تاريخ النّياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام - ج ١

السيد صالح الشهرستاني

تاريخ النّياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام - ج ١

المؤلف:

السيد صالح الشهرستاني


المحقق: الشيخ نبيل رضا علوان
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الزهراء
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٦
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

٣
٤

الاهداء

الى سيدي ومولاي سيد الشهداء الامام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام

الى ريحانة الرسول المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله

الى سيد شباب أهل الجنة

الى ثار الله وابن ثاره

الى رائد الحق ، والهدى ، والتقى

اقدم هذا المجهود المتواضع في احياء الكتاب محققاً وكلي أمل بالله تعالى ان ينال رضاكم ، وأن يكون ذخراً ليوم لا ينفع مال ولا بنون إنه سميع الدعاء.

خادم أهل البيت عليهم‌السلام

نبيل رضا علون

قم المقدسة

دار هجرة في ٢٦ ـ صفر الحرام ـ ١٤١٦ هـ

٥
٦

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم

بقلم سماحة حجة الاسلام والمسلمين

المحقق السيد احمد الاشكوري

دام عزه

« آل هاشم » و « آل أمية » فرعان من أرومة واحدة ، فان عبد مناف بن قصي كان له ابنان : هاشم ( واسمه عمرو بن عبد مناف ) ، وعبد شمس بن عبد مناف الذي خلف ابنه أمية ، فهما جميعاً من ولد عبد مناف لو صح انتساب أمية إلى هذه الأسرة ، فان جماعة من النسابين والمؤرخين يشكون في صحة هذه النسبة بما لا تتسع له هذه الكلمة العابرة.

كانت السيطرة على العرب في الحجاز الجاهلي لهذه الأسرة ، وانتهى اليها السيادة على القبائل المنبثة في القرى والأودية ، لأنها سكنت مكة المكرمة الممتازة بالبيت العتيق الكعبة المشرفة التي كانت بيت الله تعالى وجعلها المشركون مقراً لأصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ، فهي لذلك مهوى الأفئدة ويزروها العرب من شتى البقاع البعيدة والقريبة ، يطوفون كلهم بالبيت طواف المتعبد الناسك ، والموحدون اجابة لنداء إبراهيم الخليل عليه‌السلام ، والمشركون خضوعاً للأوثان الموضوعة على الكعبة وحولها.

كانت الأسرة تتولى رفادة الحاج والسقاية وتقوم بادارة شؤون الزائرين الوافدين من مختلف الأصقاع القريبة والبعيدة ، ولها الكلمة العليا والرئاسة الدينية ( إن صح التعبير ) والدنيوية ، ولكن كلا الفرعين لم يتبادلا بينهما المودة والصفاء بل

٧

كانا في جدال دائم تظهر على مسرح الأحداث الواقعة بينهما بألوان شتى ، من مشادات كلامية أو مشاحنات تجعلهما صفين متقابلين أو متقاتلين.

يذكر بعض المؤرخين أن هاشماً وعبد شمس ولدا توأمين ، فولد هاشم ورجله في جبهة عبد شمس ملتصقة ، فلم يقدر على نزعها إلا بدم ، فكانوا يقولون : سيكون بين ولديهما دماء ، فكان كما تشاءموا ووقع بين بني هاشم وبني أمية بن عبد شمس ما وقع من الأحداث الدامية.

لا أعلم مدى صحة هذه القصة التاريخية التي يتناقلها جمع من المؤرخين ، ولكن حدوث أشد الخلاف بينهما على مدى عشرات السنين لو لم نقل مئاتها ، واقع تاريخي طفحت به الكتب وتحدث عنه المحدثون فلا يمكن انكاره. ومن العجب انك ترى بني هاشم على طول الخط ينادون بالتوحيد والخير وبني أمية ينحازون إلى الشرك والشر ، حتى إذا اجبروا ـ ولأسباب ظاهرة أو خفية ـ على الانضواء تحت راية الدين وترك الشرك فانهم يدأبون على الكيد به ويحاولون بكل جهدهم هدمه بأسم الدين.

ان أبا سفيان قاوم دعوة النبي الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكل ما أوتي من حول وطول ، أثار الحروب الطحناء وجمع المشركين في صفوف طويلة معادية للنبي ، فلما جاء فتح مكة ودخل الناس في دين الله أفواجاً ولم يجد بدأ من الرضوخ للحق ، أظهر كلمة الاسلام بلسانه حقناً لدمه ومحافظة على نفسه ، ولكنه في نفس الوقت يقول للعباس بن عبد المطلب « ان ملك ابن أخيك لعظيم » إنكاراً للنبوة وتوجيه الانتصار الالهي الى أسباب دنيوية كالأسباب التي تتأتى للملوك. ويحرض علياً عليه‌السلام على القيام بعد بيعة السقيفة ، هادفاً من ذلك شق عصى المسلمين وإعلان الخلاف في تلك البرهة العصبية لتحقيق ما في نفسه من تحطيم الاسلام وهو لا يزال فتياً لم ترسخ قواعده كل الرسوخ. ويقوم بعد البيعة لعثمان مخاطباً أحداث بني أمية « تلقفوها » ... وهكذا دواليك من المواقع التاريخية التي تراه يحاول فيها اثارة الفتن

٨

وضرب المسلمين بعضهم ببعض ، إلا أن الله تعالى حفظ الأمة من مكائده الخفية فلم تنجح خططه ضد الدين.

أما ابنه معاوية بن هند فاستولى على الخلافة الاسلامية غاصباً لها بدهائه ومكره وخديعته ، ونّكل بالمؤمنين المخلصين للبيت النبوي ـ وعلى رأسهم الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام ـ أشد تنكيل ، فأباح الدماء وهدم الدور وشرد الناس حتى أصبحوا لا يجدون مأمناً لهم في أرض الله العريضة ، بالاضافة الى ما صنع بالامام الحسن السبط من نقض العهود والخلاف عليه وسقيه السم على يد جعدة بنت الأشعث.

ولو كان معاوية يتظاهر بالدين في حالات خاصة ويتذرع به في مناسبات تدعو الساسة اليها ، فان ولده يزيد جاهر بالفسق والفجور واستهزأ بالدين على رؤوس الأشهاد حتى قال غير متوجل ولا متأثم :

لعبث هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

وبالرغم من أنه لم يحكم إلا فترة قصيرة ظهرت منه ثلاثة من الأحداث تقشعر منها جلد كل مؤمن يدين بالله تعالى ( قتل الحسين عليه‌السلام ، ضرب الكعبة بالمنجنيق ، واقعة الحرة بالمدينة ) ، وهذه لا تعني إلا عداؤه الشديد للدين ومحاولة قلع الاسلام من جذوره.

كان الاسلام في هذه الفترة خاصة يحتاج إلى تضحية جادة من المسلمين ليظهر ما في قلب آل أمية من كرههم المستحكم للدين ونواياهم المخبأة لهدمه ، هذه الطغمة الفاسدة التي يمثلها يزيد بأعماله النكراء باسم الخلافة الاسلامية. ان الإخلاد إلى الدعة امضاء لما كان يجري على يدي يزيد العهر ، والوقوف في وجهه كشف لما يبّته الكفر من محق وسحق الكرامات.

ان النهضة كانت واجباً فرضه ولو تؤول الى القتل والاستشهاد ، بل ان الاستشهاد كان ضرورة لتجديد حياة الأمة الدينية ، وهو صرخة كان لابد من

٩

اطلاقها لتبقى مدوية على مدى القرون الآتية تسمعها الأجيال المتعاقبة وتستلهم منها دروس الصمود أمام ظلم الظالمين وطغيان المتحكمين.

من هذا الواقع المؤلم الذي أصبح ملموساً لدى الغيارى من أبناء الاسلام ، ثار الامام الحسين عليه‌السلام ، وخرج من حرم الله تعالى مبدلاً الحج بالعمرة ميمماً صوب كربلاء بأهله وأصحابه ، وقدم ضحايا من إخوانه وأولاده وبني عمومته والخيرة من أصحابه الميامين ، وخط أبو الأحرار بدمه المقدس ودمائهم الزاكية خطوطاً من نور هي عنوان المجد والشرف ، تبقى نبراساً وضيئة تثير في العصور المتتابعة الشعوب المستضعفة في وجه الطفاة المسيطرين في أرجاء العالم.

ان الحسين عليه‌السلام وفد على ربه مرفوع الرأس بالشهادة والكرامة ، ويزيد وافى مبوأه بمخازيه وشنائعه ، وحسابهما على ربهما كما يقولون .. ولكن الخط الالهي المستقيم المتمثل في آل الرسول والانحرافات الشيطانية المتعرجة المتمثلة في آل أمية لن يزالا في صراع مستمر على الصعيد البشري ، معارضة الخير لاستثمار الانسان واستعماره على حساب الطغاة مستمرة باستمرار البشرية ، هذا يريد أن يكون الانسان كريماً في حياته حراً منطلقاً من أغلال العبودية إلا لله تعالى ، وهذا يسرح الانسان في نزواته وشهواته ولو على حساب التخلي عن كرامته والرضوخ الى ما يمليه حكام العسف والجور.

ان الطواغيت في كل عصر وزمان يحاولون الحط من كرامة الدين لتحقيق مآربهم ، فتعمل أياديهم دماً على التشكيك في المقدسات وايجاد الشبهة الواهية وصرف العوام ـ بل والعلماء في بعض الأحيان ـ عن لباب المسائل الدينية واشغالهم بالقشور التي لا طائل تحتها ... فتجند الطاقات الهائلة لهذه الاغراض الفاسدة التي تصبغ كثير منها بصبغة الدين ويتم إنجاز باسمه وبعنوان الدفاع عنه ، وهي في الحقيقة مبطنة بالعداء والحقد عليه وعليه والعمل على هدمه.

وابتلينا نحن أيضاً في عصرنا هذا بهذا المرض الوبيل ، فان طغمة فاسدة من

١٠

المتسترين بستار الاسلام يثيرون كل يوم شبهاً ليست بالجديدة على المسلمين ولكنها تظهر بأثواب جديدة ، فانها أثيرت من قبل وأجيب عليها مرات بأجوبة كافية شافية وباساليب مختلفة. وجملة من هذه الشبهة تدور حول حركة الحسين عليه‌السلام ، وهي محاولات خائبة لاطفاء وهجها وإخماد نورها والاقلال من عطائها وحيويتها وإضعاف حركتها في مقاومة الباطل ومجابهة الظالمين.

هل واقعة الطف بتفاصيلها حق أو دخل فيها ما ليس بثابت؟ وهل كان الحسين يقصد بحركته قلب دولة وتجديد حكومة أو كان يريد اقامة الأمت والعوج؟ وهل كان يعلم بما يؤول اليه أمره أو لا يعلم؟ وهل كان فعل الحسين من قبيل القاء النفس في التهلكة أو لا؟ وهل العطش المنسوب إلى سيد الشهداء وأهل البيت صحيح او أو لا أصل له؟ وهل يجوز تجديد ذكرى مجزرة الطف بالبكاء واللطم وغيرهما من الشعائر الحسينية أم هي بدعة لا تجوز؟ وهل كان المسؤول عن قتل الحسين يزيد بن معاوية أو غيره؟ وهل تاب يزيد عما فعل أم مات هو غير تائب؟ وهل؟ .. وهل؟ ..

لقد كتب علماء الشيعة وكتابهم كتباً ورسائل ومقالات وفيرة جداً في الذب عن قصة الحسين عليه‌السلام والاجابة على هذه الشبهة ، ولكن الذين لا يروق لهم إخلاد المسلمين الى السلام والوئام ووحدة الصف والتفاهم الأخوي ، لا زالوا يثيرون هذه الترهات من جديد ويلجؤن الشيعة الى كتابة الكتب والرسائل للكشف عن الحقائق مرة بعد أخرى ، وتثار في كثير من الأحايين باحياء هذه الأقاويل فتن تمزق صفوف الأمة وتهئ أرضية خصبة لسيطرة العدو المستعمر.

والكتاب الذي نقدم له بهذه الكلمة « قامعه أهل الباطل بدفع شبهات المجادل » هو واحد من تلك الجهود الموفقة التي بذلت في سبيل الرد على بعض المناقشين في اقامة عزاء الحسين عليه‌السلام وتجديد ذكراه الأليمة ، وهو تأليف العلامة الفقيه الشهير فقيد العلم والتقى الشيخ علي الستري البحراني ، كتبه مستنداً إلى ما

١١

صح من الأحاديث المروية والوقائع التاريخية المنقولة في المصادر المعروفة ، وقد أثبت في مطاويه صحة اقامة المآتم ومشروعيتها وجواز البكاء وقراءة المقتل ولزوم متابعة الأئمة من أهل البيت عليهم‌السلام في ذلك.

وقد أحسن أخونا فضيلة العلامة الشيخ نبيل علوان حفظه الله تعالى باحياء هذه الرسالة وتحقيقها بالشكل الذي يراه القارئ الكريم ماثلاً أمامه ، كما أنه اجاد باضافة خطاب العلامة الحجة السيد علي مكي الذي انبرى فيه لدفع شبهة بعض مدعي العلم ، وهي اضافة موفقة لاكمال موضوع الرسالة وحل الشبهة من كل جوانبها.

كما أنه أحسن فعلاً بتحقيقه رسالة « تاريخ النياحة » للكاتب المحقق المرحوم السيد صالح الشهرستاني ، وهي رسالة مبتكرة في موضوعها جمعت أطراف البحث بدقة وطرافة ، وكانت قد طبعت في جزئين صغيرين طبعاً غير دقيق ، وستبرز في هذه الطبعة ـ بعون الله تعالى ـ بالشكل اللائق بها.

ونحن اذ نبتهل إلى الله تعالى بالتأييد لاقامة الحق ودفع الباطل ، نرجو لأخينا الشيخ التوفيق المطرد في أعماله النافعة ، وهو عز وجل خير مؤيد وموفق.

قم ـ ٢٥ شوال ١٤١٥ هـ

السيد أحمد الحسيني

١٢

مقدمة المحقق

بعد التوكل على الله ، نبتدئ بالحمد لمالك الحمد كله ، والثناء عليه بما هو أهله ، والصلاة على سيد المرسلين ، وخاتم النبيين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطاهرين الذين هم أحد الثقلين ، والمقرونين بالكتاب المبين.

حياة المؤلف

ولد السيد صالح الشهرستاني في كربلاء ( مسقط رأس أبيه وأجداده ) ليلة عيد الغدير ١٨ ذي الحجة ١٣٢٥ هـ الموافق لعام ١٩٠٧ م وقد أتم دراسته الأولية من قديمة وحديثة فيها وفي أوائل الحكم الوطني في العراق انتقل إلى بغداد حيث أتم فيها دراسته العالية متخرجا من جامعة آل البيت. وكانت الجامعة الوحيدة آنذاك. وفي أواسط سنة ١٩٣٢ م اضطرته ظروفه الخاصة للنزوح الى طهران ( عاصمة ايران ) وفيها تخرج من كلية الحقوق والعلوم السياسية. وهو أديب في اللغتين العربية والفارسية وآدابهما وكاتب ضليع فيهما له تصانيف بهما بالإضافة إلى المقالات الأدبية والسياسية والتحقيقات التاريخية والأبحاث الاجتماعية التي دبجته وتدبجه يراعته بهاتين اللغتين ونشرته وتنشره له أمهات الصحف والمجلات العربية والفارسية سواء في العالم العربي أو في إيران بتوقيعه الصريح والمستعار أو

١٣

بدون توقيع.

كما أن له مقاماً مرموقاً في دائر الصحافة الإيرانية وخاصة جريدة إطلاعات ( أكبر الصحف الإيرانية اليومية على الاطلاق ) التي ساهم في تحرير صحفها مدة تنوف على الخمسة عشر عاماً.

ومن أهم تصانيفه :

١ ـ مجلة المرشد التي كانت تصدر في بغداد أثناء إقامته فيها باللغة العربية لمدة أربع سنوات متواليات.

٢ ـ كتاب السيد جمال الدين الاسد أبادي الشهير بالافغاني بالعربية مخطوط وقد نشرت مجلة العرفان الصيداوية فصولاً منه قبل أكثر من ٣٠ سنة.

كما أوردت فصولاً منه موسوعة ( أعيان الشيعة ).

٣ ـ رسالة ( دليل العتبات المقدسة في العراق ) باللغة الفارسية طبع في طهران عام ١٩٥٠ وقد ألفها وطبعها أثناء اشتغاله في السفارة العراقية بطهران ليستعين بها زوار العتبات المقدسة من الإيرانيين وغيرهم في تجوالهم وأثناء تنقلاتهم في العراق.

٤ ـ تاريخ الأسرة الشهرستانية منذ أقدم العصور حتى الآن. في ثلاثة مجلدات كبيرة وباللغتين العربية والفارسية « مخطوط ».

٥ ـ مجموعة الشهرستاني ـ مذكرات باللغتين ايضاً.

٦ ـ ( من عاصرتهم ) بالعربية. « مخطوط » يتضمن تراجم من عاصرهم واتصل بهم من الشخصيات والرجال ، وله ايضاً ( شخصيات أدركتها ).

٧ ـ ( كلمات فارسية الأصل قد استعربت ) باللغتين العربية والفارسية. وقد نشرت كل من مجلة « ماه نو » التي كانت تصدر في طهران وجريدة ( ناصر ) التي تصدر في مدينة يزد اسبوعياً فصولا من هذا الكتاب بقسمه الفارسي.

٨ ـ تراجم كثيرة لشخصيات علمية ودينية وأدبية نشرت في المجلدات

١٤

الأخيرة من موسوعة ( أعيان الشيعة ) بعضها بتوقيعها الصريح وبعضها بدون توقيع مع تعليقات على بعض التراجم في تلك الموسوعة.

٩ ـ رسالة بالعربية فيها تحقيق عن شخصية أحد أولاد الأئمة الأطهار عليهم‌السلام المعروف بإمام زاده يحيى والمدفون في أحد أحياء طهران القديمة ويزار ويتبرك به. « مخطوط ».

١٠ ـ رسالة كبيرة بالعربية في تاريخ حياة العلامة الإمام البروجردي الطباطبائي. حوت معلومات قيمة لم يسبق أن نشرت فيما كتب حتى الآن عن العلامة المذكور لأنها من مشاهدات الكاتب بنفسه في اجتماعاته المتكررة مع العلامة المذكور. « مخطوط ».

١١ ـ مجموعة أدبية تضم بين دفتيها ألوفاً من القصائد القصيرة والرباعيات والأبيات الشعرية والأمثال والحكم باللغتين العربية والفارسية. وهي تتفق في المعنى والمفهوم وتختلف في اللغة والتنظيم.

١٢ ـ مجموعة تحتوي على منخبات من الشعر والأمثال والحكم باللغتين العربية والفارسية نظماً ونثراً اقتطفها من مختلف الأسفار والكتب قديمة وحديثة ووقعت من لدنه موقع الاستحسان. هذا ورغم إشتغال الاستاذ الشهرستاني بالأعمال الإدارية الكثيرة التي تستنفذ الكثير من وقته ، كان لا يترك فرصة فراغ تمر عليه دون أن يستغلها بترويض ذهنه وذاكرته بالتأليف والتحقيق والبحث والكتابة باللغتين العربية والفارسية.

وكان الأستاذ الشهرستاني بالإضافة إلى كل ذلك له إلمام واف باللغة الانجليزية التي يستعين بها أحياناً في تتباعاته. كما أنه كان يملك بداره في شمران مكتبة عامرة بالكتب العربية والفارسية وفيها بعض الكتب الخطية النادرة وكتب الأنساب المعتبرة ، وبعض المؤلفات الانجليزية.

هذا وقد نشرت مجلة « المكتبة » البغدادية في عددها ٣٩ السنة الرابعة لشهر

١٥

آذار ١٩٦٤ م نبذة عن الأستاذ الشهرستاني بقلم الأستاذ السيد سلمان هادي الطعمة بعنوان « أديب عراقي في طهران » قال فيها :

من الأدباء العراقيين الذين لهم منزلتهم الإجتماعية والأدبية في طهران : السيد صالح الشهرستاني فهو دبلوماسي وأديب موهوب ذو نفس وثابة للخير والفضيلة ..

وقد سبق أن أصدر مجلة « المرشد » في بغداد عام ١٩٢٦ ونشر فيها الكثير من المقالات. كما وأنه ساهم في مجالات أخرى كانت تصدر في لبنان : والعراق ..

وسرعان ما انتقل إلى طهران وحط رحاله فيها وانخرط في سلك السفارة العراقية من أجل خدمة أبناء جلدته ومن ثم انتقل إلى السفارة الأردنية داره مهوى أفئدة الأدباء العراقيين والشخصيات المعروفة. ومكتبته حاوية للتراث العراقي الغزير من كتب ومجلات ..

وفي أثناء إقامتي في العاصمة الإيرانية قمت بزيارة إلى داره العامرة ودار الحديث حول الأدب العراقي والمجلات الأدبية التي تصدر هناك. فأول ما بادر الى ذهني مجلة ( المكتبة ) التي تصدرها مكتبة المثنى ببغداد. فسره أن تكون في متناول الأيدي. لأنها المجلة الأدبية ـ الوحيدة التي تصدر ببغداد ووعدته بارسالها لكي يكون على معرفة بالكتاب العراقي والأدب العراقي :

وقد نشرت ترجمة حياته موجزاً كثير من المجلات وكتب الإعلام ـ ومما جاء في مقال منشور في مجلة الاخاء التي تصدر باللغة العربية في طهران بعددها (٣٩) المؤرخ في ١ / ٥ / ١٩٦٣ قول الكاتب ( تحت عنوان ادباء كربلائيون عرفتهم ) ما نصه :

السيد صالح الشهرستاني : ـ وهو أحد افراد اسرة علمية في كربلاء تنحدر من سلالة العلامة السيد مهدي الموسوي الشهرستاني. تولى رئاسة تحرير مجلة المرشد التي كان يصدرها في بغداد عام ١٩٢٦ وفيها مقالات تطفح بالتوجيه. وقد

١٦

ساهم في مجلته كبار كتاب العراق. ومنهم سماحة العلامة السيد هبة الدين الحسيني الشهير بالشهرستاني. وللاستاذ صالح الشهرستاني مقالات مختلفة وتراجم وبحوث في كثير من المجلات العربية وعلى رأسها مجلة ( العرفان ) اللبنانية ـ إلى أن قال الكاتب ـ والسيد صالح اليوم يحتل مكانة مرموقة في السفارة الأردنية بطهران. انتهى.

هذا ويرتقى نسب السيد صالح الشهرستاني إلى الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام فيعتبر بذلك من السادة الموسويين. وقد عثرنا على نسبه الطاهر الذي ندرجه فيما يلي :

السيد صالح بن المرحوم السيد إبراهيم الشهرستاني المتوفى في ٢٥ شعبان ١٣٧٦ بن السيد ميرزا صالح الشهرستاني الزعيم المعروف في كربلاء. والمتوفى في ١٣٠٩ بن السيد ميرزا محمد حسين الموسوي الشهرستاني المعروف بـ ( آقا بزرك ) المتوفى في سنة ١٢٤٧ بمرض الطاعون المعروف في كربلاء ابن السيد الميرزا محمد مهدي الموسوي الشهرستاني المتوفى في سنة ١٢١٦ في كربلاء ( وهو العلامة الكبير الذي يعد أحد المهادي الأربعة تلامذة العلامة المجدد آقا باقر البهبهاني ) ابن أبو القاسم بن ميرزا روح الله من علماء عهد السلطان الشاه حسين الصفوي بن جلال الدين الحسن بن ميرزا رفيع الدين محمد الصدر بن جلال الدين محمد بن أبو الفتوح ( الأمير نظام الدين أبو الفتوح المشهور بأمير نظاماً أو أمير فتوحاً وهو الأخ الأصغر للميرزا فضل الله واقف الموقوفات الشهيرة سنة ٩٦٣ هـ ) ابن صدر الدين إسماعيل المشهور بمير سيد شهرستاني واقف الموقوفات المعروفة الكثيرة في إيران سنة ٩٣١ هـ ( وقد ذكره صاحب كتاب عالم آرا عباسى باسم ـ مير شريف شهرستاني ـ وكان على عهد الشاه اسماعيل الأول وقبله مستوفياً أي وزير المالية في أصفهان ) ابن زين الدين أمير علي بن صدر الدين إسماعيل بن زين الدين على بن علاء الدين الحسين بن معين الدين عبد الله بن ركن الدين حسين بن أشرف بن ركن الدين الحسن بن أشرف ابن نور الدين محد بن أبي طاهر عبد الله بن

١٧

محمد أبو الحرث بن علي أبي الحسن ويعرف بابن الديلمية ابن أبي طاهر عبد الله بن محمد أبي الحسن المحدث بن طاهر أبي الطيب بن الحسين القطعي بن موسى أبي السبحة بن ابراهيم المرتضى بن الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام.

هذا وكان الاستاذ السيد صالح الشهرستاني العضو الرئيسي والحساس في السفارة العراقية بطهران خلال مدة خمسة عشر عاماً أي من عام ١٩٤٤ إلى أواخر عام ١٩٥٨ حيث قام بدور هام خلال هذه المدة في تقريب وجهات النظر بين الحكومتين العراقية والإيرانية والتخفيف من حدة التوتر الذي كان يحصل بينهما بين آونة وأخرى. كما أنه كان نقطة الارتكاز في السفارة أثناء تلك المدة في خدمة الشعبين العربي والإيراني سيما زوار القطرين لبعضهما وقيامهم بأداء واجب الزيارة للعتبات المقدسة في العراق أو روضة الإمام الرضا عليه‌السلام في مشهد وسائر المراقد المقدسة في إيران. الأمر الذي جعله موضع تقدير وثناء رجال البلدين وسائر طبقات الشعبين.

وكان موقف لاستاذ الشهرستاني في يوم ١٤ تموز ١٩٥٨ ( يوم الانقلاب العراقي ضد العهد الملكي الهاشمي في العراق ) موقفاً حياه به كل من سمع به. إذ أنه رغم جميع محاولات موظفي السفارة وعلى راسهم السفير السيد عبد الأمير الازري وقف لوحده يعارض ذلك الانقلاب الدموي ويندد به ويدافع عن العهد الملكي الهاشمي ويعدد الأخطار والمهالك والمتاعب والويلات التي كان يتوقع أن يلاقيه العراق وشعبه من جراء ذلك الانقلاب. وقد تحققت نبوءته في ذلك بعدئذ وغاب مدة قصيرة وحتى الآن وحتى أنه بلغ به التنديد بذلك الانقلاب درجة امتنع معه عن إنزال تصاوير الملك فيصل وسائر رجال الحكم المستشهدين في ذلك الانقلاب من على جدران غرفته متمسكاً بمبدأ الولاء لأولاد عمه الهاشميين العلويين الحسينين المستشهدين على يد عبد الكريم قاسم وشرذمته. الأمر الذي اغضب رجال الإنقلاب وأثار نقمتهم على الأستاذ الشهرستاني ففصلوه من

١٨

الخدمة بعد الانقلاب قبل ختام شهر تموز ١٩٥٨ بأيام. وأضاعوا عليه جميع مزايا خدمته الطويلة. أما هو فقد تقبل هذا الفصل عن طيب خاطر غير عابئ بما حصل إرضاء لضميره وأداء لواجب الوفاء واستجابة لداعية الشهامة والإخلاص.

غير أن السفارة الاردنية الهاشمية في طهران التي كان يديرها وقتئذ السيد وصفي التل بوصفه قائماً بالأعمال والذي أصبح رئيساً للوزارة الأردنية عدة مرات فيما بعد. اتصلت بالأستاذ الشهرستاني في أمسية اليوم الذي فصل به من السفارة العراقية وأوفدت إليه أحد كبار موظفيها عارضة عليه اقتراح قبوله الإنتماء إلى السفارة الأردنية وخدمة الحكومة الهاشمية الأردنية تقديراً لموقفه النبيل من الانقلاب الدموي ضد الأسرة الهاشمية في العراق. فقبل دعوتها شاكراً. ومنذ ذلك التاريخ وحتى آخر أيام حياته تولى منصباً مرموقاً في السفارة الأردنية الهاشمية بطهران وكان له فيها مركزاً ممتازاً. فضلاً عن أنه كان موضع تقدير وثقة رجال الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية. وليس أدل على ذلك من منحه وسام الكوكب الذي أنعمه عليه جلالة الملك حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية بتاريخ ١٩ ربيع الأول ١٣٦٨ تقديراً للاوصاف الحميدة التي اتصف بها ( كما جاء في عبارة البراءة الملكية في منح الوسام ) وكتاب التقدير الذي وجهه إليه العلامة السيد أكرم زعيتر وزير الخارجية الأردنية المؤرخ في ٩ / ٥ / ١٩٦٦ وغيرها من رسائل التكريم والتقدير الكثيرة التي تضمها مكتبته العامرة في داره بمصيف شمران بإيران.

وقد نشرت مجلة الاخاء بعددها (٨٢) الصادر في أول ايلول ١٩٦٦ نبأ انعام جلالة الملك حسين على الاستاذ الشهرستاني بوسام الكوكب وهنأته عليه وقدرت ثقة الملك حسين فيه.

١٩

وفاته

هذا وقد توفي السيد صالح الشهرستاني يوم السبت ٢٢ شعبان ١٣٩٥ هـ الموافق ٣٠ أغسطس ١٩٧٥ في مستشفى « رضا بهلوي » بشميران ونقل جثمانه إلى مدينة كربلاء « العراق » بالطائرة حيث دفن في المقبرة الخاصة بالأسرة الشهرستانية والواقعة في باب السدرة للروضة الحسينية المقدسة قريباً من والده وزوجته العلوية « زهراء » وأخته والأفراد الآخرين من هذه العائلة الكريمة رحمهم‌الله جميعاً.

وقد استللت هذه الترجمة عن حياة المؤلف السيد صالح الشهرستاني « تغمده الله برحمته الواسعة » من كتابه « شخصيات أدركتها ».

المحقق

نبيل رضا علوان

قم المقدسة.

دار هجرة ٢٦ ـ صفر الحرام ـ ١٤١٦ هـ

٢٠