طلوع سعد السّعود - ج ٢

الآغا بن عودة المزاري

طلوع سعد السّعود - ج ٢

المؤلف:

الآغا بن عودة المزاري


المحقق: الدكتور يحيى بوعزيز
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٤
الجزء ١ الجزء ٢

(كذا) ماشيا للجهة الشرقية من غير متعرض له إلى أن وصل لجبل مزاية ، فحل به الانتقام ، وكان ذلك اليوم كبيرا مات فيه جيش كثير عزّته فيه نائحة العزاية.

ثم جاءت محلّة الجنرال بيجو لمتيجة فهدمت سورها وزادت المحلّة للبليدة وأزالت للأعداء نفورها.

قال وكان الجنرال أبو هراوة خرج بمحلّته في خامس عشر ماي سنة اثنين وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق لثلاثين ربيع الأول عام ثمان وخمسين ومائتين وألف ، من المعسكر قاصدا لنواحي تيارت رائما لقضاء ما كان له في الفايت ، فمرّ بمنداس ووصل إلى تاقدمت فأضرم نوايلها نارا ، ولقى بطريقه العدو مرتين فقاتله جهارا ، فالمرة الأولى مع الأمير بخيالته فقتل المخزن من الخيالة ثلاثة أو أربعة رجال وأخذ خيولهم ، والمرة الثانية في عين الكرمة من بلاد عكرمة مع الأمير وخليفته قدور بن عبد الباقي فهدم المخزن سيولهم ، وكانت هذه الملحمة في غاية ما يكون من القتال ، مات فيها من جيش الأمير خلق كثير من خليفته بن عبد الباقي وخزندارة بن عبّ الخن من كثرة النزال ، وكان القاتل لبن عبّ آغة الزمالة محمد بن المختار ، ومنهم من يقول قتله آغة الغرابة الحاج عدة ولد المرسوم والصحيح أنهما اشتركا في قتله كما في صحيح الأخبار ، ونهب المخزن للعدو جملة من الخيول ، كما نهبت المحلّة ما أرادته من السّعي بالقول المنقول ، ومات من المخزن بن عبد الله ولد البهيليل ومسعود ابن شهيدة ، والعربي بن يحيى في القولة التي ليست برويدة ، وتمادى الجنرال سائرا بمحلّته إلى أن خرج على الكاف ، وزاد على بنيان الرومان جيهة (كذا) تيارت ثم زاد لعين تاودة بناحية الأصنام بغير الخلاف ، وقد أذعن له أولاد الشريف وأولاد الأكرد والأحرار الشراقة وحلوية في سابع عشرين ماي المذكور ، الموافق لثاني عشر ربيع الثاني بالمشهور ، ولمّا رجع بمحلّته للمعسكر بلغه الخبر في حادي ثلاثين ماي الموافق لسادس عشر ربيع الثاني ، من عند مدغوسة بأن الأمير هجم على الحشم الشراقة في واد العبد بغير التواني ، فبلغ الخبر فورا لمصطفى بن إسماعيل وهو بوهران ، فخرج بمخزنه حارجا إلى أن وصل للكرط بقرب المعسكر في ثالث جوان ، الموافق لتاسع عشر ربيع الثاني بإيضاح البيان ، وكان الجنرال أبا هراوة / ترك محلّة صغيرة بحوائط المعسكر وقاية بها بالعيان ، وزاد على سعيدة وعين الحجر

٢٠١

وتمطلاس وخرج في حسيان سفيد ، وبه أذعن بعض الجعافرة في القول المفيد ، وكان الأمير بذلك الوقت في غريس ، ومعه شرذمة قليلة يروم بها التخليس ، وفي ثاني عشر جوان سنة اثنين وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق للثامن والعشرين من ربيع الثاني سنة ثمان وخمسين ومائتين وألف ، خرجت المحلّة من مستغانيم بقصد فليتة في الجولان ، والتقت في زمورة بخليفة الأمير الحاج مصطفى صاحب واقعة مزغران ، وحصل القتال الذريع ثم انفصل عن بعضهم بعض الفريقان ، وقد حصل الثناء الجميل في ذلك اليوم لمخزن المزاري بالغاية لكثرة قتاله وهجومه على العدوّ بما بلغ به للغاية. قال وبعد استراحة أبي هراوة بالمعسكر ثلاثة أيام ، خرج بمحلّته ومعه المخزن لنيل المرام ، وذلك في عشرين جوان الموافق لسابع رجب ، وذهب لفرطاسة وواد التات دون وصب ، ومكث به إلى خامس جليت الموافق لثاني عشرين رجب الأصم ، واشتغل جيشه بحصاد حب فليتة والحشم.

قال وأما الجنرال داربوفيل : الذي كان بنواحي شلف ، فإنه دخل بمحلّته لمستغانيم في أوائل جليت الموافق لأوائل العشرة الثالثة من رجب بغاية وصف.

ثم ذهبت محلّة المعسكر بمخزنها من فرطاسة في خامس جليت الموافق للثاني والعشرين من رجب الموصوف بالفضل والصيت ، لتلك النواحي فمرت بعرجة القطف وسيدي الجيلالي بن عمّار ، وسيدي بلقاسم إلى أن خرجت لمن أذعن من الأحرار وزادت لبلاد قجيلة التي فيها زاد الأمير وما له من السلاح ، فبحثوا عن ذلك وأخذوا ما وجدوه وهم في غاية الافتلاح ، قال ولمّا وصلوا لقجيلة تأمّل مصطفى بن إسماعيل فيها غاية ولما أعجبته تلك البلاد ، فاه متكلما بهذه الأنشاد :

يا ولاد محي الدين الكاثرين الإفساد

الساكنين ذا البلد الزين في السحري

ما تستهلوش يا سراق الهذا البلاد

يستاهلها الفرانسيس ونخدمهم التال عمر

حين وصلتهم للصحرا زولوا الانكاد

نقدر نموت مطرح حين خلفت ثاري

ومنهم من يقول أنه لم ينشد شيئا وإنما قام خطيبا بأعلا (كذا) صوته بمرآت الناس ، قائلا الحمد لله الذي خلفت ثاري من أولاد محي الدين ونحيت

٢٠٢

ملكهم وأطردتهم عن البلاد ووصلت في أثرهم بجيش الفرانسيس إلى قجيلة ولا زلت تابعا لهم إلى أن أمحي آثارهم بالكلية ويحصل لأنفسهم الإياس ، ومن بلد قجيلة افترق المخزن مع الجنرال أبي هرواة بالبيان ، فمنها الجنرال زاد للتل ومنها المخزن رجع لوهران ، فدخلها في أوائل أوت سنة اثنين وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق لأواسط العشرة الثانية من شعبان سنة ثمان وخمسين ومائتين وألف ، وفي ثامن ستانبر (كذا) الموافق للسابع والعشرين من رمضان ، جمع القبرنور جنرالاته وأمرهم بالتفتيش على الأمير وجيشه والباعة أين ما كان ، فمنها / الجنرال دربوفيل : أتاه الأمر بأن يرجع لفليتة البحرية ، ويبحث في سائر أماكنها من ملعب قربوسة وغيب الشرفة من جهة العمارنة بالكلية ، ومنها مصطفى بن إسماعيل يخرج بستمائة فارس مقاتل من مخزنه ويجتمع بالجنرال أبي هراوة في السادس عشر من ستمبر سنة اثنين وأربعين وثمان مائة وألف الموافق لخامس شوال سنة ثمان وخمسين ومئاتين وألف ، في عين الكرمة ثم يخرج على الطريش وعين تاودة وواد سوسلم وقصر بن حماد إلى أن يصل إلى رأس عين طاقين ولما سمع الأمير ذلك خرج من الصحراء ودخل التل فأخذ على رهيو والشلف وهجم على أولاد خويدم وأولاد العباس الذين كانوا للدولة مذعنين ، فأخذهم كثيرا وذهب لناحية المعسكر فوصلها في ثلاثين ستانبر (كذا) الموافق لتاسع عشر من شوال وهو اليوم الذي وصلت فيه المحلة لطاقين ولما مر الأمير بالبرج أضرمه نارا ، وتركه رماد بتمامه جهارا ، بعد ما انجلا (كذا) عنه أهله لسجرارة وبني شقران ، ومنهم من وصل إلى سيرات رايمين له عدم الإذعان وفي ثامن أكتبر (كذا) الموافق لسابع العشرين شوال سمع الأمير بأن الكثير من الأحرار أتوا بأمر الجنرال لمرسيار أبي هراوة إلى مطمر أولاد الشريف المذعنين له لأخذ حبه بتمام وهم له في الاضطرار فهجم عليهم معتقدا أن المحلة لم ترجع من طاقين وكان ذلك قرب الطريش باللوحة بالتعايين فسمعت المحلة النازلة هناك وركبت بمخزنها القساور ، وهجمت عليه فنزعت له جميع ما سباه من الأحرار وقتل منه المخزن مائة نفرا في حالة المضاجر ، وغنموا له مائتين وثمانية من الخيول ، وأسروا خمسين نفرا من جيشه وأتوا بهم في الكبول وقد حاز المخزن في ذلك اليوم للثناء الجميل وشكرته الدولة بالشكر الوافر الجليل ، ولما رأى

٢٠٣

الجنرال أبي هراوة صفاء خدمتهم وكثرة تعبهم وشدة صدمتهم أذن لهم بالرجوع إلى وهران ، للراحة وإزالة الأوساخ والأدران وذلك في اثنين وعشرين اكتبر (كذا) سنة اثنين وأربعين وثمانمائة وألف الموافق للحادي عشر من ذي القعدة الحرام سنة ثمان وخمسين ومائتين وألف ، وزادت المحلة إلى فليتة ومنداس وهجم الأمير أيضا على فليتة أيضا الغربية والشكالة وحلوية ، والكرايش وبني نسلم بغير التباس ، وذلك ما بين جانفي وفبراير من سنة تلات وأربعين وثمانمائة وألف الموافق لشهر صفر من عام تسع وخمسين ومائتين وألف وهجم في مارس الموافق لربيع الأول على شرفة فليتة ولم يدع لهم تفليتة ، ولما سمع بدخول محلة الجزائر بالقوة المعينة افترق على جبال وانسريس وشلف والظهر بجيشه وأقام مدة الشتاء ما بين جديوية وواد الروينة.

ثم تلاقت المحلة التي هي في مستغانيم تحت رئاسة الجنرال جانتي مع العدو في أولاد خلوف ، وحصل القتال الذريع فيه بين الفريقين المفرق بين الألف والمألوف ، وشمر فيه المزاري وصحبته قدور بالمخفي والمخزن عن ساعد الجد وصال على العدو إلى أن أذاقه النكال وأزال ما به من القوة والجد ، وهزم العدو هزيمة شنيعة وقع بها في الفلل ، وهذه الواقعة تسمى بواقعة سيدي الأكحل / وذلك في عشرين مارس سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف الموافق لثاني عشر ربيع الثاني سنة تسع وخمسين ومائتين وألف وكثر القتل في بني زروال ، ورأوا من المخزن غاية العذاب والنكال ففاز المخزن في تلك الواقعة بالثناء الجميل والشكر الكثير الجليل وهو آغة بالجهة الشرقية تولاها في تاسع أوت سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وألف تولى بايا بمستغانيم مصطفى ابن عصمان وتولى أخوه إبراهيم خليفته بالمعسكر بالقولة الفرقية. قال ولنرجع بالكلام إلى نواحي تلمسان فنقول وبالله الاستعان ، أن الجنرال بيدو الذي كان مترئسا بتلمسان ، خرج في شهر نوفبر (كذا) بجيشه فجاس بلاد بني عامر ، ورجع لتلمسان في حالة زاهر ، ثم خرج أيضا في مارس وإبريل من السنة المذكورة الموافقين لربيع الثاني وجمادى الأول من السنة المسطورة وجاس غربي تلمسان ، لجيال بني سنوس وبني أبي سعيد ولما وصلت المحلة للمحل المسمى بشجرة برّافراف تكلم فيها وجوه البارود من مخزن الأمير ولم تكن فيهم فائدة بكل ما

٢٠٤

كان ، وفي خامس إبريل الموافق للثامن والعشرين من ربيع الثاني اجتمع الجنرال بيدو بقائد وجدة واتفق معه على الصلح وجعل الحدود فأبى ذلك المغاربة وقاموا على قائد وجدة ورموا المقاتلة مع المحلة بالشدود ولما رأى الجنرال ذلك الخلاط وكونه فوق مقدور القائد ترك ذلك لوقت آخر خشية من بعض العياط.

قال ولنرجع بالكلام على القبرنور فإنه بعد المقاتلة في السنة المذكورة بالاتزام ذهب بمحلته إلى بلاد الأصنام ، وذهب الجنرال أبو هراوة إلى تيارت. وكانت محلة معسكر تجمعوا في خدمة البناء بها بالقول الثابت.

ثم خرج الأمير من محل الشتاء ومر لمحلة قبرنور ثم زاد للجعافرة وأولاد إبراهيم واليعقوبية في المشهور ثم انحدر لوطاء غريس في ألف وثمان مئة فارس ، وهجم على الحشم في تاسع عشر أبريل الموافق لثاني عشر جمادى الأول من غير حادس. ولما سمعت الدولة بذلك بعثت لمصطفى بن إسماعيل بوهران ، ليقدم بمخزنه ومعه المحلة تحت رئاسة الكلونيل جيري لناحية المعسكر لدفع العدو عن الأعراش المذعنة لها بغاية الإذعان ، ولما وصل ذلك المعسكر ترك الجنرال أبو هراوة الكولونيل جيري بذلك المكان وذهب بالمخزن لليعقوبية عند أولاد خالد والحساسنة بالعيان ، ثم زاد قاصدا لتيارت ، ولما وصل إلى أسفل فرندة في الحادي والعشرين من أبريل الموافق للرابع عشر من جمادى الأولى بالنقل الثابت ، مكث هنالك لتلحقه المحلة الثانية من المعسكر ، وفي ذلك اليوم هجم الأمير على صدامة وخلافة في مدغوسة في القول المشتهر ، فاجتمع العرشان على قتاله إلى أن لحقتهم المحلة للإعانة فقتلوا من جيشه خمسين فارسا في حال الإعانة ، ثم ذهب ونزل فوق وادي مينة ، وهو في حالة الكربة والغبينة ، وبعد أيام افتقر للزاد فخرج على المناصفة بناحية منداس ، وذهب إلى فليتة الفواقة المذعنين للدولة بغاية اقتباس ، فقاوموه عتيدا ، وقاتلوه شديدا إلى أن قتلوا منه ثلاثين فارسا / وغنموا منه ستة وخمسين فارسا حارسا. وكان من جملة القتلى سياف جيشه علي بن عومر وأتوا للمحلة برأسه مجزوزا ، وذلك بقرب سيدي محمد بن عيسى قولا مفروزا. وأما آغة بن رباح فقد أسر باللوحة وهذان الرجلان قد اجتمع (كذا) بالجنرال أبي هراوة بوادي التاغية بنية الصلح مع الأمير في شهر جانفي سنة اثنين وأربعين وثمانمائة وألف بالتحرير.

٢٠٥

وفي رابع ميب (كذا) سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق لسابع والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (٢٣٠) خرج الجنرال لمروسيال ومعه الكولونيل جيري والمخزن من المعسكر إلى واد العبد بمحض اختيار ، وحيث سمع بمقاتلة صدامة وخلافة أولا وفليتة ثانيا للأمير ومقاومتهم له فرح كثيرا وتحقق بأن الرعية أذعنت للدولة وقال الآن علمت ببغض العرب للأمير. وفي سابع ميب المذكور ، الموافق لثلاثين جمادى الأولى المسطور (٢٣١) خرج من سيدي الجيلالي بن عمار صباحا ووصل إلى الأحرار وهم بأعلا (كذا) مينة. وكان صدامة وخلافة مجتمعين ولهم قوة على محاربة الأمير من غير افتقار لمعينة. وبعد ذلك ذهب لناحية الدوك دومال (٢٣٢) (LE DUC D\'AUMAL) المقاتل للعدوّ غربي ذلك المكان بغير محال وذلك في عاشر ماي الموافق لثالث جمادى الثانية (٢٣٣) كما ذلك محقق في السر والعلانية. وفي ثلاث عشر ماي الموافق لسادس جمادى الثانية (٢٣٤) وصل للناظور بالتعين ، وبعد المقاتلة الكثيرة دخل للوسخ والرغاي بناحية طاقين وحاز العدو لجبل العمور ، ولما خشي الجنرال على محلته من انقلاب العدو عليه ويحل به بعض الألم رجع على أعين سيدي منصور. وفي الرابع عشر من ماي الموافق لسابع جمادى الثانية (٢٣٥) تلاقى الجنرال جانتي (GENTIL) بمحلته بالعدو والذي تحت رئاسة الحاج محمد ابن الخروبي في سيدي راشد ، فوقع بين الفريقين القتال الشديد المتزايد.

__________________

(٢٣٠) ٢٧ جمادى الأولى ١٢٥٩ ه‍. يوافقه ٢٥ جوان ١٨٤٣ م وهو خطأ على ما يبدو.

(٢٣١) ٣٠ جمادى الأولى ١٢٥٩ ه‍ يوافقه ٢٨ جوان ١٨٤٣ م.

(٢٣٢) هو ابن الملك الفرنسي لويس فيليب.

(٢٣٣) ١٠ ماي ١٨٤٣ م يوافقه ١٠ ربيع الثاني ١٢٥٩ ه‍ وليس جمادى الثانية.

(٢٣٤) ١٣ ماي ١٨٤٣ م يوافقه ١٣ ربيع الثاني ١٢٥٩ ه‍ وليس جمادى الثانية.

(٢٣٥) ١٤ ماي ١٨٤٣ م يوافقه ١٤ ربيع الثاني ١٢٥٩ ه‍ وليس جمادى الثانية.

٢٠٦

معركة عين طاقين ونتائجها على الأمير

قال وفي ليلة عشر ماي (٢٣٦) الموافق لثاني عشر جمادى الثانية جاء الخبر وهو بتيارت ، بأن دائرة الأمير أخذها الدوك دومال بطاقين في عاشر ماي الموافق لثالث جمادى الثانية في القول الثابت وذلك أن عبدا من أهل الدائرة المأسورين هرب وقبض فأخبر الجنرال وهو بتيارت وأن خلقا كثيرا من الحشم هربوا وذهبوا للكرايش بنهر واصل. ولما سمع الجنرال ذلك ركب بمحلته ومخزنه فورا وسار إلى أن لحق بهم بالخميس على مسافة أربعين كيلومتر (كذا) من تيارت بالتواصل فصار القتال الشديد بين الفريقين بالتشريد وغنم منهم إبلا وغنما وزادا كثيرا ونزل بمحلته في ذلك اليوم بعين التريد. ومن الغد وهو اليوم الثالث والعشرون من ماي الموافق للسادس عشر من جمادى الثانية نزل بمحلته في التات ، ومن ذلك المحل انقسمت المحلة فذهب قليلها للمعسكر ودخلها بالإثبات وذهب الجنرال لمحلته إلى تيارت بحالته الزينة.

مقتل مصطفى بن إسماعيل

وأراد مصطفى بن إسماعيل بمخزنه المرور على فليتة إلى أن يصل لوطا مينة ، فذهب على جبال المناصفة وله الزهو ، ولما وصل واد تامدة خرج له العدو وكان مخزنه في غاية الثقل بما سباه من الحشم. فقاتلوا العدوّ إلى أن أخروه عنهم بالعزم ثم تمادى مصطفى بمخزنه إلى أن وصل وقت العصر ما بين المناصفة ومينة فخرج العدو عليه في ضيقة العقبة البيضاء المورثة للغبينة وكثر ضرب البارود في أول محلته / فأخذ مكحلته (كذا) وتقدم لير (كذا) ما بمحلته. وبفور وصوله لوسط العدو أصابته رصاصة في صدره من عند العدو فسقط ميتا في الحين وافترقت محلته شغر بغر (كذا) وبقيت جثته في يد العدو بالتبين. واشتغل العدو بأخذ السعي من المحلة الفارة عن ما كان بيدها. وخلفت رايسها (كذا) منفردا وحيدا بيدها ، ولم يعلم أحد من العدو بأن الجثة هي جثة مصطفى

__________________

(٢٣٦) ١٩ ماي ١٨٤٣ م يوافقه ١٩ ربيع الثاني ١٢٥٩ ه‍ وليس جمادى الثانية. وزمالة الأمير أخذت منه يوم ١٦ ماي ١٨٤٣ م وليس يوم ١٠ كما ذكر المؤلف.

٢٠٧

أصلا إلى أن سمع قربوصة بالمقاتلة وأتوا لمحل المعركة ونظروا للجثة فعرفها رجل أجنبي من الشرفة وأخبرهم بأنها جثة مصطفى بن إسماعيل الذي كان كهفا وصولا وأراهم الجرح الذي بيمناه الحال به في واقعة سكاك بالتحرير ، فجزوا رأسه ويده اليمنى وذهبوا بهما للأمير فلم يقبل منهم الأمير ذلك ، وقالوا لقد فعلتم عظيما بذلك ، فإني لا أحب أن يكون مصطفى بهذه الحالة وإنما أحببته أن يأتيني على فارسه حيا مزيل عنا للنكالة. ثم أمر الأمير بدفن الرأس واليد بعد التقسيم والتكفيف لهما والصلاة عليهما. وتأسف كثيرا من ذلك وعاتبا فليتة بما صدر منهم ومال إلى ناحية الرأس واليد متأسفا ملتفتا إليهما وكان موته في الثالث أو الرابع والعشرين من ماي سنة ثلاث وأربعين وثمان مائة وألف الموافق للسادس أو السابع عشر من جمادى الثانية سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (٢٣٧). وبقيت جثته مدفونة هنالك إلى أن جاء ابن أخيه الحاج المزاري من الحج فنقلها بالتحقيق ودفنها بمقبرة سيدي البشير بوهران في النقل الحقيق. وتوفي وهو ابن ثمانين سنة وقلما يوجد بوقته من الرجال ولا يضاهيه أحد من الشجعان الأبطال ورثاه الكواش أبو عبد الله محمد ولد قدوير (كذا) الزمالي بقصيدة من الملحون فقال (٢٣٨) :

محمد شاش يا باب بين القومان يبكي يبكي ما شافشي صاف يجري لهفان

اخرج محمد الداني رأس امحاني يلقي مرباع الأعياني عوده عرينان

قال لهم يا اعموميا وين بويا عز المضيوم بابا يا فيكم ما بان

في بالي مات لا شكا زين الحركا روح للدايم بركا زهو العربان

روح للدايم دنش ذا المتفحشش وأبقيت أنا الاندفش بين الأقران

ظنيت اطفا ومصباح عز املاح والحق رفاقته راح تحت المدران

دبلوني ارفاقته جاح ضاع أسلاح بين الويدان يلتاح رهبت الأعيان

سيد ما بانش حزني واخبروني يا ناس اللوم ما جاني سرطة ثعبان

نبكي حزني على بابا مولا الرهبا زين التحزام والركبا غيب ما بان

قالوا له ناس بكايا واعموميا لا تحزن يا بن خويا ربي رحمان

__________________

(٢٣٧) ٢٣ ـ ٢٤ ماي ١٨٤٣ م يوافقه ٢٣ ـ ٢٤ ربيع الثاني ١٢٥٩ ه‍.

(٢٣٨) يقصد ولد قويدر كما يتضح في آخر القصيدة.

٢٠٨

صفا نبكوه بالدمعا عام وساعا ما دام الناس مجتمعا والله رحمان

واجب نبكوه بالجملا يا رجالا من موته جاتنا غفلا رد البيان

/ كلي ما شافته عيني يا مقواني يهمر في القوم سيسني يوم الميدان

ما شفت اليوم ما نحكي كانك شبكي تراني ها ابني نبكي بكي الحيران

يركب ما لدوب بالخفا ثم يلفا وتجيه القوم بالعلفا تلغا باعنان

اركب ازرق مزغتم باعلامه ثم طيفيل اخداه تتحزّم مثل العقبان

اركب اكحل سوداني سرجه تغني تحلف تقول ذاجني ولا ثعبان

روح الفاس بالكلما وازها ثما واجلس مع الكرما طيب الإحسان

عرفوه أصلان من جدّ ثم شدّ وأعطاه امكافته وحد عبد الرحمان

زاده قدات ينقاد وابلا عود واعمل معاه مراد تسريح أمان

أعلاه القوم ملتما قلت زعما تخلف صاحب القيما من دار الشان

منه الناس مهتما زين الهما واعشر الالحاد في الظلما تحت المدران

أفليت يا بني طاغو راهم زاغوا قتلوا المشنوع بافراغوا ناس البهتان

صفا قتلوه بالزهدا قوم الاعدا أرذال الناس ذي نكدا كثرت الامحان

حين أن قتلو لنا صفا قالوا كفا فرحا وسرور ووفا بذا الثعبان

قطع راس مع يد بهم صدّ لابن الزهرا وميعاد يبغوا الإحسان

لما وصلوا البشّرا لابن الزهرا حصلت له يا بن عبرا وابقى زعفان

حين أوصل رأسه ويد زاد اكماد وابقى مردوف تنهد هذا السلطان

قاللهم ما هنا صنعا في الطمعا أفليت يالخداعا غير أبلامان

ما عندي ربح في موت كون أهديت مصطفى حين وجيت به تعيان

لو جيت لي البحثاوي حي مساوي نفرح ونزيد الازهاوي يحصل الأمان

وتعود الناس في خوا به الدوا ويزول الهم بالسوا وتزول أحزان

وتصير الناس في شرحا زهو وفرحا واقلوب الناس منطرحا جاهم رمضان

ويعود الصلح والفدا لا تحيذا ويكون الخير من وجدا لأرض الزبان

واطيع الناس مجموعا غيرا بساعا والحكم يكون بالصنعا تطفا النيران

والنصارى ايخاوونا ويهنونا والصلح يكون بيننا في كل امكان

الله الحد ذي شمتا قوم فليتا تقتل عالم النهتا صفا السجعان

حزني حزني على صفا زين الصفا ولد اسمعين ما يخفا ساكن مدران

كلي ماعش في الدنيا رهج العديا ما شاف أتراك ونديا هم الأعيان

حزني حزني على الرقبا مولا الرهبا صفا صنديد بوعذبا عز الفرسان

٢٠٩

عز الفرسان ما جاني راه أهداني أكثر همي وتشطاني من ولد فلان

/ من بوعرنين بوهدبا وقعت غلبا من موته يا بني صعبا رحمه رحمان

ابقا عرش مع ناس في تدناس واقراره كامل انطمس كلي مكان

مركاح الناس في الشدا سور العمدا مولا النطحا مع الهدا سبع الافتان

صفا صفا ابن الوكدا ناس الشدا أهل أقواطين مقصودا ناس الزنزان

ضيمي ضيمي على سبعي يا تبوعي صفا المشنوع بالنفع وامس دكان

ضيمي ضيمي على الرقبا زين الركبا صفا قلاع للغلبا منه حيران

ضيمي ضيمي على صفا زين العلفا إذا هو ابني يلفا تبقي دكان

ضيمي ضيمي على الجيد رآه المرمد ولد اسماعيل بو والجد عاش مدران

أفليت به كشاعوا عاد ارتفعوا قتلوا صفا الي سمعوا عابوا ما كان

الله الحد مادرت يا من جيت ولصفا قاع خليت بيد العديان

امحمد يالمزاري زهو أبصاري عمك متروك في القفر نحك ما كان

طل طل المزاري يا جبار خلاص انقام متحذري رهبت الأعيان

ارجع بركاك من حجك واعمل جهدك واقطع الكل لا تترك حتى النسوان

في افليت حط باوتاقك يا بن عمك واخلص الثار من عمك يا عال الشان

محمد يا بن يشكر ولد اقويدر ناس الخصلا أهل الحيمر عز العربان

محمد شاش يا بابا بين القومان يبكي ما شافشي صافا يجري لهفان

ومات رحمه‌الله بعد الظهر بالمريرة التي بغابة سيدي حراث ، بالعقبة البيضا المحاذية للعشبة الكبيرة التي ببلاد الرقايقية ذات الاكتراث ، وهم بأرض منداس ، التي حصل بها الهم الجزيل وصارت الناس بموته في الأحداس ، وتأسف لفقده كل من له معرفة به من النصارى والمسلمين حتى الأمير. وحل بالجنرال أبي هراوة من الغضب ما حل إلى أن صار على فليتة في الغيظ الكبير. ثم كتاب الجنرال أبو هراوة للجنرال تيري بوهران وقال له تعلم كافة الدواير والزمالة وسائر المخزن بأنه صار عليهم بموضع المرحوم آغة محمد بن البشير ، وتأمر أبناء عمه وكافة المخزن بأني لا أحب واحد منهم لما تركوا سيدهم بأرض العدو وغنموا سلامة أنفسهم بالفرار. وذهب الجنرال للنواحي الغربية ليهدن روعتها ويمهدها بسائر الأقطار.

ثم إن الأمير لما رأى الجنرال توجه للناحية الغربية هجم بجيشه على الأحرار ، وسبا (كذا) لهم جميع ما يملكونه وتركهم في حاله الأشرار ، وذلك في

٢١٠

ثامن جوان سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق لثالث رجب سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (٢٣٩).

ولما اتفق قدوم الحاج المزاري من الحج بأثر موت عمه مصطفى بن إسماعيل ولته الدولة بمحله بل بموضعه في القول الراجح الشهير. وجعل عليه خليفة ابن عمه محمدا بالبشير.

ثم أمر الجنرال الكبير ، المخزن بالخروج من وهران والإتيان عنده بلا أخبية ولا يرجعون إلا بأخذ الثأر ، وإزالة اللوم والعار ، والأفهم من جملة النائبة أهل المذلة والنية الخائبة. فامتثلوا أمره وخرجوا تحت رئاسة آغة الحاج المزاري القادم من حجة يوم موت عمه مصطفى في قول التماري ، في ثالث عشر جوان سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق لسابع رجب سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (٢٤٠) ولحقوا به وهو في الرحوية من بلاد فليتة ، وجزموا بأن لا يدعوا لأحد منهم تفليتة. وكان الأمير نازلا بالكرايش ثم نزل ومعه الكرايش وفليتة وحلوية برهيو ، وهم في صولة عظيمة لا عبرة لهم بمحلة الدولة ومخزنها بغاية الترهيو.

وحصل القتال الشديد في ذلك اليوم ، وظهرت من الحاج المزاري الشجاعة التي أزال بها للعار واللوم ، وأتبعه المخزن في فعله بغاية المراد ، وظفر بالعدو وهو في الازدياد. وقد كان العدو حمل أمتعته على الإبل وقاوم المحلة بما أراد ، فخيب الله له ما تمنى وأراد ، وصارت أمواله صارخة. ومن شدة القتل عادت نائخة. وكان رجل في غاية الشجاعة على فرسه وهو كبير بني لومة ، ومعه آخرين في غاية الشجاعة التي صيرتهم عدومة. يقاتل وهو حصن العدو المنيع وكهفهم الحصين المنجي لهم من التوقيع ، فلاقت عليه خمسة فوارس من الدواير في ميدان المعركة بغاية التلاق ، وهم محمد بالبشير ، والسيد محمد بن داوود آغة. والسيد أحمد ولد قادي باش آغة ، وبن عودة بن إسماعيل ، والحاج قدور بالشريف الكرطي ، وصار بينهم كثعلب بين السلاف ، إلى أن قتله باش آغة

__________________

(٢٣٩) ٨ جوان ١٨٤٣ يوافقه ١٠ جمادى الأولى ١٢٥٩ ه‍ ، وليس ٣ من شهر رجب.

(٢٤٠) ١٣ جوان ١٨٤٣ م يوافق ١٥ جمادى الأولى ١٢٥٩ ه‍ وليس رجب.

٢١١

المذكور. وبموته دخل الرعب قلب العدو وساعده الفرور. فغنمت أموالهم وأتلادهم ، وسبيت نساؤهم وأولادهم. ومات منهم خلق كثير. ومات من المخزن ثمانية فوارس ما بين الدواير والزمالة منهم قائدان قول شهير. فحصل في ذلك اليوم للمخزن من الجنرال وأعيان الدولة الثناء الكبير. وبالغوا في شكر المزاري بجيشه وحل بالمخزن المدح الكثير ، قائلا لهم الجنرال هكذا أيها المخزن نعرفكم لما أشفيتم لنا ولأنفسكم العليل ، وأبردتم لنا ولكم الغليل ، وأخذتم الثأر فيمن تسبب في هلاك أبينا وأبيكم مصطفى بن إسماعيل ، الذي لحقنا الحزن منه بجزئه وكله ، وسنجدد الانتقام من العدو لأجله. ثم انتقلت المحلة ونزلت بالكرايش ، وكانت دائرة الأمير نازلة في الرشايقة من بلاد أولاد خلوف لحمل أثار الأحرار الباقية بمحل المعركة بغاية الترايش. وفي رابع جليت من السنة المسطورة ، الموافق للثامن والعشرين من رجب من السنة العربية المذكورة (٢٤١) ، نزلت المحلة بتيارت وسمعت بأن البعض من محلة الأمير أتوا لأخذ حب المطامير الذين هم للمذعنين. فركب المخزن ذو الغل والحقد على قاتل مصطفى ، والسرسور واتبعوهم إلى أن جاوزوهم اللوحة وأوصلوهم لسيدي العابد بالتبيين ، وقتلوا منهم أكثر من مائة وخمسين فارسا ، وغنموا مائة وتسعة عشر من الخيل أغناما حارسا ، ووقف الجنرال أبو هراوة هناك على ربوة / وعرض عليه رايس المخزن الحاج المزاري الخيول المغنومة فصففت أمامه في صحيح المنقول. ولما تأمل فيها بتمامها نزل من فوق فرسه للأرض وأمر المخزن بالنزول ، ثم قام فيهم بنفسه في الحين خطيبا ، رافعا لصوته ترغيبا لهم وتطريبا. وقال أيها المخزن السادات الكرام ، الشجعان الفرسان العظام ، يا جملة مخزن الدواير والزمالة ومن انخرط فيكم ، أنتم سادات الناس وليس لنا شك فيكم. فإني ما أمرتكم أن تأتوا بلا أخبية إلا لتأخذوا من العدو القاتل لمصطفى ثأركم ، وتزيلوا عنا وعنكم العار الذي حل داركم. وذلك مما هو واجب علي أن آمركم به وأعمى عنكم البصر لكون مصطفى قد أحزن الجميع ، وهو الذي دوخ الوطن ولو لا هو وابن أخيه بكم لم يكن لنا أحد بالمطيع. وقد لحقني لأجله الغضب

__________________

(٢٤١) ٤ جويلية ١٨٤٣ يوافق ٦ جمادى الثانية ١٢٥٩ ه‍ وليس ٢٨ رجب.

٢١٢

والغيظ الشديد ، الذي زادنا بفقده ترادف الهم العتيد. وما تكلمت معكم به إلا لما نعرفه فيكم من الحماسة والبسالة ، لكونكم لستم من أهل الجبن والجزاعة المفضية للبطالة ، فغرضي بذلك أن أحرك لكم الإنافة باعلا (كذا) الأنوف ، لتموتوا عن آخركم أو تخلفوا الثأر بغاية القتال الكائن بالبنادق والسيوف. ولما خلفتم الثأر وأزلتم عنا وعنكم البخس والعار. فقد زال غضبي ، وذهب عطبي ، فإنكم اليوم عند الدولة بأعيانها في غاية العز والمكانة العالية أكثر مما كنتم فيه. وذلك شأن الرجال في مكائد الحروب السجالية فعليكم بالصبر على قضاء الله تعالى بالحكم له وحده منفرد به في ملكه وهو المتصرف فيه ، وأن الموت لازمه لكل مخلوق ، والفراق لا يخلوا (كذا) منه مخلوق.

قال الشاعر :

ومن لم يمت بالسيف مات بغيره

تعددت الأسباب والداء واحد

وفي اليوم المذكور وهو رابع جليت (كذا) سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف الموافق للثامن والعشرين من رجب سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (١) تلاقى الجنرال بورجلي بالشريف بن عبد الله المتريس على الجيش الكثير في غيب زمورة ، فحصل القتال الذارع بين الفريقين وانهزم بن عبد الله بجيشه بعد ما قتل منه الكثير وصارت حالته مدمورة. ثم في الرابع عشر من جليت (كذا) الموافق لثامن من شعبان (٢٤٢) اجتمعت المحال مع محلة الجنرال أبي هراوة بفرطاسة ، وتفرقت على غيب قربوسة وفليتة وأوديتها للتفتيش على العدو صاحب الحالة الغطاسة. فخرج الدواير والزمالة في الشرفة وأولاد سيدي يحيى وأولاد سيدي الأزرق ، فأسرفوا فيهم بالقتل وسبوا من نسائهم وأولادهم نحو الألف نسمة وأثخنوا فيهم إلى أن أذعنوا بالطاعة في القول المحقق ، وذهبوا بالسبي في عشرين جليت (كذا) الموافق لرابع عشر شعبان لوهران ، وذهب الأمير للناحية الغربية بالاتقان. وفي الحادي والعشرين من جليت الموافق لخامس عشر شعبان ، تلاقى به الكولونيل جيري بعيوت البرانس ووقع بينهما القتال بغاية ما

__________________

(٢٤١ م) ٤ جويلية ١٨٤٣ يوافق ٦ جمادى الثانية ١٢٥٩ ه‍ وليس ٢٨ رجب.

(٢٤٢) ١٤ جويلية ١٨٤٣ م يوافق ١٦ جمادى الثانية ١٢٥٩ ه‍ ، وليس شهر شعبان.

٢١٣

كان. فقتل منه الكولونيل مائتي وإحدى وخمسين رجلا منهم واحد مترجلا والباقي فوارس ، وأسر أربعة رجال وسبا (كذا) له جميع الزاد ومائة وإحدى / وعشرين فرسا من خيل الفوارس.

ولما رأى الأمير ذلك تقدم لغريس في اثنا عشر مائة مقاتل ثلثها رواجل ، وثلثها فوارس في غاية التواجل ، ما بين أنقاد والجعافرة وبني مطهر ، وهجم بهم على الحشم الذين بإزاء المعسكر ، وهم نحو السبعة دواوير في حكم آغة بالمصابيح ، ثم زاد إلى دخل (كذا) العرقوب وبابا علي في غاية التصاريح ، وحصل القتال بينه وبين أهل البلاد إلى أن أجلوه للكرط بالاحتكام ، ثم زاد للعسة التي تخدم في القنطرة والمدينة بواد الحمام ، فأثخن فيهم بالقتل الشديد ، إلى أن ترك الموتى أكواما بغير المزيد ، وجملة من بالعسة مائتان وخمسون نفرا ، فلم ينج منهم إلا من أطال الله عمره جهرا. وكان ذلك في السادس والعشرين من جليت (كذا) سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق لعشرين من شعبان سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (٢٤٣) وفي اليوم السابع والعشرين من جليت (كذا) الموافق للحادي والعشرين من شعبان ذهب الجنرال أبو هراوة بمحلته والمخزن أمامه كأنهم العقبان إلى أن دخل بحلوية واجتمع بالقبرنور بأعلا (كذا) رهيو فجالوا في بني وراغ وجبال وانسريس بالتحرير ، وأذعن لهم بنوا مسلم والشكالة وحلوية والكرايش وجميع الأعراش التي هي في مصادقة الأمير قال وبعد واقعة واد الحمام ذهب الأمير للجعافرة واستقر ، وصار يغتنم الفرصة إذا ألفاها وافتقر ، واشتغل الجنرال بترتيب الأعراش وإدخالهم إلى التل وصير محمد بالحضري الملازم له آغة على الأحرار بالمرتل قال وفي أوائل أوت الموافق لأواخر شعبان وأوائل رمضان (٢٤٤) ذهب من عند الجعافرة الأمير بجيشه إلى المرابطين أهل المسيد الذين بملغيغ ثم زاد للعين الصفراء بتاسلة وهو في التفريغ فسمع الكلونيل تمبور ليلا ببلعباس فخرج له بجيشه وقاتله إلى أن هزمه وقتل منه كثيرا

__________________

(٢٤٣) ٢٦ ـ ٢٧ جويلية ١٨٤٣ يوافق ٢٨ و ٢٩ جمادى الثانية ١٢٥٩ ه‍ ، وليس شعبان. فالفرق شهران تقريبا.

(٢٤٤) أوائل أوت ١٨٤٣ م يوافق أواخر رجب وأوائل شعبان ١٢٥٩ ه‍.

٢١٤

وبقتاله لزمه. ولما بلغ الخبر للدواير والزمالة خرجوا فورا من وهران ونزلوا بالجرف الأحمر بتليلات ، رائمين القتال الذين يصلو به لأعلى (كذا) الدراجات وفي سادس عشر أوت الموافق لثاني عشر رمضان (٢٤٥) أتاهم الأمر بالذهاب ببلعباس ليكون أمام محلة الجنرال بيدو التي أتت من تلمسان فذهبوا وتلقوا بزيتوني أبي شارب خليفة الأمير على الجعافرة بوادي سفيون ووقع القتال إلى أن أسروه بنفسه وقتلوا منه كثيرا وفر الباقي في حال المغبون.

وأذعن دوي ثابت والأقل من الجعافرة وفرّ الكثير بعدما أخذوا ما بمطامير التل من الحب وحرق التبن في القول الشهير. وفي هذا اليوم نفسه خرج ستمائة فارس من المخزن في الجعافرة بواد الخشيبة المتخرج من سفيون ، فأثخنوا فيهم بالقتل وغنموا غنمة كبيرة وأتوا بالسبي للمخزن فكفاهم الجنرال مكافئة على ذلك بما هو مكنون. وحصل الثناء الجميل للمخزن على فعله ، وما ذلك إلا لكون الفرع في الخصال تابع لأصله. وفي العشرين أوت الموافق للسادس عشر رمضان (٢٤٦) نزلت المحلة بحسيان تود موت ، وتلاقت بالعدو فقاتلته كثيرا إلى أن هزمته وسبت منه كثيرا وأتت بعدة أسارى والزاد في المثبوت. وفي السادس والعشرين من أوت الموافق للثاني والعشرين من رمضان (٢٤٦) خرج الجنرال لموريسير بمحلته / فلقي محلة من محال الأمير التي كانت نازلة بوادي بربور. فقاتلها إلى أن قتل منها كثيرا وغنم أخبيتها وسائر بارودها وسلاحها وكسوتها وغير ذلك من أمتعتها وصار بفرح وسرور. وأما الأمير فإنه ذهب بالمحلة التي كانت معه إلى الحساسنة وهجم على محلة الكلونيل جيري باشتهار ، فقاومته تلك المحلة كثيرا وأثخنت فيه بالقتل والسبي إلى أن رجع إلى الفرار وخلص في تلك الواقعة من الدخول في الحبالة ولما رأى ذلك وتحقق بأنه وإن طال أمره لا بد من وقعة في الحبالة ، وبعث إلى جيشه الذي كان تحت رئاسة خليفته السيد محمد بن علال أحد أولاد سيدي علي بن مبارك الشجاع المشهور. وكان هذا الخليفة يحب الصلح مع الدولة كثيرا وليس كأهل الشرور. وفي السابع عشر

__________________

(٢٤٥) ١٦ أوت ١٨٤٣ م يوافق ٢٠ رجب وليس رمضان.

(٢٤٦) ٢٠ أوت ١٨٤٣ يوافق ٢٤ رجب ، و ٢٦ أوت يوافق ٣٠ رجب ١٢٥٩ ه‍.

(٢٤٦) ٢٠ أوت ١٨٤٣ يوافق ٢٤ رجب ، و ٢٦ أوت يوافق ٣٠ رجب ١٢٥٩ ه‍.

٢١٥

ستانبر (كذا) سنة ثلاث وأربعين ومائتين وألف (كذا) الموافق للرابع عشر من شوال سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (٢٤٧) خرج الجنرال لمورسير أبو هراوة بمحلته من وزغت قاصدا لليعقوبية دون علم له بالمحال التي فيها الأمير نازلا بفوفط من أرض اليعقوبية فتركها الأمير إلى أن وصلت لسيدي يوسف وحلت بالوعر ، هجم عليها في أربعمائة فارس مقاتل في المشتهر وأثخن فيها بالقتل الشديد سيما من السرسور فإنه أفشا (كذا) فيه بما ما له من مزيد ، وغنم من المحلة ما ليس له إحصاء ، ولا انتها (كذا) ولا استقصاء ، وأخذ عددا كثيرا في أسره وفرح بنهيه وأمره. ولما رأى رجل من المحلة الجنرال يقال له اسكوفي من أهل الزمار ، ما وقع بالمحلة وتفرقه وموته وحلوله بالايسار ، وضرب زماره على باقي الجيش ، وهو في الافتراق والطيش فاجتمع وهجم على الأمير ، وقاتله إلى أن قتل منه كثيرا ومن جملة القتلى ابن خليفته ابن عبد الباقي الذي مات بالنوحة ورجلا كبراء الحشم الغرابة بالتحرير ، يقال له أبو زيان ولد باسيت ، وأخذ للأمير لواءه وصار في التشاتيت. وذهب الأمير في ثلاثة مائة فارس وترك بقية جيشه مع المحلة التي في رئاسة السيد محمد بن علال مفترقة في غيب اليعقوبية في صحيح الأقوال ولم تصل محلة الجنرال إلى سبدو إلا في عشرين من ستنمبر (كذا) الموافق للسابع عشر من شوال في القول المتحابر (٢٤٨).

ولما رأت الدولة ذلك خرجت في محلتين إلى المعسكر إحداهما (كذا) تحت رئاسة الجنرال تمبور والأخرى لنظر الكولونيل جيري في المشتهر ، لاتباع الأمير حيث كان وقضاء نحبه بالسر والإعلان وكان الكولونيل جيري هو الذي خرج بجيشه أولا وحيث رأى الخليفة بن علال ذلك التجأ إلى غيب الحساسنة فرجع الكلونيل جيري للمعسكر وأعقبه الجنرال تمبور ولحقه القبرنور جنرال الذي قدم لامتحان المحال في المشهور. وكان ذلك في خامس نوفمبر (كذا) بالتحقيق ، الموافق لرابع ذي الحجة بالتوفيق (٢٤٩) ولما سمع الأمير باتباع المحال

__________________

(٢٤٧) ١٧ سبتمبر ١٨٤٣ يوافق ٢٢ شعبان ١٢٥٩ ه‍ ، وليس شوال.

(٢٤٨) ٢٠ سبتمبر ١٨٤٣ يوافق ٢٥ شعبان وليس شوال.

(٢٤٩) ٥ نوفمبر ١٨٤٣ يوافق ١٢ شوال. و ١١ نوفمبر يوافق ١٨ شوال ، وليس ذو الحجة.

٢١٦

لخليفته بن علال ، أتاه وذهب به إلى قور أنقاد فيما يقال وكانت محلة المعسكر في أثرهم فاجتمعت بمحلة الخليفة بن علال في الواد المالح. وحصل القتال الشديد بين الفريقين بالقتل الذي وقعت به شدة المنايح / ومن تلك الواقعة لم يظهر للأمير خبر بالبيان إلا بواقعة بني اهذيل بنواحي تلمسان. وكانت واقعة الواد المالح في حادي عشر نوفمبر (كذا) سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة وألف الموافق لعاشر ذي الحجة سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (١).

وفيها مات الخليفة ابن علال واجتز رأسه وأوتي به لوهران في شكارة من الجلد فيما يقال. فطرب الجنرال أبو هراوة لما رأى رأس الرجل المحسن فتأسف كثيرا ، وقال هذا واحد من الأصدقاء الراغبين في الخير من جيش الأمير قد صار ميتا حقيرا.

قال ثم انتقل الأمير بدائرته من مسيون ونزل بطاعة سلطان المغرب مولاي عبد الرحمان ، وصار يشن الغارات على أهل المغرب الأوسط في كل وقت ومكان. وكان الجنرال تمبور في ذلك الوقت بمحلته غازيا على الجعافرة الذين بسيدي خليفة ، ومسلطا عليهم بقصد الإذعان في القولة المنيفة. كما كان الجنرال بورجلي بمحلته محاصرا فليتة ، ومدوخا لهم بحسب الكفاية إلى أن لم يدع لهم تفليتة ، والجنرال بيدو محاصرا للقبائل الذين بتافنة وهم معه في العذاب الشديد والعافنة.

ثم إن آغة الحاج المزاري سأل من الدولة التقاعد ، فوافقه القبرنور جنرال على ذلك وعين له خراج وصار في بيته مقبول القول مسموع الكلمة مطاع الأمر في جميع التراصد. وحصل البغض بين قرابته على التولية بمحله فلم تعطي لواحد منهم وجعل بها فسيانا يقال له فلصة سزاري لكي لا يقع الخلل بسبب ذلك منهم.

ثم خرجت المحلة من وهران لنظر القبطان المذكور ومعه من المخزن المؤيد بالفتح قاصدا محلة الجنرال بيدو بتافنة في المسطور. ثم محلة من

__________________

(٢٤٩ م) نفس تاريخ الهامش السابق.

٢١٧

تموشنت (كذا) فيها ستمائة فارس وأجمعوا في أمرهم إلى أن وصلوا لمحلة الجنرال بيدو بغاية البيان فقاتلوا ولهاصة قتالا ذريعا إلى أن رجعوا إلى الإذعان. وفر عنهم البوحميدي خليفة الأمير وتركهم حيارى في ترك التدبير. فأحسنت الدولة لهم في غاية الإحسان وندم ولهاصة على ما صدر منهم وجدوا في الإذعان وقد تلاقوا معهم بتافنة بالموضع المسمى بأبي روبية ولو لا تأخر الدولة عنهم لتلاشوا في الحروبية. وقد حصل الثناء الجميل بالمخزن في هذه المعركة ، التي صارت بها ولهاصة وغيرهم في المتركة. وكانت هذه المقاتلة في الخامس والعشرين من ديسمبر من السنة المسحية المذكورة الموافق للخامس والعشرين من محرم سنة ستين ومائتين وألف في القولة المشهورة (٢٥٠) وفي شهر جانفي سنة أربع وأربعين وثمانمائة وألف الموافق لصفر سنة ستين ومائتين وألف (٢٥٠) أخذ غانم بن فريحة آغة بني عامر الشراقة ، وبعث مسجونا لافرانسا مدة ثم سرح في القولة البراقة.

قال وصار الدوك دومال في هذه السنة مشتغلا بتدويخ الجهة الشرقية من بر الجزائر. وتقاتل كثيرا مع خليفة الأمير محمد الصغير بتلك النواحي سيما ببسكرة إلى أن أخرجه من الزبيان في قولة الحاذق لا الحاير. واشتغل الجنرال ماري بالمقاتلة بتلك النواحي إلى أن وصل غربي عين مهدي (٢٥١) من تلك الضواحي كما كان المرشال مقاتلا لخليفة الأمير وهو ابن سالم ، وزاد إلى أن دخل على / زواوة بجرجرة ونال للمغانم. وبعد معركتان كبيرتان (كذا) أذعن له من بيمين يسر إلى الصفصاف ودخل في الطاعة وزال ما به إلى الاختلاف. قال ولنرجع بالكلام إلى الجهة الغربية بالتحقيق ، فإن الأمير لما دخل طاعة المغرب واستقر بدائرته ذات التصديق ، وكان جملة جيشه ثلاثة آلاف ومائتان وأربعة عشر مقاتل ، شن الغارة على أولاد سليمان إحدى بطون بني عامر للتقاتل وذلك في جانفي سنة أربع وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق لصفر سنة ستين ومائتين وألف (٢٥٠). وفي أول ماي من السنة المذكورة ، الموافق للخامس جمادى الثانية من السنة

__________________

(٢٥٠) ٢٥ ديسمبر ١٨٤٣ م يوافق ٣ ذو الحجة ١٢٥٩ ه‍ وليس محرم ١٢٦٠ ه‍. وشهر جانفي ١٨٤٤ م يوافق ذو الحجة ١٢٥٩ ه‍ ، وليس صفر ١٢٦٠ ه‍.

(٢٥٠) ٢٥ ديسمبر ١٨٤٣ م يوافق ٣ ذو الحجة ١٢٥٩ ه‍ وليس محرم ١٢٦٠ ه‍. وشهر جانفي ١٨٤٤ م يوافق ذو الحجة ١٢٥٩ ه‍ ، وليس صفر ١٢٦٠ ه‍.

(٢٥١) لعله عين ماضي.

(٢٥٠) ٢٥ ديسمبر ١٨٤٣ م يوافق ٣ ذو الحجة ١٢٥٩ ه‍ وليس محرم ١٢٦٠ ه‍. وشهر جانفي ١٨٤٤ م يوافق ذو الحجة ١٢٥٩ ه‍ ، وليس صفر ١٢٦٠ ه‍.

٢١٨

المسطورة (٢٥٢) ، ضربت محلة الدولة مدافعها في خراب الرومان وهو المسمى بلالة مغنية في هذا الزمان ، وكان ذلك اليوم عند المحلة هو عيد السلطان وأسست به مدينة سميت باسم المراءة التي كانت به ساكنة وهي لآلة مغنية البلاحية ذات البركة الظاهرة والكامنة. وقررت حدود إقليم الجزائر الذي في طاعتها وأسسته لرواج براعتها وكان من الجهة الشرقية مملكة باي تونس ، ومن الجهة الغربية مملكة سلطان المغرب الذي آخره ضريح سيدي يحيى بن تونس.

وفي ثالث العشرين ماي من تلك السنة الموافق للسابع والعشرين من جمادى الثانية من سنته المبنية (٢٥٣) بعث قائد وجدة وهو السي علي القنواي جسوسا من عنده ليحقق له الخبر على البناء بالخراب المذكور ، لقربه من وجدة على نحو الستة عشر كيلومتر (كذا) في المسطور. وفي ثلاثين ماي الموافق للخامس رجب (٢٥٣) غزت بغتة محلة المغاربة على محلة الدولة التي كانت بمغنية فتلقتهم المحلة بغاية المنال ولما رأت المغاربة ذلك رجعوا لمحلهم ولم يحصل بين الفريقين قتال. ولما سمع القبرنور جنرال لذلك وهو بجرجرة أتى فورا لوهران وخرج منها في السابع جوان الموافق للثالث عشر من رجب للبيان (٢٥٤) بمحاله ومعه أربع مائة فارس مقاتل ما بين الدواير والزمالة. وجد السير إلى أن وصل لمغنية في ثلاث عشر جوان الموافق للتاسع عشر رجب بغاية الزمالة. وفي الخامس عشر من جوان الموافق للحادي والعشرين من رجب (٢٥٤) اجتمع قائد وجدة بالجنرال بيدو بغرب وادي المولحة بقرب سيدي عزيز وحصل الكلام بينهما على الصلح فلم يتم وتكلم البرود من عند المغاربة الذين بمحلة المأمون لغاية التبريز ووقعة الملحمة العظمى بين الفريقين التي بقيت بها القتلى قوتا للوحوش والطيور. وأثنا (كذا) القبرنور في ذلك اليوم على المخزن الثناء الجميل الذي في غاية السرور. وفي التاسع عشر من جوان الموافق للخامس والعشرون من رجب (٢٥٤) دخلت محلة الدولة وجدة بغير قتال ، وقد انجلا (كذا) أهل وجدة

__________________

(٢٥٢) أول ماي ١٨٤٤ يوافق ١٢ ربيع الثاني ١٢٦٠ ه‍.

(٢٥٣) ٢٣ ماي ١٨٤٤ م يوافق ٥ جمادى الأولى ١٢٦٠ ه‍ و ٣٠ ماي يوافق ١٢ جمادى الأولى.

(٢٥٣) ٢٣ ماي ١٨٤٤ م يوافق ٥ جمادى الأولى ١٢٦٠ ه‍ و ٣٠ ماي يوافق ١٢ جمادى الأولى.

(٢٥٤) ٧ جوان ١٨٤٤ م يوافق ٢٠ جمادى الأولى ١٢٦٠ ه‍ و ١٥ جوان يوافق ٢٨ جمادى الأولى.

و ١٩ جوان يوافق ٢ جمادى الثانية.

٢١٩

لسيدي ماخوخ في تحقيق المقال ثم رجعت المحلة للناحية البحرية واختطت مدينة الغزوات ، لأنها مجمع الطوق الآتية من وجدة ومغنية وندرومة بالإثبات والآتية من بني يزناسن وسيدي أبي جنان ، لترسّ (كذا) بها المراكب البحرية الآتية من كل وقت وزمان وبعد ذلك دخلت المحال في أول جليت (كذا) الموافق لسابع شعبان (٢٥٥) لوهران. وفي ثالث جليت الموافق لتاسع شعبان هجم المغاربة على المحلة التي بمغنية فوقع بين الفريقين شديد القتال آل فيه الأمر إلى انهزام المغاربة بعد ما مات بينهم كثير وذهبوا / في أرذل الحال. ولما رأى المريشال ذاك قال لا يليق لهؤلاء إلا المخزن المقيم بوهران ، لشجاعتهم ومعرفتهم بالأرض وما فيها من الطرق والبلدان ، وأمر بقدومهم لمغنية من وهران. وفي اليوم التاسع عشر من جليت (كذا) سنة أربع وأربعين وثمانمائة وألف الموافق للخامس والعشرين من شعبان سنة ستين ومائتين وألف (٢٥٥) اجتمع المخزن بالمريشال في مغنية ، وجال جولة حصلت بها راحة وتهنئة ولما سمع القائد الجديد بوجده وهو سي أحميدة بقدوم المخزن خشي من الحركة عليه صار يكاتب الدولة بأن سلطان المغرب يروم الصلح وتكرر منه ذلك لتحصل العافية في زعمه إليه لكن المخزن قال للدولة أن هذه المكاتب لا أساس لها وأنها هي مبنية على الغش والخديعة وغرض القايد بذلك الاجتماع بالجيوش المغربية السلطانية القادمة للزريعة لا لسد الذّريعة.

قال فذهب المريشال لتدويخ امسيردة والسواحل ، وهو على بال من المغاربة وليس بالمغافل ، فبينما هو سائر وإذا به تلاقي بمحال المغاربة ، لنظر السيد محمد ولد سلطان المغرب بالجيوش القاطبة وحصل القتال الشديد بين الفريقين بموضع يقال له واد سلي ، فصار المغاربة في الضرار وصارت الدولة بمخزنها في غاية التخلي ، وسبيت محلة المغاربة سبيا جسيما وأخذت أخذا عظيما ، وحصل الثناء الجميل للمخزن الذي ليس عليه في ذلك اليوم من المزيد لكونهم قاتلوا شريفا وابن أمير كبير ولم يخشوا منه ولا حصلوا في التنفيد. وكانت

__________________

(٢٥٥) أول جويلية ١٨٤٤ يوافق ١٤ جمادى الثانية ١٢٦٠ ه‍ و ٣ جويلية يوافق ١٦ جمادى الثانية.

ويوم ١٩ جويلية يوافق ٣ رجب.

٢٢٠