شرح جمل الزجّاجى - ج ٣

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

شرح جمل الزجّاجى - ج ٣

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2263-0

الصفحات: ٤٦١

نحو : «عضد» و «كتف» ، تقول فيهما : عضد وكتف ، بتسكين العين ، نحو قول الشاعر [من الرجز] :

٩٠٢ ـ على محالات عكسن عكسا

إذا تسدّاها طلابا غلسا

وإنّما يقال : غلس ، بالفتح. وقول الآخر :

وقول الآخر [من الطويل].

٩٠٣ ـ وما كلّ مغبون ولو سلف سلعه

براجع ما قد فاته برداد

يريد : سلف.

__________________

٩٠٢ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في شرح شواهد الشافية ص ١٨.

اللغة : المحالات : جمع محالة وهي البكرة العظيمة التي يستقى بها. تسدى الأمر : علاه وقهره. عكس الشيء إلى الأرض : جذبه وضغطه ضغطا شديدا. الغلس : ظلام آخر الليل.

المعنى : الشاعر يصف مستقيا يبكر إلى عمله.

الإعراب : على محالات : جار ومجرور متعلقان بكلام سابق. عكسن : فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، و «النون» : ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. عكسا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة. إذا : ظرفية غير متضمنة معنى الشرط. لم يتضح من المعنى وكلمات الشاهد ما يساعد في تعليق «إذا». تسداها : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف ، و «ها» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره : (هو). طلابا : حال منصوب بالفتحة. غلسا : مفعول فيه. ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل «تسدّاها».

وجملة «عكسن عكسا» : في محل جر صفة. وجملة «تسداها» : في محل جر بالإضافة.

والشاهد فيه قوله : «غلسا» حيث سكّن اللام من «غلس».

٩٠٣ ـ التخريج : البيت للأخطل في ديوانه ص ٥٢٨ ؛ وأدب الكاتب ص ٥٣٨ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ١٨ ؛ ولسان العرب ٣ / ١٧٣ (ردد) ؛ والمنصف ١ / ٢١ ؛ وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٣٣٨ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ٤٤ ؛ وشرح المفصل ٧ / ١٥٢ ؛ ولسان العرب ٩ / ٥٨ (سلف) ؛ والمحتسب ١ / ٥٣ ، ٦٢ ، ٢٤٩.

اللغة : سلف : وجب. الرداد : اسم من الاسترداد ، وهو فسخ البيع.

المعنى : يقول الشاعر : ليست كل الصفقات يمكن أن تسترد ما دفعته في بدايته.

٢٠١

ومن الحذف تسكين حركة الإعراب إجراء للمنفصل مجرى المتصلّ ، نحو قول الآخر [من الرجز] :

٩٠٤ ـ إذا اعوججن قلت صاحب قوّم

بالدوّ أشباه السفين العوّم

فسكّن الباء من «صاحب» إجراء للمنفصل مجرى المتصل فجعل «حب ق» كفعل وإن

__________________

الإعراب : وما : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «ما» : نافية تعمل عمل ليس. كلّ : اسم ما مرفوع بالضمة. مغبون : مضاف إليه مجرور بالكسرة. ولو : «الواو» : حالية ، «لو» : وصلية زائدة. سلف : فعل ماض مبني على الفتح الظاهر. سلعه : فاعل مرفوع بالضمة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. براجع : «الباء» : حرف جر زائد ، «راجع» : اسم مجرور لفظا ، منصوب محلا على أنه خبر ليس. ما : اسم موصول في محل جر بالإضافة. قد فاته : «قد» : حرف تحقيق ، «فاته» : فعل ماض مبني على الفتح الظاهر ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره : هو. برداد : جار ومجرور متعلقان باسم الفاعل «راجع».

وجملة «ما كان مغبون براجع» : بحسب الواو. وجملة «سلف سلعه» حالية محلها النصب. وجملة «فاته» : صلة الموصول لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «سلف» حيث سكّن العين منه والأصل «سلف».

٩٠٤ ـ التخريج : الرجز لأبي نخيلة في شرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٩٨ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٢٥ ؛ وبلا نسبة في الكتاب ٤ / ٢٠٣ ؛ ولسان العرب ١٢ / ٤٣٢ (عوم) ؛ وتاج العروس (عهم) ؛ وجمهرة اللغة ص ٩٦٢.

اللغة : الضمير في اعوججن يعود إلى الإبل. الدو : الصحراء. العوّم : جمع عائمة شبه الإبل بالسفن.

المعنى : إذا مالت الإبل عن طريقها أدركت أن الإبل في الصحراء هي السفن.

الإعراب : إذا : ظرفية شرطية غير جازمة متعلقة بالجواب. اعوججن : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، و «النون» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. قلت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. صاحب : منادى بحرف نداء محذوف ، منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب ، وسكّن للضرورة. قوم : فعل أمر مبني على السكون وحرك بالكسر للضرورة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنت. بالدو : جار ومجرور متعلقان بالفعل قوّم. أشباه : مفعول به منصوب بالفتحة. السفين : مضاف إليه مجرور بالكسرة. العوّم : صفة لمجرور مجرورة مثله.

وجملة «اعوججن» : في محل جر بالإضافة. وجملة «قلت» : جواب شرط غير جازم لا محل لها. وجملة «صاحب بالدو» : في محل نصب مفعول به. وجملة «قوّم» استئنافية لا محل لها. وجملة «إذا اعوججن قلت» : ابتدائية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «صاحب قوّم» حيث سكّن الباء من «صاحب» إجراء للمنفصل مجرى المتصل.

٢٠٢

لم يكن في الكلام ، لأنّه لو ورد في الكلام لجاز تسكينه لثقل الضمة. وقول امرىء القيس [من السريع] :

فاليوم أشرب غير مستحقب

إثما من الله ولا واغل(١)

فسكن الباء من أشرب إجراء للمنفصل مجرى المتصل فجعل : «رب غ» كفعل.

وقول الآخر [من السريع] :

٩٠٥ ـ رحت وفي رجليك ما فيهما

وقد بدا هنك من المئزر

فسكن النون من «هنك» إجراء للمنفصل مجرى المتصل.

وقول جرير [من البسيط] :

٩٠٦ ـ سيروا بني العمّ فالأهواز منزلكم

ونهر تيرى فما تعرفكم العرب

__________________

(١) تقدم بالرقم ٥٧٣.

٩٠٥ ـ التخريج : البيت للأقيشر الأسدي في ديوانه ص ٤٣ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٤٨٤ ، ٤٨٥ ، ٨ / ٣٥١ ؛ والدرر ١ / ١٧٤ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٩١ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٥١٦ ؛ وللفرزدق في الشعر والشعراء ١ / ١٠٦ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٦٥ ، ٢ / ٣١ ؛ وتخليص الشواهد ص ٦٣ ؛ والخصائص ١ / ٧٤ ، ٣ / ٩٥ ، ٣١٧ ؛ ورصف المبانى ص ٣٢٧ ؛ وشرح المفصل ١ / ٤٨ ؛ والكتاب ٤ / ٢٠٣ ؛ ولسان العرب ١١ / ٧١٦ (وأل) ، ١٥ / ٣٦٧ (هنا) ؛ وهمع الهوامع ١ / ٥٤.

اللغة : الهن : العورة ، وهو كناية عن كل ما يقبح.

المعنى : يريد الشاعر : أنك لو شربت الخمرة لفقدت وعيك ولبدا منك ما يستقبح ولما عرفت ماذا تصنعين.

الإعراب : رحت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. وفي : «الواو» : حالية ، «في» : حرف جر. رجليك : اسم مجرور بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، والجار والمجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف تقديره : كائن. ما : اسم موصول في محل رفع مبتدأ مؤخر. فيهما : جار ومجرور متعلقان بفعل جملة الصلة المحذوف. وقد : «الواو» : حالية ، «قد» : حرف تحقيق. بدا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر. هنك : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على النون وقد سكن للضرورة ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. من المئزر : جار ومجرور متعلقان بالفعل «بدا».

وجملة «رحت» : حسب ما قبلها ولعلها جواب شرط. وجملة «في رجليك ما فيهما» : في محل نصب حال. وجملة «بدا هنك» : في محل نصب حال.

والشاهد فيه قوله : «هنك» حيث سكّن ما حقه الرفع إجراء للمنفصل مجرى المتصل.

٩٠٦ ـ التخريج : البيت لجرير في ديوانه ص ٤٤١ ؛ والأغاني ٣ / ٢٥٣ ؛ وجمهرة اللغة ص ٩٦٢ ؛

٢٠٣

فسكنّ الفاء من «تعرفكم» إجراء للمنفصل مجرى المتصل ، فجعل «رفك» كفعل وإن لم يكن في الكلام ، لأنّه لو ورد في الكلام ، لجاز تسكينه لثقل الضمة. والمبرد لا يجيز هذا ، ويزعم أنّ الرواية في قوله : «فاليوم أشرب» : أسقى.

وفي قول جرير : «فما تعرفكم» : فلم تعرفكم ، وفي قوله : «صاحب قوم» : صاح قوم ، وفي «بدا هنك» : بدا ذاك.

وهذه الروايات ، وإن ثبتت ، لا يدفع بها ما رواه غيره.

ومن الحذف تسكين الفتحة التي تكون في الآخر إجراء أيضا للمنفصل مجرى المتصل وهو قبيح ، نحو قوله [من الكامل] :

٩٠٧ ـ ترّاك أمكنة إذا لم أرضها

أو يرتبط بعض النفوس حمامها

__________________

وخزانة الأدب ٤ / ٤٨٤ ؛ والخصائص ١ / ٧٤ ؛ وسمط اللآلي ص ٥٢٧ ؛ ولسان العرب ٢ / ١٥٩ (شتت) ، ٣ / ٢٧٤ (عبد) ؛ ومعجم البلدان ٥ / ٣١٩ (نهر تيرى) ؛ والمعرب ص ٣٨ ؛ وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٣١٧.

اللغة : نهر تيرى : نهر قديم في الأهواز.

المعنى : يدعو أبناء عمومته للذهاب إلى أراضي الأهواز حيث مولدهم ونشأتهم ، ففي غير بلدهم لا يعرفهم أحد من العرب.

الإعراب : سيروا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة ، و «الواو» : ضمير متصل في محل رفع فاعل و «الألف» : للتفريق. بني : منادى مضاف بحرف نداء محذوف منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، وحذفت النون للإضافة. العم : مضاف إليه مجرور بالكسرة. فالأهواز : «الفاء» : استئنافية ، «الأهواز» : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. منزلكم : خبر مرفوع بالضمة و «الكاف» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، و «الميم» : للجمع. ونهر : «الواو» : حرف عطف ، «نهر» : اسم معطوف على الأهواز مرفوع مثلة بالضمة «تيرى» مضاف إليه مجرور. فما : «الفاء» استئنافية ، «ما» : نافية. تعرفكم : فعل مضارع مرفوع وسكّن للضرورة ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، و «الميم» : للجمع. العرب : فاعل مرفوع بالضمة.

وجملة «سيروا» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «الأهواز منزلكم» : استئنافية لا محل لها. وجملة «ما تعرفكم العرب» : استئنافية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «تعرفكم» حيث سكّن للضرورة ما حقه الرفع إجراء للمنفصل مجرى المتصل.

٩٠٧ ـ التخريج : البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص ٣١٣ ؛ والخصائص ١ / ٧٤ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٧٧٢ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٤١٥ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٥١ ؛ ومجالس ثعلب ص ٦٣ ، ٣٤٦ ، ٤٣٧ ؛ والمحتسب ١ / ١١١ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٧ / ٣٤٩ ؛ والخصائص ٢ / ٣١٧ ، ٣٤١.

٢٠٤

فسكن «يرتبط» ، وكان ينبغي أن يكون مفتوحا ، لأنّ «أو» الداخلة عليه بمنزلة «إلى أن».

وكذلك قول وضاح [من مجزوء الرمل] :

٩٠٨ ـ عجب الناس وقالوا

شعر وضّاح اليماني

إنّما شعري شهد

قد خلط بجلجلان

فسكن الطاء من «خلط» إجراء للمنفصل مجرى المتصل فجعل «لط ب» كفعل ، وسكّن المفتوح كما سكنه من المتصل للضرورة.

__________________

اللغة : ترّاك : مبالغة اسم الفاعل من ترك.

المعنى : إن الأرض التي لا تعجبني لا أقيم فيها ، بل أتركها لغيرها ، إلى أن أصل إلى الأرض التي أموت فيها.

الإعراب : تراك : خبر مرفوع لمبتدأ محذوف تقديره : أنا. أمكنة : مضاف إليه مجرور. إذا : ظرفية غير متضمنة معنى الشرط متعلقة ب «ترّاك». لم : حرف جزم. أرضها : فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة ، و «ها» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : (أنا). أو يرتبط : «أو» : حرف عطف بمعنى ، «إلى أن» : ناصب ، «يرتبط» : فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد أو ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، وقد سكّن الفعل للضرورة ، والمصدر المؤول من «أن» المقدرة والفعل «يرتبط» معطوف على مصدر متصيد من قبل ، والتقدير : ليكن ترك أو ارتباط. بعض : مفعول به منصوب بالفتحة. النفوس : مضاف إليه مجرور. حمامها : فاعل مرفوع مؤخر ، و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

وجملة «أنا تراك» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «لم أرضها» : في محل جر بالإضافة. وجملة «يرتبط حمامها» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «يرتبط» حيث سكّن الطاء في نهاية الفعل وكان حقها الفتح لأن الفعل منصوب بأن المضمرة بعد أو ، وذلك إجراء للمنفصل مجرى المتصل.

٩٠٨ ـ التخريج : البيتان لوضاح اليمن في ديوانه ص ٨٩ ؛ ولسان العرب ١١ / ١٢٣ (جلل) ؛ وتهذيب اللغة ١٠ / ٤٩١.

اللغة : الجلجلان : ثمرة الكزبرة وقيل : حب السمسم. الشهد : العسل.

المعنى : يقول : إن الناس يعجبون عندما يعرفون أن هذا الشعر شعري وهو الشعر الجميل الذي تتعطر به الأجواء وتحلو به الأفواه.

الإعراب : عجب : فعل ماض مبني على الفتح الظاهر. الناس : فاعل مرفوع بالضمة. وقالوا :

٢٠٥

ومن الحذف أيضا حذف حروف العلة للاكتفاء بالحركات منها. فمن حذف الألف قول الشاعر [من الرجز] :

أقبل سيل جاء من أمر الله(١)

فحذف الألف من «الله». ومن حذف الياء قول الآخر [من الرجز] :

٩٠٩ ـ كفّاك كفّ ما تليق درهما

جودا وأخرى تعط بالسيف الدما

__________________

«الواو» : حرف عطف ، «قالوا» : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، و «الواو» : ضمير متصل في محل رفع فاعل ، و «الألف» : للتفريق. شعر : خبر مرفوع لمبتدأ محذوف تقديره : هذا. وضاح : مضاف إليه مجرور بالكسرة. اليماني : صفة مجرورة بالكسرة. إنما : كافة ومكفوفة. شعري : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء ، و «الياء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. شهد : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة. قد : حرف تحقيق. خلط : فعل ماض مبني للمجهول ، مبني على الفتح وسكّن للضرورة. و «نائب الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره : هو. بجلجلان : جار ومجرور متعلقان بالفعل «خلط».

وجملة «عجب الناس» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «قالوا» : معطوفة على جملة لا محل لها. وجملة «هذا شعر» : في محل نصب مفعول به. وجملة «شعري شهد» : استئنافية لا محل لها. وجملة «خلط» : في محل رفع صفة ل «شهد».

والشاهد فيه قوله : «خلط» حيث سكّن آخر الفعل وكان حقه الفتح وذلك إجراء للمنفصل مجرى المتصل.

(١) تقدم بالرقم ٥١٣.

٩٠٩ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٥٦ ، ٢ / ٦٠ ؛ وتذكرة النحاة ص ٣٢ ؛ والخصائص ٣ / ٩٠ ، ١٣٣ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٥١٩ ، ٧٧٢ ؛ ولسان العرب ١٠ / ٣٣٤ (ليق) ؛ والمنصف ٢ / ٧٤.

اللغة : لا تليق درهما : لا تبقيه ، أو لا تحبسه (من الأضداد).

المعنى : إن كفّيك ـ أيها الممدوح ـ نافعتان ، فالأولى تعطي السائلين مالا ، ولا تبقيه ، والثانية تجيء بدم الأعداء ، فأنت الشجاع الكريم.

الإعراب : «كفاك» : مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنّى ، و «الكاف» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. «كف» : مبتدأ مرفوع بالضمة. «ما» : نافية لا عمل لها. «تليق» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). «درهما» : مفعول به منصوب بالفتحة. «جودا» : مفعول لأجله منصوب بالفتحة. «وأخرى» : «الواو» : حرف عطف ، «أخرى» : مبتدأ مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف. «تعط» : فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدّرة على الياء المحذوفة ، والكسرة دليل عليها ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). «بالسيف» : جار ومجرور متعلّقان ب (تعطي). «الدما» : مفعول به منصوب بالفتحة.

وجملة «كفّاك كفّ ...» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «كفّ ما تليق» : في محلّ رفع خبر (كفاك).

٢٠٦

فحذف الياء من «تعطي» ، واكتفى بالكسرة عنها.

ومن حذف الواو [من الوافر] :

فلو أنّ الأطبّا كان حولي

وكان مع الأطبّاء الأساة(١)

فحذف واو الضمير. وإنّما جاز ذلك لأنّ فيه رد الشيء إلى أصله ، لأنّ هذه الحروف المحذوفة زوائد.

وأمّا حذف واو الضمير والياء من «تعطي» وإن لم تكونا زائدتين فمشبّهات بالزائدة.

ومن الحذف أيضا حذف صلة الضمير المذكّر الغائب المنصوب ، إذا كان ما قبله متحركا. وذلك أنّ العرب تصله بواو إذا كان ما قبله مضموما أو مفتوحا ، نحو : «ضربه» و «يضربه» ، وبياء إذا كان ما قبله مكسورا ، نحو : «به» ، ومنهم من يصله بواو نحو : «به». فإذا وقفت حذفت الصلة ، فقلت : «به» ، و «ضربه» ، و «يضربه». وهذا حكمه في الكلام.

ولا يجوز حذف هذه الصلات في الوصل إلّا في ضرورة شعر ، لأن ذلك من قبيل ردّ الكلمة إلى أصلها. لأنّ هذه الصلات زوائد ، بدليل حذفها في الوقف. فمن ذلك قول الشاعر [من البسيط] :

٩١٠ ـ أو معبر الظهر ينبي عن وليته

ما حجّ ربّه في الدّنيا وما اعتمرا

__________________

وجملة «لا تليق» : في محلّ رفع خبر ل (كفّ). وجملة «أخرى تعطي» : معطوفة على جملة (كفّ ما تليق) في محلّ رفع. وجملة «تعطي» : في محلّ رفع خبر (أخرى).

والشاهد فيه قوله : «تعط» حيث حذف الياء والكسرة دليل عليها ، والأصل «تعطي».

(١) تقدم بالرقم ٦٧٦.

(٩١٠) ـ التخريج : البيت لرجل من باهلة في شرح أبيات سيبويه ١ / ٤٢٢ ؛ والكتاب ١ / ٣٠ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٥ / ٢٦٩ ؛ ولسان العرب ٤ / ٥٣٣ (عبر) ؛ والمقتضب ١ / ٣٨ ؛ والمقرب ٢ / ٢٠٤.

اللغة : معبر الظهر : البعير الممتلىء باللحم مع كثرة وبر. الولية : البرذعة.

المعنى : وهذا البعير قد اشتد سمنه وكثر وبره فأنبأ مظهره عنه فهو لم يستعمل في سفر حج أو عمرة.

الإعراب : «أو» : بحسب ما قبلها. «معبر» : خبر أول لمبتدأ محذوف تقديره : «هو» ، أو بحسب ما قبل «أو» ، مرفوع بالضمة الظاهرة. «الظهر» : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. «ينبي» : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. «عن» : حرف جر. «وليته» : اسم مجرور والهاء ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة وهما متعلقان بالفعل. «ما» : نافية لا عمل لها. «حجّ» : فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة. «ربه» : فاعل مرفوع بالضمة والهاء في محل جرّ بالإضافة. «في الدنيا» : في حرف جر ، «الدنيا» : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر ، والجار والمجرور متعلقان بالفعل

٢٠٧

فحذف صلة الضمير في «ربّه».

ومن ذلك قول الآخر [من الطويل] :

٩١١ ـ إن يك غثّا أو سمينا فإنّني

سأجعل عينيه لنفسه مقنعا

فحذف صلة الضمير من «لنفسه».

وقد يجوز في الاضطرار حذف الصلة وحركة الضمير ، إلّا أنّ ذلك أحسن من الأول ، ووجهه إجراء الوصل مجرى الوقف. فكما تقول : «به» ، و «ضربه» ، و «يضربه» ، في الوقف

__________________

«حج». «وما» : «الواو» : عاطفة ، و «ما» : زائدة لتوكيد النفي. «اعتمرا» : فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» ، والألف للإطلاق.

وجملة «معبر الظهر» : بحسب ما قبلها. وجملة «ينبي» : في محل رفع خبر ثان. وجملة «حج» : استئنافية لا محل لها. وجملة «اعتمرا» : معطوفة على جملة «حج» فهي مثلها لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «ربه» اختلس الشاعر الضمة التي على ضمير الغائب المجرور اختلاسا ، ولم يشبع هذه الضمة حتى تنشأ عنها واو.

٩١١ ـ التخريج : البيت لمالك بن خريم في الأصمعيات ص ٦٧ ؛ وسمط اللآلي ص ٧٤٩ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٤٣ ؛ والكتاب ١ / ٢٨ ؛ وبلا نسبة في شرح شواهد الإيضاح ص ٢٨٤ ؛ والمعاني الكبير ص ٤٢٢ ؛ والمقتضب ١ / ٣٨ ، ٢٦٦.

المعنى : يصف الشاعر ضيفا نزل به ، فيقول : إني سأقدم أفضل ما عندي من القرى إكراما له ، وسأحكّمه فيه ليختار منه أفضل ما تقع عليه عيناه ، فيقنع بذلك.

الإعراب : «فإن» : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «إن» : حرف شرط جازم. «يك» : فعل مضارع ناقص مجزوم لأنه فعل الشرط وعلامة جزمه السكون الظاهرة على النون المحذوفة للتخفيف ، واسمها ضمير مستتر تقديره هو. «غثا» : خبر كان منصوب بالفتحة الظاهرة. «أو» : حرف عطف. «سمينا» : اسم معطوف منصوب بالفتحة. «فإنني» : الفاء رابطة لجواب الشرط ، «إن» : حرف مشبه بالفعل و «النون» للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محل نصب اسمها. «سأجعل» : السين للاستقبال ، «أجعل» : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره (أنا). «عينيه» : مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الياء وحذفت النون للإضافة والهاء مضاف إليه. «لنفسه» : اللام حرف جر ، «نفسه» : اسم مجرور بالكسرة الظاهرة ، والهاء : ضمير في محل جر مضاف إليه ، والجار والمجرور متعلقان ب «مقنع». «مقنعا» : مفعول به ثان منصوب بالفتحة.

وجملة «إن يك فإنني سأجعل» : بحسب ما قبلها. وجملة «فإنني سأجعل» : في محل جزم جواب الشرط. وجملة «أجعل» : في محل رفع خبر إن.

والشاهد فيه قوله : «لنفسه» فإن الشاعر قد اختلس كسرة الهاء اختلاسا ، ولم يمطلها حتى تنشأ عنها ياء. وذلك مما يقع في الشعر.

٢٠٨

كذلك في الوصل. فمن ذلك قول الشاعر [من الطويل] :

٩١٢ ـ فظلت لدى البيت العتيق أخيله

ومطواي مشتاقان له أرقان

فسكن الهاء من «له». وقول الآخر [من البسيط] :

٩١٣ ـ وأشرب الماء ما بي نحوه عطش

إلا لأنّ عيونه سيل واديها

__________________

٩١٢ ـ التخريج : البيت ليعلى بن الأحول الأزديّ في خزانة الأدب ٥ / ٢٦٩ ، ٢٧٥ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٢٨٧ (مطا) ، ٤٧٧ (ها) ؛ وبلا نسبة في الخصائص ١ / ١٢٨ ، ٣٧٠ ؛ ورصف المباني ص ١٦ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٧٢٧ ؛ والمحتسب ١ / ٢٤٤ ؛ والمقتضب ١ / ٣٩ ، ٢٦٧ ؛ والمنصف ٣ / ٨٤.

اللغة : أخيله : أتوقع فيه مطرا. مطواي : مثنى مطو بمعنى صاحب ، وهي لغة أزد السراة ، والبيت في وصف برق.

المعنى : وقفت في البيت العتيق أتوسم المطر والبرق وصاحباي يقفان ينتظران المطر بشوق وقلق.

الإعراب : فظلت : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «ظلت» : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع اسم ظل. لدى : مفعول فيه ظرف مكان متعلق بخبر ظل وهو «أخيله». البيت : مضاف إليه مجرور بالكسرة. العتيق : صفة لمجرور مجرورة مثله. أخيله : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا. ومطواي : «الواو» : حالية ، «مطواي» : مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى ، وحذفت النون للإضافة ، و «الياء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. مشتاقان : خبر مرفوع بالألف لأنه مثنى ، و «النون» : عوض عن التنوين. له : «اللام» : حرف جر ، «الهاء» : ضمير متصل مبني على الضم وسكن للضرورة ، في محل جر بحرف الجر ، والجار والمجرور متعلقان بالخبر مشتاقان. أرقان : خبر ثان مرفوع بالألف لأنه مثنى ، و «النون» : عوض عن التنوين.

وجملة «ظلت لدى البيت أخيله» : بحسب الفاء. وجملة «أخيله» : في محل نصب خبر «ظل». وجملة «مطواي مشتاقان» : في محل نصب حال.

والشاهد فيه قوله : «له» حيث سكّن الضمير في الوصل.

٩١٣ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في خزانة الأدب ٥ / ٢٧٠ ، ٦ / ٤٥٠ ؛ والخصائص ١ / ١٢٨ ، ٣١٧ ، ٢ / ١٨ ؛ والدرر ١ / ١٨٢ ؛ ورصف المباني ص ١٦ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٧٢٧ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٤٧٧ (ها) ؛ والمحتسب ١ / ٢٤٤ ؛ والمقرب ٢ / ٢٠٥ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٥٩.

المعنى : إني أشرب من هذا الماء ليس لأنني ظمآن ولكنني أشربه لأنه يسيل من وادي المحبوبة فلعله يحمل رائحتها أو لعلها شربت منه.

الإعراب : وأشرب : «الواو» : حسب ما قبلها ، «أشرب» : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا. الماء : مفعول به منصوب بالفتحة. ما بي : «ما» : نافية ، «بي» : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف. نحوه : مفعول مطلق منصوب ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. عطش : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. إلّا : حرف حصر. لأن : «اللام» : حرف جر ، «أن» : حرف

٢٠٩

فسكن الهاء من «عيونه».

وأمّا حذف الصلة وإبقاء الحركة فقلّ ، لأنّه لم يجر الوصل مجرى الوقف ، ولا أبقى الوصل على ما كان ينبغي أن يكون عليه.

ومن الحذف أيضا حذف الياء من «هي» والواو من «هو» ، وهو أقبح من جميع ما تقدم. وذلك لأنّه اجتمع فيه ضرورتان : إحداهما تسكين الياء والواو المفتوحتين حملا عليهما إذا كانا مكسورتين أو مضمومتين ، نحو قول النابغة الذبياني [من البسيط] :

٩١٤ ـ ردّت عليه أقاصيه ولبّده

[ضرب الوليدة بالمسحاة في الثأد]

في إحدى الروايتين.

والأخرى تشبيهه المنفصل بالمتصل. وذلك أنّه لما سكنها ، صار بمنزلته في «به» ، و «ضربه». وهذا الضمير إذا كان ما قبله ساكنا ، نحو : «منه» ، و «عليه» جاز أن لا يؤتى

__________________

مشبه بالفعل. عيونه : اسم أن منصوب بالفتحة الظاهرة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة وقد سكّن للضرورة. سيل : خبر أن مرفوع بالضمة ، والمصدر المؤول من «أن» ومعموليها مجرور باللام ، والجار والمجرور متعلقان ب «أشرب». واديها : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الياء ، و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

وجملة «أشرب الماء» : بحسب الواو. وجملة «ما بي عطش» : حالية محلها النصب.

والشاهد فيه قوله : «عيونه» حيث سكّن الضمير في الوصل.

٩١٤ ـ التخريج : البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ١٥ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٥ ؛ وبلا نسبة في المقتضب ٤ / ٢١.

اللغة : أقاصيه : ما شذّ به. لبده : سكنه. الثأد : الموضع الندي في التراب. الوليدة : الخادمة الشابة.

المعنى : الشاعر يصف شابة أمة تجمع ما تفرق من تراب الحفرة لئلا يصل الماء إلى البيت.

الإعراب : ردت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره : هي. عليه : جار ومجرور متعلقان بالفعل ردت. أقاصيه : مفعول به منصوب بالفتحة ، وسكّن للضرورة الشعريّة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ولبده : «الواو» : حرف عطف ، «لبده» : ماض مبني على الفتح ، و «الهاء» : مفعول به. ضرب : فاعل مرفوع بالضم. الوليدة : مضاف إليه مجرور بالكسرة. بالمسحاة : جار ومجرور متعلقان بالمصدر ضرب. في الثأد : جار ومجرور متعلقان بالمصدر ضرب.

وجملة «ردت أقاصيه» : ابتدائية لا محل لها ، وعطف عليها جملة «لبد».

والشاهد فيه قوله : «أقاصيه» حيث سكّن الياء وكسر الهاء بعدها.

٢١٠

بالصلة. فكذلك ما شبّه به. فمن ذلك قول الشاعر [من الطويل] :

فبيناه يشري رحله قال قائل

لمن جمل رخو الملاط نجيب(١)

فأجرى «بينا هو» بعد الإسكان مجرى «رماه».

وقال الآخر [من الرجز] :

دار لسعدى إذه من هواكا(٢)

فأجرى «إذ هي» بعد إسكان الياء مجرى «عليه» ، فلم يأت بصفة لذلك.

ومن الحذف أيضا حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، حيث لا يجوز ذلك في الكلام ، وذلك في ثلاثة أماكن :

أحدها : صفة «أي» المنادى ، نحو قولك : «يا أيّها الرجل». ولا يجوز أن تقول «يا الرجل» ، إلّا في ضرورة. قال الشاعر [من الوافر] :

من أجلك يا التي تيّمت قلبي

وأنت بخيلة بالودّ عنّي(٣)

يريد : يا أيّتها التي. وقول الآخر [من الرجز] :

فيا الغلامان اللذان فرّا

إيّاكما أن تكسباني شرّا(٤)

يريد : فيا أيّها الغلامان.

والثاني أن تكون الصفة غير حقيقية. أعني جملة أو ظرفا أو مجرورا ، نحو قولك : «جاءني يقوم أبوه» ، تريد : جاءني رجل يقوم أبوه. فإنّ ذلك لا يجوز في الكلام إلّا في موضعين. أحدهما : مع «من» نحو قوله : منّا ظعن ومنا أقام ، تريد منّا رجل ظعن ومنّا رجل أقام. وعليه قوله [من الطويل] :

٩١٥ ـ وما الدهر إلّا تارتان فمنهما

أموت ومنها أبتغي العيش أكدح

__________________

(١) تقدم بالرقم ٤٦٣.

(٢) تقدم بالرقم ٤٦٤.

(٣) تقدم بالرقم ٥٠٧.

(٤) تقدم بالرقم ٥٠٦.

٩١٥ ـ التخريج : البيت لتميم بن مقبل في ديوانه ص ٣٨ ؛ وحماسة البحتري ص ١٢٣ ؛ والحيوان ٣ / ٤٨ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٥٥ ؛ والدرر ٦ / ١٨ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١١٤ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٦٣٤ ؛ والكتاب ٢ / ٣٤٦ ؛ ولسان العرب ٢ / ٥٦٩ (كدح) ؛ ولعجير السلولي في سمط اللآلي ص ٢٠٥ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ١٠ / ١٧٥ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٥٤٧ ؛ ولسان العرب ٤ / ٩٧ (تور) ؛ والمحتسب ١ / ٢١٢ ؛ والمقتضب ٢ / ١٣٨ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٢٠.

المعنى : يقول الشاعر إن الحياة مرحلتان ، مرحلة يموت فيها ومرحلة يعمل للعيش وللكسب.

٢١١

والآخر في : «نعم الرجل يقوم» ، يريد : نعم رجلا يقوم ، فحذفت «رجلا» لدلالة الرجل المتقدم الذكر عليه ، وحذفته مع «من» لأنّها تقتضي التفصيل ، ففيها دلالة على معنى أحدهما أو أحدهم فعل كذا ، والآخر كذا ، فحذفت لقوة الدلالة.

وما عدا ذلك ، فلا يجوز إلّا في الضرورة ، وهو على قسمين : مقيس في الضرائر ، وغير مقيس. فالمقيس أن يكون المحذوف مرفوعا نحو قول الشاعر [من الرجز] :

لو قلت ما في قومها لم تيثم

يفضلها في حسب وميسم(١)

يريد : أحد يفضلها.

وغير المقيس أن يكون المحذوف ليس بمرفوع ، نحو قول الشاعر [من الرجز] :

والله ما زيد بنام صاحبه

ولا مخالط الليان جانبه(٢)

يريد : برجل نام صاحبه.

وقول الآخر [من الرجز] :

ما لك عندي غير سهم وحجر

وغير كبداء شديدة الوتر

ترمي بكفّي كان من أرمى البشر(٣)

يريد : بكفّي رجل كان من أرمى البشر.

__________________

الإعراب : وما : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «ما» : نافية غير عاملة. الدهر : مبتدأ مرفوع بالضمة. إلّا : حرف حصر. تارتان : خبر مرفوع بالألف لأنه مثنى ، و «النون» : عوض عن التنوين في الاسم المفرد. فمنهما : «الفاء» : استئنافية ، «منهما» : جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف لمبتدأ محذوف والتقدير : منهما تارة أموت فيها. أموت : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا. ومنها : «الواو» : حرف عطف ، «منها» : جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف لمبتدأ محذوف كالحالة السابقة. أبتغي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا. العيش : مفعول به منصوب بالفتحة. أكدح : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا.

وجملة «الدهر تارتان» : بحسب الواو. وجملة «أموت» : صفة ل «تارة» المحذوفة محلها الرفع ، وذلك على تقدير الضمير الرابط أن أموت فيها. وجملة «أكدح» : في محل نصب حال.

والشاهد فيه قوله : «منهما أموت» و «منهما أبتغي» حيث حذف الموصوف «تارة» لدلالة الكلام عليها.

(١) تقدم بالرقم ١١٣.

(٢) تقدم بالرقم ١١٥.

(٣) تقدم بالرقم ١١٦.

٢١٢

والثالث : أن يحذف الموصوف ، وتقام الصفة مقامه من غير أن تكون الصفة مختصة بجنس ، ك «مهندس» ، فإنّه وصف خاص بمن يعقل. أو تكون قد استعملت استعمال الأسماء نحو «الأبطح» (١) و «الأبرق» (٢). أو يتقدّم لفظ دال على الموصوف ، نحو : «أعطني ماء ولو باردا» ، يريد : ولو ماء باردا ، نحو قول أبي دؤاد [من الهزج] :

وقصري شنج الأنسا

ء نتاج من الشعب(٣)

يريد : وقصرا ثور شنج الأنساء ، فحذف الموصوف ، وليست الصفة خاصة بثور الوحش ، لأنّ شنج الأنساء يوصف به أشياء كثيرة كالفرس والغزال ، ولا هي مما استعمل استعمال الأسماء ، ولا تقدم ما يدل على الموصوف.

ويجوز القياس على ذلك في الضرائر. ووجه جواز جميع ذلك التشبيه بحذف الموصوف حيث يجوز ذلك فيه.

ومن الحذف تسكين المنصوب الذي في آخره حرف علة وقبله كسرة إجراء للمنصوب مجرى المرفوع ، نحو قوله [من الكامل] :

٩١٦ ـ وكسوت عاري لحمه فتركته

جذلان يسحب ذيله ورداءه

__________________

(١) الأبطح : مسيل الماء فيه حجارة دقيقة.

(٢) الأبرق : الأرض الغليظة.

(٣) تقدم بالرقم ١١٧.

٩١٦ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في الدرر ١ / ١٦٥ ؛ والممتع في التصريف ٢ / ٥٥٧ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٥٣.

اللغة : جذلان : فرح.

المعنى : لقد أكثرت له العطاء والمعروف حتى أسبغت عليه فضلك وهو في عيش راض ، وصحة جيدة.

الإعراب : وكسوت : «الواو» : حسب ما قبلها ، «كسوت» : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. عاري : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة ، وسكّن للضرورة. والأصل فيه : عاريا. لحمه : فاعل لاسم الفاعل «عاري» مرفوع بالضمة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. فتركته : «الفاء» : عاطفة ، «تركته» : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به. جذلان : حال منصوب بالفتحة ، ممنوع من الصرف. يسحب : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره : هو. ذيله : مفعول به منصوب بالفتحة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ورداءه : «الواو» : حرف عطف ، «رداءه» : اسم معطوف على منصوب ، منصوب مثله بالفتحة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

٢١٣

وكان حقه أن يقول : وكسوت عاريا لحمه ، فسكّن.

ومن الحذف أيضا الجزم بعد الحذف تشبيها بما لم يحذف منه شيء تقول : «لم يغز» ، فسكن الزاي بعد حذف الواو ، لأنّك تشبّه الكلمة بعد الحذف بما لم يحذف منه شيء ، فكما أنّك تجزم «يضرب» إذا أدخلت عليه الجازم كذلك تفعل ب «يغز» ، فمن ذلك قول الشاعر [من الوافر] :

٩١٧ ـ ومن يتّق فإنّ الله معه

ورزق الله مؤتاب وغادي

فحذف الياء من «يتقي» ثم حذف الحركة من القاف بعد ذلك.

ونحو من ذلك قول الآخر [من الرجز] :

٩١٨ ـ قالت سليمى اشتر لنا دقيقا

وهات خبز البرّ أو سويقا

__________________

وجملة «كسوت عاري» : حسب ما قبلها. وجملة «تركته» : معطوفة على جملة «كسوت». وجملة «يسحب ذيله» : في محل نصب حال ثانية من «عاريا».

والشاهد فيه قوله : «عاري» حيث سكن المنصوب الذي في آخره حرفة علة إجراء للمنصوب مجرى المرفوع.

٩١٧ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في الخصائص ١ / ٣٠٦ ، ٢ / ٣١٧ ، ٣٣٩ ؛ والدرر ١ / ١٦١ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٩٩ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٢٨ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٤٨ ؛ ولسان العرب ١ / ٢١٨ (أوب) ، ١٥ / ٤٠٢ (وقي) ؛ والمحتسب ١ / ٣٦١ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٥٢.

اللغة : مؤتاب : من آب يؤوب بمعنى رجع. غادي : ذاهب.

المعنى : إن من يخف من عقوبة الله ، يكن الله معه دائما ، فالإنسان يأتيه رزقه دائما من الله ، والرزق يأتي ويذهب.

الإعراب : ومن : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «من» : اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ. يتق : فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وسكّن آخره كأنه لم يحذف. فإن : «الفاء» : رابطة لجواب الشرط ، «إن» : حرف مشبه بالفعل. الله : لفظ الجلالة اسم إن منصوب بالفتحة. معه : مفعول فيه ظرف مكان متعلق بخبر إن المحذوف تقديره : كائن ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ورزق : «الواو» : استئنافية ، «رزق» : مبتدأ مرفوع بالضمة. الله : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور بالكسرة. مؤتاب : خبر مرفوع بالضمة. وغادي : «الواو» : حرف عطف ، «غادي» : اسم معطوف على مرفوع ، مرفوع مثله بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة وهذه الياء للإطلاق.

وجملة «من يتق فإن الله معه» : بحسب الواو. وجملة «يتق» : في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة «إن الله معه» في محل جزم جواب شرط. وجملة «رزق الله مؤتاب» : استئنافية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «يتق» حيث حذف حرف العلة لأن الفعل مجزوم «يتق» ، ثم حذف الحركة من القاف.

٩١٨ ـ التخريج : الرجز للعذافر الكندي في شرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٨ (وفيه «العدافر» بالدال ،

٢١٤

فحذف الياء من «اشتري» ، ثم حذف حركة الراء ، لأنّه شبّهه بعد الحذف بما لم يحذف منه شيء.

ومن الحذف أيضا حذف نون اضربن. من ذلك [من المنسرح] :

اضرب عنك الهموم طارقها

ضربك بالسوط قونس الفرس(١)

فحذفها لأنّها زائدة.

وزعم الفراء أنّ الأصل : اضرب ، ثم حركت الباء لكثرة السواكن في البيت ، وأجرى حركتها مجرى اجتماعها في إيجاب التحريك ، فيكون البيت ـ على مذهبه ـ من الزيادة. وذلك فاسد ، لأنّ التحريك لكثرة السواكن لم يثبت ، وقد ثبت حذف التنوين الذي هو بمنزلة هذه النون لغير التقاء الساكنين في نحو قول الشاعر [من السريع] :

شلّت يدا وحشيّ من قاتل (٢)

وقد تقدّم.

__________________

ولعله تحريف) ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٠٤ ، ٢٠٥ ؛ وملحق نوادر أبي زيد ص ٣٠٦ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٦٦ ؛ وجمهرة اللغة ص ١٣٢٧ ؛ والخصائص ٢ / ٣٤٠ ، ٣ / ٩٦ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٩٨ ؛ والمحتسب ١ / ٣٦١ ؛ والمنصف ٢ / ٢٣٦.

اللغة : البرّ : القمح. السويق : طعام يتخذ من دقيق الحنطة والشعير ، سمي بذلك لانسياقه في الحلق.

الإعراب : قالت : فعل ماض مبني على الفتح الظاهر ، و «التاء» : للتأنيث. سليمى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف. اشتر : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة ، وسكّن آخر الفعل إجراء للفعل مجرى ما لم يحذف منه ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنت. لنا : جار ومجرور متعلقان بالفعل «اشتر». دقيقا : مفعول به منصوب بالفتحة. وهات : «الواو» : حرف عطف ، «هات» : اسم فعل أمر مبني على الكسر بمعنى أعطني ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنت. خبز : مفعول به منصوب بالفتحة.

البر : مضاف إليه مجرور. أو سويقا : «أو» : حرف عطف ، «سويقا» : اسم معطوف على منصوب ، منصوب مثله بالفتحة. وجملة «قالت سليمى» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «اشتر لنا» : في محل نصب مفعول به. وجملة «هات الخبز» : معطوفة على جملة في محل نصب.

والشاهد فيه قوله : «اشتر» حيث حذف الياء وهي حرف العلة ثم حذف حركة الراء تشبيها له بالذي لم يحذف منه.

(١) تقدم بالرقم ٨٧٤.

(٢) تقدم بالرقم ٨٧٣.

٢١٥

ومثل ذلك عند الفراء قول الآخر [من الرجز] :

٩١٩ ـ في أيّ يوميّ من الموت أفر

أيوم لم يقدر ام يوم قدر

فحرك الراء من «يقدر» لكثرة السواكن.

ووجهه عندنا أنّه نقل حركة الهمزة إلى الراء الساكنة وأثبت الهمزة لكونه لم يعتدّ بالنقل ، ثم قلب الهمزة ألفا لمجيئها ساكنة بعد فتحة ، على قياس تخفيفها ، ثم قلب الألف همزة وحركها بالفتح لأجل التقاء الساكنين. وقد ثبت أنّ ذلك جائز ، فيكون من باب قولك [من الرجز] :

خاطمها زأمّها أن تذهبا(٢)

يريد : زامّها.

__________________

٩١٩ ـ التخريج : الرجز للإمام عليّ بن أبي طالب في ديوانه ص ٧٩ ؛ وحماسة البحتري ص ٣٧ ؛ وللحارث بن منذر الجرميّ في شرح شواهد المغني ٢ / ٦٧٤ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٤ ؛ والخصائص ٣ / ٩٤ ؛ والجنى الداني ص ٢٦٧ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٥٧٨ ؛ ولسان العرب ٥ / ٧٥ (قدر) ؛ والمحتسب ٢ / ٣٦٦ ؛ والممتع في التصريف ١ / ٣٢٢ ؛ ونوادر أبي زيد ص ١٣.

اللغة : أفر : أهرب. لم يقدر : لم يقدر حق قدره.

المعنى : إن للآجال كتاب ، فلن يطيلها هرب من الحرب ، ولن يقصرها إقدام عليها ، إذا فلم الخوف والذعر منها!؟

الإعراب : في أي : جار ومجرور متعلقان بالفعل أفر ، و «أي» مضاف. يومي : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى ، وحذفت النون للإضافة ، و «الياء» : ضمير المتكلم ، ضمير متصل في محلّ جر بالإضافة. من الموت : جار ومجرور متعلقان بالفعل أفر. أفر : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا ، وسكّن الفعل ، لضرورة الشعر. أيوم : «الهمزة» : حرف استفهام ، و «يوم» : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل «أفر». لم يقدر : «لم» : حرف جزم ، و «يقدر» : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بالفتحة الظاهرة ، و «نائب الفاعل» ضمير مستتر جوازا تقديره هو. أم : حرف عطف. يوم : اسم معطوف منصوب بالفتحة متعلق بالفعل «أفر». قدر : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتحة وسكّن لضرورة الشعر ، و «نائب الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره هو.

وجملة «أفر» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «لم يقدر» : في محل جر بالإضافة. وجملة «قدر» : في محل جرّ بالإضافة.

والشاهد فيه قوله : «لم يقدر» : حيث حرك الراء من الفعل المضارع المجزوم «يقدر» ، وذلك لكثرة السواكن.

(١) سيأتي بالرقم ٩٢٥.

٢١٦

ومن الحذف حذف الفاء في جواب الشرط ، إذا كان جملة اسمية ، نحو قول الشاعر [من الرجز] :

يا أقرع بن حابس يا أقرع

إنّك إن يصرع أخوك تصرع(١)

فحذف الفاء لأنّه لا يرفع الفعل المضارع إذا وقع جوابا إلّا بعد الفاء على أنّه خبر ابتداء مضمر.

ونحو قوله [من البسيط] :

من يفعل الحسنات الله يشكرها

والشرّ بالشرّ عند الله مثلان(٢)

يريد : فالله يشكرها ، فحذف.

وقول الآخر [من الطويل] :

٩٢٠ ـ فقلت تحمّل فوق طبعك إنّها

مطبّعة من يأتها لا يضيرها

__________________

(١) تقدم بالرقم ٥٧٧.

(٢) تقدم بالرقم ٥٧٨.

٩٢٠ ـ التخريج : البيت لأبي ذؤيب الهذليّ في خزانة الأدب ٩ / ٥٢ ، ٥٧ ، ٧١ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٩٣ ؛ وشرح أشعار الهذليّين ١ / ٢٠٨ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٤٩ ؛ والشعر والشعراء ٢ / ٦٥٩ ؛ والكتاب ٣ / ٧٠ ؛ ولسان العرب ٤ / ٤٩٥ (ضير) ، ٨ / ٢٣٣ (طبع) ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٤٣١ ؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٥٨٦ ؛ وشرح المفصل ٨ / ١٥٨ ؛ والمقتضب ٢ / ٧٢.

شرح المفردات : مطبّعة : مليئة. يضيرها : يضرّها.

المعنى : يصف الشاعر قرية كثيرة الخير ، فيقول : إنّه مهما يحمل منها فوق طاقته فإنّه لن ينقصها.

الإعراب : «فقلت» : الفاء بحسب ما قبلها ، «قلت» : فعل ماض ، والتاء ضمير في محلّ رفع فاعل. «تحمّل» : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «أنت». «فوق» : ظرف مكان منصوب متعلّق ب «تحمّل» ، وهو مضاف. «طبعك» : مضاف إليه مجرور ، وهو مضاف ، والكاف في محلّ جرّ بالإضافة. «إنها» : حرف مشبّه بالفعل ، و «ها» ضمير في محلّ نصب اسم «إنّ». «مطبّعة» : خبر «إنّ» مرفوع. «من» : اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ. «يأتها» : فعل مضارع مجزوم لأنّه فعل الشرط ، و «ها» ضمير في محلّ نصب مفعول به ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «هو». «لا» : حرف نفي. «يضيرها» : فعل مضارع جواب الشرط مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «هو» ، و «ها» ضمير في محلّ نصب مفعول به.

وجملة : «قلت» بحسب ما قبلها. وجملة : «تحمّل» في محلّ نصب مفعول به. وجملة «إنها مطبّعة» استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «من يأتها لا يضيرها» استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «يأتيها» في محل رفع خبر المبتدأ «من». وجملة «يضيرها» جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محلّ لها من الإعراب.

٢١٧

يريد : فلا يضيرها ، أي فهو لا يضيرها.

وقول الآخر [من الطويل] :

وقدر ككفّ القرد لا مستعيرها

يعار ولا من يأتها يتدسّم(١)

يريد : فيتدسم.

ومنه حذف ضمير النصب من العامل الثاني من باب الإعمال إذا أعلمت الأول ، نحو قوله [من الكامل] :

بعكاظ يعشي الناظرين

إذا هم لمحوا شعاعه(٢)

يريد : إذا هم لمحوه ، فحذف الضمير تشبيها له متقدما به متأخرا.

ومنه العطف على ضمير الخفض أو ضمير الرفع المتصل من غير تأكيد أو طول يقوم مقامه. فمثاله في ضمير الخفض قوله [من الرجز] :

آبك أيّه بي أم مصدّر

من حمر الجلّة جأب حشور(٣)

ومثاله في ضمير الرفع قوله [من الكامل] :

ورجا الأخيطل من سفاهة نفسه

ما لم يكن وأب له لينالا(٤)

ومن الحذف حذف الحركة من تاء التأنيث بسبب قلبها هاء في الوصل إجراء للوصل مجرى الوقف ، نحو قول الشاعر [من الرجز] :

٩٢١ ـ لما رأى أن لا دعه ولا شبع

مال إلى أرطاة حقف فاضطجع

__________________

الشاهد : قوله : «لا يضيرها» حيث حذف الفاء ورفع الفعل المضارع.

(١) تقدم بالرقم ٦٩٤.

(٢) تقدم بالرقم ٤٤٠.

(٣) تقدم بالرقم ١٤١.

(٤) تقدم بالرقم ١٣٩.

٩٢١ ـ التخريج : الرجز لمنظور بن حيّة الأسديّ في شرح التصريح ٢ / ٣٦٧ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٥٨٤ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٣٤٠ ؛ وإصلاح المنطق ص ٩٥ ؛ والخصائص ١ / ٦٣ ، ٢٦٣ ، ٢ / ٣٥٠ ، ٣ / ١٦٣ ، ٣٢٦ ؛ وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٢١ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٨٢١ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٣٢٤ ، ٣ / ٢٢٦ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٧٤ ؛ وشرح المفصل ٩ / ٨٢ ، ١٠ / ٤٦ ؛ ولسان العرب ٥ / ٣٠٤ (أبز) ، ٧ / ٢٥٥ (أرط) ، ٨ / ٢١٩ (ضجع) ، ١٤ / ٣٢٥ (رطا) ؛ والمحتسب ١ / ١٠٧ ؛

٢١٨

يريد : أن لا دعة ، فأبدل من التاء هاء في الوصل.

وقول الآخر [من الرجز] :

٩٢٢ ـ لست إذن لزعبله إن لم أغيّر

بكلتي إن لم أساو بالطول

يريد : زعبلة ، فأبدل التاء هاء في الوصل.

__________________

والممتع في التصريف ١ / ٤٠٣ ؛ والمنصف ٢ / ٣٢٩.

شرح المفردات : الدعة : الاطمئنان. الأرطاة : نوع من الشجر ثمره كالعنّاب. الحقف : أصل الجبل ، أو المعوج من الرمل. اضطجع : مال إلى الأرض ، اتكأ.

الإعراب : «لمّا» : ظرف زمان متعلّق ب «مال». «رأى» : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «هو». «أن» : حرف مشبّه بالفعل مخفّف ، واسمه ضمير الشأن المحذوف. «لا» : نافية للجنس. «دعه» : اسم «لا» مبنيّ وعلامة بنائه الفتحة المقدرة على التاء التي قلبت هاء ، وهو في محلّ نصب. والمصدر المؤول من «أن» وما بعدها سد مسدّ مفعولي «رأى». «ولا» : الواو حرف عطف ، «لا» : حرف نفي. «شبع» : معطوف على «دعة» ، وسكّن للضرورة الشعريّة ، وخبر «لا» محذوف. «مال» : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «هو». «إلى أرطأة» : جار ومجرور متعلّقان ب «مال» ، وهو مضاف. «حقف» : مضاف إليه مجرور. «اضطجع» : الفاء حرف عطف. «اضطجع» : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «هو».

وجملة : «لما رأى ... مال» الشرطية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة : «رأى ...» في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة «مال ...» لا محلّ لها من الإعراب لأنّها جواب شرط غير جازم. وجملة «اضطجع» معطوفة على جملة «مال».

الشاهد : قوله : «لا دعه» حيث حذف الحركة من تاء التأنيث بسبب قلبها هاء في الوصل ، والأصل : «لا دعة».

٩٢٢ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في لسان العرب ١١ / ٦٣ (بكل) ؛ وتاج العروس (بكل).

اللغة : زعبلة : والد الشاعرة. البكلة : الطريقة أو الخليقة. الطول : جمع طولى ، يقال : امرأة طولى.

المعنى : تقول الشاعرة إنها تريد أن تكون من الفتيات الطويلات وإن لم تستطع ذلك فهي ليست أصيلة من أب معروف.

الإعراب : لست : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع اسم ليس. إذن : حرف جواب لا محل له. لزعبلة : «اللام» : حرف جر ، «زعبلة» : اسم مجرور بالكسرة وسكّن للضرورة ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر ليس. إن : شرطية جازمة. لم أغير : «لم» : حرف جزم ، «أغير» : فعل مضارع مجزوم بالسكون ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا. بكلتي : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء و «الياء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. إن : شرطية جازمة. لم أساو : «لم» : حرف جزم ، «أساو» : فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بحذف حرف العلة من آخره ، ونائب الفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا. بالطول : جار ومجرور متعلقان بالفعل «أساو».

٢١٩

ومن الحذف أيضا حذف النون التي هي علامة الرفع في الفعل في غير موضع الجزم والنصب ، تشبيها له بالضمة ، نحو قوله [من الرجز] :

٩٢٣ ـ أبيت أسري وتبيتي تدلكي

وجهك بالعنبر والمسك الذكي

وأما البدل فمنه أن تبدل من الألف همزة إذا لقيت ساكنا ، وتحريكها بالفتح فرارا من

__________________

وجملة «لست لزعبله» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «لم أغير بكلتي» : حالية محلها النصب. وجملة «لم أساو» : حالية محلها النصب.

والشاهد فيه قوله : «زعبله» يريد زعبلة حيث أبدل التاء هاء إجراء للوصل مجرى الوقف.

٩٢٣ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٨٢ ، ٣ / ٥٩ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٤٢٥ ؛ والخصائص ١ / ٣٨٨ ؛ والدرر ١ / ١٦٠ ؛ ورصف المباني ص ٣٦١ ؛ وشرح التصريح ١ / ١١١ ؛ ولسان العرب ١٠ / ٤٢٦ (دلك) ، ١٢ / ٢٣٧ (ردم) ؛ والمحتسب ٢ / ٢٢ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٥١.

اللغة : الذكي : الشديد الرائحة.

المعنى : إني أقضي الليل أعمل واسير طلبا للرزق وأنت تجلسين تعتنين بجمالك وبزينتك.

الإعراب : أبيت : فعل مضارع ناقص مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع اسم بات. أسري : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا. وتبيتي : «الواو» : حالية ، «تبيتي» : فعل مضارع ناقص مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، وحذفت النون للضرورة ، و «الياء» : ضمير متصل في محل رفع اسم بات. تدلكي : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، وحذفت النون للضرورة ، و «الياء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجهك : مفعول به منصوب ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. بالعنبر : جار ومجرور متعلقان بالفعل تدلكي. والمسك : «الواو» : حرف عطف ، «المسك» : اسم معطوف على مجرور ، مجرور مثله. الذكي : صفة مجرورة بالكسرة.

وجملة «أسري» : في محل نصب خبر أبيت. وجملة «أبيت أسري» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «تدلكي» : في محل نصب خبر تبيتي. وجملة «تبيتي تدلكي» : في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : «وأنت تبيتي» وهذه الجملة حالية ، والذي يحوج إلى هذا التقدير أن الجمهور لا يجيز اقتران الجملة المضارعية المثبتة بواو الحال.

والشاهد فيه قوله : «تبيتي تدلكي» حيث حذفت «النون» التي هي علامة رفع الأفعال الخمسة ، وذلك في غير موضع الجزم والنصب.

٢٢٠