قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

رحلة ابن بطوطة [ ج ٣ ]

126/255
*

وبنجالة ، فلما استشهد الخان الشهيد جعل السلطان بلبن العهد إلى ولده كي خسرو وعدل به عن ابن نفسه ناصر الدين ، وكان لناصر الدين أيضا ولد ساكن بحضرة دهلي مع جده غياث الدين يسمّى معز الدين وهو الذي تولّى الملك بعد جده في خبر عجيب نذكره ، وأبوه إذ ذاك حيّ كما ذكرناه.

ذكر السلطان معز الدين بن ناصر الدين بن السلطان غياث الدين بلبن :

ولما توفي السلطان غياث الدين ليلا ، وابنه ناصر الدين غائب ببلاد اللكنوتي ، وجعل العهد لابن ابنه الشهيد كي خسرو حسبما قصصناه كان ملك الأمراء نائب السلطان غياث الدين (٢٨) عدوّا لكي خسرو فأدار عليه حيلة تمت له ، وهي أنه كتب بيعة دلّس فيها على خطوط الأمراء الكبار بأنهم بايعوا معز الدين حفيد السلطان بلبن ودخل على كي خسرو كالمتنصّح له فقال له : إن الأمراء قد بايعوا ابن عمك وأخاف عليك منهم فقال له : كي خسرو : فما الحيلة؟ قال أنج بنفسك هاربا إلى بلاد السند ، فقال : وكيف الخروج والأبواب مسدودة؟ فقال له : إن المفاتيح بيدي وأنا أفتح لك ، فشكره على ذلك وقبّل يده ، فقال له: اركب الآن ، فركب في خاصته ومماليكه وفتح له الباب وأخرجه ، وسدّ في أثره ، واستأذن (٢٩) على معز الدين فبايعه ، فقال : كيف لي بذلك وولاية العهد لابن عمّي؟ فأعلمه بما أدار عليه من الحيلة وبإخراجه فشكره على ذلك ، ومضى به إلى دار الملك وبعث عن الأمراء والخواص فبايعوه ليلا ، فلما أصبح بايعه سائر الناس ، واستقام له الملك.

وكان أبوه حيا ببلاد بنجالة واللّكنوتي ، فاتصل به الخبر ، فقال : أنا وارث الملك ، وكيف يلي ابني الملك ويستقلّ به وأنا بقيد الحياة؟ فتجهز في جيوشه قاصدا حضرة دهلي وتجهز ولده في جيوشه أيضا قاصدا لمدافعته عنها فتوافيا معا بمدينة كرا (٣٠) ، وهي على ساحل نهر الكنك الذي تحج الهنود إليه ، فنزل ناصر الدين على شاطئه مما يلي كرا ونزل ولده السلطان معزّ الدين مما يلي الجهة الأخرى والنّهر بينهما وعزما على القتال ، ثم إن الله تعالى أراد حقن دماء المسلمين فالقى في قلب ناصر الدين الرحمة لابنه ، وقال : إذا ملك ولدي فذلك شرف لي وأنا أحقّ أن أرغب في ذلك ، وألقى في قلب السلطان معز الدين الضّراعة لأبيه

__________________

(٢٨) يتعلق الأمر بفخر الدين كتوال (kotual) (رئيس الشرطة) في دهلي.

(٢٩) كي خسرو كان قد غادر دهلي ليعوّض والده ، وعند وفاة بلبن وجد نفسه في ملتان عاصمة بلاد السند.

(٣٠) ناصر الدين لا يظهر أنه تعرّض لامتحانات المملكة ، بيد أنه أمام الفتن التي شنت في دهلي بعد تنصيب معز الدين كيقباد اعتقد أن من واجبه أن يتدخل ، وكان اللقاء أوائل صفر ٦٨٧ ـ أواسط شهر مارس ١٢٨٨ على سواحل وادي (كاغرا) من روافد نهر الكانج في منطقة (الله أباد) ببنغلادش.