الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٥

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٧١٢

١
٢

٣
٤

٥
٦

٧
٨

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمدك اللهمَّ يا من تجلّيت للقلوب بالعظمة ، واحتجبت عن الأبصار بالعزَّة ، واقتدرت على الأشياء بالقدرة ، فلا الأبصار تثبت لرؤيتك ولا الأوهام تبلغ كنه عظمتك ، ولا العقول تدرك غاية قدرتك.

حمداً لك يا سبحان على ما مننت به علينا من النعم الجسيمة وأسبغتها ، وتفضّلت بالآلاء الجمَّة ، وألحمت ما أسديت ، وأجبت ما سُئلت ، وهي كما تقول :

(وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) (١).

حمداً لك يا متعال على ما طهّرتنا به من دنس الكفر ودرن الشرك ، وأوضحت به لنا سُبُل الهداية ، ومناسك الوصول إليك ، من بعث أفضل رسلك وأعظم سفرائك وخاتم أنبيائك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكتابك العزيز (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢).

حمداً لك يا ذا الجلال على ما أتممت به نعمك ، وأكملت به دين نبيِّك من ولاية أمير المؤمنين أخي رسولك ، وأبي ذريّته ، وسيِّد عترته ، وخليفته من بعده ، وأنزلت

__________________

(١) إبراهيم : ٣٤.

(٢) آل عمران : ١٦٤.

٩

فيها القرآن وقلت : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (١).

حمداً لك يا عزيز على ما وفّقتنا له من اتِّباع نبيِّك المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخليفتيه في أُمّته : كتابك الكريم ، وعترته أهل بيته الذين فرضت علينا طاعتهم ، وأمرتنا بمودّتهم وجعلتها أجر الرسالة الخاتمة وسمّيتها بالحسنة ، وقلت : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) (٢).

(رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَ)

(وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٣)

الأميني

__________________

(١) المائدة : ٣.

(٢) الشورى : ٢٣.

(٣) الأحقاف : ١٥.

١٠

بقيّة

شعراء الغدير

في

القرن السادس

١ ـ السيّد محمد الأقساسي

٢ ـ قطب الدين الراوندي

٣ ـ سبط ابن التعاويذي

١١
١٢

ـ ٥٣ ـ

السيّد محمد الأقساسي

المتوفّى (حدود ٥٧٥)

وحقِّ عليٍّ خيرِ من وطئ

الثرى وأفخر مَن بعد النبيِّ قد افتخر

خليفتُه حقّا ووارثُ علمِهِ

به شرُفت عدنانُ وافتخرتْ مضرْ

ومن قام في يومِ الغديرِ بعضدِهِ

نبيُّ الهدى حقّا فسائلْ به عمرْ

ومن كسّرَ الأصنامَ لم يخشَ عارَها

وقد طال ما صلّى لها عصبةٌ أُخرْ

وصهرُ رسولِ اللهِ في ابنتِه التي

على فضلِها قد أنزلَ الآي والسورْ

أليَّة عبدٍ حقَّ من لا يرى له

سوى حبِّهِ يومَ القيامةِ مدَّخرْ

لأحزنني يومَ الوداعِ وسرّني

قدومُك بالجلّى من الأمنِ والظفرْ

عارض الشاعر بهذه الأبيات بيتين لبعض العامّة وهما :

وحقِّ أبي بكر الذي هو خيرُ مَن

على الأرضِ بعد المصطفى سيّدِ البشرْ

لقد أحدث التوديعُ عند وداعِنا

لواعجُه بين الجوانحِ تستعرْ (١)

الشاعر

محمد بن عليّ بن فخر الدين أبي الحسين (٢) حمزة بن كمال الشرف أبي الحسن

__________________

(١) الطليعة في شعراء الشيعة : ج ٢ مخطوط. (المؤلف)

(٢) في كامل ابن الأثير : ٦ / ١٣ حوادث سنة ٤١٥ ه‍ ، والبداية والنهاية : ١٢ / ٢٣ حوادث سنة ٤١٥ ه‍ ، والنجوم الزاهرة : ٤ / ٢٦١ : أبو الحسن.

١٣

محمد بن أبي القاسم الحسن الأديب ابن أبي جعفر محمد بن عليّ الزاهد ابن محمد الأصغر الأقساسي ابن يحيى بن الحسين ذي العبرة ابن زيد الشهيد ابن الإمام عليِّ بن الحسين عليهما‌السلام.

آل الأقساسي :

من أرفع البيوت العلويّة ، لها أغصانٌ باسقة موصولة بالدوح النبويِّ اليانع ، بزغت بهم العراق عصوراً متطاولة ، وإن كان منبعث غرسهم الزاكي الكوفة ، من قرية كبيرة أو كورة يقال لها : أقساس مالك (١) ، وهم بين عالمٍ مُتبحِّر ، ومُحدِّث ثقة ، ولغويٍّ متضلّع ، وشاعر مُتأنِّق ، وأمير ظافر ، ونقيب فاضل. أوّل من عرف بهذه النسبة السيّد محمد الأصغر ابن يحيى ، وأولاده تتشعّب عدّة شعب منهم :

بنو جوذاب : وهم أولاد عليّ بن محمد الأصغر.

وبنو الموضح : أولاد أحمد بن محمد الأصغر.

وبنو قرّة العين : أولاد أحمد بن عليّ الزاهد ابن محمد الأصغر.

وبنو صعوة : أولاد أحمد بن محمد بن عليّ الزاهد ابن محمد الأصغر.

ومن بني صعوة طاهر بن أحمد ، ذكره السمعاني في الأنساب (٢) فقال : طاهر بن أحمد بن محمد بن عليّ الأقساسي كان يُلقَّب بصعوة ، وكان ديِّناً ثقةً يروي عن أبي عليّ الحسن بن محمد بن سليمان العربي العدوي ، عن حراش ، عن أنس بن مالك.

والأقساسيّون هم سلسلة المترجم ، جدّه الأعلى أبو القاسم الحسن الأقساسي

__________________

(١) معجم البلدان : ١ / ٣١٢ [١ / ٢٣٦] منسوبة إلى مالك بن عبد هند بن نُجَم ـ بضمّ الأوّل وفتح الثاني ـ ابن منعة بن برجان ... إلى آخر النسب ، والقس : تتبّع الشيء وطلبه ، وجمعه : أقساس ، فيجوز أن يكون مالك تطلّب هذا الموضع وتتبّع عمارته ، فسمّي بذلك. (المؤلف)

(٢) الأنساب : ١ / ٢٠٠.

١٤

المعروف بالأديب ابن أبي جعفر محمد ، ترجمه ابن عساكر في تاريخ الشام (١) (٤ / ٢٤٧) ، فقال : إنَّه قدم دمشق ، وكان أديباً شاعراً ، دخل دمشق في المحرّم سنة (٣٤٧) ونزل في الحرمين ، وكان شيخاً مهيباً نبيلاً حسن الوجه والشيبة ، بصيراً بالشعر واللغة ، يقول الشعر ، من أجود آل أبي طالب حظّا ، وأحسنهم خلقاً ، وكان يُعرَف بالأقساسي نسبة إلى موضع نحو الكوفة.

وقال ابن الفوطي ـ كما في المحكي عن مجمع آدابه ـ : سافر الكثير ، وكان قد تأدّب ، وكتب مليحاً ، وله جماعةٌ من الأصحاب ، قرأت بخطّه إلى ابن نباتة السعدي :

إنَّ العراقَ ولا أغشّكَ ثُلّةٌ

قد نامَ راعيها فأينَ الذيبُ

بنيانُها نهبُ الخرابِ وأهلُها

سوطُ العذابِ عليهمُ مصبوبُ

ملكوا وَسامهمُ الدنيّةَ معشرٌ

لا العقلُ راضَهمُ ولا التهذيبُ

كلُّ الفضائلِ عندهمْ مهجورةٌ

والحرُّ فيهم كالسماحِ غريبُ

وكمال الدين ـ الشرف ـ أبو الحسن (٢) محمد بن أبي القاسم الحسن المذكور ، ولاّه الشريف علم الهدى ـ المترجم في شعراء القرن الخامس ـ نقابة الكوفة وإمارة الحاجّ ، فحجَّ بالناس مراراً ، وتوفّي سنة (٤١٥) كما في كتب التاريخ (٣) ، ورثاه الشريف المرتضى بقوله (٤) :

__________________

(١) تاريخ مدينة دمشق : ١٣ / ٣٨٢ رقم ١٤٤٩.

(٢) كنّاه العلم الحجّة السيّد ابن طاووس ـ في كتاب اليقين ـ [ص ١٥٣ باب ١٥٥] ، بأبي يعلى. (المؤلف)

(٣) منتظم ابن الجوزي : ٨ / ١٩ [١٥ / ١٦٨ رقم ٣١٣٢] ، كامل ابن الأثير : ٩ / ١٢٧ [٦ / ١٣ حوادث سنة ٤١٥ ه‍] ، تاريخ ابن كثير : ١٢ / ١٨ [١٢ / ٢٣ حوادث سنة ٤١٥ ه‍] مجالس المؤمنين : ص ٢١١ [١ / ٥٠٦]. (المؤلف)

(٤) توجد القصيدة في ديوان الشريف المرتضى المخطوط [وفي المطبوع : ٢ / ١٤٧] ، وذكر منها أبياتاً ابن الجوزي في المنتظم : ٨ / ٢٠ [١٥ / ١٦٨ رقم ٣١٣٢]. (المؤلف)

١٥

عرفتُ ويا ليتني ما عرفتُ

فمرُّ الحياةِ لمن قد عرفْ

فها أنا ذا طولَ هذا الزمانِ

بين الجوى تارةً والأسفْ

فمن راحلٍ لا إيابٌ له

وماضٍ وليس له من خلَفْ

فلا الدهرُ يُمتعني بالمقيمِ

ولا هو يُرجِعُ لي من سلفْ

أرونيَ إن كنتمُ تقدرون

من ليسَ يكرعُ كأسَ التلفْ

ومن ليس رهناً لداعي الحِمامِ

إذا ما دعا باسمه أو هتفْ

وما الدهر إلاّ الغَرورُ الخدوعُ

فما ذا الغرامُ به والكَلَفْ

وما هو إلاّ كلمحِ البُروقِ

وإلاّ هبوبُ خريفٍ عصفْ

ولم أرَ يوماً وإن ساءني

كيومِ حمامِ كمالِ الشرفْ

كأنِّيَ بعدَ فراقٍ له

وقطعٍ لأسبابِ تلك الألفْ

أخو سَفَرٍ شاسعٍ ما لهُ

من الزادِ إلاّ بقايا لَطَفْ (١)

وعوّضني بالرقادِ السهادَ

وأبدلني بالضياءِ السدفْ

فراقٌ وما بعده ملتقىً

وصدٌّ وليس له منعطفْ

وعاتبت فيك صروفَ الزمانِ

ومن عاتب الدهرَ لم ينتصفْ

وقد خطف الموتُ كلَّ الرجالِ

ومثلك من بيننا ما خطفْ

وما كنتَ إلاّ أبيَّ الجَنانِ

على الضيمِ محتمياً بالأَنَفْ

خليّا من العارِ صِفْرَ الإزارِ

مدى الدهرِ من دنسٍ أو نَطَفْ

وأذري الدموعَ ويا قلّما

يرُدُّ الفوائتَ دمعٌ ذَرَفْ

ومن أين ترنو إليك العيونُ

وأنت ببَوْغائها في سجفْ

فَبِنْ ما مُلِلْتَ وكم بائنٍ

مضى موسعاً من قلىً أو شَنَفْ (٢)

وسُقِّي ضريحك بين القبورِ

من البرِّ ماشئته واللُّطفْ

__________________

(١) اللَّطَف : اليسير من الطعام.

(٢) الشنَف : البغض.

١٦

ولا زال من جانبيهِ النسيمُ

يعاودُهُ والرياضُ الأُنُفْ

وصيّرك اللهُ من قاطني ال

جنانِ وسكّانِ تلك الغُرَفْ

تجاورُ آباءَكَ الطاهرينَ

ويتّبعُ السالفينَ الخلَفْ

قال ابن الأثير في الكامل (١) (٩ / ١٢١) : حجَّ بالناس أبو الحسن الأقساسي سنة (٤١٢) فلمّا بلغوا فَيْد (٢) حصرهم العرب ، فبذل لهم الناصحي (٣) ـ أبو محمد قاضي القضاة ـ خمسة آلاف دينار فلم يقنعوا ، وصمّموا العزم على أخذ الحاجّ ، وكان مقدّمهم رجلاً يُقال له حمار بن عُدي ـ بضمّ العين ـ من بني نبهان ، فركب فرسه وعليه درعه وسلاحه وجال جولة يُرهب بها ، وكان من سمرقند شابُّ يوصف بجودة الرمي ، فرماه بسهم فقتله وتفرّق أصحابه وسلم الحاجّ ، فحجّوا وعادوا سالمين.

وقال (٤) في (ص ١٢٧) : في هذه السنة ـ يعني (٤١٥) ـ عاد الحجّاج من مكّة إلى العراق على الشام لصعوبة الطريق المعتاد ، وكانوا لمّا وصلوا إلى مكّة بذل لهم الظاهر العلوي ـ صاحب مصر ـ أموالاً جليلة ، وخِلَعاً نفيسةً ، وتكلّف شيئاً كثيراً وأعطى لكلّ رجل في الصحبة جملةً من المال ليظهر لأهل خراسان ذلك ، وكان على تسيير الحاجّ الشريف أبو الحسن الأقساسي ، وعلى حجّاج خراسان حسنك ـ نائب يمين الدولة ابن سبكتكين ـ ، فعظم ما جرى على الخليفة القادر بالله ، وعبر حسنك دجلة وسار إلى خراسان ، وتهدّد القادر بالله ابن الأقساسي فمرض ومات ، ورثاه المرتضى وغيره.

__________________

(١) الكامل في التاريخ : ٥ / ٦٥٥.

(٢) فَيْد : بُلَيْدة في نصف طريق مكة من الكوفة. معجم البلدان : ٤ / ٢٨٢.

(٣) من بيوتات نيسابور العلمية ، تنتمي إلى ناصح بن طلحة بن جعفر بن يحيى ، ذكر السمعاني جمعاً من رجالها في الأنساب ، في حرف النون [٥ / ٤٤٥]. (المؤلف)

(٤) الكامل في التاريخ : ٦ / ١٣.

١٧

لكمال الشرف شرح قصيدة السلامي (١) التي أوّلها :

سلامٌ على زمزم والصفا

ينقل عنه سيّدنا الحجّة السيّد ابن طاووس في كتاب اليقين ، في الباب الخامس والخمسين بعد المائة ، والباب الذي بعده (٢).

وقال ابن الجوزي في المنتظم (٣) (٨ / ١٩) : ولأبي الحسن الأقساسي شعر مليح ، ومنه قوله في غلام اسمه بدر :

يا بدرُ وجهُكَ بدرُ

وغَنْجُ عينيكَ سحرُ

وماءُ خدَّيك وردٌ

وماءُ ثغرِكَ خمرُ

أُمِرتُ عنك بصبرٍ

وليس لي عنك صبرُ

تأمرني بالتسلّي

ما لي من الشوقِ أمرُ

وجدُّ المترجَم ، فخر الدين أبو الحسين حمزة بن كمال الشرف محمد ، ذكره النسّابة العمري في المجدي (٤) وقال : هو نقيب الكوفة ، كان صديقي ، ذا فضلٍ وحلمٍ ، ورئاسةٍ ومواساة.

ولفخر الدين هذا أخٌ يُسمّى أبا محمد يحيى ، ذكره السمعاني في الأنساب (٥) ،

__________________

(١) محمد بن عبد الله المخزومي من أولاد الوليد بن المغيرة ، كان من مقدّمي شعراء العراق ولد (٣٣٦) وتوفّي (٣٩٣) ، ترجمه الثعالبي [في يتيمة الدهر : ٢ / ٤٦٦] ، وابن الجوزي في المنتظم [١٥ / ٤١ رقم ٢٩٨٦] ، وابن خلّكان في تاريخه [٤ / ٤٠٣ رقم ٦٦٥]. (المؤلف)

(٢) اليقين : ص ١٥٣ ـ ١٥٥ باب ١٥٥ و ١٥٦.

(٣) المنتظم : ١٥ / ١٦٨ رقم ٣١٣٢.

(٤) المجدي في أنساب الطالبيّين : ص ١٨٠.

(٥) الأنساب : ١ / ٢٠٠.

١٨

وقال : كان ثقةً نبيلاً ، سمع أبا عبد الله محمد بن عبد الله القاضي الجعفري ، روى لنا عنه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي (١) ، وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي (٢) ببغداد ، وأبو البركات عمر بن إبراهيم الحسني (٣) بالكوفة ولادته في شوّال سنة خمس وتسعين وثلاثمائة ، وتوفّي سنة نيّف وسبعين وأربعمائة. وذكره الحموي في معجم. وكانت البلدان (١ / ٣١٢). (٤)

وأمّا شاعرنا ـ المعنيّ بالترجمة ـ فذكره ابن الأثير في كامله (٥) (١١ / ١٧٤) وقال : وفيها ـ يعني سنة ٥٧٥ ـ توفّي محمد بن عليّ بن حمزة الأقساسي نقيب العلويّين بالكوفة ، وكان ينشد كثيراً :

رُبّ قومٍ في خلائقهمْ

غررٌ قد صُيِّروا غُررا

ستَرَ المالُ القبيحَ لهم

سترى إن زال ما سترا

وله أخوه علم الدين أبو محمد الحسن النقيب الطاهر بن عليّ بن حمزة ، وُلِدَ في الكوفة ونشأ بها توفّي (٥٩٣) ، ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (٦) (١٣ / ١٦) فقال : كان شاعراً مطبقاً ، امتدح الخلفاء والوزراء ، وهو من بيت مشهور بالأدب والرئاسة والمروءة ، قدم بغداد فامتدح المقتفي والمستنجد وابنه المستضيء وابنه الناصر ، فولاّه

__________________

(١) كان مكثراً من الحديث ، عالي الرواية ، ولد بدمشق (٤٥٤) وتوفّي (٥٣٦). (المؤلف)

(٢) الأرموي : من أهل أُرمية ، إحدى بلاد آذربايجان ، سكن بغداد وتخرّج عليه كثير من أعلامها ، ولد (٤٥٧) وتوفّي (٥٤٧) [معجم البلدان : ١ / ١٥٩]. (المؤلف)

(٣) مفتي الكوفة كان مشاركاً في العلوم ، ولد سنة (٤٤٢) وتوفّي (٥٣٩) وصلّى عليه ثلاثون ألفاً ، حسينيّ النسب من ذرّية زيد الشهيد. (المؤلف)

(٤) معجم البلدان : ١ / ٢٣٦ ،

(٥) الكامل في التاريخ : ٧ / ٢٨١ حوادث سنة ٥٧٥ ه‍.

(٦) البداية والنهاية : ١٣ / ٢٠ حوادث سنة ٥٩٣ ه‍.

١٩

الناصر النقابة ، وكان شيخاً مهيباً جاوز الثمانين ، وقد أورد له ابن الساعي قصائد كثيرة منها :

اصبر على كيدِ الزما

نِ فما يدومُ على طريقه

سبق القضاءُ فكنْ به

راضٍ ولا تطلبْ حقيقه

كم قد تغلّبَ مرّةً

وأراك من سعةٍ وضيقه

ما زالَ في أولادِهِ

يجري على هذي الطريقه

وترجمه سيّدنا القاضي المرعشي في مجالس المؤمنين (١) (ص ٢١١) ، وقال الميرزا في رياض العلماء (٢) : كان من أجلّة السادات والشرفاء والعلماء والأدباء والشعراء بالكوفة ، يروي عنه الشيخ عليّ بن عليّ بن نما ، وهو من مشايخ أصحابنا.

ولعلم الدين مقرّظاً كتاب الإفصاح عن شرح معاني الصحاح (٣) ، كما في تجارب السلف لابن سنجر (ص ٣١٠) قوله :

ملكٌ ملكُهُ الفصاحةُ حتى

ما لَهُ في اقتنائِها من مُلاحي

وأبانَ البيانَ حتى لقد

أخرسَ بالنطقِ كلَّ ذي إفصاحِ

وجلا كلَّ غامضٍ من معانٍ

حملتْها لنا متونُ الصحاحِ

في كتابٍ وحقُّه ما رعاهُ

قبلَهُ ذو هدىً ولا إصلاحِ

وخلف علم الدين ولده قطب الدين أبا عبد الله الحسين نقيب نقباء العلويّين في بغداد ، وكان عالماً شاعراً مطّلعاً على السِّير والتواريخ ، قُلِّد النقابة بعد عزل قوام الدين

__________________

(١) مجالس المؤمنين : ١ / ٥٠٧.

(٢) رياض العلماء : ١ / ٢٤٧.

(٣) تأليف عون الدين يحيى بن هبيرة المتوفّى (٥٥٥) ، وهو يشتمل على تسعة عشر كتاباً ، راجع تاريخ ابن خلّكان : ٢ / ٣٩٤ [٦ / ٢٣٣ رقم ٨٠٧]. (المؤلف)

٢٠