معجم القواعد العربيّة

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الحميد
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦

١
٢

٣
٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

المقدّمة

الحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ، وعلى آله وصحبه.

أما بعد : فإنّ من تيسير القواعد العربيّة ، وتذليل صعابها تسهيل مسالكها ، وحسن ترتيبها ، لا العبث بأصولها ، وذلك بترتيبها على الطريقة المعجمية ، فلم يعد الوقت يتّسع ليخوض المرء في كتب النحو والتصريف وشروحها وحواشيها ليله ونهاره ليظفر ببغيته ، وجواب مسألته.

وقد سبق علماء اللغة بوضع المعاجم لمفردات اللغة وفيها جميع ما يتعلق بها من معان ، وقد كانت قبل ذلك مفرّقة في كتب كثيرة ، فمن اليسير جدا أن يجد امرؤ حاجته في معاجم اللغة من غير عناء.

وكذلك بعض علماء النحو وضع لحروف المعاني ، وبعض المبنيات من الأسماء ترتيبا على حروف المعجم ، مثل كتاب الأزهيّة ، ومغني اللبيب ، والجنى الداني ، وخيرهم المغني ، وكلهم أفاد ويسّر.

وأول كتاب في النحو أكبر من متوسط صنّف على الترتيب المعجمي كتاب «معجم النحو» الذي صنفته منذ عشر سنوات.

وقد قلت في مقدمته : إنه «معجم لمعظم قواعد النحو وكلماته وحروفه ، بله كلمات وتعابير صحيحة شهرت ووردت في كلام العرب والمؤلفين ، وخفي إعرابها ، ويصعب التماسها في كتب النحو».

٥

وطبع هذا المعجم ثلاث مرات : مرتين في دمشق ، ومرة في إيران ، وقرأه المهتمون بالعربية ، ورأوا فيه ما يفيدهم ، وما يريحهم من عنت المراجعة والخوض في الكتب.

ولوحظ على هذا المعجم أن تكون مصادره كما جاء في مقدمته : إنه «لم يخرج عن كتب معروفة مألوفة موثوقة» والذي ينبغي أن تكون مصادره كتب الأقدمين من النّحويين فهي أصح وأوثق ؛ فاسترحت لهذه الملاحظة واستيقنت فائدتها ، ولهذا صنّفت هذا الكتاب : «معجم القواعد العربية» وجعلت أول مراجعه وأهمها الكتاب لسيبويه ، والمقتضب للمبرّد وغيرهما من كتب الأوائل ، ثم كتبا أخرى كثيرة منها شرح المفصّل لابن يعيش ، وشرح الكافية لرضي الدين ، ومنها كتب ابن هشام ، وشروح ألفية ابن مالك ، وهناك كتب كثيرة أخذت منها جملا من القواعد والإعراب. وبهذا جاء النحو بهذا المعجم مستوفيا كافيا لا يحتاج معه إلى غيره.

ولا يذهبنّ الظنّ بامرئ إلى أن يتصور أنّ هذا الكتاب صعب الفهم ، بعيد الغور إذ كان أهمّ مصادره الكتاب لسيبويه والمقتضب للمبرد ، فما بهذا الكتاب شيء صعب على من له بعض الملكة في فهم كلام النحاة ، على أنني لم آل جهدا في تسهيل بعض ما يظنّ به الصعوبة ، وهذا أقلّ ما في هذا الكتاب.

ولتمام الفائدة فقد ضممت إلى النحو فنّ التصريف ، ودمجته في الترتيب المعجمي ، وذلك لأنه لا بدّ منهما في فهم العربية ، ولا بدّ للنحو من التصريف ، ولا بدّ للتصريف من النحو ، فإذا كان النحو ينظر إلى أواخر الكلم فإنّ التصريف ينظر إلى أصول الكلمة وزوائدها والتغيّرات فيها ، على أني لم أتبسّط في التصريف تبسّطي في النحو بل اكتفيت منه بما يحتاجه غير المختص.

كما زدت إلى النحو والتصريف : الإملاء ، وهو تصوير اللفظ وله علاقة كبيرة فيهما ، وقد صنّفته على طريقة علماء العربية ، وما كتبته من الإملاء جزء صغير لا يحتاج إلى أكثر منه ، وقد ذيّلت به هذا الكتاب.

وظاهر ما يراد بالترتيب المعجمي ، ونزيده إيضاحا فنقول : ما من قاعدة ، أو

٦

كلمة إعرابية ، أو حرف معنى أو قاعدة صرفيّة إلا وهو تابع لحروف المعجم ؛ فالمبتدأ بجميع ما يتعلق به تجده في الميم مع الباء ، وكذلك الخبر تجده في الخاء مع الباء ، ومثله الفاعل في الفاء مع الألف ، وإنّ في الألف مع النون ، ومثلها أخواتها تجد كل واحدة في حرفها الأول مع الثاني ، ومثلها : ولا سيما ، وكلما ، وكذلك جميع أبواب التصريف خاضعة لهذا الترتيب.

فالإبدال مثلا تجده في الألف مع الباء ، والإعلال تجده في الألف مع العين ، والنسب : تجده في النون مع السين ، ومثله : القلب ، والفعل الثلاثي المجرد ، وهكذا ..

وها هو ذا «معجم القواعد العربية» بين يدي المهتمين بالعربية : نحوها ، وصرفها ، وإملائها ، وعسى أن يجدوا فيه غناء ، وعسى أن يجدوا فيه علما وفائدة ، ومرجعا ميسّرا نافعا.

وأنا أرجو من علماء هذا الشأن أن ينبّهوني إلى ما يعرض لهم من رأي في كتابي هذا لعلي أستدركه في طبعة أخرى.

أسأل الله أن ينفع بهذا الكتاب ، وأن يكون في جهدي بتأليفه بعض الإسهام في رفع شأن اللغة العربية لغة القرآن الكريم.

ملاحظة : هذه الإشارة ( ) معناها : انظر.

عبد الغني الرقر

٢٥ ذو القعدة ١٤٠٤ ه‍

٢١ آب ١٩٨٤ م

٧
٨

باب الهمزة

آ : من حروف النّداء ينادى به البعيد ، وتسري عليه أحكام النّداء وهو مسموع ، ولم يذكره سيبويه (انظر النداء).

آض : تعمل أحيانا عمل «كان وأخواتها» لإنّها قد تأتي بمعنى صار ، ولا مصدر لها تقول : «آض البعيد قريبا».

ماه :كلمة توجّع ، أي : وجعي عظيم.

وهي اسم فعل مضارع بمعنى أتوجّع.

الأبد : الدّهر مطلقا ، وقيل : الدهر الطويل الذي ليس بمحدود ، وجمعه آباد ، وأبود ، وقيل : آباد مولّد.

وقال الراغب : الأبد : عبارة عن مدّ الزمان الممتد الذي لا يتجزّأ كما يتجزأ الزّمان ، وذلك أنه يقال : زمان كذا ، ولا يقال : أبد كذا.

ويقال : «أبد الآبدين» ، وقد يضاف المفرد إلى جمعه.

ويقال : «أبد الدّهر» و «أبيد الأبيد» وكلّ

هذه التعابير لتأكيد دوام الأمر. وهو منصوب دائما ، ويستعمل منوّنا ومضافا ، ويستعمل مع النّفي ومع الإثبات ، أمّا النفي فنحو قوله تعالى : (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها)(١).

وأمّا الإثبات فنحو قوله تعالى : (فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً)(٢) ولا يدخل على الماضي إلّا إذا كان الماضي ممتدّا إلى المستقبل نحو قوله تعالى : (وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ)(٣).

أبتع : كلمة يؤكّد بها ، يقال : «جاء القوم أجمعون أكتعون أبصعون أبتعون». ولا تأتي قبل «أجمعين». (انظر في أحرفها).

الإبدال :

١ ـ تعريفه :

__________________

(١) الآية «٢٤» من المائدة «٥».

(٢) الآية «٢٣» من سورة الجن «٧٢».

(٣) الآية «٤» من سورة الممتحنة «٦٠».

٩

هو جعل مطلق حرف مكان حرف من غير إدغام ولا قلب (١).

٢ ـ أقسام الإبدال.

الإبدال قسمان :

«الأول» : أن يبدل إبدالا نادرا وهو سبعة أحرف مجموعة في أوائل قولك : «قد خاب ذو ظلم ضاع حلمه غيّا». أي القاف ، والخاء ، والذال ، والظاء والضاد ، والحاء والغين ، وذلك كقولهم «لحم خراذل» بالذال المعجمة : «في خرادل» (٢) بالمهملة ـ أي مقطّع وقرأ الأعمش «فشرّذ بهم» بالمعجمة بدل المهملة ، وفي قولهم «وقنة» بدل «وكنة» (٣) وفي «عطر» بدل «خطر».

«الإبدال الثاني» : وهو ما يبدل إبدالا شائعا وهو قسمان :

(١) غير ضروريّ في التّصريف وهو اثنان وعشرون حرفا ، يجمعها قولك : «لجدّ صرف شكس آمن طيّ ثوب عزّته» (٤).

(٢) الإبدال الشّائع الضّروري في التصريف وهو تسعة أحرف جمعها ابنمالك بقوله «هدأت موطيا» (٥).

وأما غير هذه الحروف فإبدالها من غيرها شاذّ ، وذلك كقولهم في «اضطجع» «الطجع» بإبدال اللّام من الضّاد. وقولهم في «أصيلال» «أصيلان» كقول النابغة :

وقفت فيها أصيلانا أسائلها

أعيت جوابا وما في الرّبع من أحد

هذا وقد رتب الإبدال هنا على حسب الحروف.

إبدال التّاء من الواو والياء : إذا كانت الواو والياء فاء لوزن «الافتعال» أبدلتا تاء ، وأدغمت في تاء «الافتعال» وما تصرّف منه ، مثاله في «الواو «اتّصال» و «اتّصل» و «يتّصل» و «اتّصل» و «متّصل» و «متّصل به».

والأصل فيهن : إوتصال ، أوتصل. يوتصل ، أوتصل ، موتصل ، موتصل به. قلبت الواو وهي فاء الافتعال ـ تاء وأدغمت بالتاء.

ومثاله في الياء «اتّسار» و «اتّسر» و «يتّسر» و «اتّسر» و «متّسر» «متّسر». والأصل فيهن : «إيتسار» «إيتسر» «يتيسر» «إيتسر» «ميتسر» «ميتسر» لأنه من اليسر ، قلبت الياء ـ وهي فاء الافتعال ـ تاء

__________________

(١) انظر الإدغام والقلب كل في حرفه.

(٢) كذا في الخضري وفي القاموس : خراديل ومعناه مقطّع.

(٣) بيت القطا.

(٤) المراد من هذه الجملة حروفها فقط على أن معناها كما قال المحشيّ : لجد صرف شكس موصوف بأنه آمن طي ثوب عزته لأجل الجد وهو كناية عن تغير حاله.

(٥) المراد من هذه الجملة ما اشتملت عليه من حروف ومعنى هدأت : سكنت وموطيا : اسم فاعل من أوطأت الرحل إذا جعلته وطيئا لكنه خفف همزته.

١٠

وأدغمت بالتاء ، قال الأعشى يهدّد علقمة ابن علاثة :

فإن تتّعدني أتّعدك بمثلها

وسوف أزيد الباقيات القوارضا (١)

ومثل اتّعد ويتّعد اتّلج ويتّلج قال طرفة بن العبد :

فإنّ القوافي يتّلجن موالجا

تضايق عنها أن تولّجها الإبر (٢)

أصل يتّلجن : يوتلجن من الولوج ، أبدلت الواو تاء ، وأدغمت في التاء.

وتقول في «افتعل» من الإزار «إيتزر» (٣) فلا يجوز إبدال الياء تاء وإدغامها في التّاء ، لأنّ هذه الياء بدل من همزة ، وليست أصلية وشذّ قولهم في افتعل من الأكل : «اتّكل».

إبدال الدّال من تاء الافتعال :

إذا كانت فاء «الافتعال» «دالا مهملة أو ذالا ، أو «زايا» أبدلت تاؤه دالا مهملة ، فتقول من «دان» على افتعل «ادّان» بالإبدال والإدغام لوجود المثلين. ومن «زجر» على افتعل أيضا «ازدجر». وأصلها «ازتجر» ومن «ذكر» «اذدكر» ولك فيه الأوجه الثّلاثة في «اظطلم» (٤) فتقول «اذدكر» و «ادّكر» و «اذّكر» وقرىء شاذا «فهل من مذّكر» (٥). بالذال المعجمة المشدّدة.

إبدال الطّاء من تاء الافتعال :

تبدل وجوبا الطّاء من تاء «الافتعال» إذا كانت فاؤه «صادا أو ضادا ، أو طاء أو ظاء» وتسمّى أحرف الإطباق (٦) في جميع التّصاريف ، فتقول في «افتعل» من «صبر : اصطبر» وأصلها : اصتبر على وزن افتعل. ومن «ضرب : اضطرب» وأصلها : اضترب.

ومن «ظلم : اظطلم» وأصلها : «اظتلم» ومن «طهر : اطّهّر» وأصلها : «اطتهّر» ويجب في «اطّهّر» الإدغام لاجتماع المثلين وسكون أوّلهما.

ولك في «اظطلم» ثلاثة أوجه : «اظطلم» وهو الأصل ، وإبدال الظاء المعجمة طاء مهملة مع الإدغام ، فتقول : «اطّلم» وإبدال الطاء المهملة ظاء مع الإدغام فتقول : «اظّلم» وقد روي بالأوجه الثلاثة قول زهير يمدح هرم بن سنان :

__________________

(١) اتعدته : أوعدته بالشر. القوارص : جمع قارض وهي الكلمة المؤذية.

(٢) اتّلج : من الولوج ، الموالج : جمع مولج ، موضع الولوج وهو الدخول.

(٣) أصلها : إئتزر فسهلت الهمزة إلى ياء.

(٤) انظر إبدال الطاء من تاء الافتعال.

(٥) الآية «٥١» من سورة القمر «٥٤».

(٦) سميت حروف الإطباق لانطباق اللسان معها على الفك الأعلى.

١١

هو الجواد الذي يعطيك نائله

عفوا ويظلم أحيانا فيظّلم

أو فيطّلم أو فيظطلم.

إبدال المدّ من الهمزة :

إذا اجتمع في كلمة واحدة همزتان وجب التخفيف إن لم يكونا في موضع العين ، ثم إن تحرّكت أولاهما ، وسكنت ثانيتهما ، وجب إبدال الثانية مدّة تجانس حركة الأولى.

فإن كانت حركتها فتحة أبدلت الثانية ألفا نحو «آمنت» وإن كانت حركة الأولى ضمّة أبدلت واوا نحو : «أوثرت» وإن كانت كسرة أبدلت ياء نحو «إيمان».

وإن تحرّكت ثانيتهما فإن كانت حركتها فتحة وحركة ما قبلها فتحة أو ضمّة قلبت واوا ، فالفتحة نحو «أوادم» (١) جمع «آدم» والضمة نحو «أويمر» تصغير «أمر».

وإن كانت حركة ما قبلها كسرة قلبت ياء نحو «إيم» من «أمّ» أي صار إماما ، أو بمعنى قصد ، وأصله «إثمم» فنقلت حركة الميم الأولى إلى الهمزة التي قبلها وأدغمت الميم في الميم فصار «إثمّ».

ثم انقلبت الهمزة الثانية ياء فصار إيمّ.

إبدال الميم من الواو والميم : تبدل الميم من الواو وجوبا في «فم» وأصله «فوه» بدليل تكسيره على أفواه فحذفوا الهاء تخفيفا ثم أبدلوا الميم من الواو.

فإذا أضيف إلى ظاهر أو مضمر يرجع به إلى الأصل فيقال : «فو عمّار». و «فوك» وربّما بقي الإبدال مع الإضافة نحو قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لخلوق (٢) فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك» ونحو قول رؤبة :

كالحوت لا يلهيه شيء يلقمه

يصبح ظمآنا وفي البحر فمه

وتبدل الميم من النون بشرطين : سكونها ، ووقوعها قبل الباء ، سواء أكانتا في كلمة نحو : (انْبَعَثَ أَشْقاها)(٣) أو كلمتين نحو : (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا)(٤).

ويسمّي مثل هذا علماء التّجويد : إقلابا إبدال الهاء من التاء : تبدل الهاء من التاء اطّرادا في الوقوف على نحو «نعمة» و «رحمة» وهي تاء التأنيث التي تلحق الأسماء وبعض الحروف.

وإبدالها من غير التاء مسموع في الألف تقول : «هرقت الماء» والأصل : أرقت الماء. وفي «هيّاك» وأصلها : إيّاك و «لهنّك» وأصلها : لأنّك. و «هردت

__________________

(١) أصل الجمع «أآدم» بهمزتين فألف التكسير.

أبدلت الهمزة الثانية واوا لفتحها إثر فتح.

(٢) الخلوق : طيب الرائحة.

(٣) الآية «١٢» من سورة الشمس «٩١».

(٤) الآية «٥٢» من سورة يس «٣٦».

١٢

الخير» أصلها : أردت. و «هرحت الدّابّة» أصلها : أرحت.

إبدال الهمزة من ثاني حرفين ليّنين بينهما مدّة :

تبدل الهمزة من ثاني حرفين ليّنين بينهما مدّة «مفاعل» ك «نيّف» جمعته جمع تكسير على «نيائف» وأصلها «نيايف» ألف بين ياءين ، فقلبت وجوبا الياء الثانية بعد الألف همزة ، ومثل «أوائل» مفرده أوّل. أصله «أواول» فقلبت الواو الثانية بعد الألف همزة.

فلو توسّط بينهما مدّة «مفاعيل» امتنع قلب الثاني منها همزة ، ك «طواويس» ولذلك قيّد بمدّ «مفاعل».

تتمّة لهاتين المسألتين : إذا اعتلّت لام أحد هذين النوعين بياء أو واو فإنه يخفّف بإبدال كسر الهمزة فتحة ، ثمّ إبدالها ياء فمثال الأول «قضيّة وقضايا» ، وأصله «قضائي» بإبدال مدّة الواحد همزة كما في «صحيفة ، وصحائف».

فأبدلوا كسرة الهمزة فتحة ، فتحركت الياء وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا فصارت «قضاءا» فأبدلت الهمزة ياء فصارت : «قضايا».

ومثال الثاني : «زاوية وزوايا» وأصله «زوائي» بإبدال الواو الواقعة بعد ألف الجمع همزة ك «نيّف ونيائف» فقلبوا كسرة الهمزة فتحة فقلبت الياء ألفا لتّحركها وانفتاح ما قبلها فصار «زواءا» ثم قلبوا الهمزة ياء ، فصار «زوايا».

وأمّا لفظة «هراوة وهراوى» فأصل الجمع «هرائو» كصحائف فقلبت كسرة الهمزة فتحة ، وقلبت الواو ألفا لتّحركها وانفتاح ما قبلها فصارت «هراءا» ثم قلبوا الهمزة واوا فصارت «هراوى».

إبدال الهمزة من كلّ واو أو ياء :

تبدل الهمزة من كل «واو» أو «ياء» إذا وقعت إحداهما طرفا بعد ألف زائدة نحو «دعاء» و «بناء» والأصل «دعاو» و «بناي» من «دعوت» و «بنيت».

فلو كانت الألف التي قبل الياء أو الواو غير زائدة لم تبدل نحو «آية» و «راية». وكذلك إذا لم تتطرّف الياء أو الواو ك «تباين» و «تعاون» وكذلك لو تطرّفت لا بعد ألف ك «دلو» و «ظبي».

وكلّ ما كان على وزن «فاعل» وكانت عينه حرف علّة تبدل الهمزة من الواو والياء نحو «قائل» و «بائع» وأصلهما :

«قاول» و «بايع» من القول والبيع. فإن لم تعلّ العين في الفعل صحّت في اسم الفاعل نحو «عور فهو عاور» و «عين (١) فهو عاين» إبدال الهمزة ممّا ولي ألف الجمع :

__________________

(١) عين : أي اتّسع سواد عينه.

١٣

تبدل الهمزة أيضا مما يلي ألف الجمع الذي على مثال «مفاعل» إن كانت مدّة مزيدة في الواحد نحو : «قلادة وقلائد» و «صحيفة وصحائف» و «عجوز وعجائز».

فلو كانت غير مدّة لم تبدل نحو «قسورة» (١) ، وكذلك إن كانت مدّة غير زائدة نحو «مفازة ومفاوز» ومعيشة ومعايش» إلّا فيما سمع فلا يقاس عليه نحو «مصيبة ومصائب».

إبدال الهمزة من الواو :

وذلك إذا اجتمع واوان بأوّل كلمة ووجب إبدال الهمزة من الواو نحو قولك : «واصلة» وجمعها «أواصل» وأصل الجمع «وواصل» بواوين الأولى فاء الكلمة والثانية بدل من ألف «فاعلة».

فإن كانت الثانية بدلا من ألف «فاعل» لم يجب الإبدال نحو «ووفي» و «ووري» أصله : وافى ووارى ، فلما بني للمفعول احتيج إلى ضّمّ ما قبل الألف ، فأبدلت الألف واوا

. أبصع : كلمة يؤكّد بها ، وهي تابعة لأجمع لا تقدّم عليها ، تقول : «أخذت حقّي أجمع أبصع» و «جاء القوم أجمعون أبصعون» و «رأيت النسوة جمع بصع».

ويقول أبو الهيثم الرّازي : «العرب تؤكّد الكلمة بأربعة تواكيد فتقول : «مررت بالقوم أجمعين أكتعين أبصعين أبتعين».

(انظر في أبوابها).

ابن : أصله «بنو» بفتحتين ، لأنه يجمع على «بنين» وهو جمع سلامة ، وجمع السّلامة لا تغيير فيه ، وجمع القلة «أبناء» وقيل : أصله «بنو» بكسر الباء بدليل قولهم : «بنت». وهذا القول يقل فيه التغيير ، وقلّة التّغيير تشهد بالأصالة ، وهو ابن بيّن النبوّة.

وأمّا ما لا يعقل نحو «ابن مخاض» و «ابن لبون» فيجمع بألف وتاء ، تقول في «ابن عرس» : «بنات عرس» وفي «ابن نعش» «بنات نعش» وكذا «ابن مخاض» و «ابن لبون». وقد يضاف «ابن» إلى ما يخصّصه لملابسة بينهما نحو «ابن السبيل» أي المارّ في الطريق مسافرا ، وهو «ابن الحرب» أي كافيها وقائم بحمايتها ، و «ابن الدّنيا» أي صاحب ثروة.

وإليك في «ابن» قاعدتان :

١ ـ يجوز بالعلم المنادى الموصوف ب «ابن» الضمّ والفتح والمختار الفتح نحو «يا خالد بن الوليد».

٢ ـ همزة «ابن» همزة وصل تحذف في الوصل وتبقى في الخط ، وقد تحذف

__________________

(١) قسورة : اسم للأسد.

١٤

لفظا وخطّا ، وذلك : إذا جاء علم بعده «ابن» صفة له ومضاف لعلم هو أب له ، نحو «محمد بن عبد الله بن عبد المطلب» إلّا إذا وقع في أول السطر فتثبت الهمزة خطّا لا لفظا.

الابنم :

هي الابن ، والميم زائدة للمبالغة ، يقول حسّان بن ثابت :

«فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما»

. وتتبع النّون حركة الميم ، وعلى ذلك قال الكوفيون : هو معرب من مكانين ، وهمزته للوصل ، وقد يثنّى نحو قول الكميت :

ومنّا لقيط وابنماه وحاجب

مؤرّث نيران المكارم لا المخبي (١)

ابنة وبنت ـ مؤنّثة الابن على لفظه وفي لغة «بنت» والجمع «بنات» وهو جمع مؤنّث سالم ، قال ابن الأعرابي : وسألت الكسائي : كيف تقف على بنت؟ فقال : بالتاء اتباعا للكتاب ، والأصل بالهاء ، لأنّ فيها معنى التّأنيث. وإذا اختلط ذكور الأناسيّ بإناثهم غلّب التّذكير وقيل : «بنو فلان» حتى قالوا : «امرأة من بني تميم» ولم يقولوا من بنات تميم.

وهمزة «ابنة» كهمزة «ابن» همزة وصل.

أبنية الاسم = الاسم (٤).

أبنية المصادر = المصدر وأبنيته وإعماله ٢ و ٣.

أبنية اسم الفاعل = انظر اسم الفاعل ٢ و ٣ و ٤.

اتّخذ : من الاتّخاذ ، افتعال من الأخذ والأصل : إئتخذوا ، ثم ليّنوا الهمزة ، وأدغموا فقالوا : اتّخذوا ، فلما كثر استعماله توهّموا أصالة التاء فبنوا منه وقالوا : «تخذت زيدا صديقا» من باب تعب ، والمصدر تخذا.

واتّخذ : بمعنى جعل التي للتّحويل ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو «اتّخذت الله وكيلا».

(وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً)(٢).

(انظر المتعدي إلى مفعولين).

الاثنان : من أسماء العدد ـ اسم للتّثنية حذفت لامه ـ وهي ياء ـ وتقدير الواحد : ثنى ، وزان سبب ثم عوّض همزة وصل فقيل : اثنان ، وللمؤنثة : اثنتان. وفي لغة تميم «ثنتان» بغير همزة وصل. ولا واحد له من لفظه ، ومن غير لفظة «واحد» ويعرب إعراب الملحق بالمثني.

__________________

(١) المخبي : من خبت النار والحرب ، تخبو خبوا :

سكنت وطفئت وخمد لهيبها.

(٢) الآية «١٢٥» من سورة النساء «٤».

١٥

ويقال : هو ثاني اثنين ، أي أحدهما ، ويكون مضافا لا غير.

الاثنتان = انظر الاثنان.

الاثنين : سمّي يوم الاثنين بالاثنين المتقدّمة التي هي ضعف الواحد ، والاثنين بالمعنيتين لا يثنّى ولا يجمع ، فإن أردت جمعه قدّرت أنّه مفرد ، وجمعته على «أثانين» قال أبو علي الفارسي : وقالوا : في جمع الاثنين «أثناء» وكأنه جمع المفرد تقديرا ، مثل سبب وأسباب والحقّ أنه لم يثبت الجمعان لأنه على صفة المثنّى. فإذا أردنا جمعه أو تثنيته قلنا : «أيام الاثنين» و «يوما الإثنين». وإذا عاد عليه ضمير جاز فيه وجهان أوضحهما وأصحّهما الإفراد على معنى اليوم ، يقال : «مضى يوم الاثنين بما فيه» والثّاني اعتبار اللفظ فيقال : «مضى يوم الاثنين بما فيهما».

أجدّك : بكسر الجيم وفتحها ، والكسر أفصح ولذلك اقتصر عليه ، تقول : «أجدّك لا تفعل» معناه : أجدّا منك وهو مصدر من فعل مضمر. وقال سيبويه : ومثل ذلك ـ أي المصادر المؤكّدة ـ في الاستفهام : «أجدّك لا تفعل كذا وكذا» ؛ كأنه قال : أحقّا لا تفعل كذا وكذا ، وأصله من الجد ، كأنه قال : أجدّا ، ولكنه لا يتصرف ، ولا يفارقه الإضافة ، ولا يستعمل إلّا مع النفي أو النهي ، ومثله : «أجدّكما» وفي حديث قس :

أجدّكما لا تقضيان كراكما

. وقال الأصمعي : أجدّك ، معناه : أبجدّ هذا منك ، ونصبها بطرح الباء وقال أبو حيان : وههنا نكتة ، وهي الاسم المضاف إليه «جد» حقّه أن يناسب فاعل الفعل الذي بعده في التّكلّم والخطاب والغيبة.

تقول : «أجدّي لأكرمنّك» و «أجدّك لا تفعل» و «أجدّه لا يزورنا» و «أجدّكما لا تقضيان» ـ كما مر في شطر البيت ـ وعلّة ذلك أنّه مصدر يؤكّد الجملة التي بعده ، فلو أضفته لغير فاعله اختلّ التوكيد.

أجل : حرف جواب ، مثل «نعم». فيكون تصديقا للمخبر ، وإعلاما للمستخبر ، ووعدا للطّالب ، فتقع بعد نحو «حضر الغائب» ونحو «أزحف الجيش» ونحو «أكرم أخاك» وهي بعد الخبر أحسن من نعم ، و «نعم» بعد الاستفهام أحسن منها ، وقيل : أجل تختصّ بالخبر.

أجمع : هو واحد في معنى جمع ، وليس له مفرد من لفظه ، يؤكّد به المذكّر ، وهو توكيد محض ، فلا يبتدأ به ، ولا يخبر به ولا عنه ، ولا يكون فاعلا ، ولا مفعولا ،

١٦

ولا يضاف ، ولا يدخل عليه الجارّ ، وليس منه قولهم : «جاء القوم بأجمعهم». بضم الميم بعد الجيم الساكنة ، فإنه جمع «جمع» ك «أعبد» جمع عبد ، بخلاف غيره من ألفاظ التوكيد ك «كلّ والنفس والعين» فإنّها تأتي توكيدا وغيره من مبتدأ وفاعل ومفعول ، ويجمع «أجمع» على «أجمعين» وبحالة الرّفع «أجمعون». وقد يثنّى فتقول : «رأيت الفريقين أجمعين» ، ومؤنّث أجمع «جمعاء» وجمع «جمعاء» «جمع» وهو معرفة غير مصروف بالصّفة ووزن «فعل» كعمر وأخر.

الأجوف من الأفعال :

١ ـ تعريفه :

هو ما كانت عينه حرف علّة ك «قام» و «باع».

٢ ـ حكمه :

تحذف عين الأجوف إذا سكّن آخره للجزم أو لبناء الأمر نحو «لم يقم» و «لم يبع» و «لم يخف» وأصلها : يقوم ، ويبيع ، ويخاف ، و «قم» و «بع» و «خف».

وكذلك تحذف إذا سكّن لاتّصاله بضمير رفع متحرّك ك «قمت» و «خفنا» و «بعتم» و «يقمن» و «يبعن» و «خفن» وتحرّك فاؤه بحركة تجانس العين نحو «قلت» و «بعت». إلّا في نحو «خاف» (١) فتحرّك بالكسر من جنس حركة العين نحو «خفت» و «نمت» هذا في المجرّد ، والمزيد مثله في حذف عينه إن سكنت لامه وأعلّت عينه بالقلب : ك «أطلت» و «استقمت» و «اخترت» و «انقدت» (٢) ، وإن لم تعلّ العين لم تحذف ك «قاومت» و «قوّمت» (٣)

الأحد : بمعنى الواحد وهو أوّل العدد تقول : أحد واثنان ، وأحد عشر.

وقولهم : «ما في الدّار أحد» هو اسم لمن يعقل يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث قال تعالى : (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ)(٤).

والأحد اسم علم على يوم من أيّام الأسبوع وجمعه للقلة «آحاد» و «أحدان» تقول ثلاثة آحاد وأصله : وحد ، فاستثقلوا الواو ، فأبدلوا منها الهمزة ، وجمعه للكثرة «أحود». وقيل : ليس له جمع

أحد : يقول سيبويه : ولا يجوز ل «أحد» أن تضعه في موضع واجب ، لو قلت :

«كان أحد من آل فلان لم يجز» أقول :

__________________

(١) من كل واويّ مكسور العين ، وأصل خاف : خوف تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا وهذا معنى الإعلال بالقلب الآتي ذكره.

(٢) ظاهر أن أصلهنّ : أطال ، استقام ، اختار ، وانقاد.

(٣) وفيهما لم تقلب ألفا لعدم وجود سبب لذلك كما تقدم.

(٤) الآية «٣٢» من سورة الأحزاب «٣٣».

١٧

لأنّه لا يفيد شيئا ، إلّا إذا وضعته موضع واحد في العدد استعمل في موضع الواجب والمنفي ، نحو قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ونحو : «أحد وعشرون». وفي غير العدد لا يجوز أن يوضع موضع الواجب ، ويمكن أن يوضع موضع النّفي نحو قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ). وكذلك إذا قلت : «ما أتاك أحد» صار نفيا عاما.

أحرف الجواب هي : لا ، نعم ، بلى ، إي ، أجل ، جلل ، جير ، إنّ.

(وانظرها في أحرفها).

أحقّا : وذلك قولك : أحقّا أنّك ذاهب ، والحقّ أنّك ذاهب؟ وكذلك إن أخبرت فقلت : حقّا أنّك ذاهب ، والحقّ أنّك ذاهب ، وكذلك أأكبر ظنّك أنّك ذاهب ، وأجهد رأيك أنّك ذاهب.

وكلّها تنصب على الظرفية ، والتقدير : أفي حقّ أنّك ذاهب ..

وقال سيبويه : وسألت الخليل فقلت : ما منعهم أن يقولوا : أحقّا إنّك ذاهب على القلب ـ أي بكسر همزة إن ـ كأنك قلت : إنّك ذاهب حقّا ، وإنّك ذاهب الحقّ ، وأ إنّك ذاهب حقّا؟ فقال : ليس هذا من مواضع إنّ لأن «إنّ» لا يبتدأ بها في كلّ موضع ، ولو جاز هذا لجاز : يوم الجمعة إنّك ذاهب تريد إنّك ذاهب يوم الجمعة ، ولقلت أيضا : لا محالة إنّك ذاهب ، تريد إنّك لا محالة ذاهب ، فلما لم يجز ذلك حملوه على : أفي حقّ أنّك ذاهب ، وعلى : أفي أكبر ظنّك أنك ذاهب ، وصارت أنّ مبنية عليه والدليل على ذلك إنشاد العرب هذا البيت كما أخبرتك.

زعم يونس أنه سمع العرب يقولون في بيت الأسود بن يعفر :

أحقّا بني أبناء سلمى بن جندل

تهدّدكم إيّاي وسط المجالس

أخبر : تنصب ثلاثة مفاعيل ، زاده الفراء نحو : «أخبرت المعلّم عمرا غائبا».

ونحو قول الشاعر :

وما عليك إذا أخبرتني دنفا

وغاب بعلك يوما أن تعوديني

(انظر المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل).

(انظر أعلم وأرى وأخواتهما ١ و ٢).

الاختصاص :

١ ـ تعريفه :

هو اسم ظاهر معمول للفظ «أخصّ» أو «أعني» واجب الحذف ، ويجري على ما جرى عليه النّداء ولم يجروها على أحرف النّداء.

والباعث عليه : إمّا فخر ك «عليّ ـ

١٨

أيها الكريم ـ يعتمد» أو تواضع نحو : «إني ـ أيّها الضعيف ـ فقير إلى عفو ربي» أو بيان المقصود بالضمير ك «نحن ـ العرب ـ أقرى الناس للضّيف».

٢ ـ أنواع المخصوص :

المخصوص : وهو الاسم الظاهر الواقع بعد ضمير يخصّه أو يشاركه فيه ، على أربعة أنواع :

١ ـ «أيّها» أو «أيّتها» ويضمّان لفظا كما في المنادى ، وينصبان محلّا ، ويوصفان باسم فيه «أل» مرفوع نحو : اللهم اغفر لنا ـ أيّتها العصابة ـ» و «أنا أفعل كذا ـ أيّها الرجل».

٢ ـ المعرّف ب «أل» نحو نحن ـ العرب ـ أشجع الناس». أي أخصّ وأعني.

٣ ـ المعرّف بالإضافة كالحديث : «نحن ، معاشر الأنبياء ، لا نورث ما تركناه صدقة».

أي : أعني معاشر وأخصّ.

ونحو قول عمرو بن الأهتم :

إنّا بني منقر قوم ذوو حسب

فينا سراة بني سعد وناديها

٤ ـ العلم ، وهو قليل ، ومنه قول رؤبة :

«بنا ـ تميما ـ يكسف الضّباب»

. والاختصاص هنا للفخر.

ويقول الخليل ـ كما في سيبويه ـ : إنّ قولهم :

«بك الله نرجو الفضل» و «سبحانك الله العظيم» نصبه على الاختصاص ، وفيه معنى التعظيم.

ويقول سيبويه : واعلم أنّه لا يجوز لك أن تبهم في هذا الباب ـ أي أن تستعمل اسم الإشارة ـ فتقول : إني هذا أفعل كذا ، ولكن تقول : «إنّي زيدا أفعل» ولو جاز بالمبهم لجاز بالنكرة.

ثم يقول : وأكثر الأسماء دخولا في هذا الباب : بنو فلان ، ومعشر ، مضافة. وأهل البيت ، وآل فلان.

٣ ـ يفارق الاختصاص المنادى لفظا في الأحكام :

١ ـ أنه ليس معه حرف نداء ، لا لفظا ولا تقديرا ،.

٢ ـ أنّه لا يقع في أوّل الكلام ، بل في أثنائه ، كالواقع بعد «نحن» كما في الحديث المتقدم «نحن ـ معاشر الأنبياء ـ» ، أو بعد تمام الكلام كما في مثال : «اللهم اغفر لنا ـ أيّتّها العصابة ـ».

٣ ـ أنّه يشترط فيه أن يكون المقدّم عليه اسما بمعناه ، والغالب كونه ضمير تكلّم ، وقد يكون ضمير خطاب كقول

١٩

بعضهم :

«بك الله نرجو الفضل» كما تقدم.

٤ ـ أنه يقلّ كونه علما ،.

٥ ـ أنّه ينتصب مع كونه مفردا.

٦ ـ أن يكون ب «أل» قياسا كقولهم :

«نحن العرب أقرى الناس للضيف».

ويفارق الاختصاص المنادى «معنى في أنّ الكلام مع الاختصاص «خبر» ، ومع النّداء «إنشاء» ، وأنّ الغرض منه تخصيص مدلوله من بين أمثاله بما نسب إليه (١).

أخذ : كلمة تدل على معنى الشروع في خبرها ، وهي من النواسخ ، تعمل عمل «كان» ، إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعلية من مضارع فاعله يعود على الاسم ومجرّد من «أن» المصدريّة ، ولا تعمل إلّا في حالة المضيّ نحو «أخذ المعلّم يعدّ درسه». أي أنشأ وشرع ، وفي «يعدّ» ضمير الفاعل وهو يعود على المعلم وهو اسم «أخذ».

اخلولق : كلمة وضعت للدّلالة على رجاء الخبر ، وهي من النّواسخ ، تعمل عمل «كان» إلّا أنّ خبرها يجب أن يكون جملة فعلية ، مشتملة على مضارع ، مقترن ب «أن» المصدريّة وجوبا وفاعله يعود على اسمها. نحو : «اخلولق الشّجر أن يثمر» ففي «يثمر» ضمير يعود إلى «الشّجر» وهو اسم اخلولق وهي ملازمة للماضي.

وتختصّ «اخلولق وعسى وأوشك» بجواز إسنادهن إلى «أن يفعل» ولا تحتاج إلى خبر منصوب ، وتكون تامّة نحو «اخلولق أن تتعلّم». وينبني على هذا حكمان.

(انظر التفصيل في : أفعال المقاربة).

أخول أخول : يقال : «تساقطوا أخول أخول». أي شيئا بعد شيء ، أو متفرّقين ، وهما اسمان مركّبان مبنيان على الفتح في محلّ نصب على الحال. قال ضابىء البرجمي يصف الكلاب والثور :

يساقط عنه روقه ضارياتها

سقاط حديد (٢) القين أخول أخولا (٣)

وهذه المركبات لا تأتي إلّا في

__________________

(١) زاد عليه بعض النّحاة : أنّه لا يكون نكرة ، ولا اسم إشارة ولا موصولا ولا ضميرا ، وأنه لا يستغاث به ولا يندب ولا يرخّم ، وأن العامل المحذوف هنا فعل الاختصاص وفي النداء فعل الدّعاء ، وأنه لا يعوّض عنه شيء هنا ويعوّض عنه في النداء حرفه.

(٢) وفي رواية : سقاط شرار.

(٣) الروق : القرن. والضاريات : الكلاب المعودة.

يقول : إن الكلاب المعودة تساقط قرون الثور أخول أخول : أي شيئا بعد شيء.

٢٠