شرح ألفيّة ابن مالك

عمر بن مظفّر بن الوردي

شرح ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

عمر بن مظفّر بن الوردي


المحقق: عبد الله بن علي الشلال
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
ISBN: 9960-52-999-1
الصفحات: ٨٩٠

٤٤٣ ـ فأمهلته (١) حتى إذا أن كأنه

معاطي يد في لجّة الماء غامر (٢)

وكقوله :

٤٤٤ ـ ...

كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (٣)

وإن كان العامل في (أن) فعل ظنّ (٤) فالأكثر نصب الفعل

__________________

(١) في ظ (فأمهله).

(٢) البيت من الطويل لأوس بن حجر ، وأكثر الكتب أوردته بقافية الراء ، والصواب أنه من قصيدة فائية كما في الديوان (غارف) ومطلعها :

تنكّر بعدي من أميمة صائف

فبرك فأعلى تولب فالمخالف

وبهذا قال البغدادي في شرح شواهد شرح التحفة الوردية ، وشرح أبيات المغني ، والسيوطي في شرح شواهد المغني. كما صوب البغدادي والسيوطي (لجة) إلى (جمة).

الشاهد في : (إذا أن كأنه) على أنّ (أن) زائدة غير عاملة ؛ لوقوعها بعد (إذا) ؛ ولذا دخلت على الحرف (كأن).

الديوان ٧١ وشرح العمدة ٣٣١ والمغني ٣٤ وشرح التحفة ٣٦٣ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٣٥ وشرح شواهد المغني للبغدادي ١ / ١٦٤ وشرح أبيات المغني للسيوطي ١ / ١١٢ ومعجم ما استعجم ١ / ٢٤٤.

(٣) هذا عجز بيت من الطويل ، لشاعر يشكري وصدره :

ويوما توافينا بوجه مقسّم

وقد مرّ في الشاهد (١٢٤).

الشاهد فيه هنا : (كأن ظبية) على أنّ (أن) زائدة غير عاملة لوقوعها بعد كاف التشبيه ، و (ظبية) مجرور بالكاف.

ومر تفصيل رواياته وإعرابه.

(٤) سقطت (ظن) من م.

٦٠١

بعدها ، مثل : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا)(١) ، وجاء (٢) الرفع على أنها مخففة من الثقيلة ، كقراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي : وحسبوا ألا تكون فتنة (٣). وبعض العرب يهمل المستحقة للنصب حملا على (ما) أختها المصدرية ، كقراءة بعضهم : لمن أراد أن يتم الرضاعة (٤) وكقوله :

٤٤٥ ـ أن تقرآن على أسماء ويحكما

منّي السّلام وألّا تشعرا أحدا (٥)

__________________

(١) سورة العنكبوت الآية : ٢. عملت (أن) النصب في (يتركوا) لسبقها بفعل ظنّ ، وهو (حسب) وكذا (يقولوا).

(٢) في ظ (وجاز).

(٣) سورة المائدة الآية : ٧١.

على قراءة رفع (تكون) على أن (لا) نافية و (تكون) تامة و (فتنة) فاعلها ، والجملة خبر (أن) واسمها ضمير الشأن ، و (حسب) حينئذ للتيقّن لا للشك ؛ لأن (أن) المخففة لا تقع إلا بعد تيقّن.

وقرأ غير من ذكر الشارح بالنصب على أنّ (أن) الناصبة للمضارع دخلت على فعل منفي بلا و (لا) لا تمنع أن يعمل ما قبلها فيما بعدها من ناصب وجازم وجار ، وحسب حينئذ على بابها من الظن ؛ لأن الناصبة لا تقع بعد علم ، والمخففة لا تقع بعد غيره. الإتحاف ١ / ٥٤١ والأشموني ٣ / ٢٨٣.

(٤) سورة البقرة الآية : ٢٣٣. على قراءة مجاهد برفع (يتم) على إهمال عمل (أن). انظر القراءات الشاذة ١٤ والبحر ٢ / ٢١٣.

(٥) البيت من البسيط ، ولم أقف على من قاله.

الشاهد في : (أن تقرآن) على أنّ (أن) مصدرية غير عاملة كأختها (ما) ؛ ولهذا ثبتت نون الفعل ، ولو عملت لقيل : أن تقرآ بحذف النون. وقد جمع الشاعر في هذا البيت بين أن المهملة والعاملة فالمهملة ما ذكرنا ، والعاملة قوله : (ألّا تشعرا) فالفعل منصوب بأن وعلامة ذلك حذف النون.

مجالس ثعلب ٣٢٢ والمنصف ١ / ٢٧٨ والخصائص ١ / ٣٩٠ والإنصاف ٥٦٣ ـ ـ

٦٠٢

وبعضهم (١) يجزم بها كقوله :

٤٤٦ ـ إذا ما غدونا قال ولدان أهلها

تعالوا إلى أن يأتنا الصيد نحتطب (٢)

[ومثله :

٤٤٧أخلق بذي الحرص أنيظفر بحاجته (٣)

 ...

شبّهها بالشرطية لوقوع كلّ مكان الأخرى ، بدليل : (أَنْ تَضِلَ

__________________

وضرائر الشعر لان عصفور ١٦٣ وابن الناظم ٢٦٢ والمرادي ٤ / ١٨٦ وشرح التحفة الوردية ٣٦٤ والمغني ٣٠ ، ٦٩٧ والعيني ٤ / ٣٨٠ وشرح شواهد شرح التحفة ١٦٣ ، ٤٣٩ وتخليص الشواهد ٣٨٩ والخزانة ٣ / ٥٥٩ وشرح شواهد المغني للسيوطي ١٠٠ والأشموني ٣ / ٢٨٧.

(١) أجاز الجزم بأن بعض الكوفيين وأبو عبيدة ، وحكى اللحياني أنها لغة بني صباح من ضبة. الجنى الداني ٢٢٦ والأشموني ٣ / ٢٨٤.

(٢) في ظ (يخطب).

والبيت من الطويل لامرئ القيس ، وروي : (ركبنا) بدل (غدونا) وفي الديوان (أهلنا) و (يأتي) بفتح الياء بدل (أهلها) و (يأتنا) وفي الجنى (قومنا) بدل (أهلها) ولا شاهد على رواية (يأتي) لنصب الفعل بعدها ، ورواية غير الشارح لقافيته (نحطب) بحذف التاء وكسر الباء ، وهو ما يتفق وحركة قافية القصيدة.

الشاهد في : (أن يأتنا) على أنّ (أن) جازمة للمضارع بعدها ، وعلامة جزمه حذف الياء ، والأصل يأتينا. أجازه الكوفيون.

الديوان ٥٣ والجنى الداني ٢٢٧ والأشموني ٣ / ٢٨٤ والمحتسب ٢ / ٢٩٥ وشرح شواهد المغني للسيوطي ٩١ وسمط الآلئ ١ / ٦٧.

(٣) ما بين القوسين [] سقط من ظ.

وهذا صدر بيت من البسيط ، لمحمد بن يسير أو ابن بشير الخارجي ، من بني خارجة. وعجزه :

ومدمن القرع للبواب أن يلجا

٦٠٣

إِحْداهُما)(١)(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ)(٢) قرئ بفتح همزة (أن) وكسرها.

ومنها (إذن) إذا كان الفعل مستقبلا وصدّرت ووليها الفعل ، أو فصله قسم ، أو (لا) ولم يكن حالا ، كقولك لمن قال : أزورك

__________________

ـ ـ والرواية عند غير الشارح :

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته

الشاهد في : (أن يظفر) حيث عملت (أن) الجزم في المضارع بعدها .. وعلى رواية (يحظى) لا شاهد في البيت ؛ حيث لم تجزم (أن) المضارع بدليل بقاء الألف آخر الفعل في (يحظى) ولو عملت لقال : (يحظ).

شرح التسهيل ١ / ٣٨٨ و ٣ / ١٩٠ وشرح الكافية الشافية ٨٢٩ والأشموني ٢ / ٢٣٤ والمرزوقي ١١٧٥ والأغاني ١٤ / ٤٩١٦ والعقد ١ / ٧٠.

(١) سورة البقرة الآية : ٢٨٢.

على أنّ (أن) شرطية جازمة ، و (تضل) فعل الشرط مجزوم ، والأصل : (إن تضلل) فلمّا أدغمت اللام في اللام فتحت لالتقاء الساكنين ؛ ولذلك دخلت الفاء على الجواب في الآية الكريمة (فتذكر) وكان الأولى أن يورد الآية بما فيها ما يدل على الاستشهاد هكذا : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى.)

وقرأ حمزة بكسر همزة (إن) ورفع الراء من (تذكر) وتشديد الكاف المكسورة.

وقرأ الباقون بفتح همزة (أن) وفتح راء (تذكر) مع تشديد الكاف المكسورة ، مما يدل على التناوب.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (أن) بفتح الهمزة وضم التاء وإسكان الذال وكسر الكاف دون تشديد وفتح الراء (فتذكر). حجة القراءات ١٥٠. ومنع ذلك البصريون وتأولوا الشواهد على أنها مصدرية.

(٢) سورة المائدة الآية : ٢.

قرأ ابن كثير وأبو عمرو (إن) بكسر الهمزة ، وحجتهم أن الآية نزلت قبل فعلهم وصدهم ، ووافقهم ابن محيصن واليزيدي.

وقرأ الباقون (أن) بفتح الهمزة ، أي : لأن صدوكم ، وحجتهم أن الصدّ وقع من الكفار ؛ لأن السورة نزلت بعد فتح مكة. حجة القراءات ٢٢٠ والإتحاف ١ / ٥٢٩.

٦٠٤

غدا ، إذا أكرمك ، وإذا والله أكرمك ، وإذا والله (١) لا أحرمك.

ويجب الرفع في قولك لمن قال : أزورك. إنّي إذا أكرمك ، أو والله إذا لا أحرمك ، إذا (٢) لم تصدّر ، وكذا إذا أنا أكرمك ، إذا فصل الفعل عنها بغير قسم ، و (لا) وكذا قولك لقائل : أحبّك. إذا أصدّقك ؛ إذ (٣) الفعل حال ، وأمّا قوله :

٤٤٨ ـ لا تتركنّي فيهم شطيرا

إنّي إذا أهلك أو أطيرا (٤)

فشاذ. وأوّله بعضهم فرفع (أهلك) ونصب (أطير) بأو.

ولو تقدّم على إذا واو ، أو فاء ، فالإهمال أكثر ، ومن ثمّ

__________________

(١) في ظ (أو والله إذن).

(٢) في ظ (إذ).

(٣) في الأصل وم (إذا).

(٤) البيتان من رجز لم يعرف قائلهما. وقال عبد السّلام هارون في معجم الشواهد ٤٧٦ : إنها لرؤبة ، ولم أجد من ذكر ذلك غيره.

الشاهد في : (إني إذا أهلك) حيث أعمل الراجز (إذا) فنصب بها (أهلك) مع توسطها بين ما أصله المبتدأ وهو ياء المتكلم الواقع اسما لإنّ ، وجملة الخبر (أهلك) مع فاعله ، وذلك شاذ عند الجمهور ، وتأولوا ما ورد على أن خبر إنّ محذوف وأن الجملة (إذا أهلك) مستأنفة ، وأجازه بعض الكوفيين.

معاني القرآن للفراء ١ / ٢٧٤ و ٢ / ٣٣٨ وشرح الكافية الشافية ١٥٣٧ وابن الناظم ٢٦٣ والمغني ٢٢ وشفاء العليل ٩٢٥ والإنصاف ١ / ١٧٧ والمقرب ١ / ٢٦١ وابن يعيش ٧ / ١٧ وشرح التحفة الوردية ٣٦٥ والجنى الداني ٣٦٢ والمساعد ٣ / ٧٦ والمرادي ٤ / ١٨٨ والعيني ٤ / ٣٨٣ والخزانة ٣ / ٥٧٤ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٤٠ ورصف المباني ٦٦ وشرح شواهد المغني للسيوطي ٧٠ والهمع ٢ / ٧ والدرر ٢ / ٦.

٦٠٥

أجمع السبعة (١) على النون في : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ)(٢) وقد تعمل كقراءة أبيّ (٣) : (لا يلبثوا) ، وقراءة ابن مسعود (٤) : (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً)(٥).

وينصب بأن مضمرة بعد لام جرّ إمّا للتعليل ، وهي لام كي ، مثل : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(٦). وإمّا للعاقبة ، مثل : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا

__________________

(١) الجنى الداني ٣٦٢.

(٢) سورة الإسراء الآية : ٧٦.

(٣) القراءات الشاذة لابن خالويه ٧٧. ويظهر أنّ أبيّا رضي‌الله‌عنه قرأ بإعمال (إذا) وإهمالها.

وأبي ، هو بن كعب بن قيس نجاري أنصاري مدني ، صحابي جليل ، أقرأ الأمة لكتاب الله. توفي آخر خلافة عثمان رضي‌الله‌عنهما. غاية النهاية ١ / ٣١.

(٤) هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود الهذلي المكي أبو عبد الرحمن ، أحد السابقين إلى الإسلام ، عرض القرآن على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو أحد القراء السبعة ، خدم الرسول الكريم طيلة حياته. توفي في المدينة سنة ٣٢ ه‍. غاية النهاية ١ / ٤٥٨.

(٥) سورة النساء الآية : ٥٣.

ويظهر أن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه قرأ بإعمال (إذا) وإهمالها ، فالسبعة ومنهم ابن مسعود قرؤوا بإهمالها في الآية السابقة ، وأعملها في قراءة هذه الآية كما ذكر الشارح.

قال البيضاوي في تفسيره : «و (إذا) إذا وقع بعد الواو والفاء ، لا لتشريك مفرد ، جاز فيه الإلغاء والإعمال ؛ ولذلك قرئ : (فإذا لا يؤتوا) على النصب». ١١٤ ـ ١١٥ ، ولم يعز القراءة لأحد. وهو ابن مسعود رضي‌الله‌عنه. وانظر شرح العمدة ٣٣٤.

(٦) سورة النحل الآية : ٤٤.

٦٠٦

وَحَزَناً)(١) ، وإمّا زائدة مثل : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ)(٢) ، وإمّا للجحود ، وهي الداخلة على الخبر بعد ما كان ، ولم يكن ، مثل : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ)(٣) و (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ)(٤).

ويجب إظهارها بين لا ولام الجرّ ، مثل : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ)(٥) ، وإضمارها (٦) مع لام الجحود (٧) ، ويجوز الإظهار والإضمار في سواهما.

وكذلك تضمر (أن) وجوبا بعد (أو) إذا صلح مكانها [حتّى ، بمعنى إلى (٨) ، لا بمعنى كي ، وهذا انفرد به الكوفيون ، أو صلح مكانها](٩) إلّا ، وهذا بإجماع.

وقد اجتمعا في قول الذريح لابنه قيس عن زوجته لبنى ، إذ طرح (١٠) نفسه على الرمضاء لمّا أبى قيس طلاقها : «والله لا أريم

__________________

(١) سورة القصص الآية : ٨.

(٢) سورة النساء الآية : ٢٦.

(٣) سورة الأنفال الآية : ٣٣.

(٤) سورة النساء الآية : ١٣٧.

(٥) سورة الحديد الآية : ٢٩.

(٦) في الأصل : (إظهارها) تصحيف.

(٧) كقوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) وقوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) فيعذب ويغفر في الآيتين الكريمتين منصوبان بأن مضمرة وجوبا بعد لام الجحود.

(٨) لألزمنّك وتقضيني حقي.

(٩) سقط ما بين القوسين [] من م. ومثال ما يصلح مكانها إلا : لأهجرنه أو يستقيم.

(١٠) في ظ (اطرح).

٦٠٧

هذا الموضع أو أموت أو تخلّيها (١)». معناه حتى أموت إلّا أن تخليها.

وكذلك تضمر وجوبا بعد (حتّى) فتنصب فعلا مستقبلا بمعنى (إلى) مثل : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(٢) ، وبمعنى كي ، كقوله :

٤٤٩ ـ دعاني أخي حتّى أريد فلم أرث

وأقررت عينيه بما كان يأمل (٣)

وحتّى إذا جارة.

وإن كان الفعل بعدها حالا ، أو مؤوّلا بالحال ، وجب رفعه ، وهي إذا ابتدائية ، فالحال كقولك : سرت البارحة حتى أدخلها (٤) الآن ، ومرض حتى لا يرجونه ، والمؤول ما وقع فقدّر اتصافه بالدخول فيه ؛ لأنه حال بالنسبة إلى تلك الحال ، وقد يقدر اتصافه

__________________

(١) انظر القول في شرح العمدة ٣٣٥.

(٢) سورة البقرة الآية : ١٨٧. ولم ترد (من الفجر) في ظ ..

(٣) في الأصل وم (وأقررني عنه).

البيت من الطويل ولم أعرف قائله. وفي شرح العمدة :

دعاني أخي حتى أذود فلم أرث

وأقررت عينيه بما كان يأمل

وكذا في شفاء العليل ، وفيه (أدير) بدل (أذود).

المفردات : أريد : من الريدة وهي التشمير في الحرب. أذود : أدفع عنه.

أرث : أتأخر وأبطئ عليه.

الشاهد في : (حتى أريد) على أن الفعل (أريد) منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد (حتى) التي بمعنى (كي).

شرح العمدة ٣٣٧ وشفاء العليل ٩٢٦.

(٤) في ظ (أدخلنا).

٦٠٨

بالعزم عليه ، فينتصب لأنه مستقبل بالنسبة إلى تلك الصفة ، مثل : (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ)(١) فنافع بالرفع (٢) ، والباقون بالنصب (٣).

وقد تلي الابتدائية جملة اسمية غاية ، كقوله (٤) :

٤٥٠ ـ فما زالت القتلى تمجّ دماءها

بدجلة حتّى ماء دجلة أشكل (٥)

وتجيء عاطفة كما مرّ (٦).

وكذلك تضمر وجوبا فينتصب الفعل بعد فاء أجيب بها نفي

__________________

(١) سورة البقرة الآية : ٢١٤.

(٢) وذلك لأنه وإن جاء (يقول) بلفظ المضارع إلا أنه ماض بالنسبة إلى زمن الإخبار ، أو حال باعتبار حكاية الحال الماضية. انظر شرح الكافية الشافية ١٥٤٣ والإتحاف ١ / ٤٣٦.

(٣) وذلك على تقدير الاستقبال ؛ لأن (حتى) لا تلي الفعل إلا مؤولا باسم ، فاحتيج إلى تقدير مصدر فأضمرت (أن) وهي مخلصة للاستقبال ، فلا تعمل إلا فيه ، و (يقول) حينئذ مستقبل بالنظر إلى زمن الزلزال فتنصبه مقدرة وجوبا.

حجة القراءات ١٣١ ـ ١٣٢ والإتحاف ١ / ٤٣٦ وشرح الكافية الشافية ١٥٤٣.

(٤) في ظ (كقولك).

(٥) البيت من الطويل لجرير ، من قصيدة يهجو بها الأخطل. ورواية الديوان :

وما زالت القتلى تمور دماؤها

الشاهد في : (حتى ماء) على أن حتى حرف ابتداء لدخولها على الجملة الاسمية ، فماء مبتدأ وأشكل خبر.

الديوان ١٤٣ والمخصص ١ / ١٠٠ وابن يعيش ٨ / ١٨ وابن الناظم ٢٦٥ والمرادي ٤ / ٢٠١ والجنى الداني ٥٥٢ والأزهية ٢٢٥ والمغني ١٢٨ ، ٣٨٦ والعيني ٤ / ٣٨٦ والخزانة ٤ / ١٤٢ والهمع ١ / ٢٤٨ و ٢ / ٢٤ والدرر ١ / ٢٠٧ و ٢ / ١٦ والأشموني ٣ / ٣٠٠.

(٦) انظر العطف ص : ٥٠٧.

٦٠٩

محض ، مثل : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)(١) أو طلب محض ، وهو أمر كقوله :

٤٥١ ـ يا ناق سيري عنقا (٢) فسيحا

إلى سليمان فنستريحا (٣)

أو نهي مثل : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي)(٤).

أو دعاء ، كقوله :

٤٥٢ ـ ربّ وفّقني فلا أعدل عن

سنن الساعين في خير سنن (٥)

__________________

(١) سورة فاطر الآية : ٣٦. نصب (يموتوا) بأن مضمرة بعد الفاء السببية الواقعة في جواب النفي (لا يقضى).

(٢) في ظ (عشا).

(٣) البيت من رجز قاله أبو النجم العجلي في مدح سليمان بن عبد الملك.

المفردات : عنقا : العنق ، ضرب من سير الإبل. فسيح : الفسيح الواسع.

الشاهد في : (فنستريحا) حيث نصب الفعل بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء السببية في جواب الأمر المحض (سيري).

الديوان ٨٢ وسيبويه ١ / ٤٢١ ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٧٩ والمقتضب ٢ / ١٤ والأصول ٢ / ١٨٣ وسر الصناعة ١ / ٢٧٠ وشرح الكافية الشافية ١٥٤٤ وابن الناظم ٢٦٦ وشفاء العليل ٩٢٨ والمساعد ٣ / ٨٥ وشرح التحفة الوردية ٣٧٣ والعيني ٤ / ٣٨٧ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٤٦ والهمع ٢ / ١٠ والدرر ٢ / ٧.

(٤) سورة طه الآية : ٨١. ولم يرد (عليكم غضبي) في ظ.

نصب (يحل) بأن مضمرة بعد الفاء السببية الواقعة في جواب النهي (لا تطغوا).

(٥) البيت من الرمل ، ولم أقف على قائله.

الشاهد في : (فلا أعدل) حيث نصب الفعل (أعدل) بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء السببية في جواب الدعاء (وفقني).

شرح الكافية الشافية ١٥٤٥ وابن الناظم ٢٦٦ والمساعد ٣ / ٨٥ وشفاء العليل ٩٢٨ وشرح التحفة الوردية ٣٧٣ والعيني ٤ / ٣٨٨ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٤٨ والهمع ٢ / ١١ والدرر ٢ / ٨.

٦١٠

أو استفهام مثل : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)(١).

أو عرض ، كقوله :

٤٥٣ ـ يا ابن الكرام ألا تدنوا فتبصر مّا

قد حدّثوك فما راء كمن سمعا (٢)

أو تحضيض ، مثل : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ)(٣).

أو تمنّ ، مثل : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ)(٤).

واضطرّ الشاعر فنصب دون نفي أو طلب ، كما مرّ ، ودون ترجّ أو شرط أو جزاء ، كما سيأتي ؛ حيث قال :

٤٥٤ ـ سأترك منزلي لبني تميم

وألحق بالحجاز فأستريحا (٥)

__________________

(١) سورة الأعراف الآية : ٥٣.

نصب (يشفعوا) بأن مضمرة بعد الفاء السببية الواقعة في جواب الاستفهام (هل).

(٢) البيت من البسيط ، ولم أقف على قائله.

الشاهد في : (فتبصر) حيث نصب الفعل بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء السببية في جواب العرض (ألا تدنو).

شرح الكافية الشافية ١٥٤٥ وابن الناظم ٢٦٦ وشفاء العليل ٩٢٩ وشرح التحفة الوردية ٣٧٤ والعيني ٤ / ٣٨٩ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٤٨ والأشموني ٣ / ٣٠٢.

(٣) سورة المنافقون الآية : ١٠.

نصب (أصّدّق) بأن مضمرة بعد الفاء السببية الواقعة في جواب التحضيض (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي).

(٤) سورة النساء الآية : ٧٣.

نصب (أفوز) بأن مضمرة بعد الفاء السببية الواقعة في جواب التمني (يا ليتني).

(٥) البيت من الوافر ينسب للمغيرة بن حنين ، أو المغيرة بن حبناء ، وكلاهما من تميم.

الشاهد في : (فأستريحا) حيث نصب الشاعر (أستريح) بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء السببية التي لم يسبقها نفي ولا طلب. ـ

٦١١

أمّا إذا كان النفي غير محض ، كقوله :

٤٥٥ ـ وما قام منّا قائم في نديّنا (١)

فينطق إلّا بالتي هي أعرف (٢)

أو كان الطلب اسم فعل ، نحو : صه ، فأسكت (٣) ، أو بلفظ الخبر ، نحو : حسبك الحديث فينام الناس. أو قصد بالفاء مجرّد العطف ، أو بناء (٤) الفعل على مبتدأ محذوف مثل : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (٣٦) (٥) ومثله :

__________________

سيبويه ١ / ٤٢٣ والمقتضب ٢ / ٢٤ والأصول ٢ / ١٨٢ و ٣ / ٤٧١ وضرائر الشعر للقيرواني ٢٠٦ والمقتصد ١٠٦٨ ، ١٠٦٩ والإفصاح ١٨٤ والأمالي الشجرية ١ / ٢٧٩ وشرح الكافية الشافية ١٥٥٠ وابن الناظم ٢٦٦ وشفاء العليل ٩٣٥ والمساعد ٣ / ١٠٤ وضرائر الشعر لابن عصفور ٢٨٤ وشرح التحفة الوردية ٣٧٦ والعيني ٤ / ٣٩٠ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٥١.

(١) في الأصل (نداينا) وهو خطأ.

(٢) البيت من الطويل للفرزدق من قصيدة يمدح بها عبد الملك بن مروان.

الشاهد في : (فينطق) حيث رفع الفعل بعد الفاء لكون النفي غير محض حيث انتقض بإلّا. وكذا استشهد به ابن مالك وابنه.

وقال سيبويه : هو منصوب (بأن) مضمرة بعد الفاء السببية في جواب النفي قبل انتقاضه ؛ فإن النفي منصب على ينطق ، أي : يقوم ولا ينطق إلا بالتي هي أحسن. وكذا قال الأعلم.

الديوان ٢ / ٢٩ وسيبويه والأعلم ١ / ٤٢٠ والأصول ٢ / ١٨٤ وشرح الكافية الشافية ١٥٤٧ وابن الناظم ٢٦٧ والمرادي ٤ / ٢٠٨ وشرح التحفة الوردية ٣٧٥ والعيني ٤ / ٣٩٠ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٤٩ والخزانة ٣ / ٦٠٧.

(٣) في الأصل وم (وأسكت).

(٤) في ظ (بني).

(٥) سورة المرسلات الآية : ٣٦. والتقدير والله أعلم : فهم يعتذرون.

٦١٢

٤٥٦ ـ ألم تسأل الرّبع القواء فينطق

وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق (١)

فلا بدّ من الرفع.

والواو كالفاء في الجميع إذا قصد بها المصاحبة ، مثل : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)(٢) ، وكقوله (٣) :

٤٥٧ ـ فقلت ادعي وادعو إنّ أندى

لصوت أن ينادي داعيان (٤)

__________________

(١) البيت من الطويل لجميل بثينة.

المفردات : الربع : الدار. القواء : الخلاء. بيداء : صحراء. سملق : الأرض التي لا تنبت.

الشاهد في : (فينطق) حيث رفع الفعل بعد الفاء لكونه مبنيّا على مبتدأ محذوف تقديره : هو

الديوان ١٤٧ ومعاني القرآن ١ / ٢٧ وسيبويه والأعلم ١ / ٤٢٢ والرد على النحاة ١٢١ والعيني ٤ / ٤٠٣ والخزانة ٣ / ٦٠١ وشرح شواهد المغني للسيوطي ٤٧٤ والهمع ٢ / ١١ ، ١٣١ والدرر ٢ / ٨ ، ١٧١.

(٢) سورة آل عمران الآية ١٤٢. (يعلم) مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد الواو لواقعه في جواب النفي (لما).

(٣) في ظ (ومثله).

(٤) البيت من الوافر ، وقد اختلف في قائله فقيل لدثار النمري ، وقيل : للأعشى ميمون ، وقيل : لربيعة بن جشم ، أو الحطيأة ، أو الفرزدق ، وليس في ديوانه.

الشاهد في : (وادعو) على أن الفعل منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية ؛ لوقوعه في جواب الأمر.

زيادات الصبح المنير في شعر الأعشى بشرح ثعلب ٢٦٠ وديوان الحطيأة ٣٣٨ وسيبويه والأعلم ١ / ٤٢٦ ومعاني القرآن ١ / ١٦٠ و ٢ / ٣١٤ ومجالس ثعلب ٤٥٦ والتبصرة والتذكرة ٣٩٩ وأمالي القالي ٢ / ٩٠ والإنصاف ٥٣١ وشرح العمدة ٣٤١ وابن الناظم ٢٦٧ وشفاء العليل ٩٣٠ والمساعد ٣ / ٩١ وشرح التحفة ٣٧٧ والعيني ٤ / ٣٩٢ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٥٣ والهمع ٢ / ١٣ والدرر ٢ / ٩.

٦١٣

وكقوله :

٤٥٨ ـ لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم (١)

وكقوله :

٤٥٩ ـ ألم أك جاركم ويكون بيني

وبينكم المودّة والإخاء (٢)

__________________

(١) البيت من الكامل ، لأبي الأسود الدؤلي ، وقيل : لحسان بن ثابت ، وقيل :

للأخطل ، وقيل للمتوكل الليثي ، وللطرماح ، ولسابق البربري ، وللأعشى.

الشاهد في : (وتأتي) على أن الفعل منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية ؛ لوقوعه في جواب النهي.

ديوان أبي الأسود ١٣٠ وشعر المتوكل (ما نسب إليه) ٢٨٤ وسيبويه والأعلم ١ / ٤٢٤ ومعاني القرآن ١ / ٣٤ ، ١١٥ والمقتضب ٢ / ٢٦ والأصول ٢ / ١٦٠ وشرح أبيات سيبويه للنحاس ٢٩٥ وشرح الكافية الشافية ١٥٤٧ وشرح العمدة ٣٤٢ وابن الناظم ٢٦٧ وابن يعيش ٧ / ٢٤ والمساعد ٣ / ٩١ وشفاء العليل ٩٣١ وشرح التحفة الوردية ٣٧٨ والعيني ٤ / ٣٩٣ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٥٤ والخزانة ٣ / ٦١٧ والبحر ١ / ١٨٢ والإعراب عن قواعد الإعراب ١٣٨ وشرح شواهد المغني للسيوطي ٧٧٩ والهمع ٢ / ١٣ والدرر ٢ / ٩.

(٢) البيت من الوافر للحطيأة. أورده النحاة كما أورده الشارح ، ورواية الديوان لصدره :

ألم أك مسلما فيكون بيني

الشاهد في : (ويكون) على أن الفعل منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية ؛ لوقوعه في جواب الاستفهام. ولا شاهد في البيت على رواية الديوان لما أورده الشارح.

الديوان ٨٤ وسيبويه والأعلم ١ / ٤٢٥ والمقتضب ٢ / ٢٧ والأصول ٢ / ١٦٠ وشرح الكافية الشافية ١٥٤٩ والتبصرة والتذكرة ٤٠٠ ، ٤٧٤ والمقتصد ١٠٧٣ والرد على النحاة ١٢٢ وشفاء العليل ٩٣١ والمساعد ٣ / ٩٢ وابن الناظم ٢٦٧ والعيني ٤ / ٤١٧.

٦١٤

ويجب في جواب غير النفي الجزم إذا سقطت الفاء وقصد الجزاء ، مثل : (وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى)(١) تقديره : إن تذروني أقتل.

وشرط الجزم بعد النهي أن تحسن (إن) قبل (لا) ، نحو : لا تدن من الأسد تسلم ، ومن ثمّ امتنع : لا تكفر تدخل النار ، خلافا للكسائي (٢).

وأمّا (٣) قول الصحابي : «يا رسول الله ، لا تشرف يصبك سهم (٤)» ورواية : «من أكل من هذه الشجرة فلا يقرب مسجدنا

__________________

(١) سورة غافر الآية : ٢٦.

(٢) شرح الكافية الشافية ١٥٥٢ وابن الناظم ٢٦٩ والأشموني ٣ / ٣١١. فقد جزم الكسائي الفعل بعد لا الناهية دون شرط صلاح المعنى مع تقدير إن قبل لا.

(٣) في ظ (فأما).

(٤) أخرجه البخاري في صحيحه في (باب غزوة أحد) ٣ / ٢٣ بلفظ : «بأبي أنت وأمي» وانظر النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٤٦٢ وشرح التحفة ٣٨٣ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٧٤ والأشموني ٣ / ٣١١ والبداية والنهاية ٤ / ٢٧. ولفظه في سبيل الهدى والرشاد ٤ / ٣٠١ ـ ٣٠٢ : «يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم ، نحري دون نحرك».

والصحابي هو أبو طلحة بن عبيد الله الأنصاري زوج أم أنس بن مالك رضي‌الله‌عنهم. انظر البداية والنهاية ٤ / ٢٧ وسير أعلام النبلاء ٢ / ٣١.

والشاهد في قوله : (لا تشرف يصبك) لجزمه في جواب النهي عند الكسائي.

ويشترط الجمهور للجزم في جواب النهي أن يصلح إن قبل لا ، وهو لا يصلح هنا فلا يقال : إلّا تشرف يصبك سهم ، ويخرجون مثل هذا كما ذكر الشارح.

٦١٥

يؤذنا بريح الثوم (١)» فمخرّج على الإبدال من فعل النهي لا على الجواب. ولو أبدل الشيخ آخر البيت المذكور فقال نحو :

وشرط جزم بعد نهي أن تضع

إن قبل لا ، ويبدلون ما وقع (٢)

لكان أكمل ؛ لما علمت ، ولأنّ قوله : «دون تخالف» غير مسلّم ؛ إذ الخلاف ثابت لأجل مذهب الكسائي.

والأمر إن كان بغير (٣) (افعل) فلا ينصب جوابه (٤) مع الفاء

__________________

(١) بهذا اللفظ أورده النحاة ، وأخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عمر ١ / ١٥٤ وعن أنس بن مالك وعن جابر بن عبد الله ١ / ١٥٤ و ٣ / ٣٠١. وأخرجه مسلم في صحيحه ٥ / ٤٨ ـ ٥٠ في (كتاب المساجد) بشرح النووي.

وأخرجه ابن ماجة في سننه ١ / ٣٢٤ (١٠١٥) عن أبي هريرة ، وعن ابن عمر ١ / ٣٢٥ (١٠١٦). وأخرجه أحمد في مسنده في سبعة عشر موضعا منها ٢ / ٢٦٦ ، ٤٢٩ و ٣ / ١٢ و ٤ / ١٩. وأخرجه أبو داود في سننه في عدة أحاديث ٤ / ١٧٠ ـ ١٧٢. والترمذي في (كتاب الأطعمة ، باب ما جاء في كراهية أكل الثوم والبصل) عن جابر ٤ / ٢٦١ (١٨٠٦). والنسائي في (كتاب المساجد) ٢ / ٤٣ ، وروايات كتب الحديث كلها تختلف عما أورده النحاة ، ولا شاهد فيها للكسائي حيث لم يرد جواب النهي ، ولم تحذف الياء من (يؤذينا) عند من أوردها كمالك في الموطأ ٢٩ قال : عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من أكل من هذه الشجرة فلا يقرب مسجدنا يؤذينا بريح الثوم».

(٢) قال ابن مالك في الألفية ٥٨ :

وشرط جزم بعد نهي أن تضع

إن قبل لا ، دون تخالف يقع

(٣) في ظ (لغير).

(٤) في ظ (لجوابه).

٦١٦

خلافا للكسائي (١) ، بل اجزمه دون الفاء ، وذلك بأن كان باسم ، نحو : صه تنج ، وحسبك الحديث ينم الناس ، أو بفعل شبه (٢) الخبر ، مثل : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ)(٣) ، فلمّا كان (تؤمنون) بمعنى آمنوا ، انجزم (يغفر).

وألحق الفراء (٤) الرجاء بالتمنّي فنصب جوابه مع الفاء ، شاهده قراءة حفص (٥) عن عاصم : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ

__________________

(١) فقد أجاز الكسائي النصب بعد الفاء الواقعة في جواب اسم فعل الأمر ، مثل : صه فينام الناس. وكذا الواقعة في جواب خبر بمعنى الأمر ، مثل : حسبك الحديث فينام الناس. شرح الكافية الشافية ١٥٥٣ وابن الناظم ٢٦٩ والأشموني ٣ / ٣١٢. والجمهور على وجوب رفعه مع الفاء.

(٢) في ظ (يشبه).

(٣) سورة الصف الآيتان : ١١ ، ١٢. انظر معاني القرآن للفراء ٣ / ١٥٤ ومعاني القرآن للزجاج ٥ / ١٦٦ والعكبري ٢ / ٢٦٠ ـ ٢٦١. وقد بين الشارح الشاهد في الآية الكريمة.

(٤) قال الفراء في معاني القرآن ٣ / ٩ بعد الآية : «بالرفع (يعني رفع فأطلع) يردّه على قوله : (أبلغ) ، ومن جعله جوابا للعلّي نصبه ، وقد قرأ به بعض القراء.

قال : وأنشدني بعض العرب :

علّ صروف الدهر أو دولاتها

يدلننا اللمة من لمّاتها

فتستريح النفس من زفراتها».

يعني فنصب على الجواب بلعلّ بعد الفاء (نستريح). قال ابن مالك : في شرح الكافية الشافية ١٥٥٤ «وبقوله أقول لسماع ذلك».

(٥) هو حفص بن سليمان بن المغيرة أبو عمرو ، أحد القراء السبعة ، أخذ القراءة عن عاصم ، تنقل بين بغداد ومكة وأقرأ الناس بهما. عاش بين سنة (٩٠ ـ ١٨٠ ه‍) غاية النهاية ١ / ٢٥٤.

٦١٧

السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ)(١) ، وجزمه دونها ، كقوله :

٤٦٠ ـ لعلّ التفاتا منك نحوي مقدّر

يمل بك من بعد القساوة للرّحم (٢)

وقلّ من ذكره.

وإن عطف مضارع على اسم غير شبيه بالفعل نصب بأن ثابتة أو منحذفة ، سواء كان العاطف واوا كقوله :

٤٦١ ـ للبس عباءة وتقرّ عيني

أحبّ إليّ من لبس الشّفوف (٣)

__________________

(١) سورة غافر الآيتان : ٣٦ ، ٣٧.

قرأ حفص بنصب (أطلع) وفيها الاستشهاد. وقرأ الباقون برفع (أطلع) عطفا على (أبلغ). حجة القراءات ٦٣١ والإتحاف ٢ / ٤٣٧.

(٢) البيت من الطويل ، ولم أقف على قائله وروي :

لعلّ التفاتا منك نحوي ميسّر

يكن منك بعد العسر قصد إلى يسر

وفي الهمع والدرر جاء الشطر الثاني هكذا :

يمل بك من بعد القساوة لليسر

الشاهد في : (يمل) بجزم الفعل ؛ لوقوعه في جواب الرجاء ، ولم يقترن بالفاء على مذهب الفراء. وكذا (يكن) على الرواية الأخرى.

شفاء العليل ٩٣٢ والمغني ١٥٥ والهمع ٢ / ١٤ والدرر ٢ / ١٠.

(٣) البيت من الوافر قالته ميسونة بنت بجدل الكلبية ، زوج معاوية رضي‌الله‌عنه ، وأم يزيد ، من أبيات تصف فيها ضيقها بحياة الحضر ، ورغبتها في البادية حيث كانت.

الشاهد في : (وتقرّ) فقد نصب الفعل بأن مضمرة جوازا بعد واو المعية ، والمصدر المؤل معطوف على الاسم السابق (لبس) غير الشبيه بالفعل ؛ حيث لا يجوز عطف الفعل على الاسم.

سيبويه والأعلم ١ / ٤٢٦ والمقتضب ٢ / ٢٧ والأصول ٢ / ١٥٥ والجمل ١٨٧ وشرح الكافية الشافية ١٥٥٧ وشرح العمدة ٣٤٤ وأمالي ابن الشجري ـ

٦١٨

أو فاء ، كقوله :

٤٦٢ ـ لو لا توقّع معترّ فأرضيه

ما كنت أوثر أترابا على ترب (١)

أو ثمّ ، كقوله :

٤٦٣ ـ إنّي وقتلي سليكا ثمّ أعقله

كالثّور يضرب لمّا عافت البقر (٢)

__________________

٢ / ٢٨٠ وشرح التحفة الوردية ٣٧٩ والمساعد ٣ / ١٠٢ ، ١٠٦ وشفاء العليل ٩٣٧ والمرادي ٤ / ٢١٨ وابن الناظم ٢٦٩ والعيني ٤ / ٣٩٧ والمغني ٢٦٧ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٥٧ والخزانة ٣ / ٥٩٢ ، ٦٢١ وشرح شواهد المغني للسيوطي ٦٥٣ والهمع ٢ / ١٧ والدرر ٢ / ١٠.

(١) البيت من البسيط ، لرجل من طيء.

المفردات : معترّ : المعتر المتعرّض للمعروف. أوثر : أفضّل وأقدّم. أترابا : جمع ترب ، وترب الإنسان هو الذي يولد في اليوم الذي يولد فيه الآخر.

وقيل : إترابا (بكسر الهمزة) بمعنى الغنى ، والتّرب آخر البيت بمعنى الفقر ، وعليه فالمعنى لو لا توقع طالب حاجة فأعطيه ما كنت أفضل الغنى على الفقر ، وهو أنسب.

الشاهد في : (فأرضيه) حيث نصب الفعل بأن مضمرة جوازا بعد الفاء التي عطف بها المصدر المؤل على اسم غير شبيه بالفعل (توقع) ؛ حيث لا يجوز عطف الفعل على الاسم.

شرح الكافية الشافية ١٥٥٨ وابن الناظم ٢٦٩ وشرح التحفة الوردية ٣٨٠ والمرادي ٤ / ١٢٠ وشفاء العليل ٩٣٧ والمساعد ٣ / ١٠٦ والعيني ٤ / ٣٩٨ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٥٨ والأشموني ٣ / ٣١٤ والهمع ٢ / ١٧ والدرر ٢ / ١١.

(٢) البيت من البسيط لأنس بن مدركة ، أو مدرك ، الخثعمي ، شاعر فارس مخضرم. وقصة أنس والسليك أوردها البغدادي بالتفصيل في شرح شواهد شرح التحفة الوردية ٤٦١ ـ ٤٦٥ عن الأغاني.

الشاهد في : (ثم أعقله) حيث نصب الفعل بأن مضمرة جوازا بعد ثم ، وأن والفعل في تأويل مصدر معطوف بثم على الاسم (قتلي) وهو اسم لا يشبه ـ ـ

٦١٩

أو (أو) (١) ، مثل : (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً)(٢) بالنصب في قراءة السبعة (٣) إلّا نافعا (٤) عطفا على (وَحْياً)(٥).

فأمّا الطائر فيغضب زيد الذّباب ، فيمتنع فيه نصب فيغضب ؛ إذ الطائر اسم فاعل مؤول بفعل.

وشذّ حذف أن ونصب في سوى ما قدمناه ، فاقبل منه ما رواه عدل ، كقول بعضهم : خذ اللصّ قبل يأخذك (٦) ، وكقوله :

__________________

الفعل ؛ فلا يجوز عطف الفعل عليه.

شرح الكافية الشافية ١٥٥٨ وابن الناظم ٢٦٩ وشفاء العليل ٩٣٧ والمساعد ٣ / ١٠٧ وشرح التحفة الوردية ٣٨٠ والمرادي ٤ / ٢٢١ والعيني ٤ / ٤٠١ وشرح شواهد شرح التحفة ٤٥٩ والهمع ٢ / ١٧ والدرر ٢ / ١١ والأشموني ٢ / ٣١٤.

(١) في الأصل : (أو واوا) سهو من الناسخ لوجود (أو) قبلها.

(٢) سورة الشورى الآية : ٥١. والآية بتمامها : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً.)

(٣) وهم : ابن كثير المكي ، وأبو عمرو بن العلاء البصري ، وابن عامر الدمشقي ، وعاصم الكوفي ، حمزة بن حبيب الكوفي ، والكسائي على بن حمزة الكوفي. وذلك بنصب (يرسل) بأن مضمرة جوازا بعد (أو) وعطف المصدر من (أن) والفعل على الاسم قبله غير الشبيه بالفعل وهو (وحيا).

انظر النشر ٢ / ٣٦٨ وحجة القراءات ٦٤٤ والإتحاف ٢ / ٤٥١.

(٤) أما نافع المدني وهو أحد السبعة فقرأ : (يرسل) بالرفع ؛ وذلك على تقدير : هو يرسل. انظر المراجع السابقة.

(٥) سورة الشورى الآية : ٥١. وفي ظ (وكيا) خطأ من الناسخ.

(٦) مجمع الأمثال ١ / ٢٦٢ ، وروايته : «خذ اللص قبل أن يأخذك». ولا شاهد في المثل على هذه الرواية.

٦٢٠