موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ٢

محمّد علي التهانوي

موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ٢

المؤلف:

محمّد علي التهانوي


المحقق: الدكتور علي دحروج
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٨٦
الجزء ١ الجزء ٢

النّية ، وربّما يحمل المقدّمة المطوية على ما ينتج مع المقدّمة المذكورة نقيض حكم المعلّل فيصير قلبا كما في مسئلة غسل المرفق ، فإنّ المعلّل يريد أنّ الغاية المذكورة في الآية غاية للغسل والغاية لا تدخل تحت المغيّا ، فلا يدخل المرفق في الغسل ، والسائل يريد أنّها غاية للإسقاط فلا يدخل في الإسقاط ، فتبقى داخلة في الغسل. فلو صرّح بالمقدمة المطوية فلا يرد القول بالموجب بل المنع أي منع تلك المقدّمة.

وعند أهل البديع هو من المحسّنات المعنوية ، قال ابن أبي الإصبع وحقيقته ردّ كلام الخصم من فحوى كلامه. وقال غيره وهو قسمان : أحدهما أن يقع صفة في كلام الغير كناية عن شيء أثبت له أي لذلك الشيء حكم فتثبتها لغيره أي فتثبت أنت في كلامك تلك الصفة لغير ذلك الشيء كقوله تعالى (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ) (١) الآية ، فالأعزّ وقع في كلام المنافقين كناية عن فريقهم والأذلّ عن فريق المؤمنين ، وأثبت المنافقون لفريقهم إخراج المؤمنين من المدينة فأثبت الله في الرّدّ عليهم صفة العزّة لغير فريقهم وهو الله ورسوله والمؤمنون ، فكأنّه قيل صحيح ذلك ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ ، لكنهم الأذلّ المخرج والله ورسوله الأعزّ المخرج ، كذا في الاتقان في نوع جدل القرآن. وثانيهما حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده مما يحتمله بذكر متعلّقه ، فقولهم بذكر متعلّقه متعلّق بالحمل ومما يحتمله حال أي حال كون خلاف مراده من المعاني التي يحتملها ذلك اللفظ كقول الشاعر :

قلت ثقّلت إذ أتيت مرارا

قال ثقّلت كاهلي بالأيادي

فلفظ ثقلت وقع في كلام الغير بمعنى حملتك المئونة وثقلتك بالإتيان مرّة بعد أخرى ، وقد حمله على تثقيل عاتقه بالأيادي والمنن والنّعم في الاتقان ، ولم أر من أورد لهذا القسم مثالا من القرآن ، وقد ظفرت بآية منه وهي قوله تعالى (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) (٢).

القويّ : [في الانكليزية] Root ـ [في الفرنسية] Racine

على منطق ومتوسّط عند المهندسين اسم لجذر ذي الاسمين الخامس سمّي به لأنّ سطحه الذي يقوى عليه هذا الخط هو سطح مركّب من سطح منطق وسطح متوسّط. والقوي على المتوسّطين عندهم اسم لجذر ذي الاسمين السادس سمّي به لأنّ سطحه الذي يقوي عليه هذا الخط ينقسم بسطحين متوسّطين ، كذا في حواشي تحرير أقليدس.

القياس : [في الانكليزية] Syllogism ـ [في الفرنسية] Syllogisme

بالكسر وتخفيف الياء هو في اللغة التقدير والمساواة. وفي عرف العلماء يطلق على معان.

منها قانون مستنبط من تتبّع لغة العرب أعني مفردات ألفاظهم الموضوعة وما في حكمها ، كقولنا كلّ واو متحرّك ما قبلها تقلب ألفا ويسمّى قياسا صرفيا كما في المطول في بحث الفصاحة ، ولا يخفى أنّه من قبيل الاستقراء.

فعلى هذا القانون المستنبط من تراكيب العرب إعرابا وبناء يسمّى قياسا نحويا ، وربّما يسمّى ذلك قياسا لغويا أيضا ، حيث ذكر في معدن الغرائب أنّ القياس اللغوي هو قياس أهل النحو العقلي هو قياس الحكمة والكلام والمنطق.

ومنها القياس اللغوي وهو ما ثبت من الواضع لا ما جعله الصرفيون قاعدة ، فأبى يأبى مخالف للقياس الصرفي موافق للقياس اللغوي كذا في الأطول وذلك لأنّ القياس الصرفي أن لا يجيء

__________________

(١) المنافقون / ٨

(٢) التوبة ٦١

٣٠١

من باب فتح يفتح إلاّ ما كان عينه أو لامه حرف الحلق ، والقياس اللغوي أن لا يجيء منه إلاّ ما كان عينه أو لامه حرف الحلق سوى ألفاظ مخصوصة كأبي يأبى فهو مخالف للقياس الصرفي دون اللغوي ، والمعتبر في الفصاحة الخلوّ عن مخالفة القياس اللغوي كما مرّ ، ومنها قول مؤلّف من قضايا متى سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر ، كقولنا العالم متغيّر ، وكلّ متغيّر حادث ، فإنّه مؤلّف من قضيتين ولزم عنهما أنّ العالم حادث وهو القياس العقلي والمنطقي ، ويسمّى بالدليل أيضا كما مرّ في محله. والقول الآخر يسمّى مطلوبا إن سبق منه إلى العالم ونتيجة إن سبق من القياس إليه ويسمّى بالرّدف أيضا كما في شرح إشراق الحكمة. ثم القول يطلق بالاشتراك اللفظي على اللفظ المركّب وعلى المفهوم العقلي المركّب ، وكذا القياس يطلق بالاشتراك اللفظي على المعقول وهو المركّب من القضايا المعقولة وعلى الملفوظ المسموع وهو المركّب من القضايا الملفوظة.

فإطلاق القياس على الملفوظ أيضا حقيقة إلاّ أنّه نقل إليه بواسطة دلالته على المعقول ، وهذا الحدّ يمكن أن يجعل حدا لكلّ واحد منهما ، فإن جعل حدا للقياس المعقول يراد بالقول والقضايا الأمور المعقولة ، وإن جعل حدّا للمسموع يراد بهما الأمور اللفظية ، وعلى التقديرين يراد بالقول الآخر القول المعقول لأنّ التلفّظ بالنتيجة غير لازم للقياس المعقول ولا للمسموع ، وإنّما احتيج إلى ذكر المؤلّف لأنّ القول في أصل اللغة مصدر استعمل بمعنى المقول واشتهر في المركّب وليس في مفهومه التركيب حتى يتعلّق الجار به لغوا ، فلو قيل قول من قضايا يكون تعلّق الجار به استقرارا أي كائن من قضايا فيتبادر منه أنّه بعض منها ، بخلاف ما إذا قيل قول مؤلّف فإنّه يفهم منه التركيب فيتعلّق به لغوا ، فلفظ المؤلّف ليس مستدركا. والمفهوم من شرح المطالع أنّ القول مشترك معنوي بينهما وأنّ التعريف للقدر المشترك حيث قال : فالقول جنس بعيد يقال بالاشتراك على الملفوظ وعلى المفهوم العقلي فكأنّه أراد بالمركّب المعنى اللغوي لا الاصطلاحي إذ ليس ذلك قدرا مشتركا بين المعقول والملفوظ ، وحينئذ يلزم استدراك قيد المؤلّف. والمراد من القضايا ما فوق الواحد سواء كانتا مذكورتين أو أحدهما مقدّرة نحو فلان يتنفّس فهو حي ، ولما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ، لأنّ القياس لا يتركّب إلاّ من قضيتين. وأما القياس المركّب فعدّوه من لواحق القياس على ما هو الحقّ. وقيل القياس المركّب داخل في القياس أيضا. ثم القضايا تشتمل الحمليات والشّرطية ، واحترز بها عن القضية الواحدة المستلزمة لعكسها وعكس نقيضها فإنّها قول مؤلّف لكن لا من قضايا بل من المفردات.

لا يقال لو عني بالقضايا ما هي بالقوّة دخل القضية الشرطية ، ولو عني ما هي بالفعل خرج القياس الشّعري ، لأنّا نقول المعنى ما هي بالقوة وتخرج الشرطية بقولنا متى سلمت فإنّ أجزاءها لا تحتمل التسليم لوجود المانع أعني أدوات الشرط والعناد ، أو المعنى بالقضية ما يتضمّن تصديقا أو تخييلا فتخرج الشرطية بها ، ولم نقل من مقدّمات وإلاّ لزم الدور. وقولنا متى سلمت إشارة إلى أنّ تلك القضايا لا يجيب أن تكون مسلّمة في نفسها ، بل لو كانت كاذبة منكرة لكن بحيث لو سلمت لزم عنها قول آخر فهي قياس ، فإنّ القياس من حيث إنّه قياس يجب أن يؤخذ بحيث يشتمل الصناعات الخمس ، والجدلي والخطابي والسوفطائي منها لا يجب أن تكون مقدماتها صادقة في نفس الأمر بل بحيث لو سلمت لزم عنها ما يلزم. وأمّا القياس الشعري فإنّه وإن لم يحاول الشاعر التصديق به بل التخييل لكن يظهر إرادة التصديق ويستعمل

٣٠٢

مقدّماته على أنّها مسلّمة ، فإذا قال فلان قمر لأنّه حسن فهو يقيس هكذا ، فلان حسن ، وكلّ حسن قمر ، فهو قول إذا سلم لزم عنه قول آخر ، لكن الشاعر لا يقصد هذا وإن كان يظهر أنّه بهذه حتى يخيل فيرغب أو ينفر.

واعلم أنّ الوقوع واللاوقوع الذي يشتمل عليه القضية ليس من الأمور العينية لا باعتبار كون الخارج ظرفا لوجوده وهو ظاهر ولا باعتبار نفسه لأنّ الطرفين قد لا يكونان من الأمور العينية ، فلزوم النتيجة في القياس إنّما هو بحسب نفس الأمر في الذهن لا بحسب الخارج. فإمّا أن يعتبر العلّية التي يشعر به لفظ عنها ، فاللزوم منها من حيث العلم فإنّ التصديق بالمقدمتين على القضية

المخصوصة يوجب التصديق بالنتيجة ولا يوجب تحقّقها تحقّق النتيجة ، وكذا القضية الواحدة بالقياس إلى عكسها لا لزوم هاهنا بحسب العلم فضلا عن أن يكون عنها. واللزوم بمعنى الاستعقاب إذ العلم بالنتيجة ليس في زمان العلم بالقياس ولا بدّ حينئذ من اعتبار قيد آخر أيضا ، وهو تفطّن كيفية الاندراج لتدخل الأشكال الثلاثة ، فإنّ العلم بها يحصل من غير حصول العلم بالنتيجة. وما قيل إنّ اللزوم أعمّ من البيّن وغيره لا ينفع لأنّ التعميم فرع تحقّق اللزوم وامتناع الانفكاك ، والانفكاك بين العلمين بشرط تسليم مقدّمات القياس والاعتقاد بها ، ألا يرى أنّ قياس كلّ واحد من الخصمين لا يوجب العلم بالنتيجة للآخر لعدم اعتقاده بمقدّمات قياسه ، والصواب حينئذ عنه لأنّ للهيئة مدخلا في اللزوم. وأمّا أن لا تعتبر العلّية المستفادة من لفظ عنها فاللزوم بينهما من حيث التحقّق في نفس الأمر ، يعني لو تحقّقت تلك القضايا في نفس الأمر تحقّق القول الآخر سواء علمها أحد أو لم يعلمها ، وسواء كانت المقدّمات صادقة أو كاذبة ، فإنّ اللزوم لا يتوقّف على تحقّق الطرفين. ألا يرى أنّ قولهم العالم قديم وكلّ قديم مستغن عن المؤثّر ، لو ثبت في نفس الأمر يستلزم قولهم العالم مستغن عن المؤثّر ، وحينئذ بمعناه أي امتناع الانفكاك وهو متحقّق في جميع الأشكال بلا ريبة ولا يحتاج إلى تقييد اللزوم بحسب العلم ولا إلى اعتبار الهيئة في اللزوم ، والقضية الواحدة المستلزمة لعكسها داخلة فيه خارجة بقيد مؤلّف من قضايا وقيد لو سلمت ليس لإفادة أنّه لا لزوم على تقدير عدم التسليم بل لإفادة التعميم ودفع توهّم اختصاص التعريف بالقضايا الصادقة. فمفهوم المخالفة المستفاد عن التقييد بالشرط غير مراد هاهنا لأنّ التقييد في معنى التعميم. وأمّا ما قال المحقّق التفتازاني في حاشية العضدي من أنّ الاستلزام في الصناعات الخمس إنّما هو على تقدير التسليم ، وأمّا بدونه فلا استلزام إلاّ في البرهان فوجهه غير ظاهر لأنّه إن اعتبر اللزوم من حيث العلم فلا لزوم في البرهان بدون التسليم أيضا ، فإن نظر المبطل في دليل المحق لا يفيده العلم بعد التسليم ، وإن اعتبر اللزوم بحسب الثبوت في نفس الأمر فهو متحقّق في الكلّ من غير التسليم كما عرفت. وقولنا لزم عنها يخرج الاستقراء والتمثيل أي من حيث إنّه استقراء أو تمثيل. أما إذا ردّ إلى هيئة القياس فاللزوم متحقّق ، والسّرّ في ذلك أنّ اللزوم منوط باندراج الأصغر تحت الأوسط والأوسط تحت الأكبر في القياس الاقتراني ، واستلزام المقدّم للتالي في الاستثنائي سواء كانت المقدّمات صادقة أو كاذبة ، فإذا تحقّق المقدّمات المشتملة عليها تحقّق اللزوم بخلاف الاستقراء والتمثيل فإنّه لا علاقة بين تتبع الجزئيات تتبعا ناقصا وبين الحكم الكلّي إلاّ ظنّ أن يكون الجزئي الغير المتتبع مثل المتتبع ولا علاقة بين الجزئيين إلاّ وجود الجامع المشترك فيهما ، وتأثيره في الحكم لو كانت العلّة منصوصة. ويجوز أن يكون

٣٠٣

خصوصية الأصل شرطا أو خصوصية الفرع مانعا. وما قيل إنّه يلزم على هذا أن لا يكون الاستقراء والتمثيل من الدليل لأنّهم فسّروا الدليل بما يلزم من العلم بشيء آخر فمدفوع بأنّ للدليل عندهم معنيين : أحدهما الموصل إلى التصديق وهما داخلان فيه وثانيهما أخصّ وهو المختص بالقياس بل بالقطعي منه على ما نصّ عليه في المواقف. وبما حررنا علم أنّ القياس الفاسد الصورة غير داخلة في التعريف ، ولذا أخرجوا الضروب العقيمة عن الأشكال بالشرائط. فالمغالطة ليست مطلقا من أقسام القياس بل ما هو فاسد المادة. وقولنا لذاتها أي لا يكون بواسطة مقدمة غريبة إمّا غير لازمة لإحدى المقدّمتين وهي الأجنبية أو لازمة لإحدهما وهي في قوة المذكورة ، والأول كما في قياس المساواة وهو المركّب من قضيتين متعلّق محمول أولهما يكون موضوع الأخرى كقولنا : أمساو لب وب مساو لج فإنّهما يستلزمان أنّ أمساو لج لكن لا لذاتهما بل بواسطة مقدمة أجنبية ، وهو أنّ كل مساوي المساوي للشيء مساو له ، ولذا لا يتحقّق الاستلزام إذا قلنا أمباين لب وب مباين لج فإنّه لا يلزم أن يكون أمباين لج ، وكذا إذا قلنا أنصف ب وب نصف ج لا يلزم أن تكون أنصف ج ، ولعدم الاطراد في الاستلزام أخرجوه عن القياس كما أخرجوا الضروب العقيمة عنه.

والثاني كما في القياس بعكس النقيض كقولنا جزء الجوهر يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر وما ليس بجوهر لا يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر فإنّه يلزم منها أنّ جزء الجوهر جوهر بواسطة عكس نقيض المقدّمة الثانية ، وهو قولنا كلّ ما يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر فجوهر. ثم الفرق بين الاستلزام بواسطة العكس وبينه بواسطة عكس النقيض وجعل الأول داخلا في التعريف والثاني خارجا عنه لحكم ، ولا يتوهّم أنّ الأشكال الثلاثة تخرج عن الحدّ لاحتياجها إلى مقدّمات غير بيّنة يثبت بها انتاجها ، لأنّ تلك المقدّمات واسطة في الإثبات لا في الثبوت والمنفي في التعريف هو الثاني. وقولنا قول آخر المراد به أنّه يغاير كلّ واحد من المقدمتين فإنّه لو لم يعتبر التغاير لزم أن يكون كلّ من المقدمتين قياسا كيف اتفقتا لاستلزام مجموعهما كلاّ منهما. وأيضا المقدمة موضوعة في القياس على أنّها مسلّمة ، فلو كانت النتيجة أحدهما لم يحتج إلى القياس ، وكلّ قول يكون كذلك لا يكون قياسا.

التقسيم

القياس قسمان لأنّه إن كانت النتيجة أو نقيضها مذكورا فيه بالفعل فهو الاستثنائي كقولنا إن كان هذا جسما فهو متحيّز لكنه جسم ينتج أنّه متحيّز ، فهو بعينه مذكور في القياس ، أو لكنه ليس بمتحيز ينتج أنّه ليس بجسم ، ونقيضه أي قولنا أنّه جسم مذكور في القياس ، وإن لم يكن كذلك فهو الاقتراني كقولنا الجسم مؤلّف وكلّ مؤلّف محدث فالجسم محدث فليس هو ولا نقيضه مذكورا فيه ، سمّي به لاقتران الحدود فيه. وإنّما قيّد التعريفان بالفعل لأنّ النتيجة في الاقتراني مذكورة بالقوة فإنّ أجزاءها التي هي علّة مادّية لها مذكورة فيه ومادّة الشيء ما به يحصل ذلك الشيء بالقوة ، فلو لم يقيّد بالفعل انتقض تعريف الاستثنائي طردا وتعريف الاقتراني عكسا. فإن قلت النتيجة ونقيضها ليسا مذكورين في الاستثنائي بالفعل لأنّ كلاّ منهما قضية والمذكور فيه بالفعل ليس بقضية ، نقول المراد أجزاء النتيجة أو نقيضها على الترتيب وهي مذكورة بالفعل. لا يقال قد بطل تعريف القياس لأنّه اعتبر فيه تغاير القول اللازم لكلّ من المقدّمات لأنّا نقول لا نسلّم أنّ النتيجة إذا كانت مذكورة في القياس بالفعل لم تكن مغايرة

٣٠٤

لكلّ من المقدّمات ، وإنّما يكون كذلك لو لم تكن النتيجة جزءا لمقدّمة وهو ممنوع فإنّ المقدّمة في الاستثنائي ليس قولنا الشمس طالعة بل إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود. ثم الاقتراني ينقسم بحسب القضايا إلى حملي وهو المركّب من الحمليات الساذجة وشرطي وهو المركّب من الشرطيات الساذجة أو منها ومن الحمليات وأقسام الشرطي خمس فإنّه إمّا أن يتركّب من متّصلتين أو منفصلتين أو حملية ومتّصلة أو حملية ومنفصلة أو متّصلة ومنفصلة ؛ والاستثنائي ضربان : الضرب الأول ما يكون بالشرط ويسمّى بالاستثنائي المتّصل ويسمّى المقدّمة المشتملة على الشرط شرطية والشرط مقدّما والجزاء تاليا والمقدمة الأخرى استثنائية ، نحو إن كان هذا إنسانا فهو حيوان لكنه إنسان فهو حيوان ، ومن أنواعه قياس الخلف.

والضرب الثاني ما يكون بغير شرط ويسمّى استثنائيا منفصلا نحو الجسم إمّا جماد أو حيوان لكنه جماد فليس بحيوان.

اعلم أنّ من لواحق القياس القياس المركّب وهو قياس ركّب من مقدّمات ينتج مقدّمتان منها نتيجة وهي مع المقدّمة الأخرى نتيجة أخرى وهلمّ جرا الشيء أن يحصل المطلوب. قال المحقق التفتازاني القياس المنتج لمطلوب واحد يكون مؤلّفا بحكم الاستقراء الصحيح من مقدّمتين لا أزيد ولا أنقص ، لكن ذلك القياس قد يفتقر مقدّمتاه أو أحدهما إلى الكسب بقياس آخر وكذلك إلى أن ينتهي الكسب إلى المبادي البديهية أو المسلّمة ، فيكون هناك قياسات مترتّبة محصّلة للقياس المنتج للمطلوب ، فسمّوا ذلك قياسا مركّبا وعدّوه من لواحق القياس انتهى. أي من لواحق القياس البسيط المذكور سابقا ، فإن صرّح بنتائج تلك الأقيسة سمّي موصول النتائج لوصل تلك النتائج بالمقدّمات ، كقولنا كلّ ج ب وكل ب أ فكل ج أ ثم كل أ د فكل ج د وكل د ه فكل ج ه ، وإن لم يصرّح بنتائج تلك الأقيسة سمّي مفصول النتائج ومطويها ، كقولنا كل ج ب وكل ب د وكل د أ وكل أ ه فكل ج ه. هذا كلّه خلاصة ما حقّقه المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية وما في شرح المطالع والعضدي وحواشيه. ومنها القياس الشرعي ويسمّيه المنطقيون والمتكلّمون تمثيلا كما في شرح الطوالع وغيره وإنّما سمّي شرعيا لأنّه من مصطلحات أهل الشرع وهو المستعمل في الأحكام الشرعية وفسّر بأنّه مساواة الفرع للأصل في علّة حكمه فأركانه أربعة : الأصل والفرع وحكم الأصل والوصف الجامع أي العلّة ، وذلك لأنّه أي القياس الشرعي من أدلة الأحكام فلا بدّ من حكم مطلوب وله محلّ ضرورة والمقصود إثبات ذلك الحكم في ذلك المحلّ لثبوته في محلّ آخر يقاس هذا به ، فكان هذا أي محلّ الحكم المطلوب إثباته فيه فرعا وذلك أي محلّ الحكم المعلوم ثبوته فيه أصلا لاحتياجه إليه وابتنائه عليه ولا يمكن ذلك في كلّ شيئين بل إذا كان بينهما أمر مشترك يوجب الاشتراك في الحكم ويسمّى علّة الحكم ؛ وأمّا حكم الفرع فثمرة القياس فيتأخّر عنه فلا يكون ركنا ، ولما أردنا بالأصل والفرع ما ذكرنا لم يلزم الدور لأنّه إنّما يلزم لو أريد بالفرع المقيس وبالأصل المقيس عليه. وبالجملة فالمراد بهما ذات الأصل والفرع والموقوف على القياس وصفا الأصلية والفرعية. ثم إنّه لا بدّ أن يعلم علّة الحكم في الأصل ويعلم ثبوت مثلها في الفرع إذ ثبوت عينها في الفرع مما لا يتصوّر لأنّ المعنى الشخصي لا يقوم بعينه بمحلّين وبذلك يحصل ظنّ مثل الحكم في الفرع وهو المطلوب. فالعلم بعلّة الحكم وثبوتها في الفرع وإن كان يقينيا لا يفيد في الفرع إلاّ الظّنّ لجواز أن تكون خصوصية الأصل شرطا للحكم أو

٣٠٥

خصوصية الفرع مانعا منه. مثاله أن يكون المطلوب ربوية الذّرة فيدلّ عليه مساواته البرّ فيما هو علّة لربوية البرّ من طعم أو قوت أو كيل فإنّ ذلك دليل على ربوية الذّرة ، فالأصل البرّ والفرع الذّرة وحكم الأصل حرمة الربا في البر وحكم الفرع المثبت بالقياس حرمة الربا في الذّرة. قيل المساواة أعمّ من أن يكون في نظر المجتهد أو في نفس الأمر فالتعريف شامل للقياس الصحيح والفاسد وهو الذي لا يكون المساواة فيه في نفس الأمر. وقيل المتبادر إلى الفهم هو المساواة في نفس الأمر فيختصّ التعريف بالقياس الصحيح عند المخطّئة. وأما المصوّبة وهم القائلون بأنّ كلّ مجتهد مصيب فالقياس الصحيح عندهم ما حصلت فيه المساواة في نظر المجتهد سواء ثبت في نفس الأمر أو لا حتى لو تبيّن غلطه ووجب الرجوع عنه فإنّه لا يقدح في صحته عندهم ، بل ذلك انقطاع لحكمه لدليل صحيح آخر حدث ، فكان قبل حدوثه القياس الأول صحيحا ، وإن زال صحته فحقّهم أن يقولوا هو مساواة الفرع للأصل في نظر المجتهد في علّة حكمه. وإذا أردنا حدّ القياس الشامل للصحيح والفاسد لم يشترط المساواة وقلنا بدلها إنّها تشبيه فرع بالأصل أي الدلالة على مشاركته أي الفرع له أي للأصل في أمر هو الشّبه والجامع فإن كان حاصلا فالتشبيه مطابق وإلاّ فغير مطابق ، وعلى كل تقدير فالمشبّه إمّا أن يعتقد حصوله فيصحّ في الواقع أو في نظره ، وإمّا أن لا يعتقد حصوله ففاسد.

هذا ثم اعلم أنّ المراد بالمساواة أعمّ من التضمّنيّة والمصرّح بها فلا يرد أنّ الحدّ لا يتناول قياس الدلالة وهو ما لا يذكر فيه العلّة بل وصف ملازم لها كما يقال في المكره يأثم بالقتل فيجب عليه القصاص كالمكره فإنّ الإثم بالقتل لا يكون علّة لوجوب القصاص. ووجه الدفع أنّ المساواة في التأثيم دلّت على قصد الشارع حفظ النفس بهما وهو العلّة ، أو يقال هذا تعريف قياس العلّة فإنّ لفظ القياس إذا أطلقناه فلا نعني به إلاّ قياس العلّة ولا نطلقه على قياس الدلالة إلاّ مقيّدا. قيل لا يتناول الحدّ قياس العكس فإنّه ثبت فيه نصّ حكم الأصل بنقيض علّته. مثاله قول الحنفية لمّا وجب الصيام في الاعتكاف بالنّذر وجب بغير النّذر كالصلاة فإنّها لمّا لم تجب بالنّذر لم تجب بغير النّذر ، فالأصل الصلاة والفرع الصوم ، والحكم في الأصل عدم الوجوب بغير نذر وفي الفرع نقيضه وهو الوجوب بغير نذر ، والعلّة في الأصل عدم الوجوب بالنّذر وفي الفرع نقيضه وهو الوجوب بالنّذر. وأجيب بأنّه ملازمة والقياس لبيان الملازمة والمساواة حاصلة على التقدير ، وحاصله لو لم يشترط لم يجب بالنّذر واللازم منتف ، ثم بيّن الملازمة بالقياس على الصلاة فإنّها لمّا لم تكن شرطا لم تجب بالنّذر.

ولا شكّ أنّ على تقدير عدم وجوبه بالنّذر المساواة حاصلة بينها وبين الصوم وإن لم يكن حاصلا في نفس الأمر.

واعلم أنّ القياس وإن كان من أدلّة الأحكام مثل الكتاب والسّنّة لكنّ جميع تعريفاته واستعمالاته منبئ عن كونه فعل المجتهد ، فتعريفه بنفس المساواة محلّ نظر. ولذا عرّفه الشيخ أبو منصور (١) بأنّه إبانة مثل حكم أحد المذكورين بمثل علّته في الآخر. واختيار لفظ الإبانة دون الإثبات لأنّ القياس مظهر للحكم وليس بمثبت له بل المثبت هو الله تعالى. وذكر

__________________

(١) هو عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله البغدادي التميمي الأسفراييني ، ابو منصور ، ولد ببغداد وتوفي بأسفرايين عام ٤٢٩ ه‍ / ١٠٣٧ م. عالم متفنن من ائمة الاصول ، عالم عصره إذ درّس في سبعة عشر فنا في العلوم ، له تصانيف كثيرة.

الاعلام ٤ ٤٨ ، وفيات الأعيان ١ / ٢٩٨ ، طبقات السبكي ٣ ٢٣٨ ، فوات الوفيات ١ / ٢٩٨ ، مفتاح السعادة ٢ ١٨٥.

٣٠٦

مثل الحكم ومثل العلّة احتراز عن لزوم القول بانتقال الأوصاف. وذكر لفظ المذكورين ليشتمل القياس بين الموجودين وبين المعدومين ، كقياس عديم العقل بسبب الجنون على عديم العقل بسبب الصّغر في سقوط الخطاب عنه بالعجز عن فهم الخطاب وأداء الواجب. وقيل القياس بذل الجهد في استخراج الحقّ وهو مردود ببذل الجهد في استخراج الحقّ من النّصّ والإجماع ، فإنّ مقتضاهما قد لا يكون ظاهرا فيحتاج إلى اجتهاد في صيغ العموم والمفهوم والإيماء ونحو ذلك. وقيل القياس الدليل الواصل إلى الحقّ وهو مردود أيضا بالنّصّ والإجماع. وقيل هو العلم عن نظر ورد بالعلم الحاصل عن النظر في نصّ أو إجماع ، وفيه أنّ العلم ثمرة القياس لا هو وقال أبو هاشم هو حمل الشيء على غيره بإجراء حكمه عليه وهو منقوض بحمل بلا جامع فيحتاج إلى قيد الجامع. وقال القاضي أبو بكر هو حمل معلوم على معلوم في إثبات الحكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من إثبات حكم أو صفة أو نفيهما. فقوله معلوم يشتمل الموجود والمعدوم ، ولو قال شيء على شيء لاختصّ بالموجود. وقوله في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما ليتناول القياس في الحكم الوجودي والحكم العدمي. وقوله بأمر جامع إلى آخره إشارة إلى أنّ الجامع قد يكون حكما شرعيا إثباتا أو نفيا ، ككون القتل عدوانا أو ليس بعدوان ، وقد يكون وصفا عقليا إثباتا أو نفيا ككونه عمدا أو ليس بعمد. ردّ عليه بأنّ الحمل ثمرة القياس لا نفسه ، وإنّ قيد جامع كاف في التمييز ولا حاجة إلى تفصيل الجامع.

وإن شئت الزيادة فارجع إلى العضدي وحواشيه.

اعلم أنّ أكثر هذه التعاريف يشتمل دلالة النّصّ فإنّ بعض الحنفية وبعض الشافعية ظنّ أنّ دلالة النّصّ قياس جلي ، لكن الجمهور منهم على الفرق بينهما. ولهذا عرّف صاحب التوضيح القياس بأنّه تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع بعلّة متّحدة لا تدرك بمجرّد اللّغة ، والتعدية إثبات حكم مثل حكم الأصل في الفرع. وقوله لا تدرك بمجرّد اللغة احتراز عن دلالة النّصّ.

التقسيم

القياس تلحقه القسمة باعتبارين. الأول باعتبار العلّة إلى قياس علّة وقياس دلالة وقياس في معنى الأصل : فالأول هو القياس الذي ذكر فيه العلّة. والثاني أي قياس الدلالة ويسمّى بقياس التلازم أيضا هو الذي لا يذكر فيه العلّة بل وصف ملازم لها كما لو علّل في قياس النبيذ على الخمر برائحته المشتدّة. وحاصله إثبات حكم في الفرع وهو حكم آخر يوجبهما علّة واحدة في الأصل فيقال ثبت هذا الحكم في الفرع لثبوت الآخر فيه وهو ملازم له ، فيكون القائس قد جمع بأحد موجبي العلّة في الأصل لوجوده في الفرع بين الأصل والفرع في الموجب الآخر لملازمته الآخر ، ويرجع إلى الاستدلال بأحد الموجبين على العلّة وبالعلّة على الموجب الآخر. لكن يكتفي بذكر موجب العلّة عن التصريح بها. ففي المثال المذكور الحكم في الفرع هو التحريم وهو حكم آخر وهو الرائحة يوجبهما علّة واحدة هي الإسكار في الخمر ، فيقال ثبت التحريم في النبيذ لثبوت الرائحة فيه ، وهو أي الحكم الآخر الذي هو الرائحة ملازم للأول الذي هو التحريم فيكون القائس قد جمع بالرائحة التي يوجبها الإسكار في الخمر لوجودها في النبيذ بين الخمر والنبيذ في التحريم الذي هو حكم آخر يوجبه الإسكار على الإسكار ، وبالإسكار على التحريم الذي هو أيضا ممّا يوجبه الإسكار ، لكن قد اكتفى بذكر الرائحة عن التصريح بالإسكار. والثالث أي القياس في معنى الأصل ويسمّى بتنقيح المناط

٣٠٧

أيضا هو أن يجمع بين الأصل والفرع بنفي الفارق أي بمجرّد عدم الفارق من غير تعرّض لوصف هو علّة ، وإذا تعرّض للعلّة وكان عدم الفارق قطعيا كان قياسا جليا كما إذا كان ظنيا كان خفيا ، ومثاله ورد في لفظ التنبيه. والثاني باعتبار القوة إلى جلي وخفي. فالقياس الجليّ ما علم فيه نفي الفارق بين الأصل والفرع قطعا كقياس الأمة على العبد في أحكام العتق كالتقويم على معتق الشّقص ، وإنّا نعلم قطعا أنّ الذكورة والأنوثة مما لا يعتبره الشارع وأن لا فارق إلاّ ذلك ، والخفي بخلافه ، وهو ما يكون نفي الفارق فيه مظنونا كقياس النبيذ على الخمر في الحرمة إذ لا يمتنع أن يكون خصوصية الخمر معتبرة ، ولذلك اختلف فيه. هكذا في العضدي. وفي التوضيح القياس الجليّ هو الذي يسبق إليه الإفهام والخفي بخلافه ويسمّى بالاستحسان أيضا. والجليّ له قسمان : الأول ما ضعف أثره ، والثاني ما ظهر فساده وخفي صحته. والخفي أيضا له قسمان : الأول ما قوي أثره والثاني ما ظهر صحته وخفي فساده ، وله تفصيل طويل الذيل لا يليق إيراده هاهنا.

القياس المركّب : [في الانكليزية] Compound syllogism ـ [في الفرنسية] Syllogisme compose

هو عند المنطقيين من لواحق القياس كما عرفت. وعند الأصوليين هو أن يكون الحكم في الأصل غير منصوص عليه ولا مجمع عليه بين الأمّة. وهو إمّا مركّب الأصل وهو أن يعتبر المستدلّ علّة في الأصل فيعيّن المعترض علّة أخرى ويزعم أنّها العلّة في حكم الأصل. وإنّما سمّي مركّبا لاختلاف الخصمين في تركيب الحكم على العلّة في الأصل ، فإنّ المستدلّ يزعم أنّ العلّة مستنبطة من حكم الأصل وهي فرع له ، والمعترض يزعم أنّ الحكم في الأصل فرع على العلّة ، ولا طريق إلى إثباته سواها ، ولذلك يمنع ثبوت الحكم عند انتفائها. وإنّما سمّي مركّب الأصل لأنّه نظر في علّة حكم الأصل. وأمّا مركّب الوصف وهو ما وقع الاختلاف فيه في وصف المستدلّ هل له وجود في الأصل أم لا ، وسمّي بذلك لأنّه خلاف في نفس الوصف الجامع. وزعم بعضهم أنّه إنّما سمّي قياسا مركّبا لاختلاف الخصمين في علّة الحكم وليس بحقّ ، وإلاّ لكان كلّ قياس اختلف في علّية أصله وإن كان منصوصا أو مجمعا عليه قياسا مركّبا ، كذا ذكر الآمدي. وبالجملة فالخصم في مركّب الأصل يمنع العلّية وفي مركّب الوصف يمنع وجود العلّة في الأصل.

وقال صاحب العضدي الظاهر أنّه إنّما سمّي مركّبا لإثبات المستدلّ والخصم كلّ منهما الحكم بقياس آخر ، فقد اجتمع قياسهما ثم في الأول اتفقا على الحكم باصطلاح دون الوصف الذي يعلّل به المستدلّ فسمّي مركّب الأصل.

والثاني اتفقا فيه على الوصف الذي يعلّل به المستدلّ فسمّي مركّب الوصف تمييزا له عن صاحبه. مثال مركّب الأصل أن يقول الشافعي في مسئلة العبد هل يقتل به الحرّ كالمكاتب فإنّه محلّ الاتفاق ، فيقول الحنفي العلّة عندي في عدم قتله بالمكاتب ليس كونه عبدا بل جهالة المستحقّ القصاص في السّيد والورثة ، لاحتمال أن يبقى عند العجز عن أداء النجوم فيستحقّه السّيد ، وأن يصير حرا بأدائها فيستحقّه الورثة ، وجهالة المستحقّ لم يثبت في العبد ، فإن صحّت هذه العلّة بطل إلحاق العبد به في الحكم للفرق ، وإن بطلت فنمنع حكم الأصل ونقول يقتل الحرّ بالمكاتب لعد المانع. ومثال مركّب الوصف أن يقال في مسئلة تعليق الطلاق قبل النكاح تعليق لاطلاق ، كما يقال زينب التي أتزوجها طالق فيقول الحنفي العلّة وهي كونه به تعليقا مفقودة في الأصل. فإنّ قوله زينب التي أتزوجها طالق تنجيز لا تعليق فإن صحّ هذا بطل إلحاق التعليق به لعدم الحال ولأمنع حكم

٣٠٨

الأصل وهو عدم الوقوع في قوله زينب التي الخ ، لأني إنّما منعت الوقوع لأنّه تنجيز ، فلو كان تعليقا لقلت به. وإن شئت الزيادة على هذا فارجع إلى العضدي.

القياس المقسم : [في الانكليزية] Induction ـ [في الفرنسية] Induction

هو الاستقراء التّام.

القيام : [في الانكليزية] Rising ، execution ، wage ـ earner of a family ـ [في الفرنسية] Lever ، execution ، soutien de famille

بالكسر لغة الانتصاب وشرعا استواء اتّسق الأسفل والأعلى كذا في جامع الرموز في فصل صفة الصلاة. أمّا القيام بالذات وبالغير فنقول قيام الممكن بذاته عند جمهور المتكلّمين النافين للجواهر المجرّدة هو التحيّز بالذات ، أي كون الشيء مشارا إليه بالإشارة الحسّية بالذات بأنّه هنا أو هناك. وقيام الواجب بذاته عندهم هو الاستغناء عن محلّ يقومه ويحصله ، والقيام بالذات عند الحكماء مطلقا هو الاستغناء عن المحلّ. وبالجملة فالقيام بالذات له معنيان عند المتكلّمين ومعنى واحد عند الحكماء. والقيام بالغير يقابله على كلا المعنيين. فالقيام بالغير على المعنى الأول هو التبعية في التحيّز وهو أن يكون الشيء بحيث يكون تحيّزه تابعا لتحيّز شيء آخر ، على المعنى الثاني هو الاختصاص الناعت أي اختصاص شيء بشيء بحيث يصير الأول نعتا ويسمّى حالا والثاني منعوتا ويسمّى محلاّ ، سواء كان متحيّزا كما في سواد الجسم أو لا كما في صفات المجرّدات. ولهذا توضيح ما في لفظ الوصف. فالمعنى الأول للقيام بالذات أخصّ مطلقا من المعنى الثاني لأنّ كلّ ما يتحيّز بالذات فهو مستغن عن محلّ يقومه ولا عكس كلّيا لجواز أن يكون كالعقول والنفوس. والحال في القيام بالغير أيضا كذلك لأنّ كلما يكون تحيّزه تابعا لتحيّز شيء آخر يكون نعتا ولا عكس كلّيا كما في صفات المجردات. اعلم أنّ القيام بالغير لا يتصوّر في الواجب لذاته لا عند المتكلّمين ولا عند الحكماء وهو ظاهر ، ولا في صفاته تعالى عند الحكماء وغيرهم القائلين بأنّها عين الذات. وأمّا عند المتكلّمين القائلين بأنّها ليست عين الذات فمتصوّر. وأمّا في الممكن لذاته فمتصوّر أيضا عند جميعهم وهو ظاهر.

وأمّا القيام بالذات فعند الحكماء يتصوّر في الواجب والممكن جميعا أي يطلق بالاشتراك المعنوي عليهما وكذا عند المتكلّمين ، إلاّ أنّ الاشتراك عندهم لفظي ، هكذا يستفاد من شرح العقائد للمحقّق التفتازاني وحواشيه كأحمد جند وغيره.

القيد : [في الانكليزية] Restraint ، part ـ [في الفرنسية] Entrave ، part

بالفتح وسكون الياء المثناة التحتانية في عرف العلماء هو الأمر المخصص للأمر العام.

قال مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف المقيّد على وجهين : الأول الطبيعة المأخوذة مع القيد بأن يكون كلّ من القيد والتقييد داخلا ويقال له الفرد. والثاني الطبيعة المضافة إلى القيد بأن يكون التقييد من حيث هو تقييد داخلا والقيد خارجا ويقال له الحصّة. وكذا المطلق على وجهين : الأول الطبيعة من حيث الإطلاق ويقال له الطبيعة المطلقة. والثاني الطبيعة من حيث هي ويقال مطلق الطبيعة. ثم المقيّد على كلا الوجهين وكذا المطلق على كلا الوجهين من الأمور الاعتبارية الانتزاعية إذ ليس في الخارج إلاّ ما هو شخص متكيّف بعوارض خارجية ، ثم العقل بضرب من التحليل ينتزع عنه المطلق والمقيّد على وجهين انتهى. والقيد عند الشعراء هو الحرف الساكن غير الرّدف وقبل الروي بدون واسطة مثل الراء في كلمة (درد) ـ ألم و (برد) ـ أخذ. وحروف القيد في الألفاظ الفارسية ليست أكثر من عشرة وهي : الباء الموحدة والخاء والزاي والشين والغين المعجمة والراء والسين

٣٠٩

والفاء والنون والواو. وأمّا في العربية فهي كثيرة. ورعاية تكرار القيد في الشعر الفارسي أمر لازم ولا يجوز اختلافه إلاّ لضرورة ضيق في القافية. وفي هذا الوقت من المناسب مراعاة قرب المخرج.

ويعتبر صاحب معيار الأشعار أن القيد داخل في الرّدف وقال : إنّ الرّدف لدى الشعراء العجم عبارة عن حرف ساكن قبل الروي بدون واسطة ، سواء كان محدودا أو غير محدود. كذا في منتخب تكميل الصناعة (١).

القيمة : [في الانكليزية] Value ـ [في الفرنسية] Valeur

بالكسر هي شرعا ما يدخل تحت تقويم مقوّم وقد سبق في لفظ الثمن.

القيمي : [في الانكليزية] Ad valorem ، lease value ـ [في الفرنسية] Valeur de bail

شرعا هو غير المثلي وقد سبق في لفظ الإجارة.

القينة : [في الانكليزية] Poeion ـ [في الفرنسية] Poeion

بالنون عند الحكماء هي الملك كما سيجيء.

__________________

(١) وقيد نزد شعراء حرفيست ساكن غير ردف كه پيش از روي باشد بى واسطه چون راء درد وبرد وحرف قيدر در الفاظ فارسي از ده بيشتر يافته نشده وآن باى موحده وخا وزا وشين وغين معجمات ورا وسين وفا ونون وواو ودر لفظ عربى بسيار است ورعايت تكرار قيد در قوافي فارسي واجبست واختلافش جائز نه مگر بضرورت تنگى قافيه واين هنگام مناسب آنست كه قرب مخرج رعايت كنند وصاحب معيار الاشعار قيد را داخل ردف داشته وگفته كه ردف بعرف شعراى عجم عبارتست از حرف ساكن كه پيش از روي باشد بى واسطه خواه مده باشد يا غير مده كذا في منتخب تكميل الصناعة.

٣١٠

حرف الكاف (ك)

الكأس : [في الانكليزية] Cup ، emanation ـ [في الفرنسية] Coupe ، emanation

بالفتح وسكون الهمزة هي القدح مع الشراب ، وظرف الشراب. وفي اصطلاح الصوفية : هو وجه المحبوب المراد. ويأتي حينا بمعنى الفيض. كذا في لطائف اللغات (١).

الكابوس : [في الانكليزية] Nightmare ـ [في الفرنسية] Cauchemar

بالموحدة عند الأطباء مرض يحسّ الإنسان عند دخوله في النوم خيالا ثقيلا يقع عليه ويعصره ويضيق نفسه فيقطع صوته وحركته ، يسمّى به لأنّ البخارات الغليظة تكبس جرم الدماغ ، ويسمّى هذا المرض بالخائف والجاثوم والنيدلان.

كافربچة : [في الانكليزية] Devotion ، Piety ـ [في الفرنسية] Devotion ، pietc (ابن كافر). عندهم بمعنى وحدة اللون في عالم الوحدة ، حيث الإعراض الكامل عن ما سوى الله. وفي سواد العدم قد أخذ مكانه.

وأيضا بمعنى المؤمن الكامل. وأيضا الكفر يأتي بمعنى الإيمان الحقيقي (٢)!

الكامل : [في الانكليزية] Perfect ـ [في الفرنسية] Parfait

هو من له الكمال في شرح حكمة العين آخر المقالة الثالثة : التام هو الذي يحصل له جميع ما ينبغي أن يكون حاصلا له وهو الكامل أيضا ، وربما شرطوا أن يكون وجوده الكامل وكمالات وجوده من نفسه لا من غيره ، فإن اعتبر في التام هذا القيد فلا تام في الوجود إلاّ واجب الوجود تعالى ، وإن لم يعتبر كانت العقول المفارقة تامّة ، فإن تمّ غيره منه بأن يكون مبدأ الكمالات غيره فهو فوق التّام والذي أعطي له ما به يتمكّن من تحصيل كمالاته يسمّى بالمكتفي كالنفوس السماوية فإنّها دائما في اكتساب الكمالات بتحريك الأجرام السماوية التي يتمكّن لها من تحصيل كمالاتها واحدا بعد واحد ، والذي لا يكون حاصلا له ما به يتمكّن من تحصيل كمالاته بل يحتاج في تحصيل كمالاته إلى آخر كالنفوس الناطقة يسمّى بالناقص. ووجه الحصر أن يقال الموجود إمّا أن يكون حاصلا له جميع ما ينبغي أو لا يكون ، والأول إمّا أن تكون كمالات غيره حاصلة منه وهو فوق التام أولا ، وهو التّام والكامل ، والثاني إمّا أن يكون ما به يتمكّن من تحصيل كمالاته حاصلا له وهو المكتفي أولا وهو الناقص ، انتهى كلامه ، فالكامل بالمعنى الأخص وفوق التام متساويان.

والكامل عند أهل العروض اسم بحر من البحور المختصّة بالعرب وهو متفاعلن ست مرات كذا في عنوان الشرف.

__________________

(١) بالفتح وسكون الهمزة قدح با شراب وآوند شراب ودر اصطلاح صوفيه روى محبوب مراد دارند وگاه بمعنى فيض آيد كذا في لطائف اللغات.

(٢) نزدشان بمعنى يكرنگى در عالم وحدت كه رو از تمامى ما سوى الله بر تافته باشد ودر سواد نيستى جاى گرفته باشد ونيز بمعنى مؤمن كامل وهم كفر بمعنى ايمان حقيقى مى آيد.

٣١١

الكاملية : [في الانكليزية] Al ـ Kameliyya (sect) ـ AL ـ [في الفرنسية] Kamaliyya (secte)

فرقة من غلاة الشيعة المنسوبة إلى أبي كامل ، قالوا نكفّر الصحابة بترك بيعة علي رضي‌الله‌عنه ونكفّر عليّا على ترك طلب الحقّ ، وقالوا بالتناسخ في الأرواح بعد الموت وأنّ الامامة نور يتناسخ من شخص إلى آخر ، وقد تصير نبوّة بعد ما كانت في شخص آخر إمامة كذا في شرح المواقف (١).

كانون الأول : [في الانكليزية] December ـ [في الفرنسية] Decembre

اسم شهر في التقويم الرومي. وهكذا كانون الآخر اسم لشهر آخر (٢).

الكبائس : [في الانكليزية] Biextile ـ [في الفرنسية] Biextiles

من السّنة والشهر واليوم قد سبق ذكرها وهي أي الكبائس جمع كبيسة.

كباب : [في الانكليزية] Grill ـ [في الفرنسية] Grillade

معناها (شواء). وعند الصوفية تربية القلب في التجلّيات الصورية (٣).

الكبر : [في الانكليزية] Pride ، arrogance ـ [في الفرنسية] Orgueil ، arrogance

بالكسر وسكون الموحدة هو : اعتبار الإنسان نفسه خيرا من الآخر ، كما أنّ الضعة هو أن يرى نفسه أقل من الآخر في مكان تعرّض فيه للتحقير ، وإضاعة الحقّ بذلك. والتواضع هو وسط بين هذين الحدّين (٤). فالتواضع محمود والضعة مذمومة والكبر مذموم والعزة محمودة.

وفي العوارف (٥) ولا يحلّ للمؤمن أن يذلّ نفسه في الطمع على الخلق ، فالعزّة معرفة الإنسان بحقيقة نفسه ، وإكرامها أن لا يصنعها لأقسام عاجلة دنياوية كما أنّ الكبر جهل الإنسان بنفسه وإنزالها فوق منزلتها. اذن : إذا تكبر بحق فهو العزة ، والعزة محمودة (٦). ولذا قيل المتكبّر إن تكبر بحقّ فهو محمود وهو تكبّر الفقراء على الأغنياء استغناء بالله عمّا في أيديهم وإن تكبر بغير حقّ فهو مذموم وهو تكبّر الأغنياء على الفقراء. ولهذا قال بعضهم : الكبر هو ان يعد الانسان نفسه اكبر وأعلى من الآخر بدون حق ولا استحقاق. وفي هذا القول مخلص كامل.

هكذا في مجمع السلوك (٧).

الكبرى : [في الانكليزية] Major term ـ [في الفرنسية] Terme majeur

بالضم مؤنّث الأكبر وهو عند المنطقيين القضية التي فيها الأكبر ، وعند أهل العربية يطلق على قسم من الجملة وعلى قسم من الفاصلة وقد سبق.

__________________

(١) الكاملية : فرقة من الامامية الشيعة ، لكنهم صاروا في صف الغلاة لتكفيرهم الصحابة كلهم بما فيهم علي بن ابي طالب. وهم اتباع أبي كامل. والشاعر بشار بن برد كان واحدا منهم. وكانت لهم أضاليل كثيرة. التبصير في الدين ٣٥.

(٢) نام ماهيست در تاريخ روم وهمچنين كانون الآخر نام ماهى ديگر است.

(٣) نزد صوفيه پرورش دل را گويند در تجليات صوري.

(٤) بالكسر وسكون الموحدة بهتر دانستن خود است از ديگرى چنانكه صنعت كمتر گردانيدن خود است از ديگرى در محلي كه تحقير كرده شود در ان محل واضاعت حق شود وتواضع ميان اين هر دو است.

(٥) العوارف : عوارف المعارف في التصوف للشيخ شهاب الدين ابي حفص عمر بن محمد بن عبد الله السهروردي (٦٣٢ ه‍).

كشف الظنون ٢ / ١١٧٧

(٦) پس اگر تكبر بحق مى كند عزت است وعزت محمود است.

(٧) ولهذا بعضى گفته اند كه كبر آن است كه خود را از ديگرى بنا حق وبى سزاواري بزرگ وبلند داند ودرين قول مخلص تمام است هكذا في مجمع السلوك.

٣١٢

الكبل : [في الانكليزية] Suppreion (in prosody) ـ [في الفرنسية] Suppreion (en prosodie)

بالباء الموحدة عند أهل العروض الجمع بين الخبن والقطع كذا في رسالة قطب الدين السرخسي.

الكبير : [في الانكليزية] Great ، contraction ـ [في الفرنسية] Grand ، contraction

لغة بمعنى بزرگ وعند أهل العربية يطلق على قسم من الاشتقاق وعلى قسم من الإدغام وقد سبق. وعند أهل الجفر على قسم من الباب وعلى قسم من المخرج وقد مرّ أيضا.

الكتاب : [في الانكليزية] Book ، the koran ـ [في الفرنسية] Livre ، le Coran

بالكسر وتخفيف المثناة الفوقانية لغة اسم للمكتوب ، والفرق بينه وبين الرسالة بالكمال فيه وعدمه في الرسالة كما سبق ، ثم غلب في عرف الشرع على القرآن كما غلب في عرف أهل العربية ، وهو كما يطلق في الشرع على مجموع القرآن كذلك يطلق على كلّ جزء منه ، كما أنّ لفظ القرآن أيضا كذلك. وبالنظر إلى الإطلاق الثاني قالوا أدلة الشرع أربعة : الكتاب والسّنّة والإجماع والقياس هكذا يستفاد من التلويح والعضدي. وفي اصطلاح المصنّفين يطلق على طائفة من ألفاظ دالّة على مسائل مخصوصة من جنس واحد تحته في الغالب ، أمّا الأبواب الدالّة على الأنواع منها وأمّا الفصول الدالة على الأصناف وأمّا غيرها ، وقد يستعمل كلّ من الأبواب والفصول مكان الآخر ، هكذا في جامع الرموز وشرح المنهاج. وفي اصطلاح الصوفية يطلق على الوجود المطلق الذي لا عدم فيه كما سبق في أمّ الكتاب.

الكتاب الحكمي : [في الانكليزية] Register ـ [في الفرنسية] Rigistre

عند الفقهاء ويسمّى بكتاب القاضي إلى القاضي أيضا هو ما يكتب فيه شهادة الشهود على غائب بلا حكم ليحكم المكتوب إليه ، كذا في جامع الرموز في كتاب القضاء.

كتاب مبين : [في الانكليزية] The koran ، universal soul ـ [في الفرنسية] Le Coran ، ame universelle

في اصطلاح الصوفية عبارة عن مقدار من اللوح المحفوظ الذي به النفس الكلّية أو العقل الكلّي ، بل هو عبارة عن العلم الإلهي [لا رطب ولا يابس إلاّ في كتاب مبين]. فهذه الآية مفسّرة لهذا ، أي العلم. فالرّطب عبارة عن الوجود واليابس كناية عن العدم والإحاطة بهاتين المرتبتين غير متصورة إلاّ في هذه الحضرة. كذا في لطائف اللغات (١)

الكتابة : [في الانكليزية] Handwriting ، script ـ [في الفرنسية] Ecriture ، calligraphie

هي عند الفقهاء عقد بين المولى ومملوكه على أن يؤدّي ذلك المملوك مالا معلوما بمقابلة عتق يحصل له عند أدائه ، فخرج العتق على ماله لأنّه ليس بعتق بل هو في معنى اليمين ، سمّي هذا العقد بها لأنّ الغالب أنّ العبد يكتب لمولاه وثيقة في ذلك والمولى يكتب لعبده وثيقة ، فالكتابة إعتاق المملوك يدا حالا ورقبة مآلا ، ويسمّى ذلك المملوك مكاتبا كذا في البرجندي.

الكتابي : [في الانكليزية] Jew ، christian ـ [في الفرنسية] juif ou chretien

بياء النسبة شرعا هو الكافر الذي تديّن ببعض الأديان المنسوخة والكتب المنسوخة

__________________

(١) در اصطلاح صوفيه عبارتست از لوح محفوظ قدرى كه آن نفس كل يا عقل كل است بلكه عبارتست از علم إلهي ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين مفسر از همين حضرت علم است كه رطب عبارتست از وجود ويابس كنايه از عدم واحاطه اين دو مرتبه متصور نيست مگر در همين حضرت كذا في لطائف اللغات.

٣١٣

ويجيء في لفظ الكفر.

الكثافة : [في الانكليزية] Thickne ، density ـ [في الفرنسية] Epaieur ، densite ، opacite

بالفتح وتخفيف الثاء المثلثة تطلق على أربعة معان ، على غلظ القوام أعني صعوبة قبول الأشكال الغريبة وتركها أي كيفية تقتضي الصعوبة وعلى هذا التفسير فهي نفس اليبوسة ، وعلى عدم قبول الانقسام إلى أجزاء صغار جدا ، وعلى بطوء التأثّر من الملاقي وعلى عدم الشفافية ، وهي على هذه التفاسير لا تكون من الملموسات كذا في شرح حكمة العين. ويعلم من هذا معنى الكثيف أيضا ويجيء أيضا في لفظ اللّطافة.

الكثرة : [في الانكليزية] Multiplicity ـ [في الفرنسية] multiplicite

بالفتح وسكون المثلثة ضدّ الوحدة.

الكذب : [في الانكليزية] Lying ـ [في الفرنسية] mensonge

بالكسر وسكون الذال المعجمة خلاف الصدق وقد سبق مستوفى في لفظ الصدق.

والكذب قبيح لعينه والصدق حسن لعينه وهو مذهب كثير من المتكلمين. وقال كثير من الحكماء والمتصوّفة إنّ الكذب يقبح لما يتعلّق به من المضار الخاصة ، والصدق يحسن لما يتعلّق به من المنافع الخاصة لأنّ شيئا من الأقوال والأفعال لا يقبح ولا يحسن لذاته كذا ذكر الخفاجي في تفسير قوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) (١).

الكرامة : [في الانكليزية] Miracle ، charisma ـ [في الفرنسية] miracle ، prodige

بالفتح وتخفيف الراء عند أهل الشرع ما يظهر على يد الأولياء من خرق العادة كذا في مجمع السلوك ، وقد سبق الفرق بينها وبين الاستدراج في لفظ الخارق.

الكراهة : [في الانكليزية] What is not to recommend ce qui n ، est pas recommandable

بالفتح وتخفيف الراء شرعا كون الفعل بحيث يكون تركه أولى مع عدم المنع من الفعل ، وذلك الفعل يسمّى مكروها وهو نوعان : مكروه كراهة تحريم ومكروه كراهة تنزيه. فالأوّل عند الشيخين (٢) ما كان إلى الحرمة أقرب والثاني ما كان إلى الحلّ أقرب ، ومعنى القرب إلى الحرمة أنّه يتعلّق بفاعل ذلك الفعل محذور دون استحقاق العقوبة بالنار ، كحرمان الشفاعة. فترك الواجب حرام يستحقّ تاركه العقوبة بالنار وترك السّنة المؤكّدة قريب من الحرام يستحقّ تاركها حرمان الشفاعة.

ومعنى القرب إلى الحلّ أنّه لا يعاقب فاعله أصلا لكن يثاب تاركه أدنى ثواب ، والأول عند محمد هو الحرام الذي ثبت حرمته بدليل ظنّي والثاني عنده ما كان تركه أولى مع عدم المنع من الفعل. فالمكروه كراهة التحريم نسبته إلى الحرام كنسبة الواجب إلى الفرض ، فإنّ ما ثبت حرمته بدليل قطعي يسمّى حراما عنده ، وما ثبت حرمته بدليل ظنّي يسمّى عنده مكروها كراهة التحريم. وبالجملة فما كره تحريما وتنزيها عند الشيخين تنزيه عنده ، وما كره تحريما عنده حرام عند الشيخين ، هكذا يستفاد من التلويح وجامع الرموز. ثم إنّه قال صاحب جامع الرموز في

__________________

(١) البقرة ١٠.

(٢) هما أبو يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني ، تلميذا أبي حنيفة النعمان ، وقد تقدمت ترجمتهما.

٣١٤

بيان مفسدات الصلاة : إنّ كلامهم يدلّ على أنّ الفعل إذا كان واجبا أو ما في حكمه من سنة الهدى ونحوها فالترك كراهة تحريم ، وإن كان سنة زائدة أو ما في حكمها من الأدب ونحوه فتنزيه انتهى كلامه. والأصل الفاصل بينهما أن ينظر إلى الأصل فإن كان الأصل في حقّه إثبات الحرمة وإنّما سقطت الحرمة لعارض إن كان مما يعمّ به البلوى وكانت الضرورة قائمة في حقّ العامة فهي كراهة تنزيه ، وإن لم تبلغ الضرورة هذا المبلغ فهي كراهة تحريم فيصار إلى الأصل ، وعلى العكس إن كان الأصل الإباحة ينظر إلى العارض فإن غلب على الظنّ وجود المحرّم فالكراهة للتحريم وإلاّ فالكراهة للتنزيه.

نظير الأول سؤر الهرّة ، ونظير الثاني لبن الأتان ولحومها ، ونظير الثالث سؤر البقرة الجلالة وسباع الطير كذا في فتاوي عالمگيري في أول كتاب الكراهة ، وفي العضدي ما حاصله أنّ المكروه يطلق على ثلاثة معان : الأول خطاب لطلب ترك فعل ينتهض ذلك الترك خاصة سببا للثواب ، والمكروه بهذا المعنى منهي عنه على الأصح كالمندوب مأمور به والثاني الحرام وكثيرا ما كان يقول الشافعي أنا أكره هذا.

والثالث ترك ما ترجّحت مصلحة فعله على تركه وإن لم يكن منهيا فيعرف بترك الأولى كترك المندوب ، يقال ترك صلاة الضحى مكروه وإن لم يرد النهي لكثرة الفضيلة فيها ، فكان في تركها حطّ مرتبته انتهى. قيل في هذا الإطلاق بعد لأنّه يلزم منه أنّ من اشتغل بالمباح وترك الاشتغال بنوافل العبادات إنّه آت بمكروه.

وقالت المعتزلة المكروه فعل اشتمل تركه على مصلحة وقد سبق في لفظ الحسن.

الكرة : [في الانكليزية] Ball ، sphere ـ [في الفرنسية] Boule ، sphere

بالضم هي في الأصل التي تلعب بها ويقال بالفارسية گوى ، وجمعها كرات وكرون وأكر ، والأخيران على غير القياس. وفي اصطلاح المهندسين شكل مجسّم أحاط به سطح مستدير أي سطح يوجد في داخله نقطة تتساوى الخطوط الخارجة منها إليه. والمراد بالإحاطة التامة فخرج سطح الاسطوانة والمخروط المستديرين وخرج بقيد التساوي سطح المجسّم البيضي ونحوه. وعرف أيضا بأنّها جسم يتوهم حدوثه من دوران دائرة على قطرها نصف دورة وذلك السطح محيط الكرة ويسمّى سطحا كريا.

وقد تطلق الكرة على ذلك السطح أيضا مجازا تسمية للحال باسم المحل. والنقطة التي هي مركز ذلك السطح مركز الكرة أيضا ، والخطوط التي هي أنصاف أقطار ذلك السطح أنصاف أقطار ذلك الكرة أيضا ، كذا في شرح خلاصة الحساب.

كرة البخار : [في الانكليزية] Air ma ، atmospheric ma ـ [في الفرنسية] Mae d\'air ، mae atmospherique

هي كرة الهواء الكثيف المخلوط بالأبخرة ، وهي كرة مركزها مركز العالم إلاّ أنّها مختلفة القوام لأنّ الأقرب من الأرض منها أكثف من الأبعد منها ، فإنّ الألطف يتصاعد أكثر من الأكثف ، وتسمّى كرة الليل والنهار أيضا إذ هي القابلة للنور والظلمة دون ما فوقها ، وتسمّى عالم النسيم أيضا لأنّها مهب الرياح لأنّ ما فوقها من الهواء الصافي ساكن ، كذا في شرح التذكرة لعبد العلي البرجندي في آخر الفصل الثاني من الباب الأول.

كرة الكلّ : [في الانكليزية] Zodiac ـ [في الفرنسية] zodiaque

الفلك الأعظم كما مرّ في لفظ الفلك.

كرة الكوكب : [في الانكليزية] Celestial sphere ـ [في الفرنسية] sphere celeste

هي الفلك الكلّي له.

٣١٥

الكرامية : [في الانكليزية] Al ـ kiramiyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ kiramiyya (secte)

فرقة من المشبهة أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام (١) بكسر الكاف وتخفيف الراء كذا في شرح المواقف.

كرشمه : [في الانكليزية] Wink ، divine manifestation ـ [في الفرنسية] clin d\'oeil ، manifestation divine

بمعنى (الغمزة بالعين أو الحاجب) ، وعند الصوفية تقال للتجلّي الجلالي (٢).

الكرم : [في الانكليزية] Grapevine ـ [في الفرنسية] Vignoble ، olivaie

هو أرض يحوطها حائط فيها أشجار ملتفّة لا يمكن زراعة أرضها ، وقد سبق لفظ البستان.

كريم الطرفين : [في الانكليزية]

End of a hemistich forming the beginning of the followingE ـ [في الفرنسية]

Fin d\'une hemistiche constituant le debut de l\'hemistiche suivE

هو عند الشعراء أن يؤتى بالجزء الأخير من مصراع الشعر بحيث يمكن أن يكون الجزء الأول للمصرع الثاني ومثاله البيتين التاليين وترجمتهما :

أكرم بدولتك الميمونة لهذا الحكم

بك يزدان الحكم للدنيا فمثلك قليل

لا نظير لك بين الأقران ولا مثيل

في هذه الأيام ما رأينا نظيرك في عمل الخير

كذا في جامع الصنائع (٣).

الكسب : [في الانكليزية] Acquisition ، gain ـ [في الفرنسية] Acquisition ، gain

بالفتح وسكون السين المهملة عند الأشاعرة من المتكلّمين عبارة عن تعلّق قدرة العبد وإرادته بالفعل المقدور. قالوا أفعال العباد واقعة بقدرة الله تعالى وحدها وليس لقدرتهم تأثير فيها ، بل الله سبحانه أجرى العادة بأنّه يوجد في العبد قدرة واختيارا ، فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما ، فيكون فعل العبد مخلوقا لله تعالى إبداعا وإحداثا ومكسوبا للعبد. والمراد بكسبه إيّاه مقارنته بقدرته وإرادته من غير أن يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلا له.

وبالجملة فصرف العبد قدرته وإرادته نحو الفعل كسب وإيجاد الله الفعل عقيب ذلك خلق.

ومعنى صرف القدرة جعلها متعلّقة بالفعل وذلك الصرف يحصل بسبب تعلّق الإرادة بالفعل لا بمعنى أنّه سبب مؤثّر في حصول ذلك الصرف ، إذ لا مؤثّر إلاّ الله تعالى ، بل بمعنى أن تعلّق الإرادة يصير سببا عاديا لأن يخلق الله تعالى في العبد قدرة متعلّقة بالفعل بحيث لو كانت مستقلّة في التأثير لوجد الفعل ، فالفعل الواحد مقدور لله تعالى بجهة الإيجاد وللعبد بجهة الكسب.

والمقدور الواحد يجوز دخوله تحت قدرتين بجهتين مختلفتين. ولهم في الفرق بين الكسب والخلق عبارات مثل قولهم إنّ الكسب واقع بآلة

__________________

(١) هو محمد بن كرام بن عراف بن خرابة ، ابو عبد الله السجزي. توفي بالقدس عام ٢٥٥ ه‍ / ٨٦٩ م. إمام الكرامية ، من المبتدعة في الاسلام. وكان يقول بالتجسيم. الاعلام ٧ ١٤ ، الملل والنحل ١٥٨ ، تذكرة الحفاظ ٢ / ١٠٦ ، ميزان الاعتدال ٣ ١٢٧ ، لسان الميزان ٥ / ٣٥٣.

(٢) نزد صوفيه تجلي جلالي را گويند.

(٣) نزد شعرا آنست كه جزء آخر مصراع شعر را چنان آرد كه جزء اوّل مصراع دويم تواند شد مثاله.

زهى بر دولت ميمونت ازين حكم

جهان داري ترا زيبد كه مثل خويش كم دارى

نه همسر با تو كس ز اقران نه همدستت

درين دوران نظير تو نديدم در نكو كاري

كذا في جامع الصنائع.

٣١٦

والخلق لا بآلة ، والكسب مقدور وقع في محلّ قدرته والخلق لا في محلّ قدرته. مثلا حركة زيد وقعت بخلق الله تعالى في غير من قامت به القدرة وهو زيد ، ووقعت بكسب زيد في المحلّ الذي قامت به قدرة زيد وهو نفس زيد.

والحاصل أنّ أثر الخالق إيجاد لفعل في أمر خارج من ذاته ، وأثر الكاسب صفة في فعل قائم به ، والكسب لا يصحّ انفراد القادر به والخلق يصح.

اعلم أنّ المتكلّمين اختلفوا في أنّ المؤثّر في فعل العبد ما هو؟ فقالت الجبرية المؤثّر في فعل العبد قدرة الله تعالى ولا قدرة للعبد أصلا لا مؤثّرة ولا كاسبة ، بل هو بمنزلة الجمادات فيما يوجد منها. وقال الأشعري المؤثّر فيه قدرة الله تعالى ولكن للعبد كسبا في الفعل بلا تأثير فيه. وقال أكثر المعتزلة وهي واقعة بقدرة العبد وحدها بالاستقلال بلا إيجاب بل باختيار. وقالت طائفة هي واقعة بالقدرتين معا ، ثم اختلفوا فقال الأستاذ بمجموع القدرتين على أن تتعلّقا جميعا بالفعل نفسه.

وقال القاضي على أن يتعلّق قدرة الله بأصل الفعل وقدرة العبد بصفته أعني كونه طاعة ومعصية ونحو ذلك. وقالت الحكماء وإمام الحرمين هي واقعة على سبيل الوجود وامتناع التخلّف بقدرة يخلقها الله في العبد إذا قارنت حصول الشرائط وارتفاع الموانع. هذا خلاصة ما في شرح المواقف وشرح العقائد وحواشيه.

ويطلق الكسب أيضا على طريق يعلم منه المجهول ، وقد اختلف في جواز الكسب بغير النظر. فمن جوّزه جعل الكسبي أعمّ من

النظري ، ومن لم يجوزه فقال النظري والكسبي متلازمان ، وقد سبق تحقيقه في لفظ الضروري.

وفي شرح العقائد النسفية الاكتسابي علم يحصل بالكسب وهو مباشرة الأسباب بالاختيار كصرف العقل والنظر في المقدّمات في الاستدلاليات والإصغاء وتقليب الحدقة ونحو ذلك في الحسّيات ، فالاكتسابي أعمّ من الاستدلالي لأنّ الاستدلالي هو الذي يحصل بالنظر في الدليل ، فكلّ استدلالي اكتسابي ولا عكس كالإبصار الحاصل بالقصد والاختيار.

وأمّا الضروري فقد يقال في مقابلة الاكتسابي ويفسّر بما لا يكون تحصيله مقدورا لمخلوق ، وقد يقال في مقابلة الاستدلالي ويفسّر بما يحصل بدون نظر وفكر في دليل. فمن هاهنا جعل بعضهم العلم الحاصل بالحواس اكتسابيا أي حاصلا بمباشرة الأسباب بالاختيار ، وبعضهم ضروريا أي حاصلا بدون الاستدلال انتهى كلامه. وفيه مخالفة صاحب المواقف ، وإن شئت التوضيح فارجع إلى ما حقّقه مولانا عصام الدين في حاشيته.

الكسر : [في الانكليزية] Fracture ، fracturing ـ [في الفرنسية] Fracture ، fraction

بالفتح وسكون السين لغة فصل الجسم الصلب بمصادمة قوية من غير نفوذ جسم فيه ، ويطلق أيضا على نوع من الحركة. وعند الأطباء تفرّق اتصال في العظم بشرط أن يكون التفرّق إلى جزءين أو أجزاء كبار ويسمّى كاسرا أيضا ، لأنّه إذا كان التفرّق إلى أجزاء صغار يسمّى تفتّتا متفتتا ، هكذا يستفاد من بحر الجواهر والأقسرائي. وذكر في شرح القانونچه أنّه يشترط أيضا أن يكون ذلك التفرّق في عرض العظم إذ لو كان في الطول يسمّى صدعا وصادعا. وعند القرّاء الإمالة المحضة.

وعند المحاسبين العدد الذي يكون أقلّ من واحد كالنصف والثلث ويقابله الصحيح. وهو إمّا منطق وهو الكسر الذي يمكن أن ينطق به بغير الجزئية أي بغير الألفاظ الدالة على الجزء مفردا. كان كالنصف والثلث أو مكررا كالثلثين أو مضافا كنصف الثلث أو معطوفا كالنصف والثلث. وإمّا أصم وهو ما لا يمكن التعبير

٣١٧

عنه إلاّ بجزء من كذا مفردا كان كجزء من أحد عشر أو مكررا كجزءين من أحد عشر أو مضافا كجزء من أحد عشر من جزء من ثلاثة عشر أو معطوفا كجزء من أحد عشر وجزء من ثلاثة عشر. وبالجملة فالكسر سواء كان منطقا أو أصم منحصر في المفرد والمكرّر والمضاف والمعطوف لأنّ العدد المنسوب إليه إمّا أن يعتبر بنسبة نفسه إلى المنسوب إليه أو بنسبة مجتمعة من نسب أقسامه إليه ، والأول إمّا أن تعتبر نسبته إلى المنسوب إليه بلا ملاحظة واسطة وتسمّى نسبة بسيطة ، وهي نسبة الكسر المفرد كالثلث ، أو بملاحظة واسطة وتسمّى نسبة مؤلّفة وهي نسبة الكسر المضاف كثلث النصف ، وليس المراد بالمضاف المضاف النحوي بل أعمّ منه والثاني أي الذي يعتبر بنسبته مجتمعة من نسب أقسامه إمّا أن تكون نسب الأقسام متماثلة وهي نسبة الكسر المكرّر المذكور كالثلثين او مختلفة أي غير متّحدة وهي نسبة الكسر المعطوف كالنصف والثلث ، هكذا في شرح خلاصة الحساب. وعند أهل الأوقاف عبارة عمّا بقي من قسمة أعداد ضلع واحد منه وفق على عدد بيوت ذلك الضلع ، وذلك التقسيم يكون بعد نقصان العدد الطبعي من أعداد ضلع واحد كما تقرّر عندهم. مثلا مجموع أعداد ضلع واحد من المربع ٤٥ نقصنا منه العدد الطبعي للمربع وهو ٣٤ يبقى ١١ ، قسمناه على عدد بيوت ضلع واحد من المربع وهو أربعة ، خرج من القسمة اثنان وبقي ثلاثة ، فالثلاثة كسر.

وعند الأصوليين وأهل النظر هو أن توجد حكمة العلّة بدون العلة ولا يوجد الحكم وحاصله وجود الحكمة المقصودة من الوصف مع عدم الحكم. مثاله أن يقول الحنفي في المسافر العاصي بسفره مسافر فيترخّص لسفره كغير العاصي ، فإذا قيل له ولم قلت إنّ السفر علة الترخّص؟ قال بالمناسبة لما فيه من المشقّة المقتضية للترخّص لأنّه تخفيف ، وهو يقع للمرخص فيعترض عليه بصفة شاقة في الحضر كحمل الأثقال ونحوه. فقال البعض الكسر يبطل العلية والمختار أنّه لا يبطلها فإنّ العلّة في المثال المذكور هو السّفر ولم يرد النقض عليه ، فوجب العمل به ، بيان ذلك أي أنّ العلة هو السفر هو أنّه وإن كان المقصود المشقة لكنها يعتبر ضبطها لاختلاف مراتبها بحسب الأشخاص والأحوال ، وليس كلّ قدر منها يوجب الترخّص وإلاّ سقطت العبادات ، وتعيين القدر منها الذي يوجبه متعذّر فضبطت بوصف ظاهر منضبط هو السّفر ، فجعل آثاره لها ولا معنى للعلّية إلاّ ذلك. قالوا الحكمة هي المعتبرة قطعا والوصف معتبر تبعا لها ، فالنقض وارد على العلة لأنّها إذا وجدت الحكمة المعيّنة ولم يوجد الحكم دلّ ذلك على أنّ تلك الحكمة غير معتبرة ، فكذا الوصف المعتبر بتبعيتها فإنّ المقصود إذا لم يعتبر فالوسيلة أجدر ، والجواب أنّ قدر الحكمة كالمشقة في مثالها يختلف ، ولا بدّ في ورود النقض من وجود حكمة في محلّ النقض مساوية لما يراد نقضه ، فإنّ عدم اعتبار الأضعف لا يوجب عدم اعتبار الأقوى ، وذلك أي وجود الحكمة المساوية غير متيقّن ، فلعله أي ما وجد في صورة النقض أقلّ حكمة ، أو لعلّ التخلّف لمعارض يجعل قدر الحكمة ناقصا عديم المساواة أو باطلا بالكلية ، فلذلك لم يعتبره الشارع. ووجود العلة في الأصل قطعي وإذا ثبت ذلك وجب اعتبار العلة القطعية ولا يصحّ التخلّف الظنّي معارضا له إذ الظنّ لا يعارض القطع. فإنّ قلت إنّا نفرض النقض في صورة يعلم قطعا وجود قدر الحكمة أو أكثر فيتعارض قطعيان أي وجود العلة قطعا وانتقاضها تبعا لانتقاض حكمتها المساوية أو الزائدة قطعا فيتساقطان فيبطل العلية. قلت إنّ

٣١٨

هذا المفروض بعيد التحقيق ، ولو تحقّق وجب أن يبطل العلية لكن لا في كل صورة بل في صورة لم يثبت حكم آخر أليق بتحصيل تلك الحكمة من ذلك الحكم. وبالجملة فالكسر على المختار إنّما يبطل العلية إذا علم وجود قدر الحكمة أو أكثر ولم يثبت حكم آخر أليق بتحصيل تلك الحكمة منه ، وحينئذ هو أي الكسر كالنقض ، فجوابه كجوابه.

اعلم أنّه قال في المحصول الكسر في الحقيقة قدح في تمام العلة بعدم التأثير وفي جزئها بالنقض. قال القاضي هو عدم تأثير أحد الجزءين ونقض الآخر ، والأكثرون على أنّه إسقاط وصف من أوصاف العلة المركّبة عن درجة الاعتبار ونقض الباقي فلم يفرّقوا بينه وبين النقض المكسور ، وذلك لأنّهم قالوا إذا نقض العلة بترك بعض الصفات سمّي نقضا مكسورا ، وهو بالحقيقة نقض بعض الصفات وأنّه بين النقض والكسر كأنّه قال الحكمة المعتبرة تحصل باعتبار هذا البعض وقد وجد في المحل ولم يوجد الحكم فيه فهو نقض لما ادعاه علّة باعتبار الحكمة. وقد اختلف في أنّه يبطل العلية والمختار أنّه لا يبطل. مثاله أن يقول الشافعي في منع بيع الغائب إنّه مبيع مجهول الصفة عند العاقد حال العقد فلا يصحّ بيعه ، فيقول المعترض هذا منقوض بما إذا تزوّج امرأة لم يرها فإنّها مجهول الصفة عند العاقد حال العقد والحال أنّه صحيح ، فقد حذف قيد كونه مبيعا ونقض الباقي وهو كونه مجهول الصفة عند العاقد حال العقد. ودليل المذهب المختار أنّ العلّة المجموع فلا نقض عليه إذ لا يلزم من عدم علية البعض عدم علية الكلّ ، هذا إذا اقتصر على نقص البعض. وأمّا إذا أضاف إليه إلغاء الوصف المتروك وكونه وصفا طرديا لا مدخل له في العلية بأن يبين عدم تأثير كونه مبيعا وأنّ العلة كونه مجهول الصفة إلى آخره لأنّه مستقل بالمناسبة ، فحينئذ يكون وصف كونه مبيعا كالعدم فيصحّ النقض لوروده على ما يصلح علّية ، ولا يكون مجرّد ذكره رافعا للنقض خلافا لشرذمة لأنّه بمجرّد ذكره لا يصير جزءا من العلّة إذا قام الدليل على أنّه ليس جزءا ، ويتعيّن الباقي لصلوح العلّية فتبطل بالنقض ، ويصير حاصله سؤال ترديد وهو أنّ العلّة إمّا المجموع أو الباقي وكلاهما باطل ، أمّا المجموع فلإلغاء الملغى وأمّا الباقي فللنقض ، هكذا في العضدي وحاشيته للمحقق التفتازاني في مبحث القياس.

كسليو : [في الانكليزية] Casliwu (Jewish month) ـ [في الفرنسية] casliwu (mois juif)

اسم شهر من أشهر التقويم اليهودي (١).

الكسوف : [في الانكليزية] Eclipse ـ [في الفرنسية] Eclipse

بالسين المهملة (احتجاب الشمس) ويسمّى (احتجاب القمر) خسوفا (٢). قال الجوهري هو أجود الكلام. وقال ابن الأثير إنّ هذا هو الكثير المعروف في اللغة وأنّ ما وقع في الحديث من كسوفهما وخسوفهما فللتغليب. وقيل بالكاف في الابتداء وبالخاء في الانتهاء. وقيل بالكاف لذهاب جميع الضوء وبالخاء لذهاب بعضه.

وقيل بالخاء لذهاب كلّ اللون وبالكاف لتغيّره.

وقالت الفلاسفة الكسوف الذي هو من صفات الشمس هو استتار وجهها المواجه للأرض كلا أو بعضا بسبب حيلولة القمر بينها وبين وجه الأرض ، وهذا شامل للكسف الواقع فوق الأرض وتحتها وللكسوف الكلّي والجزئي ،

__________________

(١) نام ماهى است در تاريخ يهود.

(٢) بالسين المهملة گرفتن آفتاب وگرفتگى ماه را خسوف نامند.

٣١٩

بخلاف ما ذكره العلامة في التحفة من أنّه عدم إضاءة الشمس ما يلينا من كرة البخار في الوقت الذي من شأنها أن تضيء فيه لتوسّط القمر بينها وبين البصر فإنّه لا يشتمل الكسوف الجزئي ، إلاّ أن يقيّد الإضاءة بالكامل منها ، وكذا لا يشتمل الكسوف الواقع تحت الأرض إلاّ بتكلّف ، والكسوف الذي هو من صفات القمر هو استتار وجه القمر المواجه للأرض كلا أو بعضا بسبب حيلولة الأرض بينه وبين الشمس ، ويسمّى خسوفا أيضا. فما ذكر العلامة من أنّ الخسوف عدم إضاءة القمر ما يلينا من كرة البخار في الوقت الذي من شأنه أن يضيء فيه لوقوعه في ظلّ الأرض ففيه ما مرّ. وقد يعتبر الكسوف بالنسبة إلى الكواكب الأخرى أيضا فإنّ بعض الكواكب يكسف بعضا كذا ذكر عبد العلي البرجندي في حاشية الچغميني.

الكشف : [في الانكليزية] Unveiling ، manifestation ،

suppreion of the seventh syllable (in prosody) ـ [في الفرنسية] Devoilement ، manifestation ، chute de la septieme syllabe (en prosodie)

بالفتح وسكون الشين المعجمة ، وقيل بالمهملة عند أهل العروض حذف حرف سابع متحرّك ، والجزء الذي فيه الكشف يسمّى مكشوفا كحذف التاء من مفعولات بضم التاء كذا في عنوان الشرف. وفي بعض الرسائل هو إسقاط آخر مفعولات انتهى والمآل واحد. وفي رسالة قطب الدين السرخسي الكشف حذف المتحرّك الثاني من الوتد المفروق انتهى. ولا يخفى أنّ هذا يصدق على حذف عين فاع لاتن بخلاف التعريف الأول. والكشف بالشين المعجمة عند أهل السلوك هو المكاشفة.

والمكاشفة يقال لها رفع الحجاب ، الذي بين الروح الجسماني ، الذي لا يمكن إدراكه بالحواس الظاهرة. وقد تطلق المكاشفة على المشاهدة أيضا على ما سيجيء في لفظ الوصال. قالوا : إنّ السّالك حينما يضع قدمه في عليّين الحقيقة بعد ما يجذبها من طبيعتها السقلية بسبب جذبه الإرادة فإنّه يصفّي باطنه بالرياضة ، فلذا تصبح عينه في كلّ وقت مفتوحة. وبمقدار ذلك (الصّفاء) يرتفع عنه الحجاب ويزداد لديه قوة صفاء عقل المعاني المعقولة ، ويقال لهذا : الكشف النظري. ثم يجب على السّالك أن يتجاوز ذلك ويخطو عدّة خطوات أكثر ولا يبقى في طريق أهل الفلسفة والحكمة ، وأن يجعل قلبه عاملا أكثر حتى يتّصل بنور القلب الذي يسمّى الكشف النوري. وهنا يتقدّم السّالك نحو الأمام خطوات أخرى حتى تبدو له المكاشفات السّرّية التي يقال لها : الكشف الإلهي. وثمة تبدو له أسرار الخلق وحكمة الوجود. ثم يتقدّم إلى الأمام أيضا حتى يصل إلى المكاشفة الروحانية وهي التي يقال لها : الكشف الروحاني. فتنكشف له عوالم النعيم والجحيم ورؤية الملائكة والعوالم اللامتناهية فتبدو له الولاية (يد المقام).

ثم يجب أن يجتاز هذه الدرجة حتى تبدو له المكاشفات الخفية حتى يجد بواسطتها عالم صفات الربوبية. وهذا ما يقال له المكاشفة الصّفائية. وفي هذه الحال إذا كوشف بالصّفة العلمية فتبدو له من جنس العلم اللّدني ، كما هو حال الخضر عليه‌السلام. وإذا كان كشفه عن طريق الاستماع فيكون ذلك عن طريق استماع الكلام والصفات كما هو حال سيدنا موسى عليه‌السلام. وإذا كان كشفه بصريا فإنّه يبدأ بالمشاهدة والرّؤية وإذا كان كشفه بصفة الجلال فيظهر له البقاء الحقيقي. وإذا كان بصفة الوحدانية تبدو له الوحدة. وعلى هذا القياس تقاس بقية الصفات.

أمّا الكشف الذاتي فدرجة عالية جدا يقصر البيان والإشارة عنها. كذا في مجمع السلوك.

ويقول في كشف اللغات : المكاشفة هي التي يقال لها : ظهور الناسوت والملكوت

٣٢٠