شرح شواهد المغني

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

شرح شواهد المغني

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: لجنة التراث العربي
الطبعة: ٠
الصفحات: ١١٤٦

القتول : علم لامرأة منقول من الوصف ، يقال : امرأة قتول ، أي قاتلة.

والرباب ، بالفتح : علم لامرأة منقول من اسم السحاب. والوجد : الشغف. والعذب : الماء الطيب. ويقال : ضقت بالأمر ذرعا ، إذا لم تطقه ولم تقو عليه. وأصل الذرع بسط اليد كأنك تريد : مددت يدي إليه فلم تنله. وقوله : والكتاب : قسم. والازهاق : اخراج الروح ، يقال زهقت نفسه ، خرجت. وأزهقها غيره. قال المدرج : الزهق بكسر الهاء القاتل. والزهق ، بالفتح المقتول. وقوله : مهجتي ، تنازع فيه ازهقت ودعتها. ويقال : خرجت مهجته ، أي روحه. وأصل المهجة الدم. وقيل : دم القلب خاصة. والمتاب التوبة. وأبو الخطاب : كنية عمر ابن أبي ربيعة. والمهاة بفتح الميم ، البقرة الوحشية ، والجمع مها ، بالفتح أيضا. وتهادى : مضارع حذف منه احدى التاءين ، يقال : تهادت المرأة إذا تمايلت في مشيتها. والكواعب ، جمع كاعب ، وهي الجارية حين يبدو ثديها للنهود. والأتراب ، جمع ترب ، بالكسر ، يقال : هذه تربة هذه أي لدتها. والولائد ، جمع وليدة ، وهي الصبية والأمة. وجارية مكنونة : مستورة. وتخير الماء : اجتمع. وأديم الخدّين : جلدهما. وماء الشباب : رونقه ونضارته. وشب : أظهر وحسن. والعتق : الكرم والجمال ، يقال : ما أبين العتق في وجه فلان. ورف لونه يرف ، بالكسر ، برق وتلألأ. الزرياب ، بزاي ثم راء تحتية وآخره موحدة ، هو الذهب أو ماؤه كما في القاموس. والدجنة ، بضم المهملة والجيم وفتح النون المشدّدة ، الغيم المطبق والظلمة. والدمية ، بضم المهملة ، الصورة من العاج. ومذبح المحراب : من إضافة البيان. قال في الصحاح : المذابح المحاريب سميت بذلك للقرابين. وارجحنت ، بجيم ثم حاء مهملة ونون مشددة ، مالت واهتزت. والحباب بالضم : الحية. وقوله بهرا ، قال في الصحاح أي عجبا ، وجزم به ابن مالك في شرح التسهيل ، وجعله مصدرا لا فعل له. وأورد البيت شاهدا على نصبه بعامل لازم الاضمار لانه بدل اللفظ بفعل قيل له موضع ، وقيل التقدير : أحبها حبا بهرني بهرا ، أي غلبني غلبة. وأورد الزبير بن بكار البيت بلفظ «قلت ضعفي عدد الرمل ... الخ.» وقوله : تحبها ، على حذف همزة الاستفهام ، وهو محل الاستشهاد وبه جزم أبو حيان. وقال ابن الأعرابي في نوادره : المبهور المكروب وأنشد البيت. وقيل :

٤١

معناه جهرا لا أكاتم ، من قولهم : القمر الباهر أي الظاهر ضوءه. وقيل معناه : تبا كأنه قال : تبا لهم لما أنكروا عليه حبها ، لأن قوله : تحبها على الانكار. والمجاجة ، بجيمين ، الريق يمج من الفم. والثريا المذكورة ، قال إسحق الموصلي : كانت من أكمل النساء وأحسنهم خلقا ، فكانت تأخذ جرّة من الماء فتفرغها على رأسها فلا يصيب باطن فخذها قطرة من عظم كفلها ، وهي التي قال فيها ابن أبي ربيعة أيضا لما تزوجت سهيل بن عبد الرحمن بن عوف : (١)

أيّها النّاكح الثّريّا سهيلا

عمرك الله كيف يلتقيان

هي شامية إذا ما استقلت

وسهيل إذا استقلّ يماني

٨ ـ وأنشد :

أصطبار لسلمى أم لها جلد (٢)

هو لقيس بن الملوح ، وتمامه :

إذا ألاقي الّذي لاقاه أمثالي؟

أي من الموت كني عنه بذلك تسلية لهذه المرأة ، واستشهد به المصنف على دخول الهمزة على النفي. فإن الاستفهام هنا على حقيقته وكذا النفي.

٩ ـ وأنشد :

ألستم خير من ركب المطايا

وأندى العالمين بطون راح (٣)

__________________

(١) ديوانه ٥٨٦

(٢) ابن عقيل ١ / ١٥٤

(٣) ديوانه ٩٨ ، والبيت في الشعراء ٣٤٩ وطبقات ابن سلام ٣٢٠ و ٣٤٩ و ٣٥٧ و ٤٢٦ والأغاني ٨ / ٣٠٥.

٤٢

هذا من قصيدة لجرير يمدح بها عبد الملك بن مروان. قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في أماليه : حدثنا أبي ثنا أبو محمد عبد الله بن رستم قال : قال يعقوب بن السكيت : حدثني عمارة بن عقيل عن بعض أشياخهم عن جرير الخطفي قال : أوفدني الحجاج إلى عبد الملك بن مروان عاشر عشرة ، فدخلت عليه وعنده الأخطل فأنشدته :

أتصحو أم فؤادك غير صاح

عشيّة همّ صحبك بالرّواح

فقال : لا بل فؤادك! ثم مريت في القصيدة الى قولي :

تعزّت أمّ حزرة ثمّ قالت :

رأيت الموردين ذوي لقاح

فقال : لا أروى الله عيمتها (١). وبعد هذا البيت :

تعلّل وهي ساغبة بنيها

بأنفاس من الشّبم القراح

سأمتاح البحور فجنّبيني

أذاة اللّوم وانتظري امتياحي

ثقي بالله ليس له شريك

ومن عند الخليفة بالنّجاح

أغثني ، يا فداك أبي وأمّي ،

بسيب منك إنك ذو ارتياح

فإنّي قد رأيت عليّ حقّا

زيارتي الخليفة وامتداحي

سأشكر أن رددت عليّ ريشي

وأنبتّ القوادم في جناحي

ألستم خير من ركب المطايا

وأندى العالمين بطون راح

فقال عبد الملك : نحن كذلك!!.

وقوم قد سموت لهم فدانوا

بدهم في ململمة رداح

__________________

(١) العيمة : شدة العطش.

٤٣

أبحت حمى تهامة بعد نجد

وما شيء حميت بمستباح

لكم شمّ الجبال من الرّواسي

وأعظم سيل معتلج البطاح

القصيدة بتمامها. فقال : من كان مادحنا فليمدحنا هكذا ، وأمر لي بمائة ناقة وثمانية أرقاء من السبي ، وجام فضة. هذا إسناد جيد متصل إلى جرير ، أخرجه ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى ابن الأنباري ، وأورد القصيدة بتمامها ، وأنا انتخبتها. وله طرق أخر استوعبها ابن عساكر في تاريخه. وأم حزرة : زوج جرير وافقت كنيتها كنيته. والموردون : الذين يوردون إبلهم المياه. واللقاح ، جمع لقحة ، وهي الناقة التي لها لبن. والعيمة ، بفتح المهملة ، شدة شهوة اللبن. كما أن الغيمة بالمعجمة ، شدة شهوة الماء. والأيمة : شدة شهوة النكاح ، والقرم : شدة شهوة اللحم. والساغبة : الجائعة. والانفاس : جرع لا تبلغ غاية الري. والشبم : الماء البارد. والشبم ، بفتحها ، البرد. والقراح : الماء الخالص الذي لا يخلط به لبن ولا غيره. سأمتاح : سأستقي ، وهو مثل. والبحور كناية عن الملوك. والسيب : العطاء. والارتياح : الخفة للعطاء. والقوادم : عشر ريشات في الجناح ، وما فوق ذلك الخوافي. وسموت : ارتقيت. والدهم : الخيل الكثير. والململمة : الكتيبة التي بعضها داخل في بعض. والرداح : الضخمة. وتهامة : الناحية الجنوبية من الحجاز. ونجد : الناحية التي بين الحجاز والعراق. قال الواقدي : الحجاز من المدينة الى تبوك ، ومن المدينة الى طريق الكوفة وما وراء ذلك ، إلى أن تشارف أرض البصرة ، فهو نجد ، وما بين العراق وبين وجرة وعمرة الطايف نجد ، وما كان وراء وجرة إلى البحر فهو تهامة ، وما كان بين تهامة ونجد فهو حجاز ، قوله :

وما شيء حميت بمستباح

أورده المصنف في الكتاب الرابع شاهدا لحذف العائد المنصوب بين جملة الصفة ، أي حميته. والبطاح : جمع أبطح ، وهو وسط الوادي ، يكون فيه رمل وحصا صغار. ومعتلجة : حيث تجمع ويدفع بعضه بعضا. والمطايا : جمع مطية ، وهي

٤٤

الدابة تمطو في مشيها ، أي تسرع. وأندى : أسخى. والراح : جمع راحة وهي الكف. قال الزبير في الموفقيات : اجتمع جماعة من العلماء والرواة فتذاكروا المديح فقالوا : أمدح الشعر؟ فقال جعفر بن حسين اللهبي : قول جرير لعبد الملك :

ألستم خير من ركب المطايا

وأندى العالمين بطون راح

فقال مسلم بن الزناد : ليس هذا بشيء ، قد يرغب الرجل فيمدح. فقال محمد ابن الضحاك بن عثمان : قول الأعور ابن براء الكلابي :

وذي إبل لو لا كلاب أراحها

ولكنه مولى كلاب فعذبا

فقال مسلم : إن هذا المديح ، وأريد أشرح من هذا. فقال أبو غزية : قول معن ابن أوس المزني لحمزة بن عبد الله بن الزبير :

إنّك فرع من قريش وإنّما

تمج النّدى منها الفروع الشّوارع

غنوا قادة للنّاس بطحاء مكة

لهم سقايات الحجيج الدوافع

فلمّا دعوا للموت لم تبك مثلهم

على حدث الدّهر العيون الدّوامع

فصاح مسلم بن أبي الزناد : الآن حمي الوطيس هكذا يكون المديح.

فائدة :

جرير هو ابن عطية بن الخطفي بفتحات ، وهو حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف ابن كليب بن يربوع بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، أبو حزرة ، بالحاء المهملة ، التميمي البصري الشاعر المشهور. مدح يزيد بن معاوية ، ومن بعده من الأمويين ، وإليه المنتهى والى الفرزدق في حسن النظم. وقال بشار بن برد : كان جرير يحسن ضروبا من الشعر لا يحسنها الفرزدق. وقال يونس : كان الفرزدق يتضوّر ويجزع اذا أنشد لجرير ، وكان جرير أصبرهما. وقال بشار : أجمع أهل

٤٥

الشام على جرير والفرزدق والأخطل ، والأخطل دونهما ، ومن من فضل جرير على الفرزدق ابن هرمة وعبيدة بن هلال. قال يونس : قال الفرزدق لامرأته النوار : أنا أشعر أم ابن المراغة؟ قالت : غلبك على حلوه وشركك في مرّه. وقال محمد بن سلام : ذاكرت مروان بن أبي حفصة قال : ذهب الفرزدق بالفخار وانما حلو القريض ومرّه لجرير. وقال الكلبي : مدح أعرابي عبد الملك بن مروان فأحسن ، فقال له عبد الملك : تعرف أهجي بيت في الاسلام قال : قول جرير :

فغضّ الطّرف إنّك من نمير

فلا كعبا بلغت ولا كلابا

قال : أصبت! فهل تعرف أمدح بيت قيل في الاسلام؟ قال : نعم ، قول جرير :

ألستم خير من ركب المطايا

وأندى العالمين بطون راح

قال : أصبت ، فهل تعرف أرق بيت قيل في الاسلام؟ قال : نعم ، قول جرير :

إنّ العيون الّتي في طرفها مرض

قتّلننا ثمّ لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللّبّ حتّى لا حراك به

وهنّ أضعف خلق الله أركانا

قال : أصبت ، فهل تعرف جرير؟ قال : لا ، وإني الى رؤيته لمشتاق. قال : فهذا جرير وهذا الفرزدق وهذا الأخطل ، فأنشأ الأعرابي يقول :

فحيّا الإله أبا حزرة

وأرغم أنفك يا أخطل

وجد الفرزدق أنفس به

ودقّ خياشيمه الجندل

فأنشأ الفرزدق يقول :

بل أرغم الله أنفا أنت حامله

يا ذا الخنا ومقال الزّور والخطل

ما أنت بالحكم التّرضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذي الرّأي والجدل

٤٦

فغضب جرير وقال أبياتا. ثم وثب وقبل رأس الأعرابي وقال : يا أمير المؤمنين ، جائزتي له ، وكانت كل سنة خمسة عشر ألفا. فقال عبد الملك : وله مثلها مني. أخرجه ابن عساكر في تاريخه بسنده الى الكلبي. وروينا في طبقات الشعراء عن أبي عمرو بن العلاء قال : دخل أعرابي من أهل البادية فقال له عبد الملك بن مروان : ألك بالشعر علم؟ قال : نعم ، قال : أيّ بيت أهجى؟ قال بيت جرير :

أيا أيّها الغيث الّذي شحّ وابله

كأنّك تحكي راحة ابن هشام

قال : فأي بيت أغزل؟ قال بيت جرير : إن العيون ... البيت ، قال : فأي بيت أنعى؟ قال : بيت جرير :

يا أيّها النّاس لا تبكوا على أحد

بعد الّذي بضمير وافق القدرا

فقال جرير : يا أمير المؤمنين ، عطائي للأعرابي. فقال عبد الملك : ومثله من مالنا. مات جرير سنة عشر ومائة بعد الفرزدق بشهر. وفي البيان للجاحظ (١) : انما سمي جدّ جرير الخطفي لأبيات قالها :

يرفعن باللّيل ما أسدفا

أعناق جنّان وهاما رجّفا

وعنقا باقي الرّسيم خيطفا

أي سريعا كالخطف.

قال (٢) : وقد سمي بشر كثير بما قالوه في شعرهم كالمرقش عمرو بن سعد بن مالك ، غلب عليه مرقش لقوله :

الدّار قفر والرّسوم كما

رقّش في ظهر الأديم قلم

__________________

(١) البيان والتبيين ١ / ٢٨٣

(٢) البيان والتبيين ١ / ٢٨٨.

٤٧

وعوف بن حصن بن حذيفة بن بدر ، غلب عليه عويف القوافي لقوله :

سأكذب من قد كان يزعم أنّني

إذا قلت شعرا لا أجيد القوافيا

ويزيد بن ضرار الثعلبي ، غلب عليه المزرد لقوله :

فقلت تزرّدها عبيد فإنّني

لدرد الموالي في السّنين مزرّد

وسالم بن نهار العبدي (١) غلب عليه الممزق لقوله :

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل

وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق

وجرير بن عبد المسيح ، غلب عليه المتلمس لقوله :

فهذا أوان العرض حيّ ذبابه (٢)

زنابيره والأزرق المتلمّس

وعمر بن رياح السلمي ، والد الخنساء ، غلب عليه الشريد لقوله :

تولّى إخوتي وبقيت فردا

وحيدا في ديارهم شريدا

وقد عقد ابن دريد بابا في الوشاح لمن لقب من الشعراء ببيت قاله ، فذكر فيه جماعة. وستأتي مفرّقة في هذا الكتاب.

١٠ ـ وأنشد :

أطربا وأنت قنسريّ

والدّهر بالإنسان دوّاريّ (٣)

هذا من أرجوزة للعجاج ، وقبله وهو أولها :

بكيت والمحتزن البكيّ

وإنّما يأتي الصّبا الصّبيّ

__________________

(١) اتفقت المصادر على أن اسم الممزق شأس بن نهار وفيّ المرزباني (يزيد) ولم تذكر المصادر ان اسمه (سالم) ولعله خطأ في الاصل. وانظر الشعراء ٣٦٠ ، والبيان ١ / ٢٨٩ ، وطبقات ابن سلام ٢٣٢ ، والاصمعيات ٤٧.

(٢) في البيان : (طن ذبابه).

(٣) الخزانة ٣ / ٥١١ ، والبيان ١ / ١٨٠.

٤٨

بكيت والمحتزن البكيّ

وإنّما يأتي الصّبا الصّبيّ

قال في الصحاح : احتزن وتحزن بمعنى ، وأنشد البيت. والبكيّ : الكثير البكاء بوزن فعيل. والصبا ، بكسر أوّله والقصر ، التصابي ، والميل الى الجهل. وطربا : نصب بفعل مقدّر أي أتطرّب. قال ابن يسعون : وإنما ذكر المصدر دون الفعل لأنه أعز وأبلغ في المراد ، والهمزة للانكار التوبيخي ، وهو محل الاستشهاد. وقد استشهد به ابن مالك على وجوب حذف عامل المصدر الواقع في توبيخ ، والمشهور أنه منصوب على أنه مفعول مطلق. وقيل : إنه على الحال المؤكد ، أي أتطرّب في حال طرب ، حكى ذلك أبو حيان. وقنّسريّ : شيخ كبير ، بكسر القاف وفتح النون المشدّدة وسكون السين المهملة وراء وياء مشدّدة. قال الجوهري : ويروى بكسر النون. وقنسري أيضا نسبة الى قنسرين بلد الشام وفي نونه الفتح والكسر. وفي الصحاح : الدوّاري : الدهر يدور بالانسان أحوالا ، وأنشد البيت. ومن أبيات هذه الارجوزة المستشهد بها في كلام أئمة العربية قوله :

كنّا بها إذا الحياة حيّ

الحيّ : مصدر بمعنى الحياة ، إذا الحياة حياة غير متكدرة ولا منغصة. وقيل : حيّ جمع حياة كبدنة وبدن.

فائدة :

العجاج اسمه عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر بن كثيف بن عمرو بن حيّ. وقيل : عميرة بن حني بن ربيعة بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، أبو الشعثاء التميمي والد رؤبة راجز مجيد عدّه الجمحي في الطبقة التاسعة من الشعراء الاسلاميين (١). وقال المرزباني : ولد في الجاهلية وقال فيها أبياتا ومات في أيام الوليد بن عبد الملك ، وقد أفلج وأقعد ، وهو أوّل من رفع الرجز وشبهه بالقصيد وجعل له أوائل ولقب العجاج ببيت قاله هو :

__________________

(١) الطبقات ٥٧١.

٤٩

حتّى يعجّ عندها من عجعجا

قال ابن عساكر : وله رواية حديث عن أبي هريرة وأبي الشعثاء ، روى عنه ابنه رؤبة عن الأصمعي قال : قيل للعجاج إنك لا تحسن الهجاء ، فقال : إنّ لنا أحلاما تمنعنا من أن نظلم ، وأحسابا تمنعنا من أن نظلم ، وهل رأيت بانيا إلا وهو على الهدم أقدر منه على البناء. وفي البيان للجاحظ (١) : قال العجاج : قلت أرجوزتي التي أولها :

بكيت والمحتزن البكيّ

وأنا بالرمل ، في ليلة واحدة ، فانثالت عليّ قوافيها انثيالا ، وإني لأريد اليوم دونها في الأيام الكثيرة فما أقدر عليه.

١١ ـ وأنشد :

لتقر عنّ عليّ السّنّ من ندم

إذا تذكّرت يوما بعض أخلاقي

هذا آخر قصيدة لتأبط شرّا ، واسمه ثابت بن جابر بن سفيان بن عديّ بن كعب ابن حرب بن تيم بن سعد بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان بن مضر بن نزار ومطلعها (٢)

__________________

(١) البيان والتبيين ١ / ١٨٠.

(٢) قول السيوطي : ومطلعها يا عيد. وأنشد بعده :

ولا أقول إذا ما خلة صرمت

لقد ترك ستة أبيات بين البيتين ، وقد حرف آخر البيت الرابع بقوله : هذا بين إرقاق. وفسره بقوله : والهذ : الاسراع. وحرف بعده قافية البيت بقوله : بين إرقاق. وفسره بقوله : والارقاق مصدر رقيقه. وكذلك حرف أوّل البيت الخامس بقوله : عاري الطنابيب ، بالطاء المهملة. وفسره بقوله جمع مطنب وهو ما بين المنكب والعاتق. وهذا شيء غير منقول وغير معقول فقد حرف الرواية المجمع عليها التي هي الصواب (عاري الظنابيب) بالظاء المشالة أي المعجمة جمع ظنبوب كعصفور وهو ظاهر عظم الساق والصواب في قوله هذا : هدا ، بالدال المهملة ، وهو الصوت الغليظ.

والارفاق في قول الشاعر : هدا بين إرفاق أو بين ارباق ، فالمراد بالارفاق الرفاق ، كأنه جمع على تقدير حذف الزوائد والارباق جمع ربق وهي الحلق التي تجعل في الحبل لتربط بها أولاد الغنم الصغار والصواب : أرفاق بالفاء وفتح الهمزة ويروى أرباق بفتح الهمزة واسكان الباء اه. باملاء حضرة الاستاذ محمد محمود الشنقيطى.

قلت : انظر المفضليات ٢٧ ـ ٣١ وفيه ما يؤيد اعتراض المرحوم الشنقيطي.

٥٠

يا عيد مالك من شوق وإيراق

وكرّ طيف على الأهوال طرّاق (١)

ولا أقول إذا ما خلّة صرمت

يا ويح نفسي من شوق وإشفاق

لكنّما عولي إن كنت ذا عول

على بصير بكسب الحمد سبّاق

سبّاق غايات مجد في عشيرته

مرجّع القول هذّا بين إرقاق

عاري الطّنابيب ، ممتدّ نواشره

مدلاج أدهم واهي الماء غسّاق

حمّال ألوية ، شهّاد أندية

قوّال محكمة جوّاب آفاق

قرع السنّ : ضربها بطرف الأنملة ونحوها. والندم : التأسف. والاخلاق ، جمع خلق بضمتين ، وقد يسكن : السجية والطبع. والعيد : ما اعتادك من نوم أو غيره. قال :

فالقلب يعتاده من حبّها عيد

والكرّ : الرجوع. والطيف : ما يجيء في النوم. والخلة : الصديقة. وصرمت : قطعت. والاشفاق : بمعنى الحذر ، فيعدّى بمن ، نحو أشفقت منه. وبمعنى الشفقة فيعدى بعلى ، نحو أشفت عليه. والعول : بكسر المهملة وفتح الواو. قال في الصحاح : يقال : عول عليّ بما شئت أي استغن بي ، كأنه يقول : احمل عليّ ما أحببت ، وما له في القوم من معول ، والاسم العول ، وأنشد البيت. وسباق : صيغة مبالغة من السبق. وترجيع القول : ترديده ، والهذ : الاسراع. والارقاق : مصدر رقيقة بمعنى رفقت به. والطنابيب ، جمع مطنب ، وهو المنكب والعاتق ، يقال : طنب الفرس فهو أطنب ، إذا كان طويل القرى. وطنب الفرس ، أي طال متنه ، وهو عيب. وأراد بقوله عاري الطنابيب : براءته من هذا العيب ، كما قال الآخر :

وقد لحقت بأولى القوم تحملني

حمراء لا شنج فيها ولا طنب

__________________

(١) في المفضليات : (ومر طيف).

٥١

والنواشر : عروق باطن الذراع ، جمع ناشرة. وجوّاب : صيغة مبالغة ، من جبت البلاد أجوبها إذا قطعتها. والآفاق : النواحي ، وهو إما على حقيقته في الأمكنة ، أو مجاز في الأقوال. والحكم : بقرينة قوله قوّال محكمة كما قال الآخر :

ملقّن ملهم فيما يحاوله

جمّ خواطره جوّاب آفاق

قال التبريزي (١) : سمي تأبط شرّا لأنه أخذ سيفا وخرج ، فقيل لأمه أين هو؟ قالت : لا أدري ، تأبط شرّا وخرج. وقيل : أخذ سكينا تحت أبطه وخرج إلى نادي قومه فوجأ بعضهم ، فقيل تأبط شرّا. وقيل : قالت له أمه يوما : إن الغلمان يجنون لأهلهم الكمأة فهلا فعلت كفعلهم ، فأخذ جرابه ومضى فملأه أفاعي وأتى متأبطا به ، أي جاعلا له تحت إبطه ، فألقاه بين يديها فخرجت الأفاعي منه تسعى فولت هاربة. فقال لها نساء الحيّ : ماذا الذي كان ابنك متأبطا له؟ فقالت : تأبط شرّا! وقيل : إنه رأى كبشا في الصحراء فاحتمله تحت إبطه ، فجعل يبول عليه طول طريقه ، فلما قرب من الحيّ ثقل عليه الكبش حتى لم يقله ، فرمى به ، فاذا هو الغول. فقال له قومه : ما كنت متأبطا يا ثابت! قال : الغول. قالوا : لقد تأبطت شرّا ، فسمي بذلك.

حكاه في الأغاني (٢) وإنه قال في ذلك :

تأبّط شرّا ثم راح أو اغتدى

يوائم غنما أو يشيف على ذحل

قال : وقيل : إنه سمي بهذا البيت. وفي الوشاح لابن دريد : أن كنيته أبو زهير. قال المصنف : وقد وافقه في اسمه واسم أبيه الشنفرى. وفي الأغاني : قال رجل لتأبط شرّا : بم تغلب الرجال وأنت دميم ضئيل؟ قال : باسمي ، إنما أقول ساعة ما ألقى الرجل : أنا تأبط شرّا ، فينخلع قلبه حتى أنال منه ما أردت.

١٢ ـ وأنشد :

يا حكم الوارث عن عبد الملك

__________________

(١) شرح حماسة أبي تمام ١ / ٧٥.

(٢) الاغاني ٢١ / ١٤٦ (الثقافة).

٥٢

هذا من أرجوزة لرؤبة ، وقد انتحلها أبو نخيلة السعدي لنفسه. أخرج ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى الأصمعي قال : حدّثني عبيد الله بن سالم قال : دخل عليّ أبو نخيلة وأنا في قبة مظلمة ، ودخل رؤبة فقعد في ناحية منها ، ولا يشعر كل واحد منهما بمكان صاحبه. فقلنا لأبي نخيلة أنشدنا ، فأنشد هذه ، وانتحلها لنفسه :

هاجك من أروى كمنهاض الفكك

هم إذا لم يعده هم فتك

وقد أرتنا حسنها ذات المسك

شادخة الغرّة زهراء الضّحك

تبلج الزّهراء في جنح الدّلك

يا حكم الوارث عن عبد الملك

أوديت إن لم تحب حبو المعتنك

أتت بإذن الله إن لم تتّرك

مفتاح حاجات انخناهنّ بك

الذّخر فيها عندنا والأجر لك

قال : ورؤبة يئط ويذحر ، فلما فرغ ، قال رؤبة : كيف أنت يا أبا نخيلة؟ فقال : يا سوأتاه ألا أراك هنا هذا كبيرنا الذي يعلمنا. فقال له رؤبة : إذا أتيت الشام فخذ منه ما شئت ، وما دمت بالعراق فإياك وإياه.

يقال : هاج الشيء يهيج واهتاج وتهيج أي ثار. وهاجه غيره يتعدى ولا يتعدى. وأروى ، جمع أروية ، وهي الأنثى من الوعول ، وبه سميت المرأة. وفي الصحاح : الفكك : انفساخ القدم. وأنشد البيت. وقال الأصمعي : إنما هو الفك من قولك فكه يفكه فكا ، فأظهر التضعيف ضرورة. وهم : فاعل هاجك. وفتك : قتل على غفلة وغيره. والمسك : بفتحتين ، اسورة من عاج أو ذبل ، واحدها مسكة. والشادخة : بشين وخاء معجمتين ودال مهملة : الغرّة التي فشت في الوجه من الناصية إلى الأنف ولم تصب العينين. تقول : شدخت الغرّة إذا اتسعت في الوجه. وزهراء : مشرقة. والضحك : كناية عن التبسم ، والوجه. وتبلج الصبح ، وانبلج وبلج أضاء. تبلج فلان ضحك ، هش. وجنح الليل ، بضم الجيم وكسرها ، طائفة

٥٣

منه والدلك : هنا الليل يقال : دلكت الشمس غربت ، وحكم (١) : هو ابن عبد الملك ابن مروان. قال ابن عساكر في تاريخه : لا عقب له. وأوديت : هلكت. وفي الصحاح : العانك بالنون رملة فيها تعقد لا يقدر البعير على المشي فيها الا أن يحبو ، يقال قد اعتنك البعير ، ومنه قول رؤبة :

أوديت إن لم تحب حبو المعتنك

يقول : هلكت إن لم تحمل حمالتي بجهد. انتهى.

وقد أورد الفارسي هذا البيت في الشيرازيات وأورد بعده :

ما بعدنا من غاية ولا درك

وقال : الماضي أوديت بمنزلة الآتي بدلالة ايقاع الشرط بعده ، ولو كان المراد الماضي لم يصح ، إذ لا يقال قمت إن قمت ، وإنما أقوم إن قمت ، لأن الجزاء إنما يكون بما لم يقع ، وأنت مبتدا خبره مفتاح حاجات. وتترك بالتشديد بمعنى تترك المخفف يقال : إترك افتعل بمعنى ترك. وأنخناهنّ أنزلناهنّ مستعار من أناخ الجمل أبركه.

فائدة :

رؤبة بن العجاج مرّ نسبه في ترجمة أبيه ، يكنى أبا الجحاف. وقيل. أبا العجاج من أعراب البصرة. قال ابن عساكر : مخضرم سمع أباه وأبا هريرة وعقيل ابن حنظلة ، روى عنه ابنه عبد الله وأبو عبيدة معمر بن المثنى ويحيى بن سعيد

__________________

(١) (قلت) : قول السيوطي : وحكم هو ابن عبد الملك بن مروان غلط واضح ليس لعبد الملك بن مروان ابن اسمه حكم وانما الصواب المتفق عليه ان حكم هذا في البيت المستشهد به هو ابن عبد الملك بن بشر بن مروان أخو عبد الملك بن مروان لا ابن عبد الملك كما قال السيوطي. انتهى املاء من حضرة الاستاذ.

٥٤

القطان والنضر بن شميل وأبو زيد سعيد بن أوس وأبو عمرو بن العلاء وخلف الأحمر وعثمان بن الهيثم ، ووفد على الوليد وسليمان ابني عبد الملك. وعدّه الجمحي في الطبقة التاسعة من شعراء الاسلام (١) وذكره البردعي في الأسماء المفردة ، وذكره ابن عديّ في الكامل وقال : ليس له إلّا حديث واحد في الحداء ولم يكن بروايته بأس. وقال ابن المديني : قال لي يحيى بن سعيد : دع رؤبة كيف كان. قال : إما إنه لم يكذب. وقال النسائي : رؤبة ليس بالقوي في الحديث. وقال العقيلي : لم يتابع على حديثه. قال ابن عون : كنا نشبه لهجة الحسن بلهجة رؤبة. وأخرج ابن عساكر من طريق أبي عثمان المازني عن الأصمعي عن خلف الاحمر قال : سمعت رؤبة يقول : ما في القرآن أعرب من قوله (فأصدع بما تؤمر) وقال الجمحي : رؤبة أكثر شعرا من أبيه. وقال بعضهم : إنه أفصح من أبيه. قال : وهو أوّل من قال تقصير الاسم وتخفيف النسب :

قد رفع العجاج ذكري فادعني

باسمي إذا الأنساب طالت يكفني

ومن شعره ، وقد ذكر فيما أخرجه ابن عساكر عنه،أنه لم يقل من غير الرجز سواه :

أيّها الشّامت المعيّر بالشّيب

أقلن بالشّباب افتخارا

قد لبست الشباب غضّا طريّا

فوجدت الشّباب ثوبا معارا

قال ابن عساكر : مات رؤبة سنة خمس وأربعين ومائة. ورأيت في كتاب مناقب الشبان وتقديمهم على ذوي الأسنان : تقول العرب أرجز الناس بنو عجل ، ثم بنو تميم ، يريدون الأغلب العجلي ، ثم العجاج ، ثم بنو عجل ، ثم بنو تميم ، يريدون أبا النجم العجلي ، ثم رؤبة وقيسه (٢). كان رؤبة يقول لأبيه : أنا أشعر منك. قال : وكيف؟ قال : لأني شاعر ابن شاعر وأنت شاعر ابن مفحم.

__________________

(١) الطبقات ٥٧١

(٢) كذا بالاصل؟

٥٥

فائدة :

لهم شاعر آخر يقال له رؤبة بن العجاج بن شدم الباهلي وأبوه العجاج أيضا شاعر ذكره الآمدي في المختلف وقال : أنشد له ثعلب :

قالت له وقولها أحزان

ذروه والقول له بيان

يا أبتا أرّقني القزان

فالنّوم لا تطعمه العينان

من وخز برغوث له أسنان

وللبعوض فوقه دندان

١٣ ـ وأنشد :

يعود الفضل منك على قريش

وتفرج عنهم الكرب الشّدادا

فما كعب بن مامة وابن سعدى

بأجود منك يا عمر الجوادا

هما من قصيدة لجرير يمدح بها عمر بن عبد العزيز ، وأوّل القصيدة (١) :

أبت عيناك بالحسن الرّقادا

وأنكر الأصادق والبلادا

لعمرك إنّ نفع سعاد عنّي

لمصروف ونفعي عن سعادا

فلا دية ، سقيت ، وديت أهلي

ولا قودا بقتلي مستفادا

ألمّا صاحبيّ نزر سعادا

لقرب مزارها وزر البعادا

فيوشك أن تشطّ بنا قذوف

يكلّ نياطها القلص الجلادا

إليك شماتة الأعداء أشكو

وهجرا كان أوّله بعادا

فكيف إذا نأت ونأيت عنها

أعزّي النّفس أو أزع الفؤادا

__________________

(١) ديوانه ١٣٥. والكامل ٦٥١

٥٦

أتيح لك الظّعائن من مراد

وما خطب أتاح لنا مرادا

إليك رحلت يا عمر بن ليلى

على ثقة أزورك واعتمادا

تعوّد صالح الأخلاق إنّي

رأيت المرء يلزم ما استعادا

أقول وقد أتين على قرورى

وآل البيد يطّرد اطّرادا

عليكم ذا النّدى عمر بن ليلى

جوادا سابقا بذّ الجيادا

إلى الفاروق ينتسب ابن ليلى

ومروان الذي رفع العمادا

ومن عبد العزيز لقيت بحرا

إذا نقص البحور المدّ زادا

فسدت النّاس قبل سنين عشر

كذاك أبوك قبل العشر سادا

وثبت الفروع فهنّ خضر

ولو لم يجي أصلهم لبادا

تزوّد مثل زاد أبيك فينا

فنعم الزّاد زاد أبيك زادا

فما كعب بن مامة وابن سعدى

بأكرم منك يا عمر الجوادا

هنيئا للمدينة إذ أهلّت

بأهل الملك أبدا ثم عادا

يعود الحلم منك على قريش

وتفرج عنهم الكرب الشّدادا

وقد ليّنت وحشهم برفق

وتعيي النّاس وحشك أن تصادا

وتبني المجد يا عمر بن ليلى

وتكفي الممحل السّنة الجمادا

وتدعو الله مجتهدا ليرضى

وتذكّر في رعيّتك المعادا

ونعم أخو الحروب إذا تردّى

على الزّعف المضاعفة النّجادا

وأنت ابن الخضارم من قريش

هم نصروا النّبوّة والجهادا

٥٧

وقادوا المؤمنين ولم تعوّد

عادة الرّوع خيلهم القيادا

إذا فاضلت مدّك من قريش

بحور عمّ زاخرها الثّمادا

وإن تندب خؤولة آل سعد

تلاق العزّ والسّلف الجعادا

لهم يوم الكلاب ويوم قيس

هراق على مسلّحة المزادا

وقوله : بالحسن ، هو موضع في بلاد بني ضبة ، سمي الحسن لحسن شجره. والأصادق : جمع صديق ، كأحاديث جمع حديث ، وأنشد الفارسي البيت بلفظ الأصادق. والبعاد جمع بعيد. قال : ولا أحفظه. والبلاد (١) ودية بالنصب مفعول وديت مقدّم. وقودا بالنصب معطوف عليه على تقدّم عامل يناسبه على حدّ :

علفتها تبنا وماء باردا

وسقيت : جملة دعائية معترضة ، والخطاب فيه وفي وديت بالكسر لسعاد على الالتفات. والالمام : النزول. وفلان يزور بالماما : أي في الأحايين. ويوشك : يقرب. وتشط : تبعد ، يقال : شطت الدار تشط ، وتشط بعدت بلده. وقذوف : أي طروح ببعدها ، بدال معجمة بوزن صبور ، ويكل بضم أوّله يعيى ، واللازم كل أي أعيا. ونياط : المفازة بعد طريقها فكأنها نيطت بمفازة أخرى لا تكاد تنقطع. قال العجاح :

وبلدة بعيدة النّياط

والقلص ، جمع قلوص ، وهي الفتية من النوق ، بمنزلة الجارية من النساء. والجلاد جمع جلدة بالتسكين ، من صفات الابل وهي أدسمها لبنا. وأزع ، مضارع وزعت الشيء ، كففته بزاي وعين مهملة. وأتيح له الشيء قدّر له. والظعائن ، جمع ظعينة ، وأصله الهودج ثم أطلق على الابل التي عليها الهوادج ، ثم أطلق على المرأة ما دامت في الهودج. ومراد : قبيلة من اليمن. وما خطب أي وأيّ خطب. وليلى : جدة عمر بن عبد العزيز أم أبيه ، وهي بنت الأصبغ بن زيادة

__________________

(١) كذا؟؟

٥٨

الكلبي. يقال إن أمه أيضا اسمها ليلى ، وهي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. وقوله : واعتمادا : عطف على محل الجار والمجرور ، لأنه في موضع الحال ، أي أزورك واثقا بك معتمدا عليك. وقوله :

تعوّد صالح الأخلاق إنّي

رأيت المرء يلزم ما استعادا

فيه حكمة بليغة ، وفي معناه ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن إبراهيم النخعي قال : قلّ ما عوّد الانسان الشيطان من نفسه عادة إلا استعادها منه ، واستعاد منا : بمعنى تعوّد. وقرورى : موضع. والآل : السراب. وتطرد : يجري ويتبع بعضه بعضا. وبذا : بتشديد المعجمة غلب. والفاروق : لقب عمر بن الخطاب ، وهو جدّ أم عمر كما تقدّم. والمدّ في البحر : الزيادة مع زيادة القمر ، وضدّه الجزر. وقوله :

تزوّد مثل زاد أبيك زادا

أورده المصنف في الباب الرابع شاهدا للمبرد على ما أجازه من قولك : نعم الرجل رجلا زيد ، وخرجه المصنف على أن زاد معمول لتزود ، إمّا مفعول مطلق إن أريد به التزوّد ، أو مفعول به إن أريد به الشيء الذي تتزوّده ، من أفعال البرّ ، وعليهما ، فمثل : نعت له تقدّم فصار حالا ، والوجهان ذكرهما ابن يسعون. ونقل عن الفرّاء : ان الزاد مصدر ، قال : ويجوز أن يكون تمييزا مثل قولهم : لي مثله رجلا ، أي تزوّد مثل زاد أبيك زادا. وكعب بن مامة الايادي من جوده أنه أثر في سفر رفقته بالماء حتى مات عطشا ، ومامة أبوه. وابن سعدى بضم السين هو أوس بن حارثة بن لام الطائي ، وسعدى أمه. وأهلت أظهرت ، يقال : أهلّ الهلال إذا بدا وأبدا. وتفرج بضم الراء. والممحل : الذي أصابه الجدب ، يقال أمحل القوم : أجدبوا. قال ابن السكيت : أمحل البلد فهو ما حل ، ولم يقولوا ممحل ، وربما جاء ذلك في الشعر ، قال حسان :

أما ترى رأسي تغيّر لونه

شمطا فأصبح كالثغام الممحل

٥٩

وسنة : جماد لا مطر فيها. وأرض جماد لم يصبها المطر. والزغف : بفتح الزاي وسكون المعجمة وفتحها وفاء جمع زغفة بالوجهين الدرع اللينة. وقيل : الواسعة. وقيل : الصغيرة الحلق. والمضاعفة : الدرع نسجت حلقتين حلقتين. والنجاد ، بكسر النون ، حمائل السيف ، وهو مفعول تردّى ، استعاره من لبس الرداء. والخضارم ، جمع خضرم ، بالكسر وهو الكثير العطية ، شبه بالبحر الخضرم ، وهو الكثير الماء. قوله : ولم تعوّد الخ .. أراد بالخيل الرجال يقول : لم تعوّد خيلهم أن تقاد وترأس ولكنها تقود وترأس. ومدك : فعل ماض جواب إذا ، ومفعول فاضلت محذوف ، وبحور فاعل مدّك. ومحرز آخرا مبتدا جدّا ارتفع. والثماد ، والثمد ، بالمثلثة : الماء الملح القليل الذي لا مادّة له. والجعاد ، جمع جعد ، وهو الكرير من الرجال. والكلاب بضم الكاف والتخفيف اسم ماء كانت عنده وقعة للعرب. ويوم الكلاب بالرفع مبتدا خبره لهم. ويوم قيس بالنصب ظرف لهراق. وهو قيس بن عاصم المنقري من بني سعد ، وكان غزا بكر ابن وائل بمسلحة ، وهي بضم الميم ، بين البصرة واليمامة ، فلما خاف من قومه أن يجبنوا أطلق أفواه المزاد فهراق الماء ، وقال لأصحابه : قاتلوا فالموت بين أيديكم والفلاة وراءكم. فقاتلوا فظفروا بالبكريين وأصابوا إبلا كثيرة.

١٤ ـ وأنشدني :

أيا جبلي نعمان بالله خلّيا

نسيم الصّبا يخلص إليّ نسيمها (١)

قال صاحب الحماسة البصرية : هو لقيس بن الملّوح ، وأورده بلفظ : طريق الصبا ، وبعده :

أجد بردها أو تشف منّي صبابة (٢)

على كبد لم يبق إلّا صميمها

فإنّ الصّبا ريح إذا ما تنسّمت

على نفس مهموم تجلّت همومها

__________________

(١) الامالي ٢ / ١٨١.

(٢) في الامالي : (حرارة).

٦٠