تقويم البلدان

عماد الدين إسماعيل [ أبي الفداء ]

تقويم البلدان

المؤلف:

عماد الدين إسماعيل [ أبي الفداء ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-304-7
الصفحات: ٥٧٥

الكلام على البحيرات

البحيرة والبطيحة : بمعنى واحد وهي المياه المجتمعة التي هي في القدر دون البحار المذكورة ، والبحيرات من الكثرة على وجه لا ينحصر ، ولم ينقل في الكتب إلا بعضها فمنها : البطيحتان اللتان هما جنوبي خط الاستواء ومنهما نيل مصر وهما بطيحة غربية عند طول خمسين ، والعرض : سبع درج جنوبي خط الاستواء ويدخل إليها خمسة أنهار تنحدر من جبل القمر وهي أصل نيل مصر على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.

وبطيحة شرقية في جنوبي خط الاستواء ومركزها عند طول سبع وخمسين وعرض سبع درج عن جنوبي خط الاستواء ، وهي شرقي البحيرة الغربية المقدم ذكرها ويدخل إلى كل واحدة من البطيحتين المذكورتين خمسة أنهار تنحدر من جبل القمر على ما سيجيء وصفه عند ذكر نيل مصر إن شاء الله.

بحيرة كورا عن ابن سعيد قال : وهي بحيرة على خط الاستواء ويخرج منها نيل مصر شمالا ونيل مقدشو مشرقا ونيل غانة مغربا ويستدير بجهتها الشرقية الجنوبية جبل يسمّى جبل المقسم ، ومن تحته يخرج نيل مقدشو ويدخل إليها الأنهار الآتية من البطيحتين المقدم ذكرهما.

وأما الشريف الإدريسي فقد حكى ما قاله ابن سعيد من خروج نيل غانة من بحيرة كورا المذكورة ، ثم قال وقد أنكر بطليموس ذلك وزعم أنه لا يخرج منها غير نيل مصر فقط ، وأن نيل غانة مخرجه من تحت جبل هناك ، وقال في كتاب رسم المعمور : إن هذه البحيرة ـ أعني بحيرة كورا ـ بطيحة مدورة عند خط الاستواء وقطرها جزءان ومركزها عند طول ثلاث وخمسين ونصف ، والعرض : صفر وقيل : درجتان شمالا فيكون جانبها الغربي ، حيث الطول : اثنتان وخمسون وجانبها الشرقي ، حيث الطول : أربع وخمسون بحيرة سودان

٤١

وهي بالمغرب الأقصى بين قصر عبد الكريم وبين سلا ، وهي بحيرة كبيرة.

بحيرة تونس العذبة : وهي بحيرة تجتمع من مياه الأمطار وعليها ربى مشرفة ويجتمع بها من أصناف الطير شيء عظيم بحيرة تونس الملح وهي بحيرة تخرج من البحر الملح من فم هناك وتتصل بتونس.

وتونس حيث الطول : اثنتان وثلاثون ونصف ، والعرض : ثلاث وثلاثون ونصف ودقيقة ، ويدخل إلى هذه البحيرة المراكب الصغار من البحر وبين ساحل هذه البحيرة عند تونس وبين فمها عند البحر عشرة أميال ودورها أربعة وعشرون ميلا وبهذه البحيرة جزيرة للفرجة.

وأما ساحلها المتصل بتونس فيجتمع بها الأقذار بحيرة الفيوم وهي بحيرة بقرب الفيوم يصب فيها فضلات ماء الفيوم ولا تخرج منها ، وفيها سمك كثير وطرفاء وأجام وهي عن الفيوم على نحو نصف يوم في جهة الشمال بميلة إلى الغرب وطولها شرقا بغرب نحو يوم وهي حلوة.

بحيرة نستروه : وهي بحيرة مالحة تخرج من البحر فيما بين إسكندرية ورشيد وهي في جهة الغرب والشمال عن رشيد ، وهي على دون مسافة يوم من رشيد ولهذه البحيرة فم من البحر المالح ولها خليج يأتيها من النيل من جهة رشيد ، وفي طرف هذه البحيرة جزيرة فيها قرية تسمّى نستروه وتنسب البحيرة إليها وليس لهذا القرية مزدرع بل جميع أهل نستروه إنما يعيشون من صيد السمك وليس في البحيرات بحيرة يبلغ ضمانها ما يبلغه بحيرة نستروه فإن ضمان سمكها يبلغ فوق عشرين ألف دينار مصرية وإذا توسطها الإنسان في المركب لا يرى شيئا من جوانبها ؛ لسعتها وبعد مركزها عن البحر.

بحيرة دمياط وتنيس : هما بحيرتان متصلة إحداهما بالأخرى ومتصلتان بالبحر المالح فبحيرة تنيس هي : البحيرة الشرقية منهما وبحيرة دمياط هي :

٤٢

الغربية ويصب فيهما بحر أشمون وهو النيل الشرقي من النيلين المتفرقين عند جوجر والمنصورة وبحيرة تنيس ودمياط متّسعة إلى الغاية وهي متّصلة بالبحر ويعذب ماؤها في زيادة النيل ويملح إذا نقص النيل وهي قليلة العمق يسار في أكثرها بالمرادي وتنيس في وسطها ، حيث الطول: أربع وخمسون ونصف ، والعرض : ثلاثون ونصف.

بحيرة زغر : وهي البحيرة المنتنة ويصب فيها نهر الأردن وهو نهر الشريعة ويغيض الماء فيها ولا يخرج منه شيء من الأنهر ؛ بل هي مغيض لتلك المياه العظيمة ولا يكون بها حيوان لا من الطير ولا من السمك ، وهي من آخر الغور من جهة الجنوب ودورها أكثر من مسيرة يومين ووسطها حيث الطول : تسع وخمسون درجة ، والعرض : إحدى وثلاثون.

بحيرة طبرية :وهي في أول الغور تدخل إليها الشريعة المنصبة من بحيرة بانياس إلى بحيرة طبرية ووسطها ، حيث الطول : ثمان وخمسون درجة ، والعرض : اثنتان وثلاثون وتنسب إلى طبرية وهي مدينة خراب على شاطئ البحيرة المذكورة من جانبها الغربي الجنوبي ودورها نحو مسيرة يومين وهي قرعاء ليس بها قصب.

بحيرة بانياس : وهي عند بانياس من معاملة دمشق وهي بطيحة ولها غاب قصب ويقلب فيها عدّة أنهار من جبال هناك ، ويخرج منها نهر الشريعة ويصب في بحيرة طبرية بحيرة البقاع : وهي مستنقعات وأهياش وأقصاب في جهة الغرب عن بعلبك على مسيرة يوم عنها.

بحيرة دمشق : في شرقيّ غوطة دمشق بميلة يسيرة إلى الشمال ، يصبّ إليها فضلة نهر بردا وغيره وتتّسع هذه البحيرة في أيام الشتاء ، واستغنى الناس عن الأنهر وتضيق في الصيف ، ولها غاب قصب وبها أماكن تحمى عن العدو

٤٣

وهي مشهوره.

بحيرة قدس : وهي بحيرة حمص طولها من الشمال إلى الجنوب نحو ثلث مرحلة وسعتها طول السدّ حسبما نذكره وهي مصنوعة على نهر الأرنط فإنه قد صنع في طرف البحيرة الشمالي سدّ بالحجر من عمارة الأوائل وينسب إلى الإسكندر ، وعلى وسط السد المذكور برجان من الحجر الأسود ، وطول السد شرقا وغربا : ألف ومائتان وسبعة وثمانون ذراعا ، وعرضه : ثمانية عشر ذراعا ونصف ذراع ، وهو حابس لذلك الماء العظيم ؛ بحيث لو خرب السدّ سال الماء وعدمت البحيرة وصارت نهرا وهي في أرض مستوية ، وهي عن حمص بعض يوم في غربيّها ويصاد بها السمك.

بحيرة الأفامية : وهي عدّة بطائح تفوت الحصر بين غابات من الأقصاب وأعظم تلك البطائح بحيرتان : إحداهما جنوبية والأخرى شمالية وماؤها من نهر الأرنط يصب هناك من جهة الجنوب فيصير منه تلك البطائح ، ثم يخرج النهر المذكور عند النهاية الشمالية لهذه البطائح والغابات والبحيرة الجنوبية من البحيرتين هي بحيرة أفامية وسعتها بالتقريب نحو نصف فرسخ ، وقعرها قريب دون قامة الإنسان ، وأرضها موحلة لا يقدر الإنسان على الوقوف فيها ويحيط بها القصب والصفصاف من كل جانب ، وفي وسطها جمم قصب وبردي ؛ ولذلك لا يكاد أن تنظر العين إلى جمعيها ؛ لأن الجمم التي بها تحجب بعضها ويكون بها وبغيرها من البطائح المذكورة من أنواع الطير مثل : التمات ، والغريرات ، والبجعات ، والأصواغ ، والإوز ، والطيور التي تأكل الأسماك مثل : الجلط ، والأبيضانيات ، وغير ذلك من طير الماء ما لم يكن مثله في شيء من البحيرات التي بلغنا خبرها ، وفي أيام الربيع ينبت بهذه البحيرة المذكورة النيلوفر الأصفر حتى يغطي جميعها بحيث يستر الماء عن آخره بورقه وزهره وتبقى المراكب سائرة بين ذلك النيلوفر.

٤٤

وأما البحيرة الثانية الشمالية : فبينها وبين البحيرة المذكورة غاب قصب وفيه زقاق يخرج فيه المراكب من البحيرة الجنوبية إلى الشمالية ، والبحيرة الشمالية المذكورة من عمل حصن برزية وتعرف ببحيرة النصارى ؛ لأن صيادين السمك بها نصارى ، ولهم بيوت على الخوازيق في شماليّ البحيرة المذكورة ، وتكون بقدر بحيرة أفامية أربع مرات ، ووسط بحيرة النصارى مكشوف وينبت النيلوفر في طرفيها الجنوبيّ والشماليّ وبها من الطير نحو ما تقدم ذكره وبها السمك المعروف بالإنكليس ؛ ولشهرة بحيرة أفامية وبطائحها اقتصرنا على هذه القدر من وصفها.

وهذه البطائح في الغرب بميلة إلى الشمال عن أفامية وقريبة منها فعرضها وطولها مقارب لعرض أفامية ، وطولها بحيرة أنطاكية وهي بحيرة بين أنطاكية وبين بغراس وبين حارم في أرض مستوية تعرف تلك الأرض بالعمق وهي من معاملة حلب على مسيرة يومين عنها في جهة الغرب ، ويقلب إلى هذه البحيرة ثلاثة أنهر تأتي من الشمال :

فأحدها : وهو الشرقي منها يقال له : عفرين ، والآخر وهو الغربي منها : يجري تحت دربساك ويقال له : النهر الأسود ، والآخر في الوسط بين النهرين المذكورين ويقال له : نهر يغرا ويغرا قرية على النهر المذكور وأهلها نصارى ودور هذه البحيرة نحو مسيرة يوم ويحيط بها الأقصاب وبها من الطير والسمك قريب مما وصف في بحيرة أفامية ، وتجتمع هذه الأنهر الثلاثة ـ أعني النهر الأسود ـ ويغرا وعفرين وتصير نهرا واحدا ويصبّ في البحيرة من شماليها ويخرج من جنوبيها نهر واحد ويتصل بهر الأرنط تحت جسر الحديد وفوق أنطاكية على نحو ميل منها ، وهذه البحيرة في شمالي أنطاكية فعرضها أكثر من عرض أنطاكية بدقائق ، وطولها بطول أنطاكية بالتقريب.

بحيرة أرجيش : وهي شرقيّ خلاط على مسافة يوم وهي بحيرة كبيرة

٤٥

مالحة ووسطها عميق ودورها فوق مسيرة أربعة أيام وعلى جوانبها خلاط وأرجيش وغيرهما ويصاد منها السمك المعروف بالطريخ ويحمل إلى الآفاق ، وتهيج في الريح ويقوى موجها ، وإذا هاجت وصلت روائحها إلى خلاط وغيرها من المدن التي حولها ؛ فيعلمون بتموّجها وتمتلئ من أنهار تقلب إليها من غالب جوانبها ، وغالب جوانبها ليس فيه قصب.

بحيرة تلا : وهي بحيرة أرمية والبحيرة المذكورة بين مراغة وبين سلماس في غربيّ مراغة وشرقيّ سلماس ، ومراغة غربيّ تبريز على سبعة عشر فرسخا ، وبين طرف البحيرة الشرقيّ الشماليّ وبين مراغة مرحلة ، وامتداد هذه البحيرة من الغرب إلى الشرق بانحراف إلى الجنوب نحو مائة وثلاثين ميلا وعرضها نحو نصف ذلك وفي وسطها جزيرة فيها قلعة تسمى قلعة تلا على جبل منقطع في هذه الجزيرة وكان هلاوون قد جعل أمواله فيها ؛ لحصانتها وقيل : إنه مدفون بها وكان لا يزال عنده مقدّم ألف يقيم سنة لحفظ الموضع ، ثم يدخل مقدّم آخر ويقيم سنة وعلى ذلك وليس بتلك الجزيرة مزدرع ولا منتفع به وهي صغيرة ، والجبل الذي عليه القلعة مرتفع فيها ، ودور هذه البحيرة عدة أيام بعضهم قال : ستة أيام ، وبعضهم قال: أكثر وأقل قال في المشترك ، ويقال لها : بحيرة أرمية.

وأرمية مدينة على القرب من البحيرة المذكورة وأرمية من أذربيجان وطول هذه البحيرة مسيرة ثلاثة أيام للراكب في مثله وفي وسطها جزائر وماؤها مالح منتن ردئ وقال ابن حوقل : وبحيرة أرمية ماؤها ملح وبين هذه البحيرة وبين مراغة ثلاثة فراسخ وطول هذه البحيرة نحو أربعة أيام.

٤٦

بطائح العراق

من رسم المعمور منها بطائح البصرة ووسطها ، حيث الطول : ثلاث وسبعون ، والعرض : اثنتان وثلاثون ومنها بطائح واسط حدثت عند اشتغال الفرس بقتال المسلمين في أول الإسلام بين واسط والبصرة وقاعدة البطائح الجامدة وهذه البطائح تصير من الأنهار الخارجة من دجلة تحت واسط ، وللكوفة بطائح تصير من فضلات ماء الفرات.

وأما بطائح واسط : فهي من مياه دجلة فالبطيحة العظمى تدخلها دجلة في زقاق قصب ، ثم تخرج منها في زقاق قصب ثان إلى بطيحة ثانية ، وكذلك تخرج من البطيحة الثانية في زقاق قصب إلى بطيحة ثالثة ، وكذلك حتى تصير أربع بحيرات يفصل بينهم القصب ، وتسمى البطيحة والبحيرة عندهم الهور ، ثم عند انتهاء البطائح المذكورة يخرج نهر دجلة وتسمى بعد خروجها من البطائح دجلة العوراء ، ثم بعد ذلك يتفرّع منها أنهار البصرة على ما سنذكره عند ذكر دجلة إن شاء الله تعالى.

بحيرات فارس : فمنها بحيرة دشت أرزن وهي في الكورة المعروفة بكورة سابور ، وامتداد هذه البحيرة طولا نحو عشرة فراسخ وماؤها عذب ، وربما جفت حتى لم يبق منها إلا القليل وعامة سمك شيراز منها.

ومنها بحيرة الجمكان : ماؤها ملح وامتدادها طولا نحو اثني عشر فرسخا وأولها من شيراز على فرسخين وآخرها قريب من حدود خورستان ، وهي في كورة اصطخر وجميع ذلك نقلناه من كتاب ابن حوقل ؛ ولذلك لم نذكر لهذه البحيرات أطوالا ولا عروضا ولم نضبط أسماءها ؛ لخلو كتابه من ذلك وعدم ظفرنا به من غيره والله أعلم.

بحيرة زره : وهي بحيرة في بلاد سجستان يقع فيها نهر الهندمند ، قال ابن

٤٧

حوقل : ويتّسع فيها الماء وينقص على قدر زيادة الماء ونقصانه ، وطولها نحو ثلاثين فرسخا وعرضها مقدار مرحلة ، وهي عذبة الماء ويرتفع منها سمك كثير وأقصاب وحواليها كلها قرى ، إلا الوجه الذي يلي مفازة سجستان ، وزره : بتقديم الزاء المعجمة ، ثم رآء مهملة مخففة ، وهاء ، نص على ذلك في المشترك قال وإليها تنصبّ مياه سجستان وهي عذبة.

بحيرة أول جيحون : من رسم الأرض وهي حيث الطول : مائة درجة ، والعرض : ثمان وأربعون.

بحيرة خوارزم : من رسم المعمور وسطها حيث الطول : تسعون ، والعرض : ثلاث وأربعون ، وجانبها الغربي حيث الطول : ست وثمانون ، والعرض : اثنتان وأربعون ، ويصب فيها جيحون وجيحون يأتيها من الشرق ويصب في جانبها الجنوبي الشرقي ومن كتاب ابن حوقل : إن دور بحيرة خوارزم مائة فرسخ وماؤها ملح وليس بها مغيض ظاهر ، ويقع فيها جيحون ونهر الشاس وغيرهما ، وبينها وبين البحر نحو عشرين مرحلة ، وبينها وبين خوارزم ست مراحل ، وبحيرة خوارزم قريبة من قرية تسمى جنب وجنب المذكور على خمسة فراسخ من كركنج.

٤٨

الكلام على الأنهار

اعلم أن الكلام على الأنهار كالكلام على البلاد والبحيرات ، وهي أنها من الكثرة على حد لا يبلغ الإنسان الإحاطة بجميعها ، وإنما المذكور بعضها ونحن نذكر ما وقع لنا منها.

ذكر نيل مصر : وهو النهر العظيم المشهور الذي ليس له نظير في الوجود وقد وصفه ابن سينا فقال : وقد انفرد بثلاث صفات عن سائر أنهار الأرض :

أحدها : أنه أطول أنهار الأرض من مبتداه إلى منتهاه وذلك يستلزم لطافته بسبب كثرة الجريان.

الثانية : أنه يجري في رمال وصخور ؛ فيسلم عن الأرض الخنزة والحماة والوحل الذي لا يكاد أن يخلو منه نهر.

الثالثة : أن الحجر فيه لا يخضر كما يخضر في غيره ، وهو يزيد في أيام نقص الأنهار وزيادته إنما هي من الأمطار التي تقع في تلك البلاد ومبتداه وأوله الخراب الذي هو جنوبيّ خط الاستواء ؛ ولذلك تعسّر الوقوف عليه ولم يتصل بنا من أخباره إلا ما نقل عن اليونان ونسب إلى بطليموس أنه ينحدر من جبل القمر من عشرة مسيلات منه بين كل نهر منها والآخر درجة في الطول ، فالغربيّ منها عند طول : ثمان وأربعين والثاني عند طول : تسع وأربعين وعلى ذلك حتى يكون النهر العاشر منها عند طول : سبع وخمسين.

وتصب هذه الأنهار العشرة في بطيحتين ، كل خمسة أنهار تصب في بطيحة ، وقد تقدم ذكرهما آنفا ، ثم يخرج من كل واحدة من البطيحتين أربعة أنهار وينصب منها نهران في الأنهار الأخر ؛ فتصير ستة أنهار ، وتسير الأنهار الستة إلى جهة الشمال حتي تصبّ في بحيرة مدوّرة عند خط الاستواء ، وهي بحيرة كورا

٤٩

المقدم ذكرها ويخرج منها نيل مصر شمالا ويمر على بلاد السودان.

وأول ما يمر على زغاوة ، ثم على النوبة وعلى مدينتها دنقلة عند طول اثنتين وخمسين وعرض خمس عشرة ، ثم يمر شمالا بميلة إلى الغرب إلى طول إحدى وخمسين ، وعرض سبع عشرة ، ثم يمر مغربا نصبا إلى طول خمسين وعرض سبع عشرة على حاله ، ثم يمر مغربا بميلة قليلة إلى الشمال إلى طول اثنتين وثلاثين وعرض تسع عشرة ، ثم يرجع مشرقا إلى طول إحدى وخمسين ، ثم يمر إلى الشمال والشرق إلى أسوان عند طول خمس وخمسين وعرض اثنتين وعشرين ثم يمر شمالا بميلة إلى الغرب إلى طول ثلاث وخمسين وعرض أربع وعشرين ، ثم يشرق إلى طول خمس وخمسين ، ثم يشتمل إلى مصر عند طول أربع وخمسين وعرض ثلاثين.

ويتجاوز مصر إلى قرية على شاطئه تسمّى شطنوف ؛ فيفترق النيل منها شطرين ويمر الغربي منهما إلى بليدة تسمى رشيد ويصب في البحر ، حيث الطول : ثلاث وخمسون ، والعرض : إحدى وثلاثون والشرقيّ منهما يفترق أيضا شطرين عند قرية تسمى جوجر.

ويمر الغربيّ منهما على دمياط من غربيّها ويصب في البحر ، ويمر الشرقيّ منهما إلى أشمون طناح ، ثم يصب في بحيرة هناك في شرقيّ دمياط تسمى بحيرة تنيس وبحيرة دمياط ، ودمياط فيما بين هذين الشطرين والشطر الغربي منهما يصب عند دمياط ، حيث الطول : ثلاث وخمسون وخمس وعشرون دقيقة ، والعرض : إحدى وثلاثون وخمس وعشرون دقيقة والشطر الشرقي يصبّ في بحيرة تنيس ، حيث الطول : أربع وخمسون وثلاثون دقيقة ، والعرض : ثلاثون ، وأربعون دقيقة وهذا ما تهيّأ لنا من ذكر النيل المذكور ويخرج من نيل مصر نهر الفيوم عند زيادته.

٥٠

نهر السوس الأقصى : وهو نهر يأتي من الجنوب والشرق من جبل لمطة ويجري إلى الشمال ويمر على مدينة السوس الأبعد من شماليها ، حيث الطول : سبع درج ، والعرض : ثلاثون درجة ، ويزرع على جانبه قصب السكر والحناء وغير ذلك مثل ديار مصر ويجري كذلك ويصبّ في البحر نهر ملويّة ذكره ابن سعيد قال : هو نهر كبير مشهور في المغرب الأقصى ويصب إليه نهر سجلماسة الذي منبعه من جنوبيّ سجلماسة بمسافة بعيدة ويصيران نهرا واحدا ويصب في بحر الروم في شرقيّ سبتة وجنوبيها على ثلاثمائة وعشرة أميال منها ، وبين منبع نهر سجلماسة ومصبّه في البحر نحو ، ثمان مائة ميل.

نهر إشبيلية من الأندلس : قال ابن سعيد : وهو في قدر دجلة وهو أعظم نهر بالأندلس وتسمّيه أهل الأندلس النهر الأعظم ، ومخرجه من جبل شقورة ، حيث الطول : خمس عشرة درجة ، والعرض : ثمان وثلاثون وثلثان ، ثم يصب إليه عدّة أنهار منها : نهر شنّيل الذي يمرّ على غرناطة ، ونهر سوس : الذي عليه مدينة استجة.

قال ابن سعيد : وعلى هذا النهر من الضياع والقرى ما لا يبلغه وصف ويسير من جبال شقورة إلى جهات جيّان ويمر على مدينة بياسه ومدينة أبده ، ثم يمر على قرطبة ويجري من الشرق إلى الغرب ، ثم إذا تجاوز قرطبة وقرب من إشبيلية ينعطف ويجري من الشمال إلى الجنوب ويمر كذلك على إشبيلية ويكون إشبيلية على شرقيّه وطريانة على غربيّه قبالة إشبيلية من البر الآخر ، ثم ينعطف فيجري من الشرق إلى الغرب حتى يصب في البحر المحيط عند مكان يعرف ببر المائدة ، حيث الطول : ثمان درجات وربع ، والعرض : ست وثلاثون وثلثان ، وتكون جزيرة قادس على يسار مصبه في البحر للمستقبل جهة الغرب ، ويقع في هذا النهر المد والجزر من البحر مثل دجلة عند البصرة ويبلغ فيه المدّ والجزر سبعين ميلا ؛ وذلك إلى قوق إشبيلية عند مكان يعرف بالأرحى ، ولا يملح ماؤه بسبب المدّ عند إشبيلية ؛ بل يبقى على عذوبته.

٥١

وبين مصبّ نهر إشبيلية في البحر وبين إشبيلية خمسون ميلا ؛ فالمدّ يتجاوز إشبيلية عشرين ميلا ، ولا يبرح المدّ والجزر فيه يتعاقبان كل يوم وليلة ؛ وكلما زاد القمر نورا زاد المدّ والمراكب لا تزال فيه منحدرة مع الجزر صاعدة مع المد ، ويدخل فيه السفن العظيمة الإفرنجية بوسطها من البحر المحيط حتى يحطّ عند سور إشبيلية وفي المد والجزر يقول بعض شعراء الأندلس :

خليلي بادر بي إلى النهر بكرة

وقف منه ، حيث المدّ يثني عنانه

ولا تجز إلا رحا فإن وراءها

يبابا وعيني لا تريد عيانه

نهر مرسية بالأندلس : وهو قسيم نهر إشبيلية يخرجان من جبال شقورة ؛ فيمر نهر إشبيلية مغربا ويصبّ في البحر المحيط ، ويمر نهر مرسية مشرقا ويصب في البحر الشامي عند مرسيّة.

نهر رومية : أوله عند طول خمس وثلاثين ، وعرض ثلاث وأربعين ، ثم يمر حتى يدخل رومية وهي حيث الطول : خمس وثلاثون ونصف ، والعرض : ثلاث وأربعون ويخرج منها ويصب في البحر عندها نهر أبي فطرس : بضم الفاء وهو نهر قريب من الرملة بفلسطين ، ومن كتاب المسالك والممالك المعروف بالعزيزي أن نهر العوجاء يسمّى نهر أبي فطرس وهو شماليّ مدينة الرملة باثني عشر ميلا قال : وما التقى عليه جيشان إلا غلب الغربيّ منهما وانهزم الشرقيّ ، فإن عليه انهزم المعتضد من خمارويه بن أحمد بن طولون وعليه انتصر العزيز خليفة مصر الفاطمي وأسر هفتكين التركي مقدّم جيش الشرق.

أقول : ومنبعه تحت جبل الخليل قبالة قلعة خراب يقال لها : مجداليابا ويجري من الشرق إلى الغرب ويصبّ في بحر الروم في جنوبي غابة أرسوف ومن منبعه إلى مصبّه دون مسافة يوم.

نهر الأردن : وهو نهر الغور ويسمّى الشريعة أيضا وأصله من أنهار تصبّ

٥٢

من جبل الثلج إلى بحيرة بانياس ويخرج منها نهر الشريعة المذكور ويسير ويصب في بحيرة طبرية ، ثم يخرج من بحيرة طبرية ويسير جنوبا ويصبّ في الشريعة بعد انفصالها عن بحيرة طبرية.

نهر اليرموك : بين القصير وبين بحيرة طبرية وتسير الشريعة وهي نهر الأردن المذكور في وسط الغور جنوبا ويتجاوز بيسان عند طول : ثمان وخمسين وعرض : اثنتين وثلاثين وخمسين دقيقة ، ويتجاوزها ويسير جنوبا إلى ريحا عند طول : ست وخمسين وثلث ، وعرض : إحدى وثلاثين وكسر ، ثم يسير جنوبا ويصب في بحيرة المنتنة وهي بحيرة زغر ، وزغر حيث الطول : سبع وخمسون درجة وعشر دقائق ، وعرض ثلاثين وكسر من اللباب الأردنّ : بضم الألف وسكون الراء وضم الدال المهملتين وتشديد النون في آخرها قال : وهي بلدة من بلاد الغور من الشام وبها نهر كبير.

نهر حماة : ويسمى نهر الأرنط والنهر المقلوب لجريه من الجنوب إلى الشمال ويسمى العاصي ؛ لأن غالب الأنهر تسقي الأراضي بغير دواليب ولا نواعير بل بأنفسها تركب البلاد ونهر حماة لا يسقي إلا بنواعير تنزع منه الماء وهو يجري بكليته من الجنوب إلى الشمال ، وأوله نهر صغير من صيغة قريبة من بعلبك ، تسمى الرأس في الشمال عن بعلبك على نحو مرحلة عنها ، ويسير من الرأس شمالا حتى يصل إلى مكان يقال له : قائم الهرمل بين جوسية والرأس ، ويمر في واد هناك وينبع من هناك غالب النهر المذكور من موضع يقال له : مغارة الراهب ويسير شمالا حتى يتجاوز جوسية ويصب في بحيرة قدس في غربيّ حمص ويخرج من البحيرة ويتجاوز حمص إلى الرستن إلى حماة ، ثم إلى شيزر ، ثم إلى بحيرة أفامية ، ثم يخرج من بحيرة أفامية ويمر على دركوش إلى جسر الحديد وذلك جميعه في شرقيّ جبل اللكام ، فإذا وصل إلى جسر الحديد ؛ ينقطع الجبل المذكور هناك ويستدير النهر المذكور ويرجع ويسير جنوبا ومغربا ويمر على سور أنطاكية حتى يصب في بحر الروم عند السويديّة عند طول : إحدى وستين

٥٣

وعرض : ست وثلاثين ، ويصب في نهر الأرنط المذكور عدة أنهر

منها : نهر منبعه من تحت أفامية يسير مغربا إلى بحيرة أفامية ويختلط بنهر حماة.

ومنها : نهر في شمالي أفامية على نحو ميلين ويعرف بالنهر الكبير يسير مدّا قريبا ويصب أيضا في بحيرة أفامية ويخرجان منها مع نهر الأرنط.

ومنها : النهر الأسود يجري من الشمال ويمر تحت دربسّاك ونهر يغرا ومنبعه قريب يغرا ويمر على يغرا ويصب في النهر الأسود المذكور ويصبان في بحيرة أنطاكية أيضا ويغرا : بفتح المنثناة التحتية وسكون الغين المعجمة وفتح الراء المهملة ، ثم ألف مقصورة.

ونهر عفرين : يأتي من بلاد الروم ويمر على الراوندان إلى الجومة ، ويمر في الجومة ويتجاوزها إلى العمق ويختلط بالنهر الأسود وتصير هذه الأنهر الثلاثة أعني النهر الأسود ـ ونهر يغرا ونهر عفرين نهرا واحدا ويصب في بحيرة أنطاكية ويخرج منها ويصب في عاصي حماة فوق أنطاكية بالغرب منها وعفرين : بكسر العين المهملة وسكون الفاء وكسر الراء المهملة ، ثم مثناة تحتية ونون ، والنهر الأسود معلوم نهر جيجان من كتاب رسم المعمور أن أوله عند طول : ستين وعرض : ست وأربعين وهو نهر يقارب الفرات في الكبر وهو الذي يمر ببلاد سيس وتسميه العامة جهان ، ويسير من الشمال إلى الجنوب بين جبال في حدود الروم حتى يمر بالمصيصة من شماليّها وجريانه عندها من الشرق إلى الغرب ، والمصيصة حيث الطول : تسع وخمسون وكسر ، والعرض : ست وثلاثون وخمس عشرة دقيقة ويتجاوز المصيصة مغربا ويصبّ بالقرب منها في بحر الروم.

نهر سيحان : من رسم المعمور أوله عند طول : ثمان وخمسين وعرض : أربع

٥٤

وأربعين ويمر ببلاد الروم ويجري من الشمال إلى الجنوب غربي مجرى جيحان وهو دون جيحان في القدر ويسير حتى يمر ببلاد الأرمن المعروفة في زماننا ببلاد سيس ويمر على سور أذنة من شرقيّها ، حيث الطول : تسع وخمسون بغير كسر ، والعرض : ست وثلاثون وخمسون دقيقة ويتجاوز أذنة وهي دون مرحلة عن المصيصة ، ويلتقي مع جيحان تحت أذنة ومصيصة ويصيران نهرا واحدا ويصبان في بحر الروم بين أياس وبين طرسوس.

نهر أنقرة : من رسم المعمور أوله عند طول ست وخمسين وعرض أربعين ، ثم يمر إلى أنقرة وهي حيث الطول : أربع وخمسون ، والعرض : أحدى وأربعون ؛ فيسقي مروجها وضياعها ، ويصب في بحر الروم عند طول ست وخمسين وعرض تسع وأربعين أقول : فإذا لم يختلف طول مخرجه ومصبه واختلف العرض فكان مخرجه عند عرض أربعين ومصبه عند عرض تسع وأربعين ؛ فجريانه من الجنوب إلى وسط الشمال.

نهر هرقلة : من كتاب ابن سعيد قال : ينزل من جبال العلايا إلى جهة سنوب ، حيث الطول : سبع وخمسون ، والعرض : ست وأربعون فقط وهرقلة على شرقي هذا النهر قرب البحر وهي التي خرّبها هارون الرشيد ، وهرقلة حيث الطول : سبع وخمسون وثلث ، والعرض : ست وأربعون ونصف.

نهر الفرات : أوله من شماليّ مدينة أرزن الروم وشرقيّها وأرزن في آخر حد بلاد الروم من جهة الشرق وهي حيث الطول : أربع وستون ، والعرض : اثنتان وأربعون ونصف ، ثم يأخذ إلى قرب ملطية ، حيث الطول : إحدى وستون ، والعرض : سبع وثلاثون ، وقيل : تسع وثلاثون ، ثم يأخذ إلى سميساط عند طول : اثنتين وستين ، وعرض : سبع وثلاثين ، ثم يأخذ مشرّقا ويتجاوز قلعة الروم وهي حصن منيع على جنوبيّ الفرات وغربيّها ، وتمرّ الفرات مع جانب الحصن من شماليّه وشرقيّه ، ثم تسير إلى إلبيرة وهي على جانب الفرات من

٥٥

شماليّها ، ثم تمر مشرّقا حتى تجاوز بالس وقلعة جعبر وتتجاوزها إلى الرقة ، حيث الطول : ثلاث وستون ، والعرض : ست وثلاثون ، ثم تسير مشرقا وتتجاوز الرحبة من شماليّ الرحبة وتسير إلى عانة ، حيث الطول : ثمان وستون ونصف ، والعرض : ثلاث وثلاثون وعشر دقائق ، ثم تسير إلى هيت ، حيث الطول : تسع وستون ، والعرض : اثنتان وثلاثون ، ثم تسير إلى الكوفة ، حيث الطول : تسع وستون ونصف ، والعرض : إحدى وثلاثون وخمسون دقيقة ، ثم تسير مشرقا وتصب في البطائح ، حيث الطول : ثلاث وسبعون درجة [وعن سليمان بن مهنّا أن بجانب الفرات سعة إلى قائم عنقا وفي قائم عنقا تدخل في واد إلى عانة إلى الحديثة إلى هيت إلى الأنبار ومن هيت تخرج إلى فضاء العراق والسهول] ويصب في الفرات ويخرج منها أنهر كثيرة فمن الأنهار التي تصب فيها :

نهر شمشاط : وهو نهر يمر على شمشاط ثم يمر على حصن زياد وهو خرت برت ، ثم يصب في الفرات فوق ملطية.

ويصب في الفرات أيضا نهر البليخ وأول البليخ من أرض حران من عين يقال لها : الذّهبانيّة ويسير مشرقا ويمر على ظهر مدينة الرقة من شماليّها ، ثم يصب في الفرات أسفل من الرقة.

ويصب في الفرات أيضا نهر الخابور وأول الخابور من رأس عين ، من عين يقال لها : عين الزاهرية ويسير نهر الخابور حتى يمر على قرقيسيا ، حيث الطول : أربع وستون وثلثان ، والعرض : أربع وثلاثون وثلث ويصب عندها في الفرات.

ويصب إلى الفرات أيضا نهر الهرماس وأوله من أرض نصيبين ، ثم يسير ويتشعب منه نهر الثرثار ويمر الثرثار بالحضر وبرية سنجار ويصب في دجلة

٥٦

عند تكريت ، وأما الهرماس فيمر بعد خروج نهر الثرثار منه ويصب في الخابور قبل وصوله إلى قرقيسيا ويصير الهرماس والخابور نهرا واحدا ويصبان في الفرات عند قرقيسيا ويحمل من الفرات عدة أنهار فمنها :

نهر عيسى : ومخرجه من الفرات عند طول ، ثمان وستين وعرض اثنتين وثلاثين وذلك ـ أعني مخرجه من قبالة الكوفة ـ من موضع يقال له : دهما وقيل : مخرجه من قرب الأنبار تحت قنطرة دهما [وأخبر سليمان بن مهنّا أن مخرج نهر عيسى تحت الأنبار بالقرب منها عند ضيعة يقال لها : الفلوجة ، قال : وفي أيام نقص الفرات ينقطع جريان نهر عيسى وتسقى البساتين التي عليه بالدواليب من مستنقعات تبقى في النهر المذكور] ويسير إلى بغداد فإذا وصل إلى المحول تفرع منه عدة أنهر ويصب في جوف الجانب الغربي من بغداد في دجلة ونسبته إلى عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس وهو عم المنصور.

ومنها : نهر صرصر ومخرجه من الفرات تحت مخرج نهر عيسى ويسير في سواد العراق الذي بين بغداد والكوفة حتى يصل إلى صرصر ويسقي ما عليه من البلاد ويصب في دجلة بين بغداد والمدائن.

ومنها : نهر الملك ومخرجه تحت نهر صرصر ويسقى ما عليه من سواد العراق ويصب في دجلة تحت المدائن.

ومنها : نهر كوثي ومخرجه من تحت نهر الملك وكذلك يسقي سواد العراق ويصب في دجلة تحت مصب نهر الملك وإذا جاوزت الفرات نهر كوثي بستة فراسخ انقسمت قسمين ومر أحدهما وهو الجنوبي إلى الكوفة ويتجاوزها ويصب في البطائح ويمر الآخر وهو أعظمها بإزاء قصر ابن هبيرة عند طول : سبعين ونصف وعرض : اثنتين وثلاثين وخمس وأربعين دقيقة ، ويعرف هذا القسم الأعظم الثاني بنهر سورا ويتجاوز قصر ابن هبيرة ويسير جنوبا إلى مدينة

٥٧

بابل القديمة عند طول : سبعين وعرض : اثنتين وثلاثين درجة وخمس عشرة دقيقة ، ويتفرّع من نهر سورا المذكور بعد أن يتجاوز بابل عدة أنهار ويمر عموده إلى مدينة النيل وتسمى من بعد النيل نهر الصراة ، ثم يتجاوز النيل ويصب في دجلة وسورا : بضم السين المهملة وآخره ألف تمد وتقصر وهي قرية على هذا النهر نسب النهر إليها.

ذكر دجلة وما يصب إليها وما يتشعب منها من المشترك

دجلة : بكسر الدال المهملة وسكون الجيم ، قال : وهي نهر عظيم مشهور مخرجه من بلاد الروم ، ثم يمر على أمد وحصن كيفا وجزيرة ابن عمر والموصل وتكريت وبغداذ وواسط والبصرة ، ثم يصب في بحر فارس من رسم المعمور أن أول دجلة ومنبعها ، حيث الطول : أربع وستون وأربعون دقيقة ، والعرض : تسع وثلاثون ومن العزيزي المهلّبي أن رأس دجلة من شمالي ميافارقين من تحت حصن يعر بحصن ذي القرنين وتجري دجلة من الشمال والغرب إلى جهة الجنوب والشرق ، ثم إلى عرض سبع وثلاثين والطول بحاله ـ أعني أربعا وستين ـ ثم تشرق وترجع إلى جهة الشمال إلى طول : ثمان وستين وعرض : ثمان وثلاثين ، ثم تغرب بميلة إلى الجنوب إلى مدينة آمد ، حيث الطول : خمس وستون وثلثان ، والعرض : سبع وثلاثون واثنتان وخمسون دقيقة.

ثم تأخذ جنوبا إلى جزيرة ابن عمر ، حيث العرض : سبع وثلاثون ونصف والطول بحاله ، ثم تأخذ مشرقا وجنوبا إلى مدينة بلد ، حيث الطول : ست وستون وأربعون دقيقة ، والعرض : ست وثلاثون وخمسون دقيقة ، ثم تشرق إلى الموصل ، حيث الطول : سبع وستون ، والعرض : ست وثلاثون ونصف ، ثم تسير مشرقا وجنوبا إلى تكريت ، حيث الطول : ثمان وستون وخمس وعشرون دقيقة ، والعرض : أربع وثلاثون ، ثم تأخذ مشرقا نصبا إلى سر من رأى ، حيث الطول : تسع وستون والعرض : أربع وثلاثون ، ثم تأخذ جنوبا على عكبرا ، حيث الطول : تسع وستون ، والعرض : ثلاث وثلاثون.

٥٨

ثم تأخذ مشرقا إلى البردان ، حيث الطول : تسع وستون وخمسون دقيقة ، والعرض : ثلاث وثلاثون ونصف ، ثم تأخذ جنوبا بميلة إلى الشرق إلى بغداذ ، حيث الطول : سبعون ، والعرض : ثلاث وثلاثون وخمس وعشرون دقيقة ، ثم تسير جنوبا إلى كلو اذا ، حيث الطول : سبعون على حاله ، والعرض : ثلاث وثلاثون وخمس عشرة دقيقة.

ثم كذلك تسير جنوبا إلى المدائن ، حيث الطول : سبعون وعشرون دقيقة ، والعرض : ثلاث وثلاثون وعشر دقائق ، ثم تسير جنوبا وتتجاوز السيب إلى دير العاقول ، حيث الطول : سبعون وعشر دقائق ، والعرض : ثلاث وثلاثون فقط.

ثم تسير مشرقا إلى النعمانية ، حيث الطول : سبعون وعشرون ، والعرض : بحاله ، ثم تسير جنوبا ومشرقا إلى فم الصلح ، حيث الطول : اثنتان وسبعون وثلث ، والعرض : ثنتان وثلاثون.

ثم تسير مغربا إلى واسط ، حيث الطول : إحدى وسبعون ونصف ، والعرض : ثنتان وثلاثون ودقائق ، ثم تشرق إلى بطائح واسط ، حيث الطول : ثلاث وسبعون ، والعرض : ثنتان وثلاثون ، ثم تخرج من البطائح وتسير بين الشرق والجنوب وتتجاوز البصرة وتمر على فوهة الأبلة ، حيث الطول : أربع وسبعون ، والعرض : إحدى وثلاثون ثم تسير إلى عبادان وتصب في بحر فارس ، حيث الطول : خمس وسبعون ، والعرض : بحاله ـ أعني إحدى وثلاثين ـ ويصب في دجلة عدة أنهار فمنها :

نهر أرزن ونهر الثرثار وهو نهر يتشعب من الهرماس الذي يقلب إلى الفرات على ما تقدم وصفه مع ذكر الفرات فيتشعب من الهرماس نهر الثرثار ويمر بالحضر في برية سنجار ويصب في دجلة أسفل من تكريت وقيل : فوق

٥٩

تكريت بفرسخين.

ويصب إليها أيضا نهر باسانفا أوله من أرض ميّافارقين ويصب في دجلة فوق جزيرة ابن عمر بخمسة فراسخ من الشرق.

ويصب أيضا إلى دجلة الزاب الأعلى ومخرجه من بين الموصل وأربل من أول حدود أذربيجان ويسير حتى يصبّ في دجلة قرب السن ، حيث الطول : ثمان وستون ، والعرض : خمس وثلاثون وخمس عشرة دقيقة ويقال له : الزاب المجنون لحدّته وشدّة جريانه وعليه كان يوم الزاب الذي قتل فيه عبيد الله بن زياد.

ويصب أيضا في دجلة الزاب الأصغر وهو نهر مخرجه من جبال شهر زور ويمر بين أربل ودقوقا ويسير حتى يصب في دجلة ويصب أيضا في دجلة من الفرات أنهار كثيرة ذكرنا ما يتيسر لنا عند ذكر الفرات ويحمل من دجلة عدّة أنهار منها :

القاطول الأعلى ويخرج من دجلة عند قصر المتوكل المعروف بالجعفري ، ثم يسير بين القرابا ويسقيها حتى يمر بقرية يقال لها : صولي فإذا تجاوزها لا يسمّى القاطول ويسمّى حينئذ النهروان ولا يزال يمر في قرايا وبلاد ويسقيها حتى يعود ويصب في دجلة أسفل من جرجرايا من الجانب الشرقي ، حيث الطول : سبعون ونصف ، والعرض : ثلاث وثلاثون ويحمل من دجلة أيضا ثلاثة القواطيل أوائلها موضع واحد أسفل من سر من رأى بفرسخين ، وسر من رأى ، حيث الطول : تسع وستون ، والعرض : أربع وثلاثون.

ويحمل من دجلة الدجيل قال في المشترك : بضم الدال المهملة وفتح الجيم وسكون المثناة من تحتها ولام ، قال : وهو نهر في أعلى بغداد ومخرجه دون سر من رأى وعليه كورة كبيرة مشتملة على مدن وقرى.

٦٠