وسائل الشيعة - المقدمة

وسائل الشيعة - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

تفصيل وسائل الشيعة الجزء الأوّل ـ الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي

١

تفصيل وسائل الشيعة الجزء الأوّل ـ الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي

٢

تفصيل وسائل الشيعة الجزء الأوّل ـ الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي

٣

تفصيل وسائل الشيعة الجزء الأوّل ـ الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي

٤

المُقَدَّمةُ

بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

بعث رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومن يحسن الكتابة في ارض الجزيرة قليلون جداً ، حتى لقد كان الكتّاب في مكة المكرمة يُعدون على الأصابع . ولذا فقد كانت مدة البعثة في مكة متخصصة ـ في الأعم الأغلب ـ لبناء الشخصية الاسلامية وتربية المسلمين القلائل الذين منّ الله عليهم بدينه .

وكانت هذه القلة القليلة من المسلمين المتعلمين تتحمل عبء كتابة الوحي على القراطيس والعسب والأحجار الخفاف والأدم ( الجلود ) .

ولما هاجر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله إلى المدينة حث المسلمين على تعلم الكتابة ، وكتابة القرآن وحفظه ، فكان رجال من صحابته مختصّين بكتابة الوحي .

ولما وقعت غزوة بدر وأسر المسلمون فيها عدداً من المشركين كان فيهم من يعرف الكتابة ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله فكاك أسرهم لقاء تعليمهم عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة .

فكان رسول الله صلى الله عليه وآله أول ناشر للكتابة في الاسلام في مدينته المنورة وبين أصحابه المسلمين .

٥

بل كان جماعة في عهده صلى الله عليه وآله يحفظون القرآن وهو عندهم مكتوب ، كما يُروى ذلك عن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وعبد الله بن مسعود .

وهذا الأمر يتناقض مع ما ذهب اليه القائلون بالنهي عن تدوين الحديث ونسبة ذلك النهي الى رسول الله صلى الله عليه وآله ، فانا نقول حتى وان صح نهي النبي صلى الله عليه وآله عن تدوين حديثه الذي هو وحي يوحى ، وتفسير ما غمض وتفصيل ما اُجمل من القرآن الكريم ، فيمكننا أن نحمل هذا النهي على اوائل البعثة النبوية خوفاً من التباس القرآن بغيره ، إلّا انه ـ وهذا مما لا شك فيه ـ ان العرب وبعد فترة قليلة عرفوا بذوقهم اللغوي كلام القرآن الذي يعلو كل كلام .

وكيفما كان فقد سمح رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه بكتابة حديثه في حياته بل كانت له صلى الله عليه وآله صحيفة كتبت باشرافه المباشر ، معلقة بقراب سيفه ، وهي التي اعطاها صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام فاشتهرت باسم صحيفة علي بن أبي طالب عليه السلام .

وقد روى عنها الشيعة والسنة احاديت .

وهذه الصحيفة صغيرة فيها العقل ومقادير الديات واحكام فكاك الاسير ، وغير ذلك وقد اخرج عنها من العامة : البخاري في صحيحه في كتاب الديات وباب الدية على العاقلة وابن ماجة في سننه (١) واحمد في مسنده (٢) .

وكتبت في عهده صلى الله عليه وآله صحائف اُخرى ، منها :

١ ـ صحيفة علي بن أبي طالب ، وهي كتاب ضخم ، افصح الائمة الاطهار عليهم السلام عن ضخامة حجمها فقالوا : انها صحيفة طولها سبعون ذراعا ، املاها رسول الله صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام ، فكتبها علي بخطه .

__________________

(١) سنن إبن ماجة ٢ : ٨٨٧ / ٢٦٥٨ .

(٢) مسند أحمد ١ : ٧٩ .

٦

وهو أول كتاب جمع فيه العلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله .

٢ ـ صحيفة أبي رافع المدني ( ـ ٣٥ هـ ) مولى رسول الله صلى الله عليه وآله

وقال النجاشي : لأبي رافع كتاب السنن والاحكام والقضايا (١) .

وكان ابن عباس يأتي أبا رافع فيقول : ما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم كذا ؟ ما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم كذا ؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب فيها (٢) .

٣ ـ صحيفة عبد الله بن عمر والتي سماها بالصادقة . وقد اشتملت على الف حديث ، روى بعضها أحمد في مسنده .

وتعتبر احدى الوثائق التاريخية التي تثبت تدوين الحديث في زمن النبي صلى الله عليه وآله .

وروى عبد الله هذا فقال : كنت اكتب كل شيء أسمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) اُريد حفظه ، فنهتني قريش ، وقالوا : تكتب كل شيء سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا . فامسكت عن الكتاب ، وذكرت ذلك لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأومأ باصبعه الى فيه وقال : اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه الّا حق (٣) .

٤ ـ صحيفة سعد بن عبادة الانصاري ( ـ ١٥ ه ) فيها طائفة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله (٤) .

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤ ترجمة ١ .

(٢) طبقات إبن سعد ٢ : ٣٧١ ، والاصابة ٢ : ٣٣٢ .

(٣) تقييد العلم : ٧٤ ، سنن الدارمي ١ : ١٢٥ ، سنن أبي داود ٣ : ٣١٨ / ٣٦٤٦ .

(٤) علوم الحديث : ١٣ .

٧

ويرى البخاري ان هذه الصحيفة كانت نسخة من صحيفة عبد الله بن أبي أوفى الذي كان يكتب الاحاديث بيده وكان الناس يقرؤن عليه ما جمعه بخطه (١) .

٥ ـ صحيفة جابر بن عبد الله الانصاري ذكرها ابن سعد في طبقاته (٢) ، وعبد الرزاق في مصنفه (٣) ، والذهبي في تذكرته (٤) وروى مسلم في صحيحه انها كانت في مناسك الحج ، ويحتمل ان يكون فيها ذكر حجة الوداع التي القى فيها رسول الله صلى الله عليه وآله خطبته الجامعة ، وعين علياً عليه السلام وصياً وخليفة واماماً للناس بعده .

وكان قتادة بن دعامة السدوسي يكبر من قيمة هذه الصحيفة ويقول : لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة (٥) .

ويعتبر جابر من الصحابة البارزين الذين دعوا الى عملية التدوين فضلاً عن ممارستها ، فلم يقتصر على كتابة الصحيفة بل كان يملي الاحاديث على تلامذته من التابعين (٦) وكتب عنه جماعة منهم : محمد بن الحنفية ، وسليمان بن قيس اليشكري ، وعبد الله بن محمد بن عقيل ، وغيرهم .

ولم تتحدد كتابة الحديث النبوي بالاسماء التي ذكرنا بل كان لغير هؤلاء من الصحابة عمل مماثل ومصنفات اخرى كأبي ذر الغفاري ، ورافع بن خديج الانصاري وسلمان الفارسي وعبد الله بن عباس .

هذه الصحف وما ورد من اجازته ـ بل امره صلى الله عليه وآله ـ بالكتابة

__________________

(١) علوم الحديث : ١٣ ، والسنة قبل التدوين : ٣٤٢ .

(٢) طبقات ابن سعد ٧ : ٢٢٩ .

(٣) المصنف ١١ / ٢٠٢٧٧ .

(٤) تذكرة الحفاظ ١ : ١٢٣ .

(٥) التاريخ الكبير ٧ : ١٢٥ / ٨٢٧ .

(٦) تقييد العلم : ١٠٤ .

٨

لعبد الله بن عمرو وغيره واحاديثه المتكثرة في ذلك والتي منها .

١ ـ اكتبوا ولا حرج (١) .

٢ ـ قيدوا العلم بالكتاب (٢) .

٣ ـ اكتبوا لابي فلان (٣) .

٤ ـ استعن بيمينك (٤) .

دليل واضح على اجازته لكتابة الحديث .

قال الدكتور عتر : وردت احاديت كثيرة عن عدد من الصحابة تبلغ بمجموعها رتبة التواتر ، في اثبات وقوع الكتابة للحديث النبوي في عهده صلى الله عليه وآله (٥) .

*       *      *      *

ولما وصل أبو بكر الى الخلافة أجمع على تدوين الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وجمع خمسائة حديث وكتبها . ولكنه ـ كما تروي عائشة ابنته ـ بات ليلته يتقلب ، قالت : فغمني تقلبه ، فلما أصبح قال لي : أي بنية هلمي الاحاديث التي عندك ، فجئته بها فأحرقها (٦) .

ثم منعهم من التحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله بشيء . فعن مراسيل ابن ابي مليكة ان ابا بكر جمع الناس وقال : انكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله احاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافاً ، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله

__________________

(١) تقييد العلم ٧٢ ـ ٧٣ ، مجمع الزوائد ١ : ١٥١ ، كنز العمال ١٠ : ٢٣٢ / ٢٩٢٢٢ .

(٢) محاسن الاصطلاح ٢٩٨ و٢٩٩ .

(٣) صحيح البخاري ١ : ٣٩ .

(٤) تقييد العلم : ٦٥ .

(٥) منهج النقد في علوم الحديث : ٤٠ .

(٦) تذكرة الحفاظ ١ : ٥ .

٩

وحرموا حرامه (١) .

ولم تطل أيام أبي بكر ، ولذلك لم يصدر منه كلام كثير حول تدوين الحديث في عصره ، ولكن هناك اشارات الى ان الصحابة لم يبالوا بنهيه واستمروا على الكتابة .

وعندما استخلف عمر فكر في اول أمره ـ كما فكر قبله أبو بكر ـ في ان يكتب السنن ، تم لم يلبث ان عدل عن ذلك .

فعن عروة بن الزبير ، أن عمر بن الخطاب اراد أن يكتب السنن ، فاستفتى اصحاب النبي في ذلك ، فأشاروا عليه بأن يكتبها ، فطفق عمر يستخير الله شهراً ثم اصبح يوماً وقد عزم الله له ، فقال : اني كنت اُريد ان اكتب السنن ، واني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً ، فاكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، واني والله لا اشوب كتاب الله بشيء أبداً (٢) .

وعن القاسم بن محمد بن ابي بكر قال : ان الاحاديث كثرت على عهد عمر ابن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها ، فلما أتوه بها أمر بتحريقها (٣) .

وهذا يدل على ان الصحابة استمروا على الكتابة ، ولم يبالوا برأيه فيها ـ كما مرّ في الحديث السابق ـ ولذا اضطر أن يناشدهم ليأتوه بما عندهم من مجاميع الحديث . وحرقها .

وبعد ذلك تشدد في المنع فكتب الى الامصار : من كان عنده شيء فليمحه (٤) .

واستمرت هذه السنة من سنن عمر ، كما استمرت غيرها من سننه ، وقد ساعد على بقائها طول المدة ، ودقة الخطة في المنع ، وشدة الأمر .

فمما يدلّك على دقة خطة المنع ما رواه قرظة بن كعب ، قال :

__________________

(١) تذكره الحفاظ ١ : ٣ .

(٢) جامع بيان العلم وفضله ١ : ٦٤ ، وتقييد العلم : ٥٠ .

(٣) طبقات إبن سعد ٥ : ١٨٨ ترجمة القاسم بن محمد بن ابي بكر .

(٤) جامع بيان العالم وفضله ١ : ٦٤ ـ ٦٥ .

١٠

لما سيرنا عمر الى العراق مشى معنا عمر الى صرار ، ثم قال : أتدرون لم شيعتكم ؟ قلنا : أردت أن تشيعنا وتكرمنا ، قال : ان مع ذلك لحاجة ، انك تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تصدوهم بالاحاديث عن رسول الله وأنا شريككم ، قال قرظة : فما حدثت بعده حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله .

وفي رواية اخرى : فلما قدم قرظة بن كعب قالوا : حدثنا ، فقال : نهانا عمر (١) .

وروى الذهبي ان عمر حبس ثلاثة : ابن مسعود ، وأبا الدرداء ، وأبا مسعود الانصاري ، وقال لهم : أكثرتم الحديث عن رسول الله (٢) .

وكان يقول للصحابة : اقلوا الرواية عن رسول الله الّا في ما يعمل به (٣) .

وبالاضافة الى هذا كله فقد منع الصحابة من مغادرة المدينة المنورة الى الامصار الاخرى ، وبذلك فقد احكم الحصار حول التدوين وسدّ أي منفذ يمكن ان يؤدي اليه وكادت عملية التطويق هذه تفعل فعلها على مرور السنوات حتى جاء جيل من المسلمين لا يستحل كتابة الحديث ، وينهى عنها ، فهذا عبيده السلماني ( ـ ٧٣ هـ ) يقول لابراهيم بن زيد التميمي ( ـ ٩٣ هـ ) حين علم أنّه يكتب عنه : لا تخلدن عني كتاباً (٤) .

وكره ابراهيم النخعي أن تكتب الاحاديث في الكراريس ، وتشبه بالمصاحف (٥) .

وهذا عامر الشعبي ( ـ ١٠٣ ) يقول : ما كتبت سوداء في بيضاء ، ولا سمعت من رجل حديثاً فأردت أن يعيده عليّ (٦) .

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ١ : ٧ .

(٢) تذكره الحفاظ ١ : ٧ .

(٣) البدايه والنهاية ٨ : ١٠٧ .

(٤) طبقات ابن سعد ٦ : ٩٤ .

(٥) جامع بيان العلم وفضله ١ : ٦٧ ، وتقييد العلم : ٤٨ .

(٦) جامع بيان العلم ١ : ٦٧ .

١١

واما في عهد بني امية فان أمر عمر بقي ساري المفعول ، فقد جاء في الاخبار أن معاوية ـ في وقت تسلطه على الخلافة ـ استقدم عبيد بن شرية الجرهمي فكتب له كتاب ( الملوك واخبار الماضين ) (١) ، ولم يستقدم من يحدثه بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله .

*       *      *      *

ولنا هنا وقفة مع ادعاء الخليفة الثاني ان منعه لتدوين الحديث كان خوفاً من اختلاطه بالقرآن الكريم فيظن انه منه ، وقد صرح عمر بهذا لما فرض المنع الرسمي لتدوين الحديث ، كما مرّ .

وهو ادعاء غير مقبول ولا معقول ، لان القرآن متميز ببلاغة فائقة وبمسحة الهية تجعله فوق مستوى كلام البشر حتى كلام النبي صلى الله عليه وآله ، والقرآن له دليل عليه من نفسه ، فنسق كلامه والقرائن التي تحف به تميزه عن أي كلام غيره ، ولهذا انبهر العرب باعجازه بمجرد سماعه ، وكانوا يميزونه عن كل كلام .

وبالاضافة الى ذلك فقد أحاط النبي صلى الله عليه وآله القرآن بسياج من الاحكام الشرعية منها تحريم مس كتابته لغير المتطهر ، ووجوب الانصات له عند سماعه .

فكيف يختلط على الصحابة ـ الذين نزل القرآن بين أظهرهم ـ القرآن بغيره ؟

ومع ذلك كله فهل يمكن لمدع ان يدعي ان كتابة الحديث ـ الشارح للقرآن ـ محرمة ؟ !

أليس ذلك إلّا تعريضاً للحديث الشريف الى الاندراس والنسيان ؟ مع ما يترتب عليهما من آثار ونتائج ؟

واذا تم ذلك ـ وهو لم يتم ـ فان القرآن سيستبهم على المسلمين ، لان فيه ما لا يعرفه إلّا رسول الله صلى الله عليه وآله .

__________________

(١) فهرست النديم : ١٠٢ .

١٢

ولو صح هذا المنع لكان في اول الاسلام ، ولا شك انه ارتفع بعد نزول جملة من القرآن حددت خصائصه وأبانت معالمه وميزته عن كل كلام .

ومع ذلك فان من المقطوع به ان النبي صلى الله عليه وآله أمر بالكتابة ، وسمح لجماعة من الصحابة أن يكتبوا الحديث ، وكانت له صلى الله عليه وآله صحيفة معلقة بقراب سيفه ورثها عنه أمير المؤمنين علي عليه السلام .

والنبي صلى الله عليه وآله أولى من غيره بحياطة القرآن والحفاظ على سلامة نصه ، فلو كان التدوين يختلط بالقرآن لمنعه قبل غيره ، هذا اذا كانت كتابة الحديث مع القرآن في صفحة واحدة ، فكيف اذا كانت كتابة الحديث منفصلة ، وتسمى باسم خاص كصحيفة علي عليه السلام ، وصحيفة عبد الله بن عمرو ، فهل يمكن لمدع أن يدعي اختلاط الحديث بالقرآن ؟ !

لذلك لم ير الصحابة ان المنع يمثل الزاماً شرعياً يجب ان يخضعوا له بقدر ما اعتبروه رأياً ارتآه البعض لمصالح خاصة وكذلك جماعة من التابعين دعت ومارست عملية التدوين ولم يبالوا بأمر المنع ، ومنهم : محمد بن الحنفية ابن الامام أمير المؤمنين وميثم بن يحيى التمار وحجر بن عدي الكندي وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير والحارث بن عبد الله الهمداني وأبو حمزة الثمالي وزيد بن وهب الجهني وسليم بن قيس العامري الهلالي والاصبغ بن نباتة والحسن بن محمد بن الحنفية وسالم بن أبي الجعد وعطاء بن ابي رباح والضحاك بن مزاحم .

ونعتقد ان المنع من التدوين يخفي اسباباً أعمق من التي علل بها ، فهذه تبطن غير ما تظهر ، ولا تثبت للنقد الصحيح بأي حال . فلم يكن يراد للحديث النبوي أن يأخذ مداه الطبيعي والصحيح بل اريد له أن يتشكل بحسب الصورة التي آلت اليها الاوضاع بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله ، وليس بحسب الحدود والمعالم التي رسمها الرسول صلى الله عليه وآله .

وبعبارة اخرى ، ان يساعد على اقصاء أهل البيت عن مركزهم الحقيقي ، وان يساعد على تثبيت السلطة القائمة ، والامران لم يكن للحديت النبوي فيهما أي

١٣

مصداق .

ويدلك على ذلك ما رواه الخطيب البغدادي بسنده عن عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه قال : جاء علقمة بكتاب من مكة ـ أو اليمن ـ صحيفة فيها احاديث في أهل البيت ، بيت النبي صلى الله عليه وآله ، فاستأذنا على عبد الله فدخلنا عليه ، قال : فدفعنا اليه الصحيفة ، قال : فدعا الجارية ثم دعا بطست فيها ماء .

فقلنا له : يا أبا عبد الرحمن انظر فيها ، فأن فيها احاديت حساناً ، فجعل يميثها فيه ويقول : ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـٰذَا الْقُرْآنَ ) (١) القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ، ولا تشغلوها بما سواه (٢) .

ولهذا ـ أيضاً ـ لم يشمل المنع الاحكام ، لان الاحكام لا تمس السلطة بشيء ، ولذلك نرى عمر يقول : اقلوا الرواية ضن رسول الله إلّا فيما يعمل به (٣) .

وكان هذا المنع ـ وما رافقه وجاء بعده من امور ـ سبباً لما عرف بـ ( وضع الحديث ) .

وإذا عرفنا معنى الوضع وانه الكذب بعينه ويندرج تحت عقوبة الحديث الشريف « من كذب منَّ متعمداً . . » امكننا القول ان الوضع بدأ منذ عصر الرسول صلى الله عليه وآله حيث أخرج الطحاوي في مشكل الآثار عن بريدة قال :

جاء رجل الى قوأ في جانب المدينة ، فقال : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمرني أن أحكم برأيي فيكم ، في كذا وكذا وقد كان خطب إمرأة منهم في الجاهلية ، فأبوا أن يزوجوه ، فبعث القوم الى النبي ( صلى الله عليه وآله ) يسألونه ، فقال : « كذب عدو الله » . ثم أرسل رجلاً فقال : « إن أنت وجدته حيا فاضرب عنقه ، وما أراك تجده حياً ، وان وجدته ميتا فاحرقه » . فوجده قد لدغ فمات ، فحرقه ، فعند ذلك قال النبي :

__________________

(١) يوسف ١٢ : ٢ .

(٢) تقييد العلم : ٥٤ ، وقد توسّع السيد الحسيني الجلالي في البحث عن « تدوين الحديث » في كتاب مستقلّ ، وفّقه الله لنشره .

(٣) البداية والنهاية ٨ : ١٠٧ .

١٤

صلى الله عليه وآله ) : « من كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار » (١) .

ولكن هذا الوضع لم يقدّر له ان يستمر ويستحكم ويلبس لباس الصدق ، بفضل وجود الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ، فكان هذا الوضع ( الكذب ) لا يلبث ان يقبر وهو في مهده .

ويمكننا ان نعتبر بداية الوضع الحقيقي الذي صدقته ـ بعد زمان ـ جماعات من المسلمين ، هو ما حدث حين وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله .

فقد روى ابن عباس : لما حضرت النبي ( صلى الله عليه وآله ) الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال : « هلُمّ اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده » ، قال عمر : ان النبي غلبه الوجع وعندكم كتاب الله ، فحسبنا كتاب الله ، واختلف أهل البيت فمنهم من يقول ما قال عمر ، فلما اكثروا اللغط والاختلاف قال : «قوموا عنّي ، لا ينبغي عندي التنازع » (٢) .

وكان هذا فتحاً لباب الوضع لغرض سياسي ، هدفه الاساسي اقصاء الخلافة عن صاحبها الحقيقي ، لتكون لمن غلب ، ولذا جاء بعدها رأساً حديث « نحن معاشر الأنبياء لا نورث » المصادم للشرع الشريف ، والذي سمع أول ما سمع من الخليفة الاول حين طالبته الزهراء عليها السلام بارثها من أبيها .

وعلى هذا فقد فتح الباب على مصراعيه امام هذا الانحراف الخطير في أيام الخلفاء ، الذين جندوا لغرضهم هذا جماعة ممن لم يدخل الايمان في قلوبهم .

ومع الوضع كانت العوامل الهدامة الاُخرى تنخر في جسم الحديث الشريف ، وتجعل أمامه شرعاً آخر يجبر الناس على التمسك به وتطبيقه ، وكان من ذلك الاجتهاد في مقابل النص ، وتشريع أشياء لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله .

فقد كان من ذلك في عهد الخليفة الاول تجويز قتل المسلمين المؤمنين بسبب

__________________

(١) مشكل الاثار ١ : ١٦٤ .

(٢) طبقات إبن سعد ٢ : ٢٤٤ ، وراجع بقيه مصادره في باب بعث اسامة في كتاب عبد الله بن سبأ ج ١ .

١٥

احقاد وعداوات جاهلية ، او بسبب عدم الخضوع للسلطة القائمة لأن المسلمين قد اعطوا بيعتهم للخليفة الحق الذي نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله .

ومع هذا التجويز كان التبرير وكان المدح المشعر بأنه حديث عن المعصوم ، فخرج الخلفاء بجملة اقوال تنطبق وما يريدون ، وتقف حائلاً وسداً منيعاً أمام الوضوح الشرعي ، والدليل القاطع في مسائل الدين المختلفة حتى وان قوبلت بالرفض والاستنكار كما حدث في قضية مالك بن نويرة وقول الخليفة الاول : ما كنت أغمد سيفاً سلّه الله .

وإليك تفصيل الواقعة :

عن ابن ابي عون وغيره ان خالد بن الوليد ادعى ان مالك بن نويرة ارتد بكلام بلغه عنه ، فانكر مالك ذلك ، وقال : أنا على الاسلام ما غيرت ولا بدلت ، وشهد له بذلك ابو قتادة ، وعبد الله بن عمر ، فقدمه خالد وأمر ضرار بن الازور الأسدي فضرب عنقه ، وقبض خالد امرأته ؟ فقال (١) لأبي بكر : انه قد زنا فارجمه ، فقال أبو بكر : ما كنت لارجمه تأول فاخطأ ، قال : فانه قد قتل مسلماً فاقتله : قال : ما كنت لأقتله تأول فأخطأ ، قال : فاعزله ، قال : ما كنت لاشيم سيفاً سلّه الله عليهم ابداً (٢) .

ورويت هذه الواقعة أيضاً بالشكل التالي :

قال الاستاذ هيكل في كتابه « الصديق أبو بكر » : ان أبا قتادة الأنصاري غضب لفعلة خالد ، اذ قتل مالكاً وتزوج امرأته ، فتركه منصرفاً إلى المدينة مقسماً ان لا يكون ابداً في لواء عليه خالد ، وان متمم بن نويرة أخا مالك ذهب معه ، فلما بلغا المدينة ذهب ابو قتادة ولا يزال الغضب آخذاً منه مأخذه فلقي ابا بكر فقص عليه أمر خالد ، وقتله مالكاً وزواجه من ليلى ، واضاف انه أقسم ان لا يكون أبداً في لواء عليه خالد . قال : لكن أبا بكر كان معجبا بخالد وانتصاراته ، ولم يعجبه أبو قتادة ، بل

__________________

(١) كذا في مطبوعة كنز العمال الاخيرة . ولكن في وفيات الأعيان ٥ : ١٦ تصريع بذكر القائل انه ( عمر ) في ترجمة وثيمة .

(٢) كنز العمال ٥ : ٦١٩ ح ١٤٠٩١ .

١٦

أنكر عليه منه أن يقول في سيف الاسلام ما يقوله !

قال هيكل : ترى الانصاري ـ يعني أبا قتادة ـ هاله غضب الخليفة فاسكته ؟ كلا ، فقد كانت ثورته على خالد عنيفة كل العنف ، لذلك ذهب الى عمر بن الخطاب فقص عليه القصة ، وصور له خالدا في صورة الرجل الذي يغلب هواه على واجبه ، ويستهين بأمر الله ارضاء لنفسه . قال : واقره عمر على رأيه وشاركه في الطعن على خالد والنيل منه ، وذهب عمر إلى أبي بكر وقد اثارته فعلة خالد أيّما ثورة ، وطلب اليه ان يعزله ، وقال ان في سيف خالد رهقاً (١) وحق عليه ان يقيده ولم يكن أبو بكر يقيد من عماله (٢) ، لذلك قال حين ألح عمر عليه غير مرة : هبه يا عمر ، تأول فاخطأ ، فارفع لسانك عن خالد .

ولم يكتف عمر بهذا الجواب ، ولم يكف عن المطالبة بتنفيذ رأيه فلما ضاق أبو بكر ذرعا بالحاح عمر ، قال : لا يا عمر ما كنت لاشيم (٣) سيفاً سلّه الله على الكافرين (٤) .

وخالد هذا الذي اصبح « سيفاً من سيوف الله » ! كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله فاتكاً غادراً يؤاخذ في الاسلام بأحن الجاهلية وعداواتها .

فقد ارسله ( صلى الله عليه وآله ) ، داعيا الى الاسلام (٥) ، ولم يبعثه مقاتلاً ، وكان بنو جذيمة قتلوا في الجاهلية عمه الفاكه بن المغيرة . فلما جاءهم بمن معه قال لهم : ضعوا أسلحتكم فان الناس قد أسلموا . فوضعوا اسلحتهم ، وأمر بهم فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل منهم مقتلة عظيمة (٦) . فلما انتهى الخبر الى النبي ( صلى الله

__________________

(١) الرهق السفه والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم .

(٢) وهذا من اجتهاده مقابل النص فان الله تعالى يقول « وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ » ( الآية ) .

(٣) اشيم : اغمد والشيم يستعمل في كل من السَل والاغماد .

(٤) النص والاجتهاد ١٤٠ ـ ١٤١ ـ عن الصديق أبو بكر لمحمد حسين هيكل ١٤٧ فما بعد .

(٥) في ثلثمائة من المهاجرين والأنصار ، وكان ذلك في شوال بعد فتح مكة وقبل وقعة حنين .

(٦) لم يقتصر خالد هنا على مخالفة النص الصريح في عهد النبي اليه في بني جذيمة ، بل كان في بطشته

=

١٧

عليه وآله ) رفع يديه الى السماء فقال : اللّهم إني أبرأ اليك مما صنع خالد بن الوليد . مرتين (١) .

وفي عهد الخليفة الثاني كان النمو الحقيقي لأمرين : الوضع وما يترتب عليه من آثار اجتماعية وسياسية تخالف النص النبوي الشريف ، والاجتهاد في مقابل النص الذي يجعل من الرسول صلى الله عليه وآله مجتهداً يصح بحقه الخطأ ، وتتيح للرأي الآخر أن يقف مقابله ، فكانا بذلك ـ الوضع والاجتهاد مقابل النص ـ يرسمان الخطوات العملية للانحراف الاعمق الذي اصاب الامة الاسلامية .

اما الأمر الثاني فكان للخليفة الثاني فيه الباع الطويل ، ومن اجتهاداته المخالفة للقرآن الكريم ولنصوص رسول الله صلى الله عليه وآله ، ما جاء به في شأن متعة النساء ومتعة الحج .

فقد روى السيوطي في الدر المنثور عن سعيد بن المسيب قال : نهى عمر عن المتعتين متعة الحج ومتعة النساء (٢) .

وفي بداية المجتهد : روي عن عمر أنه قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله انا انهى عنهما واعاقب عليهما : متعة الحج ومتعة النساء (٣) .

هذا وقد نص القرآن على مشروعية متعة النساء حيث يقول « فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً » (٤) .

__________________

=

هذه بهم خارجاً على عدة من قواعد الاسلام الاساسية كهدر دماء الجاهلية ، وككون الاسلام يجب ما قبله . وكقوله عز من قائل في محكم فرقانه العظيم ( وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ) وقد اسرف هذا الرجل في القتل ، على أن عمه كان مهدور الدم لا قيمة له ، وعلى أنه لا ولاية له على عمه ، ففعله هذا مع كونه مرسلاً من قبل رسول الله ، من افحش المنكرات التي لا تنسى الى يوم القيامة ، ولا تقل عن منكراته يوم البطاح .

(١) تاريخ الطبري ٣ : ٦٧ حوادث سنة ٨ هـ .

(٢) الدر المنثور ٢ : ١٤١ .

(٣) بداية المجتهد ١ : ٣٤٦ .

(٤) سورة النساء ٤ : ٢٤ .

١٨

وقد كان المسلمون يتمتعون بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى عهد أبي بكر (١) .

ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أنه قال : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وابي بكر ، حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (٢) .

والأحاديث في تحليلها كثيرة معتبرة

وقد عارض الخليفة في اجتهاده هذا جماعة من الصحابة والتابعين منهم : عبد الله بن مسعود ، وأبو سعيد الخدري ، وابنه عبد الله بن عمر ، والزبير بن العوّام ، وخالد ابن مهاجر ، وعمرو بن حريث ، واُبّي بن كعب ، وسعيد بن جبير ، وطاووس اليماني ، والسدي ، وزفر بن أوس المدني ، وجابر بن عبد الله الانصاري .

وعلى رأسهم سيدهم وأعلمهم أمير المؤمنين علي عليه السلام .

وكان عبد الله بن عباس متشدداً في تحليلها ، وكان حين يذكر تحريم الثاني لها يقول : ما كانت المتعة إلّا رحمة من الله تعالى رحم بها اُمة محمد صلى الله عليه وآله ، ولولا نهيه عنها لما احتاج الى الزنا إلّا شفي (٣) .

وفي مصنف عبد الرزاق : ان عليّاً قال بالكوفة : لولا ما سبق من رأي عمر ابن الخطاب ـ أو قال : رأي ابن الخطاب ـ لأمرت بالمتعة ثم ما زنى إلّا شقي (٤) .

أما تحريمه لمتعة الحج فقد كان اول المخالفين له ابنه عبد الله بن عمر ، ففي صحيح الترمذي ان عبد الله بن عمر سئل عن متعة الحج ، قال : هي حلال ، فقال له السائل : ان أباك قد نهى عنها ، فقال : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله ، أأمر أبي نتبع أم أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ فقال الرجل : أمر رسول الله

__________________

(١) فتح الباري ٩ : ١٤١ .

(٢) صحيح مسلم ـ باب نكاح المتعة ـ ٢ : ١٠٢٣ ح ١٤٠٥ .

(٣) احكام القرآن للجصاص ٢ : ١٤٧ ، والشفي : القليل من الناس .

(٤) المصنف لعبد الرزاق ٧ : ٥٠٠ / ١٤٠٢٩ .

١٩

( صلى الله عليه وآله ) . قال لقد صنعها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .

الى كثير من أمثال هذه الصحاح الصراح في إنكار النهي عنها (١) .

وتوالت اجتهادات الخليفة الثاني وكثرت حتى أصبحت جملة كبيرة نذكر عدة منها :

١ ـ رجم المجنونة :

حيث حكم على مجنونة قد زنت فاُخذت ليقام عليها الحدّ ، فاجتاز عليهم علي عليه السلام فسألهم عن أمرها فأخبروه ، فأمر بارجاعها ، وقال للخليفة : أما تذكر أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يبلغ ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن المعتوه حتى يبرأ ، وان هذه معتوهة بني فلان ، لعل الذي أتاها ، أتاها وهي في بلائها ، فخلّ سبيلها . فجعل عمر يكبّر ، وأمر باطلاق سراحها (٢) .

٢ ـ رجم من ولدت لستّة أشهر :

ومن غريب هذه الاجتهادات حكمه برجم امرأة ولدت لستة أشهر ، فردّ الامام علي عليه السلام حكمه وقال له : ان الله تعالى يقول ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ) (٣) ، وقال تعالى ( وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) (٤) فالحمل ستة أشهر والفصال في عامين ، فترك عمر رجمها وقال : لولا علي لهلك عمر (٥) .

٣ ـ إقامة الحدّ على جعدة بن سليم :

قدم بريد على الخليفة فنثر كنانته ، فبدرت صحيفة فقرأها الخليفة فاذا فيها :

__________________

(١) سنن الترمذي ١ : ١٥٧ .

(٢) ارشاد الساري ١٢ : ١٠١ ، وفيض القدير ٤ : ٣٥٧ .

(٣) الاحقاف ٤٦ : ١٥ .

(٤) لقمان ٣١ : ١٤ .

(٥) الدر المنثور ١ : ٢٨٨ ، والسنن الكبرى ٧ : ٤٤٢ .

٢٠