تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ١

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٩

في الانقياد لأولياء الله ، لمحمد نبي الله ولعلي ولي الله وللأئمة بعدهما سادات أصفياء الله.

ونقل ابن مردويه وأبو نعيم الحافظ (١) ، في قوله تعالى : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) انها نزلت في رسول الله وفي علي ـ صلوات الله عليهما ـ خاصة. لأنهما أول من صليا وركعا (٢).

وفي تفسيرات فرات بن ابراهيم الكوفي (٣) ، قال : حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري. قال : حدثنا حيان بن علي العنزي (٤) ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : ان قوله : (ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) نزلت في رسول الله وعلي بن أبي طالب ـ عليهما السلام ـ خاصة. وهما (٥) أول من صليا وركعا.

وفي كتاب علل الشرايع (٦) : بإسناده الى زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال : قلت له : المرأة عليها أذان واقامة؟

فقال : ان كانت تسمع أذان القبيلة ، فليس عليها شيء. والا فليس عليها أكثر من الشهادتين. لأن الله ـ تبارك وتعالى ـ قال للرجال : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ). وقال للنساء : «وأقمن الصلاة. وآتين الزكاة. وأطعن الله ورسوله».

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) كذا في المصدر وفي الأصل ور : صلى وركع.

(٣) تفسير الفرات / ٢ ، في ذيل حديث.

(٤) كذا في المصدر. وهو الصواب. وفي الأصل ور : العزى.

(٥) المصدر : فهما.

(٦) علل الشرايع / ٣٥٥ ، صدر ح ١.

٤٠١

وفي تهذيب الأحكام (١) : الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن إسحاق بن المبارك. قال : سألت أبا ابراهيم ـ عليه السلام ـ عن صدقة الفطرة ، أهي مما قال الله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ. وَآتُوا الزَّكاةَ)؟

فقال : نعم.

وفي عيون الأخبار (٢) : في العلل التي ذكرها الفضل بن شاذان ، عن الرضا ـ عليه السلام ـ قال ـ عليه السلام ـ : فان قال [قائل] (٣) : فلم أمروا بالصلاة؟

قيل : لأن في الصلاة ، الإقرار بالربوبية. وهو صلاح عام. لأن فيه خلع الأنداد والقيام بين يدي الجبار بالذل والاستكانة والخضوع [والخشوع] (٤) والاعتراف وطلب الاقالة من سالف الذنوب ووضع الجبهة على الأرض ، كل يوم وليلة ، ليكون العبد ذاكرا لله تعالى ، غير ناس له. ويكون خاشعا وجلا متذللا طالبا راغبا في الزيادة للدين والدنيا ، مع ما فيه من الانزجار عن الفساد. وصار ذلك عليه في كل يوم وليلة ، لئلا ينسى العبد ، مدبره وخالقه. فيبطر. ويطغى.

وليكون في ذكر (٥) خالقه والقيام بين يدي ربه ، زاجرا له عن المعاصي وحاجزا ومانعا عن أنواع الفساد.

وفيه (٦) : بإسناده الى أبي الحسن الرضا ـ عليه السلام ـ قال : ان الله ـ عز وجل ـ أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة [أخرى] (٧) : أمر بالصلاة والزكاة. فمن صلى

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٤ / ٨٩ ، صدر ح ٢٦٢.

(٢) عيون الاخبار ٢ / ١٠٣ ـ ١٠٤.

(٣ و ٤) يوجد في المصدر.

(٥) المصدر طاعة.

(٦) نفس المصدر ١ / ٢٥٨ ، صدر ح ١٣.

(٧) يوجد في المصدر.

٤٠٢

ولم يزك ، لم تقبل (١) صلاته ـ الحديث ـ.

وفي من لا يحضره الفقيه (٢) : وكتب الرضا ، علي بن موسى ـ عليه السلام ـ الى محمد بن سنان ، فيما كتب اليه من جواب مسائله : ان علة الزكاة ، من أجل قوت الفقراء وتحصين أموال الأغنياء. لأن الله ـ عز وجل ـ كلف أهل الصحة ، القيام بشأن أهل الزمانة والبلوى. كما قال الله (٣) : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) : في أموالكم ، إخراج الزكاة. وفي أنفسكم ، توطين النفس (٤) على الصبر ، مع ما في ذلك من أداء شكر نعم الله ـ عز وجل ـ والطمع في الزيادة ، مع ما فيه من الزيادة والرأفة والرحمة لأهل الضعف والعطف على أهل المسكنة والحث لهم على المواساة وتقوية الفقراء والمعونة لهم على أمر الدين. وهو عظة لأهل الغنى.

وعبرة لهم. ليستدلوا على فقراء الاخرة بهم. وما لهم من الحث في ذلك ، على الشكر لله ـ عز وجل ـ لما خولهم وأعطاهم والدعاء والتضرع والخوف ، من أن يصيروا مثلهم ، في أمور كثيرة ، في أداء الزكاة والصدقات وصلة الأرحام واصطناع المعروف] (٥).

(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ) من أتاربكم (٦) في الخفية.

(بِالْبِرِّ) : اتباع محمد.

(وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ. وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ) :

[في شرح الآيات الباهرة : (٧) من تفسير العسكري ـ عليه السلام ـ : ان رؤساء

__________________

(١) المصدر : لم يقبل منه.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٤ ، ح ٧.

(٣) المصدر : تبارك وتعالى.

(٤) المصدر : الأنفس.

(٥) ما بين القوسين ليس في أ.

(٦) أ : أقاربكم.

(٧) شرح الآيات الباهرة / ١٦ ـ ١٧.

٤٠٣

هؤلاء اليهود اقتطعوا أموال ضعفائهم ، من الصدقات والمواريث ، ليأكلوها.

وقالوا : نقتل محمدا ـ صلى الله عليه وآله ـ. فلما جاؤوا (١) دفعهم الله عنه.

فقال لرؤسائهم : أنتم فعلتم. وفعلتم. وأخذتم أموال هؤلاء. وهي موجودة عندكم.

فأنكروا ذلك. فأمر النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ الملائكة ، بإحضار الأموال.

فلما حضرت ، اعترفوا بذنوبهم. فأسلم بعض. وأقام على دينه بعض.

قال الامام ـ عليه السلام ـ فقال الرؤساء الذين هموا بالإسلام : نشهد يا محمد! أنك النبي الأفضل. وأن أخاك هذا ، هو الوصي الأجل الأكمل. فقد فضحنا الله تعالى ، بذنوبنا (٢). أرأيت ان تبنا مما اقتطعنا ، ما يكون حالنا؟

قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : إذا أنتم ، في الجنان ، رفقاؤنا وفي الدنيا ، في دين الله ، إخواننا. ويوسع الله ، أرزاقكم. وتجدون في مواضع أموالكم التي أخذت منكم ، أضعافها (٣). وينسى هؤلاء الخلق ، فضيحتكم. حتى لا يذكرها أحد منهم.

فقالوا : نشهد أن لا اله الا الله ، وحده. لا شريك له. وأنك ، يا محمد! عبده ورسوله وصفيه وخليله. وأن عليا ، أخوك ووزيرك والقيم بدينك والنائب عنك والمناضل دونك. وهو منك بمنزلة هارون من موسى ، الا أنه لا نبي بعدك.

فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : فإذا أنتم المفلحون.

وفي مجمع البيان (٤) : روى أنس بن مالك. قال : قال رسول الله ـ صلى

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : جاء.

(٢) المصدر : لولاك.

(٣) المصدر : بأضعافها.

(٤) مجمع البيان ١ / ٩٨.

٤٠٤

الله عليه وآله ـ : مررت ليلة أسري بي ، على أناس تقرض شفاههم ، بمقاريض من نار. فقلت : من هؤلاء؟ يا جبرئيل! فقال : هؤلاء خطباء من أهل الدنيا ، ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم.

وفي مصباح الشريعة (١) : قال الصادق ـ عليه السلام ـ : من لم ينسلخ عن هواجسه (٢) حسبه ولم يتخلص من آفات نفسه وشهواتها ولم يهزم الشيطان ولم يدخل في كنف الله تعالى وتوحيده وأمان (٣) عصمته ، لا يصلح للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لأنه إذا لم يكن بهذه الصفة ، فكلما أظهر ، يكون حجة عليه. ولا ينتفع الناس به. قال الله تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ). ويقال له : يا خائن أتطالب خلقي بما خنت به نفسك وأرخيت عنه عنانك؟

وفي تفسير علي بن ابراهيم (٤) : و [أما] (٥) قوله (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) قال : نزلت في القصاص والخطاب. وهو قول أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ وعلى كل منبر منهم خطيب مصقع ، يكذب على الله وعلى رسوله وعلى كتابه.

وفي أصول الكافي (٦) : بإسناده الى أبى عبد الله ـ عليه السلام ـ قال في قول الله

__________________

(١) شرح فارسى مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة / ٣٥٧ ـ ٣٥٩.

(٢) الأصل ور : من هوى حسبه. والمصدر : من هوى حسبه. وقال مصحح المصدر (العلامة الفقيد الأرموي ره) في هامشه : در بحار ومستدرك ومحجة ونسخه آقاى مصطفوى : «عن هواجسه» وهو الأصح.

(٣) كذا في المصدر ، وفي الأصل ور : أوان.

(٤) تفسير القمي ١ / ٤٦.

(٥) يوجد في المصدر.

(٦) الكافي ٢ / ٣٠٠ ، ح ٤.

٤٠٥

ـ عز وجل ـ (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ) قال : يا أيا بصير! هم قوم وصفوا عدلا ، بألسنتهم. ثم خالفوه الى غيره.

وبإسناده (١) الى خيثمة ، قال : قال لي أبو جعفر ـ عليه السلام ـ : أبلغ شيعتنا : أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة ، من وصف عدلا ثم خالفه الى غيره.

وبإسناده (٢) الى ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : ان من أعظم الناس حسرة يوم القيامة ، من وصف عدلا ، ثم خالفه الى غيره.

وبإسناده (٣) الى قتيبة الأعشى ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ أنه قال : [ان] (٤) من أشد الناس عذابا يوم القيامة ، من وصف عدلا ، ثم (٥) عمل بغيره.

وبإسناده (٦) الى معلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ [أنه] (٧) قال : ان [من] (٨) أشد الناس حسرة يوم القيامة ، من وصف عدلا ، ثم عمل بغيره.

وفي تفسير العياشي (٩) ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : قلت قوله : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) (١٠).

قال : فوضع يده على حلقه. قال : كالذابح نفسه (١١).

__________________

(١) نفس المصدر ، ذيل ح ٥.

(٢) نفس المصدر ، ح ٣.

(٣) نفس المصدر ، ح ٢.

(٤) يوجد في المصدر.

(٥) المصدر : و.

(٦) نفس المصدر ٢ / ٢٩٩ ، ح ١.

(٧ و ٨) يوجد في المصدر.

(٩) تفسير العياشي ١ / ٤٣ ، ح ٣٧.

(١٠) كذا في المصدر وفي الأصل ور : له.

(١١) كذا في المصدر وفي الأصل ور : كما إذا ذبح.

٤٠٦

وقال الحجال (١) ، عن ابن إسحاق ، عمن ذكره : (وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) ، أي : تتركون] (٢).

(أَفَلا تَعْقِلُونَ؟ (٤٤))

[في كتاب علل الشرايع (٣) : بإسناده الى عيسى بن جعفر بن محمد بن عبد الله (٤) ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن آبائه ، عن عمر بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب : ان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ سئل : مما خلق الله ـ عز وجل ـ العقل؟

قال : خلقه ملك. له رؤوس ، بعدد الخلائق من خلق ومن يخلق ، الى يوم القيامة. ولكل رأس ، وجه. ولكل آدمي ، رأس من رؤوس العقل. واسم ذلك الإنسان ، على وجه ذلك الرأس مكتوب. وعلى كل وجه ، ستر ملقى لا يكشف (٥) ذلك الستر ، من ذلك الوجه ، حتى يولد هذا المولود ويبلغ حد الرجال أو حد النساء. فإذا بلغ ، كشف ذلك الستر [من ذلك] (٦) ، فيقع في قلب هذا الإنسان نور. فيفهم الفريضة والسنة والجيد والرديء. ألا ومثل العقل في القلب ، كمثل السراج ، في وسط البيت.

وفي تفسير علي بن ابراهيم (٧) : وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : موضع العقل ، الدماغ. ألا ترى الرجل إذا كان قليل العقل ، قيل له ما أخف دماغك؟

__________________

(١) نفس المصدر ، ح ٣٨.

(٢) ما بين القوسين ليس في أ.

(٣) علل الشرايع / ٩٨ ، ح ١.

(٤) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : عبيد الله.

(٥) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : ما يكشف.

(٦) ليس في المصدر.

(٧) تفسير نور الثقلين ١ / ٧٦ ح ١٧٩ عن القمي.

٤٠٧

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي أصول الكافي (١) : أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن بعض أصحابنا ، رفعه الى أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : قلت له : ما العقل؟

قال : ما عبد به الرحمن. واكتسب به الجنان.

قال : قلت : فالذي كان في معاوية؟

فقال : تلك النكراء. تلك الشيطنة. وهي شبيهة بالعقل. وليست بالعقل] (٢).

(وَاسْتَعِينُوا) في حوائجكم (بِالصَّبْرِ) ، أي : الصوم.

(وَالصَّلاةِ وَإِنَّها) ، أي : الصلاة.

(لَكَبِيرَةٌ ، إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥))

[في شرح الآيات الباهرة (٣) : قال الامام ـ عليه السلام ـ قال الله ـ عز وجل ـ لسائر الكافرين واليهود والمشركين : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) ، أي : بالصبر عن (٤) الحرام وعلى تأدية الأمانات. وبالصبر عن (٥) الرياسات الباطلة وعلى الاعتراف لمحمد (٦) ، بنبوته ولعلي (٧) ، بوصيته. واستعينوا بالصبر ، على خدمتهما وخدمة من يأمرانكم بخدمته ، على استحقاق الرضوان والغفران ودائم نعيم الجنان ، في جوار الرحمن وموافقة (٨) خيار المؤمنين والتمتع بالنظر الى غرة محمد ، سيد الأولين والآخرين وعلي ، سيد الوصيين والسادة الأخيار المنتجبين.

فان ذلك أقر لعيونكم وأتم لسروركم وأكمل لهدايتكم ، من سائر نعيم الجنان

__________________

(١) الكافي ١ / ١١ ، ح ٣.

(٢) ما بين القوسين ليس في أ.

(٣) شرح الآيات الباهرة / ١٧.

(٤ و ٥) المصدر : على.

(٦ و ٧) المصدر : بمحمد... بعلى.

(٨) المصدر : مرافق.

٤٠٨

واستعينوا ، أيضا ، [بالصلوات الخمس و] (١) بالصلاة على محمد وآله الطيبين ، على قرب الوصول الى جنات (٢) النعيم. وأيضا ، أن هذه الفعلة من الصلوات الخمس ومن الصلاة على محمد وآله الطيبين والانقياد لأوامرهم والايمان بسرهم وعلانيتهم وترك معارضتهم بلم وكيف ، لكبيرة عظيمة ، الا على الخاشعين الخائفين عقاب الله ، في مخالفته ، في فرائضه.

وفي تفسير العياشي (٣) : عن عبد الله بن طلحة. قال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : «الصبر» هو الصوم.

وفيه (٤) ، عن مسمع. قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : يا مسمع! ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غم من غموم الدنيا ، يتوضأ ثم يدخل مسجده ويركع ركعتين ، فيدعو الله فيها؟ أما سمعت الله يقول : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)».

وفيه (٥) ، عن سليمان الفراء ، عن أبي الحسن ـ عليه السلام ـ في قول الله (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) قال : «الصبر» ، الصوم. إذا نزلت بالرجل الشدة أو النازلة ، فليصم. قال : الله يقول : (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) فالصبر ، الصوم.

وفي الكافي (٦) : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سليمان ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ في قول الله ـ عز وجل ـ : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ)» قال :

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : جنان.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٤٣ ، ح ٤٠.

(٤) نفس المصدر ، ح ٣٩.

(٥) نفس المصدر ، ح ٤١.

(٦) الكافي ٤ / ٦٣ ، ح ٧.

٤٠٩

يعنى بالصبر ، الصيام (١).

وقال : إذا نزلت بالرجل النازلة والشدة (٢) ، فليصم. فان الله ـ عز وجل ـ يقول : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ) ، يعنى : الصيام.

وفي من لا يحضره الفقيه ، مرسلا ، عن الصادق ـ عليه السلام ـ مثله (٣).

وفي تفسير فرات بن ابراهيم (٤) : قال : حدثنا الحسين بن الحكم. قال : حدثنا الحسن بن الحسين. قال : حدثنا حيان بن علي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح (٥).

عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ. وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) : الخاشع ، الذليل في صلاته المقبل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ] (٦).

(الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦)) :

[في كتاب التوحيد (٧) ، حديث طويل ، عن علي ـ عليه السلام ـ يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : فأما قوله : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) (٨) يعنى : البعث. فسماه الله ـ عز وجل ـ لقاءه (٩). وكذلك ذكر المؤمنين ،

__________________

(١) المصدر : قال : الصبر ، الصيام.

(٢) المصدر : الشديدة.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٤٥ ، ح ٢٠٢.

(٤) تفسير الفرات / ٤.

(٥) ليس في المصدر. والظاهر انه سقط عنه.

(٦) ما بين القوسين ليس في أ.

(٧) التوحيد / ٢٦٧.

(٨) السجدة / ١٠.

(٩) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : لقاءهم.

٤١٠

(الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) ، يعني : انهم يوقنون أنهم يبعثون ويحشرون ويحاسبون ويجزون بالثواب والعقاب. والظن هاهنا ، اليقين.

وفي تفسير علي بن ابراهيم (١) ، قال : الظن في كتاب الله (٢) ، على وجهين : فمنه ظن يقين. ومنه ظن شك. ففي هذا الموضع ، الظن يقين. وأما (٣) الشك ، فقوله : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا. وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ). (٤) وقوله : (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) (٥)] (٦).

(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) : التكرير للتوكيد. وتذكير التفضيل الذي ، هو أجل النعم ، خصوصا. والربط بالوعيد الشديد ، تخويفا لمن غفل عنها وأخل بحقوقها.

(وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ) ، نصب عطف على نعمتي ، أي : وتفضيلي.

(عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧)) ، أي : عالمي زمانهم. المراد ، تفضيل آبائهم الذين كانوا في عصر موسى ـ عليه السلام ـ وبعده ، قبل أن يغيروا بما منحهم الله ، من العلم والايمان والعمل الصالح وجعلهم أنبياء وملوكا مقسطين.

ويحتمل أن يكون المعنى ، على الجم الغفير من الناس ، كقوله : (بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) ، يقال :

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٤٦.

(٢) المصدر : الكتاب.

(٣) المصدر : انما.

(٤) المصدر : وقوله تعالى. وهو في الجاثية / ٣٢.

(٥) الفتح / ١٢.

(٦) ما بين القوسين ليس في أ.

٤١١

رأيت عالما من الناس ، يراد الكثرة. فعلى هذا ، لا يستقيم ما قيل (١). ان في الاية ، دلالة على تفضيل البشر ، على الملك.

(وَاتَّقُوا يَوْماً) : فيه مجاز عقلي ، أي : ما فيه من الحساب (٢) والعذاب ، والتنكير للتفخيم.

(لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) ، أي : لا تقضي عنها شيئا من الحقوق ، فيكون شيئا مفعولا به. أو لا تجزي عنها شيئا من الجزاء ، اي : قليلا منه. فيكون نصبا على المصدر ، كقوله : (وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) (٣).

وقرئ لا تجزئ من أجزأ عنه ، إذا أغنى. وعلى هذا تعين أن يكون مصدرا ، أي : شيئا من الإغناء.

وقرئ ولا تجزى ، نسمة عن نسمة شيئا.

وتنكير الشيء مع النفسين (٤) ، للاقناط الكلي والتعميم.

والجملة في محل النصب ، صفة «ليوما». والعائد ، محذوف. والتقدير : لا تجزي فيه. وان لم يجوز حذف العائد المجرور. يقال : اتسع فيه. فحذف عنه الجار أو لا وأجري مجرى المفعول به ، ثم حذف ، كما حذف من قوله :

كتبت اليهم كتابا مرارا

فلم يرجع الي منهم جوابا

فما أدرى أغيرهم تناء

وطول العهد أم مال أصابوا؟

أي : أصابوه.

(وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) : من الشفع. كأن المشفوع ، كان فردا. فجعله

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٥.

(٢) أ : الحسنات.

(٣) مريم / ٦٠.

(٤) أ : النفيين. والظاهر : النفي.

٤١٢

الشفيع ، زوجا ، بضم نفسه اليه.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : لا تقبل ـ بالتاء ـ.

[وفي تفسير علي بن ابراهيم (١) : وقوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً. وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) وهو قوله ـ عليه السلام ـ : لو أن كل ملك مقرب وكل نبي (٢) مرسل ، شفعوا في ناصب ، ما شفعوا.

وفي كتاب الخصال (٣) : عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : ثلاث من كن فيه استكمل خصال الايمان : من صبر على الظلم وكظم غيظه واحتسب وعفا وغفر ، كان ممن يدخله الله تعالى الجنة بغير حساب ويشفعه في مثل ربيعة ومضر.

عن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ (٤) عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ صلى الله عليه وآله ـ : وأما شفاعتي ، ففي أهل الكبائر ، ما خلا أهل الشرك والظلم] (٥).

(وَلا يُؤْخَذُ مِنْها) ، أي : من النفس الثانية العاصية ، أو الأولى.

(عَدْلٌ) : المراد به الفدية. وقيل (٦) : مطلق البدل. وأصله التسوية. سمي به الفدية. لأنها سويت بالمفدى.

والمقصود بالاية ، نفي أن يدفع العذاب ، أحد عن كل أحد ، من كل وجه محتمل.

فانه اما أن يكون قهرا أو غيره. والأول ، النصرة. والثاني اما أن يكون مجانا أو غيره

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٤٦.

(٢) المصدر : أو.

(٣) الخصال / ١٠٤ ، ح ٦٣.

(٤) نفس المصدر / ٣٥٥ ، ذيل ح ٣٦.

(٥) ما بين القوسين ليس في أ.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٥٥.

٤١٣

والأول ، أن يشفع له. والثاني ، اما بأداء ما كان عليه. وهو أن يجزي عنه أو بغيره. وهو أن يعطي عنه عدلا.

[وفي مجمع البيان (١) : وأما ما جاء في الحديث : «لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» فاختلف في معناه. قال الحسن : الصرف ، العمل. والعدل ، الفدية. وقال الاصمعي : الصرف ، التطوع. والعدل ، الفريضة. وقال أبو عبيدة : الصرف ، الحلية. والعدل ، الفدية. وقال الكلبي : الصرف ، الفدية. والعدل ، رجل مكانه.

وفي تفسير العياشي (٢). عن يعقوب الأحمر ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : العدل ، الفريضة.

عن ابراهيم بن الفضيل (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ. قال : العدل في قول أبي جعفر ـ عليه السلام ـ الفداء.

ورواه أسباط الزطي (٤) قال : قلت لابي عبد الله ـ عليه السلام ـ : قول الله : «لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» ، قال : الصرف ، النافلة. والعدل ، الفريضة] (٥).

(وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)) : الضمير يرجع الى النفوس الكثيرة التي دلت عليها النفس الثانية المنكرة الواقعة في سياق النفي.

والنصرة ، أخص من المعونة ، لاختصاصه بدفع الضر.

واستدلت المعتزلة ، بهذه الاية ، على نفي الشفاعة ، لأهل الكبائر.

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ١٠٤.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٥٧ ، ح ٨٥.

(٣) نفس المصدر ، ح ٨٦.

(٤) الأصل ور : أوساط الرجل. والحديث في نفس المصدر ، ح ٨٧.

(٥) ما بين القوسين ليس في أ.

٤١٤

قال البيضاوي (١) : وأجيب بأنها مخصوصة بالكفار ، للآيات والأحاديث الواردة في الشفاعة.

قال : ويؤيده أن الخطاب معهم والاية نزلت ردا لما كانت اليهود ، تزعم أن آباءهم تشفع لهم.

أقول : الاية يحتمل أن تكون مخصصة للآيات والأحاديث الواردة في الشفاعة الدالة على عمومها ، كما أن كون الخطاب معهم ، يحتمل أن يكون مؤيدا للتخصيص بالكفار ، فلا يتم الاستدلال من الجانبين. فتأمل!

[وفي شرح الآيات (٢) الباهرة ، قال الامام ـ عليه السلام ـ : ثم قال الله ـ عز وجل ـ : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) أي : لا تدفع عنها عذابا (٣). قد استحقته عند النزع. ولا يقبل منها شفاعة ، من يشفع لها ، بتأخير الموت عنها.

ولا يؤخذ منها عدل ، أي (٤) : لا يقبل منها فداء مكانه ، يموت الفداء ويترك هو.

وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : وهذا اليوم ، يوم الموت. فان الشفاعة والفداء ، لا يفنى فيه. فأما يوم القيامة ، فانا وأهلنا (٥) نجزي عن شيعتنا كل جزاء ، لنكونن (٦) على الأعراف بين الجنة والنار (٧) ومحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبون

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٥.

(٢) تأويل الآيات الباهرة / ١٧.

(٣) المصدر عنه.

(٤) المصدر : و.

(٥) المصدر : فانا وشيعتنا وأهلنا.

(٦) المصدر : ليكونن.

(٧) «الواو» ليس في المصدر.

٤١٥

من آلهم. فنرى (١) بعض شيعتنا في تلك (٢) العرصات ، مما كان منهم مقصرا في بعض شدائدها. فنبعث عليهم خيار شيعتنا ، كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار ونظرائهم في العصر الذي يليهم ، ثم في كل عصر الى يوم القيامة. فينقضون عليهم (٣) كالبزاة والصقور ، تتناولهم كما تتناول الصقور صيدها. ثم يزفون الى الجنة ، زفا. وانا لنبعث على آخرين من محبّينا من خيار شيعتنا ، كالحمام. فيلتقطونهم من العرصات ، كما يلتقط الطير الحب. وينقلونهم الى الجنان ، بحضرتنا. وسيؤتى بالواحد من مقصري شيعتنا في أعماله ، بعد أن صان الولاية والتقية وحقوق إخوانه ويوقف (٤) بإزائه ما بين مائة واكثر من ذلك ، الى مائة الف من النصاب. فيقال له : هؤلاء فداؤك من النار. فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة. وأولئك النصاب النار. وذلك مما قال الله عز وجل : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالولاية (لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) (٥) في الدنيا ، منقادين للامامة ، ليجعل مخالفوهم ، فداءهم من النار] (٦).

(وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ) ، عطف على «نعمتي» ، كعطف جبرئيل وميكائيل على الملائكة. فصل بعد الإجمال ، في قوله «نعمتي». لأنه أوقع وأمكن في النفس.

وقرئ نجيناكم وأنجيتكم.

(مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) : اصل آل ، أهل لأن تصغيره أهيل. أعل وخص استعماله بالاضافة الى أولى الخطر ، كالأنبياء والملوك.

__________________

(١) المصدر : فترى.

(٢) المصدر : فبعث.

(٣) المصدر : يتناولونهم كما يتناول صيودها.

(٤) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : يقف.

(٥) الحجر / ٢.

(٦) ما بين القوسين ليس في أ.

٤١٦

قال الكسائي : سمعت أعرابيا يقول : آل وأؤيل وأهل وأهيل ، فأصله أءل.

ـ بالهمزة ـ.

و «فرعون» : لقب لمن ملك العمالقة ، ككسرى ، لملك الفرس وقيصر ، لملك الروم. ولعتو الفراعنة ، اشتق منه تفرعن الرجل ، إذا عتى وتجبر.

قال البيضاوي (١) : وكان فرعون موسى ، مصعب بن ريان. وقيل : اسمه (٢) ، وليد ، من بقايا عاد. وفرعون يوسف ـ عليه السلام ـ ريان. وكان بينهما أكثر من أربعمائة سنة.

(يَسُومُونَكُمْ) : أي : يبغونكم. يقال : سامه خسفا ، إذا أولاه ظلما ، أي : أصابه (٣) إياه.

وأصل «السوم» ، الذهاب في طلب الشيء.

(سُوءَ الْعَذابِ) ، أي : أفظعه. فانه قبيح بالاضافة الى سائره. يقال : أعوذ بالله من سوء الخلق وسوء الفعل. يراد قبيحهما.

«والسوء» ، مصدر ساء يسوء. ونصبه على المفعول ، ليسومونكم.

والجملة حال (٤) من الضمير ، في «أنجيناكم» أو «من آل فرعون» أو منهما.

(يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) :

بيان «ليسومونكم». ولذلك فصل.

وقرئ بالتخفيف.

وانما فعلوا بهم ذلك ، لأن فرعون رأى في المنام ، أو قال له الكهنة : سيولد منهم ، من يذهب بملكه. فلم يرد اجتهادهم ، من قدر الله شيئا.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٥.

(٢) المصدر : ابنه.

(٣ و ٤) ليس في أ.

٤١٧

[في كتاب الخصال (١) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ. قال : قام رجل الى أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ في الجامع بالكوفة. فقال : يا أمير المؤمنين! أخبرني عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله. أي أربعاء هو؟.

فقال : أربعاء في آخر الشهر ـ الى قوله ـ يوم الأربعاء أمر فرعون بذبح الغلمان] (٢).

(وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) ، أي : يبقونهن طلبا لحياتهن. ويتخذونهن إماء.

وزعم بعضهم ، أنه من طلب الحياء ، أي : الفرج ، أي : ينظرون هل هن حبالى أم لا؟

[وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة (٣) ، بإسناده الى سعيد بن جبير ، عن سيد العابدين ، علي بن الحسين ، عن أبيه سيد الشهداء ، الحسين بن علي ، عن أبيه سيد الوصيين ، أمير المؤمنين ، علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : لما حضرت يوسف ـ عليه السلام ـ الوفاة ، جمع شيعته وأهل بيته. فحمد الله. وأثنى عليه. ثم حدثهم بشدة تنالهم ، تقتل فيها الرجال وتشق فيها بطون الحبالى وتذبح الأطفال ، حتى يظهر الله الحق ، في القائم من ولد لاوي بن يعقوب. وهو رجل أسمر طوال ـ ونعته لهم بنعته ـ فتمسكوا بذلك.

ووقعت الغيبة والشدة على بني إسرائيل. وهم ينتظرون (٤) قيام القائم ، أربعمائة سنة. حتى إذا بشروا بولادته ورأوا علامات ظهوره ودلالته (٥) ، اشتدت البلوى

__________________

(١) الخصال ٢ / ٣٨٨ ، ح ٧٨.

(٢) ما بين القوسين ليس في أ.

(٣) كمال الدين وتمام النعمة / ١٤٥ ـ ١٤٧ ، ح ١٢.

(٤) النسخ : ينظرون.

(٥) ليس في المصدر.

٤١٨

عليهم. وحمل عليهم بالحجارة والخشب. وطلب الفقيه الذي كان (١) يستريحون الى أحاديثه. فاستتر. وراسلهم (٢). فقالوا : كنا مع الشدة ، نستريح الى حديثك.

فخرج [بهم] (٣) الى بعض الصحارى. وجلس يحدثهم حديث القائم ونعته وقرب الأمر. وكانت ليلة قمراء فبيناهم كذلك إذ طلع عليهم موسى ـ عليه السلام ـ.

وكان في ذلك الوقت ، حديث السن. وقد خرج من دار فرعون ، يظهر النزهة.

فعدل عن موكبه. وأقبل اليهم. وتحته بغلته (٤). وعليه طيلسان خز. فلما رآه الفقيه ، عرفه بالنعت. فقام اليه. وانكب على قدميه. فقبلهما. ثم قال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك (٥). فلما رأى الشيعة ذلك ، علموا أنه صاحبهم. فانكبوا على الأرض ، شكرا لله ـ عز وجل ـ فلم يزدهم الا (٦) أن قال : أرجو أن يعجل الله فرجكم.

ثم غاب بعد ذلك. وخرج الى مدينة مدين. فأقام عند شعيب النبي ، ما أقام.

فكانت الغيبة الثانية ، أشد عليهم من الاولى. وكانت نيفا وخمسين سنة. واشتدت البلوى عليهم. واستتر الفقيه. فبعثوا اليه أنه لا صبر لنا على استتارك عنا. فخرج الى بعض الصحارى. واستدعاهم. وطيب نفوسهم. وأعلمهم أن الله ـ عز وجل ـ أوحى اليه ، أنه مفرج عنهم بعد أربعين سنة.

فقالوا ، بأجمعهم : الحمد لله.

فأوحى الله ـ عز وجل ـ اليه : قل لهم : قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم

__________________

(١) المصدر : كانوا.

(٢) المصدر : راسلوه.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) المصدر : بغلة. وهو الظاهر.

(٥) المصدر : أرانيك. وهو الظاهر.

(٦) المصدر : على.

٤١٩

«الحمد لله».

فقالوا : كل نعمة فمن الله.

فأوحى الله اليه : قل لهم : قد جعلتها عشرين سنة.

فقالوا : لا يأتي بالخير الا الله.

فأوحى الله اليه : قل لهم : قد جعلتها عشرا.

فقالوا : لا يصرف السوء ، الا الله.

فأوحى الله ـ عز وجل ـ اليه : قل لهم : لا تبرحوا. فقد أذنت لكم في فرجكم فبيناهم كذلك ، إذ طلع موسى ـ عليه السلام ـ راكبا على حمار (١). فأراد الفقيه ، أن يعرّف الشيعة ما يستبصرون به فيه. فجاء موسى ـ عليه السلام ـ حتى وقف عليهم. فسلم عليهم.

فقال له الفقيه : ما أسمك؟

قال : موسى.

قال : ابن من؟

قال : ابن عمران.

قال : ابن من؟

قال : ابن قاهث (٢) بن لاوي بن يعقوب.

قال : بماذا جئت؟

قال : جئت بالرسالة من عند الله ـ عز وجل ـ.

فقام اليه. فقبل يده. ثم جلس بينهم. وطيب نفوسهم. وأمرهم أمره. ثم

__________________

(١) المصدر : حمارا.

(٢) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : ابن قاهب.

٤٢٠