رحلة فريزر

جيمس بيلي فريزر

رحلة فريزر

المؤلف:

جيمس بيلي فريزر


المترجم: جعفر الخياط
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٢

ستسوء جدّا لولا النجدة من الرجال والذخيرة التي عبّرها زورق المقيمية إلى الجانب الثاني ووصولها في الوقت المناسب. وقال لنا إن ما يقرب من مئتي شخص قد قتلوا وجرحوا من الطرفين ، ولما كان هذا الرقم مع الروايات التي سمعناها من مختلف المصادر فإنه قد يكون قريبا من الحقيقة والواقع.

١١ كانون الأول

لقد تأيدت هذا اليوم الأخبار التي تناهت إلينا من قبل حول انقسام عنزة على نفسها وفي جناح الجزيرة. ويقال بصورة جازمة إنهم قد رحلوا من هنا ، وبعد أيام قلائل يؤمل أن تفتح الطرق المحيطة بالعاصمة وتخلو من قطاع الطرق والسلابين. وقد رتب الپاشا أموره مع قبيلة عقيل بتنصيب سليمان غنام ، الرجل المغامر الذي أشير إلى تنصيبه في المشيخة من قبل ، لقيادة القوافل وحراستها. بينما منح شيخ عقيل الأصلي الرخصة اللازمة بالإقامة هنا بشرط أن يوافق على المعيشة كشخص اعتيادي لا غير. وهذا ترتيب يتفق تمام الاتفاق مع التدابير التي يتخذها الپاشا عادة. لأن سليمان غنام هذا لما كان سليلا غير شرعي لرجل من عرب شمر (١) وأم عبدة زنجية فليس هناك عربي حقيقي يود من كل قلبه أن يرضخ لطاعته أو ينضم إليه. أضف إلى ذلك أنه ، كما قلت من

__________________

(١) يقول المؤرخ سليمان فائق بك في (تاريخ بغداد إن عشيرة عقيل التي كانت تنزل في جانب الكرخ في هذه الفترة تنقسم إلى فريقين هما فريق القصيمات أو العقيل الأصليين ، والشمامرة وأصلهم من شمر الجربا. وقد اعتاد الولادة في تلك الأيام أن يعينوا لكل فريق من هذين الفريقين شيخا خاصّا. فكان ذلك من جملة الأسباب التي أدت إلى دوام الخلاف بينهما. وكثيرا ما كان سليمان غنام (الملقب بالعقيلي) يعين لرئاسة الشمامرة الذين كانوا ميالين إلى القتال والنزاع بصورة خاصة. ولذلك لعب دورا فعالا في حصار بغداد واقتحامها من قبل علي رضا باشا ، وإسقاط داود باشا على أثر ذلك. فقد كان وفريق الشمامرة مع علي باشا بينما انحاز القصيمات من العقيل إلى داود باشا وتطوعوا لإخراجه من بغداد وتهريبه إلى المنتفك في أثناء الحصار غير أنه أبى ذلك واستسلم للقدر.

٢٠١

قبل ، كان قد أخفق في مناسبة سابقة حينما أعطيت له نفس الصلاحية والمنصب. وقد كان هؤلاء العقيل أنفسهم هم الذين طردوه حينما كانت بعهدته قافلة كبيرة مهمة على مقربة من بغداد نفسها. لكن هذا كله قد لفه النسيان ، وصرف النظر عن العواقب ـ فاللحظة الحالية وحدها هي التي تلاحظ وتؤخذ بنظر الاعتبار.

لقد قرر المستر فنلي ، الذي كان نزيلنا المؤنس ورفيقي في جميع جولاتي وركوبي ، أن ينفذ فكرة القيام برحلة عن طريق النهر بعد أن مل الانتظار إلى حين افتتاح الطريق. وبعد أن أجرى التحضيرات اللازمة استقل مركبا كان متوجها إلى البصرة. لكن المستهل الأول للرحلة كان شيئا غير مشجع ، لأن المركب لم يقطع خمسة أميال حتى أوقف بحجة وجود خيول فيه لم تدفع عنها الرسوم الحكومية المطلوبة. وقد حصل بهذه المناسبة منظر تختص به هذه الجهات ، حيث تبين أن الرسوم المطلوبة كانت قد دفعت ولكن ليس إلى الشخص المختص نظرا لحصول بعض التغييرات والتبدلات الرسمية. وعلى هذا حضر اثنان من الهايتة يمثلان الموظف المختص ، ومن دون سؤال أو رحمة انهالا على بحارة المركب والركاب بالضرب والإهانة وأمراهم بإخراج جميع الخيول الموجودة فوق ظهر المركب. فتدخل الدكتور روص ، الذي كان قد رافق المستر فنلي لمسافة في المركب ، في قضية جواد المستر فنلي نفسه وأرجع ذينك الرجلين إلى صوابهما. وعلى أثر إشعار أرسل إلى المقيم أوفد رسول في الحال إلى محل الحادث ، وبكل برودة وهدوء صرف الرجلين الخبيثين من دون أي سؤال آخر. ولو لا أن تهيىء الصدفة وجود رجل إنكليزي في المركب لنهب المركب على وجه التأكيد ، وأضاع أصحاب الخيل ما يملكون ، أو أجبروا على دفع مبالغ غير يسيرة لاستعادتها. هذه هي شرطة بغداد ، وهذا عدلها!!

١٧ كانون الأول

وصلت من إنكلترة هذا اليوم رزم ورسائل وأخبار إلى حد اليوم التاسع

٢٠٢

عشر من تشرين (١) الأول ـ ولكن لم يكن فيها شيء لي بطبيعة الحال ، فمن هو الذي يستطيع أن يمسك قطرة زئبق مثلي ويعرف عنوانه؟ فأنا اليوم هنا وغدا في مكان آخر ، ومضطر إلى التأخر الآن لسوء الحظ. ومع ذلك لم أستطع أن أكبح التأثر الذي شعرت به ، والحسد الذي ساورني ، لأني وجدت الآخرين يقرأون رسائل من أصدقائهم بينما حرمت أنا منها. على أنني تصفحت بشره قوائم الوفيات فحمدت الله على عدم وجود شخص أعرفه فيها.

لقد عاد المستر فنلي أدراجه لأن المركب لم يستطع السير نظرا لهبوط مستوى الماء في النهر ، الذي يتذبذب منسوبه على الدوام في مثل هذا الوقت من السنة تبعا للأمطار التي تهطل في الجبال. وهو قد يرافقني أنا والدكتور روص في سفرتنا التي نعتزم أن نزور فيها سوق الشيوخ وواسط.

وفي هذا اليوم زرنا شيخ زبيد ، الذي كنت آمل أن أحصل منه على دليل للقافلة يأخذنا في مستهل رحلتنا على الأقل إلى المناطق العربية. فقد تأكد تنحي عنزة وانسحابهم إلى بعد كاف لا يجعل منهم مصدر خطر عاجل على الأقل ولما كانت هناك قافلة تستعد للتوجه إلى الحلة ، فقد كنا نأمل أن نتحرك إلى الجزيرة بسلم وأمان. وقد وجدنا الشيخ في بيت محمد أغا حاكم الحلة ، فكان رجلا وسيم الطلعة خفيف الروح ، أشد سمنة من المظهر الذي كان يظهر به العرب ، وأكثر انهماكا بالمعيشة الطيبة مما يكونون عليه في العادة. والحقيقة أن السبب الوحيد الذي كان يحول دون التقائنا بهذا الشيخ من قبل هو عدم تمكنه من مواجهتنا نظرا لانهماكه بالفسق والمشروب. فهو في كل ليلة ضيف على أحد الناس في بغداد ، وهناك يعب من الخمرة ما يشاء حتى يصل إلى أقصى درجات السكر ، ولذلك كان يندر أن يرفع رأسه ويرى الناس قبل عصر اليوم التالي.

__________________

(١) أي أن البريد كان يستغرق في الطريق بين لندن وبغداد على ما يظهر حوالي شهرين من الوقت في ذلك الزمن. لكن الرحالة الفرنسي دوبريه ، الذي كان في بغداد في بداية القرن التاسع عشر ، يذكر أن الرسائل كانت تصل من إنكلترة عن طريق بيروت والشام وهيت في مدة تتراوح بين الخمسة والأربعين والخمسين يوما.

٢٠٣

ولم تصبح رذيلة السكر شيئا اعتياديّا في بغداد فقط بل أصبحت شيئا عامّا تقريبا. فقد كانت على أيام داود پاشا شيئا مخفيّا يتكتم به الناس على الأقل ، غير أن الپاشا الآن يقود طبقة السكارى بنفسه ، ويرى عادة وهو لا يكاد يقدر على السير حينما يعود مساء من حفلاته الداعرة في البساتين. ويبدو أن شيخ زبيد قد تعود على هذا النوع من العيش ، ولم يكن حديثه معي على ما تدل عليه الترجمة بيننا رقيقا حتى ولا محتشما على وجه التأكيد. على أنه وعدنا بالمساعدة والأمان التام في داخل ديرته هو ، وبالأدلاء والحراس إذا ما احتجنا إليهم في المناطق الأخرى.

وقد ركبنا في المساء إلى الكاظمية ، وهي قرية تقع على بعد ثلاثة أميال تقريبا من شمالي بغداد ، حيث يوجد ضريح الإمام موسى الكاظم إمام الشيعة الذي قطع هارون الرشيد رأسه على ما أعتقد. وكان قد حبس في جب لا يزال يرى إلى يومنا هذا ، وهرب منه بمعجزة على ما يقال. ويزعم آخرون أن رأسه قد قطع بأمر من الخليفة ومع هذا يمكن أن يرى في بعض الأحيان حتى في هذه الأيام جالسا في مكانه القديم في الجب (١). والظاهر أن هذا المزار واسع

__________________

(١) لا شك أن هذه الأقاويل لا أساس لها من الصحة مطلقا. فالمعروف أن الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام قد توفي يوم الجمعة لخمس بقين من رجب ١٨٣ ه‍ ، وكان عمره يوم وفاته أربعا وخمسين سنة أو خمسا وخمسين. وقد توفي مسموما بإيعاز من الخليفة العباسي هارون الرشيد في حبس السندي بن شاهك ، ولم يقطع رأسه الشريف. وقد جاء في (حياة الإمام موسى بن جعفر) لمؤلفه السيد باقر شريف القريشي «.. أن يحيى بن خالد دس إلى الإمام سمّا في رطب وعنب فقتله ، ومما يؤيد ذلك ما رواه عبد الله بن طاوس ، قال : سألت الإمام الرضا عليه‌السلام قلت له : هل أن يحيى بن خالد سمم أباك موسى بن جعفر؟ فقال الإمام نعم سممه في ثلاثين رطبة مسمومة. وذكر أبو الفرج الأصفهاني في (مقاتل الطالبيين) أن الرشيد لما غضب على الفضل بن يحيى لترفيهه على الإمام حينما كان في سجنه وأمر بجلده خرج يحيى من عند الرشيد وقد ماج الناس واضطرب أمرهم فجاء إلى بغداد ودعا السندي بن شاهك وأمره بقتل الإمام. فاستدعى السندي الفراشين وكانوا من النصارى فأمرهم بلف الإمام في بساط فلف وهو حي ، فجلس عليه الفراشون حتى توفي». لكن رواية السم أصح على ما يعتقد.

٢٠٤

جدّا ، وله قبتان مطليتان بالذهب وأربع منارات رشيقة. وقد طليت القبتان بالذهب من قبل نادر (١) شاه ، الذي يبدو انه قد التجأ إلى هذا الأسلوب في تزيين قبور الأئمة والأولياء تكفيرا عن شناعاته الأخرى. وهذا مزار عظيم يقصده الزوار الإيرانيون بكثرة ـ أي أن جميع الذين يزورون كربلاء لا بد أن يأتوا لزيارة هذا المكان أيضا. وهو مثل سائر الأماكن الشبيهة به يزدهر بما ينفقه هؤلاء الزوار فيه ، ويمتلىء بالمتشردين والمنبوذين الذين يلوذون بحمايته. ولم أحاول الدخول فيه لأني قد رأيت الكفاية من هذه الأشياء ، وأريد أن أتحاشى اللغط الذي يثار حينما يحاول الغرباء زيارته أيضا.

١٩ كانون الأول

علمنا في هذا اليوم أن محمود شاه قد زحف بالتأكيد من تبريز على طهران باثني عشر أل سرباز وعشرين ألف جندي غير نظامي ـ هذه مبالغة بالأرقام دون شك. وحينما علم أمير فارس بهذا الزحف هرب من أصفهان إلى بلاده ، لكننا لم نسمع شيئا حتى الآن عن الادوار التي لعبها الإنكليز (٢) والروس في هذا النزاع ـ ومع هذا كم في كل هذا من طرافة بالنسبة لنا!

__________________

(١) الثابت هو أن الشاه اسماعيل الصفوي هو الذي أحاط القبة بالذهب وليس نادر شاه ، إلا أن الأخير ربما كان قد أسهم في إجراء تزيينات أخرى في روضة الإمامين الكاظمين عليه‌السلام.

(٢) ذكرنا في حاشية سابقة (تعليقا على رسالة ٣٠ كانون الأول من هذه الرسائل) ، نقلا عن تاريخ إيران للسر بيرسي سايكس أن الزحف قد تم بتدخل من الإنكليز ومساعدتهم ، وبمساعدة الروس أيضا ، حتى أن الجيش الزاحف على طهران كان يقوده قائد إنكليزي هو السر هنري لندزي بيثون.

٢٠٥
٢٠٦

(١١)

قبائل العرب في ما بين النهرين ـ أخلاق الأعراب وأذواقهم ـ ضغائن الدم والأخذ بالثأر ـ قصتان من قصص الثأر عند العرب

٢٢ كانون الأول ١٨٣٤ م

وأخيرا ، فقد أكملنا استعداداتنا للرحلة التي نعتزم القيام بها إلى الجزيرة ، أو ما بين النهرين السفلى. ونظرا لأنك سوف تصاحبينا الآن خلال تجوالنا في أرض تقطنها عشائر عربية بالكلية ، فقد يسرك ان تكوني على مزيد من الاطلاع على طبيعة هؤلاء الناس وأخلاقهم قبل أن أقدمهم لك.

فأنت تعلمين على ما أعتقد أن بلاد ما بين النهرين ، أي البلاد الكائنة ما بين دجلة والفرات ، تشغلها الآن عشائر عربية على كونها لا تعتبر جزءا من جزيرة العرب. ولا شك أن خصب هذه البلاد هو الذي أغرى هذه العشائر بأن لا تكتسح القسم الأعظم منها فقط بل بالاستيلاء أيضا على معظم الأراضي المنخفضة التي تقع في الجانب الأيسر من دجلة وتمتد من سواحل الخليج حتى الموصل. وهكذا فإن القسم الشمالي من بلاد ما بين النهرين ، أو الجزيرة كما يسميها العرب ، الممتد من نهر الخابور إلى ما يقرب من بغداد تقطنه الآن عشيرة الجربا التي أتينا على ذكرها مرات عدة من قبل. وتنتشر عشيرة الدليم في الأماكن التي تجاور المدينة مباشرة. أما البلاد التي تمتد من هذه المنطقة إلى شط الحي ، الذي يخترق الجزيرة ويوصل ما بين النهرين العظيمين ، فتملكها عدة قبائل تختلف فيما بينها من حيث القوة والاعتبار ، وأبرزها وأكثرها انتشارا قبيلة زبيد. وعلى الشاكلة نفسها ، تشغل البلاد الممتدة من هذا الشط إلى القرنة ، حيث

٢٠٧

يلتقي النهران ، عشائر عديدة أهمها ربيعة ، من أقارب المنتفك. والحقيقة أن جميع القبائل الأخرى هي من متعلقات العشيرتين القويتين الأخيرتين.

وفي الجانب الأيمن من الفرات تقوم عشيرة عنزة ، وهي العشيرة العظيمة التي أصبحت تعرفين الشيء الكثير عنها بلا شك ، بحكم البلاد وحماية عدد من القبائل الصغيرة التي تنتشر على طول النهر من البير إلى عانة ، أو تقوم باضطهادها تبعا لما تقتضيه الأحوال والظروف. وفيما بين الحلة والسماوة تستولي على منطقة الأهوار المتكونة من فيضان الفرات ، وفي ضمنها ما تسمى بأهوار لملوم ، عشيرة الخزاعل الكبيرة التي تستمد قوتها من طبيعة البلاد التي تقطنها. وهؤلاء أناس يمتهنون الزراعة والرعي ، ويعيشون لدرجة كبيرة على ما تنتجه قطعان الجاموس الذي تربى على أدغال الأهوار الكثة ، فضلا عن كونهم متوحشين خاصين وقطاع طرق غادرين. ومن السماوة إلى البحر تعود البلاد كلها من دون منازع إلى عشيرة المنتفك (١) العظيمة التي تمتد أحيانا إلى هيت وعانة في الشمال متاخمة إلى عنزة ، وتحمي عددا من القبائل الصغيرة التي تعتمد عليها. وجميع هذه العشائر ، عدا عنزة ، من رعايا پاشوية بغداد بالاسم على الأقل.

وفي الجانب الأيسر من دجلة ، إلى شمال بغداد ، تستولي على البلاد عدة قبائل صغيرة عربية وكردية ، كل أفرادها لصوص ينهبون المسافرين ويقترفون كل نوع من أنواع السلب والإغارة. وفي جنوب بغداد ، توجد قبيلة بني لام القوية التي تصل في تجولها من أقسام سوسيانا الجنوبية إلى الكرخة (٢). وقد استولى عرب بني كعب (٣) على جميع المنطقة الكائنة ما وراء

__________________

(١) ليست المنتفك عشيرة واحدة وإنما هي جمهرة عشائرية تنتمي لها عدة قبائل كبيرة أهمها الأجود وبنو مالك والغزي.

(٢) وهي منطقة عربستان (خوزستان) التابعة لإيران في الوقت الحاضر ، والكرخة هو النهر المعروف هناك الذي يصب في نهر كارون.

(٣) يتبع القسم الأعظم من هذه العشيرة الآن إلى إيران ، وقد كانت من رعايا إمارة عربستان العربية التي كان يرأسها الشيخ خزعل.

٢٠٨

نهر الكرخة إلى البحر. ولا شك أن نظرة تلقينها على الخارطة تجعلك قادرة على فهم مواقع هذه القبائل المختلفة.

وجميع أفراد هذه القبائل الصغيرة ، وهي تتحدر من نفس الأرومة التي يتحدر منها إخوانهم في الجزيرة العربية ، أو أي مكان آخر يوجدون فيه ، يشبهون هؤلاء في جميع النواحي الأخلاقية الأساسية. فهم جميعهم يدعون بفضيلة السخاء ، وإكرام الضيف ، والعدالة ، وطهارة الذمة ، والوفاء بالعهد ، وبالصفات الحميدة المعروفة كالشجاعة والاستقلال وتعشق الحرية. وهم إذ يعترفون بكونهم قطّاع طرق ولصوصا لا يجدون ضيرا في الاستيلاء على ممتلكات الغرباء الذين ربما يكونون غير متفقين معهم على ضمان سلامتهم وأموالهم. والحقيقة أنهم يقفون ضد أي فرد من الأفراد حتى تطلب مساعدتهم أو يشتري تسامحهم أو رفقهم. وهم يحبون التجوال والحياة الرعوية التي ينتقلون فيها من مكان إلى آخر ضمن حدود معينة انتجاعا للكلأ الذي تحتاجه قطعانهم وحيواناتهم. على أنهم في الأيام الأخيرة أخذوا يجدون صعوبة في الحصول على الكفاية من الحبوب بطريقة المقايضة ، ولذلك صار قسم من كل قبيلة ينصرف إلى الزراعة وحراثة قسم من أراضي العشيرة لمنفعة الباقين. على أن هؤلاء الفلاحين أو العرب المزارعين يعتبرون منحطّين في نظر إخوانهم البدو المتجولين الذين يستخفون بمثل هذه الأعمال الحقيرة ، ويعتبرونها مهينة لعنصرهم الحرّ النبيل.

ومهما كان مقدار الفضائل التي كان من الممكن أن يتصف بها العرب الأقدمون فإن قليلا منها فقط قد تحدّر إلى ذريتهم الموجودة هذه الأيام ، في الجهات التي تمكن الأوروبيون أن يصلوا إليها على الأقل. فكما أن المعلومات المكتسبة بالإثم والجور قد فتحت عيون أسلافنا الأولين إلى عريهم وحرمانهم ، كذلك أيقظ الشعور بالفقر النسبي في مخيلة الأعرابي الاشتهاء للثروة والغنى ـ وهو شعور يهدم تعاطي الضيافة أو الكرم تهديما مباشرا ، لأن أسهل طريقة تمكنه من الحصول عليها ، أو الطريقة الوحيدة في الحقيقة بالنسبة لرجل في مثل عاداته وأحواله هي طريقة القوة والاغتصاب ، أي أخذ

٢٠٩

الممتلكات التي تعود للغير. ولذلك يصبح وجود هذه الفضائل شيئا نادرا نسبيّا. ويمكن أن يقال الشيء نفسه عن الصدق وطهارة الذمة. فإن الرجل الذي لا يهمه نوع الوسيلة التي يحصل بها على الغنى لا يعبأ إلا قليلا بالوعود والمواثيق. وعلى هذا ليس هناك أكثر شيوعا بين الأعراب من الخيانة ونكث العهود. وبذلك تصبح رابطة «الخبز والملح» المقدسة شكلا أجوف يمكن تحاشية بسهولة. فالعهد الذي يعطيه شيخ من الشيوخ يضرب به عرض الحائط حينما يتفق ذلك مع مصلحته هو ، في شخص أخيه أو عمه الذي يعلن استقلاله عن الغير وحقه في السلب والنهب. حتى أننا كثيرا ما نسمع أن المضيف منهم يقوم بواجب الضيافة تجاه المسافرين باعتبارهم من ضيوفه ، ويوصلهم سالمين إلى نقطة متفق عليها ، ثم يتصدى لهم بنفسه فيسلبهم ويجردهم من كل ما يملكون (١).

__________________

(١) يلاحظ القارىء أن لجهة صاحب الرحلة هذه فيها تحامل غير قليل على العرب وخاصة في هذه الرسالة التي يعني بها أعراب البادية. فهو يتسرع في أحكامه ويصمهم بالخيانة ونكث العهود والجبن ، وبالسلب والنهب والوحشية وغير ذلك. إن هذا ناتج عن الصعوبات والمشاق التي كان يلاقيها هو وأمثاله السياح في ذلك الوقت أثناء تنقلهم من دون روية أحيانا ، وخاصة من اللصوص وقطاع الطرق الذين كان من الممكن أن يصادفهم المسافر في طريقه في أنحاء كثيرة من العالم ، وحتى في أوربا يومذاك. والذي يؤاخذ عليه في هذا الشان أنه يصدر أحكاما عامة مغلوطة من دون أن يستند فيها إلا على حوادث فردية وظروف خاصة لا يمكن أن يقاس بموجبها سلوك قوم أو أمة بأجمعها. يضاف إلى ذلك أنه يبني أحكامه هذه على قصص يسمعها من بعض الناس أو تروى له من أناس مغرضين لا يمكن الآخذ بكلامهم. فإنه مثلا يحكم على جبن العرب حينما تفر شرذمة من العشائر غير مسلحة إلا بالأسلحة البدائية أمام السلاح الحديث الذي تقابلهم به قوة نظامية يستصحبها معه المقيم البريطاني في زورقه الذي كان يسافر فيه عن طريق دجلة. ويحكم عليهم بالبخل حينما يتصدى له قطاع الطرق في البادية لأخذ الخوّة التي كانت تعتبر شيئا متعارفا تعترف به حتى الحكومات في تلك الأيام. وبوسعنا أن نبرهن له على وفاء العرب وكرمهم وشجاعتهم وعزة نفسهم وإكرامهم للضيف ـ

٢١٠

والشجاعة ، مثل كثير من الصفات الأخرى ، هي بنت الظروف والأحوال الآنيّة ولا تنمو وتترعرع إلا تبعا لما تقتضيه تلك الظروف بالذات. فإن المقاومة العنيدة التي أبدتها قبيلة بني بو علي تجاه القوة البريطانية في رأس الخيمة ، والشجاعة الفائقة التي أظهرها العرب من الجنود المرتزقة في الهند في مناسبات كثيرة ، ووقفات الوهابيين الجريئة يمكن أن تتخذ كلها ، مع كثير مما يمكن أن يستشهد به من غير هذا ، أدلة واضحة على شجاعة العرب وبسالتهم.

ومع ذلك فإن الحال تنعكس في البلاد التي أتكلم عنها بحيث يصبح خلق الأعرابي الجبان ، على عتوه ، شيئا معروفا. وهناك عدة حوادث يمكن أن تروى من هذا القبيل. فقد حدث في مناسبة معينة ، حينما كان الكولونيل تايلور مسافرا بالزورق من البصرة إلى بغداد ، أن جماعة من العرب في إحدى القرى القائمة على ضفاف دجلة أزعجها تصرف أحد الرجال الذين كانوا يعملون في الزورق نفسه فاجتمعوا بأعداد كبيرة وأخذوا يقومون بحركات عدائية من دون أن يكون من الممكن تفريقهم بمختلف الوسائل ، ولذلك ارتئي من الضروري أن تطلق بعض الإطلاقات فوق رؤوسهم ، وأن يصليهم الحرس السپاهيون من فوق الزورق بصلية واحدة في الهواء. فكان لذلك تأثير آني فعال ، إذ وقع قسم من الرجال على الأرض ولاذ الآخرون بالفرار. أما نساء القرية ، أو المخيم ، فقد قوضن الخيام في الحال وتراجعن إلى هور صغير بالقرب من الموقع. وحينما استمر وقوع الحركات العدوانية ، وعاد الناس إلى التجمع بعد أن ازداد عددهم ، أنزل إلى البر فريق من الحرس السپاهي. فارتاع الأعراب لهذه التحضيرات المتخذة لمقاومتهم ، برغم تفوقهم الكبير في العدد ، وأخذوا يلوحون باستعدادهم للمفاوضة. وعلى هذا الأساس جرت بعض التفسيرات والتوضيحات فأعيد الصفاء إلى نصابه. وقد اعترفوا بعد ذلك بأنهم كانوا يتصورون بأن زورق المقيم هو من الزوارق الأهلية التي كانوا معتادين على

__________________

ـ بمئات القصص التي ربما كان قد تجاهلها حينما كتب بعض الجمل التي أوردها في هذه الرحلة. ولذلك ننبه القارىء اللبيب إلى ذلك ولا نخال أن شيئا من هذا القبيل يمكن أن ينطلي عليه.

٢١١

بلصها والتحرش بها. وقد حدث الشيء نفسه حينما هاجم بعض الأعراب في النهر صديقا لنا كان مسافرا إلى الجنوب ، وطلبوا منه أن يدفع لهم رسوما اعتباطية ، لكن إطلاق النار فوق رؤوسهم وإبداء الحزم والقوة تجاههم كانا كافيين لدفع الشر عنه.

ولا غرو ، فإن إبداء شيء من الحزم لا بد أن يرجع أعراب ما بين النهرين إلى صوابهم في جميع الحالات تقريبا. لكن هذا الحزم يجب أن يصدر عن حكمة وتعقل ، وإلا فإنه قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. فإذا ما سفك أي مقدار من الدم ، وكان الخصم متفوقا في العدد ، لا بد أن تكون العواقب وخيمة والنتيجة مهلكة. وإذا لم تحصل مقاومة في مثل هذه الحالات فيندر أن يعمد الأعراب إلى القتل. وقد دلل على ذلك ما وقع لثلاثة من الإنكليز قبل سنوات قليلة ، حينما كانوا مسافرين في قافلة خرجت من بغداد إلى استانبول ، ففي موقع بالقرب من ماردين أحيطت القافلة بفريق من الأعراب المسلحين الذين طالبوا القافلة بمبلغ من المال بصفة رسم كمركي. وقد كان من الممكن أن يسوى المشكل تسوية سريعة بدفع قسم من المبلغ المطلوب ، غير أن إخواننا الثلاثة ، الذين كانوا يبعدون عن القافلة بمسافة قصيرة حينما وقع الهجوم ، استهجنوا فكرة الرضوخ للأعراب وسلبهم من قبلهم فتراجعوا إلى مرتفع من الأرض ، وسرعان ما أحاطت بهم هناك ثلة من الأعراب المدججين بالسلاح الكامل. فأعقبت ذلك تهديدات وحركات انفعالية كثيرة ، وفي خلال احتدام الغضب من الطرفين ، وبقدر مؤسف انطلقت إطلاقة من مسدس أحدهم فأصابت ابن الشيخ أو قريبه. وكانت نتيجة ذلك أن شن هجوم عاجل عليهم فقطع المسافرون المنكودو الحظ إربا إربا في لحظة واحدة.

وقد سبق أن عرفت من روايات سابقة أن هذ المعارك لا يكاد يسفك فيها دم ـ فكثيرا ما يتم الظفر ويحصل النصر من دون خسران ولا رجل واحد. لكنه يجب أن يلاحظ أنه ، بالإضافة إلى إحجام الشخص من التعرض إلى المخاطر ، هناك تقدير عام لعواقب سفك الدم وأخذ الثأر الذي يعتبر كابحا قويّا ضد أي نزوع طائش إلى العنف. على أن المعركة التي جرت مع عقيل لم تطبق فيها

٢١٢

هذه القاعدة ، ومع ذلك فقد رأيت ضآلة الخسارة التي حلت بأولئك الأعراب في هذه المناسبة ، وقلة تعريض أنفسهم للخطر.

وحوادث الثأر للدم هذه ، على ما تنطوي عليه من الفظاعات والشناعات ، لا تختلف إلا قليلا في طبيعتها عما هو موجود منها لدى الأمم الأخرى ، بما فيهم حتى سكان بلادنا نحن في الأزمنة القديمة. ومن الممكن أن نكتب مجلدات في تفصيلات هذا الموضوع ، لكنني أستطيع أن أقول إنك ستقتنعين بحادثة واحدة أو اثنتين ، على سبيل تقديم النماذج ، وهناك حادثة واحدة أراني مدفوعا إلى سردها لأنها حدثت بمعرفة رجل من أهالي بلادنا شهد بأم رأسه دورا من أدوارها.

فقد كان فرع من فروع بني لام على خصام مع قبيلة أخرى من العرب ، لا أتذكر اسمها ، وفي خلال هذه الخصومة سفك كثير من الدم بين الطرفين لإشباع الثأر الشخصي والانتقام لشرف الباقين من الأقارب. فصادف في يوم من الأيام أن رجلا إنكليزيّا كان يسيح في عربستان (خوزستان) استضيف في خيمة شيخ القبيلة الأخيرة ، فكانت مضيفته فيها ابنة الشيخ نفسه التي كانت تقوم مقام أبيها في هذا الشأن نظرا لعدم وجود أحد غيرها من الأسرة في ذلك الوقت. وحينما جن الليل لجأ كل فرد إلى فراشه ، بما فيهم الضيف الغريب ، لكنه انتبه قبيل الصبح على صوت صراخ عرف منه أنه صوت مضيفته الشابة وهي تستغيث وتقول إنها قتلت! فهمّ الجميع إلى محل الحادث ، حيث وجدوا البنت المسكينة تعاني سكرات الموت ، لأنها كانت قد طعنت في صدرها بثلاث طعنات عميقة بالخنجر. وحينما كان الجميع ينظرون إلى الضحية المحتضرة ويقدمون الإسعافات الممكنة لها سمع صوت من مكان مرتفع ، على مقربة من محل الحادث ، ينادي قائلا «أنا التي فعلت ذلك ، الحمد لله ، لقد قتلتها». فاستدارت الأنظار كلها إلى ذلك الاتجاه الذي شوهدت واقفة فيه امرأة عجوز تأتي بحركات انفعالية شديدة وحينما هجم الجميع نحوها ركضت إلى حيث كانت الخيام قد نصبت على حافة النهر ، وهناك ضويقت فسقطت فيه واختفت عن الأنظار.

٢١٣

وقد تبين بعد الاستفسار والتحقيق أن الشيخ الذي فجع بابنته كان له ذات يوم ابن قتله في معركة سابقة «پهلوان» ينتمي إلى القبيلة الأخرى. فكانت هذه حادثة تستوجب كل ما تقتضيه الضغينة والثأر من خلاف. وبعد مدة قصيرة دخل رجل غريب إلى المخيم فقوبل بالترحيب الاعتيادي الذي تقتضيه واجبات الضيافة عند العرب. وكان من سوء الحظ أن يتعرف أحد رجال القبيلة عليه. ويكتشف أنه نفس «الپهلوان» الذي كان قد قتل ابن الشيخ. فما الذي كان يجب أن يصنع؟ فقد كان الرجل ضيفا على القبيلة ، وكانت جميع قواعد الضيافة تقتضي بالنسبة لعرف العرب أن لا يمس بسوء. وكان الشيخ نفسه غائبا في مكان آخر ، وبينما كان حسن النية والرأفة يسودان المجتمعين دخلت البنت الشابة موضوعة البحث وراحت تعنف الرجال وتعيّرهم بالجبن والتباطؤ في ثأر شيخهم. ثم قالت «فهل تريدون أن يكون قاتل ابن شيخكم بين أيديكم فيفلت منها؟ إن هذا يجب أن لا يقال مطلقا ، اقتلوه في الحال أو تخلوا عن اسم الرجال!» على أن الإحجام مع كل ذلك بقي مستحوذا على أيدي الرجال وأسلحتهم فمنعها عن التجاوز على قواعد الضيافة والمضيف بمثل هذه الصراحة ، برغم الحنق الذي يغلي في صدورهم. وعند ذاك أمسكت البنت ، وهي منفعلة لوجود قاتل أخيها بين ظهراني القبيلة وتصور إفلاته منها ، بسيف في يدها وبادرت إلى ضربه. فكان منظر الدم شيئا لم يستطع الرجال مقاومته ، فسلت السيوف كلها في لحظة واحدة وأغمدت في جسم ضيفهم منكود الحظ الذي قطع إربا إربا.

وقد عاد الشيخ فتميز غيظا وغضبا لما اقترفه الفاعلون من انتهاك فاضح لواجبات الضيافة. لكنه فوّض أمره لله بعد أن لم يكن بوسعه أن يفعل شيئا لتلافي ما وقع. فتصرمت الأيام وانقضى الزمن ونسيت القبيلة حادثة القتل هذه ، كما تنسى غيرها من الحوادث. غير أن أم القتيل لم تنس ذلك مطلقا. وإذ كانت عازمة على الانتقام لابنها ظلت تتعقب المخيم المعادي سنين عديدة وتتحين الفرص بصبر وأناة ، فلم تؤاتها الفرصة إلا في تلك الليلة المشؤومة التي كان فيها الرجل الإنكليزي ، الذي يقص القصة هذه ، ضيفا بطريق الصدفة في خيمة الشيخ ، وشهد تنفيذ انتقامها الوحشي.

٢١٤

اما القصة التالية من قصص الثأر العربية ، فهي على جانب أكبر من الهول والفظاعة ، وهي مستقاة من بعض يوميات الكولونيل تايلور عن القبائل العربية وتختص بفترة أبعد في القدم. فإن عشيرة المنتفك ، التي أشرت إلى قوتها وسطوتها من قبل ، تستمد قوتها الرئيسة في الأساس من قبيلتين رئيستين هما قبيلتا بني مالك والأجود. وهاتان القبيلتان ، وإن كانتا متحدتين في الوقت الحاضر ، كان بينهما خصام عنيف من قبل. وقد كان سبب النزاع اختلافهما على حق المرعى في مناطق معينة ، وكان بنو مالك هم المسيطرين بينما محقت الأجود. وباستثارة بنات القبيلة وتشجيعهن ، أخذ كل رجل من رجال الأجود يسلح نفسه للمعركة ويقتحم الموت في الذب عن البقعة التي كان آباؤه يرعون فيها قطعانهم. غير أن هذا الظفر الدامي على ما كان فيه من شدة وبسالة لم يكن كافيا تجاه ما كان يساور سليمان ، رئيس بني مالك ، من تنبؤ مفعم بالحذر. فقد كان يتخوف مما قد يصيب قبيلته من اقتصاص مخيف في المستقبل ، فيما لو بقي حتى ولو شخص واحد وخاصة من الرجال على قيد الحياة من القبيلة الخاضعة. ولذلك اتخذ ترتيبات فظيعة يعمد فيها إلى قتل نساء تلك القبيلة كلهن ، وبذلك يضمن القضاء على نسلها بمثل هذه الوسيلة البشعة. فنفذ هذا العمل الشيطاني ، ولم يسلم من النسوة إلا واحدة ألقت بنفسها على قدمي رئيس من رؤساء بني مالك فأنقذها بعطف منه بعد أن جازف بحياته من أجلها ، لأنه جرح وكاد يتقطع جسمه بالسيوف دفاعا عن محميته. ومن هذه الامرأة الشابة ، التي كانت حاملا في يوم المجزرة ، ولد عبد الله الذي أصبح فيما بعد مؤسسا لقبيلة استمدت اسمها من منشأ رئيسها الخاص فسميت «قبيلة اليتامى (١)». وقد وقعت المجزرة في واد من الوديان الجميلة التي يمكن أن توجد بين الجبال حتى في تجربة الجزيرة العربية الحجرية العقيمة ، حيث يمكن الحصول على الماء من قرب سطح التربة في كل مكان وتغطي الأرض في الربيع وأوائل الصيف بعشب غزير يكوّن مرعى ممتازا.

__________________

(١) لم نعثر على قبيلة بهذا الاسم ، لكن المعروف أن نخوة الأجود «يتيم» بالتصغير. ، وربما تكون لهذه الكلمة علاقة بالقصة.

٢١٥

وبقعة مثل هذه هي التي يود العربي الجوّال أن ينصب مخيمه فيها. فهي جميلة ممرعة إذا ما قورنت بالبادية المحيطة بها ، وليس من العجب والحالة هذه أن يستثار العربي ويكافح من أجل الحفاظ على حقه في التمتع بمثل هذا الملجأ والملاذ. ويقع هذا الوادي على بعد خمسة عشر ميلا جنوبي البصرة الحديثة ، وهو يحتفظ حتى يومنا هذا بالاسم الذي أطلق عليه في تلك الواقعة المشؤومة ، حيث إنه يسمى اليوم «وادي النسا».

٢١٦

فهرس الأعلام

آ

آشور بانيپال ٤٨

أ

إبراهيم باشا ١٤

إبراهيم ، السيد (خادم المقيمية) ١٠٩

إبراهيم القزويني ١٧٦

أبو بكر (المملوك) ١٢٨ ، ١٢٩

أبو الحسن ٦٣

أبو طالب ١١١

أحمد أغا (تفنگچي باشي) ١٢٣

أحمد أغا الجيبه چي ١٥٦

الحاج أحمد أغا (متولي المسيب) ١٢٠

أحمد بك (أخو محمد پاشا) ٢٠ ، ٢٣

أحمد سوسة ٨٣

إسحاق الصراف ١٢٠ ، ١٧٠

أسعد پاشا (سعيد پاشا) ٩٥

أسعد النائب ، الحاج ١٣٠ ، ١٥٢

الإسكندر المقدوني ٧٦

إسماعيل أغا ٧٠

إسماعيل پاشا ٢٧

إسماعيل الصفوي ، الشاه ٢٠٥

أغا ميناس ١٨٢

أم سالم ١٣٥

أمين الدولة ١٧٨

أنستاس الكرملي ، الأب ١٠١ ، ١٩٩

أوشيه أيلوي (الرحالة الفرنسي) ١٢٢

أوغوز بك ٢٠

أوكترلوني ١٧١

أوليا چلبي ١٣٤

ب

باقر شريف القريشي ٢٠٤

بايزيد بك ١٧ ، ١٨ ، ٢١

البدليسي ٥٣

بكر أفندي ١٠٢

بكنغهام ٧٥ ، ٨١ ، ٨٢ ، ٨٣ ، ٨٤ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ٩٥ ، ١٧١

پير خضر شاهو ٤٦

بيرسي سايكس ١٧٨

بيلي فريزر ٨ ، ٩ ، ١٠ ، ١١ ، ٨٠ ، ٨٢

ت

تايلور ، الكولونيل ١٧ ، ٧٣ ، ٩٦ ، ٩٨ ،

٢١٧

٩٩ ، ١٠٣ ، ١٠٦ ، ١٠٩ ، ١٢٢ ، ١٧٤ ، ١٨٢ ، ١٨٤ ، ٢١١ ، ٢١٥

تيمور خان ٢٠

ج

جعفر البرمكي ٦٣

جميل روز بياني ٥٣

جهانگير أغا ٦٣ ، ٦٦ ، ٦٧

ح

حبيبة خانم ١٢٤

حنش الحمود ، الشيخ ٢٣

حسن پاشا (كوچوك) ٧٩

الحاج حسن پاشا الكبير ١١٠

حسن علي مرزا ١٧٨

حسين علي مرزا ١٧٨

حمدي بك المهردار ١٣٠

خ

خالد أغا ١٢١

الشيخ خزعل ٢٠٨

الحاج خليل ١٢٤ ، ١٢٦

د

دانش أفندي ١١٩

داود پاشا ٩ ، ٣٢ ، ٧٥ ، ٧٩ ، ٨١ ، ٨٨ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ١١٢ ، ١١٧ ، ١١٩ ، ١٢١ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٣٤ ، ١٤١ ، ١٥٤ ، ١٥٥ ، ١٦٨ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ،

١٧٥ ، ١٧٦ ، ١٩٩ ، ٢٠١ ، ٢٠٤

درويش پاشا (الفريق) ٤١

دوبريه ٢٠٣

دوغاما ٥

دياز ٥

دي ماركي ١٥٥ ، ١٥٦ ، ١٥٧

ر

رحمة الله أغا الجيبه چي ١٢٦

رستم (المملوك) ١٢٨

رستم أغا (ضابط المكرية) ١٢٠

رستم أغا ٣١ ، ٥٣ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٥٧ ، ٥٨ ، ٦٣

رسول بك ٢٠ ، ٢١ ، ٢٤ ، ٢٧

رسول حاوي الكركوكي ١٣

رشيد پاشا الگوزلگلي ٢٨

الرضا ، الإمام ٢٠٤

رضا قلي مرزا ١١

رضوان أغا ١٣٠

رمضان أغا ١٢١

روص (الطبيب) ١٦ ، ١٧ ، ١٨ ، ١٩ ، ٢٠ ، ٢١ ، ٢٢ ، ٢٤ ، ٢٥ ، ٢٦ ، ٢٧ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ٢٠٢ ، ٢٠٣

ريچ ، كلوديوس ٨٥ ، ١٦٩

ز

زبيدة ٦٣ ، ١٣٩ ، ١٤٠

زرادشت ١٣

الزعفراني السيد ١٧٦

٢١٨

زمرد خاتون ١٣٩

س

ساردانا پولس ٤٨

سعدون (المملوك) ١٢٨

السيد سعيد (إمام مسقط) ١٤١

سعيد پاشا (ابن سليمان الكبير) ١٢٥

سلطان بك ٢٣

سلمى خانم ١٥٤

سلوقس ٧٦

سليم أغا ٣١ ، ٥١ ، ٥٣ ، ٦٣ ، ٦٤

سليم پاشا ٢٤ ، ٤١ ، ٥٢

سليمان (بنو مالك) ٢١٥

سليمان أغا (المير آخور) ١٢٠

سليمان بابان ٣١ ، ٣٢ ، ٥٤

سليمان پاشا الصغير ١٥٤

سليمان پاشا الكبير ٨٣ ، ١١١ ، ١٢٥ ، ١٧٠ ، ١٨٠ ، ١٨٣

سليمان بك ٢٠ ، ١٢٦

سليمان غنام ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٩٣ ، ٢٠١

سليمان فائق ١٢٩ ، ٢٠١

سميراميس ١٩ ، ٤٨ ، ٥٥

السندي بن شاهك ٢٠٤

سي مصطفى ٨٩

سيد پاشا ٢٤ ، ٢٧

سيد هندي ١٢٥

ش

شفلح الشلال ، الشيخ ١٩٣

شلاش (شيخ الجربا) ١٣٧ ، ١٣٨

ص

صادق أفندي ١١٧ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ١٧٠

صادق بك (ابن سليمان الكبير) ١٢٥

صالح أغا (حاكم المحاويل) ١٢٠

صالح بك (ابن سليمان الكبير) ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٩

صفوك (شيخ شمر) ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٧٣ ، ١٨٢

صمد خان ٤٤

ظ

ظاهر بك ٤٦

ظل السلطان ١٧٧

ع

عباس العزاوي ١٣٤

عبد الحميد خان ، السلطان ١٥٤

عبد الرحمن پاشا بابان ٣١ ، ٥٤

عبد العزيز (شمر) ١٣٦

عبد الغني جميل ١٣٠

عبد القادر پاشا ١١٥

عبد القادر الخطيب الشهرباني ١٠١

عبد القادر زيادة الموصلي ١٣٠

عبد القادر الگيلاني ، الشيخ ١٥١ ، ١٦٨ ، ١٧٥ ، ١٨١

عبد الكريم أغا ٥٤

عبد الله (الأجود) ٢١٥

٢١٩

عبد الله خان ٤٤

عبد الله بن طاوس ٢٠٤

عثمان سيفي بك ١٣٠

عجيل الياور ١٣٦

عزيز أغا ١١٥

عشتار ٤٨

علي أغا ٦٤ ، ١٢٨

علي أغا اليسرچي ١٣٠

علي پاشا ١٤ ، ١٨ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ١١١ ، ١١٧ ، ١١٩ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٤١ ، ١٦٨

علي خوجة ٦٣

ملا علي الخصي ١٣٠

علي رضا پاشا ٩ ، ٤١ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٢٩ ، ١٣٣ ، ١٣٥ ، ١٣٦ ، ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٥٤ ، ١٧٦ ، ١٩٣ ، ٢٠١

علي ظريف الأعظمي ١١٥ ، ١٢٠

عمر پاشا (من المماليك) ١١٠

عمر پاشا سردار أكرم ٤٧

عول خضر أغا ٤٤ ، ٤٦ ، ٤٩ ، ٥٢ ، ٥٣

غ

المستر غروفز ٩٥ ، ٩٩ ، ١٠٠ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١١٣

ف فتح علي شاه ٣٢ ، ١٧٧

فرحان پاشا (شمر) ١٣٦

فرمان فرما ١٧٧

الفضل بن يحيى (البرمكي) ٢٠٤

فليكس جونز ، الكوماندر ٨٠ ، ١٥٥

فنلي ، المستر ٢٠٢ ، ٢٠٣

ق

قاسم أغا ، قاسم پاشا العمري ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٦

قرة بيبر ١٢٤

ك

كوريكالزو الأول ١٧٣

كيخسرو بك ٤٧

ل

لونگريك ٥ ، ٧ ، ٨ ، ٢٤ ، ٢٧ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ١٢٣ ، ١٢٧ ، ١٢٩ ، ١٥٤

م ماكنيل ٣٨

مأمون المصطفى (درويش) ١٥١ ، ١٦٢ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٦٥

محمد (النبي) ٣٤

محمد أغا (حاكم الحلة) ٢٠٣

محمد أغا (ملتزم الاحتساب) ١٢٤

محمد أفندي مصرف ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٢١

محمد پاشا الأعور (كور) ٩ ، ١٤ ، ٢٠ ، ٣٢ ، ٤١

محمد خان (أغا) ٦٦

٢٢٠