موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ٢

محمّد علي التهانوي

موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ٢

المؤلف:

محمّد علي التهانوي


المحقق: الدكتور علي دحروج
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٨٦
الجزء ١ الجزء ٢

إلى الشّجر من التناسب حقيقة ، هكذا يستفاد من المطول وحواشيه. ويقول في جامع الصنائع : إنّ الفرق بين التناسب الذي يسمّى مراعاة النظير وبين رعاية التناسب هو : أن يقول ما يقول بالنسبة ، على سبيل العموم وذلك في الأسماء الذاتية والصّفات والأفعال والحروف ومثاله ما ترجمته :

شفتك اللمياء طافت في العالم وأجرت الدّماء هذه الطرفةفحينا فوق السّوالف تنعقدوحينا تتقلّب على العين

ففي هذا البيت مراعاة التناسب بين الارتباط فوق السّوالف والتقلّب على العين ، وهو لازم أيضا ، لأنّك لو قلت : التقلّب على السوالف فإنّ المعنى يحصل ولكنّ التركيب لا تناسب فيه.

وفي التناسب أكثر ما يكون استعمال أسماء الذوات ، وذلك لأنّه عبارة عن الجمع بين أمر وآخر يناسبه وليس مضادا له. مثاله ما ترجمته :

لو استطاع الفرقدان لوضعا الرأس تحت قدمك

يدري هذا الكلام من أحضره من الفرقدين

ففي هذا البيت كلمة رأس وقدم وفرق هي أسماء ذوات. انتهى (١). وأما عند الأصوليين ففي أصول الحنفية أنّ المناسبة هي الملائمة وهي موافقة الوصف أي العلّة للحكم بأن يصحّ إضافة الحكم إليه ولا يكون نائبا عنه ، كإضافة ثبوت الفرقة في إسلام أحد الزوجين إلى آباء الآخر لأنّه يناسبه لا إلى وصف الإسلام لأنّه ناب عنه ، لأنّ الإسلام عرف عاصما للحقوق لا قاطعا لها ، وكذا المحظور يصلح سببا للعقوبة والمباح سببا للعبادة لا العكس لعدم الملائمة ، وهذا معنى قولهم الملائمة أن يكون الوصف على وفق ما جاء عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعن السلف فإنّهم كانوا يعلّلون بأوصاف مناسبة وملائمة للأحكام غير نائبة عنها ، ويقابلها الطّرد ، أعني وجود الحكم عند وجود الوصف من غير اشتراط ملائمة وتأثير ، أو وجوده عند وجوده وعدمه عند عدمه على اختلاف الرأيين.

والشافعية يجعلون المناسبة أعمّ من الملائمة ويقسمون المناسب إلى ملائم وغير ملائم ، وفسّرها الآمدي بأنّها وصف ظاهر منضبط يحصل عقلا من ترتّب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصودا للعقلاء من حصول مصلحة أو دفع مضرة أو مجموعهما ، وذلك إمّا في الدنيا كالمعاملات أو في الأخرى كإيجاب الطاعات وتحريم المعاصي ، وفيه أخذ المناسبة بمعنى المناسب تجوّزا. والتحقيق أن يقال إنّ المناسبة كون الوصف ظاهرا إلى آخره ، واحترز بالظاهر عن الوصف الخفي وبالمنضبط عن غير المنضبط

__________________

(١) ودر جامع الصنائع گويد فرق در ميان تناسب كه مسمى است بمراعاة النظير ودر ميان رعايت تناسب آنست كه رعايت تناسب ان باشد كه هرچه گويد بنسبت گويد كه در اسماى ذات وصفات وافعال وحروف بر سبيل عموم است مثاله : شعر.

لب لعلت جهاني گشت وخونها كرد اين طرفه

دمي بر زلف بربندى دمي بر چشم غلطاني

درين بيت بربستن بر زلف وغلطانيدن بر چشم رعايت تناسب است ولازم است چه اگر گفتى بر زلف غلطاني معني حاصل شدى ليكن تركيب غير نسبت بودي ودر تناسب بيشتر اسماى ذوات آوردنست چرا كه عبارت از جمع كردن ميان امري با مناسب نه مضاد أو مثاله : شعر.

فرقدان گر دست يابد سر نهد در زير پات

اين سخن داند كسي كش فرقدان اورده است

درين بيت لفظ سر وپاي وفرق اسماى ذوات اند انتهى.

٦٠١

وهو المضطرب ، وبقوله عقلا عن الشبه ، وبقوله ما يصلح أن يكون مقصودا عن الوصف المستبقي في السير وعن الوصف المدار في الدوران وغيرهما من الأوصاف التي لا يكون اعتبارها لترتّب ما يصلح كونه مقصودا عليه.

وفسّر المقصود بما يكون مقصودا للعقلاء من حصول مصلحة واندفاع مفسدة لئلاّ يتوهّم أنّ المراد ما يكون مقصودا من شرعية الحكم فيلزم الدور. فمن فسّره بما يكون مقصودا للشارع من شرع الحكم نفيا كان أو إثباتا سواء كان المقصود جلب منفعة للعبد أو دفع مفسدة عنه فقد لزمه الدّور لأنّ ذلك إنّما يعرف بكونه مناسبا ، فلو عرف كونه مناسبا بذلك كان دورا والمصلحة اللذة وطريقها والمفسدة الألم وطريقه مثاله القتل العمد العدوان فإنّه وصف مناسب لوجوب القصاص ، لأنّه يلزم من ترتّب وجوب القصاص على القتل حصول ما هو مقصود من شرعية القصاص وهو بقاء النفوس على ما يشير إليه قوله تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (١).

ثم إن كان الوصف الذي يحصل من ترتّب الحكم عليه المقصود خفيا أو غير منضبط لم يعتبر لأنّه لم يعلم فكيف يعلم به الحكم فالطريق حينئذ أن يعتبر وصف ظاهر منضبط يلازم ذلك الوصف الحكم فيوجد بوجوده ويعدم بعدمه ، سواء كانت الملازمة عقلية أو لا ، فيجعل ذلك الوصف الظاهر معرّفا للحكم مثلا وصف العمدية في القتل العمد العدوان خفي ، لأنّ القصد وعدمه أمر نفسي لا يدرك شيء منه فيتعلّق القصاص بما يلازم العمدية من أفعال مخصوصة يقتضي في العرف عليها بكونها عمدا كاستعمال الجارح في القتل. وقال القاضي الإمام أبو زيد : المناسب ما لو عرض على العقول تلقته بالقبول أي إذا عرض على العقل أنّ هذا الحكم إنّما يشرع لأجل هذه المصلحة يكون ذلك الحكم موصلا إلى تلك المصلحة عقلا أو تكون تلك المصلحة أمرا مقصودا عقلا ، وهذا قريب من تفسير الآمدي لأنّ تلقّي العقول بالقبول في قوة ما يصلح مقصودا للعقلاء من ترتّب الحكم عليه ، إلاّ أنّه لم يصرّح بالظهور والانضباط ولعدم التصريح المذكور ولعدم كونه صالحا إلاّ للناظر دون المناظر ، إذ ربّما يقول الخصم هذا مما لا يتلقاه عقلي بالقبول فلا يكون مناسبا عندي ، عدل عنه الآمدي ، وبه يقول أبو زيد فإنّه قائل بامتناع التمسّك بالمناسبة في مقام المناظرة ، وإن لم يمتنع في مقام النظر لأنّ العاقل لا يكابر نفسه فيما يقتضي به عقله. قيل هذا يرد على الآمدي أيضا لأنّه ذكر قيد العقل ، فللمناظر أن يمنع بأنّه لا يصلح في عقلي. وقيل المناسب ما يجلب نفعا ويدفع ضررا وهو قريب مما ذكره الإمام في المحصول أنّه الوصف الذي يقضي إلى ما يجلب للإنسان نفعا أو يدفع عنه ضررا. والفرق بينهما أنّ المناسب على هذا القول نفس الجالب.

وعلى ما ذكره الإمام المفضي إلى الجالب.

وقال الغزالي المراد بالمناسب ما هو على منهاج المصالح بحيث إذا أضيف إليه الحكم انتظم كالإسكار لحرمة الخمر فإنّه المناسب لأنّه يزيل العقل هو ملاك التكليف ، بخلاف كونها مائعا يقذف بالزّبد ويحفظ في الدّنّ ، فإنّ ذلك لا يناسب. واعلم أنّ هذه التعاريف إنّما هي على قول من يجعل الأحكام الثابتة بالنصوص متعلّقة بالحكم والمصالح ، ومن يأبى عنه يقول المناسب هو الملائم لأفعال العقلاء في العادات.

اعلم أنّ المناسبة كما يطلق على ما مرّ من كون الوصف ظاهرا منضبطا إلى آخره كذلك يطلق على معنى أخصّ من ذلك وهو تعيين العلّة

__________________

(١) البقرة / ١٧٩.

٦٠٢

في الأصل بمجرّد إبداء مناسبة بينها وبين الحكم من ذات الأصل لا بنصّ ولا غيره ، أي كون الوصف بحيث تتعيّن علّيته إلى آخره ، نصّ على ذلك المحقّق التفتازاني في حاشية العضدي.

وقال في التلويح : المذكور في أصول الشافعية أنّ المناسب هو المخيّل ومعناه تعيين العلّة في الأصل إلى آخره ، وهذا على المسامحة ، حيث عرّف المناسب بتعريف المناسبة ، وإلاّ فالتحقيق أنّ المناسب هو الوصف الذي يتعين علّيته إلى آخره. فقولنا بمجرّد إبداء المناسبة أي إظهار المناسبة بينها وبين الحكم ، والمراد المناسبة بالمعنى اللغوي لئلاّ يلزم الدور ، وبهذا خرج الطّرد إذ ليس فيه مناسبة والسّبر والتقسيم إذ لا يعتبر فيه المناسبة أيضا. وبقولنا من ذات الأصل خرج الشّبه لأنّ مناسبته إنّما هي بالتّبع.

وقولنا لا بنصّ ولا غيره يخرج إثبات العلّة بهما فإنّه ليس بمناسبة. مثاله الإسكار لتحريم الخمر فإنّ النظر في نفس المسكر وحكمه ووصفه يعلم منه كون الإسكار مناسبا لشرع التحريم صيانة للعقل الشريف عن الزوال ، ويسمّى بالإحالة أيضا لأنّه بالنظر إليه يحال أي يظن أنّه علّة ، ويسمّى تخريج المناط أيضا لأنّه إبداء مناط الحكم أي علّيته وهو من أحد مسالك إثبات العلّة. وإنّما كان هذا المعنى أخصّ لأنّه هو معنى المناسب المرسل. ولذا قال في التلويح :

قال الإمام الغزالي : من المصالح ما يشهد الشرع باعتباره هي أصل في القياس وحجة ، ومنها ما يشهد ببطلانه وهو باطل ، ومنها ما لم يشهد له بالاعتبار ولا بالإبطال ، وهذا في محل النّظر. وإذا أطلقنا المعنى المخيل والمناسب في باب القياس أردنا به هذا الجنس.

التقسيم :

للمناسب تقسيمات باعتبارات. الأول باعتبار إفضائه إلى المقصود ينقسم إلى خمسة أقسام. الأول أن يحصل المقصود منه يقينا كالبيع للحل. الثاني أن يحصل ظنّا كالقصاص للانزجار فإنّ الممتنعين أكثر من المقدمين ، وهذان مما لا ينكرهما أحد. الثالث أن يكون حصوله وعدم حصوله متساويين كحدّ الخمر للزجر فإنّ عدد الممتنع والمقدم متقاربان. الرابع أن يكون نفي الحصول أرجح من الحصول كنكاح الآيسة لتحصيل غرض التّناسل ، فإنّ عدد من لا ينتسل منهن أكثر من عدد من ينتسل ، وهذان قد أنكروا ، والمختار الجواز. الخامس أن يكون المقصود فائتا بالكلّية مثاله جعل النكاح مظنّة لحصول النطفة في الرّحم فرتّب عليه إلحاق الولد بالأب ، فإذا تزوّج مشرقي مغربية وقد علم عدم تلاقيهما فاتفق الجمهور على أنّه لا يعتبر ، وخالف في ذلك الحنفية نظرا إلى ظاهر العلّة. وقيل لم ينقل أحد من الحنفية في كتبهم جواز التعليل بوصف مع تيقّن الخلوّ عن المقصود ، وهذا المثال من قبيل ما يكون المقصود غالب الحصول في صور الجنس ، وفي مثله يجوز التعليل اتفاقا ، ولا يشترط حصول المقصود في كلّ فرد. والثاني باعتبار نفس المقصود فنقول المقاصد ضربان : ضروري وهو أيضا ينقسم إلى قسمين ضروري في أصله وهو أعلى المقاصد كالمقاصد الخمسة التي روعيت في كلّ صلة : حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال. فالدين كقتل الكافر المضل وعقوبة الداعي إلى البدع. والنفس كالقصاص.

والنسل كالحدّ على الزنا. والمال كعقوبة السارق والمحارب أي قاطع الطريق. ومكمل للضروري كتحريم قليل الخمر مع أنّه لا يزيل العقل الذي هو المقصود للتتميم والتكميل لأنّ قليله يدعو إلى كثيره بما يورث النفس من الطرب المطلوب زيادته بزيادة سببه إلى أن يسكر. وغير ضروري وهو ينقسم إلى حاجي وغير حاجي ، والحاج أيضا ينقسم إلى قسمين

٦٠٣

حاجي في نفسه ومكمّل للحاجي. مثال الحاجي في نفسه البيع والإجارة ونحوها كالفرض فإنّ المعاوضة وإن ظنّت أنّها ضرورية ، لكن كلّ واحد منها ليس بحيث لو لم يشرع لأدّى إلى فوات شيء من الضروريات الخمس. واعلم أنّ هذه ليست في مرتبة واحدة ، فإنّ الحاجة تشتدّ وتضعف ، وبعضها آكد من بعض. وقد يكون بعضها ضروريا في بعض الصور كالإجارة في تربية الطفل الذي لا أمّ له ترضعه ، وكشراء المطعوم والملبوس فإنّه ضروري من قبيل حفظ النفس. ولذلك لم يخل عنه شريعة ؛ وإنّما أطلقنا الحاجي عليها بالاعتبار الأغلب. ومثال المكمّل للحاجي وجوب رعاية مهر المثل والكفاءة في الصغيرة ، فإنّ أصل المقصود من شرع النكاح وإن كان حاصلا بدونهما ، لكنه أشدّ إفضاء إلى دوام النكاح ، وهي من مكمّلات مقصود النكاح ، وغير الحاجي وهو ما لا حاجة إليه لكن فيه تحسين وتزيين كسلب العبد أهلية الشهادة. وإن كان ذا دين وعدالة لانحطاط رتبته عن الحرّ فلا يليق به المناصب الشريفة.

والثالث اعتبار الشارع إلى مؤثّر ملائم وغريب ومرسل لأنّه إمّا معتبر شرعا أو لا. فالمعتبر إمّا أن يثبت اعتباره بنصّ أو إجماع وهو المؤثّر أوّلا ، بل يترتّب الحكم على وفقه بأن يثبت الحكم معه في المحل ، فذلك لا يخلو إمّا أن يثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم أو لا. فإن ثبت فهو الملائم وتسمّيه الحنفية بالملائم المعدّل ، وإن لم يثبت فهو الغريب. وأما غير المعتبر لا بنصّ ولا بإجماع ولا يترتّب الحكم على وفقه فهو المرسل. فإن قلت كيف يتصوّر اعتبار العين في الجنس أو الجنس في العين أو الجنس في الجنس فيما لم يعتبر شرعا؟ وهل هذا إلاّ تهافت؟ قلت معنى الاعتبار شرعا عند الإطلاق هو اعتبار عين الوصف في عين الحكم في موضع آخر ، وعلى هذا فلا إشكال. وبالجملة فالمؤثّر وصف مناسب ثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في عين الحكم كإحياء الأرض بالنسبة إلى تملّكها فإنّه يثبت تأثيره بالنصّ وهو قوله عليه‌السلام : (من أحيى أرضا ميتة فهي له) (١) ، وكالصغر بالنسبة إلى ولاية المال فإنّه اعتبر عين الصغر في عين الولاية بالمال بالإجماع. والملائم هو المناسب الذي لم يثبت اعتباره بنصّ أو إجماع بل بترتّب الحكم على وفقه فقط ومع ذلك يثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم. فمثال تأثير العين في الجنس ما يقال ثبت للأب ولاية النكاح على الصغيرة كما يثبت له عليها ولاية المال بجامع الصّغر ، فالوصف الصّغر وهو أمر واحد ليس بجنس والحكم الولاية وهو جنس تحته نوعان من التصرّف وهما ولاية النكاح وولاية المال ، وعين الصّغر معتبر في جنس الولاية بالإجماع ، لأنّ الإجماع على اعتباره في ولاية المال إجماع على اعتباره في جنس الولاية ، بخلاف اعتباره في عين ولاية النكاح فإنّه إنّما يثبت بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه حيث يثبت الولاية في الجملة ، وإن وقع الاختلاف في أنّه للصّغر أو للبكارة أو لهما جميعا. ومثال تأثير الجنس في العين ما يقال الجمع جائز في الحضر مع المطر قياسا على السّفر بجامع الحرج ، فالحكم رخصة وهو واحد والوصف الحرج وهو جنس بجمع الحاصل بالسّفر وبالمطر وهما نوعان مختلفان ، وقد اعتبر جنس الحرج في عين رخصة الجمع للنصّ

__________________

(١) صحيح البخاري ، كتاب المزارعة ، باب من أحيا ، تعليقا على عنوان الباب ، ٣ ٢١٤.

٦٠٤

والإجماع على اعتبار حرج السفر ولو في الحج فيها. وأمّا اعتبار عين الحرج فليس إلاّ بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه إذ لا نصّ ولا إجماع على علّية نفس حرج السّفر. ومثال تأثير الجنس في الجنس أن يقال يجب القصاص في القتل بالمثقل قياسا على القتل بالمحدد لجامع كونها جناية عمد عدوان ، فالحكم أيضا مطلق وهو القصاص وهو جنس بجمع القصاص في النفس وفي الأطراف وفي المال ، وقد اعتبر جنس الجناية في جنس القصاص في النفس لا بالنصّ أو الإجماع بل يترتّب الحكم على وفقه ليكون من الملائم دون المؤثّر ، ووجهه أن لا نصّ ولا إجماع على أنّ العلّة ذلك وحده أو مع قيد كونه بالمحدّد. والغريب هو ما ثبت اعتبار عينه في عين الحكم بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه لكن لم يثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم. مثاله أن يقال يحرّم النبيذ قياسا على الخمر بجامع الإسكار على تقدير عدم فرض النصّ بالتعليل فيه لأنّ الإسكار مناسب للتحريم حفظا للعقل ، وعلم أنّ الشارع لم يعتبر عينه في جنس التحريم ولا جنسه في عين التحريم ولا جنسه في جنس التحريم. فلو لم يدلّ النّصّ وهو قوله (كلّ مسكر حرام) (١) بالإيماء على اعتبار عينه لكان غريبا. والمرسل هو ما لم يثبت اعتبار عينه في عين الحكم أصلا وبعبارة أخرى ما لم يعتبر شرعا لا بنصّ ولا إجماع ولا بترتّب الحكم على وفقه ، وهو ينقسم إلى ما علم إلغاؤه وإلى ما لم يعلم إلغاؤه.

والثاني أي ما لا يعلم إلغاؤه ينقسم إلى ملائم قد علم اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم ، وإلى ما لا يعلم منه ذلك وهو الغريب. فإن كان غريبا أو علم إلغاؤه فمردود اتفاقا ، وإن كان ملائما فقد قيل بقبوله ، والمختار أنّه مردود. وقد شرط الغزالي في قبوله شروطا ثلاثة : أن تكون ضرورية لا حاجية وقطعية لا ظنّية وكلّية لا جزئية. أمّا الأوّلان أي المؤثّر والملائم فمقبولان وفاقا ، فكلّ واحد من الملائم والغريب له معنيان هو بأحدهما من الأقسام الأوّلية للمناسب ، وبالآخر من أقسام المرسل ، فأقسام المرسل ثلاثة ما علم إلغاؤه والملائم والغريب. ومثال ما علم إلغاؤه إيجاب صيام شهرين قبل العجز عن الإعتاق في كفّارة الظّهار بالنسبة إلى من يسهل عليه الإعتاق دون الصيام فإنّه مناسب تحصيلا لمقصود الزجر لكن علم عدم اعتبار الشارع له فلا يجوز. ثم اعتبار العين في العين أو في الجنس أو اعتبار الجنس في العين أو في الجنس بحسب أفراده أو تركيبه الثنائي أو الثلاثي أو الرباعي ، والنّظر في أنّ الجنس قريب أو بعيد أو متوسط وأنّ ثبوت ذلك بالنّصّ أو الإجماع أو بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه يفضي إلى أقسام كثيرة وإيراد أمثلة متعددة ، وقد أشير إلى نبذ منها في التلويح. هذا وقال الآمدي أنّ من القياس مؤثّرا يكون علّته منصوصة أو مجمعا عليها أو أثر عين الوصف في عين الحكم أو في جنسه أو جنسه في عين الحكم أو أثر جنس الوصف في جنس الحكم ، ويناسب هذا الاصطلاح ما وقع في التوضيح من أنّ المراد بالملائمة اعتبار الشارع جنس هذا الوصف في جنس هذا الحكم ، إلاّ أنّه خصّ الجنس بكونه أخصّ من كونه متضمّنا لمصلحة اعتبرها الشارع كمصلحة حفظ النفس مثلا.

فالمراد أن يكون أخصّ من مصلحة حفظ النفس ، وكذا من مصلحة حفظ الدين إلى غير ذلك ، ولا يكفي كونه أخصّ من المتضمن

__________________

(١) صحيح البخاري ، كتاب المغازي ، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن ، ح ٣٤٢ ، ٥ / ٣٢٣.

٦٠٥

لمصلحة ما لأنّ المتضمّن لمصلحة حفظ النفس أخصّ من المتضمّن لمصلحة ما ، وليس بملائم.

وقال الآمدي أيضا الملائم ما أثّر عين الوصف في عين الحكم كما أثّر جنس الوصف في جنس الحكم. هذا كله خلاصة ما في العضدي والتوضيح وغيرهما.

المناسك : [في الانكليزية] Rites of pilgrimage ـ [في الفرنسية] Rites du pelerinage

هي أمور الحج جمع المنسك بفتح السين وكسرها في الأصل المتعبّد ، ويقع على المصدر والزمان والمكان كما قال ابن الأثير. لكن في الأساس والمغرب أنّه بمعنى الذّبح ، ثم استعمل في كلّ عبادة كذا في جامع الرموز. وفي البرجندي هي في الأصل جمع منسك مصدر نسك لله إذا ذبح لوجهه ، ثم قيل لكلّ عبادة منسك ثم اشتهر هذا العام في عبادة الحج.

المناط : [في الانكليزية] Cause ، motive ـ [في الفرنسية] Cause ، mobile

هو عند الأصوليين العلّة ، قالوا النّظر والاجتهاد في مناط الحكم أي علّته إمّا في تحقيقه أو تنقيحه أو تخريجه. فتحقيق المناط هو النّظر والاجتهاد في معرفة وجود العلّة في آحاد الصور بعد معرفة تلك العلّة بنصّ أو إجماع أو استنباط ، مثلا العدالة علّة لوجوب قبول الشهادة علّيتها له بالإجماع ، فإثبات وجودها في شخص معيّن بالنّظر والاجتهاد هو تحقيق المناط ولا يعرف خلاف في صحة الاحتجاج به إذا كانت العلّة معلومة بنصّ أو إجماع. وأما التنقيح فهو النظر في تعيين ما دلّ النصوص على كونها علّة من غير تعيين بحذف الأوصاف التي لا مدخل لها في الاعتبار ، ومثاله ورد في لفظ التنبيه ، وهذا النوع وإن أقرّ به أكثر منكري القياس فهو دون الأول. وأمّا التخريج فهو النّظر في إثبات علّية الحكم الثابت بنصّ أو إجماع بمجرّد الاستنباط بأن يستخرج المجتهد العلّة برأيه ، وهذا في الرتبة دون النوعين الأولين. ولهذا أنكره كثير من الناس هكذا في التلويح وغيره.

المناظر : [في الانكليزية] Perspective ـ [في الفرنسية] Perspective

كمساجد جمع منظر اسم ظرف وعلم المناظر علم يعرف به كيفية مقدار الأشياء بسبب قربها وبعدها عن نظر النّاظر كذا ذكر القاضي الرومي في الحواشي المعلّقة على شرح الملخص في الهيئة.

المناظرة : [في الانكليزية] Debate ، dispute ، controversy ـ [في الفرنسية] Polemique ، joute oratoire ، controverse

هي علم يعرف به كيفية آداب إثبات المطلوب ونفيه أو نفي دليله مع الخصم كما في الرشيدية. والآداب الطرق ، وموضوع هذا العلم البحث. وتطلق المناظرة أيضا في اصطلاح أهل هذا العلم على النظر من الجانبين في النسبة بين الشيئين إظهارا للصواب. وقيل توجّه الخصمين في النسبة بين الشيئين إظهارا للصواب أي توجّه المتخاصمين الذين مطلب أحدهما غير مطلب الآخر إذا توجها في النسبة ، وإن كان ذلك التوجّه في النفس كما كان للحكماء الإشراقيين وكان غرضهما من ذلك إظهار الحقّ ، والصواب يسمّى ذلك التوجّه بحسب الاصطلاح مناظرة وبحثا كما في الرشيدية أيضا.

المنافق : [في الانكليزية] Hypocrite ـ [في الفرنسية] Hypocrite ، imposteur

هو المظهر لما يبطن خلافه. وفي الاصطلاح المتقدّم هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر كذا في الكرماني شرح صحيح البخاري ويقول في تيسير القاري : النفاق في أصل اللّغة مخالفة الظاهر للباطن. فإذا كانت المخالفة في العقيدة الإيمانية فهو نفاق كفر وإلاّ

٦٠٦

فهو نفاق في العمل. انتهى (١).

المناقضة : [في الانكليزية] Contradiction ـ [في الفرنسية] Contradiction

عند الأصوليين عبارة عن النقض. وعند أهل النظر عبارة عن منع مقدّمة الدليل سواء كان مع السّند أو بدونه كذا في التلويح. فما وقع في الرشيدية من أنّ النقض كما يطلق على التخلّف المذكور كذلك يطلق على نقض المعرفات طردا أو عكسا ، وكذلك على المناقضة وعرّف المناقضة بطلب الدليل على مقدمة معيّنة يدلّ على جواز إطلاق لفظ النقض على المناقضة في اصطلاح أهل النظر لا العكس ، أي لا يدلّ على جواز إطلاق لفظ المناقضة على النقض بمعنى التخلّف فلا يتوهّم التدافع بينه وبين كلام التلويح. وقال صاحب التوضيح تارة إبطال دليل المعلّل يسمّى مناقضة وتارة إذا علّل المعلّل ، فللمعترض أن يمنع مقدمات دليله ويسمّى هذا ممانعة. فإذا ذكر لمنعه سندا يسمّى مناقضة كما إذا قلت ما ذكرت لا يصلح دليلا لأنّه طرد مجرد من غير تأثير.

وعند البلغاء عبارة عن تعليق أمر على مستحيل إشارة إلى استحالة وقوعه كقوله تعالى (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) (٢) كذا في الاتقان في نوع جدل القرآن.

المناولة : [في الانكليزية] Permiion ، licence ـ [في الفرنسية] Permiion ، licence

هي عند المحدّثين نوعان : النوع الأول ما اقترن بالإجازة وهي أرفع أنواع الإجازة لما فيها من تعيين المجاز وتشخيصه ، ولها صور : أحدها أن يدفع الشيخ أصل كتابه أو فرعه المقابل له للطالب ويقول له هذا سماعي أو روايتي عن فلان فأروه عني ، أو أجزت لك روايته ثم يبقيه أي كتابه في يده تمليكا أو انتساخا. وثانيها أن يحضر الطالب الشيخ الكتاب المسموع له والشيخ عارف متيقظ فيتأمّل ثم يقول هو سماعي ، أو روايتي فارو عني ، وسمّي هذا القسم بعرض المناولة. وعند الزهري وجماعة أنّها في القوة كالسماع ، ولذا جوّز فيها إطلاق حدثنا وأخبرنا والصحيح أنّه دونه ، ويشترط هاهنا أيضا كما في الأول أن يمكن الشيخ الطالب إمّا بالتمليك أو بالعارية لينتسخ منه ويقابل عليه ، وإلاّ إن ناوله واستردّ في الحال فلا يتبين أرفعيته ، لكن لها زيادة مزية على الإجازة المعينة. وثالثها أن يناوله الشيخ سماعه ويخبره ثم يمسكه الشيخ وهو أدون ولم يكن أعلى من الإجازة المجرّدة عند الأصوليين. وأمّا عند المحدّثين فلها مزية كما عرفت. ورابعها أن يأتي الطالب بنسخة وقال هذه روايتك فناولنيه وأجزني روايته فإن أجازه للوثوق بخبره ومعرفته جاز ، وإلاّ فبطل. ولو قال فيه حدّث عني ما فيه إن كان روايتي مع براءتي من الغلط لكان جائزا حسنا. والنوع الثاني ما لم يقترن بالإجازة بل يناوله ويقول هذا سماعي ، فالصحيح عند الفقهاء والأصوليين عدم الرواية بها ، وجوّزه المحدّثون لأنّ قوله هذا سماعي مطلقا كقوله حدثنا فلان مطلقا ، ويجوز فيه الرواية بالاتفاق.

هكذا في خلاصة الخلاصة وشرح النخبة.

المنبت للحم : [في الانكليزية] Drug which changes blood into flesh ـ [في الفرنسية] Medicament qui change le sang en chair

عند الأطباء دواء يعقد الدم الوارد إلى الجراحة لحما كما في الموجز.

__________________

(١) ودر تيسير القاري ميگويد نفاق در اصل لغت مخالفت ظاهر با باطن است پس اگر اين مخالفت در اعتقاد ايماني است نفاق كفر است وگر نه نفاق در عمل انتهى.

(٢) الأعراف ٤٠.

٦٠٧

المنتشرة : [في الانكليزية] Neceary temporary proposition ـ [في الفرنسية] Proposition neceaire temporaire

هي عند المنطقيين قضية موجّهة مركّبة حكم فيها بضرورة ثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه في وقت غير معيّن من أوقات وجود الموضوع لا دائما بحسب الذات ، والمراد بعدم التعيين عدم اعتباره لا اعتبار عدمه ، سواء كانت موجبة كقولنا بالضرورة كلّ إنسان متنفس في وقت ما لا دائما ، فالجزء الأول منتشرة مطلقة ، والثاني سالبة مطلقة عامة وهو مفهوم اللادوام ، أو سالبة كقولنا بالضرورة لا شيء من الإنسان بمتنفّس في وقت ما لا دائما ، فالجزء الأول منها منتشرة مطلقة سالبة ، والثاني موجبة مطلقة عامة وهو مفهوم اللادوام ، والمنتشرة المطلقة قضية موجّهة بسيطة حكم فيها بضرورة ثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه في وقت ما ، والمطلقة المنتشرة هي التي حكم فيها بالنسبة بالفعل في وقت ما ، والفرق بينها وبين المنتشرة المطلقة هو العموم والخصوص لأنّه إذا صدق ثبوت المحمول للموضوع بالضرورة في وقت ما صدق ثبوت المحمول له بالفعل في وقت ما بلا عكس كلّي ، كذا في شرح الشمسية وقد سبق ما يوضّح ذلك في ذكر الضرورة الوقتية.

المنتقع : [في الانكليزية] Humid ، moist ، wet ـ [في الفرنسية] Humide ، mouille

على صيغة اسم الفاعل من الانتقاع بالقاف مرّ تفسيره في لفظ البلة.

منتهى الإشارات : [في الانكليزية] Celestial sphere ـ [في الفرنسية] Sphere celeste

هو الفلك الأعظم.

المنحرف : [في الانكليزية] The letter\'\'l \' \' ، quadrilateral ، trapezium ـ [في الفرنسية] La lettre<>، quadrilatere ، trapeze ٢ L هو اسم فاعل من الانحراف عند الصرفيين اسم حرف من حروف الهجاء وهي اللام لأنّ اللسان ينحرف بها عند النطق بها هكذا في الشافية وشروحه في بيان حروف الهجاء. وعند المهندسين اسم شكل مسطّح ذي أربعة أضلاع ولا يكون مربعا ولا مستطيلا ولا معينا ولا شبيها بالمعين ، هذا هو الموافق لما ذكره أقليدس. وقد يقال ما عدا هذه الأشكال الأربعة المذكورة من المربّعات إن كان ضلعان من أضلاعه الأربعة متوازيين يسمّى بالمنحرف ، وهو ثلاثة أقسام. أحدها أن تكون زاويتان من زواياه الأربع قائمتين والباقيتان مختلفتين هكذا.

وثانيها ما يكون زاويتاه حادّتين متساويتين والباقيتان منفرجتين متساويتين ، سواء كانت حادتاه على أحد المتوازيين ومنفرجتاه على الآخر هكذا ، أو كانت إحدى حادتيه مع إحدى منفرجتيه على أحدهما والباقيتان على الآخر هكذا ، والأول من هذين القسمين يسمّى بذي الذلقة والقسم الثاني يسمّى بذي الذلقتين. وثالثها ما تكون زاويتاه حادتين مختلفتين والباقيتان منفرجتين مختلفتين هكذا ، وإلاّ أي وإن لم يكن ضلعان من أضلاعه الأربعة متوازيين يسمّى بالشبيه بالمنحرف ، ووجه التسمية ظاهر ، هكذا يستفاد من شرح أشكال التأسيس وشرح خلاصة الحساب. والمنحرفة عند المنطقيين هي القضية التي اقترن فيها السّور بالمحمول أو بالموضوع الجزئي ، وتحقيقه يطلب من شرح المطالع سمّيت بها لأنّ من حقّ السور أن يقترن بالموضوع الكلّي ، فلما لم يقترن به فقد انحرف عن أصله فانحرفت القضية أيضا.

المندوب : [في الانكليزية] Mandatory ـ [في الفرنسية] Mandataire

عند الأصوليين والفقهاء والمعتزلة ما عرفت. وعند النحاة هو الاسم الذي يتفجّع عليه أي يتحزّن لأجله بلفظ يا أو وا ، وذلك التفجّع يسمّى ندبة ، إلاّ أنّ لفظ وا مختصّ بالنّدبة دون

٦٠٨

يا فإنّها مشتركة بينها وبين النداء ، ثم المتفجّع عليه يشتمل ما يتفجّع على عدمه كالميت الذي يبكي عليه النادب وما يتفجّع على وجوده عند فقد المتفجّع عليه عدما كالمصيبة والويل اللاحقة للنادب لفقد الميت ، فالحدّ شامل لقسمي المندوب مثل يا زيداه ويا عمرواه ، ومثل يا حسرتاه ويا مصيبتاه ووا ويلاه ، وحكم المندوب في الإعراب والبناء حكم المنادى. وقيل المندوب هو المنادى هكذا في الفوائد الضيائية والإرشاد.

المنزل : [في الانكليزية] House ، home ، housekeeping ، mansion of the moon ـ [في الفرنسية] Maison ، art menager ، mansion de la lune

لغة اسم ظرف من النزول. وشرعا دون الدار وفوق البيت وأقلّه بيتان كما ذكره المطرزي. لكن في النهاية أنّه اسم لما يشتمل على بيوت وصحن مسقف ومطبخ يسكنه الرجل بعياله والدار اسم لما يشتمل على بيوت ومنازل وصحن غير مسقف هكذا في جامع الرموز.

وتدبير المنزل المسمّى بالحكمة المنزلية قد مرّ.

وأمّا المنجّمون فيطلقونه أي المنزل على شيئين توضيحه أنّ المنزل هو المسافة التي يقطعها القمر من الفلك في يوم بليلته تقريبا ، وقد يطلق المنزل ويراد به ما يعرف به ذلك المنزل من الكواكب وغيرها. وتحقيقه أنّ العرب وأهل البدو الذين لا دراية لهم في الحساب احتالوا لمعرفة عباداتهم وأوقات تجاراتهم وأزمنة أعيادهم وغير ذلك في ضبط مسير القمر ومسير الشمس اللذين عليهما مدار الشهر والسنة ، فنظروا أولا إلى القمر فوجدوه أول ظهوره بالعشيات مستهلا ، وآخر رؤيته بالغدوات مستترا على موضع واحد تقريبا ، فعلموا أنّ زمان ما بينهما أعني ثمانية وعشرين يوما مدة قطع القمر دور الفلك تقريبا ، أو إنّهم وجدوه يعود إلى وضع له من الشمس في ثلاثين يوما تقريبا ويختفي في آخر الشهر ليلتين تقريبا فاسقطوا يومين ، فبقي ثمانية وعشرون يوما ، فقسّموا دور الفلك عليها فعيّنوا ثمانية وعشرين علامة حوالي ممر القمر من الكواكب وغيرها على وجه يتساوى أبعاد ما بينهما تقريبا ، وسمّوا كلا منها منزلا ، ويرى القمر كلّ ليلة نازلا بقرب أحدها ، فإنّ كسفه يقال كفحه وكافحه أي واجهه وغلبه ويتشاءم به ، وإن مرّ عنه شمالا أو جنوبا يقال عدل القمر ويتفاءل به ولأنّ مسير القمر مختلف فربّما يخلي منزلا في الوسط وربّما يبقى ليلتين في منزل أول الليلتين في أوله وآخرهما في آخره ، وربّما يرى بين منزلتين في بعض الليالي.

وإنّما قلنا إنّ أيام سير القمر ثمانية وعشرون تقريبا لأنّها بالحقيقة سبعة وعشرون يوما وثلث يوم ، فلهذا جعل حكماء الهند المنازل سبعة وعشرين فحذفوا الثلث لأنّه ناقص عن النصف كما هو مصطلح أهل الحساب وأسقطوا المنزل السابع عشر أعني الإكليل عن درجة الاعتبار ، ثم نظروا إلى الشمس فوجدوها تقطع كلّ منزل في ثلاثة عشر يوما تقريبا لأنّها زمان ما بين بروز منزل من تحت شعاعها بالغدوات إلى بروز آخر ، فأيام المنازل ثلاثمائة وأربعة وستون ، لكن الشمس تعود إلى كلّ منزل في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما ، فزادوا يوما في أيام المنزل الخامس عشر الذي يصير الكسر فيه أعظم من النصف وهو منزل الغفر. وما وقع في الصحاح وبعض الكتب أنّه يزاد هذا اليوم في أيام منزل الجبهة فخطأ ، وقد يزاد فيه يومان أحدهما لما ذكرنا والآخر للكبيسة حتى يكون انقضاء أيام السنة مع انقضاء أيام المنازل ، هكذا ذكر العلامة في التحفة والنهاية ، وهذا مخالف ما في كتب العمل فإنّه يوضع طلوع المنازل فيها على أيام التاريخ الرومي أو الجلالي. ففي زمان طلوع أي منزل يقع كبيستهما يصير ذلك اليوم زائدا فيه. وأما أهل الهيئة فقسّموا منطقة البروج

٦٠٩

بل جميع الفلك ثمانية وعشرين قسما متساوية على طريقة تقسيم البروج فيكون كلّ قسم منها اثنتي عشرة درجة وستة أسباع درجة ، وسمّوا كلّ قسم منها باسم علامة من علامات المنازل ، وبانتقالها من تلك الأقسام لا يغيرون أسماؤها كما في البروج من غير فرق ، فيسمّون المنزل الأول الذي بعد الاعتدال الربيعي الشرطين دائما وإن انتقلا إلى آخر. وما يقال إنّ الظاهر من المنازل في كلّ ليلة يكون أربعة عشر وإنّه إذا طلع منزل غاب رقيبه ، فإنّما يصحّ على هذا الاصطلاح لا على الاصطلاح الأول فإنّ تلك العلامات ليست على نفس المنطقة ، ولا أبعاد ما بينها متساوية ، ولذلك قد يكون الظاهر منها ستة عشر وسبعة عشر وكذا ما مرّ من أنّ الشمس تقطع كلّ منزل في ثلاثة عشر يوما تقريبا ، فإنّما يصحّ على هذا الاصطلاح كما لا يخفى. وأمّا المنجّمون فتارة يعتبرون هذا الاصطلاح فيحسبون انتقال القمر إلى المنازل على هذا وتارة على الاصطلاح الأول ، ويبنون طلوع المنازل عليه كذا في شرح التذكرة للعلي البرجندي ، وأسماؤها على ترتيبها هذه شرطان بطين ثريا دبران هقعه هنعه ذراع نثره طرف جبهه زبره صرفه عواء سماك غفر زبانا اكليل قلب شوله نعائم بلده سعد الذابح سعد بلع سعد السعود سعد الاخبية الفرع المقدم الفرع المؤخر وشا.

منزلة الحمل والميزان : [في الانكليزية] Equinoctial line ـ [في الفرنسية] Ligne equinoxiale

هي دائرة معدّل النهار وقد سبق.

المنسرح : [في الانكليزية] Al ـ Munsareh (prosodic metre) ـ [في الفرنسية] Al ـ Munsareh (metre en prosodie)

هو اسم فاعل من المصدر : الانسراح.

بمعنى التعرّي والخروج من الثّياب. وأمّا في اصطلاح أهل العروض : فهو اسم بحر من البحور المشتركة بين العرب والعجم وأصل هذا البحر : مستفعلن مفعولات بضم التاء أربع مرات. وهذا البحر يعتوره النقصان إلى حدّ لا يبقى منه سوى ركنين كقولهم : من يشتري الباذنجان. ووزنه : مستفعلن مفعولات. ويعدونه في العربية مصراعا تاما. وقد شبّهوا هذا النقص والاختصار كالتخلّي عن الثياب فقالوا له : بحر المنسرح. وهذا البحر يستعمل مثمّنا ومسدّسا وكلاهما سائغ مستعمل. كذا في عروض سيفي.

وذكر أيضا في عروض سيفي : أنّ هناك سببا آخر لتسمية هذا البحر المنسرح من جهة السّهولة والسّلامة ، ولأنّه في هذا البحر تقدّم الأركان على الأوتاد وذلك أقرب للسّهولة.

وينبغي مراجعة كتب العروض العربية والفارسية للاطلاع على أنواع الزّحاف التي تقع في هذا البحر (١).

المنسوب : [في الانكليزية] Ascribed ، relative ـ [في الفرنسية] Attribue ، relatif

هو يطلق على معان : منها ما مرّ قبل هذا. ومنها الاسم الذي ألحق آخره ياء مشددة ليدلّ على نسبته إلى المجرّد عنها نحو بغدادي أي منسوب إلى بغداد ، وبهذا المعنى يستعمله

__________________

(١) اسم فاعل است از انسراح بمعني برهنة شدن وبيرون آمدن از جامه ودر اصطلاح اهل عروض اسم بحريست از بحور مشتركة در ميان عرب وعجم واصل اين بحر مستفعلن مفعولات بضم تا است چهار بار واين بحر در نقصان اركان بحدي ميرسد كه آنچه بر وزن دو ركن است همچون من يشتري الباذنجان كه بر وزن مستفعلن مفعولات است در اشعار عرب آن را مصراع تمام ميدارند واين نقصان واختصار را به بيرون آمدن از جامه تشبيه كرده اند واين بحر را منسرح گفته واين بحر مثمن ومسدس هر دو مستعمل است كذا في عروض سيفي [ونيز در عروض سيفي مذكور است كه اين بحر را از ان جهت منسرح گويند كه انسراح در لغت آساني ورواني است وچون در اركان اين بحر سببها مقدم اند بر وتد آسانتر گفته مى شود] وتحقيق زحافهاى اين بحر از كتب عربية وفارسية عروض معلوم بايد كرد.

٦١٠

النحاة وأهل العربية. وإنّما قيل ليدلّ إلى آخره ليخرج نحو الكرسي. وأورد على التعريف أنّه يقتضي أن يكون المنسوب هو المنسوب إليه وأيضا هو الذي ألحق آخره ياء مشدّدة لا يدلّ على نسبته إلى المجرّد عنها لأنّهما واحدان.

وجواب الأول أنّه لا يصدق على المنسوب إليه أنّه يدلّ على نسبته إلى المجرّد عن الياء فإنّه هو المجرّد عن الياء ، وإذا لم يصدق ما ذكر في تعريف أحدهما على الآخر فكيف أحدهما هو الآخر. وجواب الثاني أنّه من الظاهر البيّن أنّ المراد بالملحق بآخره ياء مشدّدة هو المركّب من المنسوب إليه والياء المشدّدة والمجرّد عن الياء المشدّدة المنسوب كذا في الشافية وشروحه.

المنشعب : [في الانكليزية] Derivative ـ [في الفرنسية] Derive

عند الصرفيين هو المزيد يعني الأبنية المتفرّعة من أصل بإلحاق حرف من الحروف الزوائد التي يجمعها قولهم هويت السمان نحو أكرم أو بتكرير حرف العين من أيّة حرف كانت نحو كرّم كذا في الجرجاني.

المنشف : [في الانكليزية] Dehydrator ، dehydrant ـ [في الفرنسية] Deshydratant

بالشين المعجمة دواء حين تصل رطوبته إلى العضو وتنفذ في مسامات ذلك العضو فيظهر أثره في الجلد مثل النورة. هكذا في بحر الجواهر (١).

المنشور : [في الانكليزية] Sawn ، prism ـ [في الفرنسية] Scie ، prisme

عند أهل العربية ما مرّ قبيل هذا وعند أهل الهندسة والحساب الشكل المجسّم الذي يحيط به ثلاثة سطوح متوازية الأضلاع ومثلثان ، والجمع المناشير. وقد يراد به قطعة من كرة مصمتة أو مجوفة قد فصلت بسطحين مستويين متوازيين ، هكذا ذكر عبد العلي البرجندي في شرح التذكرة في الفصل الحادي عشر من الباب الثاني.

المنصرف : [في الانكليزية] Variable ، declinable ـ [في الفرنسية] Variable ، declinable

على صيغة اسم الفاعل من الانصراف ، عند النحاة قسم من الاسم المعرب. وفي اللباب المعرب على نوعين الاسم المتمكّن والفعل المضارع ، فالأول إمّا منصرف أو غير منصرف انتهى. فغير المنصرف يسمّى بالممتنع والمنعي أيضا لمنعه الكسرة والتنوين على ما في أصول الأكبري. وفي الاصطلاح القديم يسمّى المنصرف بالمجرى وغير المنصرف بغير المجرى كما مرّ. ثم غير المنصرف عرّفه ابن الحاجب بما فيه علّتان من العلل التسع مؤثّرتان باجتماعهما واستجماع شرائطهما في منع الكسرة والتنوين أو علّة واحدة منها تقوم مقامهما في ذلك التأثير ، وتلك العلل التسع هي المشار إليها في قول الشاعر :

عدل ووصف وتأنيث ومعرفة

وعجمة ثم جمع ثم تركيب

والنون زائدة من قبلها ألف. ووزن فعل وهذا القول تقريب. أي تقريب لها إلى الصواب لأنّ في عددها خلافا ، فقال بعضهم تسع وهو المختار ، وقال بعضهم اثنان ، وقيل عشرة بزيادة الألف المزيدة في آخر الاسم للإلحاق أو غيره كأرطى (٢) وقبعثرى (٣) ، وقيل أحد عشر وزاد على العشرة المذكورة مراعاة الأصل في مثل أحمر ، وقيل ثلاثة عشرة وزاد لزوم التأنيث وتكرار الجمع. وقيل القول بأنّها عشرة هو

__________________

(١) بالشين المعجمة دوائي است كه چون رطوبت ان بر عضو رسد نفوذ كند در مسامات عضو واثر ان ظاهر شود در جلد چون نوره هكذا في بحر الجواهر.

(٢) الارطى شجر من أشجار الرمل يدبغ به. والقبعثرى العظيم الشديد.

(٣) الارطى شجر من أشجار الرمل يدبغ به. والقبعثرى العظيم الشديد.

٦١١

الصواب فالقول بأنّها تسع تقريب إلى الصواب وهو القول بأنّها عشرة. وقيل القول بأنّ كلّ واحد من الأمور التسعة علّة قول تقريبي ومجازي لا تحقيقي ، إذ العلّة في الحقيقة اثنتان منها لا واحدة. وقيل المراد (١) منه أنّ ذكر العلل في صورة النظم تقريب لها إلى الحفظ لأنّ حفظ النظم أسهل. والمنصرف بخلاف ذلك فما دخل فيه الكسرة والتنوين للضرورة أو الخفة أو التناسب لا يصير منصرفا بذلك حقيقة لصدق تعريفه عليه بل إنّما يصير في حكم المنصرف.

فعلى هذا ما في الإرشاد من أنّ المنصرف هو الاسم المستوفي للحركات الثلاث مع التنوين ويسمّى أمكن كزيد ، وغير المنصرف اسم غير مستوف لها بمنع الكسرة مع التنوين إلاّ لضرورة أو وفق نظائر أو غاية خفّة بكونه من باب نوح أو هند أو عند لام أو إضافة تعريف بالحكم.

وعند المنجّمين هو الكوكب الذي ينصرف عن الاتصال.

المنصف : [في الانكليزية] Bisecting ـ [في الفرنسية] Biection

على انه اسم مفعول من التنصيف عند المحاسبين هو العدد الحاصل من عمل التنصيف كالأربعة الحاصلة من تنصيف الثمانية ويسمّى أيضا حاصل التنصيف ، ونصفا ، ويطلق أيضا على العدد الذي تريد تنصيفه كالثمانية في المثال المذكور. وعند الفقهاء هو ما طبخ من ماء العنب حتى ذهب نصفه وبقي نصفه وغلا واشتد كذا في البرجندي في كتاب الغصب وقد سبق في لفظ الطلاء أيضا.

المنصورية : [في الانكليزية] Al ـ Mansuriyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Mansuriyya (secte)

فرقة من غلاة الشيعة أصحاب أبي منصور العجل (٢) نسب هو نفسه إلى أبي جعفر محمد الباقر فلما تبرّأ منه وطرده ادّعى الإمامة لنفسه ، قالوا إنّ الإمامة صارت لمحمد بن علي بن الحسين (٣) ثم انتقلت عنه إلى أبي منصور ، وزعموا أنّ أبا منصور عرج إلى السماء ومسح الله رأسه بيده ، وقال يا نبي : اذهب فبلّغ عني ، ثم أنزله إلى الأرض وهو الكسف المذكور في قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ) (٤) الآية وكان قبل ادعائه الإمامة لنفسه يقول الكسف علي بن أبي طالب. وقالوا الرسل لا تنقطع أبدا والجنة رجل أمرنا بموالاته والنار رجل أمرنا ببغضه وهو ضد الإمام ، وخصمه كأبي بكر وعمر ، والفرائض أسماء رجال أمرنا بموالاتهم والمحرّمات أسماء رجال أمرنا ببغضهم ، ومقصودهم بذلك أنّ من ظفر برجل منهم فقد ارتفع التكليف عنه ، كذا في شرح المواقف (٥).

__________________

(١) المقصود (م ، ع).

(٢) هو أبو منصور العجلي ، من أهل الكوفة من عبد القيس ، رأس الفرقة المنصورية ، من غلاة الشيعة ادّعى إمامة الباقر ونبوته ، فلما تبرأ منه نسب ذلك لنفسه.

موسوعة الفرق والجماعات ٣٧٩ ، الملل ١٧٨ ، المقالات ١ / ٧٤ ، الفرق بين الفرق ٢٤٣ ، التبصير ١٢٥.

(٣) هو محمد بن علي زين العابدين بن الحسين الطالبي الهاشمي القرشي ، أبو جعفر الباقر ، ولد بالمدينة عام ٥٧ ه‍ ٦٧٦ م وتوفي فيها عام ١١٤ ه‍ / ٧٣٢ م. خامس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، ويلقب بالباقر. عابد ناسك ، عالم بالتفسير والقراءات.

الاعلام ٦ ٢٧٠ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١١٧ ، وفيات الأعيان ١ ٤٥٠ ، صفوة الصفوة ٢ / ٦٠ ، منهاج السنة ٢ ١١٤.

(٤) الطور / ٤٤

(٥) المنصورية فرقة من الغلاة أصحاب ابن منصور العجلي ، المشار إليه أعلاه.

موسوعة الجماعات والمذاهب ٣٧٩ ، معجم الفرق الاسلامية ٢٣٨.

٦١٢

المنطق : [في الانكليزية] Logic ـ [في الفرنسية] Logique

بفتح الميم اسم لعلم من العلوم المدونة ويسمّى بعلم الميزان أيضا وقد سبق في المقدمة.

المنطق : [في الانكليزية] Norm ، criterion ، standard ، rational number ـ [في الفرنسية] Norme ، critere ، mesure ، etalon ، nombre rationnel

بضم الميم وكسر الطاء عند المهندسين هو المقدار الموضوع للمعيار والتقدير بمنزلة الواحد في العدد والمقادير التي تقدّر به منطقة لأنّه واحد ولوحدته بعدها بعدة إمّا مرة أو مرارا ، وما وقع عليه العدد منطق ، مثال ذلك طول الجسم الذي يقدّر بطول مفروض مثل شبر أو ذراع وبسيطه الذي يقدّر بالمربع الذي هو واحد في واحد من شبر أو ذراع وعمقه الذي يقدّر بالمكعّب الذي هو واحد في واحد ثم في واحد. والموزونات التي تقدّر بالأوزان والمكيلات بالمكاييل وكلّ ما قدّر هذا المعيار بجزء من أجزائه نصفه أو ثلثه أو بالأجزاء من أجزائه كثلثيه أو خمسيه أو ثلاثة أخماسه هو أيضا منطق. وفي الجملة كلّ مقدار ينسب إلى هذا المعيار نسبة عدد إلى عدد فهو منطق ، وما وجد على غير ما ذكرنا إذا أضيف إليه يقال له أصمّ أعني أنّه لا يمكن أن ينطق به إلاّ مجذورا مثل قولك جذر ثلاثة وجذر خمسة ، وإنّما شرطنا فقلنا إذا أضيف إليه لأنّه قد يوجد في هذه المقادير الصمّ ما ينطق به بإضافة بعضه إلى بعض ، مثل جذر خمسة فإنّه ثلث جذر خمسة وأربعين فأحدهما إذن ثلاثة والآخر واحد ، إلاّ أنّها غير منطقة بالإضافة إلى المقدار الذي فرض معيارا ومقدارا ، هكذا في بعض حواشي تحرير أقليدس. ويؤيّده ما في بعض الرسائل من أنّ كلّ واحد من الخطوط المفردة والسطوح المفردة إمّا منطقة وهي ما كان عددا كثلاثة وإمّا أصمّ وهي ما يعبّر عنه باسم الجذر كجذر ثلاثة ، والخط إن كان يعبّر عنه بعدد فهو منطق في الطول كثلاثة ويسمّى منطقا على الإطلاق أيضا ومنطقا مطلقا أيضا ، وإن كان لا يعبّر عنه بعدد لكن يعبّر عن مربعه بعدد فهو منطق في القوة فقط كجذر ثلاثة وجذر خمسة ، فكلّ خطّ يكون منطقا في الطول فهو منطق في القوة بلا عكس ، وقد سبق ما يناسب ذلك في لفظ الأصم ، وقد يسمّى المنطق بالمنطوق أيضا. ويطلق أيضا على قسم من الجذر وعلى قسم من الكسر وقد سبق.

المنطقة : [في الانكليزية] Zone ، zodiac ـ [في الفرنسية] Zone ، zodiaque

بالكسر كمر بند كما في مدار الأفاضل هي عند أهل الهيئة دائرة عظيمة حادثة على سطح الكرة المتحرّكة على نفسها وتسمّى منطقة حركة الكرة أيضا وقد سبق بيانها في لفظ القطب. ومنطقة الفلك الأعظم تسمّى معدّل النهار ونطاق الفلك الأعظم أيضا. ومنطقة فلك البروج تسمّى منطقة البروج ومنطقة الحركة الثانية وفلك البروج أيضا ، ونطاق البروج أيضا كما في شرح التذكرة للعلي البرجندي. وقد تطلق المنطقة ويراد بها منطقة البروج بدليل إطلاق صاحب المواقف في بيان الدوائر المنطقة مع إرادته منها منطقة البروج.

المنطوق : [في الانكليزية] Statement ، pronounced ، articulated ـ [في الفرنسية] Enonce ، prononce ، articule

هو عند المهندسين المنطق كما مرّ. وعند الأصوليين خلاف المفهوم ، قالوا اللفظ إذا اعتبر بحسب دلالته فقد تكون دلالته بالمنطوق وقد تكون بالمفهوم. فالمنطوق ما دلّ عليه اللفظ في محل النطق أي يكون حكما للمذكور وحالا من أحواله ، سواء ذكر ذلك الحكم أو لا ، فيعمّ الصريح وغير الصريح ، فإنّ الحكم في غير الصريح وإن لم يذكر ولم ينطق به لكنه من أحوال المذكور. والمفهوم هو ما دلّ عليه اللفظ

٦١٣

لا في محلّ النطق بأن يكون حكما لغير المذكور وحالا من أحواله. ثم المنطوق على قسمين : صريح وهو ما وضع اللفظ له فيدلّ عليه بالمطابقة أو بالتضمّن ، وغير صريح وهو ما لم يوضع اللفظ له بل يلزم ما وضع له فيدلّ عليه بالالتزام ، وغير الصريح ينقسم إلى دلالة اقتضاء وإيماء وإشارة لأنّه إمّا أن يكون مقصودا للمتكلم فذلك بحكم الاستقراء قسمان : أحدهما أن يتوقّف الصدق أو الصحة العقلية أو الشرعية عليه ويسمّى دلالة الاقتضاء. أمّا الصدق فنحو (رفع عن أمتي الخطأ والنّسيان) (١) ، أي مؤاخذة الخطاء والنسيان إذ لو لم يقدر المؤاخذة ونحوها لكان كاذبا لأنّهما لم يرفعا. وأمّا الصحة العقلية فنحو (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (٢) إذ لو لم يقدّر أهل القرية لم يصح عقلا لأنّ سؤال القرية لا يصحّ عقلا. وأمّا الصحة الشرعية فنحو قول القائل : اعتق عبدك عني بألف لأنّه يستدعي تقدير الملك أي اجعله ملكا لي على ألف لأنّ العتق بدون الملك لا يصحّ شرعا. وثانيهما أن يقترن بحكم لو لم يكن للتعليل لكان بعيدا ، أي يقترن الملفوظ الذي هو مقصود للمتكلم بحكم أي وصف لو لم يكن ذلك الحكم أي الوصف لتعليل ذلك المقصود لكان اقترانه به بعيدا ، فيفهم منه التعليل ويدلّ عليه ، وإن لم يصرّح به ويسمّى تنبيها وإيماء كما مرّ ، وإن لم يكن مقصودا للمتكلم سمّي دلالة إشارة كقوله عليه الصلاة والسلام في النساء (إنّهن ناقصات عقل ودين. فقيل : وما نقصان دينهن؟ قال : يمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلّي) (٣) ، أي نصف دهرها ، فدلّ على أنّ أكثر الحيض خمسة عشر يوما وكذا أقل الطهر ، ولا شكّ أنّ بيان ذلك غير مقصود ، لكن لزم من حيث أنّه قصد المبالغة في نقصان دينهن ، والمبالغة تقتضي ذكر أكثر ما يتعلّق به الفرض. فلو كان زمان ترك الصلاة وهو زمان الحيض أكثر من ذلك أو زمان الصلاة وهو زمان الطهر أقلّ من ذلك لذكره. وبالجملة فالمنطوق يشتمل الصريح وغير الصريح ، فدلالة لا تقل لهما أف على تحريم التأفيف منطوق صريح وعلى تحريم الضرب مفهوم ، ودلالة يمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلّي على أنّ أكثر الحيض وأقلّ الطهر خمسة عشر يوما منطوق غير صريح. هذا لكن بين المفهوم وغير الصريح من المنطوق محل تأمّل.

اعلم أنّ المنطوق والمفهوم من أقسام الدلالة ، لكن عبارات القوم صريحة في كونهما من أقسام المدلول كما قال الآمدي : المنطوق ما فهم من اللفظ نطقا أي في محل النطق ، والمفهوم ما فهم من اللفظ في غير محل النطق ، وهكذا وقع في الإتقان. ثم صاحب الإتقان قسّم المنطوق وقال إن أفاد المنطوق معنى لا يحتمل غيره فالنّصّ ، أو مع احتمال غيره احتمالا مرجوحا فالظاهر انتهى. وقد يقال إنّ لفظ ما هاهنا مصدرية ، فالمنطوق أن يدلّ اللفظ أي دلالة اللفظ على معنى في محلّ النطق أي

__________________

(١) أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول ، موسوعة أطراف الحديث ، ٥ ١٤٧. وعزاه إلى ابن حجر في تلخيص الحبير ، ١ / ٢٨١.

سنن ابن ماجة ، كتاب الطلاق ، باب طلاق المكره والناسي ، ح ٢٠٤٣ ، ١ ٦٥٩. بلفظ : «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان».

(٢) يوسف / ٨٢.

(٣) صحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان نقصان الايمان بنقص الطاعات ، ح ١٣٢ ، ١ ٨٦ بلفظ :

يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار ، فإني رأيتكن أكثر أهل النار فقالت امرأة منهن جزلة : وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار ، قال : تكثرن اللعن وتكفرن العشير. وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن» قالت يا رسول الله وما نقصان العقل والدين؟ ...

٦١٤

يكون ذلك المعنى حكما للمذكور ، والمفهوم أن يدلّ اللفظ على معنى لا في محل النطق بأن يكون المعنى حكما لغير المذكور ، والمنطوق الصريح ما وضع اللفظ له أي دلالة اللفظ على ما وضع له ، وغير الصريح دلالة على ما لم يوضع له ، هكذا يستفاد من العضدي وحاشيته للتفتازاني.

فائدة :

قال بعضهم : الألفاظ إمّا أن تدلّ بمنطوقها أو بفحواها ومفهومها أو باقتضائها وضرورتها أو بمعقولها المستنبط منها ، حكاه ابن الحصار وقال : هذا كلام حسن. قال صاحب الاتقان فالأول دلالة المنطوق والثاني دلالة المفهوم والثالث دلالة الاقتضاء والرابع دلالة الإشارة.

المنع : [في الانكليزية] Prohibition ، deprival ، impediment ـ [في الفرنسية] Prohibition ، privation ، empechement

بالفتح يطلق على الطرد كما سبق ، وعلى المناقضة ويسمّى نقضا تفصيليا وهو عبارة عن منع مقدّمة معيّنة من مقدّمات الدليل سواء كان المنع بدون السّند ويسمّى منعا مجردا أو مع السّند وينبغي أن يذكر المنع على وجه الإنكار وطلب الدليل لا على وجه الدعوى وإقامة الحجة ، وعلى ما يعمّ المنع التفصيلي في العضدي وحواشيه المراد بالمنع في قولهم مرجع جميع الاعتراضات إلى المنع والمعارضة ما يعمّ ذلك كلّه أي المنع تفصيلا وإجمالا.

المنعقدة : [في الانكليزية] Agreed oath ـ [في الفرنسية] Serment accepte

وتسمّى بالمعقودة أيضا عند الفقهاء من أنواع اليمين.

المنعى : [في الانكليزية] Invariable ـ [في الفرنسية] Invariable

عند النحاة اسم لغير المنصرف.

المنفخ : [في الانكليزية] Flatulent ـ [في الفرنسية] Flatulent

هو الشيء الذي في جوهره رطوبة غريبة فضلية غليظة فإذا فعل فيها الحرارة الغريزية استحالت ريحا ولم يتحلّل لكثرتها وغلظها ويكون باقي أجزائه غذاء ودواء كاللوبيا والزنجبيل ، فهذه الرطوبة غريبة فضلية بالنسبة إلى الأجزاء الغذائية أو الدوائية غير داخلة في حقيقتها بل خارجة عنها ، وإن كانت داخلة في حقيقة ذلك الجسم كذا في بحر الجواهر.

المنفرد : [في الانكليزية] Proper ، particular ـ [في الفرنسية] Propre ، particulier

بصيغة اسم الفاعل من الانفراد عند أهل العربية هو اللفظ الموضوع لمعنى واحد سواء كان علما أو غيره ، ويقابله المشترك وقد سبق.

وعند الفقهاء هو الشخص الذي يصلّي الصلاة بغير جماعة.

المنفي : [في الانكليزية] Negative ، negative sentense ـ [في الفرنسية] Negatif ، phrase negative

عند المحاسبين هو العدد الغير المثبت كما مرّ. وعند أهل العربية والمتكلّمين قد عرفت قبيل هذا.

المنقلب : [في الانكليزية] Reversed ، tropic of Cancer or Capricorn ـ [في الفرنسية] Renverse ، tropique du Cancer ou du Capricorne

قد سبق في لفظ البروج والمنقلب عند أهل الرمل قد ذكر في لفظ الشّكل ، وعند المحدّثين قد سبق قبيل هذا.

المنقوص : [في الانكليزية] Defective ، defective verb ـ [في الفرنسية] Defectueux ، verbe defectif

هو عند أهل الصّرف يسمّى الناقص.

وعند الشعراء : يقولون للركن الذي وقع فيه النقص : المنقوص. وكذلك يطلق على البيت الذي حذفت منه كلمة في أول المصراع وتمّ

٦١٥

المعنى والوزن بالباقي ولكن اختلف البحر.

ومثاله البيت التالي وترجمته :

وجع الهجر وصل وزادني حسرة

ذهب الصبر والهدوء من روحي مع الصديق

فهذا البحر من وزن بحر الرمل المخبون ، فإذا حذفت كلمة (درد : وجع) و (صبر) من أوّل المصراعين فيصبح لاحقا بالمتلوّن. كذا في مجمع الصنائع (١).

المنقوط : [في الانكليزية] Poem whose letters are marked with diacritical point E ـ [في الفرنسية] Poeme dont toutes les lettres sont marquees de points diacritique E

هو عند الشعراء كلام أو شعر يأتي به الكاتب أو الشّاعر بحيث تكون جميع الحروف فيه منقوطة. وهذا من أقسام الحذف. كذا في مجمع الصنائع (٢).

المنقول : [في الانكليزية] Personal property ، transcribed ، modified ، neologism ـ [في الفرنسية] Bien meuble ، effet mobilier ، transcrit ، transfere ، modifie ، neologisme

هو ما ينقل من مكان إلى مكان ويحول من هيئة إلى هيئة كالكتاب والمنشار والطست والجنازة وثيابها والسلاح والخيل والحمار والعبيد وآلات الزراعة والشجر والشرب مع الأرض والحمام مع البرج والنحل مع الكوّارة ، كذا في جامع الرموز في كتاب الكراهية. هو عند أهل النظر يطلق على قول الغير المأتي عنه كما عرفت. وعند أهل العربية يطلق على لفظ وضع لمعنى بعد وضعه لمعنى آخر أولا ، وعلى لفظ وضع لمعنى لمناسبته لمعنى وضع له ذلك اللفظ أولا ، وعلى المعنى الأخصّ منه وهو لفظ غلب في غير المعنى الموضوع له أولا بحيث يفهم بلا قرينة مع وجود العلاقة بينه وبين المعنى الموضوع له أولا وينسب إلى الناقل ، لأنّ وصف المنقولية إنّما حصل من جهته فيسمّى منقولا شرعيا إن كان ناقله شرعا ، ومنقولا عرفيا إن كان ناقله عرفا ، ومنقولا اصطلاحيا إن كان ناقله اصطلاحا. وباعتبار انقسام كلّ من وضعيه إلى لغوي وشرعي وعرفي واصطلاحي ينقسم ستة عشر قسما حاصلا من ضرب الأربعة في الأربعة إلاّ أنّ بعض الأقسام مما لا تحقّق له في الوجود كالمنقول اللغوي من معنى عرفي أو اصطلاحي مثلا وغير ذلك ، لأنّ اللغة أصل والنقل طار عليه ، فلا يقال منقول لغوي. ثم المعنى الثاني المنقول إن لم يكن من أفراد المعنى الأول فاللفظ حقيقة في المعنى الأول مجاز في المعنى الثاني من جهة الوضع الأول وبالعكس من جهة الوضع الثاني كالصلاة حقيقة في الدعاء مجاز في الأركان المخصوصة وبالعكس شرعا أي حقيقة في الأركان مجاز في الدعاء ، وإن كان من أفراد المعنى الأول كالدابة لذي الأربع خاصة وهي في الأصل اسم لما يدبّ أي يتحرّك على الأرض ، فإطلاق اللفظ على ما هو من أفراد المعنى الثاني أعني المقيّد إن كان باعتبار أنّه من أفراد المعنى الأول أعني المطلق فاللفظ حقيقة من جهة الوضع الأول

__________________

(١) نزد صرفيان ناقص را گويند ونزد شعرا ركني را گويند كه در ان نقص واقع شود وبمعني ديگر نيز اطلاق كنند وآن چنان است كه اگر در شعري از اوّل مصراعهاى أو كلمة بردارى وباقى مانده را وزن ومعني درست باشد وزن او از بحري ديگر شود مثاله : شعر.

درد هجر امد وبفزود مرا حسرت وغم

صبر وآرام شد از جانم با دوست بهم

اين از بحر رمل مخبون است واگر كلمة درد وصبر دور كني رباعي بود واين لاحق است بمتلون كذا في مجمع الصنائع.

(٢) نزد شعراء كلاميست كه كاتب يا شاعر او را انشا كند بوجهى كه جميع حروف او منقوط بود واين از اقسام حذف است كذا في مجمع الصنائع.

٦١٦

مجاز من جهة الوضع الثاني ، وإن كان باعتبار أنّه من أفراد المعنى الثاني فحقيقة من جهة الوضع الثاني مجاز من جهة الوضع الأول ، مثلا لفظ الدابة في الفرس إن كان من حيث إنّه من أفراد ما يدبّ على الأرض فحقيقة لغة مجاز عرفا ، وإن كان من حيث إنّه من أفراد ذوات الأربع فمجاز لغة حقيقة عرفا ، لأنّ اللفظ لم يوضع في اللغة للمقيد بخصوصه ولا في العرف للمطلق بإطلاقه ، فلفظ الدابة في الفرس بحسب اللغة حقيقة باعتبار مجاز باعتبار ، وكذلك بحسب العرف ، فتبيّن بهذا أنّ المنقول قسم من الحقيقة والمجاز. وأمّا ما قالوا من أنّ اللفظ إذا تعدّد مفهومه فإن لم يتخلّل بينهما نقل فهو المشترك وإن تخلّل فإن لم يكن النّقل لمناسبة فمرتجل ، وإن كان فإن هجر المعنى الأول فمنقول وإلاّ ففي الأول حقيقة وفي الثاني مجاز ، فمبني على تمايز الأقسام بالحيثية والاعتبار دون الحقيقة والذات ، كذا في التلويح في التقسيم الثاني.

المنكر : [في الانكليزية] Bad action ، forbidden act ، perversion ـ [في الفرنسية] Mauvaise action ، action illicite ، perversion

بضم الميم وفتح الكاف المخففة عند المحدّثين مقابل المعروف وقد سبق. وقال البعض المنكر بمعنى الشاذ ، والحقّ الفرق بينهما كما مرّ.

المنوّع : [في الانكليزية] Distinction ـ [في الفرنسية] Distinction

عندهم يطلق على الفصل لأنّ الفصل يجعل النوع نوعا كذا في شرح هداية الحكمة في فصل الكلّي والجزئي ، والمنوعة هي الموجهة كما عرفت.

المنيّ : [في الانكليزية] Sperm ـ [في الفرنسية] Sperme

بالنون في الأصل فعيل بمعنى المفعول من منيّ النطفة في الرحم قذفها فيه. وفسّره الفقهاء بأنّه الماء الأبيض الغليظ الدافق الذي يتكوّن منه الولد ويذهب منه الشّهوة وينكسر بخروجه الذّكر ، وهذا لا يتناول منيّ المرأة إذ ليس منيّها أبيض بل أصفر ولا ينكسر منه الذّكر. فالأولى أن يقال هو الماء الغليظ الدافق الذي يتكوّن منه الولد ويذهب منه الشّهوة. والمراد بتكوّن الولد ما هو بالقوة والدّفق صبّ فيه شدّة. وقيل الصواب في تفسير المنيّ ترك التقييد بالدّفق لأنّه يختص بالرجال ويخدشه قوله تعالى : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) (١) فإنّ المراد صلب الرجل وترائب المرأة إلاّ أن يقال إنّ إطلاق الدفق في الآية بالنسبة إلى ماء المرأة إنّما هو على سبيل التغليب ، كذا في البرجندي في بيان الغسل.

المهايأة : [في الانكليزية] Deal agreed ، sharing of services ـ [في الفرنسية] Affaire convenue ، partage des services

لغة مفاعلة من الهيئة وهي الحالة الظاهرة للمتهيّئ للشيء ، والتّهايؤ تفاعل منها ، وهي أن يتواضعوا على أمر فتراضوا به. وحقيقته أنّ كلّ واحد منهم رضي بهيئة واحدة ويختارها. يقال هايأ فلان فلانا ، فالمهايأة مهموز اللام إمّا بهمزة غير مبدلة من الألف أو بهمزة مبدلة من الألف ، كذا في المغرب. وشريعة عبارة عن قسمة المنافع وهي جائزة استحسانا. وتفصيل المسائل يطلب من جامع الرموز والبرجندي وغيرهما في كتاب القسمة.

__________________

(١) الطارق / ٦ ـ ٧.

٦١٧

المهتوت : [في الانكليزية] The letter t ـ [في الفرنسية] La lettre t

بالتاءين عند الصرفيين هو اسم حرف من حروف التهجي وهو التاء المثناة الفوقانية وقد سبق في لفظ الحرف.

المهر : [في الانكليزية] Dower ، dowry ـ [في الفرنسية] Dot

بالفتح وبالهاء هو قيمة بضع امرأة وقت التزويج مما يباح به الانتفاع شرعا من المال أو المنفعة معجّلا كان أو مؤجّلا ، يقال له بالفارسي دست پيمان ـ يد العهد ـ وكابين.

ومهر المثل شرعا مهر امرأة مثلها أي قيمة بضع امرأة مماثلة لها من قوم أبيها في السّنّ والجمال والمال والعقل والدين أي الديانة والصّلاح والبلد والعصر والبكارة والثّيابة ، فإن لم توجد مثل هذه المرأة في شيء من قوم أبيها فمن الأجانب مثلها في هذه الأمور ، ولا يعتبر الأم وقومها إن لم تكن من قوم أبيها ، كذا في جامع الرموز.

مهربان : [في الانكليزية] Affectionate ، beloved ـ Affectueux ، bien ـ [في الفرنسية] aime

بالفارسية : عطوف ، محبوب. عندهم : صفة الرّبوبية (١).

مهره كلكون : [في الانكليزية] Multicoloured ، spiritual manifestation ـ [في الفرنسية] Multicolore ، manifestation spirituelle

بالفارسية : فقرة ملوّنة. وعندهم : التجلّيات التي تكون في غير المادة (٢).

مهر : [في الانكليزية] Affection ، love ـ [في الفرنسية] Affection ، amour

بالفارسية محبّة ، عطف. بالكسر ، في اصطلاح السّالكين المحبّة التي هي بأصلها تكون مع وجود العلم والاطلاع من إدراك المقصد.

كذا في كشف اللغات (٣).

المهمل : [في الانكليزية] Outdated word ، letter without diacritical point ، name without special mark ـ [في الفرنسية] Mot desuet ، lettre sans point diacritique ، nom sans trait distinctif

بالميم هو عند أهل العربية لفظ لم يوضع لمعنى كجسق وديز وبطلق أيضا على الحرف الغير المنقوط كالحاء والسين ، ويقابله المعجم.

وعند المحدّثين هو الراوي الذي يتفق مع راو آخر اسما أو كنية أو لقبا ولم يتميّز بذكر ما يختصّ به ، وذلك الفعل أي عدم ذكر ما يختصّ به يسمّى إهمالا. قال في شرح النخبة وشرحه : إن روى الراوي عن اثنين متفقي الاسم فقط من غير أن يذكر معه شيئا يتميّز به عمّن يشترك معه أو اسم الأب أو مع اسم الجدّ أيضا من غير ذكر شيء يميّزه ، فإن كانا ثقتين لم يضر ، وإن ذكر الراوي معه شيئا يختصّ به فيتبيّن بذلك المهمل انتهى.

المهملة : [في الانكليزية] Indefinite proposition ـ [في الفرنسية] Proposition indefinie ou indeterminee

عند المنطقيين تطلق على قسم من القضية الحملية والشرطية وقد سبق.

المهموز : [في الانكليزية] Word of which one genuine letter is the hamza\'\' ـ [في الفرنسية] Mot dont une des lettes est le­ hamza

بالميم هو عند الصرفيين لفظ أحد حروف أصوله همزة ، فإن كانت الهمزة فاء الكلمة يسمّى مهموز الفاء ومهموز الأول نحو أخذ ، وإن كانت عين الكلمة يسمّى مهموز العين ومهموز الأوسط نحو سأل ، وإن كانت لام

__________________

(١) مهربان نزدشان صفت ربوبيت است.

(٢) مهرة گلگون نزدشان تجليات را گويند كه در غير مادة بود.

(٣) مهر بالكسر در اصطلاح سالكان محبتي كه باصل خود بود با وجود علم وآگاهى از يافت مقصد كذا في كشف اللغات.

٦١٨

الكلمة يسمّى مهموز اللام ومهموز الآخر ومهموز العجز نحو قرأ. فنحو أكرم ليس بمهموز إذ همزته زائدة كذا في شرح المراح.

والقرّاء يطلقون الهمز ويريدون به ترك الهمز كما ذكر في شرح الشاطبي (١).

الموات : [في الانكليزية] Inanimate ، wasteland ، uncultivated land without any owner ـ [في الفرنسية] Inanime ، terrain improductif ، terrain inculte sans proprietaire

بالفتح والضّم لغة ما لا روح فيه كما في المغرب. وقيل أرض غير عامرة. وفي القاموس أرض لا مالك لها. وفي الكرماني أرض بلا نفع أي لم يزرع لانقطاع مائها أو نحوه كغلبة الرمال أو الأحجار أو صيرورتها نزة أو سنجة أو غيرها. وزاد على هذا أهل الشرع وقالوا هو أرض بلا نفع لانقطاع مائها ونحوه لا يعرف مالكها بعيدة عن العامر لا يسمع صوت من أقصاه. فقولهم لا يعرف مالكها أي لا يعرف بعينه سواء كان فيها آثار العمارة كالمسناة أو لم تكن كما في المنية. فمن أحياه ملكه. لكن لو ظهر لها مالك يرد عليه ويضمن نقصانها. وعن محمد رحمه‌الله تعالى أنّه لا يحيى ما له آثار العمارة ولا يؤخذ منه التراب كالقصور الخربة.

وقولهم بعيدة عن العامر أي البلد والقرية فإنّ العامر بمعنى المعمور كما في الصحاح ، وهذا الشرط مروي عن أبي يوسف رحمه‌الله تعالى.

وعند محمد رحمه‌الله تعالى إذا انقطع ارتفاق أهلها فموات ولو كانت قريبة. وقولهم لا يسمع إلى آخره تفسير البعد أي لا يسمع البعيد صوتا من أقصى العامر وطرفه فيعتبر الصوت من طرف الدور لا الأراضي العامرة كما في التجنيس ، هكذا في جامع الرموز.

المواربة : [في الانكليزية] Circumlocution ، tergiversation ـ [في الفرنسية] Circonlocution ، ambages

بالراء المهملة عند أهل البديع هي أن يقول المتكلّم قولا يتضمّن ما ينكر عليه فإذا حصل الإنكار استحضر بحذقه وجها من الوجوه يتخلّص به إمّا بتحريف كلمة أو تصحيفها أو زيادة أو نقص. قال ابن أبي الإصبع : ومنه قوله تعالى حكاية عن أكبر أولاد يعقوب عليه‌السلام (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) (٢) فإنّه قرئ إنّ ابنك سرّق ولم يسرق فأتى بالكلام على الصحة بإبدال ضمه من فتحه وتشديد في الراء وكسرها ، كذا في الاتقان في نوع بدائع القرآن.

الموازاة : [في الانكليزية] In straight line ، parallelism ـ [في الفرنسية] En ligne droite ، parallelisme

بالزاء المعجمة عند الحكماء والمتكلّمين هي الاتحاد في الوضع وتسمّى بالمحاذاة أيضا كما سبق. وتوازي النقاط كونها على سمت واحد لا يكون بعضها أرفع وبعضها أخفض.

وبهذا المعنى قيل الخط المستقيم خط يقع النقط المفروضة فيه كلّها متوازية. وعلى هذا قيل الخط المستقيم خط تتحاذى النقط المفروضة عليه ، فإنّ التوازي والتحاذي هاهنا بمعنى واحد ، ومرجع هذا المعنى إلى الأول ، أي الاتحاد في الوضع كما لا يخفى. والتوازي قد يطلق في الخطوط المستقيمة ويعنى به كونها في سطح واحد بحيث لا تتلاقى وإن أخرجت في الطرفين

__________________

(١) شرح الشاطبي : هو شرح لملا علي القارئ (١٠١٤ ه‍) على حرز الاماني ووجه التهاني. وهي القصيدة المشهورة بالشاطبية (في القراءات) لأبي محمد (ويكنى أيضا أبو القاسم) القاسم بن فيرة بن خلف بن أبي القاسم بن أحمد الرعيني الأندلسي ثم الشاطبي (المقري الضرير) (٥٩٠ ه‍).

معجم المطبوعات العربية والمعربة ، ١٠٩٢.

(٢) يوسف ٨١.

٦١٩

إلى غير النهاية. واعترض عليه بأنّ أقليدس صرّح بأنّ الخطوط المتوازية لا يلزم أن يكون جميعها في سطح واحد ، فالتقييد بالسطح الواحد مخلّ بجامعية التعريف. ولا يخفى أنّه لو لم يقيّد بذلك لزم أن يكون كلّ خط واقع في أحد السطحين المتوازيين متوازيا لكلّ خط واقع في السطح الآخر إذ هما لا يتلاقيان ، ولو أخرجا إلى غير النهاية. وفي السطوح المستوية ويراد به كونها على وضع لا تتلاقى وإن أخرجت في الجهات إلى غير النهاية. اعلم أنّ الإخراج في الخطوط المستقيمة هو إخراجها على الاستقامة ، وفي السطوح المستوية هو إخراجها على الاستواء وذلك معلوم من إطلاقات أهل الهندسة ، فلا يرد ما قيل ينبغي أن يقيّد الإخراج بالاستقامة والاستواء. وقد يطلق التوازي في الخطوط الغير المستقيمة والسطوح الغير المستوية ، ومعناه أنّ البعد بينهما واحد من جميع الجهات لا يختلف أصلا ، والبعد هو الخط الواصل بين الشيئين الذي لا أقصر منه ، فالبعد بين الخطين المستديرين والسطحين المستديرين هو الواقع بينهما من الخط المار بمركزهما ، والبعد بين السطحين المتوازيين المستويين أو الخطين المستقيمين المتوازيين هو ما يكون عمودا عليهما. والمراد من قولنا واحد من جميع الجهات الوحدة النوعية لا الشخصية. ولو قيل من جميع الأجزاء لكان أظهر في المقصود. وقال القاضي في الچغميني : لو اكتفى في تفسير التوازي مطلقا على هذا المعنى لكفى لأنّ الأبعاد بين الخطوط المتوازية المستقيمة والسطوح المستوية المتوازية من جميع الجهات واحد ، إذ لو كان البعد في إحدى الجهتين أقصر من البعد في الجهة الأخرى لتلاقيا في تلك الجهة بعد الإخراج كما تقرر في الهندسة ، فلا يكونان متوازيين. هكذا يستفاد من شروح الملخص والتذكرة ومما ذكره عبد العلي البرجندي في تصانيفه.

الموازنة : [في الانكليزية] Equilibrium ـ [في الفرنسية] Equilibre

هي عند أهل البديع من المحسّنات اللفظية وهي تساوي الفاصلتين أي الكلمتين الأخيرتين من الفقرتين أو المصراعين في الوزن دون التقفية. ففي النّثر نحو نمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة ، فلفظا مصفوفة ومبثوثة متساويان وزنا لا تقفية لأنّ الأول على الفاء والثاني على الثاء إذ لا عبرة بتاء التأنيث على ما تقرّر. وفي النظم نحو :

هو الشمس قدرا والملوك كواكب

هو البحر جودا والكرام جداول

ثم الظاهر من قولهم دون التقفية إنّه يجب في الموازنة أن لا تتساوى الفاصلتان في التقفية البتّة ، وحينئذ يكون بينها وبين السجع تباين ، ويحتمل أن يراد أنّه يشترط فيها التساوي في الوزن ولا يشترط التساوي في التقفية وحينئذ يكون بينهما عموم من وجه لتصادقهما في مثل سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ، وصدق الموازنة بدون السجع في مثل نمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة ، وبالعكس في مثل ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا. وأمّا ما ذكره ابن الأثير من أنّ الموازنة هي تساوي فواصل النثر وصدر البيت وعجزه في الوزن لا في الحرف الأخير كما في السجع ، فكلّ سجع موازنة وليس كلّ موازنة سجعا ، فمبني على أنّه يشترط في السجع تساوي الفاصلتين وزنا ولا يشترط في الموازنة تساويهما في الحرف الأخير ، كشديد وقريب ونحو ذلك. ثم إنّه بعد تساوي الفاصلتين وزنا دون تقفية إن كان ما في إحدى القرينتين من الألفاظ أو أكثر ما في إحداهما مثل ما يقابله من القرينة الأخرى في الوزن سواء كان مثله في التقفية أو لم يكن ، خصّ هذا

٦٢٠