تقويم البلدان

عماد الدين إسماعيل [ أبي الفداء ]

تقويم البلدان

المؤلف:

عماد الدين إسماعيل [ أبي الفداء ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-304-7
الصفحات: ٥٧٥

١٠١

الأوصاف والأخبار العامة

وحلي : من أطراف اليمن من جهة الحجاز ، قال الإدريسي : ومن أراد أن يركب البرية من تهامة إلى صنعاء ، فإنه يسير من السرين نحو ست مراحل (وبتلك الناحية مدينة حلى وتعرف بحلى ابن يعقوب).

وجدّة : فرضة مكة ، وهي على مرحلتين منها على شط البحر ، وهي عامرة .. قال الإدريسي : وجدّة مرسى مكة ، وبينهما أربعون ميلا ، وهي ميقات من قطع من جهة عيذاب إليها.

وظفار : مدينة على ساحل خور ، وقد خرج من البحر الجنوبي ، وطعن في البر في جهة الشمال نحو مائة ميل ، وعلى طرف هذا البحر مدينة ظفار ، ولا يخرج المراكب من ظفار في هذا الخور إلا بريح البر ، ويقلع منها في الخور المذكور إلى الهند ، وظفار قاعدة بلاد الشحر ، ويوجد في أراضيها كثير من نبات الهند : مثل النارجيل ، والتنبل.

وشمالي ظفار رمال الأحقاف ، وبين ظفار وبين صنعاء أربعة وعشرون فرسخا ، وعن بعضهم ظفار على ساحل اليمن ولها بساتين على سواني ، وظفار نحو قارة وأكبر بقليل.

والسّرّين : عن حلي تسعة عشر فرسخا ، وهي في جهة الشمال عن حلى ، وقال في اللباب : وهي بليدة عند جدّة في نواحي مكة.

قال في العزيزي : والسّرّين مدينة على ساحل البحر ، وبينها وبين مكة أربعة أيام كبار.

قال الإدريسي : وبالقرب من السّرّين قرية يلملم وهي ميقات أهل اليمن.

١٠٢

ونجران : بليدة بها نخيل ، وتشتمل على أحياء من اليمن ، ويتخذ بها الآدم ، وهي عن صنعاء عشر مراحل ، ونجران بين عدن وحضر موت في جبال ، ولها أشجار ، ويسير من مكة إلى نجران في نحو عشرين يوما في طريق معتدل ونجران من بلاد همذان بين قرى ومدائن وعمائر ومياه.

عدن : ويقال لها عدن أبين ، وهي على ساحل البحر ، وهي بلدة حطّ وإقلاع لمراكب الهند ، وهي بلدة تجارة ، هي يابسة قشفة (وأبين : بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة وفتح المثناة التحتية ونون ، قال في المشترك : وعن سيبويه بكسر الهمزة في الكتب أن طولها (سول) وعرضها (با) قال في المغرب : إن أبين اسم رجل أضيفت عدن إليه).

وأما عدن لاعة : فبليدة في جبل صبر باليمن أيضا ، ومنها ـ أعنى عدن لاعة ـ كان ظهور دعاة الفاطميين خلفاء مصر.

وعدن عن صنعاء ثمانية وستون فرسخا. قال ابن حوقل : بل بينهما ثلاث مراحل ، وعن بعض المسافرين : وعدن في ذيل جبل كالسور عليها وتمامه سور إلى البحر ولها باب إلى البحر وباب إلى البر يعرف بباب الساقيين والماء العذب ينقل إليها.

١٠٣

١٠٤

الأوصاف والأخبار العامة

وصنعاء : من أعظم مدن اليمن تشبه دمشق لكثرة مياهها وأشجارها ، وهي شرقي عدن بشمال في الجبال ، وهي معتدلة الهواء ، ويتقارب فيها ساعات الشتاء والصيف ، وهي كانت كرسي ملوك اليمن في القديم ، وبها تلّ عظيم يعرف بغمدان كان قصر ملوك اليمن.

قال ابن سعيد : وبينها وبين عدن مدينة جبلة ، قال في العزيزي : مدينة صنعاء مدينة جليلة ، وهي قصبة اليمن ، وبها أسواق جليلة ومتاجر كثيرة.

بطن مرّ : وهي بقعة فيها عدة قرى ومياه تجري ونخيل كثير ، وهي عن مكة مسيرة يوم ، وهي على طريق حجاج مصر والشام.

والنخل والمزدرع متصل من بطن مرّ إلى وادي نخلة ، ومنهما ومن الطائف تجلب الخضر والثمار إلى مكة والميرة أيضا ، وفي أيام نقص المياه بمكة ومنى يرد الحجاج من بطن مرّ ويحملون المياه منه إلى منى.

وبين صعدة وبين صنعاء ستون فرسخا ... قال في القانون : وتسمى غيل ويجلب منها الآدم ... قال في العزيزي : وصعدة مدينة عامرة آهلة ، وبها مدابغ للآدم وجلود البقر التي للنعاز ، وهي خصبة ، ومنها إلى الأعمشية ـ قرية عامرة ـ خمسة وعشرون ميلا ، ومنها إلى خيوان أربعة وعشرون ميلا.

وبلاد خيوان تشتمل على قرى ومزارع ومياه معمورة بأهلها ، وبها أصناف من قبائل اليمن.

قال في العزيزي : وخيوان طرف منازل بني الضحاك من آل يعفر من أولاد التبابعة ، وماؤها من السماء قال الإدريسي : من خيوان إلى صعدة ستة عشر فرسخا.

١٠٥

والطائف : بليدة كثيرة الفواكه ، وهي على ظهر جبل غزوان وهو أبرد مكان بالحجاز وربما جمد الماء في ذروة غزوان المذكور ، وأكثر ثمرها الزبيب وهي طيبة الهواء .. وقال في المشترك : ونعمان ـ بفتح النون والعين المهملة ـ واد بين مكة والطائف ويقال له نعمان الآراك.

والفرع : من المدينة على أربعة أيام في جنوبيها ، وهو عدة قرى آهلة ، والطريق القريبة من المدينة إلى مكة إنما هي على الفرع ولكن لا يكاد يسلم المار بها من قطاع الطريق .. قال الإدريسي في كتابه المسمى نزهة المشتاق : ومن مخاليف المدينة المنسوبة إليها : تيماء ودومة الجندل والفرع ووادي القرى ومدين وخيبر وفدك.

وجرش : بلدة ، وبها نخيل ، وتشتمل على أحياء من اليمن ، ويتخذ بها الآدم الكثير ... قال في العزيزي : وجرش بلدة صالحة وحولها من شجر القرظ ما لا يحصى ، وبها مدابغ كثيرة وعرضها ست عشرة درجة ... قال الإدريسي : ومدينة جرش ومدينة نجران متقاربتان في القرب والعمارة ولهما مزارع وضياع وبينهما ست مراحل.

١٠٦

١٠٧

الأوصاف والأخبار العامة

مأرب : وبين مأرب وبين صنعاء ثلاث مراحل ، وقيل أربع ، وهي خراب ، وكانت قاعدة تبابعة اليمن ، وهي في آخر جبال حضر موت ، وبها كان السد ، وتسمى مدينة سبأ ... قال في المشترك : وسبأ : بفتح السين المهملة والباء الوحدة ثم ألف مقصورة ... مهموزة قال وهي مدينة مأرب باليمن سميت باسم بانيها سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان.

وفيد : بليدة بنجد على منتصف طريق حجاج العراق من الكوفة إلى مكة قريب من سلمى أحد جبلي طي ـ وبها يودع الحجاج بعض أمتعتهم ، وفيد عن الكوفة مائة وتسعة فراسخ ... قال في العزيزي : وفيد نصف طريق حجاج العراق ... قال (١) : وبينها وبين الجبلين المعروفين بسلمى وأجا ستة وثلاثون ميلا وهما جبلا طي ، وبين فيد وبين الثعلبية ـ وهي قرية وعليها سور وهي كثيرة الماء ـ ستة وثمانون ميلا (٢) ، والثعلبية : ثلث طريق حجاج العراق ، وذكر في كتاب الأطوال أن طول الثعلبية (سح ل) وعرضها (كح ل).

وشبام : جبل منيع فيه قرى ومزارع كثيرة ، وهو مشهور من جبال اليمن ، وفيه قلعة ، وشبام قصبة حضر موت وبينها وبين صنعاء أحد وسبعون فرسخا ، وقيل إحدى عشرة مرحلة ، وبينها وبين ذمار مرحلة واحدة ... قال في العزيزي : في الجبل المذكور سكان كثيرون ، وهو ممتنع من كل ناحية وهو معدن الحجر المعروف بالعقيق والجزع.

الحجر : قال في المشترك : والحجر : مدينة اليمامة ، ولها ذكر فتكون في طول اليمامة وعرضها ، وقال بعضهم : إنها عن اليمامة مسيرة يوم وليلة ... قال :

__________________

(١) ومن الثعلبية إلى قبر العبادي تسعة وعشرون ميلاIbid

(٢) يدخل إليها منه : Leman.n ٨٧٥ Porte

١٠٨

واليمامة والحجر منازل بني حنيفة وبعض مضر ، وبحجر قبور الشهداء الذين قتلوا في حرب مسيلمة الكذاب في خلافة أبي بكر ـ رضي‌الله‌عنه ـ ، وحجر عن اليمامة في الغرب والشمال وبينهما نحو مرحلتين ، وقد ذكر في اللباب الحجر بضم الحاء المهملة وسكون الجيم قال : وهو موضع باليمن ينسب إليه أحمد بن عبد الله الهذلي الشاعر الحجري.

واليمامة مدينتها دون مدينة الرسول ، وهي أكثر نخيلا من سائر الحجاز ... قال في اللباب : وهي مدينة بالبادية من بلاد العوالي ، وبها كان قد تنبأ مسيلمة الكذاب ، وهي بلاد بني حنيفة ، واليمامة عن البصرة ست عشرة مرحلة ، وعن الكوفة مثل ذلك ، وأخبرني من رآها في زماننا أن بها أناسا وقليل نخيل ... قال : ولها واد يسمى الخرج وهي أسفل الوادي والخرج : بخاء معجمة مفتوحة وراء مهملة ساكنة وفي آخرها جيم ، قال في الصحاح الخرج : موضع باليمامة ، واليمامة في سمت الشرق عن مكة ، وهي في مستو من الأرض ، ووادي اليمامة الخرج ، وبه عدة قرى ، وبها الحنطة والشعير كثير ، وبقرب اليمامة عين ماء متسعة يسرح ماؤها ، والحسا والقطيف شرقي اليمامة على نحو أربع مراحل قال في القانون : واسم اليمامة في القديم (جوّ) بفتح الجيم.

١٠٩

١١٠

الأوصاف والأخبار العام

مرباط : قال ابن سعيد : وهي على ساحل جون ظفار ، وهي بليدة وهي في الشرق والجنوب عن ظفار .. قال الإدريسي : وبين مرباط وبين قبر هود عليه‌السلام خمسة أيام (وقال في كتابه نزهة المشتاق : وبجبال مدينة مرباط ينبت شجر اللبان ومنها يجهز إلى البلاد).

الأحساء : وهي بليدة ذات نخيل كثير ومياه جارية ، ومنابيعها حارة شديدة الحرارة والأحساء في البرية ، وهي عن القطيف في الغرب بميلة إلى الجنوب على نحو مرحلتين ، ونخيلها بقدر غوطة دمشق مستدير عليها ... قال في المشترك : والأحساء جمع حسا وهو رمل يغوص فيه الماء حتى إذا صار إلى صلابة الأرض أمسكته فتحفر عنه العرب وتستخرجه ، والأحساء علم لمواضع من بلاد العرب ، وهي أحساء بني سعد بن هجر ، وهي دار القرامطة بالبحرين ، وقيل : أحساء بني سعد غير أحساء القرامطة ، وليس للأحساء سور ، وبين الأحساء واليمامة نحو مسيرة أربعة أيام ، وأهل الأحساء والقطيف يجلبون التمر إلى الخرج ـ وادي اليمامة ـ ويشترون بكل راحلتين من التمر راحلة من الحنطة.

والقطيف : بلدة بناحية الأحساء ، وهي على شطّ بحر فارس ، ولها مغاص ، وهي في شرقي الأحساء بشمال على نحو مرحلتين منها ، ولها نخيل دون نخيل الأحساء وعن بعض أهلها ... قال : وللقطيف سور وخندق ، ولها أربعة أبواب ، والبحر إذا مدّ يصل إلى سور القطيف ، وإذا جزر ينكشف بعض الأرض ، وللقطيف خور من البحر يدخل فيه المراكب الكبار الموسقة في حالة المد والجزر ، وبين القطيف والأحساء مسيرة يومين ، وبينهما وبين البصرة مسيرة ستة أيام ، وبينهما وبين كاظمة أربعة أيام ، وبينهما وبين عمان مسيرة شهر ،

١١١

والقطيف قريب سلمية في القدر وهي أكبر من الأحساء.

وصحار : بليدة خراب والمعمور إنما هو عمان ، وهي كثيرة النخل والفواكه ، وبلاد عمان بلاد حارة جدا ... قال في الصحاح : وصحار قصبة عمان ممايلي الجبل ... قال : وتوأم قصبة عمان مما يلي الساحل ، وقال في اللباب : وعمان على البحر تحت البصرة ... قال في العزيزي : وعمان مدينة جليلة بها مرسى السفن من السند والهند والصين والزنج ، والقصبة بها اسمها صحار ، وليس على بحر فارس مدينة أجلّ منها وأعمالها نحو ثلاثمائة فرسخ وهي ديار الأزد.

والبحرين : في ناحية نجد : وهي كثيرة التمور ، وهي ناحية على شط بحر فارس ، وهي ديار القرامطة ، ولها قرى كثيرة وبلاد البحرين هي : هجر ونهايتها الشرقية الشمالية حيث الطول والعرض المذكوران ... قال في المشترك ، ونقله عن الأزهري : إنما سميت هجر بالبحرين ببحيرة بها عند الأحساء وبالبحر الملح ، وهجر بفتح الهاء والجيم ثم راء مهملة ـ من الصحاح ـ ، وينسب إليها : هاجري ـ على غير قياس ـ ، ومن المشترك أيضا : أن هجر اسم يشمل جميع البحرين كالشام والعراق وليس هو مدينة بعينها.

وبلاد مهرة : ليس بها نخيل ولا زرع ، وإنما أموال أهلها الإبل ، وألسنتهم مستعجمة لا يكاد يوقف عليها ، وينسب إليها النجب المفضلة ، ويحمل منها اللبان إلى الآفاق ، وهي عن هجر ثلاثون يوما ، وهي نائية البوادي ، وذكر في الصحاح أن الإبل المهرية منسوبة إلى مهرة بن حيدان ـ أبي قبيلة ـ.

١١٢

ذكر ديار مصر

لما فرغ من ذكر ديار العرب انتقل إلى ذكر ديار مصر ، وهي مصاقبة لجزيرة العرب من جهة تيه بني إسرائيل ، وديار مصر تقع في غربي جزيرة العرب ، وفي جنوبي ديار مصر بلاد السودان من النوبة وغيرهم ، ومن تلك الجهة يأتي نيل مصر ، وقد تقدم ذكره مع الأنهار في صدر الكتاب فأغنى عن الإعادة.

ويمتد الحاجزان المكتنفان بالصعيد ـ وأحدهما شرقي النيل والآخر غربيه ـ من الجنادل ، والجنادل فوق أسوان وإليه ينتهي مراكب النوبة في انحدارها إلى الشمال ، ومراكب مصر تنتهي إليه في صعودها جنوبا ، وهي جبل ينحدر منه نيل مصر وهناك حجارة مضرسة لا يمكن معها عبور المراكب.

ذكر تحديد ديار مصر

الحد الشمالي لديار مصر : بحر الروم من رفح إلى العريش ممتدّا على الجفار إلى الفرما إلى الطينة إلى دمياط إلى ساحل رشيد إلى الإسكندرية إلى ما بين الإسكندرية وبرقة ، والحد الغربي مما بين الإسكندرية وبرقة على الساحل آخذا جنوبا إلى ظهر الواحات إلى حدود النوبة ، والحد الجنوبي من حدود النوبة المذكور آخذا مشرقا إلى أسوان إلى بحر القلزم ، والحد الشرقي من بحر القلزم قبالة أسوان إلى عيذاب إلى القصير إلى القلزم إلى تيه بني إسرائيل ، ثم يعطف شمالا إلى بحر الروم عند رفح حيث ابتدأنا.

ومن بلاد مصر الخصوص ـ بضم الخاء المعجمة وصادين مهملتين بينهما واو ـ وهي قرية كبيرة في الصعيد الأوسط ، قبالة سيوط وخصوص في بر الشرق على نحو شوط فرس عن النيل.

وقمولا : بفتح القاف وميم مضمومة وواو ولام ألف ، وهي بلدة بالصعيد

١١٣

الأعلى من بر الغرب كثيرة البساتين وقصب السكر ، وهي فوق قوص على بعض مرحلة ، ودشنا بفتح الدال المهملة وسكون الشين المعجمة ونون وألف ، وهي بليدة صغيرة في بر الشرق من ولاية قوص على نحو ثلاث مراحل عنها ، ومن بلاد مصر أبويط : بهمزة مفتوحة وسكون الباء الموحدة ... قال في المشترك : وهما قريتان إحداهما في كورة البوصيرية ، والأخرى في الأسيوطية ، وإلى إحداهما ينسب أبو يعقوب البويطي صاحب الشافعي ، ومن بلاد مصر أيضا حلوان : بضم الحاء المهملة ، وهي قرية فوق مصر من شرقي النيل ، وبينها وبين الفسطاط نحو فرسخين ، وهي قرية نزهة ، وحلوان أيضا مدينة في آخر حد العراق من جهة الجبل على ما سنذكرها إن شاء الله.

ومن بلاد مصر سخا : بفتح السين المهملة والخاء المعجمة ، وهي قرية بأسفل أرض مصر ينسب إليها بعض أهل العلم ... قال ياقوت في المشترك : ومن بلاد مصر أبوان : وهو اسم لثلاثة مواضع : أحدها : أبوان عطيه بالأشمونين ، والثاني : أبوان من كورة البهنسا ، والثالث : أبوان قريب دمياط.

ويسمى ما علا عن الفسطاط على جانبي النيل الصعيد ، وما سفل عنه الريف ، وطول الصعيد من أسوان إلى الفسطاط فوق خمس وعشرين مرحلة ، وعرضه ما بين نصف يوم إلى يوم ، وأما الريف فعرضه من حدود الإسكندرية إلى طرف الحوف الشرقي عند أول مفازة القلزم نحو ثماني مراحل ... قال ابن حوقل : ويعرف شمالي النيل أسفل من الفسطاط بالحوف ، وجنوبيه بالريف ، ومعظم رساتيق مصر وقراها في هذين الموضعين ، وبالقرب من أسوان مشهد الرديني ، وهو مشهد كبير على حافة النيل من شرقيه ، وهو في جنوبي أسوان على شوط فرس.

صعيد مصر : بفتح الصاد المهملة : صقع طويل غير عريض لأنه بين جبلين على حافتي النيل ، وفيه مدن وكور كثيرة ، والصعيد جنوبي الفسطاط من

١١٤

الفسطاط إلى أسوان ، ومن صعيد مصر طحا بقرب أسيوط ، وهي قرية خرج منها الطحاوي الفقيه الحنفي المشهور ، وبديار مصر الواحات : وهي بلاد كثيرة النخيل والمياه الجارية من عيون هناك ، ويحيط بالواحات البراري كالجزيرة في وسط رمال ومفاوز ، وبينها وبين الصعيد مفازة ثلاثة أيام.

وقال في اللباب : ألواح : بفتح الألف وسكون اللام وفتح الواو وفي آخرها حاء مهملة ، وهي بلدة بنواحي مصر ممايلي برية طريق المغرب ... وقال ياقوت في المشترك : واحات بغير ألف ولام ... قال : وهي ثلاث كور في غربي صعيد مصر خلف الجبل الممتد بإزاء جريان النيل قال : ويقال لها : واح الأولى ، وواح الوسطى ، وواح القصوى ، وأعمرها الأولى وبها أنهار وحمات سخنة وعجائب وبها زروع ونخيل كثير ، وأهلها أهل قشف في العيش.

ومن كتاب ابن سعيد قال : وفي سمت أسوان من جهة الشرق طريق الحجاج إلى عيذاب وغيرها من المواني التي يركبون منها إلى مكة ، فمن أخذ من أسوان مشرقا فعلى الوضح ، ثم يلتقي هذه الطريق مع طريق قوص ، وسميت هذه الطريق بالوضح لخلوها عن الجبال المشتبكة التي في طريق قوص ، ومن الآثار الغريبة بديار : مصر منارة الإسكندرية ، وطولها مائة وثمانون ذراعا ، وهي إنما بنيت لتهتدي بها المراكب ، إذ بر الإسكندرية منخفض لا علم فيه ولا جبال ، وكان بالمنارة مرآة من الحديد الصيني يرى فيها مراكب الروم ، فاحتال عليها النصارى حتى أعدموها في صدر الإسلام في مدة خلافة الوليد بن عبد الملك.

وللإسكندرية جزيرة الرمل وهي بين خليج الإسكندرية وبين البحر المالح ، وطولها بقدر نصف مرحلة جميعها كروم وبساتين ، وترابها رمل نظيف حسن المنظر ، وخليج الإسكندرية الذي يأتيها من النيل من أحسن المنتزهات ؛ لأنه ضيق مخضر الجانبين بالبساتين وفيه يقول ظافر الحداد :

١١٥

وعشيّة أهدت لعينك منظرا

جاء السرور به لقلبك وافدا

روض كمخضرّ العذار وجدول

نقشت عليه يد الشمال مباردا

والنخل كالغيد الحسان تزينت

ولبسن من أثمارهن قلائدا

ومن بلاد مصر : دمنهور وهي في الشرق والجنوب عن الإسكندرية ، وهي قاعدة البحيرة ، ولها خليج من خليج الإسكندرية ، ودمنهور بفتح الدال المهملة وفتح الميم وسكون النون ثم هاء مضمومة وواو وراء مهملة ، وهي على مرحلة من الإسكندرية وهذه تعرف بدمنهور الوحش ، وإليها ينسب الثياب الدمنهورية.

ودمنهور أيضا قرية أخرى بين الفسطاط وإسكندرية تعرف بدمنهور وحشي ؛ ودمنهور أيضا قرية ثالثة من نواحي القاهرة وتعرف بدمنهور شبرا ، ودمنهور الشهد.

ومن بلاد مصر فوة : بضم الفاء وتشديد الواو ، وهي بلدة بالقرب من إسكندرية في وسط البلاد.

ومن أماكن ديار مصر المشهورة في الكتب القديمة الفرما : بفاء وراء مهملة وميم مفتوحة ثم ألف ، وهي بلدة على شاطئ بحر الروم خراب وهي بالقرب من قطية على بعض يوم ... قال ابن حوقل : وبها قبر جالينوس ، وعن ابن سعيد عند الفرما يقرب بحر الروم من بحر القلزم حتى يبقى بينهما نحو سبعين ميلا ... قال : وكان عمرو بن العاص قد أراد أن يخرق ما بينهما في مكان يعرف إلى الآن بذنب التسماح فنهاه عمر بن الخطاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ ، وقال كانت الروم تتخطف الحجاج.

ومن بلاد مصر : المنصورة ، قال في المشترك : والمنصورة بناها الكامل بن العادل قبالة جوجر عند مفترق النيل إلى دمياط وأشمون ، وهي بين القاهرة

١١٦

ودمياط بناها في وجه العدو لما حاصرت الفرنج دمياط ... قال : والمنصورة أيضا اسم لعدة مدن غيرها ، وقد خربت كلها.

ومما هو قبالة المنصورة بلدة جوجر ، وهي عند مفترق النيلين ، نيل أشموم طناح ـ وهو الشرقي منهما ـ ونيل دمياط وهو الغربي ، وما بين هذين النيلين جزيرة يقال لها البشمور.

وأما أشمون جريس : فهي قرية على النيل الغربي من المنوفية تحت شطنوف من البر الشرقي قبالة جزيرة القط ، وقد شاهدتها لما سرت إلى الإسكندرية في النيل.

ومن بلاد مصر الطور : وهو فرضة آهلة وبها سوق ويقصدها التجار ، وهي بين القلزم وبين أيلة ، وعلى مرحلة من الطور المذكور طور سينا ، وهو دير كبير هناك ، وجبال الطور داخلة في بحر القلزم حتى يصير بين الطور وبين بر مصر البحر.

وعلى طرف لسان البحر الداخل بين الطور وبين بلاد مصر مدينة القلزم ... والسائر من مصر إلى الطور يستدير على البحر على القلزم حتى يصل إلى الطور.

ونهر الفيوم مخرجه بالقرب من ضروط الصربان.

ويأخذ شمالا إلى البهنسا ، ثم إلى البلدة المعروفة باللاهون ثم ينعطف غربا إلى بلاد الفيوم ، وباللاهون سد مبني يعرف بحجر اللاهون ، وفيه فرجة عظيمة ، وإذا كان النيل في الزيادة فمن هذه الفرجة تدخل المراكب إلى الفيوم.

ومن أعمال الفيوم بوصير : بضم الباء الموحدة وسكون الواو وكسر الصاد المهملة وسكون المثناة التحتية ثم راء مهملة ـ كذا قاله في المشترك ـ وبوصير

١١٧

اسم لعدة مواضع جميعها من مصر ، وبوصير التي من أعمال الفيوم هي بوصير قوريذس ، وبها قتل مروان الحمار آخر خلفاء بني أمية ، وبوصير السدر من الجيزية ، وبوصير أيضا من كورة السمنودية ، ويقال لها بوصيربنا : بفتح الباء الموحدة والنون ، وبوصير أيضا بلدة من كورة بوش : بضم الباء الموحدة وسكون الواو ثم شين معجمة ، جميع ذلك من ديار مصر. وإلى جانب الفسطاط من شماليها مدينة القاهرة أحدثها الخلفاء الفاطميون الذين ظهروا بالمغرب ، ثم ملكوا مصر ، وكان أول من ملك منهم بمصر المعزّ : معدّ بن المنصور إسماعيل بن القائم محمد بن المهدي عبيد الله ، فملك ديار مصر ، واختط القاهرة في سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ... قال ابن سعيد : ولما اختط القاهرة رغب الناس فيها ، ونسوا الفسطاط ، وزهدوا فيه بعد الاغتباط به.

قال : وكانت القاهرة بستانا لبني طيلون على القرب من مدينة ملكهم المعروفة بالقطائع ، وسميت القاهرة للتفاؤل أي : لتقهر من خالف أمرها ، والقاهرة ليست على شط النيل بل في شرقيه ، والفسطاط على حافة النيل ، وهو محط وإقلاع للمراكب ، وبسبب ذلك صار الفسطاط أكثر رزقا وأرخص أسعارا من القاهرة.

ومن الآثار الغريبة العجيبة بديار مصر الهرمان ـ تثنية هرم ـ بفتح الهاء والراء المهملة وفي آخرها ميم ، وهما بناءان عظيمان لا يبلغ رأس أحدهما النّشّاب إذا رمى به عن قوس قوي ، وهما مقابر الأوائل ، وقد نقل فيهما أخبار كثيرة لم تتحقق ، وهما في غربي الفسطاط على نحو نصف مرحلة وبالقرب منهما أهرامات كثيرة لا تبلغ قدر هذين الهرمين.

ومن بلاد مصر : العباسة وهي شمالي بلبيس على نحو مرحلة منها ، وهي محدثة سميت باسم عباسة بنت أحمد بن طيلون ، لأنها خرجت إلى موضع العباسة مودعة بنت أخيها قطر الندى بنت خمارويه بن أحمد بن طيلون لما

١١٨

أهديت إلى المعتضد فضربت عباسة فساطيطها بهذا الموضع ، ثم بنت به قرية وسميت عباسة باسمها.

ومما هو داخل في حد مصر الجفار : وهو المعروف برمل مصر وبه منازل للسفارة أشهرها وأكبرها قطية ثم الورادة ، وبهما سكان ونخيل ، والذي يحيط بالجفار بحر الروم من رفح إلى بحيرة تنيس ، ومن بحيرة تنيس إلى القلزم ، ومن القلزم إلى تيه بني إسرائيل ، ومن تيه بني إسرائيل إلى بحر الروم عند رفح من حيث ابتدأنا.

وأما تيه بني إسرائيل فيقال : إن طوله أربعون فرسخا وعرضه قريب من طوله ، وأرضه صلبة وفيها رمال وبها عيون ردية الماء ، ويحيط به الجفار ، وحدود القلزم ، وحدود بيت المقدس ، ومن الأماكن المشهورة بالجفار رفح ، وهي منزلة في طرف الجفار من جهة الشام على مرحلة من غزة والعريش ، وهو الآن منزلة على شط بحر الروم ، وبها آثار قديمة من الرخام وغيره ، وهي في الغرب والجنوب عن رفح على مسيرة يوم.

والورادة : وهي ذات عمارة بقدر قرية ، وهي وسط الرمل بين مصر والشام ، وهي عن العريش ـ في جهة الغرب والجنوب ـ على مسيرة يوم أيضا ... قال ابن مظرّف في الترتيب : وسمي الجفار لأن الدواب تجفر فيه أي : تهلك من السير لبعد مراحله ومشقة السير فيه فتهلك فاشتق الجفار ، كما قيل العقال والخطام والحجاز ونحو ذلك.

قال ابن حوقل : وفي أخبار مصر أن الجفار في أيام فرعون كانت معمورة بالقرى والمياه وعنها قال الله تعالى : (وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) ولذلك سمي العريش عريشا.

١١٩

١٢٠