شرح شواهد المغني

أزمعت يأسا مبينا من نوالكم

ولن ترى طاردا للحرّ كاليأس

أضرب عنك الهموم طارقها

ضربك بالسيف قونس الفرس

جشأت فقلت اللذّ خشيت لكائن

ولئن أتاك فلات حين مناص

وسنّ كسنّيق سناء وسنّما

زعرت بمدلاج الهجير نهوض

فو الله لا أنس قتيلا رزئته

بجانب قوسى ما بقيت على الأرض

على أنها تعفو الكلوم وإنما

نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي

طول الليالي أسرعت في نقضي

نقضن كلّي ونقضن بعضي

إذا قيل أيّ الناس شر قبيلة

أشارت كليب بالأكف الاصابع

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا

أبشر بطول سلامة يا مربع

أبا خراشة أما أنت ذا نفر

فإن قومي لم تأكلهم الضبع

ولست أبالي بعد فقدي مالكا

أموتي ناء أم هو الآن واقع

من لا يزال شاكرا على المعه

فهو حر بعيشة ذات سعه

يقول الخنى وأبغض العجم ناطقا

إلى ربنا صوت الحمار اليجدع

قوم إذا سمعوا الصّريخ رأيتهم

ما بين ملجم مهره أو سافع

ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة

إليّ فهلّا نفس ليلى شفيعها

والنفس راغبة إذا رغبتها

وإذا تردّ إلى قليل تقنع

إذا باهليّ تحته حنظلية

له ولد منها فذاك المذرّع

فلا تطمع أبيت اللعن فيها

ومنعكها بشيء يستطاع

فواعجبا حتى كليب تسبّني

كأن أباها نهشل أو مجاشع

أما ترى حيث سهيل طالعا

نجما يضىء كالشهاب لامعا

أتجزع أن نفس أتاها حمامها

فهلّا التي عن بين جنبيك تدفع

على عن يميني مرت الطير سنحا

وكيف سنوح واليمين قطيع

لا تهين الفقير علك أن

تركع يوما والدهر قد رفعه

لا تجزعي إن منفسا أهلكته

وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي

الشعر صعب وطويل سلمه

إذا أرتقى فيه الذي لا يعلمه

زلت به الى الحضيض قدمه

يريد أن يعربه فيعجمه

وهم صلبوا العبدي في جذع نخلة

فلا عطست شيبان إلّا بأجدعا

ما يرتجى وما يخاف جمعا

فهو الذي كالليث والغيث معا

إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنما

يرجّى الفتى كي ما يضرّ وينفع

أردت لكيما أن تطير بقربتي

فتتركها شنا ببيداء بلقع

فقالت : أكلّ الناس أصبحت مائحا

لسانك كيما أن تغرّ وتخدعا

قد أصبحت أم الخيار تدّعي

عليّ ذنبا كله لم أصنع

فيا ربّ ليلى أنت في كل موطن

وأنت الذي في رحمة الله أطمع

إذا قال : قدني ، قلت : أليت حلفة

لتغني عنّي ذا إنائك أجمعا

فلما تفرقنا كأنّي ومالكا

لطول اجتماع لم نبت ليلة معا

لا نسب اليوم ولا خلّة

أتسع الخرق على الرّاقع

فغبرت بعدهم بعيش ناصب

وإخال إنّي لاحق مستتبع

إن كنت قاضي نحبي يوم بينكم

لو لم تمنّوا بوعد غير توديع

تعدون عقر النيب أفضل مجدكم

بني ضوطرى لو لا الكميّ المقنّعا

لعلك يوما أن تلمّ ملمّة

عليك من اللّائي يدعنك أجدعا

ربّ من أنضجت غيظا قلبه

قد تمنى لي موتا لم يطع

وإنك مهما تعط نفسك سؤله

وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا

كنت ويحيى كيدي واحد

نرمي جميعا ونرامى معا

يذكرن ذا البث الحزين ببثّه

إذا حنت الأولى سجعن لها معا

بينا تعانقه الكماة وروغه

يوما أتيح له جرىء سلفع

فبينا نحن نرقبه أتانا

معلق وفضة وزناد راعي

يا ليت شعري والمنى لا تنفع

هل أغدون يوما وأمري مجمع

لعمري وما عمري عليّ بهيّن

لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع

فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن

ومن لا نجره يمس منّا مفزّعا

مضى زمن والناس يستشفعون بي

فهل لي إلى لبنى الغداة شفيع

فإن يك جثماني بأرض سوأكم

فإنّ فؤادي عندك الدهر أجمع

قفي قبل التفرق يا ضباعا

ولا يك موقف منك الوداعا

عندي اصطبار وشكوى عند قاتلتي

فهل بأعجب من هذا امرؤ سمعا

فلقد تركت صبيّة مرحومة

لم تدر ما جزع عليك فتجزع

على حين عاتبت المشيب على الصبا

وقلت ألمّا أصح والشيب وأزع

أتاني أبيت اللعن أنك لمتني

وتلك التي تستكّ منها المسامع

مقالة أن قد قلت سوف أناله

وذلك من تلقاء مثلك رائع

يا أقرع بن حابس يا أقرع

إنّك إن يصرع أخوك تصرع

خليليّ ما واف بعهدي أنتما

إذا لم تكونا لي على من أقاطع

فبت كأني ساورتني ضيئلة

من الرقش في أنيابها السم ناقع

وكوني بالمكارم ذكريني

ودلّي دلّ ماجدة صناع

أأكرم من ليلى عليّ فتبتغي

به الجاه أم كنت امرأ لا أطيعها

وقد كنت في الحرب ذا تدرء

فلم أعط شيئا ولم أمنع

أخذنا بآفاق السماء عليكم

لنا قمراها والنجوم الطوالع

فلما أن جرى سمن عليها

كما طيّنت بالفدن السّباعا

بني غدانة ما إن أنتم ذهبا

ولا صريفا ولكن أنتم خزف

أيا شجر الخابور مالك مورقا

كأنك لم تجزع على ابن طريف

أخالد قد والله أوطأت عشوة

وما قائل المعروف فينا يعنّف

كأنّ أذنيه إذا تشوّفا

قادمة أو قلما محرّفا

غضبت عليّ لئن شربت بجزة

فلأن غضبت لأشربن بخروف

ولبس عباءة وتقرّ عيني

أحبّ اليّ من لبس الشفوف

فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا

إذا نحن فيهم سوقة ليس تنصف

أقبلت من عند زياد كالخرف

تخط رجلاي بخطّ مختلف

نحن نفوس الوديّ أعلمنا

منا بركض الجياد في السدف

وأن يعرين إن كسي الجواري

فتنبو العين عن كرم عجاف

يا ليت حظي من نداك الصافي

والفضل أن تتركني كفاف

وقالوا تعرّفها المنازل من منى

وما كل من وافى منى أنا عارف

لتقرعنّ عليّ السنّ من ندم

إذا تذكرت يوما بعض أخلاقي

ولا تدفنني في الفلاة فانني

أخاف إذا مت أن لا أذوقها

فلو أنّك في يوم الرخاء سألتني

طلاقك لم أبخل وأنت صديق

أما والله أن لو كنت حرا

وما بالحر أنت ولا العتيق

أحقا أن جيرتنا استقلوا

فنيتنا ونيتهم فريق

نحن وأنتم الأولى ألفوا الح

ق ، فبعدا للمبطلين وسحقا

تشب لمقرورين يصطليانها

وبات على النار الندى والمحلّق

تذر الجماجم ضاحيا هاماتها

بله الأكف كأنها لم تخلق

ولا يؤاتيك فيما ناب من حدث

إلا أخو ثقة ، فانظر بمن تثق

أبى الله إلا سرحة مالك

على كل أفنان العضاه تروق

الم تسأل الربع القواء فينطق

هل تخبرنك اليوم بيداء سملق

فلما تبيّنا الهدى كان كلّنا

على طاعة الرحمن والحق والتقى

ما كان ضرك لو مننت وربّما

منّ الفتى وهو المغيظ المحنق

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل

وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق

لن يخب الآن من رجائك من

حرّك من دون بابك الحلقه

أنورا سرع ماذا يا فروق

وحبل الوصل منتكث حذيق

جارية لم تأكل المرققا

ولم تذق من البقول الفستقا

ووالله لو لا تمره ما حببته

وكان أدنى من عبيد ومشرق

يا عجبا لهذه الفليقه

هل تذهبنّ القوباء الريقه

نحن بنات طارق

نمشي على النمارق

سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا

محيّاك أخفى ضوؤه كل شارق

عرضنا فسلمنا فسلّم كارها

علينا وتبريح من الوجد خانقه

أفنى تلادي وما جمّعت من نشب

قرع القوارير أفواه الأباريق

فيها خطوط من سواد وبلق

كأنه في الجلد توليع البهق

فديت بنفسه نفسي ومالي

وما ألوك إلّا ما أطيق

تبلج الزهراء في جنح الدلك

يا حكم الوارث عن عبد الملك

يا أبتا علّك أو عساكا

تقول بنتي قد أنى أناكا

يا أبن الزبير طالما عصيكا

وطالما عنيتنا إليكا لنضربن بسيفنا قفيكا

وكنت إذ كنت إلهي وحدكا

لم يك شيء يا إلهي قبلكا

قالت له وهو يعيش ضنك

لا تكثري لومي وخلّي عنك

تعيّرنا أنّنا عالة

ونحن صعاليك وأنتم ملوكا

فقلت : أجرني أبا خالد

وإلّا فهبني أمرا هالكا

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل

وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد

إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي

لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها

وأمكنني منها إذن لا أقيلها

بأنك ربيع وغيث مريع

وأنك هناك تكون الثمالا

كذبتك عينك أم رأيت بواسط

غلس الظلام من الرباب خيالا

وكل أناس سوف يدخل بينهم

دويهية تصفرّ منها الأنامل

رأيت الوليد بن اليزيد مباركا

شديدا بأعباء الخلافة كاهله

قد قيل ذلك إن حقا وإن كذبا

فما اعتذارك من قول إذا قيلا

نلم بدار قد تقادم عهدها

وإما بأموات ألمّ خيالها

فقالوا : لنا ثنتان لابدّ منهما

صدور الرماح أشرعت أو سلاسل

أم لا سبيل الى الشباب ذكره

أشهى إليّ من الرحيق السلسل

وترمينني بالطرف ، أي أنت مذنب

وتقلينني ، لكنّ إياك لا أقلي

إذا ما لقيت بني مالك

فسلّم على أيهم أفضل

إن محلا وإن مرتحلا

وإن في السفر إذ مضوا مهلا

لمية موحش طلل

يلوح كأنه خلل

استغن ما أغناك ربّك بالغنى

وإذا تصبك خصاصة فتجمل

رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم

قطينا لهم حتى إذا نبت البقل

كائن دعيت إلى بأساء داهمة

فما انبعثت بمزؤد ولا وكل

وليس بذي سيف فيقتلني به

وليس بذي سيف وليس بنبّال

ألا أنني شربت أسود حالكا

ألا بجلي من الشراب ألا بجل

وما هجرتك لا بل زادني شغفا

هجر وبعد التراخي لا إلى الأجل

وقلن ألا البرديّ أول مشرب

أجل جير إن كانت رواء أسافله

بقتل بني أسد ربهم

ألا كل شيء سواه جلل

رسم دار وقفت في طلله

كدت أقضي الحياة من جلله

رأيت الناس ما حاشا قريشا

فإنا نحن أفضلهم فعالا

ليس العطاء من الفضول سماحة

حتى تجود وما لديك قليل

والله لا يذهب شيخي باطلا

حتى أبير مالكا وكاهلا

فما زالت القتلى تمج دماءها

بدجلة حتى ماء دجلة أشكل

يغشون حتى ما تهر كلابهم

لا يسألون عن السواد المقبل

إذا ريدة من حيث ما نفحت له

أتاه بريّاها خليل يواصله

ألا كل شيء ما خلا الله باطل

وكل نعيم لا محالة زائل

فيا رب يوم قد لهوت وليلة

بآنسة كأنها خط تمثال

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

فويق جبيل شامخ لن تناله

بقنّته حتى تكلّ وتعملا

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع

فألهيتها عن ذي تمائم محول

ألا رب يوم لك منهن صالح

ولا سيما يوم بدارة جلجل

أن الكريم وأبيك يعتمل

إن لم يجد يوما على من يتكل

غدت من عليه بعد ماتم ظمؤها

تصل وعن قيض ببيداء مجهل

ومنهل وردته عن منهل

قفر به الأعطان لم تسهل

دع عنك نهبا صيح في حجراته

ولكن حديثا ما حديث الرواحل

يا رب يوم لي لا أظلّله

أرمض من تحت وأضحي من عله

أقب من تحت عريض من عل

معاود كرّة أدبر أقبل

مكر مفر مقبل مدبر معا

كجلمود صخر حطه السيل من عل

لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت

حمامة في غصون ذات أو قال

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللوى بين الدخول فحومل

يا أحسن الناس ما قرنا الى قدم

ولا حبل محب واصل تصل

ويركب يوم الروع منا فوارس

بصيرون في طعن الأباهر والكلي

ألا عم صباحا أيها الطلل البالي

وهل يعمن من كان في العصر الخالي

وهل يعمن من كان أحدث عهده

ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال

حلفت لها بالله حلفة فاجر

لناموا فما إن من حديث ولامالي

فأوقدت ناري كي ليبصر ضوءها

وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله

يميد إذا مادت عليه دلاؤهم

فيصدر عنها كلها وهو ناهل

كل امرىء مصبّح في أهله

والموت أدنى من شراك لعله

كل ابن انثى وإن طالت سلامته

يوما على آلة حدباء محمول

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه

فكل رداء يرتديه جميل

إنّ للخير وللشرّ مدى

وكلا ذلك وجه وقبل

ويوم عقرت للعذارى مطيتي

فيا عجبا من رحلها المتحمّل

لنا الفضل في الدنيا وأنفك راغم

ونحن لكم يوم القيامة أفضل

فيالك من ليل كأن نجومه

بكلّ مغار الفتل شدت بيذبل

أريد لأنسى ذكرها فكأنما

تمثل لي ليلى بكل سبيل

كأنّ قلوب الطير رطبا ويابسا

لدى وكرها العناب والحشف البالي

فخير نحن عند الناس منكم

إذا الداعي المثوب قال : يا لا

محمد تفد نفسك كل نفس

إذا ما خفت من شيء تبالا

لمتى صلحت ليقضين لك صالح

ولتجزينّ إذا جزيت جميل

كأنّ دثارا حلّقت بلبونه

عقاب تنوفي لا عقاب القواعل

لا همّ إنّ الحارث بن جبلة

زنا على أبيه ثم قتله

وركّب الشّادخة المحجلة

وكان في جاراته لا عهد له

وأيّ أمر سيّيء لا فعله

فلا الجارة الدنيا لها تلحينها

ولا الضيف فيها إن أناخ محوّل

وتلحينني في اللهو أن لا أحبه

وللهو داع دائب غير غافل

أبى جوده لا البخل واستعجلت به

نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله

ولو أنّما أسعى لأدنى معيشة

كفاني ، ولم أطلب ، قليل من المال

ولكنما أسعى لمجد مؤثل

وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي

لقد أقوم مقاما لو يقوم به

أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل

وربما فات قوما جلّ أمرهم

من التأنّي ، وكان الحزم لو عجلوا

تجاوزت أحراسا عليها ومعشر

عليّ حراصا لو يسرّون مفتلي

لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا

جنوده ضاق عنها السهل والجبل

لو يشا طار به ذو ميعة

لا حق الآطال نهد ذو خصل

ولو نعطي الخيار لما افترقنا

ولكن لا خيار مع الليالي

أما والذي لو شاء لم يخلق النوى

لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي

لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة

تدع الحوائم لا يجدن غليلا

ألا زعمت أسماء أن لا أحبها

فقلت : بلى ، لو لا ينازعني شغلي

وأضحت مغانيها قفارا رسومها

كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل

لن تزالوا كذلكم ثم لازل

ت لهم خالدا خلود الجبال

فقولا لها قولا رقيقا لعلّها

سترحمني من زفرة وعويل

فليت دفعت الهمّ عني ساعة

فبتنا على ما حيلت ناعما بالي

فلست بآتيه ولا مستطيعه

ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل

ولكن من لا يلق أمرا ينوبه

بعدّته ينزل وهو أعزل

هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها

وليس منها شفاء الداء مبذول

ربما تكره النفوس من الأم

ر له فرجة كحلّ العقال

فتلك ولاة السوء قد طال مكثهم

فحتّام حتّام العناء المطوّل

إنّا قتلنا بقتلانا سراتكم

أهل اللواء ففيما يكثر القيل

ألا تسألان المرء ماذا يحاول

أنحب فيقضى أم ضلال وباطل

أنا الذائد الحامي الذمار وإنما

يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

ألا أصبحت أسماء جازمة الحبل

وضنّت علينا والضّنين من البخل

بينما نحن بالأراك معا

إذ أتى راكب على جمله

إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا

إنّا كذلك ما نحفى وننتعل

أخذوا المخاض من الفصيل غلّبة

ظلما ، ويكتب للأمير : أفيلا

فتوضح فالمقرأة لم يعف رسمها

لما نسجتها من جنوب وشمآل

ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة

فقالت لك الويلات إنك مرجلي

وإنّ شفائي عبرة مهراقة

وهل عند رسم دارس من معول

بكيت وما بكا رجل حزين

على ربعين مسلوب وبالي

وليل كموج البحر أرخى سدوله

علي بأنواع الهموم ليبتلي

أكلت بنيك أكل الضب حتى

وجدت مرارة الكلأ الوبيل

ألا يا اسقياني قبل غارة سنجال

وقبل منايا قد حضرن وأوجال

زعم العواذل أنني في غمرة

صدقوا ، ولكن غمرتي لا تنجلي

فقد أدركتني والحوادث جمة

أسنّة قوم لا ضعاف ولا عزل

وبدلت والدهر ذو تبدّل

هيفا دبورا ، بالصبا والشمآل

ذاك الذي وأبيك يعرف مالك

والحق يدمغ ترهات الباطل

كأن وقد أتى حول كميل

أثافيها حمامات مثول

أراني ـ ولا كفران لله ـ آية

لنفسي قد طالبت غير منيل

لعمرك والخطوب مغيّرات

وفي طول المعاشرة التقالي

لقد باليت مظعن أم أوفى

ولكن أم أوفى لا تبالي

ولو أنّ ما عالجت لين فؤادها

فقسا استلين به للآن جندل

فإن تزعميني كنت أجهل فيكم

فإني شريت الحلم بعدك بالجهل

ألكني إلى قومي السلام رسالة

بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا

وقائلة تجنّى عليّ أظنه

سيودي به ترحاله وحوائله

كل أمر مباعد أو مدان

فمنوط بحكمة المتعالي

يا زيد زيد اليعملات الذبل

تطاول الليل ـ هديت ـ فانزل

فظلّ طهاة اللحم ما بين منضج

صفيف شواء أو قدير معجّل

ضيّعت حزمي في أبعادي الأملا

وما ارعويت وشيب رأسي اشتعلا

وقد اغتدي والطير في وكناتها

بمنجرد قيد الأوابد هيكل

فإن لم تجد من دون عدنان والدا

ودون معدّ فلتزعك العواذل

وما كنت ذا نيرب فيهم

ولا منمش فيهم منمّل

غير أنّا لم تأتنا بيقين

فنرجّى ونكثر التأميلا

جفوني ولم أجف الأخلّاء إنني

لغير جميل من خليليّ مهمل

فأتت به حوش الفؤاد مبطّنا

سهدا إذا ما نام ليل الهوجل

كأن ثبيرا في عرانين وبله

كبير أناس في بجاد مزمّل

ألم تعلمي يا عمرك الله أنّني

كريم على حين الكرام قليل

وأني لا أخزى إذا قيل مملق

سخيّ وأخزى أن يقال بخيل

وان مدّت الأيدي الى الزاد لم أكن

بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل

خرجت بها أمشي تجر وراءنا

على أثرينا ذيل مرط مرجل

على أنّني بعد ما قد مضى

ثلاثون للهجر حولا كميلا

فارسا ما غادروه ملحما

غير زمّيل ولا نكس وكل

وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني

ثوبي فأنهض نهض الشارب الثّمل

اعتاد قلبك من سلمى عوائده

وهاج أحزانك المكنونة الطّلل

ربع قواء أذاع المعصرات بها

وكل حيران سار ماؤه خضل

وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم

يلاقونه حتى يؤوب المنخّل

فلم أر مثلها حباسة واحد

ونهنهت نفسي بعد ما كدت افعله

يا عمرو إنّك قد مللت صحابتي

وصحابتيك إخال ذاك قليل

فألفيته غير مستعتب

ولا ذاكر الله إلا قليلا

إن يكن طبك الدلال فلو في

سالف الدهر والسنين الخوالي

بكرت عليه بكرة فوجدته

قعودا لديه بالصريم عوادله

فتى هو حقا غير ملغ قوله

ولا تتّخذ يوما سواه خليلا

لما أغفلت شكرك فاصطنعني

فكيف ومن عطائك جل مالي

مما حملن به وهنّ عواقد

حبّك النّطاق فشب غير مهبّل

حملت به في ليلة مزؤودة

كرها وعقد نطاقها لم يحلل

إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا

أو تنزلون ، فانّا معشر تزل

فلا تلحني فيها فانّ بحبّها

أخاك مصاب القلب جمّ بلابله

كأن أوب ذراعيها وقد عرقت

وقد تلفع بالقور العساقيل

إذا أحسن ابن العم بعد إساءة

فلست لشرّي بعده بحمول

أيا جبلي نعمان بالله خليا

نسيم الصبا يخلص إليّ نسيمها

أتغضب إن أذنا قتيبة حزّنا

جهارا ، ولم تغضب لقتل ابن خازم

فأقسم أن لو التقينا

لكان لكم من الشر مظلم

ويوما توافينا بوجه مقسّم

كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم

فقمت للطيف مرتاعا فأرقني

فقلت : أهي سرت أم عادني حلم

يا ليت شعري ولا منجى من الهرم

أم هل على العيش بعد الشيب من ندم

ذاك خليل وذو يواصلني

يرمي ورائي بامسهم وامسلمه

فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن

وإن تحرقي يا هند فالحرق أشأم

فأنت طلاق ، والطلاق عزيمة

ثلاث ، ومن يحرق أعقّ وأظلم

فبيني بها إن كنت غير رفيقة

وما لامرىء بعد الثلاث مقدّم

سقته الرواعد من صيف

وإن خريف فلن يعدما

إنّ بها أكتل أو رزاما

خويربين ينقفان الهاما

وتنصر مولآنا ونعلم أنه

كما الناس مجروم عليه وجارم

وكنت إذا غمزت قناة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيما