وبالمنزلة بين المنزلتين.

وذهبوا إلى الحكم بتخطئة أحد الفريقين من عثمان وقاتليه ، وجوّزوا أن يكون عثمان لا مؤمنا ولا كافرا مخلّدا في النار ، وكذا علي ومقاتلوه ، وحكموا بأنّ عليا وطلحة وزبير بعد وقعة الجمل لو شهدوا على باقة بقلة لم تقبل شهادتهم كشهادة المتلاعنين أي الزوج والزوجة فإنّ أحدهما فاسق لا بعينه كذا في شرح المواقف.

الوافر : [في الانكليزية] Al ـ Wafir (metre in prosody) ـ [في الفرنسية] Al ـ Wafir (metre en prosodie)

بالفاء عند أهل العروض اسم بحر مختصّ بالعرب وهو مفاعلتن ستة أجزاء استعمل مقطوف العروض والضرب ، والقطف إسقاط متحركين من الفاصلة الصغرى كذا في عنوان الشرف ولكنه في عروض سيفي يقول : البحر الوافر المثمّن السّالم هو : مفاعلتن ثمان مرات. ومثاله البيت التالي :

ما ذا حدث يا صنمي ، لا تنظرين بعين الرّضا إلى أحد

لا تجاوزين طريق الجفاء ، ولا تستقبلين طريق الوفاء

ووجه تسمية هذا البحر بالوافر لوجود الحركات الكثيرة فيه. وقد وضع الخليل بن أحمد بحر الوافر على ستّة أركان (١).

الوافي : [في الانكليزية] Complete line ـ [في الفرنسية] Vers complet et entier

بالفاء هو عند الشعراء الذي أجزاؤه تامة أي لم ينقص من أجزائه شيء أصلا. فالمجزوء والمشطور والمنهوك يجوز كونها وافية بكون أجزائها تامة وقد سبق في لفظ البيت.

الواقع : [في الانكليزية] Transitive verb ، reality ، real ، effective ـ [في الفرنسية] Verbe transitif ، realite ، reel ، effectif

بالقاف عند النحاة هو المتعدّي ويسمّى مجاوزا أيضا وقد سبق في لفظ المتعدّي. وعند الحكماء والمتكلّمين هو الخارج وقد سبق. وقد سبق ما يتعلّق بهذا في لفظ الصدق ولفظ الأمر ولفظ الوجود. والواقع في طريق ما هو عند المنطقيين قد سبق في لفظ المقول.

الواقعة : [في الانكليزية] Vision ، donation ـ [في الفرنسية] Vision ، don

هي عند الصوفية هو الذي يراه السّالك الواقع في أثناء الذكر واستغراق حاله مع الله بحيث يغيب عنه المحسوسات وهو بين النوم واليقظة ، وما يراه في حال اليقظة والحضور يسمّى مكاشفة كذا في مجمع السلوك ، وقد سبق في لفظ الرّؤيا. ويقول في كشف اللّغات :

الواقعة في اصطلاح المتصوّفة عبارة عن الوارد الذي يهبط على القلب من عالم الغيب بأيّ

__________________

(١) ليكن در عروض سيفي مى آرد كه بحر وافر مثمن سالم مفاعلتن است هشت بار مثاله :

چه شد صنما كه سوى كسي به چشم رضا نمى نگرى

ز رسم جفا نمى گذرى طريق وفا نمى سپرى

ووجه تسميه او بوافر آنست كه درو حركات بسيار است وخليل ابن احمد وافر را بر شش ركن وضع كرده.

٧٠٦

طريق كان ، سواء باللّطف أو بالقهر (١).

الواقف : [في الانكليزية] Entailer ـ [في الفرنسية] Qui fait un legs pieux

هو عند الفقهاء هو الحابس لعينه إمّا على ملكه أو على ملك الله تعالى كما مرّ. وعند السالكين ما قد سبق في لفظ السلوك.

الواقفية : [في الانكليزية] Al ـ Waqifiyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Waqifiyya (secte)

بياء النسبة فرقة من المتصوفة المبطلة (٢) يقولون : بأنّه لا يمكن التعرّف إلى الله بالمعرفة ، والخلق كلّهم عاجزون. كذا في توضيح المذاهب (٣).

الوباء : [في الانكليزية] Epidemic ، plague ـ [في الفرنسية] Epidemie ، peste

بالفتح وتخفيف الموحدة ومدّ الألف وقصرها ، وباء عام ، وهو الذي يقال له مركامركى : الموت العام كما في الصراح (٤).

وقال الأطباء هي فساد يعرض لجوهر الهواء لأسباب سماوية أو أرضية كالماء الآسن والجيف ، والمراد بفساد الهواء أن يصير حقيقته غير صالحة لما أوجدت له من إصلاح جوهر الروح ودفع الأبخرة ، وتغذي الأبدان وهو تعفّن يعرض له بشبهه تعفّن الماء المجتمع المتغيّر ، وهذا الهواء ليس بسيطا ، فلا يرد أنّ البسيط لا يتعفّن. وقيل الوباء هو الطاعون كذا في الأقسرائي وبحر الجواهر.

الوتد : [في الانكليزية] Iambic ، declination ، ascension ـ [في الفرنسية] Iambe ، descendant ، ascendant

بالفتح وسكون التاء المثناة الفوقانية ، عند أهل العروض تطلق على سبيل الاشتراك على شيئين : أحدهما : وتد مجموع ، وهو لفظة من ثلاثة حروف ، الحرفان الأوّلان منهما متحرّكان والثالث ساكن مثل : دعا. والثاني : وتد مفروق ، وهو لفظة من ثلاثة أحرف أوسطها ساكن ، والطرفان متحرّكان مثل : رأس. هكذا في عروض سيفي وغيره. وأمّا عند أهل الهيئة فهو اسم جزء معيّن من أجزاء فلك البروج. والأوتاد أربعة. فالجزء الذي هو من منطقة البروج على الأفق الشرقي فذاك يقال له الوتد الأول والوتد الطالع. والجزء الذي على الأفق الغربي ، في هذه الحالة يعني في حالة كون ذلك الجزء المسمّى بالوتد الأوّل على الأفق الشرقي ، فذاك ما يقال له الوتد السابع والوتد الغارب. إذا ، الوتد الأول والوتد السابع كلاهما متقابلان.

والجزء الذي يكون بينهما فوق الأرض فيقال له وتد السّماء والوتد العاشر. والجزء الذي يكون في نصف المسافة بينهما تحت الأرض فيقال له : الوتد الرابع ووتد الأرض. فإذا كان برج وتد السّماء العاشر برج الطالع فيقال لتلك الأوتاد : الأوتاد القائمة. وإذا كان الحادي عشر من الطالع فيقال لها : الأوتاد المائلة. وإذا كان التاسع من الطالع فيقال لها الأوتاد الزائلة.

وكلام شارح التذكرة يوهم أنّ الأوتاد القائمة إنّما يقال لها قائمة إذا كان الجزء العاشر في منتصف المسافة بين الطالع والغارب. وذلك حين يكون قطب البروج على الأفق أو على دائرة نصف النهار بشرط أن لا يكون على سمت الرأس ، كذا ذكر عبد العلي البرجندي في شرح العشرين بابا وقد مضى بيان ذلك في لفظ طالع.

__________________

(١) ودر كشف اللغات ميگويد واقعه در اصطلاح متصوفة عبارت است از آنچه فرود آيد در دل از عالم غيب بهر طريق كه باشد خواه لطف وخواه قهر.

(٢) الواقفية فرقة من المتصوفة المبطلة.

موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب الاسلامية ٤٢٣ ، معجم الفرق الاسلامية ٢٦٩.

(٣) مى گويند كه خدا يتعالى را بمعرفت نمى توان شناخت ازو همه خلق عاجزاند كذا في توضيح المذاهب.

(٤) بيمارى عام كه او را مرگامرگي گويند كما في الصراح.

٧٠٧

والأوتاد عند أهل الرّمل تطلق على عدد من المعاني فيقولون : الرّتبة (خانه) الأولى والرابعة والسابعة والعاشرة كلّ منها وتد. والرتبة الثانية والخامسة والثامنة والحادية عشرة يقال لكلّ منها : وتد مائل. والرتبة الثالثة والسادسة والتاسعة والثانية عشرة يقال لكلّ منها : وتد زائل ، كما يقال : ساقط عن الوتد باعتبار أنّ كلّ واحد من هذه الرّتب ليس له نظر للطالع.

ويقال للثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة والسادسة عشرة ، لكلّ واحدة منها ، وتد الوتد. هكذا في بعض الرسائل.

وما يقال في الانقلاب : وتد الوتد ، لأنّ الأوتاد يضربونها في الشواهد. فالظّاهر هو أنّ هذا القول بناء على حذف المضاف ، يعني أشكال الأوتاد تضرب في الشواهد. كما يحتمل أنّ إطلاق الأوتاد على الأشكال الواقعة في الأوتاد هو إطلاق مجازي من قبيل إطلاق اسم المحلّ على الحال. والله اعلم بحقيقة الحال.

وما يقال في سير النقطة : إنّ الرتبة الأولى والخامسة والتاسعة والثالثة عشرة هي نارية ، والثانية والسادسة والعاشرة والرابعة عشرة هي هوائية ، والثالثة والسابعة والحادية عشرة والخامسة عشرة هي مائية ، والرابعة والثامنة والثانية عشرة والسادسة عشرة هي ترابية. وأنّ الرتبة الأولى من الرّتب النارية والهوائية والمائية والترابية هي : وتد ناري ، ووتد هوائي ، ووتد مائي ، ووتد ترابي. إذا ، فالرّتبة الأولى هي وتد ناري والثانية وتد هوائي والثالثة وتد مائي والرابعة وتد ترابي. وكذلك فالرتبة الثانية من رتب النار والهواء والماء والتراب هي وتد ناري مائل ، ووتد هوائي مائل ، ووتد مائي مائل ، ووتد ترابي مائل. فحينئذ تكون الخامسة : وتد ناري مائل ، والسادسة : وتد هوائي مائل ، والسابعة وتد مائي مائل ، والثامنة وتد ترابي مائل. وعلى هذا القياس تكون الثالثة من كل الرتب النارية والهوائية والمائية والترابية : وتد ناري زائل ، ووتد هوائي زائل. ووتد مائي زائل ، ووتد ترابي زائل.

وتكون الرابعة من الرتب المذكورة : وتد الوتد الناري ، ووتد الوتد الهوائي ، ووتد الوتد المائي ، ووتد الوتد الترابي. وفائدة هذا أنّه يستعمل في الحساب. ويقولون : الوتد دليل الآحاد ، والمائل دليل العشرات ، والزائل دليل المئات ، ووتد الوتد دليل الألوف.

وما يقال أيضا في سير النقطة : إذا كانت النقطة في عنصرها فهي وتد ، أي أنّ لها قوة الوتد ، وإذا كانت في الثانية من عنصرها فهي الوتد المائل. وإن كانت في عنصرها الثالث فهي وتد زائل. وإن كانت في عنصرها الرابع فهي وتد الوتد. فمثلا : نقطة نارية في الرّتب النارية فهي وتد. وفي الرتب الهوائية فهي الوتد المائل ، وفي الرّتب المائية فهي الوتد الزائل ، وأمّا في الرّتب الترابية فوتد الوتد. وهكذا النقطة المائية في الرتب المائية وتد. وفي الرتب الترابية وتد مائل. وفي الرتب النارية فهي وتد زائل ، وفي الرتب الهوائية فهي وتد الوتد. وعلى هذا القياس نقطة الهواء ونقطة التراب.

واعلم : أنّ النقطة المطلوبة إذا كانت في الوتد فهي جيّدة ودليل على العزّة والقيمة لذلك الشيء وشهرته في كلّ الآفاق. وأمّا إذا كانت في رتبة الوتد المائل فقيمتها وقدرها في حدود الوسط وشهرتها في بعض الآفاق. وأمّا إذا كانت في الوتد الزائل فهي دليل على انعدام القيمة والقدر والعزّة لذلك الشيء وعلى ضعف شهرته في جميع الآفاق.

وإذا كانت النقطة في الوتد تحقّق المطلوب بدون مانع ، فيكون العمل عظيما. وأمّا في وتد الوتد فسيمدّه شخص آخر فيحصل المطلوب.

وأمّا في المائل فاحتمال الحصول ممكن ، ولكنه

٧٠٨

في الزائل فدليل على عدم تحقّق شيء. والوتد أيضا دليل على الحال ، يعني أنّ شيئا بالفعل سيوجد. والمائل دليل على المستقبل. يعني بعد هذا سيوجد. ويسأل عن المستقبل. والزائل ضعيف ويدلّ على الماضي يعني يسأل عن الماضي. وأمّا وتد الوتد فدليل على التوقّف ، هذا كلّه خلاصة ما في (السرخاب). والأوتاد عند السالكين أربعة أشخاص من أولياء الله تعالى ، وهم معيّنون لأركان العالم الأربعة. ففي المغرب : عبد العليم. وفي المشرق : عبد الحيّ. وفي الشمال : عبد المريد. وفي الجنوب : عبد القادر. وهم ببركتهم يحافظون على جملة الدنيا وعمارتها. كذا في كشف اللغات.

ومثله في مجمع السلوك حيث قال : ذكر في اصطلاح الصوفية أنّ الأوتاد هم الرجال الأربعة الذين على منازلهم الجهات الأربع من العالم ، أي المشرق والمغرب والجنوب والشمال ، بهم يحفظ الله تلك الجهات لكونهم محالّ نظره تعالى.

ويقول في مرآة الأسرار : أمّا الذي في المشرق فاسمه عبد الرحمن ، والذي في المغرب فاسمه عبد الودود ، والذي في الجنوب فاسمه عبد الرحيم ، والذي في الشمال فاسمه عبد القدوس ، فإذا مات أحدها حلّ محلّه أحد نوابه.

فأركان العالم الأربعة عامرة بوجود هؤلاء الأوتاد الأربعة ، كما أنّ الجبال سبب في استقرار الأرض (١).

__________________

(١) نزد اهل عروض اطلاق كرده شده بر سبيل اشتراك بر دو چيز يكى وتد مجموع وان لفظ سه حرفي را گويند كه دو حرف اوّل او متحرك باشند وحرف اخر او ساكن چون دعا وديگرى وتد مفروق وان لفظ سه حرفي است كه اوسط او ساكن باشد وطرفين او متحرك چون راس هكذا في عروض سيفي وغيره ونزد اهل هيئت اسم جزوي معين است از اجزاء فلك البروج گفته اند اوتاد چهارند پس جزوى از منطقة البروج كه بر افق شرقي باشد ان را وتد اوّل ووتد طالع گويند وجزوي از ان كه بر افق غربي باشد درين حالت يعنى در حالت بودن ان جزو كه مسمى بوتد اوّل گشته بر افق شرقي آن را وتد سابع ووتد غارب گويند پس وتد اوّل ووتد سابع هر در متقابل باشند وجزوى كه در منتصف اين هر دو وتد فوق الارض باشد ان را وتد عاشر ووتد السما گويند وجزوى كه در منتصف اين هر دو تحت الارض باشد آن را وتد رابع ووتد الارض گويند پس اگر برج وتد السما دهم برج طالع بود ان اوتاد را اوتاد قائمة گويند واگر يازده مباشد از طالع انها را اوتاد مائله گويند واگر نهم از طالع باشد انها را اوتاد زائلة گويند وكلام شارح تذكرة موهم ان است كه اوتاد را قائمة وقتي گويند كه جزو عاشر منتصف طالع وغارب باشد وان وقتي بود كه قطب بروج بر افق باشد يا بر دائرة نصف النهار به شرطى كه بر سمت الرأس نباشد كذا ذكر عبد العلي البرجندي في شرح بيست باب ودر لفظ طالع نيز بيان اينها رفته در فصل عين از باب طاى مهملتين واوتاد نزد اهل رمل بر چند معني اطلاق كردة مى آيد آنكه ميگويند كه خانه اوّل وچهارم وهفتم ودهم هريك وتد است ودوم وپنجم وهشتم ويازدهم هريك مائل وتد است وسوم وششم ونهم ودوازدهم هريك زائل وتد است وساقط عن الوتد نيز گويند بجهت آنكه هريكى ازين خانها نظر بطالع ندارد وسيزدهم وچهاردهم وپانزدهم وشانزدهم هريك وتد الوتد است هكذا في بعض الرسائل وآنكه در انقلاب وتد الوتد مى گويند كه اوتاد را در شواهد ضرب كنند ظاهر اينست كه اين قول بر حذف مضاف است يعني اشكال اوتاد را در شواهد ضرب نمايند ونيز محتمل است كه اطلاق اوتاد بر اشكال كه در اوتاد واقع شوند اطلاق مجازي باشد از قبيل اطلاق اسم محل بر حال والله اعلم بحقيقة الحال وآنكه در سير نقطة مى گويند كه خانه اوّل وپنجم ونهم وسيزدهم آتشى اند ودوم وششم ودهم وچهاردهم بادي اند وسوم وهفتم ويازدهم وپانزدهم آبي اند وچهارم وهشتم ودوازدهم وشانزدهم خاكى اند واولين خانه را از خانهاي آتشى وبادي وآبي وخاكى وتد آتش ووتد باد وتد اب ووتد خاك گويند پس خانه اوّل وتد آتش باشد وخانه دوم وتد باد وخانه سوم وتد آب وخانه چهارم وتد خاك ودومي خانه را از خانهاي آتشى وبادى وابى وخاكى مائل وتد آتش ومائل وتد باد ومائل وتد آب مائل وتد خاك گويند پس پنجم مائل وتد آتش وششم مائل وتد باد وهفتم مائل وتد اب وهشتم مائل وتد خاك باشد وبر همين قياس سومى خانه را از هريك از خانهاي آتش وبادي وابي وخاكى زائل وتد آتش وزائل وتد باد وزائل وتد اب وزائل وتد خاك نامند وچهارمي خانه را هريك از خانهاي مذكورة وتد الوتد آتش ووتد الوتد باد ووتد الوتد اب ووتد الوتد خاك نامند وفائدة اين در حساب بكار آيد وميگويند وتد دليل احاد ومائل دليل عشرات وزائل دليل مئات ووتد الوتد دليل ألوف وآنكه در سير نقطة نيز ميگويند اگر نقطة در

٧٠٩

الوتر : [في الانكليزية] Prayer with an odd number ، of genuflexions ، chord ، diametre ـ [في الفرنسية] Priere avec un nombre impair de genuflexion ، corde ، diametre

بكسر الواو وفتحها وسكون التاء المثناة الفوقانية وكسرها خلاف الشّفع ، سمّيت به في الشرع صلاة مخصوصة لأنّ عدد ركعاته وتر لا شفع ، كذا في جامع الرموز. وبفتحتين في اللغة زه كمان ـ وتر القوس ـ كما في الصراح. وعند المهندسين هو الخطّ المستقيم القاسم للدائرة سواء كان منصفا لها بأن يكون مارا بمركزها ويسمّى قطرا أو لم يكن ، فعلى هذا هو أعمّ من القطر. وعند بعضهم الوتر خط مستقيم قاسم للدائرة بقسمين مختلفين ، وأمّا القاسم لها بقسمين غير مختلفين بل بقسمين متساويين فيسمّى قطرا ، فعلى هذا يكون الوتر مباينا للقطر. ووتر الزاوية عندهم هو الخط مستقيما أو غيره الواصل بين الضلعين المحيطين لتلك الزاوية. فكلّ من الخطوط الثلاثة في المثلث وتر للزاوية التي بين الضلعين المتصلين بذلك الخطّ ، هكذا يستفاد من ضابط قواعد الحساب وشرح حكمة العين.

الوثن : [في الانكليزية] Idol ـ [في الفرنسية] Idole

بفتح الواو والثاء المثلثة هو ما له صورة كصورة الإنسان ذو جثة معمولة من جواهر الأرض أو الحجارة أو الخشب والصّنم صورة بلا جثّة.

الوثني : [في الانكليزية] Pagan ـ [في الفرنسية] Paien

بياء النسبة عابد الوثن كذا في جامع الرموز.

الوثنية : [في الانكليزية] Paganism ، polytheism ـ [في الفرنسية] Paganisme ، polytheisme

فرقة من الكفار يعبدون الأوثان ويقولون بأنّ الله واحد فعدّهم من المشركين لقولهم بتعدّد المستحقّ للعبادة لا لقولهم بتعدّد الواجب لذاته ، إذ لا يصفون الأوثان بصفات الإلهية وإن أطلقوا اسم الإلهية عليها بل اتخذوها على أنّها تماثيل الأنبياء والزهاد أو الملائكة أو الكواكب واشتغلوا بها على وجه العبادة توصّلا بها إلى ما

__________________

ـ عنصر خود باشد وتد است يعني قوت وتد دارد واگر در دوم عنصر خود باشد مائل الوتد است واگر در سوم عنصر خود باشد زائد الوتد است واگر در چهارم عنصر خود باشد وتد الوتد است مثلا نقطه آتش در خانهاي آتشى وتد است ودر خانهاى بادي مائل الوتد ودر خانهاي ابى زائل الوتد ودر خانهاي خاكى وتد الوتد وهمچنين نقطه ابى در خانهاي ابى وتد است ودر خانهاي خاكى مائل الوتد ودر خانهاي آتشى زائل الوتد ودر خانهاي بادى وتد الوتد وعلى هذا القياس نقطه باد وخاك بدان كه اگر نقطه مطلوب در وتد باشد خوب بود ودليل عزت وقدر وقيمت ان شيء كند وشهرت او در همه آفاق واگر در خانه مائل بود قدر وقيمت وعزت ميانه كند وشهرت در بعضى آفاق واگر در زائل برد دليل بى قدرى وبى قيمتى وبى عزتى ان شيء كند ومجهولي او در همه آفاق ونقطه در وتد مطلوب را حاصل كند بي مانع وكارى بزرگ بود ودر وتد الوتد كسى ديگر ممد او شود كه ان مطلوب بحصول انجامد ودر مائل احتمال حصول دارد ودر زائل دليل است بر عدم حصول ونيز وتد دليل حال است يعنى ان چيز بالفعل در وجود آيد ومائل دليل مستقبل است يعنى بعد ازين بوجود آيد واز مستقبل مى پرسد وزائل ضعيف است دليل بر ماضى كند يعني از گذشته ميپرسد ووتد الوتد دليل توقف است اينهمه خلاصه سرخاب است. واوتاد نزد سالكان چهار تن اند از اولياء خداى تعالى كه در چهار ركن عالم نامزداند در مغرب عبد العليم است ودر مشرق عبد الحي ودر شمال عبد المريد ودر جنوب عبد القادر كه محافظت جملة عالم ومعمورى دنيا از تركت ايشانست كذا في كشف اللغات ومثله في مجمع السلوك حيث قال ذكر في اصطلاح الصوفية ان الأوتاد هم الرجال الاربعة الذين على منازلهم الجهات الاربع من العالم اي المشرق والمغرب والجنوب والشمال بهم يحفظ الله تلك الجهات لكونهم محال نظره تعالى ودر مرآة الاسرار گويد آنكه در مشرق است نام او عبد الرحمن مى باشد وآنكه در مغرب است نام او عبد الودود مى باشد وآنكه در جنوبست نام او عبد الرحيم وآنكه در شمال است نام او عبد القدوس اگر يكى از ايشان فوت گردد يكى از نائبان به جايش آيد چهار ركن عالم معمور بوجود اين چهار اوتاد است چنانچه كوهها سبب سكون زمين.

٧١٠

هو إله حقيقة ، هكذا يستفاد من شرح المواقف وحاشية الجلپي في مبحث التوحيد. وقد سبق في لفظ الشرك.

الوجادة : [في الانكليزية] Certainty in finding prophetic traditions ـ [في الفرنسية]

Certitude dans la decouverte des traditions prophetique

E

هي عند المحدّثين أن تجد أحاديث بخط يعرف كاتبه فيقول عند الوثوق به وجدت هذا الكتاب بخطّ فلان أو قرأت بخطّ فلان أو في كتاب فلان بخطّه ، حدثنا فلان ويسرق باقي الإسناد والمتن ولا يسوغ فيه إطلاق أخبرني بمجرّد ذلك ، إلاّ أن كان له منه إذن بالرواية عنه. وأطلق قوم ذلك أي أخبرني ونحوه فغلطوا ، وإن لم يثق به فيقول بلغني عن فلان أو قرأت في كتاب أخبرني فلان أنّه بخطّ فلان ونحوهما ؛ وقد استمر عليه العمل قديما وحديثا ، وهو من باب المرسل وفيه شرب من الاتصال بقوله وجدت. وفي الأصل أنّه منقطع ليس فيه شوب الاتصال والصحيح أنّه يجوز العمل بمقتضى الوجادة ، بل قطع المحقّقون من الشافعية بوجوب العمل به عند الوثوق إذ لو وقف على الرواية لانسدّ باب العمل لتعذّر شروط الرواية في زماننا خلافا للمالكية وغيرهم ، كذا في خلاصة الخلاصة وتفصيله في شرح النخبة وشرحه.

الوجد : [في الانكليزية] Sadne ، sorrow ، joy ، paion ـ [في الفرنسية] Tristee ، chagrin ، allegree ، joie ، paion

بفتح الواو والجيم لغة الحزن كما في الصراح. وفي اصطلاح الصوفية مصادفة الباطن من الله تعالى واردا يورث فيه حزنا أو سرورا أو يغيّره عن هيئته ويغيبه عن أوصافه بشهود الحق. قال الجنيد رحمه‌الله : الوجد انقطاع الأوصاف عند سمة الذات بالسرور. وقال ابن عطاء : الوجد انقطاع الأوصاف عند سمة علامة الذات بالحزن ، وكأنّهما أي الجنيد وابن عطاء لما كان الوجد سببا لانقطاع الأوصاف البشرية نزّلا ذلك الانقطاع منزلة الوجد ، وكأنّ الجنيد نظر إلى أنّ الحزن يستلزم بعض بقاء الأوصاف لأنّه انعصار بقية الوجود ، فلذلك قيّد انقطاع الأوصاف بكون الذات موسومة بالسرور ، وكأنّ ابن عطاء نظر إلى أنّ السرور فيه حظ النفس وهو دليل وصفها ، فقيد الانقطاع بكون الذات موسومة بالحزن والوجد لا يكون إلاّ لأهل البدايات ، لأنّه يرد عقيب الفقد ، فمن لا فقد له فلا وجد له ، والواجد صاحب التلوين يجد تارة بغيبة صفات النفس ويفقد أخرى بوجودها ، والوجدان أخصّ من الوجد لأنّه مصادفة الحقّ سبحانه. وأمّا الوجود فهو أخصّ من الوجدان لدوامه بدوام الشهود واستهلاك الواجد في الوجود وغيبته عن وجوده بالكلّية. فالوجد صفة قائمة بالواجد والوجود صفة قائمة بالموجود يدوم ببقائه كما قال ذو النون (١) : الوجود بالموجود قائم والوجدان بالواجد قائم ، ومع قيام الوجد بالواجد لا يراه الواجد قائما إلاّ بالموجود وإلاّ لم يكن واجدا حيث فقد وجود الحقّ تعالى بوجوده. ولهذا قال الشيخ الشبلي رحمه‌الله : إذا ظننت أنّي فقدت فحينئذ وجدت وإذا حسبت أنّي وجدت فقد فقدت. وقال أيضا : الوجد إظهار الموجود إشارة إلى المعنى المذكور وكذلك ما قال النووي الوجد فقد الوجود بالموجود. واعلم أنّ مثار الوجد تارة يكون سماع خطاب المحبوب وتارة يكون شهود جماله لمن لم يستقر حال سماعه وشهوده ، فإذا

__________________

(١) هو ثوبان بن ابراهيم الأخميمي المصري ، ابو الفياض أو أبو الفيض. توفي عام ٢٤٥ ه‍ ٨٥٩ م. زاهد عابد مشهور ، كان فصيحا حكيما ، له شعر. وهو من أوائل من تكلم في الأحوال والمقامات.

الاعلام ٢ / ١٠٢ ، وفيات الأعيان ١ ١٠١ ، ميزان الاعتدال ١ / ٣٣١ ، لسان الميزان ٢ ٤٣٧ ، حاشية الأولياء ٩ / ٣٣١.

٧١١

استقرّ صار وجده وجودا ووجوده شهودا وشهوده مؤبّدا وسماعه مسرمدا ، ولا ينزعج بمفاجأة حال الشهود والسماع ، ومن أرباب الشهود وأصحاب الوجود من يرقص في السماع لا لأنّه يجد مفقودا فعجل للسرور أو يفقد موجودا فيضطرب للحزن ، بل لأنّ فطرته تشتمل على أصول مختلفة وقوى متنوعة متنازعة ينجذب روحه إلى علوّ ونفسه إلى سفل ، ويستتبع كلّ منهما القلب إلى جهته فيتردّد بين الداعيين له يدعوه هذا إلى جهة وهذا إلى أخرى ، فهذا الرقص ليس بنقص كما قيل الرقص نقص ، وإنما النقص لراقص يطربه الوجد بعد الفقد ويستريح بالوجد لا بالموجود في الوجد ، ومن شهد في وجده الموجود غاب بوجود الموجود عن وجده وصار وجده وجودا كما قال الجنيد رحمه‌الله :

قد كان يطربني وجدي فأفقدني

من رؤية الوجد من في الوجد موجود

الوجد يطرب من في الوجد راحته.

والوجد عند شهود الحقّ مفقود

وليس النقص للراقص الذي لا يطربه الوجد بل تحركه بجاذب أجزائه كذا في شرح القصيدة الفارضية ، وفي خلاصة السلوك الوجد خشوع الروح عند مطالعة سرّ الحقّ. وقيل الوجد اضطراب الفؤاد من خوف الفراق. وقال أهل الحقيقة الوجد عجز الروح من احتمال غلبة الشوق عند وجود حلاوة الذكر. قال الأعرابي :

الوجد رفع الحجاب عن القلب ثم مشاهدة الحقّ وملاحظة الغيب.

الوجدان : [في الانكليزية] Conscience ، affectivity ، intuition ـ [في الفرنسية] Conscience ، affectivite ، intuition

بالكسر وسكون الجيم عند الصوفية هو مصادفة الحقّ تعالى كما عرفت قبيل هذا أي في لفظ الوجد. وأمّا في اصطلاح غيرهم فالمشهور أنّه النفس وقواها الباطنة. وقيل القوى الباطنة والوجداني على القول المشهور هو ما يجده كلّ أحد من نفسه عقليا صرفا كان كأحوال نفسه أو مدركا بواسطة قوة باطنية. وعلى القول الغير المشهور هو ما يدرك بالقوى الباطنة ، هكذا يستفاد من الأطول في بحث التشبيه. وعلى القول الأول يهمل ما وقع في شرح المواقف وحاشيته لمولانا عبد الحكيم في المرصد الرابع من الموقف الأول من أنّ الوجدانيات هي التي نجدها إمّا بنفوسنا كعلمنا بوجود ذواتنا وبأفعال ذواتنا أو بآلاتها الباطنة كعلمنا بخوفنا وشهوتنا وغضبنا ولذتنا ، وهي وإن كانت من أقسام العلوم الضرورية لكنها قليلة النفع في العلوم لأنّها لا تقوم حجة على الغير ، فإنّ ذلك الغير ربّما لم يجد من باطنه ما وجدناه. أمّا إذا ثبت الاشتراك في أسبابها فهي حجّة على الغير كعلمنا بوجود ذواتنا ، ولذا قد يستدل بالوجدان في بعض المطالب لكنه قليل ، وعلى القول الثاني يهمل ما وقع في المرصد الخامس من الموقف الأول من أنّ الوجدانيات ما يحكم به العقل بمجرّد الحسّ الباطن ويعدّ منها تغليبا ما نجده بنفوسنا لا بآلاتنا كشعورنا بذواتنا وبأفعال ذواتنا انتهى. ثم الوجدانيات تسمّى بالقضايا الاعتبارية أيضا ، والفرق بينهما وبين المشاهدات بمعنى المحسوسات عموم من وجه ، فإنّ المحسوسات بالحواس الظاهرة مشاهدات فقط ، وما نجده بنفوسنا وجدانيات فقط ، وتجتمعان فيما نعلمه بالحسّ الباطن ، وعلى هذا فقس النسبة بينهما وبين المشاهدات بمعنى آخر وقد سبق ما يتعلّق بهذا في لفظ المحسوسات أيضا.

الوجع : [في الانكليزية] Pain ، ache ، suffering ـ [في الفرنسية] Douleur ، souffrance

بالفتح وسكون الجيم هو إدراك المنافي من حيث هو مناف والجمع الأوجاع ، وهي على قسمين : قسم وضع بإزائه اسم يخصّه

٧١٢

كالضربان واللاذع ، وقسم لم يوضع بإزائه اسم بل إذا أريد التعبير عنه يضاف إلى موضعه كما يقال وجع الكلية ووجع المعدة ونحوهما.

وجع المفاصل : [في الانكليزية] Rheumatism ـ [في الفرنسية] Rhumatisme

هو كلّ وجع في مفصل مقدّم القدم والنقرس وإن كان أيضا وجع مفصل لكنه خصّ بذلك في اصطلاح الأطباء. ووجع الورك هو ما يكون الوجع فيه ثابتا ولم ينتقل إلى عرق النساء. قال الإيلاقي أسباب أوجاع المفاصل مواد فاضلة تجمع في المفاصل ، فما يكون في مفاصل الرجل يسمّى النقرس ، وما كان في مفصل الورك وينزل قليلا إلى الفخذ يسمّى وجع الورك ، وما ينزل إلى الفخذ من خارج ويبلغ الكعب والأصابع يسمّى عرق النساء ، وما يكون في مفاصل اليدين والركبتين يسمّى وجع المفاصل كذا في بحر الجواهر. وفي القانونچه النزلة إذا وقعت في مفصل إبهام القدم كان نقرسا وإن وقعت في مفصل الورك كان عرق النساء ، وإن وقعت في مفاصل فقرات الظهر كان حدبة ، وإن وقعت في المفصل مطلقا كان وجع المفاصل.

الوجه : [في الانكليزية] Face ، existence ، notable ـ [في الفرنسية] Visage ، existence ، notable

بالفتح وسكون الجيم بالفارسية روي ، وجمعه وجوه كذا في الصراح. وعند أهل التّصوف : هو الوجود ، كذا في العقد المنفرد في علم التصوف ، وعند القرّاء يطلق على قسم من أحوال الإسناد ، كما مرّ. وعند أهل العربية :

الفرق بين الوجوه والنّظائر ، وقد سبق بيانه في لفظة نظائر (١).

وجه التّشبيه : [في الانكليزية] Similarity point in a simile ـ [في الفرنسية]

Point de reemblance dans une comparais

E

هو ما يشترك فيه الطرفان ويسمّى بالجامع في الاستعارة وقد سبق في لفظ التشبيه.

الوجوب : [في الانكليزية] Neceity ، obligation ـ [في الفرنسية] Neceite ، obligation

بالضم وتخفيف الجيم في اللغة هو الثبوت وفي العرف هو الاستحسان والأولوية ، يقال يجب أي يستحسن ويسمّى بالوجوب العرفي والاستحساني ، ويقابله الوجوب العقلي والشرعي. أمّا الوجوب العقلي فقال المتكلّمون والحكماء الوجوب والإمكان والامتناع قد تطلق على المعاني المصدرية الانتزاعية وتصوّراتها بالكنه ضرورية إذ ليس كنهها إلاّ هذه المعاني الثلاثة المنتزعة الحاصلة في الذّهن ، فإنّ كلّ عاقل غير قادر على الكسب يتصوّر حقيقتها كوجوب حيوانية الإنسان وإمكان كاتبيته وامتناع حجريته وتصوّر الحصّة يستلزم تصوّر الطبيعة ضرورة أنّها طبيعة مقيّدة ، ومن عرّفها فلم يزد على أن يقول الواجب ما يمتنع عدمه أو لا يمكن عدمه ، فإذا قيل له ما الممتنع؟ قال : ما يجب عدميا وما لا يمكن وجوده. وإذا قيل له ما الممكن؟ قال : ما لا يجب وجوده أو ما لا يمتنع وجوده ولا عدمه فيأخذ كلا من الثلاثة في تعريف الآخر وأنّه دور ، وعلى هذا القياس الوجوب والإمكان والامتناع. فإن قلت قد عرف الواجب بالممكن العام ثم عرّف الممكن الخاص بالواجب فلا دور. قلت الإمكان العام والخاص حصّة من الإمكان المطلق بهذا المعنى وكذا مشتقّ كلّ منهما حصّة من مشتقّه ، وخفاء

__________________

(١) بالفتح وسكون الجيم روي وجوه جمع كذا في الصراح ونزد اهل تصوف وجود را گويند كذا في العقد المنفرد في علم التصوف ونزد قرا اطلاق كرده شود بر قسمي از احوال اسناد چنانكه گذشت در فصل دال از باب سين مهملتين ونزد اهل عربية فرق در ميان وجوه ونظائر در لفظ نظائر گذشت.

٧١٣

١٧الحصّة إنّما هو لخفاء الطبيعة. نعم لو عرف الوجوب بالمعنى الآتي مثلا بالإمكان والامتناع بهذا المعنى لم يلزم الدور. وقد تطلق على المعاني التي هي منشأ لانتزاع المعاني المصدرية ، والظاهر أنّ تصوّراتها نظرية ، ولذا اختلف في ثبوتها واعتباريتها ، والظاهر أنّ المبحوث عنها في فنّ الكلام هذه المفهومات بمعنى مصداق الحمل والمبحوث عنها في المنطق بالمعاني المصدرية ، والمشهور أنّ المبحوث عنها في فنّ الكلام هي التي جهات القضايا في المنطق ، لكن في قضايا مخصوصة محمولاتها وجود الشيء في نفسه ، فإنّه إذا أطلق المتكلّمون الواجب والممكن والممتنع أرادوا بها الواجب الوجود والممكن الوجود والممتنع الوجود. ثم الوجوب أي بمعنى مصداق الحمل ومنشأ الانتزاع يقال على الواجب باعتبار ما له من الخواص لا بالمعنى المصدري ، فإنّه إذا كان الوجوب مقولا على الواجب ومحمولا عليه باعتبار هذه الخواص فهذه الخواص منشأ لانتزاعه ومصداق لحمله. الأولى استغناء في وجوده عن الغير وقد يعبّر عنها بعدم احتياجه أو بعدم توقّفه فيه على غيره. والثانية كون ذاته مقتضية لوجوده اقتضاء تاما. والثالثة الشيء الذي به يمتاز الذات عن الغير فالمعنيان الأوّلان أمران نسبيان بتاء على أنّ المراد منهما كون وجود الواجب عين ذاته ، إلاّ أنّ الأول منهما عدمي والثاني ثبوتي. ثم النظر الدقيق يحكم بأنّ كلاهما أمران ثبوتيان لرجوعهما إلى نحو وجود الواجب وخصوصية ذاته فالخاصة الثالثة كما أنّها غير الذات بحسب المفهوم وعينها بحسب ما هو المراد منها كذلك الأولى والثانية إلاّ أن يبنى ذلك على مذهب المتكلّمين ، ويحمل العينية على حمل المواطأة مطلقا ، وبهذا التقرير اندفع ما قيل الخاصة الثانية لا تصدق عليه تعالى على مذهب الحكماء القائلين بغيبة الوجود ، هذا هو المستفاد من كلام مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف ، وهذا تحقيق تفرّد به. والمستفاد من كلام مولانا عبد الحكيم أنّ الوجوب الذي يقال على الواجب باعتبار تلك الخواص هو الوجوب بالمعنى المصدري يعنى أنّ الوجوب بالمعنى الضروري كيفية نسبة الوجود فهو صفة للنسبة ولا يوصف به ذاته تعالى وإلاّ لكان وصفا بحال متعلّقه ، بل إنّما يوصف به باعتبار استعماله في أحد تلك المعاني التي تختصّ بذاته تعالى لكون هذه المفهومات لازمة لذلك المعنى الذي هو صفة للنسبة ، إمّا بطريق المجاز أو الاشتراك وإطلاق الوجوب على المعنيين الأوّلين ظاهر.

وأمّا إطلاقه على الثالث فإمّا بتأويل الواجب أو إرادة مبدأ الوجوب إذ ليس الوجوب بالمعنى الثالث قائما بذاته تعالى حتى يوصف بما يشتقّ منه ، بل هو محمول عليه مواطأة ، فلا بدّ من أحد التأويلين ، وعلى التأويلين يكون الوجوب عبارة عن كون الشيء بحيث يمتاز عن غيره ، وهذه الخواص متغايرة مفهوما لكنها متلازمة ، إذ متى كان ذاته كافيا في اقتضاء وجوده لم يحتج في وجوده إلى غيره وبالعكس ، ومتى وجد أحد هذين الأمرين وجد ما به يتميّز الذات عن الغير وبالعكس. قال شارح التجريد ما حاصله إنّ الوجوب بالمعنى الأول أي بمعنى الاستغناء عن الغير صفة للوجود وبالمعنى الثاني أي بمعنى اقتضاء الذات للوجود صفة للذات بالقياس إلى الوجود وهو لا يتصوّر إلاّ في ذات مغايرة للوجود ، فهو عند الحكماء القائلين بعينية الوجود ليس بمتحقّق إذ الشيء لا يقتضي نفسه ، ومعنى ذلك الاقتضاء عدم انفكاك الوجود عن الذات ، لا أن يكون هناك اقتضاء وتأثير فإنّ ذات البارئ لمّا وجب اتصافه بالوجود ولم يجز أن لا يتصف به لم يكن هناك علّة بها يصير متصفا بالوجود إذ شأن العلّة ترجيح أحد

٧١٤

المتساويين على الآخر ، فإذا لم يكن هناك طرفان متساويان ، فأي حاجة إلى العلّة. ولهذا قال بعض المحقّقين صفات الواجب تعالى لا تكون آثارا له وإنّما يمتنع عدمها لكونها من لوازم الذات. وتوضيح ما قلنا هو أنّ مراتب الوجود في الموجودية بحسب التقسيم العقلي ثلاث لا مزيد عليها ، أدناها الموجود بالغير أي الذي يوجده غيره ، فهذا الموجود له ذات ووجود مغاير له وموجد مغاير لهما ، فإذا نظر إلى ذاته مع قطع النظر عن موجده أمكن في نفس الأمر انفكاك الوجود عنه ، ولا شكّ أنّه يمكن تصوّر انفكاكه عنه أيضا. فالتصوّر والمتصوّر كلاهما ممكن ، وهذا حال الماهيات الممكنة كما هو المشهور. وأوسطها الموجود بالذات بوجود هو غيره أي الذي يقتضي ذاته وجوده اقتضاء تاما يستحيل معه انفكاك الوجود عنه فهذا الموجود له ذات ووجود مغاير له فيمتنع انفكاك الوجود عنه بالنّظر إلى ذاته ، لكن يمكن تصوّر هذا الانفكاك فالمتصوّر محال والتصوّر ممكن ، وهذا حال الواجب تعالى عند جمهور المتكلّمين. وأعلاها الموجود بالذات بوجود هو عينه أي الذي وجوده عين الذات فهذا الموجود ليس له وجود مغاير للذات فلا يمكن تصوّر انفكاك الوجود عنه بل الانفكاك وتصوّره كلاهما محال ، وهذا حال الواجب تعالى عند جمهور الحكماء. وهذه المراتب مثل مراتب المضيء كما سبقت في محله. قال الصادق الحلواني في حاشية الطيبي : وجوب الوجود عند الحكماء استغناؤه تعالى في الموجودية في الخارج عن غيره. وعند المتكلّمين اقتضاء ذاته وجوده اقتضاء تاما. ومن هاهنا تسمعهم يقولون في الواجب تارة هو ما يستغني في موجوديته عن غيره وأخرى هو ما يقتضي ذاته وجوده اقتضاء تاما ، وقد يفسّر بما يكون وجوده ضروريا بالنظر إلى ذاته انتهى.

ومآل التفسير الثالث مع الثاني واحد كما لا يخفى.

اعلم أنّ هذه الثلاثة قد تؤخذ بحسب الذات كما عرفت والقسمة أي قسمة كيفية نسبة المحمول إلى الموضوع إلى هذه الثلاثة حينئذ قسمة حقيقية حاصرة بأن يقال نسبة كلّ محمول سواء كان وجودا أو غيره إلى موضوعه ، سواء كانت النسبة إيجابية أو سلبية لا يخلو ذات الموضوع إمّا أن يقتضي تلك النسبة أو لا ، وعلى الثاني إمّا أن يقتضي نقيض تلك النسبة أو لا ، والأول هو الوجوب والثاني هو الامتناع والثالث هو الإمكان ، ولا يمكن انقلاب أحد هذه الثلاثة بالآخر بأن يزول أحدهما عن الذات ويتّصف الذات بالآخر مكانه ، فيصير الواجب بالذات ممكنا بالذات وبالعكس لأنّ ما بالذات لا يزول ، وقد يؤخذ الوجوب والامتناع بحسب الغير إذ لا ممكن بالغير فالوجوب بالغير هو الذي للذات باعتبار غيره ، وهكذا الامتناع بالغير وحينئذ القسمة مانعة الجمع لاستحالة اجتماع الوجود والعدم في ذات دون الخلوّ لانتفائهما عن كلّ من الواجب والممتنع بالذات ، ويمكن انقلابهما إذ الواجب بالغير قد يعدم علّته فيصير ممتنعا بالغير ، وكذا الممتنع بالغير قد يوجد علّته فيصير واجبا بالغير فالوجوب شامل للذاتي والغيري ، وكذا الامتناع والوجوب بالغير والامتناع بالغير إنّما يعرضان للممكن بالذات ، وأمّا الواجب بالذات فيمتنع عروض الوجوب بالغير له وإلاّ لتوارد علّتان مستقلتان أعني الذات والغير على معلول واحد شخصي هو وجوب ذلك الوجوب ، وكذا عروض الامتناع بالغير له وإلاّ لكان موجودا ومعدوما في حالة ، وعلى هذا القياس الممتنع بالذات. والتحقيق أنّه إن أريد بالإمكان بالغير أن لا يقتضي الغير وجود الماهية ولا عدمها كما أنّ الوجوب بالغير أن يقتضي الغير وجوبها والامتناع بالغير أن يقتضي

٧١٥

الغير عدمها ، فلا شكّ أنّه لا ينافي الوجوب الذاتي ولا الامتناع الذاتي ، وإن أريد بالإمكان بالغير أن يقتضي الغير تساوي نسبة الماهية إلى الوجود والعدم فلا كلام في أنّه ينافي الوجوب والامتناع الذاتيين وكذا الإمكان الذاتي للزوم توارد العلتين على معلول واحد. ثم الإمكان إنّما يعرض للماهية من حيث هي لا مأخوذة مع وجودها ولا مع عدمها ولا مع وجود علّتها وعدمها ، أمّا إذا أخذت الماهية مع الوجود فإنّ نسبتها حينئذ إلى الوجود بالوجوب ويسمّى ذلك وجوبا لاحقا ، وإذا أخذت مع العدم فنسبتها إلى الوجود حينئذ يكون بالامتناع لا بالإمكان ويسمّى ذلك امتناعا لاحقا ، وكلاهما يسمّى ضرورة بشرط المحمول ، وإذا أخذت مع وجود علّتها كانت واجبة ما دامت العلّة موجودة ويسمّى ذلك وجوبا سابقا وإذا اخذت مع عدم علتها كانت ممتنعة ما دامت العلّة معدومة ويسمّى ذلك امتناعا سابقا. فكلّ وجود محفوف بوجوبين سابق ولاحق وكلاهما وجوب بالغير ، وكلّ معدوم محفوف بامتناعين سابق ولاحق وكلاهما امتناع بالغير.

فائدة :

قال بعض المتكلّمين الواجب والقديم مترادفان لكنه ليس بمستقيم المقطع بتغاير المفهومين ، إنّما النزاع في التساوي بحسب الصدق. فقيل القديم أعمّ لصدقه على صفات الواجب وبعض المتأخّرين كالإمام حميد الدين الضريري (١) ومن تبعه صرّحوا بأنّ الواجب الوجود لذاته هو الله تعالى وصفاته ، وأوّله البعض بأنّ معناه أن الصفات واجبة الواجب أي لا تفتقر إلى غير الذات ، لكن هذا لا يوافق استدلالهم. بأنّ كلّ ما هو قديم لو لم يكن واجبا لذاته لكان جائز العدم في نفسه فيحتاج في وجوده إلى مخصّص فيكون محدثا ، إذ لا نعني بالمحدث إلاّ ما يتعلّق وجوده بإيجاد شيء آخر.

وقيل منشأ هذا القول إمّا التلبيس خوفا من القول بإمكان الصفات الموجب لحدوثها على أصلهم من أنّ كلّ ممكن حادث ، وهو أن يقال لمّا كان الواجب لذاته بمعنيين الواجب بحقيقته بأن تكون ضرورة وجوده ناشئة من حقيقته ، والواجب بموصوفه بأن تكون ضرورة وجوده ناشئة من اقتضاء موصوفه لوجوده واستقلاله به وضع أحدهما مكان الآخر في القول بأنّ الصفات واجبة لذواتها ، حتى لو سئل هل الصفات واجبة لذواتها لم يكن للقائل أن يجيب عنه بنعم ، ويظهر أمر التلبيس ، وإمّا الالتباس بأن يقال لمّا كان اقتضاء الواجب وجوده جعل وجوده واجبا توهّم مثلا أنّ اقتضاء العلم مثلا يقتضي كون العلم واجبا ، فرّق بينهما بأنّ اقتضاء الواجب وجوده لوجوب غذائه في وجوده عن وجود غيره ، واقتضاؤه وجود العلم بوجوب احتياج العلم إلى وجود غيره انتهى.

فائدة :

الإمكان أيضا يقال على الممكن باعتبار ما له من الخواص الأولى احتياجه في وجوده إلى غيره ، والثانية عدم اقتضاء ذاته وجوده أو عدمه ، والثالثة ما به يمتاز ذات الممكن عن الغير فإمّا أن يراد بالإمكان بمعنى مصداق الحمل والمراد بالخاصتين الأوليين زيادة الوجود على الماهية فهما ترجعان إلى خصوصية الذات ، ونحو تقرّرها على قياس الوجوب فكما أنّ الوجوب بمعنى مصداق الحمل نفس ذات الواجب كذلك الإمكان بهذا المعنى نفس ذات الممكن. وإمّا بالمعنى المصدري والحال في تغايرها وتلازمها كما عرفت في الوجوب ، وهكذا الامتناع يطلق باعتبار الخواص على

__________________

(١) حميد الدين الضريري هو الإمام الرامشي الذي سبق ذكره في مصطلح «النص».

٧١٦

الممتنع ، إلاّ أنّه لا كمال في معرفته ، ولذا تركوا بيانه. وأمّا الوجوب الشرعي فقد اختلفت العبارات في تفسيره ، فقيل هو حكم بطلب فعل غير كفّ ينتهض تركه في جميع وقته سببا للعقاب ، وذلك الفعل المطلوب يسمّى واجبا ، فالوجوب قسم من الحكم والواجب قسم من الأفعال وما وقع في عبارة البعض من أنّ الواجب والمندوب ونحوهما أقسام للحكم ليس على ظاهر. فبقيد الطلب خرج الإباحة والوضع. وقوله غير كفّ يخرج الحرمة لأنّها أيضا طلب فعل لكنه فعل هو كفّ ، وهذا إشارة إلى الخلاف الواقع بين الأصوليين من أنّ المراد بالنهي هو نفي الفعل أو فعل الضدّ ، فقال أبو هاشم بالأول والأشعري بالثاني. وبالجملة فمن يقول بأنّ الكفّ فعل يعرف الوجوب بما مرّ والحرمة بأنّها حكم بطلب الكفّ عن فعل ينتهض ذلك الفعل سببا للعقاب. وأمّا من يقول بأنّ الكفّ نفي فعل فيطرح من حدّ الوجوب قيد غير كفّ ويقول الوجوب حكم بطلب فعل ينتهض تركه الخ ، والحرمة حكم بطلب نفي فعل ينتهض فعله سببا للعقاب ، وكذا يخرج الكراهة لأنّها طلب كفّ لا فعل عند من يقول بأنّ الكفّ فعل ، وأمّا عند من لا يقول به فيخرج بقيد ينتهض ، إذ فعلها وتركها كلّ منهما لا ينتهض سببا للعقاب. ثم قوله ينتهض يخرج النّدب. وقوله في جميع وقته ليشتمل الحدّ الواجب الموسع إذ تركه ليس سببا للعقاب إلاّ إذا ترك في جميع الوقت ، وفيه أنّه لو لم يذكره لما لزم الخلل لأنّ انتهاض تركه سببا في الجملة لا يوجب انتهاضه دائما ، فالواجب الموسع داخل فيه حينئذ أيضا. والمراد بسببية الفعل للثواب والعقاب أنّه من الأمارات الدّالة عليه والأسباب العادية له لا السبب الموجب له عقلا كما ذهب إليه الأشعري. قيل يلزم أن لا يكون الصوم واجبا لأنّ صوموا طلب لفعل هو كفّ. وأجيب بمنع كونه كفّا لأنّ جزءه أعني النية غير كفّ. قيل يرد عليه كفّ نفسك عن كذا فإنّه إيجاب ولا يصدق عليه أنّه طلب فعل غير كفّ ويصدق عليه أنّه طلب كفّ عن فعل ينتهض ذلك الفعل سببا للعقاب مع أنّه ليس بتحريم. وأجيب بأنّ الحيثية معتبرة ، فالمراد أنّ الوجوب طلب يعتبر من حيث تعلّقه بفعل والحرمة طلب يعتبر من حيث تعلّقه بكفّ عن فعل ، فيكون اكفف عن فعل كذا من حيث تعلّقه بالكفّ إيجابا ، وبالفعل المكفوف عنه تحريما ، ولكنه حينئذ لم يكن قوله غير كفّ محتاجا إليه ويكفي أن يقال طلب فعل ينتهض تركه الخ ، اللهم إلاّ أن يقصد زيادة الوضوح والتنبيه.

اعلم أنّ الوجوب والإيجاب متحدان ذاتا مختلفان اعتبارا وقد سبق في لفظ الحكم. وقيل الواجب ما يعاقب تاركه ، وردّ بأنّه يخرج عنه الواجب المعفو عن تركه. وقيل ما أوعد بالعقاب على تركه ليندفع ذلك لأنّ الخلف في الوعيد جائز وإن لم يجز في الوعد كما ذهب إليه بعض المتكلّمين. وأمّا عند من لم يجوّز ذلك فالنقض عنده بحاله. وقيل ما يخاف العقاب على تركه وهو مردود بما شكّ في وجوبه ولا يكون واجبا في نفسه فإنّه يخاف العقاب. وقال القاضي أبو بكر ما يذمّ شرعا تاركه بوجه ما ، والمراد بالذمّ نصّ الشارع به أو بدليله إذ لا وجوب إلاّ بالشرع ، وقال بوجه ما ليدخل الواجب الموسع فإنّه يذمّ تاركه إذا تركه في جميع وقته لا في بعض الوقت ، وكذا فرض الكفاية فإنّه يذمّ تاركه إذا لم يقم به غيره. ويرد عليه صلاة النّائم والناسي وصوم المسافر لأنّه يصدق على كلّ منها لأنّه يذمّ تاركه على تقدير عدم القضاء بعد التذكّر والتنبه والإقامة. وأجيب بأنّ المراد أنّه يذمّ تاركه من حيث إنّه تارك وباعتبار ذلك الترك وإلاّ فيصدق على كلّ فعل أنّه يذم تاركه على تقدير تركك الفرض معه ،

٧١٧

وفي الصلاة المذكورة ليس الذمّ على ترك الصلاة حال النسيان والنوم والصوم حال السفر بل على ترك القضاء. وإن شئت الزيادة فارجع إلى العضدي وحواشيه.

اعلم أنّ جميع التعاريف للمواجب بالمعنى الأعم الشامل للقطعي والظّنّي على ما ذهب إليه جمهور الأصوليين. وأمّا عند الحنفية القائلين بتخصيصه بالظّنّي فيقال الواجب ما ثبت بدليل ظنّي واستحقّ الذّمّ على تركه مطلقا من غير عذر ، وقد سبق في لفظ الفرض. والواجب عند المعتزلة فيما يدرك جهة حسنه أو قبحه بالعقل هو ما اشتمل تركه على مفسدة وقد سبق في لفظ الحسن.

اعلم أنّهم قد يقولون نفس الوجوب وقد يقولون وجوب الأداء فلا بدّ من بيان الفرق ، فنقول : الوجوب في عرف الفقهاء على اختلاف العبارات في تفسيره يرجع إلى كون الفعل بحيث يستحقّ تاركه الذّمّ في العاجل والعقاب في الآجل. فمن هاهنا ذهب جمهور الشافعية إلى أنّه لا معنى له إلاّ لزوم الإتيان بالفعل وأنّه لا معنى للوجوب بدون وجوب الأداء ، بمعنى الإتيان بالفعل أعمّ من الأداء والقضاء والإعادة ، فإذا تحقّق السبب ووجد المحل من غير مانع تحقّق وجوب الأداء حتى يأثم تاركه ويجب عليه القضاء ، وإن وجد في الوقت مانع شرعي أو عقلي من حيض أو نوم أو نحو ذلك فالوجوب يتأخّر إلى زمان ارتفاع المانع ، وحينئذ افترقوا ثلاث فرق. فذهب الجمهور إلى أنّ الفعل في الزمان الثاني قضاء بناء على أنّ المعتبر في وجوب القضاء سبق الوجوب في الجملة لا سبق الوجوب على ذلك الشخص ، فعلى هذا يكون فعل النائم والحائض ونحوهما قضاء. وبعضهم يعتبر سبق الوجوب عليه حتى لا يكون فعل النائم والحائض ونحوهما قضاء لعدم الوجوب عليهم بدليل الإجماع على جواز الترك.

وبعضهم يقول بالوجوب عليهم بمعنى انعقاد السبب وصلاحية المحل وتحقّق اللزوم لو لا المانع ويسمّيه وجوبا بدون وجوب الأداء ، وليس هذا إلاّ تغيير عبارة بالنسبة إلى مذهب الحنفية لأنّ مرادهم بتحقّق اللزوم تحقّق لزوم الأداء لو لا المانع ، فإذا وجد المانع لم يتحقّق وجوب الأداء ، وقد قالوا بالوجوب عليهم عند المانع. وأمّا الحنفية فذهب بعضهم إلى أنّه لا فرق بين الوجوب ووجوب الأداء في العبادات البدنية حتى أنّ الشيخ المحقّق أبا المعين (١) بالغ في ردّه وادّعى أنّ استحالته غنية عن البيان. ثم قال إنّ الشارع أوجب على من مضى عليه الوقت وهو نائم مثلا بعد زوال النوم ما كان يوجبه في الوقت لو لا النوم بشرائط مخصوصة ، ولم يوجب ذلك في باب الصبي والكفر ، وهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. وأوجب الصوم على المريض والمسافر معلّقا باختيارهما الوقت تخفيفا ومرحمة ، فإن اختار الأداء في الشهر كان الصوم واجبا فيه وإن أخّراه إلى الصحة والإقامة كان واجبا بعدهما ، وهذا بخلاف الواجب المالي فإنّ فيه شيئين إذ الواجب هو المال والأداء فعل في ذلك المال ، فيجب على الولي أداء ما وضع في ذمّة الصبي من المال كما لو وضع في بيت الصبي مال معيّن. وأما الذاهبون إلى الفرق فمنهم من اكتفى بالتمثيل فقال نفس وجوب الثمن بالبيع ووجوب الأداء بالمطالبة. وذهب صاحب الكشف إلى أنّ نفس الوجوب عبارة عن اشتغال الذمة بوجود الفعل

__________________

(١) ميمون بن محمد بن محمد بن معيد بن مكحول ، ابو المعين النسفي الحنفي. ولد عام ٤١٨ ه‍ ١٠٢٧ م وتوفي عام ٥٠٨ ه‍ / ١١١٥ م. فقيه عالم بالأصول والكلام له العديد من الكتب الهامة.

الاعلام ٧ ٣٤١ ، الجواهر المضية ٢ / ١٨٩ ، هدية العارفين ٢ ٤٨٧.

٧١٨

الذهني ووجوب الأداء عبارة عن إخراجه من العدم إلى الوجود الخارجي ، ولا شكّ في تغايرهما. ولذا لا يتبدّل ذلك التصوّر بتبدّل الوجود الخارجي بالعدم بل يبقى على حاله ، وكذا في المالي أصل الوجوب لزوم مال تصوّر في الذمة ووجوب الأداء إخراجه من العدم إلى الوجود الخارجي ، إلاّ أنّه لمّا لم يكن في وسع العبد ذلك أقيم مال آخر من جنسه مقامه في حقّ صحة الأداء والخروج عن العهدة وجعل كأنّه ذلك المال الواجب ، وهذا معنى قولهم :

الدّيون تقضى بأمثالها لا بأعيانها ، فظهر الفرق بين الفعل وأداء الفعل ، هذا كلامه. والمراد بالفعل الذّهني أنّه أمر عقلي لا وجود له في الخارج لا أنّه شرط في اشتغال الذّمة به أن يتصوّره من عليه الوجوب أو غيره. وفي تفسير وجوب الأداء بالإخراج تسامح ، والمراد لزوم الإخراج. وذهب صدر الشريعة إلى أنّ نفس الوجوب هو اشتغال الذّمة بفعل أو مال ووجوب الأداء لزوم تفريغ الذمة عمّا اشتغلت به ، وتحقيقه أنّ للفعل معنى مصدريا وهو الإيقاع ومعنى حاصلا بالمصدر وهو الحالة المخصوصة ، فلزوم وقوع تلك الحالة هو نفس الوجوب ولزوم إيقاعها وإخراجها من العدم إلى الوجود هو وجوب الأداء ، وكذا في المالي لزوم المال وثبوته في الذّمة نفس الوجوب ولزوم تسليمه إلى من له الحقّ وجوب الأداء ، فالوجوب في كلّ منهما صفة لشيء آخر فافترقا في المعنى. ثم إنّهما يفترقان في الوجود أيضا.

أمّا في البدني فكما في صلاة النائم والناسي وصوم المسافر والمريض ، فإنّ وقوع الحالة المخصوصة التي هي الصلاة والصوم لازم نظرا إلى وجود السبب وأهلية المحلّ وإيقاعها من هؤلاء غير لازم لعدم الخطاب وقيام المانع.

وأمّا في المالي فكما في الثمن إذا اشترى الرجل شيئا بثمن غير مشار إليه بالتعيين فإنّه يجب في الذمة الامتناع البيع بلا ثمن ولا يجب أداؤه إلاّ بعد المطالبة. وإن شئت زيادة التوضيح فارجع إلى التوضيح والتلويح وحواشيه.

التقسيم :

للواجب تقسيمات باعتبارات. الأول باعتبار فاعله ينقسم إلى فرض عين وفرض كفاية. ففرض الكفاية واجب يحصل منه الغرض بفعل بعض المكلّفين ، أيّ بعض كان ، وفرض العين بخلافه ، مثال الكفاية الجهاد فإنّ الغرض منه حراسة المؤمنين وإذلال العدو وإعلاء كلمة الحقّ وذلك حاصل بوجود الجهاد من أيّ فاعل كان ، وكذا إقامة الحجج ودفع الشبه إذ الغرض منها حفظ قواعد الدين من أن تزلزلها شبه المبطلين ، وحصوله لا يتوقّف إلاّ من صدوره من فاعل ما ، ومثل هذا لا يتعلّق بكلّ واحد من الأعيان بحيث لا يسقط بفعل البعض لاقتضائه إلى إلزام ما لا حاجة إليه ، ولا ببعض معيّن لأدائه إلى الترجيح من غير مرجّح ، فتعيّن أن يتعلّق وجوبه بالكلّ على وجه يسقط بفعل البعض أو يتعلّق ببعض غير معيّن. ومثال فرض العين الصلاة والصوم. وبالجملة ففرض العين ما وجب على كلّ واحد واحد من آحاد المكلّفين وفرض الكفاية ما وجب على بعض غير معيّن أو على الكلّ بحيث لو فعل البعض سقط عن الباقين. والثاني باعتبار نفسه إلى معيّن ومخيّر ، فالمعيّن ما ثبت بالأمر بواحد معيّن كما يقال سلّ أو يقال أوجبت عليك الصلاة ، والمخيّر ما ثبت بالأمر بواحد مبهم من أمور مبهمة ولا فائدة فيه أصلا. فالواجب واحد من تلك الأمور المبهمة يعيّنه فعل المكلّف ولا يعيّنه قوله بأن يقول عيّنت كذا وهذا هو مذهب الفقهاء. وذهب الجبّائي وابنه أنّ الكل واجب على التخيير وفسّره البعض بأنّه لا يجوز

٧١٩

الإخلال بجميعها ولا يجب الإتيان به ، وللمكلّف أن يختار أيا ما كان وهو بعينه مذهب الفقهاء ، ولكنه ما ذهب إليه بعض المعتزلة من أنّه يثاب ويعاقب على كلّ واحد ولو أتى بواحد سقط عنه الباقي بناء على أنّ الواجب واحد معيّن عند الله دون المكلّف ، ويسقط بفعله أي بفعل ذلك الواحد المعيّن أو بفعل غيره.

والثالث باعتبار وقته إلى مضيّق وموسّع فإنّ زمان الواجب إن كان مساويا له سمّي واجبا مضيّقا كالصوم ووقته يسمّى معيارا ، وإن كان زائدا عليه يسمّى واجبا موسّعا كالظهر وقته يسمّى ظرفا ، ولا يجوز كون الوقت ناقصا عنه إلاّ لغرض القضاء ، كما إذا طهرت وقد بقي من الوقت مقدار ركعة فذهب الجمهور من الشافعية والحنفية والمتكلّمين إلى أنّ جميعه وقت للأداء.

وقال القاضي الباقلاني إنّ الواجب الفعل في كلّ جزء ما لم يتضيّق الوقت أو العزم على الفعل ، لكن الفعل أصل ، وإنّما يجوز تركه ببدل وهو العزم وآخره متعيّن للفعل. ومن الشافعية من عيّن أوله للأداء فإن أخّره فقضاء. ومن الحنفية من عكس وقال آخر الوقت متعيّن للأداء فإن قدّمه فهو نفل يسقط به الفرض كتعجيل الزكاة قبل وقوعها. والرابع باعتبار مقدّمة وجوده إلى مطلق ومقيّد ، فالمطلق ما لا يتوقّف وجوبه على مقدّمة وجوده من حيث هو كذلك والمقيّد بخلافه ، وفي اعتبار الحيثية إشارة إلى جواز كون الشيء واجبا مطلقا بالقياس إلى المقدّمة ومقيّدا بالقياس إلى أخرى ، فإنّ الصلاة بل التكاليف بأسرها موقوفة على البلوغ والعقل فهي بالقياس إليهما مقيّدة ، وأمّا بالإضافة إلى الطهارة فواجبة مطلقا. وقد فسّر الواجب المطلق بما يجب في كلّ وقت وعلى كلّ حال فنوقض بالصلاة ، فزيد كلّ وقت قدّره الشارع فنوقض بصلاة الحائض ، فزيد إلاّ لمانع وهذا لا يشتمل غير المؤقتات ولا مثل الحج والزكاة في إيجاب ما يتوقّف عليه من الشروط والمقدّمات. وان شئت توضيح المقام فارجع إلى العضدي وحواشيه.

الوجود : [في الانكليزية] Being ، existence ، reality ـ [في الفرنسية] Etre ، existence ، realite

وبالفارسية : هستى ـ أي الكون ويقابله العدم ـ واختلف في تعريفه. فقيل لا يعرّف ، فمنهم من قال لأنّه بديهي التصوّر فلا يجوز أن يعرّف إلا تعريفا لفظيا ، ومنهم من قال لأنّه لا يتصوّر أصلا لا بداهة ولا كسبا. وقيل يعرّف لأنّه كسبي التصوّر. وفي تعريفه عبارات.

الأولى أنّ الموجود هو الثابت العين والمعدوم هو المنفي العين ، وفائدة لفظ العين التنبيه على أنّ المعرّف هو الموجود في نفسه والمعدوم في نفسه لا الموجود لغيره والمعدوم عن غيره ، ولا ما هو أعمّ منهما ، فمعنى الثابت العين الذي ثبت عينه ونفسه فيشتمل الجوهر والعرض.

والثانية أنّه المنقسم إلى فاعل ومنفعل أي مؤثّر ومتأثّر وإلى حادث وقديم ، والمعدوم ما لا يكون كذلك. وهذان التعريفان مختصّان بالموجود الخارجي. والثالثة أنّه ما يعلم ويخبر عنه أي يصحّ أن يعلم ويخبر منه ، والمعدوم ما لا يصحّ أن يكون كذلك ، وهذا التعريف يشتمل الموجود الذهني أيضا ، وعلى هذا فقس تعريفات الوجود والعدم. فالوجود ثبوت العين أو ما به ينقسم الشيء إلى فاعل ومنفعل وإلى حادث وقديم ، أو ما به يصحّ أن يعلم ويخبر عنه ، والعدم ما لا يكون كذلك ، وكلّ هذه تعريفات الشيء بالأخفى فإنّ الجمهور يعرّفون معنى الوجود والموجود ولا يعرّفون شيئا مما ذكر. قال مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف :

الظاهر أنّ القائل ببداهة تصوّر الوجود أراد بالوجود المعنى المصدري الانتزاعي ، والقائل بكسبيته أو بامتناعه أراد به منشأ الانتزاع أي الوجود الحقيقي الذي هو حقيقة الواجب تعالى

٧٢٠