إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٣٢

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

مستدرك

إن عليا عليه‌السلام كان معه راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

في بدر واحد وغيرهما

قد مضى نقل ما يدل عليه من أعلام العامة في ج ٨ ص ٣٤٨ وج ١٣ ص ٣١٠ وج ١٨ ص ٧١ و ٧٤ و ٧٦ وج ٢٠ ص ٣٢٩ و ٣٣١ ومواضع أخرى من هذا الكتاب المستطاب ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم العلامتان الشريف عباس أحمد صقر وأحمد عبد الجواد في «جامع الأحاديث» (ج ٩ ص ١٤٦ ط دمشق) قالا :

كانت رايته صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع علي وراية الأنصار مع سعد بن عبادة ـ الحديث (حم) عن ابن عباس.

ومنهم العلامة الحافظ أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي المتوفى سنة ٣٥٤ في «السيرة النبوية وأخبار الخلفاء» (ص ١٥٣ و ١٥٤ و ٢١٥ و ٢٢١ و ٢٣٤ و ٢٥٨ ط مؤسسة الكتب الثقافية ودار الفكر في بيروت) قال :

وأعطى اللواء علي بن أبي طالب.

ومنهم أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ في «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (ج ٣ ص ١٥٦ ط دار الكتب العلمية بيروت) قال :

وحمل لواءه علي بن أبي طالب.

ومنهم الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة ٣٦٠ في «المعجم الكبير» (ج ١١ ص ٣٨٨ ط مطبعة الأمة ببغداد) قال :

٣٤١

حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا حفص بن غياث ، عن الحجاج ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : كان عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر ، وكان المهاجرون نيفا وستين رجلا ، وكانت الأنصار مائتين وستة وثلاثين رجلا ، وكان صاحب راية المهاجرين علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادةرضي‌الله‌عنهم.

وقال أيضا في ص ٣٩٣ :

حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل ، ثنا علي بن الجعد ، ثنا أبو شيبة ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس : إن علي بن أبي طالب كان صاحب راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم بدر وصاحب راية المهاجرين علي وفي المواطن كلها وقيس بن سعد ابن عبادة صاحب راية علي.

ومنهم العلامة المولى شهاب الدين أحمد الخفاجي المصري في «نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض» (ج ١ ص ٣٥٨ ط دار الفكر ـ بيروت) قال :

وسلّم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الراية عليا كرم الله وجهه.

ومنهم العلامة يوسف بن إسماعيل النبهاني رئيس محكمة الحقوق في بيروت في «الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية» (ص ٦٣ ط دار الإيمان ـ دمشق وبيروت) قال :

وحمل اللواء علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه.

ومنهم السيد رفاعة الطهطاوي في «نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (ج ٢ ص ٥١ ط مكتبة الآداب بالحجاز) قال :

وحمل علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه اللواء وكان أبيض.

٣٤٢

ومنهم الفاضل المعاصر صالح يوسف معتوق في «التذكرة المشفوعة في ترتيب أحاديث تنزيه الشريعة المرفوعة» (ص ٣٩ ط دار البشائر الإسلامية ـ بيروت) قال :

كانت راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم أحد مع علي وراية المشركين مع طلحة ١ / ٣٨٥

ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول في «موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف» (ج ٥ ص ٣١ ط عالم التراث للطباعة والنشر ـ بيروت) قال :

دفع الراية إلى علي بن أبي طالب مجمع ٩ : ١٢٥.

دفع الراية إلى علي يوم بدر ك ٣ : ١١١.

وأشار إلى ذلك أيضا في ج ٦ ص ١٦٩ و ٢٨٢.

ومنهم العلامة المعاصر الشيخ محمد عفيف الزعبي كان حيا سنة ١٣٩٦ في «مختصر سيرة ابن هشام» (ص ١١٨ ط بيروت سنة ١٤٠٢) قال :

وكان أمام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رايتان سوداوان ، إحداهما مع علي بن أبي طالب ، يقال لها العقاب والأخرى مع بعض الأنصار.

وقال جماعة من فضلاء لجنة الزهراء للإعلام العربي في «العشرة المبشرون بالجنة من طبقات ابن سعد» (ص ١٩٣ ط الزهراء للإعلام العربي في القاهرة):

أخبرنا روح بن عبادة قال : أخبرنا بسطام بن مسلم ، عن مالك بن دينار قال : قلت لسعيد بن جبير : من كان صاحب راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : إنك لرخو اللبب. فقال لي معبد الجهني : أنا أخبرك ، كان يحملها في المسير ابن ميسرة العبسي ، فإذا كان القتال أخذها علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه.

٣٤٣

مستدرك

ما ورد في شجاعته عليه‌السلام يوم بدر

تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ٤ ص ٢٥٤ و ٢٦٥ وج ٥ ص ٣٦٨ وج ٨ ص ٣١٨ و ٣٤٩ و ٣٦٦ و ٣٧٠ و ٥٢٦ وج ١٨ ص ٢٩ و ٧٢ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم ننقل عنها فيما سبق :

فمنهم الفاضلان المعاصران الشريف عباس أحمد صقر وأحمد عبد الجواد المدنيان في «جامع الأحاديث» (القسم الثاني ج ٤ ص ٢٧٢ ط دمشق) قالا :

عن علي رضي‌الله‌عنه قال : تقدم عتبة بن ربيعة وتبعه ابنه وأخوه ، فنادى : من يبارز؟ فانتدب له شباب من الأنصار ، فقال : من أنتم؟ فأخبروه ، فقال : لا حاجة لنا فيكم ، إنما أردنا بني عمنا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قم يا حمزة ، قم يا علي ، قم يا عبيدة بن الحارث ، وأقبل حمزة إلى عتبة ، وأقبلت إلى شيبة ، واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان ، فأثخن كل واحد منهما صاحبه ، ثم ملنا على الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة.(د ، ك ، ق في الدلائل).

وقالا أيضا في ٧٤٤ :

عن محمد بن علي بن الحسين رضي‌الله‌عنه قال : لما كان يوم بدر ، فدعا عتبة بن ربيعة إلى البراز ، قام علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه إلى الوليد بن عتبة ، وكانا مشتبهين حدثين ، وقال بيده فجعل باطنهما إلى الأرض فقتله ، ثم قام شيبة بن ربيعة ، فقام إليه حمزة وكانا مشتبهين ، وأشار إليه فوق ذلك فقتله ، ثم قام عتبة بن ربيعة ، فقام إليه عبيدة بن الحارث وكان مثل هاتين الأسطوانتين فاختلفا ضربتين ، فضربه

٣٤٤

عبيدة ضربة أرخت عاتقه الأيسر ، فأسف عتبة لرجل عبيدة فضربها بالسيف فقطع ساقه ، ورجع حمزة وعلي رضي‌الله‌عنهما على عتبة فأجهزا عليه ، وحملا عبيدة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في العريش فأدخلاه عليه ، فأضجعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووسده رجله ، وجعل يمسح الغبار عن وجهه ، فقال عبيدة : أما والله يا رسول الله ، لو رآك أبو طالب لعلم أني أحق بقوله منه حين يقول:

ونسلمه حتى نصرع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

ألست شهيدا؟ قال : بلى ، وأنا الشاهد عليك ، ثم مات فدفنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالصفراء ، ونزل في قبره ، وما نزل في قبر أحد غيره. (كر).

ومنهم العلامة الشيخ عبد العزيز الثعالبي التونسي المتوفى سنة ١٩٤٤ م في «معجز محمد رسول الله» صلعم (ص ٢٣٩ ط دار الغرب الإسلامي) قال :

العاص بن سعيد بن العاص بن أمية ، والوليد بن عتبة بن ربيعة ، وعامر بن عبد الله بن أنمار ، وطعيمة بن عدي ، ونوفل بن خويلد بن أسد المعرف بابن العدوية ، والنضر بن الحرث بن كلدة بن علقمة قتل في الأسر ، وعمير بن عثمان بن عمرو بن كعب ، ومسعود بن أبي بن أمية بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكهة بن المغيرة ، وعبد الله بن المنذر بن أبي رفاعة بن عائذ ، والعاس بن منبه بن الحجاج ، وأبو العاص قيس بن عدي ، وأرس بن معبر بن لوذان ، ومعاوية بن عامر ، ومسعود بن أبي أمية بن المغيرة ، وحاجب بن السائب ، هؤلاء قتلهم علي بن أبي طالب ، وقيل شاركه في قتلهم آخرون ذكرهم الرواة.

وذكر جماعة شجاعته عليه‌السلام في ذلك اليوم :

فمنهم الحافظ الشيخ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله الشامي المصري المتوفى سنة ٦٥٦ في «مختصر سنن أبي داود» (ج ٤ ص ١٢ ط دار

٣٤٥

المعرفة ـ بيروت).

ومنهم الحافظ الشيخ محمد بن حبان بن أبي حاتم التميمي البستي المتوفى سنة ٣٥٤ في كتابه «الثقات» (ج ١ ص ١٧١ ط دائرة المعارف العثمانية في حيدرآباد).

ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه «تاريخ الأحمدي» (ص ٥٠ ط بيروت سنة ١٤٠٨).

ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبي في كتابه «حياة الإمام علي عليه‌السلام» (ص ١٢٦ ط دار الجيل في بيروت).

ومنهم السيد رفاعة رافع الطهطاوي في «نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (ج ٢ ص ٥٨ ط مكتبة الآداب ومطبعتها بالجماميز).

ومنهم العلامة الحافظ أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي المتوفى سنة ٣٥٤ في «السيرة النبوية وأخبار الخلفاء» (ص ١٧٥ ط بيروت) قال :

وقتل علي بن أبي طالب في ذلك اليوم الوليد بن عتبة بن ربيعة ، وقتل طعيمة بن عدي بن نوفل أخا طعمة ، فلما علاه بالسنة قال : والله لا تخلصنا في الله بعد اليوم أبدا ، وشارك حمزة في قتل عتبة بن ربيعة ، وقتل عامر بن عبد الله الأنماري حليف بني عبد شمس ، وقتل النضر بن الحارث بن كلدة أحد بني عبد مناف ، وقتل العاص ابن سعيد بن العاص بن أمية ، وقتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة.

فجميع من قتل من المشركين في ذلك اليوم أربعة وسبعون رجلا وأسر مثل ذلك.

ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في «علي إمام المتقين» (ج ١ ص ٤١ ط مكتبة غريب الفجالة) قال :

٣٤٦

إن عليا لمن أفتى فرسان الله كان في نحو العشرين يوم بدر ، وتقدم أقوى فرسان قريش يتحدون المسلمين ، ويستفزون محمدا ، ويطلبون أقوى فرسانه للمبارزة.

برز من صناديد المشركين عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد فقالوا : من يبارز؟ فخرج مع المسلمين فتية من الأنصار ، فقال عتبة : لا نريد من هؤلاء ، ولكن يبارزنا من بني أعمامنا من بني عبد المطلب. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قم يا حمزة ، قم يا عبيدة ، قم يا علي. فبرز حمزة لعتبة فقتله ، وبرز علي للوليد بن عتبة فقتله ، وقتل عبيدة بن الحارث شيبة بمساعدة حمزة وعلي ، بعد أن قطع شيبة رجل عبيدة.

ونزلت في ذلك الآية الكريمة (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) فالذين آمنوا هم حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث ، والمفسدون في الأرض هم عتبة وشيبة والوليد بن عتبة.

وعند ما التحم الجمعان فعل حمزة وعلي في جيش المشركين الأفاعيل ، كما أبلى المجاهدون في سبيل الله بلاء حسنا.

قال علي : قاتلت يوم بدر قتالا ثم جئت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإذا هو ساجد يقول : يا حي يا قيوم. ثم ذهبت فقاتلت ثم جئت فإذا النبي ساجد يقول : يا حي يا قيوم. ففتح الله عزوجل عليه.

وفي يوم بدر قتل علي أصحاب ألوية قريش ، فأبصر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم جماعة من مشركي قريش فقال لعلي : احمل عليهم ، فحمل عليهم ففرق جمعهم ، وفروا ، وقتل منهم سيد بني جمح. ثم أبصر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم جماعة أخرى من المشركين فقال لعلي : احمل عليهم. فحمل عليهم ففرقهم وقتل منهم سيد بني عامر بن لؤي. وفي يوم بدر قتل علي كثيرا من زعماء قريش.

ومنهم الفاضل المعاصر محمد بن قاسم ابن الوجيه في «المنهاج السوي» شرح منظومة الهدى النبوي للحسن بن إسحاق (ص ٢٩٤ ط صنعاء) قال :

٣٤٧

وبعد أن تعدلت الصفوف خرج عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فدعوا إلى المبارزة ، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار ، فقالوا لهم : من أنتم؟ فتسموا لهم ، فقالوا : ما لنا بكم من حاجة ، ثم نادى مناديهم : يا محمد! أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قم يا حمزة وقم يا علي وقم يا عبيدة فقاموا ، فلما دنوا من القوم قالوا : من أنتم؟ فتسموا لهم ، فقالوا : نعم ، أكفاء كرام. فبارز عبيدة عتبة ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز علي الوليد ، فأما حمزة وعلي فلم يمهلا شيبة والوليد أن قتلاهما ، وأما عبيدة فاختلف هو وعتبة ضربتين أثبت كل منهما صاحبه ، وكرّ حمزة وعلي على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله حتى حازاه إلى المسلمين ، وأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حفنة من حصى واستقبل بها قريشا وقال : شاهت الوجوه ، ونفحهم بها وقال لأصحابه : شدوا عليهم فوقع النصر ، فما بقي رجل من المشركين إلا ملئت عينه ترابا من تلك الرمية التي رماها وفيها أنزل الله (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (الأنفال ٨ / ١٧) وفيها أسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف وابنه عليا ، فلما أخذ بيده وبيد ابنه قال لعبد الرحمن بن عوف : من الرجل المعلم فيكم بريشة نعامة في صدره؟ قال : ذلك حمزة بن عبد المطلب ، فقال : ذلك الذي فعل بنا الأفاعيل ، ثم لقيهما بلال بن رباح ، وكان أمية هو الذي يعذب بلالا بمكة ، فقال : رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا ، فقال عبد الرحمن لبلال : اسمع يا ابن سوداء ، قال : لا نجوت إن نجا ، ثم صرخ بأعلى صوته : يا أنصار الله هذا رأس الكفر أمية بن خلف ، فأقبل رهط من الأنصار فقتلوا ابنه عليا ثم قتلوه ، وفيها قتل أبو جهل بن هشام ، قيل : قتله ابنا عفراء معاذ ومعوذ ، وانطلق ابن مسعود فوجد أبا جهل في آخر رمق من حياته فأخذ بلحيته ، فقال : أنت أبو جهل؟ فقال : وهل فوق رجل قتله قومه؟ ثم قال له : لمن الدائرة اليوم؟ قال : لله ولرسوله ، وقال له : من الرجل النقي العارضين الذي كان ينحدر أمامه ثم ينحدر خلفه؟ فقال : أما تعرفه؟ قال : لا ، قال : ذلك علي بن

٣٤٨

أبي طالب ، قال : ذلك الذي قتل الصناديد ، ما ترك للصلح موضعا ، ثم قال له ابن مسعود : هل أخزاك الله يا عدو الله! ووضع قدمه على خده وأخذ بلحيته فاحتزّ رأسه فأتى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى ألقاه بين يديه ، وقال : يا رسول الله هذا رأس أبي جهل ـ القصة.

ومنهم الفاضل المعاصر عبد المنعم الهاشمي في كتابه «أصهار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (ص ٥٥ ط دار الهجرة ـ بيروت) قال :

خرج الإمام بصحبة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان قد خطب فاطمة ، إنما تزوج بها أو بنى بها بعد عودته من بدر ، وقد أردنا إكمال موضوع الزواج ليكون وحدة مترابطة في سيرة أحب عروسين إلى الله ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وها نحن أولا نرى الإبل تخرج من المدينة في اتجاه بدر والإبل لا تكفي الرجال فيتبادلون الركوب كل ثلاثة على بعير وكان الرسول والإمام علي وزيد بن حارثة من نصيبهم بعير يتبادلونه يريد زيد وعلي إيثار الرسول على نفسيهما ولكنه يأبى ذلك ويقتسم بالعدل.

وكان أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف يتناوبون على بعير آخر ، وما أروع التعاون عند الخروج للجهاد في سبيل الله ، وكيف لا يتعاون الأصحاب وبينهم رسول من أنفسهم عزيز عليه ما رغبوا فيه معزّة الخير وما أصابهم كراهيته للشر صلى‌الله‌عليه‌وسلم. إنه عليه‌السلام بهم رءوف رحيم الرحمة في قلبه حتى في تبادل المشي والركوب على البعير عند الخروج للغزو.

بعثه الرسول ومعه الزبير بن العوام وسعد يلتمسون له الخبر في هذا اليوم العظيم في تاريخ المسلمين يوم بدر فأصابوا راوية لقريش منهم أسلم غلام بني الحجاج ، وأبو يسار غلام غلام بني العاص ، فقبضوا عليهما وقادوهم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجدوه قائما يصلي ، فسألهما علي : من أنتما؟ قالا : نحن سقاة قريش

٣٤٩

بعثونا نسقيهم. وسألهم الرسول بعد أن فرغ من صلاته : أين قريش؟ قالا : هم وراء هذا الكثيب (من الرمال) فقال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وما عددهم؟ قالا : بين التسعمائة والألف.

وهكذا نجحت المهمة واستطاع الرسول تحديد قوة العدو وحجم قواته واستعد لذلك ، صلوات الله وسلامه عليه.

واقترب الجيشان واحتبست الأنفاس ، فهذه أول تجربة حقيقية بين أئمة الكفر الذين جاءوا بجيش يزيد ثلاثة أضعاف جيش المسلمين.

وصمت الجميع وتحرك إلى الأمام ثلاثة فرسان هم من أبرز المقاتلين في جيش الكفار وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة فصاحوا بصوت واحد فيه عجرفة وصلافة أئمة الكفر : هل من مبارز يا رجال محمد.

فخرج إليهم رجال من الأنصار بينهم عبد الله بن رواحة فسألوهم : من أنتم؟ قالوا : من الأنصار ، فقالوا لهم : أكفاء كرام وما لنا بكم حاجة؟ ليخرج إلينا أكفّاؤنا من قومنا. فقال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قم يا حمزة ، قم يا عبيدة بن الحارث ، قم يا علي.

وبارز علي بن أبي طالب الوليد بن عتبة فلم يمهله وقتله وتساعد عبيدة بن الحارث على عتبة مع حمزة فقتلوه وحمزة ليس في حاجة للتعريف هنا فقد أنجز مهمته.

وفي هذا اليوم العظيم أعزّ الله جنده وكان من أوائلهم علي بن أبي طالب زوج فاطمة بنت محمد وهزم الأحزاب وحده فجعله فئة قليلة تغلب فئة كثيرة بإذن الله ولكن للإمام أدوار كثيرة لنتابعها عن كثب.

ومنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة ٧٤٨ في «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» (ج ٢ ص ٨٩ ط بيروت سنة ١٤٠٧) قال :

٣٥٠

فلما دنا القوم منا وصاففناهم إذ رجل منهم يسير في القوم على جمل أحمر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا علي ناد لي حمزة ـ وكان أقربهم من المشركين ـ من صاحب الجمل الأحمر؟ وما ذا يقول لهم؟ ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن يك في القوم أحد يأمر بخير فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر ، فجاء حمزة فقال : هو عتبة بن ربيعة ، وهو ينهى عن القتال ويقول : يا قوم إني أرى أقواما مستميتين لا تصلون إليهم وفيكم خير ، يا قوم اعصبوها اليوم برأسي وقولوا جبن عتبة ، وقد تعلمون أني لست بأجبنكم. فسمع بذلك أبو جهل فقال : أأنت تقول هذا؟ والله لو غيرك يقول هذا لأعضضته ، قد ملأت [رئتك] جوفك رعبا ، فقال : إياي تعني يا مصفّر استه؟ ستعلم اليوم أينا أجبن؟

فبرز عتبة وابنه الوليد وأخوه شيبة ، فقال : من يبرز؟ فخرج من الأنصار شببة ، فقال عتبة : لا نريد هؤلاء ، ولكن يبارز من بني عمنا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قم يا علي ، قم يا حمزة ، قم يا عبيدة بن الحارث. فقتل الله عتبة ، وشيبة ابني ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وجرح عبيدة. فقتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين.

ومنهم الفاضل المعاصر محمد سعيد زغلول في «فهارس المستدرك» للحاكم (ص ٦٩٣ ط بيروت) قال :

مبارزة حمزة وعبيدة وعلي مع الكفار يوم بدر.

مستدرك

ما ورد في شجاعته عليه‌السلام يوم أحد

تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ٦ ص ١٠ وج ٨ ص ٣٦٣ و ٣٦٤

٣٥١

و ٣٦٦ وج ١٧ ص ٣٣ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم ننقل عنها فيما سبق :

فمنهم العلامة الحافظ أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي المتوفى سنة ٣٥٤ في «السيرة النبوية وأخبار الخلفاء» (ص ٢٢١ ط مؤسسة الكتب الثقافية ودار الفكر في بيروت) قال :

وأعطى اللواء علي بن أبي طالب.

إلى أن قال في ص ٢٢٣ :

وقتل علي بن أبي طالب طلحة وهو حامل لواء قريش ، و [أبا] الحكم بن الأخنس ابن شريق ، وعبيد الله بن جبير بن أبي زهير ، وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة.

ومنهم الفاضل المعاصر سميح عاطف الزين في «خاتم النبيين محمد» صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ج ٢ ص ٢٤٠ ط دار الكتاب اللبناني ـ بيروت) قال :

وكان أول من تقدم يصيح في المسلمين : من يبارز؟ طلحة بن أبي طلحة ، حامل اللواء ، فينبري له علي بن أبي طالب عليه‌السلام في هجمة بطولية نادرة ، وما أن وصل إليه ، حتى عانقه سيفه البتار بضربة واحدة فلقت هامه ، وهوت به إلى الأرض يمتزج لحمه ودمه بترابها.

وتعالت من جانب المسلمين هتافات التكبير والتوحيد ، وكان أول المكبرين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ سره أن يرى ضربة الحق تفلق هام الباطل ، وبقي علي عليه‌السلام في الساح ينتظر من يخرج إليه ، فدفعت المنية عثمان بن أبي طلحة إلى النزول لملاقاة علي ، فكان حظه من الموت مثل حظ أخيه طلحة ، عندها برز أخوهما سعد يريد أن يقتل عليا بأخويه ، فاختلفا ضربتين ، فنبت ضربة بن

٣٥٢

أبي طلحة ، بينما أسقطته ضربة علي عليه‌السلام على الثرى ، فرؤي علي وهو ينصرف عنه ، ولا يجهز عليه ، ولقد سأله أصحابه عن السبب الذي حمله على ترك سعد بن أبي طلحة من غير أن يقضي عليه ، فقال : إنه استقبلني بعورته ، وعلمت أن الله قد قتله.

واندفع عدد آخر من المشركين يحملون لواءهم ويريدون الثأر لأهليهم من علي ، فإذا بعلي يلحقهم بهم إلى جهنم وبئس المصير بضرباته البكر التي بعد الدراسة والتأمل كأنها كانت وحيدة فريدة ، تميزت عن سائر ضربات الأبطال.

ومنهم العلامة الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي المتوفى سنة ٣٠٧ في «مسند أبي يعلى» (ج ١ ص ٤١٥ ط دار المأمون للتراث ـ دمشق) قال :

حدثنا أبو موسى ، حدثنا محمد بن مروان العقيلي ، عن عمارة بن أبي حفصة ، عن عكرمة قال : قال علي : لما انجلى الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم أحد نظرت في القتلى فلم أر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : والله ما كان ليفر ، وما أراه في القتلى ، ولكن أرى الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فما فيّ خير من أن أقاتل حتى أقتل. فكسرت جفن سيفي ثم حملت على القوم فأفرجوا لي فإذا أنا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بينهم.

ومنهم الفاضل المعاصر عبد المنعم الهاشمي في كتابه «أصهار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (ص ٥٨ ط دار الهجرة ـ بيروت) قال :

في غزوة أحد كان امتحان كبير تجاوزه المسلمون والرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بروح عالية كان أمر الله هو النافذ فيهما فقد قتل فيها حمزة عم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقتله الوحشي.

٣٥٣

وأكلت هند زوجة أبي سفيان كبده ومثّل بجثته فترك ذلك أثرا سيئا على الحبيبين أبناء العمومة فهذا عمهما وما يمنع أن يكون الدافع الدموي والقرابة والنسب قد أحزن الرجلين على عمهما أشد الحزن.

وكان رضي‌الله‌عنه في هذا اليوم صلبا فقد هتف وهو يضرب بعنف ويثير غبارا هائلا خلفه ويقول : أبايعك يا رسول الله على الموت ، وثبت الرجل بجوار رسول الله وكان يدور حوله ، يتلقى السهام عنه شارك في حاجز بشري من المؤمنين الصالحين في الدفاع عن سيد الخلق المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في «علي إمام المتقين» (ج ٢ ص ٤٢ ط مكتبة غريب في الفجالة) قال :

أما في يوم أحد فقد أصابته ست عشرة ضربة ، وظل يطعن ويتلقى الطعنات ، فيعالج ويعود للطعان ، وخرج إليه طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين فقال : يا أصحاب محمد تزعمون أن الله يعجلنا بأسيافكم إلى النار ويعجلكم بأسيافنا إلى الجنة فأيكم يبرز إليّ؟ فبرز إليه علي بن أبي طالب وقال : والله لا أفارقك حتى أعجلك بسيفي إلى النار. فاختلفا ضربتين ، فضربه علي فسقط إلى الأرض جريحا ، وبانت عورته. فتوسل إلى علي : أنشدك الله والرحم يا ابن العم. فانصرف علي عنه. فقال المسلمون : يا علي هلا أجهزت عليه؟ فقال : ناشدني الله ولن يعيش. وظل طلحة ينزف حتى مات من ساعته.

وعاد من أحد بصحبة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسيفاهما يقطران دما ، فصليا بالمسجد ، ثم دفعا بسيفيهما إلى فاطمة فغسلت عنهما الدماء. وعاد الرسول إلى بيته.

ومنهم العلامة أبو الجود البتروني الحنفي في «الكوكب المضيء» (ق ٦١ خ) قال:

٣٥٤

أصابته يوم أحد ستة عشر ضربة كل ضربة تلزمه الأرض فما كان يرفعه إلا جبرئيل.

ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد مهدي عامر في «القصة الكبيرة في تاريخ السيرة النبوية» (ص ١٧٧ ط وزارة الثقافة المصرية بالقاهرة) قال :

وبايع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الموت وقتئذ ثمانية ؛ ثلاثة من المهاجرين وهم علي والزبير وطلحة ، وخمسة من الأنصار وهم أبو دجانة والحارث ابن الصمة والحباب وعاصم وسهل بن حنيف ، فقاتلوا دونه ولم يقتل منهم أحد يومئذ وانفرد علي بن أبي طالب بفرقة فيها عكرمة بن أبي جهل فدخل وسطهم بالسيف يضرب به وهم مشتملون عليه حتى بلغ آخرهم ثم كرّ فيهم ثانيا حتى رجع من حيث جاء.

ومنهم المستشار عبد الحليم الجندي في «الإمام جعفر الصادق» عليه‌السلام (ص ٢١ ط المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ـ القاهرة) قال :

في يوم أحد أخطر معارك الإسلام كان علي في الحرس إلى جوار النبي ، حين أصيب النبي في المعركة. وكان طبيعيا أن يصاب علي بستة عشر ضربة ، كل ضربة تلزمه الأرض. وكما يقول سعيد بن المسيب سيد التابعين : فما كان يرفعه إلا جبريل عليه‌السلام. فلما اشتد الخطب وقتل حامل الراية مصعب بن عمير دفع الرسول الراية لعلي فقتل علي يومذاك واحدا وقيل ثلاثة مشركين.

ومنهم الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي في «مسند علي بن أبي طالب» (ج ١ ص ١٦٨ ط حيدرآباد) قال :

عن علي رضي‌الله‌عنه قال : لما انجلى الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

٣٥٥

يوم أحد نظرت في القتلى فلم أر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : والله ما كان ليفر وما أراه في القتلى ولكن أرى الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه فما في خير من أن أقاتل حتى أقتل ، فكسرت جفن سيفي ثم حملت على القوم فأفرجوا لي فإذا أنا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بينهم.(ع وابن أبي عاصم في الجهاد ، والدورقي ، ض).

ومنهم الفاضل المعاصر عبد السّلام هارون في «تهذيب سيرة ابن هشام» (ص ١٦٢ ط بيروت) قال :

ولما اشتد القتال يوم أحد جلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تحت راية الأنصار ، وأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى علي بن أبي طالب أن قدّم الراية. فتقدم علي فقال : أنا أبو القصم ، فناداه أبو سعد بن أبي طلحة ، وهو صاحب لواء المشركين : أن هل لك يا أبا القصم في البراز من حاجة؟ قال : نعم. فبرز بين الصفين فاختلفا ضربتين ، فضربه علي فصرعه ، ثم انصرف عنه ولم يجهز عليه فقال له أصحابه : أفلا أجهزت عليه؟ قال : إنه استقبلني بعورته فعطفتني عنه الرحم ، وعرفت أن الله عزوجل قد قتله.

ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ عفيف عبد الفتاح طبارة في «مع الأنبياء في القرآن الكريم» (ص ٣٨٦ ط دار العلم للملايين ـ بيروت)

فذكر مثل ما تقدم عن «التهذيب» بعينه ـ إلى : فضرب علي فصرعه.

٣٥٦

مستدرك

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ٥ ص ٨٥ و ٨٨ وج ٦ ص ١٢ وج ٧ ص ٤٦٦ وج ٨ ص ٤١١ وج ١٥ ص ٦٨١ وج ١٦ ص ٤١١ وج ٢١ ص ١١٦ و ٣٤ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم ننقل عنها فيما سبق :

فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة ٧١١ في «مختصر تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج ١٧ ص ٣٢٠ ط دار الفكر) قال :

قال أبو جعفر محمد بن علي : نادى مناد في السماء يوم بدر يقال له رضوان : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. قال الحافظ : هذا مرسل وكنا ننفل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذا الفقار يوم بدر ، ثم وهبه لعلي بعد ذلك.

ومنهم العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي المشتهر بابن الأبار في «المعجم في أصحاب القاضي أبي علي الصدفي» (ص ١٧٠ ط دار الكاتب المصري ودار الكتاب اللبناني) قال :

وحدثنا به أبو الخطاب بن واجب القيسي سماعا عليه ، عن أبي عبد الله بن سعادة ، سماعا عليه ، عن أبي علي ، قراءة عليه ، قال : أنا أبو القاسم بن فهد العلاف ، قال : أنا أبو الحسن بن مخلد البزاز ، قال : قرئ على إسماعيل الصفّار ، قال : نا الحسن بن عرفة ، قال : نا عمّار بن محمد ، عن سعد بن طريف الحنظلي ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، قال : نادى ملك من السماء يوم بدر ، يقال له رضوان : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ، رضي‌الله‌عنه.

٣٥٧

وقال ابن هشام في غزوة أحد من السيرة : حدثني بعض أهل العلم عن ابن أبي نجيح قال : نادى مناد يوم أحد ، وذكر الكلام إلى آخره.

وحدثنا أبو بكر بن أبي جمرة ، عن أبيه : إن أبا عمر بن عبد البر أنبأه ، عن ابن الفرضي وغيره ، عن أبي عبد الله بن مفرج ، قال : أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة ، قال : نا أبو أسامة الكلبي ، قال : نا علي بن عبد الحميد ، قال : نا حيان عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده ، قال : لما قتل علي أصحاب الألوية أبصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جماعة من مشركي قريش ، فقال لعلي : احمل عليهم ، فحمل عليهم وفرق جماعتهم ، وقتل هشام بن أمية المخزومي ، ثم أبصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جماعة ، أو جمعا ، من مشركي قريش ، فقال لعلي : احمل عليهم ، فحمل عليهم ، وفرق جماعتهم ، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي ، ثم أبصر جماعة ، أو جمعا ، من مشركي قريش ، فقال لعلي : احمل عليهم ، فحمل عليهم ، وفرق جماعتهم ، وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لؤي ، فأتى جبريل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : إن هذه لمواساة ، فقال : إنه مني وأنا منه ، فقال جبريل : وأنا منكم ، وسمع صوت ينادي : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.

وهذا اللفظ اتفق أن وقع موزونا ، فقال أبو الحسين محمد بن أحمد بن جبير الزاهد مضمنا له : وأنشدناه أبو عمرو عثمان بن أبي معاوية التميمي التونسي عنه ، وسبق إليه ، رحمة الله عليه :

حسب الوصي كرامة

ما نالها إلا الوصي

صوت من الله اعتلى

في مشهد فيه النبي

لا سيف إلا ذو الفقار

ولا فتى إلا علي

وقال أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي : كان سلاح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ذا الفقار ، وكان سيفا أصابه يوم بدر. زاد غيره : وكان لنبيه ومنبّه ابني

٣٥٨

الحجاج.

ثم عدّد سائر أسيافه وكانت ثمانية ، أحدها ورثه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن أبيه.

قال : وأعطاه سعد بن عبادة سيفا ، يقال له : العضب ، وأصاب من سلاح بني قينقاع سيفا قلعيا ، وكان له : البتّار واللحيف والمخذم والرسوب وذو الفقار. يروى بفتح الفاء ، جمع ، فقارة وبكسرها جمع فقرة ، سمي بذلك لفقرات كانت في وسطه ، وكان محلى قائمه من فضة ، ونعله من فضة ، وفيما من بين ذلك حلق من فضة.

حدثنا أبو الخطاب بن واجب ، قال : نا أبو القاسم بن بشكوال ، قال : نا أبو محمد ابن عتاب ، قال : نا أبو عبد الله بن عابد ، قال : نا أبو محمد الأصيلي ، ومن خطه نقلته ، قال : نا ابن المظفر أبو الحسين الحافظ ، قال : نا أبو عروبة الحرّاني ، نا عثمان ابن عبد الرحمن ، عن علي بن عروة ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، وعمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، قال : كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سيف محلى قائمته من فضة ، ونعله من فضة ، وفيه حلق من فضة ، وكان يسمى ذا الفقار. وذكر سائر الخبر ، وفيه : وكانت له قوس تسمى : ذا السداد ، لم يذكرها ابن فارس ولا غيره.

ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور عبد الكريم اليافعي في كتابه «معالم فكرية في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية» (ص ١٧٣ ط الشركة المتحدة للطباعة والنشر ـ دمشق) قال في بحثه في «الفتوة» :

وفي الشجاعة ما جاء في الخبر : لا فتى إلا علي ، وذلك يوم وقعة أحد لما تقدم علي بن أبي طالب وبارز وقاتل حتى قيل في حقه ذلك.

ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب «جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب» (ص ٢٥ والنسخة مصورة

٣٥٩

من المكتبة الرضوية بخراسان) قال :

وعن أبي جعفر محمد بن علي قال : نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.

ومنهم السيد رفاعة رافع الطهطاوي في «نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (ج ٢ ص ١٥٠ ط مكتبة الآداب ومطبعتها بالجماميز) قال :

وفي الحديث أن ملكا يقال له رضوان نادى يوم بدر من السماء : لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى ، ابن الفتى يعني إبراهيم ، وأخو الفتى يريد عليا كرم الله وجهه. انتهى.

ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبي في كتابه «حياة الإمام علي عليه‌السلام» (ص ١٣١ ط دار الجيل في بيروت) قال :

قال ابن الأثير : ودخلت السنة الثالثة من الهجرة وفيها في شوال لسبع ليال خلون منه كانت وقعة أحد وحمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه فهزموا أبا سفيان.

وخرج طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين وقال : يا معشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة فهل أحد منكم يعجله سيفي إلى الجنة أو يعجلني سيفه إلى النار.

فبرز إليه علي بن أبي طالب فضربه علي فقطع رجله فسقط وانكشفت عورته فناشده الله والرحم فتركه فكبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال لعلي : ما منعك أن تجهز عليه؟ قال : إنه ناشدني الله والرحم فاستحييت منه.

هذا مشهد واحد من مشاهد علي في غزوة أحد وإليك ما هو أشد بطولة في نفس المعركة واقتتل الناس قتالا شديدا.

وأمعن في الناس حمزة وعلي وأبو دجانة في رجال من المسلمين.

٣٦٠